• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العقيدة وبناء المجتمع الفاضل

العقيدة وبناء المجتمع الفاضل
الشيخ سعد ندا

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/10/2012 ميلادي - 7/12/1433 هجري

الزيارات: 41341

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقيدة وبناء المجتمع الفاضل


وإذا أردنا أن نؤسس مجتمعًا نظيفًا تسوده العدالة، وتحكمه الفضيلة، وتختفي منه الجريمة، وتظلله الطمأنينة، ويتعاون أفراده على كل ما فيه خيره وصلاحه ينبغي أن نؤسسه على عقيدة صحيحة، تكون هي الدعامة لذلك البناء، وليست العقيدة الصحيحة ضرورية لبناء المجتمع الفاضل فحسب، بل هي ضرورية كذلك لبقائه سليمًا قويًا مترابطًا، لا تفسده المغريات والفتن، ولا تفت في عضده العقبات والمعوقات.


والإسلام العظيم منهج رباني متكامل، تقوم شرائعه وأحكامه على العقيدة الصحيحة، وتدور كلها حولها، وترجع في مسيرتها إليها، ولا يمكن أن يستقيم منها تشريع أو حكم، إلا إذا كان مؤسسًا على العقيدة الصحيحة، فهي التي تعطيه صفة الإلزام، وتجعله واجب الطاعة والاحترام.


ولذلك - كما أسلفنا - كان الإيمان بالله وتوحيده أول ما دعا إليه الرسل، وأول ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكث ثلاثة عشر عامًا، لا هم له إلا تأسيس العقيدة والدعوة إليها، وتثبيتها في قلوب أصحابه، فلما هاجر إلى المدينة، ونـزلت آيات التشريع والأحكام وجدت القلوب المؤمنة مستعدة لتقبلها والإذعان لها.


وعلى هذا الأساس ربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجتمعًا فاضلًا، وكون أمة إسلامية استطاعت بعد ذلك أن تسود العالم، وأن تجعل كلمة الله العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى.


واقع المسلمين الآن:

إذا نظرنا إلى واقع المسلمين الآن، وجدنا أنه واقع مرّ أليم: ذلك أنّ حياة أغلب المسلمين إحدى صورتين:

إما حياة انحلال، وإما حياة بدع، وهذا يشمل الشذوذ الفكري، والخلقي، والعقائدي، والسلوكي:

1- أما حياة الانحلال:

فتبدو في كثير من المسلمين الذين يُحصَوْنَ زورًا ضمن المسلمين، ذلك أن هؤلاء يكتفون بأنهم مسلمون بالوراثة وبشهادات الميلاد. لقد جهلوا الإسلام فعادَوْهُ، والإنسان دائمًا عدو ما جهل، فانتهز أعداء الإسلام هذه الفرصة واستحوذوا عليهم وغَزوْهم غزوًا فكريًا مخططًا، فغلَّفُوا لهم مبادئ الإلحاد بغلاف رقيق براق - سرعان ما يكشفه المؤمن الموحد المتفرس - وزينوا هذا الغلاف وزخرفوه، حتى انطلي على هذه المجموعة الجاهلة - وخاصة على الشباب الجاهل غير الواعي - فتقبلت قلوبهم الفارغة تلك المبادئ المدمرة، فوقعوا فريسة لها ولأصحابها، فكانت كالسم الذي يسري في الجسم، إن لم يتدارك أمره ويُحضر في مكانه سرى في الجسم كله فقضى عليه، لأن هذا السم سريع التسرب فتاك قاتل، تكون ضحيته تلك البنات الشابة التي نترقب انطلاقها، وحركتها الإصلاحية، وتوليها الأمر عن قريب.


ولو أن هؤلاء قد استقرت العقيدة الصحيحة في قلوبهم، لما وجدت تلك المبادئ الإلحادية فيها محلًا، لأن الموحد يلفظ قلبه كل مبدأ إلحادي انحلالي، إذ إن هذا المبدأ يعني الانسلاخ من العقيدة ومن كل القيم الدينية.


ومهمة المصلحين: أن يحاصروا هذه السموم الفتاكة في أماكنها، ويحاولوا استخراجها من مواضعها بمشارط الحق حتى تصفي منها دماء الشباب.


إن أصحاب المبادئ الهدامة لا يدعون المسلمين إلى الكفر صراحة، وإنما يثبتون أفكارهم بين فئة من المنتسبين إلى الإسلام، فيقنعونهم بتعديل مناهجهم، وتكوين أنديتهم، وتشكيل منظماتهم، على نهج تطوري تقدمي، وفي أثناء إجراء هذا التشكيل وذلك التعديل، وبطرق ملتوية يلجأ إليها أعداء الإسلام إلى إدخال مبادئ الإلحاد، والتحلل من الدين شيئًا فشيئًا، بالتشكيك في أمور العقيدة ومسائل الدين، حتى تهون على تلك الفئة أمر دينهم، وتأخذهم بالشكليات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فإذا ما تركوا الجوهر، سهل على أعداء الإسلام أن يملأوا قلوبهم وأفكارهم بما يريدون من فساد وانحراف وزيغ وضلال، ومن ثم وجدنا كثيرًا من شبابنا يسير إلى الهاوية تلقائيًا وهو لا يعي.


وينبغي على المصلحين أن ينتبهوا إلى هذا الغزو الفكري المدمر الذي يقلب حياة المسلمين إلى حياة إلحادية تناقض الإسلام، وذلك بأن يهتم هؤلاء المصلحون بالعقيدة الصحيحة، غرسها في قلوب المسلمين خاصة الشباب.


وإن تلك الفئة التي جرت وراء الملحدين، انحلت بلا شك كذلك من شريعة الله، فاستحسنت النظم الوضعية بحجة أنها تتمشى مع تطور العصر، وتغير الأحداث، وطروء وقائع جديدة لم تكن موجودة من قبل، فآثرت هذه النظم على شرع الله تعالى، وأفتى لهم بحلّ ذلك الأئمة المضلون.


وهؤلاء الأئمة يجرون الناس بأقوالهم وأفعالهم إلى التحاكم إلى الطاغوت، وقد حكم الله على أولئك الذين يتحاكمون إلى الطاغوت بالكفر والظلم والفسق، فقال تعالى:﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [سورة المائدة: 44].


وقال:﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [سورة المائدة: 45].


وقال تعالى:﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنـزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [سورة المائدة: 47].


واستنكر تعالى لجؤهم إلى الطاغوت ورضاهم بحكمه فقال تعالى:﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [سورة المائدة: 50].


وكشف الله تعالى حقيقتهم التي يحاولون دائمًا أن يسدلوا النقاب عليها، فقال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾   [سورة النساء: 60 - 63].


كذلك انحدرت هذه الفئة الغافلة مستهترة بشرع الله، فتركت مجموعةٌ كبيرةٌ منهم نساءهم كاسياتٍ عارياتٍ، تقليدًا أعمى لأعداء الإسلام، وتركتْهُنَّ يختلِطْنَ بالرجال، فكنَّ فتنةً كبيرة لهم، ومَلأْنَ قلبوهم شهوة وضلالًا، وأفْسَدْنَ أعمالهم، وأديْنَ إلى شر كبيرٍ، مَلأْنَ أرجاء البلاد.


والسبب في ذلك القوانين الوضعية التي شرعتها هذه الفئات الجاهلة وحكّمتها في شئون حياتها، وأعرضت عن شريعة الله تبارك وتعالى، فلم تصلح بتلك القوانين حياتها، وإنما أفسدتْ بها جوانِبَهَا، وعاشت عيشة ضنك وهوان.


مثال ذلك: القانون الذي يَحْكُمُ جريمة الزنى، فإنه لا يقرر عقوبة على طرفي الجريمة ما دام قد تم التراضي بينهما. ومن ثم فإن الطرفين حين يتوفر بينهما الرضا على ارتكاب جريمتهما، فإنهما يرتكبانها في أمن تام دون أن تنال العقوبة أيًا منهما.


ولا يعاقب القانون إلا في حالة الإكراه، وحالة الخيانة الزوجية. أما في حالة الإكراه فإن من أَكْرَهَ أُنثى على إتيانها بغير رضاها عوقب عقوبة السجن لفترة محدودة.


وأما حالة الخيانة الزوجية: فإن الزوج الذي يرتكب جريمة الزنى في داخل بيت الزوجية يُعَاقَبُ على خيانته الزوجية، لا على ارتكابه جريمة الزنى في بيت الزوجية، أما إذا ارتكب أحدهما جريمة الزنى خارج بيت الزوجية، فلا يناله عقاب القانون.


ورغم ذلك فإن للزوج حق العفو عن زوجته، التي خانته في بيت الزوجية إذا قدمها إلى المحاكمة، في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وحتى بعد الحكم عليها ودخولها السجن، فتخرج منه معززة مكرمة. كذلك للزوجة حق العفو عن زوجها، الذي خانها في بيت الزوجية إذا قدمته إلى المحاكمة. في أي مرحلة من مراحل الدعوى، وحتى بعد الحكم عليه، ودخوله السجن، فيخرج منه معززًا مكرمًا.


وهكذا يعيش الزاني مع الزانية - وصدق الله العظيم القائل:

﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾   [سورة النور: 3].


ولو أن هؤلاء قد فهموا العقيدة الصحيحة، واستقرت في قلوبهم، لراقبوا الله سبحانه وتعالى في كل حَرَكَةٍ وَسَكَنَةٍ، ولكنهم راقبوا القانون، إنهم خافوا من القانون الذي وضعه البشر، وخاف الزوج من الزوجة، وخافت الزوجة من الزوج، وحرص كل منهما على أن لا يراه الآخر وهو يرتكب جريمة الزنى، ولم يخف أحد منهما من الله رب العالمين، لأن قلبه قد خلا من العقيدة الصحيحة التي تُبَصِّرُهُ بحدود الله جل وعلا، وتُوقِفه يقينًا عند كل حدّ منها، فَهَامَ كل منهما على وجهه، وانجرف مع تيارات الإلحاد والانحلال، ودمَّرَ كلَّ القيم الدينية.


وهكذا الشأن في القوانين التي تحكم الجرائم الأخرى من قتل، وردة، وسرقة، وقذف، وقطع طريق، وسُكْرٍ وغير ذلك، فكلها عُطِّلَ فيها حكم الله،وأُعْمِلَ فيها حُكْمُ الشياطين الذين ﴿ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [سورة الشورى: 21].


2- وأما حياة البدع:

فتظهر واضحة بين أغلبية المسلمين على وجه الأرض، فقد استهانوا بأمر البدع، وقالوا: هذه بدعة حسنة، وهذه بدعة خفيفة، وهذه بدعة لا تؤثر كثيرًا في أصل الدين، وما إلى ذلك من التعللات السخيفة، حتى تجمعت بدعٌ وبدعٌ، وصار دينُهم بِدَعًا، وعاشوا حياتهم على البدع، وصاروا لا يفهمون الدين إلا أنه هذه البدع.


ومن ثم أصبحوا لا يميزون بين الحق والباطل، ولا يفرقون بين الطيِّب والخبيث، وإنما لُبسَ عليهم الأمرُ وخُلِطَ عليهم، لأنهم فقدوا فُرْقَانَ المؤمنين الذي أشار إليه الله جل وعلا في قوله:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [سورة الأنفال: 29].


والذي تستقر في قلبه العقيدةُ الصحيحةُ يجعل الله تعالى في قلبه فرقانًا يفرق به بين الحق والباطل، ويستطيع أن يحس إحساسًا مُرْهَفًا أن هذا الحق، وأن هذا باطل، مما استقر في قلبه من عقيدة التوحيد.


ولذلك فإن من فضل الله تبارك وتعالى ونعمته على الموحدين أنهم يستطيعون أن يكشفوا الشخص الخُرافِي في دقائق، فيعرفونه بسيماه، ويعرفونه في لحن القول.


ومن ثم فإن العقيدة الصحيحة مهمةٌ جدًا لكل مسلم، إذ ينشأ عنها كل إصلاح وخير. وإذا نظرنا إلى العلماء اليوم، وجدنا أن أكثرهم قد هَانَ عليهم أمر العقيدة، فركوها، ولم يرشدوا الناس إليها، واعتبروا أن دعوة الناس إليها ينفرهم، ويفرِّق جمعهم، لذلك يلجأون إلى غيرها من أمور الدين التي ينبغي أن تُبنَى على العقيدة بزعم أنهم يهدفون إلى جمع الناس أيًّا كانت عقائدهم، فإذا تم جمعهم وتكون مجتمع إسلامي منهم، بدأوا يصححون عقائدهم.


وهذا اتجاه غير سليم، لأننا عرفنا بما سبق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أرسل معاذًا إلى اليمن أمره أن يبدأ دعوته بالتوحيد، فإن استجاب القوم له، أمرهم بعد ذلك بالتكاليف التي تُبنَى على العقيدة ومن أولها الصلاة.


ومن ثم فإن الذين لا يبدأون دعواتهم بالعقيدة، لا يكون لدعواتهم أثر عظيم في الإصلاح، لأن المهم في الإصلاح أن يصلح ما استقر في القلب أولًا، فإذا لم يصلح ما استقر فيه، فسدت جميع الأعمال كما يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".


والحقيقة التي لمستُها في زياراتي للمسلمين في بلاد العالم المختلفة من المشرق إلى المغرب، هي أن الدعاة الذين لا يحملون العقيدة الصحيحة ولا يدعون المسلمين إليها، لا أثر لدعواتهم يذكر، بل إن الذين يدينون منهم بدين الصوفية قد لَبَّسُوا على المسلمين وخلطوا عليهم أمور دينهم، وأفسدوا عليهم عقيدتهم، حتى أصبح المسلمون في حالة يحزن لها قلب المسلم الحق.


إنني أذكر أنه لما ابتعثني الجامعة الإسلامية - بالمدينة المنورة حين كنت أستاذًا بها - إلى غيانا بأمريكا الجنوبية عام 1394هـ كان أول سؤال سُئِلتُهُ (ما رأيك عن الصوفية؟) ووجدتُ أن أكثر المسلمين هناك يقتنون كتب بعض الصوفية المترجمة إلى اللغة الإنجليزية مثل طبقات الشعراني، وحياة الجيلاني، ويعكفون على قراءتها، ويتركون كتاب الله، فمثل هذه الكتب أفسدت قلوب المسلمين وعقيدتهم، وبَلْبَلَتْ عليهم عقولهم، ولهذا ينبغي أن نلفت عنها المسلمين خاصة الشباب، الذين يَطْلُبُ منهم الإسلامُ أن يملأوا قلوبهم أولًا بالعقيدة الصحيحة. كي تصحُ أعمالهم الصالحة التي تُبنَى عليها.


إن الشباب إذا ملأت قلوبهم العقيدةُ الصحيحةُ اطمأننا عليهم، فمهما ألقينا بهم في أي مكان، كانت العقيدة الصحيحة سياجًا منيعًا تدفع أيَّ مبدأ انحلالي هدام يحاول التسرب إلى قلوبهم، فلا تجد المبادئ المدمرة موضعًا في قلوب الشباب تحيا فيه.


إن هؤلاء الذين تركوا أمر العقيدة، واستهانوا بشأنها، يعبدون الله على حرف كما قال تعالى:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [سورة الحج: 11].


ومن أمثلة تهوين شأن العقيدة ما يزعمه الصوفية من أن المسلم إذا سلك طريقهم، وسار على دربهم، بلغ درجة معينة، يسقط عنه فيها التكليف، ويصلون إلى مرحلة الكشف والمشاهدة، بمعنى أن الله تعالى يكشف لهم اللوح المحفوظ، فيقرأون فيه ما كان وما سيكون، ويرون الله رأي العين في الحياة الدنيا، ومن ثم يمكن أن يكلموه وكلمهم مباشرة، ويأخذوا العلم عنه سبحانه دون واسطة بما أطلقوا عليه (العلم اللدني)، وما إلى ذلك من ضلالهم، وتحديهم للنصوص القاطعة في الكتاب والسنة. فضلًا عن ذلك فإنهم يخدعون المسلمين بما يزعمون أنهم أولياء تحدق لهم خوارق يكرمهم بها الله تعالى، مثل الطير في الهواء، والسير على الماء، ويدعون الأولياء والصالحين من الأحياء، ومن الأموات الذين يعكفون على قبورهم ويطلبون منهم قضاء الحاجات إنهم يخدعون المسلمين بذلك ويأتون من الأعمال التي تعتمد على كثير من الشعوذة والدجل، ما ينخدع به أولئك الذين خلت قلوبهم من عقيدة التوحيد.


وإنني لتجولي بين المسلمين في أغلب بلاد العالم، قد وجدتُ - بما أُقَدِّر - أن ما يقارب ثلاثة أرباع المسلمين يدينون بالتصوف، ويتخذونه نهج حياة أَبْعَدَهُمْ عن نهج الإسلام الحق الذي أرسى مبادئه على منبعيه الصافيين: الكتاب والسنة.


وليس يهم في الإسلام الكم، بل إن الكيف هو الذي يعوِّل عليه الإسلام. يقول تعالى:﴿ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [سورة الأنفال: 65].


ويقول جل ذكره:﴿ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة الأنفال: 66].


ولما أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن الأمم سوف تتداعى عليهم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، سألوه: "أَمِنْ قِلَّةٍ نحنُ يومئذٍ؟" قال لهم: "لا إنكم يومئذٍ كثير، ولكنكم غُثَاءٌ كغُثَاء السيل".


ولو أننا نظرنا إلى واقع المسلمين اليوم، لوجدناهم حقًا غثاء كغثاء السيل، لا شخصية لهم بين أمم العالم، التي - مع أغلبيتها الكافرة الملحدة - بلغت شأوًا عظيمًا في التطور والحضارة المادية، بما لم يبلغ منها المسلمون شيئًا يذكر.


والذي يجول في بلاد الشرق والغرب على سواء يلمس حقيقة هذه الحضارة وذلك التطور في وضوح لدى أعداء الإسلام، كما يلمس أن المسلمين في هذا المجال - في مؤخرة ركب الأمم، فلم يصلوا إلى كسب الدنيا ولا كسب الآخرة، وعاشوا هكذا فعلًا غثاء كغثاء السيل، وإذا بحثنا عن سبب ذلك وجدناه تركهم للأساس الأول الذي تُبنى عليه كلّ الأعمال، ذلك هو العقيدة الصحيحة التي ينبغي أن تمتلئ بها القلوب، ولذلك تحركت أجسامهم حركات فاسدة، فأنتجت نتائج فاسدة، وكانت كل أقوالهم وأعمالهم مخالفة لأمر الله تبارك وتعالى، وأصبحت حياتهم حياة غفلة، واستحكم الهوى في القلوب، فاستمتعوا بملذات الحياة، ولم تعد الدنيا عندهم سوى ما قال قائلهم:

إنما الدنيا طعامٌ
وشرابٌ ومنام
فإذا فَاتَكَ هذا
فعلى الدنيا السَّلاَم

 

وعاشوا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام. وصاروا كما قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [سورة الأعراف: 179].


والدليل على الغفلة الشاملة التي طغت على أكثر المسلمين أنهم مجدوا وقدسوا كتبًا لا تستحق إلا أن تحرق وتباد لا حوته من كفريات وشركيات طمست معالم الإسلام، منها كتاب إحياء علوم الدين للغزالي الذي سمي صاحبه (حجة الإسلام)، فقد أورد فيه مؤلفه أشياء منكرة، لا يقبلها عقل مسلم فضلًا عن موحد، من هذه الأشياء ما ذكره في الجزء الرابع صفحة 358 بقوله: "حكي أن شاهدًا عظيم القدر من أعيان أهل بسطام كان لا يفارق مجلس أبي يزيد البسطامي، فقال يومًا: أنا منذ ثلاثين سنة أصوم الدهر ولا أفطر، وأقوم ولا أنام، ولا أجد في قلبي من هذا العلم الذي تذكر شيئًا، وأصدق به وأحبه، فقال أبو يزيد: ولو صمت ثلاثمائة سنة، وقمت ليلها ما وجدت من هذا ذرة؟ - قال: ولم؟ قال: لأنك محجوب بنفسك. قال: فلهذا دواء؟ قال: نعم، قال: قل لي حتى أعمله. قال: لا تقبله. قال: فاذكره لي حتى أعمل. قال: اذهب الآن إلى المزين فاحلق رأسك ولحيتك، وانزع هذا اللباس، واتزر بعباءة، وعلق في عنقك مخلاة مملوءة جوزًا، واجمع الصبيان حولك، وقل: كل من صفعني صفعة أعطيه جوزة، وادخل السوق، وطف بالأسواق كلها عند الشهود وعند من يعرفك، وأنت على ذلك، فقال الرجل: سبحان الله، تقول مثل هذا؟ فقال أبو يزيد: قولك سبحان الله شرك. قال: وكيف؟، قال: لأنك عظمت نفسك فسبحتها وما سبحت ربك. فقال: هذا لا أفعله، ولكني دلني على غيره، فقال: ابتدئ بهذا قبل كل شيء، فقال: لا أطيقه، قال: قد قلت لك إنك لا تقبل".

 

ومع هذه الحكاية التي يسوقها الغزالي في كتابه التي لا يقبلها عقل، يعلق عليها بقوله (فهذا الذي ذكره أبو يزيد هو جزاء من اعتل بنظره إلى نفسه)، ولا ينكر منها شيئًا.

 

ومن هذه الكتب المضللة كذلك كتابا الفتوحات الربانية، وفصوص الحكم لمحي الدين بن عربي، الذي ضمنها عقيدة وحدة الوجود التي تعني أنه لا موجود في الكون إلا الله، فعبر عن ذلك بقوله:

وما الكلب والخنزير إلا إلهنا
وما الله إلا راهبٌ في كنيسته

 

وبقوله:

العبدُ ربٌ والربُّ عبد
يا ليت شِعْري من المكلف؟
إن قلت عبدٌ فذاك ربٌّ
وإن قلت ربٌّ أنَّي يكلف؟

 

وبقوله:

فوقتًا يكون العبدُ ربًا بلا شك
ووقتًا يكون العبد عبدًا بلا إفك
فإن كان عبدًا كان بالحق واسعًا
وإن كان ربًّا كان في عيشة ضنك

 

هذا فضلًا عن تشويه ابن عربي حقائق الإسلام، فيسوي بين الجنة والنار في قوله:

وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم
على لذة فيها نعيمٌ مباينُ
نعيمُ جنان الخلد فالأمر واحد
وبينهما عند التجلي تباينُ
يسمى عذابًا من عُذُوبةِ طعْمِهِ
وذاكَ له كالقشر والقشرُ صايِنُ

 

وإذا اختلطت المعاني هكذا عند ابن عربي وغيره، وكان الرب والعبد سواءًا، والجنة والنار سواءًا، فلماذا كانت الرسالات؟ ولماذا أُرسِلَ الرسلُ؟


ولماذا جاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا وعشرين سنة؟ ولماذا كانت الغزوات؟ ولماذا كان هذا الجهد والتعب؟ ولماذا كانت العبادات؟ ولماذا كان الثواب والعقاب؟ ولماذا كانت الجنة والنار؟


بهذه الأفكار الضالة، والاتجاهات الزائغة المنحرفة تضيع معالم الإسلام، وتشوه مبادئه عند المسلمين، ويجد أعداء الإسلام منها ثغرات يدخلون منها للطعن على الإسلام، وإظهاره بمظهر الدين المتخلف الذي لا يجدي في هذه الحياة فتيلًا.


هذا الذي ذكرته شيء قليل جدًا من الكثير الكثير، الذي حوته تلك الكتب الخبيثة التي يتفطر قلبي منها، ويذوب مما حملته من كفر صريح، الأمر الذي يجعل المسلمين في حيرة، ويؤكد أنهم في أمس الحاجة، وأشد التلهف إلى من يشرح لهم الإسلام، ويعرضه عليهم عرضًا سليمًا.


إن معظم العلماء سكتوا عن هذا الأمر، وأنا أتساءل: ما الذي يتملكهم هذا الخوف وهم يزعمون أنهم دعاة إلى دين الله؟ إن الله تعالى يصف دعاته المخلصين حقًا فيقول:﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [سورة الأحزاب: 39].


لماذا لا يخشى أولئك الصادقون الموحدون أحدًا إلا الله؟ لأن العقيدة الصحيحة استقرت في قلوبهم، فلم يندفعوا إلى أي عمل - ومن ذلك الدعوة إلى الله تبارك وتعالى - إلا بما يوافق شرع الله عز وجل.


ولما سكت معظم العلماء عن البدع والخرافات التي استشرى شررها، وانتشر فسادها بصورة خطيرة جدًا، وأصبح المسلمين في حالة يُرْثَى لها.


إن أعداء الإسلام ينتهزون مثل هذه الفرص، وكثيرًا ما انتهزوها - فركزوا جهودهم للاستيلاء على بلاد المسلمين، وتمزيق بلادهم، والتفريق بينهم، حتى جعلوا المسلمين - كما نرى - فرقًا تسير حسب أهوائهم، وتحرك حسب مصالحهم، فاستسلم المسلمون لواقعهم، فأصبحوا صورًا باهتة هزيلة لا كيان لها ولا أثر لها في ركب المجتمع العالمي.


ورغم هذا الهون الذي عم أغلبية المسلمين، فإن قلة منهم لا تزال في كل عصر تقوم على الحق مستمسكة به داعية إليه، هي التي عناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى". [أخرجه الإمام مسلم عن ثوبان].


وقد بيّن لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - مدى الافتراق الذي سيصيب الأمم المختلفة فقال: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة واحدة - قالوا وما هي يا رسول الله؟ قال: هي التي على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي". معنى ذلك أن الفرقة التي تتمسك بالكتاب والسنة وتدعو إليهما هي الفرقة الناجية، يأخذون منهما عقيدتهم، فيبثوا عليها بعد ذلك كل أمورهم، وإذا صحت العقيدة، تحرك الجسم إلى كل ما رضي الله تعالى، وإذا فسدت العقيدة، تحرك الجسم إلى كل ما يسخط الله عز وجل.


ومن ثم فقدت أوامر الله تعالى في البيت الذي فقدت فيه العقيدة الصحيحة، فتجد الأسر التي تدعي الإسلام - منهارة، فالمرأة لا تخاف الله عز وجل، ولا تحسب له حسابًا، فإذا خرج زوجها إلى عمله، خرجت بعده دون علمه إلى حيث تهوى، وإلى حيث تهوي، والأبناء لا يخافون الله تعالى، فانكبوا على المنكرات، واستمتعوا بالشهوات، وساروا كقطعان الأغنام إلى حيث لا يعلمون.


والمجتمع كذلك - وهو مكون من مجموعة أسر - قد فقد - ككل - الخوف من الله تعالى، وبهذا لا يرى في أغلب أحوال المسلمين - إلا أفرادًا منهارين، وأسرًا منهارة، ومجتمعًا منهارًا.


ولا يمكن أن يتحول حالنا، وتصلح أمورنا، ويتغير مجتمعنا، ولا يمكن أن نرى الطبيب المسلم الحق المخلص في علاجه، ولا المهندس الحق المخلص في تخطيطه وتصميمه، ولا المدرس المسلم الحق المخلص في تدريسه، ونصح أبنائه، ولا الموظف المسلم الحق المخلص في وظيفته، ولا الرئيس المسلم الحق المخلص العادل في رئاسته، ولا أي عامل مسلم حق الإسلام في المجتمع الإسلامي يتقن عمله ويخلص فيه، ويراقب الله تعالى في كل خطوة يخطوها وكل سكنةٍ يسكنها إلا إذا أسست أولًا في قلبه العقيدة الصحيحة.


وبدون تأسيس هذه العقيدة الصحيحة في القلوب، فإنه من المستحيل أن يوجد فرد مسلم حقيقي، ولا أسرة مسلمة حقيقية، ولا مجتمع مسلم حقيقي، ومن قرر غير ذلك، فإنما يقرر زيفًا وزورًا.


وعلى ذلك نرى أن العقيدة الصحيحة لها أثر عظيم، ولولا هذا الأثر، ما أنـزل الله بها الكتب، وما أرسل بها الرسل وجعلها بداية دعواتهم بأن يقولوا لأقوامهم: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [سورة الأعراف: 59].


ولذلك ينبغي على كل مسلم أن يهتم عظيمًا جدًا بالعقيدة، ولا يتصور أن أمر العقيدة أمر هين لا يستحق الاهتمام - ذلك أن المسلم لا يمكن أن يندفع إلى أي عبادة فتصح وتقبل عند الله إلا إذا أسست على العقيدة الصحيحة.


فمثلًا: لا يمكن أن يجاهد المسلم في سبيل الله فيصح ويقبل جهاده إلا إذا استقرت في قلبه العقيدة الصحيحة - عقيدة التوحيد - حتى يعرف لمن يجاهد.


فإذا جهل لمن يجاهد، فلمن يجاهد؟ أيجاهد للحديد والنحاس والخشب والحجر والشجر؟ أم يجاهد للموتى؟ أم يجاهد للطواغيت من البشر؟ لابد أن يجاهد لرب يعرفه، لرب يشعر أنه رب، وأنه عبد، لابد أن يجاهد لرب يعرفُ ويؤمن أنه الخالق، البارئ، المصور، الرازق، المحي، المميت، المعطي، المانع، المدبر، لأمر هذا الكون كله، الذي تَسَمَّى بجميع الأسماء الحسنى، واتصف بكل الصفات العليا وأنه لا ينبغي أن يصرف أي نوع من أنواع العبادة إلا له سبحانه وتعالى. يجب إذن على المسلم أن يجاهد في سبيل رب يعرفه، إذ من العار العظيم جدًا أن يجاهد في سبيل إله يجهله.


وهكذا كل العبادات لابد أن يوجهها المسلم إلى إله يعرفه ويؤمن به، وتملأ قلبه عقيدة توحيده في ربوبيته وأسمائه وصفاته وألوهيته.


ومن ثم إذا أردنا أن نقيم دولة إسلامية تسودها الفضيلة، وتظللها العدالة، ويسيطر عليها الأمن، ويتآخى فيها أفرادها ويتحابون، وتختفي فيها الجرائم بأنواعها، فإنه ينبغي أن تقيمها على أساس العقيدة الصحيحة، فينطلق منها كل خير وإصلاح، ذلك بأن العقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد - هي المنطلق لكل إصلاح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العقيدة.. وأثرها في صياغة الشخصية المسلمة
  • مفهوم العقيدة في الإسلام
  • سلامة منهج العقيدة والتوحيد
  • إصلاح العقيدة .. هو المنطلق لكل إصلاح
  • معنى العقيدة الصحيحة
  • أهمية دراسة العقيدة وحكم تعلمها
  • الحضارة الاجتماعية
  • المجتمع المنتج: واقع وطموحات
  • خطبة: معالم بناء المجتمع الصالح
  • ضبط مصطلحي العقيدة والإيمان من حيث الاشتقاق والتطور في الدلالة والاستعمال

مختارات من الشبكة

  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هذه هي عقيدتنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال الأئمة في العقيدة التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم العقيدة للصغار (1) من عقيدة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متن العقيدة الطحاوية - عقيدة أهل السنة والجماعة - للإمام الطحاوي المصري - قراءة الشيخ فهد الحمين(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مخطوطة عقيدة أهل السنة والجماعة (العقيدة الطحاوية) (نسخة رابعة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب