• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

توحيد الألوهية (13/ 27)

توحيد الألوهية (13/ 27)
محمود العشري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/1/2013 ميلادي - 16/3/1434 هجري

الزيارات: 9224

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

توحيد الألوهية (13/ 27)


سادسًا: احتياط الشرع لتوحيد الألوهية:

• عَرَفنا أن توحيد الإلهية يقوم على إخلاص العبادة لله - تعالى - وعدم الإشراك به في أي شيء من صورها التي قدَّمتها، وفي غيرها مما لم أذكره؛ اتكالاً على معرفته.

 

ولما كان هذا النوعُ من التوحيد هو أخطرَ أنواع التوحيد وأشرفَها؛ فقد احتاط له الشرع أعظمَ الحيطة، ونفى عنه كلَّ شائبةِ شركٍ، وحرَّم كلَّ وسيلة مُفْضِية إلى الإخلال بقواعده؛ حتى يبقى مصونَ الحمى، بعيدًا عن عوامل الزيغ والانحراف.

 

ولقد بالغ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حماية جَنَاب - جانب - التوحيد، وحذَّر وأنذر، وأبدى وأعاد، وخصَّ وعمَّ في حماية الحنيفية السَّمحة التي بعثه الله - تعالى - بها، فهي حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، كما قال بعض العلماء: "هي أشدُّ الشرائع في التوحيد، والإبعاد عن الشرك، وأسمحُ الشرائع في العمل".

 

وسوف أذكر - إن شاء الله - بعض الأمور التي نهى عنها الشرع؛ لكونها ذرائعَ وطرقًا إلى الوقوع في الذنب الأعظم - الذي هو الشرك بالله - حمايةً لجناب التوحيد، فمن هذه الأمور والاحتياطات:

• نهى الشرع عن كل الألفاظ التي توهم النِّدِّيَّةَ والمساواة بين الله - تعالى - وبين أحدٍ من خلقه؛ كقولك مثلاً: "أنا في حمى الله وفلان"، أو: "أنا متوكِّل على الله وفلان"، أو: "ما شاء الله وفلان"، وبيَّن أن المخرَج من ذلك هو العطف بـ"ثم"، لا بـ"الواو"؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يقولنَّ أحدُكم: ما شاء الله وفلان، وليقل: ما شاء الله ثم فلان))؛ وذلك لأن العطف بالواو يقتضى المساواة بين المعطوف والمعطوف عليه، بخلاف (ثم)؛ فإنه حرف يقتضى تأخُّر المعطوف في الرتبة عن المعطوف عليه.

 

• نهى الشرع عن كل الألفاظ التي فيها تعظيمٌ لغيرِ الله، أو نسبةُ تأثيرٍ إليه، كقولك مثلاً: "وحياتك"، أو: "وحياة أبيك"، أو: "لولا فلان لكان كذا"، أو: "لولا صياح الديك - مثلاً - أو نهيق الحمار؛ لسرَقنا اللصوص"، ونحو ذلك.

 

• نهى الشرع عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لِما في ذلك من التشبُّه بعُبَّادها؛ حيث يتحرَّون السجود لها في هذه الأوقات؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تحرَّوا بصلاتكم طلوعَ الشمس ولا غروبَها)).

 

• نهى عن شدِّ الرحال إلى مكان من الأمكنة بقصد التقرب إلى الله بالعبادة فيه، إلا إلى المساجد الثلاثة؛ فقد رُوي عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثةِ مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)).

 

• نهى أن يقوم الناسُ بعضُهم لبعض على جهة التعظيم، كما رُوي عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال لأصحابه - حين رآهم قاموا له -: ((لا تقوموا كما يقوم الأعاجم، يعظِّم بعضُهم بعضًا))، وصلَّى بهم مرة جالسًا من وجع، وصلَّوا وراءه قيامًا، فأشار إليهم: أن اجلسوا، ثم قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - لهم بعد أن فرغ من صلاته: ((كدتُم أن تَفعَلُوا آنفًا فعلَ فارسَ بعظمائها، يجلس الرجل، ويمثُل الناس قيامًا بين يديه)).

 

• نهى عن الوفاء بالنذر إذا نُذِر في مكان يُعبد فيه صنم، أو يقام فيه عيدٌ من أعياد الجاهلية؛ فقد جاء النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلٌ، فقال: يا رسول الله، إني نذرتُ أن أنحرَ إبلاً ببُوَانَة، فسأل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هل كان في هذا المكان صنمٌ من أصنام الجاهلية يُعبد؟))، فقيل: لا، فسأل: ((هل كان فيه عيد من أعياد الجاهلية يُقام؟))، فقيل: لا، فقال للرجل: ((فأوفِ بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يَملِك ابنُ آدم)).

 

• نهى عن اعتقاد العَدْوَى والتطيُّر؛ فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا عَدْوَى، ولا طِيَرة، ولا هَامَة، ولا صَفَر))، قالوا: يا سول الله، فما بال الإبل تكون في الرَّمْل كأنها الظِّبَاء، فيجيء البعيرُ الأجرب فيدخل فيها فيُجْرِبُها كلها؟ قال: ((فمَن أَعْدَى الأوَّل؟)).

 

فقوله: ((ولا هامة)): قال الفراء: الهامة: طير من طير الليل، كأنه يعني البُومَة، قال ابن الأعرابي: كانوا يتشاءمون بها إذا وقفت على بيت أحدهم، يقول: نعت إليَّ نفسي، أو أحدًا من أهل بيتي.

 

وقوله: ((ولا صَفَر))؛ روى أبو عبيدة في غريب الحديث عن رؤبة أنه قال: "هي حيَّة تكون في البطن، تصيب الماشية والناس، وهي أعدى من الجرب عند العرب"؛ اهـ.

 

وكأنه يعني الدودة الشريطية.

 

فنفى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وجودَ العَدْوَى؛ حماية لجناب التوحيد؛ لأن المسلم يجب عليه أن يعتقد أن الله - تعالى - هو الضارُّ النافع، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأْ لم يكن، وَرَدَّ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على هذه الشبهة التي طرحها بعضُهم، فقال: ما بال الإبل كأنها الظباء، فيخالطها الجملُ الأجرب فيُجْرِبها؟ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فمَن الذي أعدى الأول؟))؛ أي: أنه لو صح اعتقاد العَدْوَى، وأن المريض هو الذي يضرُّ السليمَ، فما الذي أمرض الجملَ الأول؟! هذا مع ما رواه البخاري وأحمد عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فِرَّ من المجذومِ كما تَفِرُّ من الأسد))؛ فالعبد ينبغي عليه أن يأخذ بأسباب العافية والصلاح، وهذا عمل الجوارح، وينبغي كذلك أن يعتقد بقلبه أن الله - تعالى - هو الضار النافع، وأن المريض لا يملِك أن يضر السليم، وهذا هو عمل القلب.

 

وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ولا طِيَرة))؛ التطير: هو التشاؤم، سواء كان بيوم معيَّن، أو شخص معيَّن، أو حدث معيَّن؛ لأنه ينافِي كمال التوحيد الواجب؛ لكونه من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته، وذلك بتعلُّق القلب به خوفًا وطمعًا، ومنافاته للتوكل على الله - تعالى - الذي لا ينفع ولا يضرُّ غيرُه.

 

وفي الصحيحين: ((لا عَدْوَى ولا طِيَرة، ويُعجِبُني الفأل؟))، قالوا: وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الطيبة))؛ قال النووي: ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريضٌ، فيتفاءل بما يسمعه، فيسمع من يقول: يا سالم، أو يكون طالب حاجة، فيسمع من يقول: يا واجد، فيقع في قلبه رجاء البُرْء، أو الوجدان، والله أعلم.

 

وإنما أحب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الفأل؛ لأن الناس إذا أمَّلوا فائدة الله ورجَوا عائدته عند سبب ضعيف أو قوي، فهم على خير، وإذا قطعوا آمالهم ورجاءهم من الله - تعالى - كان ذلك من الشر.

 

وأما الطيرة، فإنها سوء ظن بالله - تعالى - وتوقع البلاء.

 

• نهى عن الإطراء والغلو في النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - والصالحين؛ فقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصحابه عن الغلو فيه، والمبالغة في مدحه، فقال: ((لا تُطْرُونِي كما أَطْرَت النصارى ابنَ مريم، وإنما أنا عبد، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه))؛ والإطراء: هو مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه.

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تتَّخذوا قبري عيدًا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا، وصلُّوا عليَّ حيثما كنتم)).

 

وقال للوافد الذي قال له: أنت سيدنا وابن سيدنا: ((إنما السيِّد الله)).

 

وقال للرجل الذي قال له: ما شاء الله وشئتَ: ((أجعلتَني للهِ ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده)).

 

وأنكر على معاذ بن جبل - رضي الله عنه - حين دخل عليه، فسجد له، وقال له: ((يا معاذُ، لو أمرتُ أحدًا أن يَسجُدَ لأحد، لأمرتُ المرأةَ أن تَسجُد لزوجها، ولكن لا ينبغي السجود إلا لله))، ثم قال له: ((أرأيتَ يا معاذ، لو مررتَ على قبري، أكنت ساجدًا له؟))، قال: لا، قال: ((لا تفعل)).

 

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ﴾ [نوح: 23]؛ قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هَلَكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسمُّوها بأسمائهم، حتى إذا هَلَك أولئك، ونُسِي العلمُ، عُبِدت.

 

قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن - رحمه الله - في فتح المجيد: وهذا يُفِيد الحذر من الغلو ووسائل الشرك، وإن كان القصد بها حسنًا؛ فإن الشيطان أدخل أولئك في الشركِ من باب الغلو في الصالحين، والإفراط في محبَّتهم.

 

قال البوصيري في البردة في النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

يا أكرمَ الخلقِ، ما لي مَن ألوذُ به
سواك عند حدوثِ الحادث العَمَمِ

 

فهذا البيت وما بعده مضمونُهما: إخلاص الدعاء، واللِّياذ، والرجاء، والاعتماد في أضيق الحالات، وأعظم الاضطرار لغير الله - تعالى.

 

قال ابن القيم - رحمه الله -:

"ومن أسباب عبادة الأصنام الغلوُّ في المخلوق، وإعطاؤه فوق منزلته، حتى جعلوا فيه حظًّا من الألوهية، وشبَّهوه بالله - تعالى - وهذا هو التشبيهُ الواقع في الأمم، الذي أبطله الله - سبحانه - وبعَث رسله وأنزل كتبه بإنكاره والرد على أهله"، وقال: "وما زال الشيطان يوحي إلى عُبَّاد القبور، ويُلقِي إليهم أن البناء والعكوفَ عليها من محبَّة أهل القبور من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاءَ عندهم مستجابٌ.. ثم ينقُلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بها، والإقسام على الله بها وهذا أعظم من الذى قبله؛ فإن شأن الله تعالى أعظمُ من أن يُقسَم عليه، أو يُسأَل بأحدٍ من خلقه، فإذا تقرَّر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى دعائه وسؤاله الشفاعةَ من دون الله، واتخاذ قبره وثنًا تُعلَّق عليه القناديل والستور، ويُطَاف به، ويُستَلم، ويُقبَّل، ويُحَج إليه، ويُذبَح عنده.. فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلهم منه إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيدًا ومنسكًا، ورأوا أن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم!

 

وكل ذلك مما قد عُلِمَ بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضادٌّ لِما بعث الله به رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من تجريد التوحيد، وألا يُعبدَ إلا اللهُ.. فإذا تقرَّر ذلك عندهم نقلهم منه إلى أنَّ مَن نهى عن ذلك، فقد تنقَّص أهل هذه الرتب العالية، وحطَّهم عن منزلتهم، وزعم أنه لا حرمة لهم ولا قدر، فيغضب المشركون، وتَشمئِزُّ قلوبهم، كما قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45]"؛ اهـ.

 

سرى ذلك في نفوس كثير من الطَّغَام والجهَّال، وكثير ممن ينتسب إلى العلم والدين، حتى عادَوْا أهل التوحيد، ورمَوْهم بالعظائم، ونفَّروا الناس عنهم، ووالَوا أهل الشرك، وعظَّموهم، وزعموا أنهم أولياءُ الله ودينه ورسوله، ويأبَى الله ذلك، ﴿وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ﴾ [الأنفال:34].

 

وفيما ذكرت في التنبيه على هذا الأمر - الذي انتشر في زمانِنا وبين قومنا انتشارَ النار في الهشيم - كفايةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، ومن أراد الحقَّ في هذا الأمر - وغيره - فليرجِع إلى دلائل الكتاب والسنَّة الصحيحة؛ فإن فيهما ما يَشفِي الغليل، ويُقِيم البراهين، ويَدْحض الشبهات، وقد تكفَّل الله - تعالى - بالهداية والسلامة لِمَن امتثل ما جاء فيهما، واتبعهما حقَّ الاتباع؛ قال - تعالى -: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123، 124].

 

وبما ذكرتُ من كتاب الله - تعالى - ومن سنة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد بان الحق، واستبان منهجُه: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 32].

 

ولقد نهج الخلفاءُ الراشدون - رضي الله عنهم وعن بقية الصحابة الكرام - سنةَ نبيِّهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحيطة للتوحيد والمحافظة على حماه المقدَّس، حتى قيل: إن الفاروق - رضي الله عنه - أمر بقطع شجرة الرضوان التي بايع الصحابةُ - رضي الله عنهم - رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تحتها على الموت عام الحديبية؛ لَمَّا علم أن بعض الناس يذهبون إليها، ويتعمدون الصلاة عندها، وقال مرة - رضي الله عنه - وهو يستلم الحجر الأسود: "واللهِ إني أعلم أنك حجر لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلك ما قبَّلتك"، وعزل خالدًا - رضي الله عنه - عن القيادة في وقت كانت الآمالُ كلُّها متعلقةً به؛ ليتم ما بدأه من انتصارات على الروم، ولكنه خشِي أن يُفتَن الناس به؛ فعزله وولَّى مكانه أبا عبيدة بن الجرَّاح.

 

وهذا علي - رضي الله عنه - يقول لأبي الهياج الأسدي - رحمه الله -: "ألا أبعثُك على ما بعثني عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ ألا تدَع قبرًا مشرفًا إلا سوَّيتَه، ولا صورةً إلا طمستَها".

 

وعلى هذا المنهج الواضح من المحافظة على التوحيد، سار السلف الصالح وأئمَّة الهدى من بعدهم، لم يسمحوا لأحد أن يَخْرِق سِيَاج التوحيد، أو يَستَبِيح بَيْضَته، حتى نَبَتت طوائفُ الشيعة والمتصوِّفة، فأعملوا فيه مَعَاوِل هَدمِهم، بغُلُوِّهم في أئمتهم وشيوخهم، وتقديسهم للمَشاهد والمزارات، وتبرُّكهم بالآثار والمخلَّفات، وسجودهم على العتبات، وتقديمهم النذور والقرابين.

 

وما زال الأمر يَستَفحِل، والخطر يشتدُّ، حتى وصل إلى ما نشاهده الآن في معظم بلاد الإسلام؛ من إقامة القباب على القبور، وإنشاء المقاصير لها، وتزيينها بالزخارف، وفرشها بالبسط، وإيقاد السُّرج عليها، ووضع صناديق النُّذور عندها، وفتحها للزائرين والزائرات، يحجُّون إليها، ويَرْتَكِبون عندها كثيرًا من الأعمال الشركية؛ كالطواف والتقبيل، ووضع النذور، والتوسل، والمناجاة، وذبح القرابين، وإقامة المهرجانات الجاهلية التي يسمُّونها الموالد، إلى غير ذلك مما يَئِنُّ منه الإسلام، وتتفتَّت على صخرته كل قواعد التوحيد.

 

ولطالما هبَّ الغَيُورون من علماء هذه الأمة وهُدَاتِها، ناصحين لها بالإقلاع عن هذه العادات الشركية، ومنذرين لها بسوء العاقبة إن استمرَّت على هذه الحال، ولكن جهودَهم كانت تضيع سدى؛ لأن قوى السلطان لا تسندها، وقد جاء في الأثر: "إن الله لَيزَعُ بالسلطان ما لا يزَعُ بالقرآن"، وليْتَها حتى قامت على الحياد في ذلك الصراع المرير بين جند الرحمن وعسكر الشيطان، بل انحازت بكل ثقلها إلى جحافل الشرك والطغيان، واضطهدت كل داعية إلى التوحيد والإيمان؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

وأختم الكلام عن احتياط الشرع لتوحيد الألوهية بمسألتين أردت أن أُرْجِئَهما قليلاً؛ لأطيل النَّفَس فيهما، بسبب ما فيهما من كثير الجدال، فأردت أن أذكر فيهما ما يُحِقُّ به الله - تعالى - الحقَّ، ويُجَلِّيه لكل طالب، ثم يكون لي معذرةً عند الله - تعالى - فالله المستعان، وعليه التكلان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • توحيد الألوهية (9/ 27)
  • توحيد الألوهية (10/ 27)
  • توحيد الألوهية (11/ 27)
  • توحيد الألوهية (12/ 27)
  • توحيد الألوهية (14/ 27)
  • توحيد الألوهية (15/ 27)
  • توحيد الألوهية (17/ 27)

مختارات من الشبكة

  • من أركان العقيدة (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما هو توحيد الألوهية؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف التوحيد وأقسامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف توحيد الربوبية والأدلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الله وأصوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالة نصوص الاستعاذة على توحيد الألوهية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قواعد تأصيلية في توحيد الألوهية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفاتحة وتوحيد الألوهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية توحيد الألوهية(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب