• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

القضاء والإفتاء في الفقه الإسلامي

د. عبدالحسيب سند عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/11/2012 ميلادي - 7/1/1434 هجري

الزيارات: 127104

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القضاء والإفتاء في الفقه الإسلامي


تمهيد وتقديم لخُطة البحث:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

وبعدُ:

فهذا بحثٌ في القضاء والفتوى أردتُ فيه التعريف بكلٍّ منهما؛ حتى تكون هناك علامات مميِّزة لما هو من باب القضاء، وما هو من باب الفتوى، باعتبار أنَّ كلاًّ منهما مَعْنيٌّ بإظهار حُكم الله في الواقِعة المعروضة عليه، وقد قمتُ بتقسيم البحث إلى فصل واحد تحته مبحثان:

المبحث الأول: في حقيقة القضاء، وبيان ماهيَّته، وفيه فروع:

الفرع الأول: في تعريف القضاء لُغة واصطلاحًا، وبيان سِماته الأساسية.

الفرع الثاني: دليل حكمة مشروعية القضاء.

الفرع الثالث: حُكْم تولِّي القضاء.

 

المبحث الثاني: الإفتاء وعلاقته بالقضاء، وفيه ثلاثة فروع:

الفرع الأول: التعريف بالفتوى والتفرِقة بينها وبين الحكم القضائي.

الفرع الثاني: حُكْم إفتاء القاضي.

الفرع الثالث: مشاورة القاضي للمُفتِين.

 

والله أسأل أنْ ينفع بهذا البحث جميع الباحثين في هذا المجال؛ إنَّه نعم المولى ونعم النصير.

 

الباحث

فصل في القضاء والإفتاء في الفقه الإسلامي

المبحث الأول: التعريف بالقضاء في الشريعة الإسلامية:

وفيه أتحدَّث عن النقاط التَّالية:

1- تعريف القضاء لغة واصطلاحًا.

2- دليل مشروعيَّة القضاء.

3- حُكم مشروعية القضاء.

4- حكم تولِّي القضاء.

 

الفرع الأول: في تعريف القضاء لغة واصطلاحًا:

القضاء في اللغة له مَعانٍ مُتعدِّدة؛ منها:

أ- الفَصْل والحُكم، يقال: قَضى يقضي قضاء، فهو قاضٍ إذا حَكَم، وفي صُلْح الحديبية "هذا ما قاضَى عليه محمدٌ"[1].

 

ب- القضاء بمعنى الخَلْق؛ كقوله تعالى: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ ﴾ [فصلت: 12].

 

ج- القضاء بمعنى العمل أو الصُّنع والتقدير؛ كقوله تعالى: ﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ﴾ [طه: 72]، أي: اعمل ما أنت عامل أو صانع[2].

 

د- القضاء، بمعنى الأداء والفَراغ؛ كقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 200]؛ أي: أدَّيتمُوها، وفرغتُم منها[3].

 

القضاء في اصطلاح الفقهاء:

عرَّف الفقهاء القضاء بتعريفاتٍ مُختلفة في ألفاظها، وإنَّ كانت مُتَّفِقة في معناها من حيث جملتِها، ويُمكن إجمال هذه التعريفات حسبما وردتْ في كُتُب المذاهب على النحو التالي:

أ- تعريف القضاء عند الحنفية:

عرَّفه بعضهم بأنَّه: "الإخبار عن حُكْم شرعي على سبيل الإلزام".

وعرَّفه آخرون بأنَّه: "فَصْل الخصومات وقطْع المُنازَعات".

وعرَّفه فريق ثالث بأنَّه: "الإلزام في الظاهر على صفة مُختصَّة بأمر ظنَّ لزومه في الظاهر شرعًا".

 

ب- تعريف القضاء عند المالكية:

عرَّف بعض المالكية القضاء بأنَّه: "الإخبار عن حُكم شرعي على سبيل الإلزام".

وعرَّفه آخرون بأنَّه: "الدخول بين الخالِق والخَلْق ليُؤدِّي فيهم أوامره وأحكامه".

وعرَّفه فريق ثالث بأنَّه: "إنشاء إلزام أو إطلاق إلزام".

 

ج- تعريف القضاء عند الشافعية:

عرفه بعض الشافعية بأنه: "إلزام من له الإلزام بحُكْم الشَّرْع".

وعرفه آخرون بأنه: "إظهار حُكْم الشرع في الواقِعة من مُطاعٍ".

 

د- تعريف القضاء عند الحنابلة:

عرَّفه بعضهم بأنَّه: "الإلزام بالحُكم الشرعي وفصْل الخصومات"[4].

وعرَّفه فريق آخر بأنَّه: "الإلزام".

 

وهذه التعريفات للقضاء على تنوُّعها يتَّضِح منها الفارق بين القضاء وغيره من الأنظمة، فهو يَختلف عن ولاية المظالم والحِسبة؛ حيث لا يَشترِط فيها سبْق الخصومة القضائية، بينما القضاء يَشترِط فيه سبْق الخصومة فيما يتعلَّق بحقوق العباد.

 

كما أنَّه يختلف عن الفتوى؛ لأنَّها لا تُلزِم المستفتي على خلاف القضاء الذي يُلزِم أطراف الدعوى بالحكم الصادر عن القاضي في مَحل النِّزاع، وإنْ كانت جميع الأنظمة تتَّفق فيما بينها على وجوب الاجتهاد في معرفة حُكم الله في المسألة المعروضة أمامها وتطبيقه على الواقعة المعروضة.

 

الفرع الثاني: دليل حكمة مشروعية القضاء:

أ- دليل مشروعية القضاء:

الأصل في القضاء ومشروعيته الكتاب، والسُّنَّة، وإجماع الأمة.

 

فمن الكتاب:

قوله تعالى: ﴿ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26].

 

وشريعة من قبْلَنا شريعةٌ لنا، ما لم يوجد ناسِخ لها.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 49].

 

وقوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [النور: 48].

 

وقوله: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 

ومن السنَّة:

ما رُوي عن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((إذا اجتهد الحاكم، فأصاب فله أجران، وإذا اجْتهَد فأخطأ فلَه أجْرٌ))[5].

 

وأما الإجماع:

فقد انعقد إجماع السَّلف والخلَف على مشروعيَّة نصْب القضاة والحكم بين الناس، وقد استقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدون بعده فمن بعدهم! ووَلِيه ساداتٌ، وتورَّع عنه مِثلُهم"[6].

 

ب- حكمة مشروعية القضاء:

لقد كان تشريع القضاء لغاية سامية نِيط به تحقيقها، وهي الحُكم بين المُتخاصِمين بالحقِّ والعدل، المُتمثِّل في شرع الهُدى الذي أَودعه الله - عزَّ وجل - في كتابه الكريم، وفي سنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وإعادة ما أصَابه الخَلل من الأوضاع والعلاقات إلى نِصابه، وإلزَام الأطراف كلِّهم بالوضْع الذي يَرضَى عنه خالقهم؛ فيكون بذلك إجابة لنداء الربِّ - جل وعلا - حيث قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59].

 

هذا فضلاً عن أنَّ القضاء يُحقِّق أهم الوظائف التي امتازت بها الأمة الإسلامية على غيرها من الأمم، ألا وهي وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي امْتدَحها الله - سبحانه وتعالى - في الأمة الإسلامية، حين قال: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه ﴾ [آل عمران: 110].

 

الفرع الثالث: حكم تولي القضاء:

في بياننا لحكُم القضاء نَعرِض له من عدة جوانب، فنعرِض أولاً لبيان حكم القضاء بالنسبة للأمة في مُجملِها ثم نعرِض بعد ذلك لحكمه بالنسبة لوليِّ الأمر، ثم نعرِض ثالثًا لحُكم الدخول في القضاء بطلَب أو بغير طلَب.

 

فأمَّا حكم القضاء بالنسبة للأمة في مجملها، فهو فرض كفاية[7]، وأمَّا كونه فرضًا، فلقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء: 135]، فكان نَصْب القاضي لإقامة الفرض فرضًا ضرورةً، ولأنَّ نَصْب الإمام الأعظم فرض بلا خلاف بين أهل الحقِّ، ومعلوم أنَّه لا يُمكِنه القيام بما نُصِّب له بنفسه، فيحتاج إلى نائب يقوم مقامه في ذلك وهو القاضي؛ ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَبعث إلى الآفاق قضاة، فبَعثَ سيدنا معاذ - رضي الله عنه - إلى اليمن، وبعًث عتَّاب بن أسيد إلى مكة، فكان نصْب القاضي من ضرورات نصْب الإمام فكان فرضًا، وهو فريضة مُحكَمة؛ لكونه لا يَحتمل النَّسخ؛ لأنَّه من الأحكام التي عُرِف وجوبُها بالعقل، والحكم العقلي لا يَحتمل "الانتساخ"[8].

 

وأمَّا كونه على الكفاية؛ فلأنَّه أمْر بمعروف أو نَهي عن منكر، وهما على الكفاية[9].

 

هذا عن حُكم القضاء بالنسبة للأمة في مجملها، أما بالنسبة لحكمه بالنسبة لوليِّ أمْر المسلمين، فهو - أي القضاء - فرْض عين[10]، على الإمام أو من يُنيبه من القضاة، وإذا كان الإمام في بلد، فعليه أنْ يَبعث القضاة إلى الأمصار غير بلدِه، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عليًّا قاضيًا إلى اليمن، وبعَث معاذ بن جبل إلى اليمن  أيضًا، وبعَث عمر شُريحًا على قضاة الكوفة، وكعب بن سوار على قضاء البصرة، وكَتَب إلى أبي عبيدة ومعاذ يَأمرهما بتولِّي القضاء في الشام؛ لأنَّ أهل كلِّ بلد يحتاجون إلى القاضي، ولا يُمكِنهم المسير إلى بلد الإمام، ومن أَمكَنه ذلك، شقَّ عليه، فوجَبَ إغناؤهم عنه[11].

 

وبعد أنْ بيَّنا حُكم الحالتَين السابقتين، يتبقَّى أنْ نَعرِض لبيان حُكم الدخول في القضاء، ولبيان ذلك علينا أنْ نُفرِّق بين ما إذا كان الدخول في القضاء بطلَب، أو بغير طلب.

 

أولاً: حُكم طلَب القضاء:

إنَّ طلب القضاء والحرص عليه حسرة وندامة في عَرَصات يوم القيامة، رُويَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: ((ستَحرِصون على الإمارة، وستكون نَدامةً يوم القيامة، فنِعمتِ المُرضِعة وبِئستِ الفاطمة))[12].

 

فمن طلَب القضاء وأراده، وحرَص عليه، وُكِل إلى نفْسه، ومن لم يسأله، وامتُحن به وهو كارِه له خائف على نفسه فيه، أَعانه الله عليه؛ رُوِي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((من طلَب القضاء واسْتعان عليه، وُكِل إليه، ومن لم يَطلُبه ولا استعان عليه، أَنزَل الله مَلكًا يُسدِّده))[13].

 

ولذلك يجب ألا يَولَّى القضاء من أراده وطلَبه، وإن اجتمعت فيه شروط القضاء؛ مَخافة أن يُوكَل إليه، فلا يقوم به، وقد نظَر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى شابٍّ في وفد قدِموا عليه، فأعجبه حاله، فإذا هو يسأل القضاء، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "إنَّ الأمر لا يَقوى عليه من يُحبُّه"[14].

 

على أنَّه وإن كان طلَب القضاء مكروهًا في الجملة، فإنَّ هذا الحُكم يُناسب عصر السلف دون عصر الخلف، فعصر السلف حيث كان الصلاح والتقوى هو السائد بين أهل العلم، كان من المناسب لهم أن يتورَّعوا عن طلَب القضاء إلى أنْ يُجبَروا عليه، أمَّا عصر الخلف حيث فساد الزمان، وحيث عدم ورَع وتقوى كثير من أهل العلم، نظرًا لأنَّ مقياس العلم لم يَعدْ نفس مقياس السلف له، فكلُّ من حصل على مؤهل في الحقوق - مثلاً - أصبح أهلاً لتولِّي منصب القضاء دون النظر في تقواه أو ورَعه، فإذا ما تَورَّع الصَّالح التقي عن هذا المنصب، فلا مناصَ من أن يَرتاد هذا المِرفَق الخطير الجُهَّال والفُسَّاق، من هنا فإنِّي أرى أنَّ هذه الُمبررات كفيلة بأنْ يكون طلَب القضاء في بعض حالاته خارجًا عن القاعدة السابقة، ولنا في يوسفَ - عليه السلام - أسوة حسنة؛ حيث يقول للعزيز ملك مصر: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، وإنَّما طلَب ذلك شفَقَة على خلْق الله، لا مَنفعة لنفسه.

 

وممَّا يُؤيِّد هذا الاتِّجاه أنَّ بعض الفقهاء قد قسَّموا طلبَ القضاء إلى عدة أقسام، وأعطوا كل قسْم حُكمًا خاصًّا به، وهذه الأقسام هي:

الأول: إذا كان طالب القضاء من أهل الاجتهاد، أو مِن أهل العلم والعَدالة، ولا يكون هناك قاضٍ، أو ليس في البلد من يَصلُح للقضاء غيره، فيتعيَّن عليه التصدِّي لذلك والسعي فيه، إذا قصَد بطلبه حفِظ الحقوق وجَريان الأحكام على وَفْق الشَّرع؛ لأنَّ في تحصيله القيام بفرْض الكفاية[15].

 

الثاني: أن يكون فقيرًا وله عيالٌ، أو يَقصد به دفْع الضرر عن نفسه، فيُباح طلَب القضاء في هذه الحالة من ذلك الشخص[16].

 

الثالث: إذا كان هناك عالِم خَفَي علمُه عن الناس، فأراد السعي في القضاء؛ ليعرِف موضِع علمِه، أو أراد الإمام أنْ يشهره بولاية القضاء؛ ليُعلِّم الجاهل، ويُفتِي المُسترشِد، فيُستحب له تحصيل ذلك والدخول فيه بهذه النية[17].

 

الرابع: أنْ يكون سعيه في طلَب القضاء لتحصيل الجاه والاستعلاء على الناس، فهذا يكره له السعيُ؛ لقوله تعالى: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].

 

الخامس: أنْ يسعى في طلَب القضاء وهو جاهِل، ليس له أهلية القضاء، أو يَسعى فيه وهو من أهل العلم، لكنَّه مُتلبِّس بما يوُجِب فِسقه، أو كان يَقصد بالولاية الانتقام من أعدائه، أو قَبول الرشوة من الخصوم وما أشبه ذلك من المقاصد، فهذا يَحرُم عليه السعي في القضاء[18].

 

ثانيًا: حكم تولِّي القضاء بغير طلَب:

إذا أُسنِد منصبُ القضاء إلى شخص ما، فلا يَخلو هذا الشخص من أنْ يكون واحدًا من ثلاثة أصناف:

الصنف الأول: من لا يَجوز له الدخول فيه، وهو من لا يُحسِنه، ولم تجتمع فيه شروطه، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((القُضاةُ ثلاثة))، ذكر منهم: ((رجلاًً قضى بين الناس بجهل، فهو في النار))[19]، ولأنَّ من لا يُحسِنه لا يقدِر على العدل فيه"[20].

 

الصنف الثاني: من يَجوز له القضاء ولا يجب عليه، وهو من كان من أهل العدالة والاجتهاد، ويوجد غيره مثله، فله أنْ يَلي القضاء بحُكم حاله وصلاحيته، ولا يجب عليه؛ لأنَّه لم يتعيَّن له[21].

 

الصنف الثالث: من يَجب عليه القضاء، وهو من يَصُلح للقضاء ولا يوجد سواه، فهذا يتعيَّن عليه؛ لأنَّه فرض كفاية لا يَقدِر على القيام به غيره، فيتعيَّن عليه كغسل الميت وتكفينه[22].

 

وهكذا يتبيَّن لنا أنَّه لا فرْق في الحكم بين السعي إلى طلَب القضاء أو الدخول فيه بغير طلَب، ففي كلتا الحالتين نجد أنَّ من كان أهلاً لتولِّي القضاء، لا يبتغي بذلك ظلمًا أو فسادًا، فمن الجائز - بل قد يكون من الواجب في بعض الحالات - إسناد هذا المنصب إليه، ومن لم يكن أهلاً لتولِّي القضاء؛ لعدم القُدرة، أو خوف من الظُّلم والجور، فلا يَجوز له تولِّي هذا المنصب الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم -  من النِّعم التي يُباح الحسد عليها، فقد جاء من حديث ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا حسَد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكتِه في الحقِّ، وآخَر أتاه الله الحكمة، فهو يَقضي بها، ويُعلِّمها))[23].

 

المبحث الثاني: الإفتاء في الفقه الإسلامي وعلاقته بالقضاء:

لما كان القضاء والإفتاء من النُّظم المرتبِطة بالمجتمع الإسلامي ارتباطًا وثيقًا، باعتبار أنَّ كلاًّ منهما يَتناول ترسيخ العدالة بين أفراد ذلك المجتمع بتطبيق الأحكام الشرعية على الوقائع المختلفة، ولمَّا كان كلا النظامين مَعْني بإظهار حُكم الله في الواقعة المعروضة عليه، كان لزامًا علينا أن نتعرَّض للفتوى من جوانبها المختلفة؛ لنرى مدى الفرق بينها وبين الحكم القضاء، وسوف أتعرَّض لذلك في عدة فروع على النحو التالي:

الفرع الأول: التعريف بالفتوى والتَّفريق بينها وبين الحُكم القضائي.

الفرع الثاني: حُكم إفتاء القاضي.

الفرع الثالث: مُشاورة القاضي للمُفتِين.

 

الفرع الأول: التعريف بالفتوى والتفريق بينها وبين الحكم القضائي:

الفتوى والإفتاء بمعنى واحد، وهو الإخبار بحُكم الشرع لا على وجْه الإلزام[24].

 

فالمُفتِي ليس له حقُّ إلزام المستفتي بالحكم الشرعي الذي أخبره به، أمَّا القاضي فإنَّ سلطته تُخوِّل له الإلزام.

 

ويرى الإمام القَرافي أنَّ حُكم القاضي إنشاء، وعلى رأيه فلا حاجة في التعريف لعبارة "لا على وجْه الإلزام"؛ لأنَّ القضاء لم يدخل في التعريف أصلاً[25]، على أنَّه يلاحظ أنَّ الإفتاء يكون لسائل راغِب في معرفة الحكم الشرعي لما نزل في واقعة وحدَث له، وهذا السائل يُسمَّى بالمستفتي، ويكون غالبًا من المُقلِّدين، وقد يكون المستفتي مجتهدًا، وذلك على مذهب من يُجيز تَجزُّأ الاجتهاد، بحيث يكون له أنْ يَجتهد في أمور، ويُفتِي غيره فيها، ثم يَستفتي ويسأل غيره في أمور أخرى[26].

 

وعلى ذلك يُمكن القول: "إنَّ الفارق الأوَّل والأساسي بين الفتوى والحكم هو عنصر الإلزام، فكما رأينا من التعريف السابق أنَّه وإنْ كان كل منهما يَعتمِد الأدلة الشرعية لاستنباط الحكم الشرعي المسؤول عنه، فإنَّ المفتي مُخبِر عن الحكم للمستفتي، والقاضي مُلزِم بالحكم، وله حقُّ الحبس والتعزير عند عدم الامتثال، كما أنَّ له إقامة الحدود والقصاص.

 

فهو في القضاء يُنشِئ حكمًا بعد أنْ فُوِّض إليه ذلك بمقتضى ما تَبوَّأ من مكانة علميَّة، وما ورِث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممَّا جاء في قوله تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 49]، وهو في الفتوى مُخبِر بما فَهِم من حُكْم عن الله - عز وجل - الذي يَسَّر له الأدلَّة الشرعيَّة[27].

 

يقول الإمام القرافي:

"إنَّ الفرق بين الحالتين أنَّه في الفُتيا يُخبِر عن مقتضى الدليل الراجح عنده، فهو كالمترجِِم عن الله فيما وجدَه في الأدلَّة، كترجمان الحاكم يُخبِر الناس بما يَجدُه في كلام الحاكم وخطه، وهو في الحُكم يُنشئ إلزامًا أو إطلاقًا للمحكوم عليه بحسَب ما يَظهر له من الدليل الراجح، والسبب الواقِع في تلك القضية الواقعة[28].

 

هذا ومما يُبيَّن هذه الخاصيَّة التي تُميِّز الحكم عن الفتوى، أنَّ المستفتي غير مُلزَم ديانةً بفتوى من أفتاه من العلماء، إذا وجَد عالِمًا آخرَ يُفتيه بخلاف تلك الفتوى، ولم يَستبن له الصواب؛ إذ له في تلك الحالة أنْ يعمل بقول المُفتي الذي تَطمئنُّ إليه نفسه في دينه وعلْمه؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((استفتِ نفْسكَ وإنْ أَفتاكَ النَاسُ))[29]؛ لذلك حين سُئل الإمام أحمد بن حنبل عن مسألة في الطلاق، قال: "إنْ فعَل حنَث، فقال السائل: إنْ أَفتاني إنسان لا أَحنث، قال: تَعرِف حلقةَ المدنيِّين؟ قال: فإنْ أَفتُوني، حَلَّ؟ قال: "نعم"[30].

 

أما الخاصية الثانية: والتي تُميِّز الفتوى عن الحُكم، فهو المجال الذي يَعمَل فيه كل منهما، فبينما نجد مجال الفتوى واسِعًا يشمل أبواب العبادة والمعاملات معًا، فإنَّنا نجد أنَّ الحُكم القضاء لا يجوز أن يكون في أبواب العبادات، فلا يدخلُ تحت القضاء الحكم بصحَّة الصلاة أو بُطلانها، وكذلك أسباب العبادات كمواقيت الصلاة ودخول شهر رمضان، وغير هذا من أسباب الأضاحي والكفَّارات والنُّذور والعقيقة؛ لأنَّ القول في كلِّ ذلك من باب الفتوى، وإنْ حَكَم فيها القاضي[31]، ومن ثم كانت الأحكام الشرعية على قِسمَين:

الأول: ما يَقبَل حُكْم الحاكم مع الفتوى، فيَجتمِع الحُكَمان كمسائل المعاملات من البيوع والرُّهون، والإيجارات، والوصايا، والأوقاف، والزواج، والطلاق.

 

الثاني: ما لا يَقبَل إلا الفتوى؛ كالعبادات وأسبابها، وشروطها وموانعها، على أنَّه وإنْ كانت الفتوى تَجتمِع مع الحكم القضائي في مسائل المعاملات، إلا أنَّهما يَفترِقان في أنَّ القضاء إنَّما يَقعُ في خصومة يَستمِع فيها القاضي إلى أقوال المُدَّعي والمُدَّعى عليه، ويَفحصُ الأدلَّة التي تُقام من بيِّنة وإقرار، وقرائن ويمين، أما الفتوى فليس فيها كل ذلك، وإنما هي واقعة يَبتغِي صاحبها الوقوف على حُكمها من واقِع مصادر الأحكام الشرعيَّة[32].

 

هذا وقد لوحِظ في تعريف الفتوى في دائرة المعارف الإسلامية الصادرة باللغة الفرنسيَّة، أن لفْظ الفتوى عند المسلمين يُستعمل في كلِّ أمر مدنيٍّ أو دينيٍّ[33].

 

وتَنبَني هذه الملاحظة على ما عُهِد عند المسيحيين اليوم من فصْلٍ بين الدين والدولة، واستقلال الأمور المدنيَّة عن المجال الديني الذي يَنحصِر في طقوس الكنيسة.

 

أما في مفهومنا الإسلامي، فلا مجال لهذا الفصل؛ إذ تَمتدُّ الصبغة الدينية إلى تَصرُّفات المسلم كلِّها، ويَجتهِد الفقهاء في كلِّ شؤون العبادات والمعاملات، ويَحكُم الأمراء والقضاة بما أنزل الله، ويَعتمِد المُفتون على الحُجج الشرعية، ويُجيبون على كل الأسئلة المُتعلِّقة بكلِّ ما يَحدثُ للمسلم في حياتِه، ويَتطلَّع إلى معرفة حكمه[34]، هذا عن مجال عمَل كلٍّ منهما.

 

وأما الخاصية الثالثة التي تُميِّز بين الفتوى والحكم:

فهي تَتمثَّل في أنَّ الحاكم في حكمه يَتَّبع حجج الخصوم كالبينة والإقرار ونحوهما، ومن هنا كان له أنْ يَحكم بأحد القولَين المتساويينمن غير ترجيح، ولا معرفة بأدلَّة القولين، أمَّا المفتي، فهو في فتواه يتَّبع الأدلَّة، ويَعتمِد عليها في إصدار فتواه، ومن هنا فهو على خلافِ الحاكم؛ من حيث كون المفتى مُلزَمًا باتِّباع الراجِح من الأدلة[35].

 

وأخيرًا فإن هناك خاصيَّة رابعة تُميِّز الفتوى عن الحكم:

تتمثَّل فيما يَعتَري كلاًّ منهما من الأحكام التكليفيَّة الخمسة - الوجوب، والحرمة، والإباحة، والندب، والكراهة - حيث يُتصوَّر أن يَصدُر الحكم مُتضمِّنًا وجوب أمرٍ، أو تحريمه، أو إباحته، ولا يُتصوَّر أنْ يَصدُر الحكم مُتضمِّنًا معنى النَّدْب والكراهة.

 

فالندب والكراهة إن وقعت من الحاكم، فلا تكون إلا على سبيل الفتوى لا على سبيل الحكم، فإذا قال الحاكم: الأحسن لك أنْ تَفعل، أو يُكره لك أنْ تفعل كذا، فإنَّما هو فتوى من الحاكم لا حُكم، والعِلَّة في ذلك أنَّ الندب والكراهة لا يَفصِلان خِصامًا، والحكم إنَّما شرَعه الله للحكَّام لدرء الخِصام، ولن يَندفع الخصام إلا بالإلزام والإطلاق بخلاف النَّدْب والكراهة، فإنَّ حقيقتَهما التردُّد بين جواز الفعل وجواز التَّرْك، فلا تندفِع الخصومة[36].

 

متى تكون الفتوى مُلزِمة؟

نَعنى بهذا التعبير أنَّ الفتوى وإنْ كانت في الأصل غير مُلزِمة للسائل كما قدَّمنا، فإنَّها تَكتسِب خاصيَّة الإلزام في بعض الحالات، ومع ذلك يَبقى الإلزام هنا مُغايرًا للإلزام في الحُكم القضائي؛ حيث يقتَصر على إلزام المستفتي ديانةً بالعمل بالفتوى الصادرة عن المفتي، دون أن يتعدَّى ذلك إلى الإلزام الجبْري من قِبلَ الحاكم، وبعبارة أخرى يكون عاصيًا لله - تعالى- لو لم يَعمل بالفتوى في هذه الحالات:

هذا ويُمكِن القول: "إنَّ الفتوى تكون مُلزِمة للمستفتي في الحالات التالية":

1- التزام المستفتي العمل بالفتوى، وهذا ما ذهَب إليه فريقٌ من الفقهاء.

 

2- شروع المستفتي في تنفيذ الفتوى، وهذا مذهب فريق آخر من الفقهاء.

 

3- إنْ وقَع في قلبه صحَّة الفتوى، ووثِق بأنَّه حق لَزِمَه العمل بها، وهذا مذهب فريق ثالث.

 

4- إذا قَصَر جَهدَه على الوقوف على حُكْم الواقعة، ولم يجد سوى مفتٍ واحد لزِمتْه فتواه؛ لأنَّ فرْضه التقليد، وتقوى الله ما استطاع، وهذا هو المستَطاع في حقِّه، وهذا ما رآه فريق رابع[37].

 

الفرع الثاني: حكم إفتاء القاضي:

1-  هل للقاضي أنْ يُفتي؟

إنَّ المتتبِّع لما نقِل عن الفقهاء في هذا الصدد، يَجد أنَّهم قد انْقسَموا إلى فريقين في هذا الصدد:

الفريق الأول:

وهم جمهور الفقهاء من السلف والخلَف على أنَّ القاضي كغيره في جواز الإفتاء[38]؛ لأنَّ منصب الفُتيا داخِل في ضمن منصب القضاء عند الجمهور، والذين لا يُجوِّزون قضاءَ الجاهل، فالقاضي مُفتٍ ومُثبِت ومُنفِّذ لما أفتى به[39].

 

على أنَّ بعض الفقهاء القائلين بهذا الرأي يَشترِطون لجواز الإفتاء من القاضي، ألا تكون قد رُفعت إليه خصومة في المسألة موضوع الفتوى، فإن كان قد رُفع إليه خصومة في تلك المسألة، لم يَجز له الإفتاء فيها لأحد الخصوم؛ احترازًا من عِلم الخصم لوجهة نظَر القاضي، فيُؤدِّي ذلك إلى تحضير أسانيد باطِلة؛ لكي يَتهرَّب من صدور حُكم في مواجهته[40].

 

الفريق الثاني:

وهم بعض الفقهاء من أصحاب الإمام أحمد والشافعي، ذَهَبوا إلى أنَّه يُكرَه للقاضي أنْ يُفتي في مسائل الأحكام المُتعلِّقة به، دون الطهارة، والصلاة، والزَّكاة، ونحوها[41]، وهذا مذهب الإباضية[42].

 

وحجَّة أصحاب هذا الرأي أنَّ فتوى القاضي تَصير كالحكم منه على الخصم، ولا يُمكن نقْضه وقت المحاكمة، ولأنه قد يتغيَّر اجتهاده وقت الحكم، أو تَظهر له قرائن لم تظهر له عند الإفتاء، فإن أصرَّ على فُتياه والحكم بموجِبها، حُكم بخلاف ما يَعتقِد صحَّته، وإنَّ حَكم بخلافها، تَطرَّق الخصم إلى تُهمَتِه والتشنيع عليه بأنَّه يَحكُم بخلاف ما يَعتقده ويُفتي به؛ ولهذا قال شريح: "أَنا أقضي لكم ولا أُفتي"، حَكاه ابن المنذر، واختار كراهية الفتوى في مسائل الأحكام[43].

 

وبعد استعراض رأى الفقهاء، فإنَّ الواضح أنَّ الرأي الثاني هو الأقرب إلى الصواب؛ نظرًا لأنَّه يَضمنُ للقاضي حَيدتَه ونزاهتَه في مسائل الأحكام، ويَبتعد به عن مظانِّ التُّهم، وبذلك نَضمنُ له إذا عُرضِتْ عليه القضية للحكم فيها، أنْ يُصدِر حكمَه فيها دون وجود أدنى تأثير على ما توصَّل إليه من قَناعة في تلك القضية.

 

الفرع الثالث: مشاورة القاضي للمفتين:

يختلف القول في هذه المسألة بحسَب حالة القاضي، فإمَّا أن يكون من أهل الاجتهاد أو لا يكون:

فإن كان من أهل الاجتهاد ولم يَجد في المسألة نصًّا من كتاب أو سنَّة أو إجماع، قَضَى بما يؤدِّي إليه النظر والاجتهاد في القياس على الأصول، بعد مَشورةِ أهل العلم، فإن اجتمعوا على شيء، أخَذ به، وإن اختلفوا، نظَر إلى أحسن أقوالهم عنده، وإن رأى خلاف رأيهم، قَضى بما رأى، وإن كانوا أَعلَم منه على الصحيح؛ لأنَّ التقليد لا يَصحُّ للمجتهد فيما يرى خلافه[44]، على أنَّ المشورة للقاضي في هذه الحالة اختياريَّة وغير مُلزِمة على عكْس المُقلِّد.

 

وإنْ لم يكن من أهل الاجتهاد فإنَّ المشورة والتقليد في حقِّه تكون واجِبة، فإنْ اختلف عليه العلماء قَضَى بقول أعلمِهم، فإنْ شَاور مَنْ دونه في العلم، وأخَذ بقوله فذلك جائز إذا كان من أهل النَّظر والاجتهاد[45].

 

هذا وقد كان من المعهود بالأندلس استشارة القاضي للمُفتِين؛ حتى أصبحت المشاورة قاعدة مستقرة مُرتبِطة بالقضاء.

 

ولما حَكَم حاكم أندلسي دون استشارة مُفتٍ، قال عنه أبو المطرف عبدالرحمن الشعبي المالكي: "وقد كان يَنبغي لهذا الحاكم ألا يَستبِدَّ برأيه في أحكامه، ويتَّبِع سُننَ من مضى من حُكام العدل"[46].

 

هذا والله ولي التوفيق.

• • • •


المصادر والمراجع:

أولاً: القرآن الكريم

ثانيًا: كُتُب الحديث وعلومه:

1- سنن ابن ماجه؛ لأبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني.

2- صحيح البخاري؛ لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري.

3- المستدرَك على الصحيحين؛ لأبي عبدالله محمد بن عبدالله المعروف بالحاكم النيسابوري.

4- مسند أحمد؛ لأبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل - ط المكتب الإسلامي - ط دار المعارف.

5- نيل الأوطار وشرح مُنتقَى الأخبار؛ لمحمد بن علي الشوكاني - ط مكتبة دار التراث.

 

ثالثًا: كُتُب اللغة:

1- تاج العروس؛ للسيد محمد مُرتَضى الزبيدي.

2- لسان العرب؛ لجمال الدين محمد بن مكرم بن منظور.

 

رابعًا: كُتُب السِّيَر:

1- السيرة النبويَّة؛ لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام - ط دار التراث العربي - مصر.

 

خامسًا: كُتب الفقه:

1- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام؛ لأبي العباس أحمد بن إدريس القرافي.

2- أدب القاضي؛ للخصاف، أحمد بن عمرو الشيباني، رسالة دكتوراه بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة؛ تحقيق: عبدالعزيز عبدالفتاح.

3- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف؛ لأبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، مطبعة السُّنَّة المحمدية.

4- إعلام الموقِّعين عن ربِّ العالمين؛ لأبي عبدالله محمد بن أبي بكر بن قيِّم الجوزية، ط مكتبة الكليَّات الأزهرية.

5- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط دار الكتاب العربي.

6- تَبصِرة الحكام؛ لابن فرحون، ط مصطفى الحلبي.

7- حجية الحكم القضائي؛ للدكتور: محمد نعيم ياسين، ط دار الفرقان، بيروت، ط ثانية.

8- حاشية ابن الشاط على الفروق؛ لأبي القاسِم قاسِم بن عبدالله بن محمد الأنصاري، ط عالم الكتب، بيروت.

9- حاشية ابن عابدين؛ لمحمد أمين ط مطبعة عثمانيَّة.

10- حاشية عميرة على شرْح جلال الدين المحلي، ط الكتب خانة الأزهرية.

11- حاشية قليوبي على شرْح جلال الدين المحلي، ط الكتبخانة الأزهرية، شرح الخرشي على مختصر خليل؛ لأبي عبدالله محمد الخرشي، ط دار صادر.

12- شرح كتاب النيل وشفاء العليل؛ لمحمد يوسف أَطفيش، مكتبة الإرشاد، جَدة.

14- الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، ط وزارة الأوقاف.

15- كشاف القناع عن متن الإقناع؛ لمنصور بن يونس البهوتي، ط مكتبة النهضة الحديثة، الرياض.

16- لسان الحُكم في معرفة الأحكام؛ لأبي الوليد إبراهيم بن أبي اليمن المشهور بابن الشحنة، ط مصطفى الحلبي.

17- مختصر علم القضاء لزين الدين بن نجيم، رسالة ماجستير بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة؛ تحقيق محمد الحاج.

18- مُعين الحكَّام فيما يتردد بين الخَصْمين من الأحكام ط مصطفى الحلبي.

19- مغني المحتاج؛ لمحمد الشربيني الخطيب، ط مصطفى الحلبي.

20- المغني؛ لأبي محمد عبدالله بن قدامة، ط مكتبة الرياض الحديثة.

21- مواهب الجليل شرح مختصر خليل؛ لأبي عبدالله محمد بن محمد الحطَّاب، ط دار الفِكر، ط ثانية.

22- نَهاية المحتاج، لمحمد بن شهاب الدين - ط مصطفى الحلبي.



[1] هذه الصيغة وردتْ في لسان العرب، وفي سيرة ابن هشام "هذا ما صَالح عليه محمد"؛ انظر: "السيرة النبوية"؛ لابن هشام 3 / 236، ط دار التراث العربي، لسان العرب مادة "قضى".

[2] انظر: "لسان العرب" مادة "قضى".

[3] انظر: "تاج العروس"، فصل القاف من باب الواو والياء، لسان العرب مادة "قضى".

[4] "كشاف القناع عن متن الإقناع" 6/285، مكتبة النهضة الحديثة - الرياض.

[5] والحديث رواه الحاكم في مُستدركه، وبلفظ: إنْ أصبتَ، فلك عشر أجور، وإنْ اجْتهدتَ فأخطأتَ فلك أجر، ورواه ابن ماجه أيضًا بمعناه، قال: الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يُخرِّجاه بهذه السياقة"؛ انظر: مُستدرك الحاكم، كتاب الأحكام 4/88، ط دار الكتاب العربي - بيروت، سُنن ابن ماجه - كتاب الأحكام - باب الحاكم يجتهد، فيصيب الحق.

[6] "مُغني المحتاج" 4/372، ط مصطفي البابي الحلبي، "المُغني لابن قُدامة" 9/34، مكتبة الرياض الحديثة.

[7] "المُغني" 9/34، "مُغني المحتاج" 4/372، "بدائع الصنائع" 7/2، ط دار الكتاب العربي - بيروت، "معين الحكام" ص (7)، "تبصرة الحكام" 1/12.

[8] "بدائع الصنائع" 7/2، "مغنى المحتاج" 4/372.

[9] المرجع السابق.

[10] انظر: "مغنى المحتاج" 4/373؛ حيث يَنقِل الشيخ محمد الشربيني على لسان الإمام البلقيني قوله: "وأما إيقاع القضاء بين المتنازعين، ففرض عين على الإمام بنفسه أو نائبه"؛ المرجع السابق.

[11] "المُغنِي" 9/38.

[12] الحديث رواه البخاري عن أبي هريرة؛ انظر: صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب ما يُكره من الحرص على الإمارة، والمعنى: نعمت المرضعة؛ أي: الدنيا، وبئست الفاطمة؛ أي: بعد الموت؛ لأنَّه يَصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يُفطَم قبل أنْ يستغنى، فيكون في ذلك هلاكه، وقيل: نعمت المرضعة؛ لما فيها من حصول الجاه والمال، ونفاذ الكلمة، وتحصيل اللَّذات الحسيَّة والوهميَّة، بئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره، وما يترتَّب عليها من التَّبِعات في الآخرة؛ انظر: "نيل الأوطار"؛ للشوكاني 8/258.

[13] الحديث رواه البخاري بالمعنى - كتاب الأحكام - باب من لم يسأل الإمارة، أَعانه الله.

[14] "تبصرة الحُكام" 1/15.

[15] انظر: "تبصرة الحكام" 1/16، "معين الحكام" ص (10).

[16] المرجعين السابقين، على أنَّ حُكم الإباحة هنا مُقيَّد بألا يكون طالب القضاء جاهلاً، أو يَقصُد بذلك الاستعلاء على الناس، فهذا يُحرَّم أم يُكره كما سيأتي بيانه في الحالتين الأخيرتَين.

[17] انظر: المرجعين السابقين.

[18] انظر: المرجعين السابقين.

[19] الحديث رواه ابن ماجه عن ابن بريدة عن أبيه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "القُضاة ثلاثة، اثنان في النار، وواحِد في الجنَّة، رجلٌ علِم الحقَّ فقضى به، فهو في الجنَّة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل جار في الحكم، فهو في النار، وكذلك رواه الحاكم بمعناه، وقال: هذا صحيح الإسناد، ولم يُخرِّجاه؛ انظر: سُنن ابن ماجه - كتاب الأحكام - باب الحاكم يَجتهِد، فيُصيب الحقَّ، مُستدرَك الحاكم - كتاب الأحكام 4/90.

[20] "المغني" 9/35.

[21] المرجع السابق.

[22] "المغنى" 9/36.

[23] الحديث رواه البخاري وبلفظه؛ انظر: صحيح البخاري 9/62، كتاب الأحكام - باب أجر من قضى بالحكمة.

[24] فتاوى الإمام الشاطبي؛ تحقيق محمد أبو الأجفان ص (68)، تونس، ط ثانية، "مواهب الجليل"؛ للحطاب 1/32، ط دار الفكر، ط ثانية، وانظر قريبًا من هذا المعنى "حاشية ابن عابدين" 1/74، ط مصطفي البابي الحلبي، "المجموع"؛ للنووي، ط دار الفكر 1/45، كشَّاف القناع من مَتن الإقناع 6/299، ط دار الفكر، تَبصرة الحكام 1/74.

[25] فتاوى الإمام الشاطبي، ص68، "الفروق"؛ للقرافي 4/49، على أنَّ الإمام القرافي يَخلِط في كتابه بعد ذلك بين الإخبار والإنشاء، فيقول: "إنَّ الفتوى والحُكم كلاهما إخبار، لكن الحكم إخبار معناه الإنشاء؛ انظر: الفروق؛ للقرافي، وحاشية ابن الشَّاط عليها 4/35، ط دار إحياء الكتب العربية طبعة أولى.

[26] فتاوى الإمام الشاطبي، ص (68 - 69).

[27] "فتاوى الإمام الشاطبي"، ص (70).

[28] انظر: "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام؛ للإمام القرافي"، ص (22)، طبعة مطبعة الأنوار، الفروق 4/53.

[29] الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن وابصة الأسدى، قال: أتيت رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - وأنا أريد ألا أدع شيئًا من البرِّ والإثم إلا سألتُه عنه، قال: "فدنوت منه حتى جلستُ بين يديه، فقال: ((يا وابصة، أُخبِرك أو تَسألني))؟ قلتُ: بل أَخبرني، فقال: ((جئت تَسألني عن البرِّ والإثم))، فقلتُ: "نعم، فجمع أنامله فجعل يَنكِت بهنَّ في صدري"، ويقول: ((يا وابصة، استفتِ قلبَكَ واستفتِ نفسك ثلاث مرات، البرُّ ما اطمأنتْ إليه النفس، والإثم ما حاك في النفس وتردَّد في الصدر، وإنْ أفتاكَ الناس وأَفتوكَ))؛ مسند أحمد 4/228، ط المكتب الإسلامي.

[30] انظر: "كشاف القناع" 6/301.

[31] "حاشية ابن الشاط على الفروق؛ للقرافي" 4/ 89 - 92.

[32] انظر: "الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية" 1/21، ط وزارة الأوقاف.

[33] انظر: تحقيق محمد أبو الأجفان على فتاوى الإمام الشاطبي، ص (79 -80).

[34] المرجع السابق.

[35] انظر: "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام"، ص (5 - 6).

[36] المرجع السابق، ص (11 - 12).

[37] انظر: "إعلام الموقعين عن رب العالمين"، ط مكتبة الكليات الأزهرية 4/264، الفتوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية 1/21.

[38] انظر: إعلام الموقعين" 4/220، "البحر الرائق" 6/291، ط دار المعرفة - بيروت، "المجموع "1/42، ط دار الفكر، "كشاف القناع" 6/300.

[39] إعلام الموقعين 4/220.

[40] انظر: كتاب الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، المجلد الأول، ص (22)؛ بتصرُّف.

[41] المرجع السابق، "إعلام الموقعين" 4/221، "المجموع" 1/42.

[42] انظر: "شرح كتاب النَّيل وشفاء العليل" 13/71، ط مكتبة الإرشاد - جدة.

[43] "إعلام الموقِّعين" 4/221، "المجموع" 1/42.

[44] "تبصرة الحكام" 1/64.

[45] "فتاوى الإمام الشاطبي"، ص (71)، "تَبصرة الحكام" 1/65.

[46] "فتاوى الإمام الشاطبي"، ص (71)، "تَبصرة الحكَّام" 1/65.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلاقة بين تطورِ أنظمة القضاء والعلم الشرعي
  • القضاء: تعريفه وخطورته
  • دستور القضاء في الإسلام
  • المرأة والقضاء
  • صور من القضاء في الإسلام

مختارات من الشبكة

  • استقلال القضاء: ورقة مقدمة لندوة دور القضاء في حماية حقوق الإنسان (PDF)(كتاب - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • استقلال القضاء: ورقة مقدمة لندوة دور القضاء في حماية حقوق الإنسان (WORD)(كتاب - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • الفرق بين التحكيم والإفتاء والقضاء(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • تعريف القضاء لغة واصطلاحا(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • القضاء الجماعي والقضاء الفردي: دراسة فقهية قانونية مقارنة (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • القضاء المبرم والقضاء المعلق(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • القضاء الجماعي والقضاء الفردي في النظام القضائي السعودي (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عزل القاضي: دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي ونظام القضاء السعودي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القضاء بالقرائن في الفقه الإسلامي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب