تحقيق تخريج مسألة ( إذا دخل أحدكم المسجد )

تحقيق تخريج مسألة ( إذا دخل أحدكم المسجد )

للإمام الحافظ أبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي

520- وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو كريب، عن مصعب بن المقدام، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى الأنصاري، عن محمد بن يحيى[1] بن حبان، عن عمرو بن سليم، عن خلدة الأنصاري، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين)).

قال أبو زرعة: هكذا قال: عمرو بن سليم، عن خلدة. وإنما هو: عمرو بن سليم بن خلدة، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

رجال الإسناد:

• محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي (ت 248هـ).

• روى عن ابن عيينة، وابن المبارك، وابن نمير، ومصعب بن المقدام، وغيرهم.

• روى عنه الجماعة، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن خزيمة، والروياني، وغيرهم.

• قال النسائي، ومسلمة بن قاسم: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.

• وقال ابن نمير: ما بالعراق أكثر حديثاً من أبي كريب، ولا أعرف بحديث بلدنا منه.

• وقال إبراهيم بن أبي طالب: لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ من أبي كريب.

• وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي في موضع: لابأس به.

• قال ابن حجر: ثقة حافظ.

تهذيب الكمال 26/243، السير 11/394، التهذيب 9/386، التقريب (6204).

• مصعب بن المقدام الخثعمي مولاهم، أبو عبد الله الكوفي (ت 203هـ).

• روى عن الثوري، وابن جريج، وزائدة بن قدامة، وأبي حنيفة، وغيرهم.

• روى عنه أبو كريب، وابن نمير، وعبد بن حميد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم.

• قال ابن معين، والدار قطني: ثقة. وذكره ابن حبان، والعجلي في الثقات.

• وقال ابن معين أيضاً: ما أرى به بأساً. وقال أبو داود: لا بأس به. وقال أبو حاتم: صالح.

وقال أحمد: كان رجلاً صالحاً، رأيت له كتاباً فإذا هو كثير الخطأ، ثم نظرت في حديثه فإذا أحاديثه متقاربة عن الثوري.

وقال ابن المديني، والساجي: ضعيف.

قال ابن حجر: صدوق له أوهام.

انظر تهذيب الكمال 28/43، التهذيب 10/165، التقريب (6696).

• زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي (ت 160 تقريباً).

متفق على توثيقه. قال ابن حجر: ثقة ثبت صاحب سنة.

تهذيب الكمال 9/273، السير 7/375، التهذيب 3/306، التقريب (1982).

• عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني، الأنصاري (ت بعد 130هـ).

روى عن ربيعة بن عبد الرحمن، والأعرج، ومحمد بن يحيى بن حبان، وغيرهم.

روى عنه الثوري، وابن عيينة، وشعبة، ومالك، والحمادان، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.

قال أبو حاتم، والنسائي، والترمذي، وابن نمير، والعجلي، وابن سعد: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن معين: ثقة، إلا أنه اختلف عنه في حديثين:((الأرض كلها مسجد)) ، و((كان يسلم عن يمينه)).

و قال ابن معين في - رواية -: صالح. وفي أخرى: صويلح، وليس بالقوي.

و قال ابن معين أيضاً: ضعيف الحديث.

و قال ابن عدي: قد روى عنه الأئمة، وهم: أيوب، وعبيد الله، والثوري، وشعبة، ومالك، وابن عيينة، وغيرهم، وهو لا بأس برواية هؤلاء الأئمة عنه.

قال ابن حجر: ثقة.

قلت: وهو الصواب إن شاء الله، أما قول ابن معين فقد تعددت أقواله فيه، ثم إنه معارض بقول الأكثرين - وفيهم من هو متشدد - على توثيقه، والله أعلم.

انظر تهذيب الكمال 22/295، التهذيب 8/118، التقريب (5139).

• محمد بن يحيى بن حبان، بفتح المهملة وتشديد الموحدة، الأنصاري (ت 121هـ).

ثقة، متفق على توثيقه.

تهذيب الكمال 26/605، السير 5/186، التهذيب 9/507، التقريب (6381).

• عمرو بن سليم بن خلدة بن مخلد الزرقي، الأنصاري، المدني (ت 104هـ).

روى عن أبي قتادة، وابن عمر، وأبي سعيد، وابن الزبير، وسعيد بن المسيب، وغيرهم.

روى عنه الزهري، ومحمد بن يحيى، وأبو بكر بن محمد بن حزم، وغيرهم.

قال النسائي، والعجلي: ثقة. وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال الذهبي في الميزان: ثقة من ثقات التابعين ومشاهيرهم، ما علمت فيه شيئاً يشينه، وقد قال ابن خراش: ثقة في حديثه اختلاط.

وقال ابن حجر في الهدي: ابن خراش مذكور بالرفض والبدعة، فلا يلتفت إليه.

وقال في التقريب: ثقة من كبار التابعين.

الميزان 3/263، التهذيب 8/44، هدي الساري (453) ، التقريب (5044).

• أبو قتادة الأنصاري: الحارث، ويقال: عمرو، أو النعمان بن ربعي السلمي، المدني.

صحابي جليل، شهد أحداً، وما بعدها، كان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم (ت 54هـ).

انظر الاستيعاب 12/88، أسد الغابة 5/274، الإصابة 11/302.

تخريج الحديث:

روى زائدة بن قدامة هذا الحديث، واختلف عليه، وعلى أحد الرواة عنه:

أولاً: رواه مصعب بن المقدام، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى ابن حبان، عن عمرو بن سليم، عن خلدة الأنصاري، عن أبي قتادة.

ثانياً: ورواه معاوية بن عمرو، واختلف عليه:

1- فرواه أكثر من ثقة، عن معاوية، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمرو بن سليم بن خلدة، عن أبي قتادة.

و تابع معاوية على هذا الوجه: حسين بن علي الجعفي.

كما تابع زائدة على هذا الوجه: إسماعيل بن زكريا.

كما توبع عمرو بن يحيى عليه؛ تابعه عمر بن صهبان.

2- ورواه الصغاني، عن معاوية بن عمرو، ويحيى بن أبي بكير، عن زائدة، عن عمرو ابن يحيى، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة.

و فيما يلي تفصيل ما تقدم:

أولاً: رواه مصعب بن المقدام، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمرو بن سليم، عن خلدة الأنصاري، عن أبي قتادة:

ذكره المصنف في هذه المسألة، من رواية أبي كريب، عن مصعب، به.

و لم أقف على من أخرجه، أو أشار إليه.

ثانياً: ورواه معاوية بن عمرو، واختلف عليه:

1- فرواه أكثر من ثقة، عن معاوية، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمرو بن سليم بن خلدة، عن أبي قتادة:

أخرجه أبو عوانة 1/415، و2/272، عن محمد بن شاذان الجوهري.

وأحمد في مسنده 5/311.

والطبراني في الأوسط 6/36،رقم 5072، عن محمد بن النضر الأزدي.

كلهم عن معاوية بن عمرو، به.

قلت: ومحمد بن شاذان: ثقة (التقريب 5950) ، وأحمد بن حنبل: ثقة إمام حافظ.

ومحمد بن النضر، هو محمد بن أحمد بن النضر، وهو ثقة (تاريخ بغداد 1/364).

وتابع معاوية على هذا الوجه: حسين بن علي الجعفي:

أخرجه مسلم 1/495، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد ركعتين...، رقم 714 ، وأبو نعيم في المستخرج 2/309، رقم 1609، وابن خزيمة 3/164، رقم 829، والبيهقي في الكبرى 3/194.

كلهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن عمرو بن يحيى، به.

كما توبع زائدة؛ تابعه إسماعيل بن زكريا:

أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 14/404، رقم 5716، عن أبي أمية عن خالد بن زيد، عن إسماعيل بن زكريا، عن عمر بن يحيى، به.

كما توبع عمرو بن يحيى:

أخرجه الطبراني في الكبير 3/241، رقم 3281، من طريق سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن صهبان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمرو، به، نحوه.

2- ورواه الصغاني، عن معاوية بن عمرو، ويحيى بن أبي بكير، عن زائدة، عن عمرو ابن يحيى، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة:

أخرجه أبو عوانة 1/415، و2/272، حدثنا الصغاني، حدثنا يحيى بن أبي بكير، ومعاوية بن عمرو، عن زائدة، به.

قلت: والصغاني: محمد بن إسحاق: ثقة ثبت (التقريب 5721).

و لعل الوجه الأول أرجح عن معاوية، حيث رواه ثلاثة من الثقات كذلك، كما توبع عليه معاوية من الثقة، في حين لم أجد من تابع الصغاني على الوجه الثاني، والله أعلم.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أنه اختلف على زائدة بن قدامة، وعلى أحد الرواة عنه، وخلاصة ما تقدم من الاختلاف عليه ما يلي:

1- رواه مصعب بن المقدام، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن يحيى ابن حبان، عن عمرو بن سليم، عن خلدة الأنصاري، عن أبي قتادة.

2- ورواه معاوية بن عمرو - في الراجح عنه -، وحسين الجعفي، عن زائدة، عن عمرو ابن يحيى، عن محمد بن يحيى، عن عمرو بن سليم بن خلدة، عن أبي قتادة.

وتوبع زائدة على هذا الوجه؛ تابعه إسماعيل بن زكريا.

كما توبع عمرو بن يحيى عليه؛ تابعه عمر بن صهبان.

3- ورواه معاوية بن عمرو - في وجه مرجوح عنه -، ويحيى بن أبي بكير، عن زائدة، عن عمرو بن يحيى، عن عمرو بن سليم بن خلدة، عن أبي قتادة.

ولعل الوجه الثاني أرجح هذه الوجه؛ حيث رواه ثقتان كذلك، وأخرجه مسلم من رواية أحدهما، في حين لم أجد من تابع مصعباً على الوجه الأول، ولا من تابع يحيى بن أبي بكير في الوجه الثالث، إلا معاوية بن عمرو، ولكن من وجه مرجوح عنه.

ومنه يتبين صحة ما ذهب إليه أبو زرعة، فبعد أن سئل عن الوجه الأول، قال: هكذا قال: عمرو بن سليم، عن خلدة، وإنما هو عمرو بن سليم بن خلدة... الخ.

و لعل أبا زرعة بذكره للصواب في اسمه فقط، أراد الخروج من الاختلافات الأخرى الواردة في هذا الحديث، وقد تقدم نظير هذا في المسألة رقم 516، وله أمثلة أخرى، كما تقدم في الدراسة.

والحديث من وجهه الراجح صحيح، وقد أخرجه مسلم، كما تقدم، وله طرق أخرى كثيرة جداً من رواية عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم، عن أبي قتادة، وقد اختلف على الرواة عن عامر، مما ليس هنا مجال ذكره، وبعض هذه الطرق عند البخاري ومسلم، والله أعلم.