• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العقيدة الواسطية لابن تيمية (7/ 12)

العقيدة الواسطية لابن تيمية (7/ 12)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2012 ميلادي - 2/11/1433 هجري

الزيارات: 16648

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقيدة الواسطية لابن تيمية (7/ 12)


الإيمان بالقدر خيره وشره:

ويشتمل على فصلين، الأول منهما: الدرجة الأولى من درجات الإيمان بالقدر:

وتُؤْمن الفرقةُ النَّاجية - أهْلُ السُّنة والجماعة – بالقدَر: خيْرِه وشرِّه[1].

 

والإيمان بالقدر على درجتَيْن، كلُّ درجة تتضمَّن شيئَيْن:

فالدرجة الأولى: الإيمان بأنَّ الله تعالى عَلِم ما الْخَلْق عاملون بعِلْمه القديم، الذي هو موصوفٌ به أزلاً وأبدًا، وعلم جَميع أحوالِهم من الطاعات والمعاصي، والأرزاق والآجال.

 

ثُمَّ كتب الله في اللَّوح المحفوظ مقاديرَ (الْخَلائق)[2].

 

فأوَّل ما خلق الله القلَم، قال له: اكْتُب، قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فما أصاب الإنسانَ لَم يكن لِيُخطئه، وما أخطأه لَم يكن لِيُصيبه، جفَّت الأقلام وطُوِيَت الصُّحف[3].

 

كما قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70][4].

 

وقال: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22][5].

 

وهذا التقدير - التَّابع لعِلْمه سبحانه - يكون في مواضِعَ جُملة[6] وتفصيلاً[7].

 

فقد كتب في اللَّوح المَحفوظ ما شاء.

 

وإذا خلق جسد الجنين قَبْل نفخ الرُّوح فيه، بعث إليه ملكًا، فيُؤْمَر بأربع[8] كلمات، فيُقال (له)[9]: اكتب رزْقَه، وأجَلَه، وعمَله، وشقيٌّ أو سعيد، ونحو ذلك[10].

 

فهذا القدَر قد كان يُنكره غلاة القدَرِيَّة قديمًا، ومُنْكِره اليوم قليل[11].

 

وأما الفصل الثاني فهو: مشيئة الله النافذة[12]، وقُدْرته الشاملة[13]:

وهو الإيمان بأنَّ ما شاء الله كان[14]، وما لَم يشأ لَم يكن[15].

 

وأنَّه ما في السَّموات (والأرض)[16] من حركةٍ ولا سكون إلاَّ بِمَشيئة الله سبحانه (لا يكون في مُلْكه إلاَّ ما يريد)[17].

 

وأنَّه - سبحانه وتعالى - على كلِّ شيءٍ قديرٌ من الْمَوجودات والمعدومات.

 

فما من مَخلوق في الأرض ولا في السَّماء إلاَّ الله خالِقُه، سبحانه لا خالق غيْرُه، ولا ربَّ سواه.

 

(وقد)[18] أمر العِبَاد بِطاعته وطاعة رسُلِه، ونَهاهم عن معصيته[19].

 

وهو سبحانه يُحِبُّ المتقين والمُحسنين والمقسطين، ويَرْضى عن الَّذين آمنوا وعَمِلوا الصَّالِحات.

 

ولا يُحبُّ الكافرين، ولا يرضى عن القوم الفاسقين، ولا يأمر بالفَحْشاء، ولا يرضى لعباده الكُفْر، ولا يحب الفساد.

 

والعباد فاعلون حقيقةً، والله خالِقُ أفعالِهم.

 

والعبد هو: الْمُؤمن والكافر، والبَرُّ والفاجر، والْمُصلِّي والصائم.

 

وللعباد قدرةٌ على أعمالِهم (وإرادةٌ)[20]، والله خالِقُهم وخالق قُدْرتِهم وإرادتِهم، كما قال تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28 - 29][21].

 

وهذه الدرجة من القدَر: يُكذِّب بِها عامَّة القدَريَّة، الَّذين سَمَّاهم النبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَجوسَ هذه الأُمَّة.

 

ويغلو فيها قومٌ من أهل الإثبات، حتَّى (يَسْلِبوا)[22] العبْدَ قدرتَه واختيارَه، ويُخْرِجون عن أفعال الله وأحكامِه حِكَمَها ومصالِحَها[23].

 


[1] قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطية" ص317: "وفي قول الشيخ - رحمه الله -: "وتؤمن الفرقة النَّاجية - أهل السُّنة والجماعة - بالقَدَر: خيْرِه وشرِّه" إشارةٌ إلى أنَّ مَن لَم يؤمن بالقدَر فلَيْس من أهل السُّنة والجماعة، وهذا هو مقتضى النُّصوص، كما في حديث جبْريل حين سأل النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الإيمان، فقال: ((الإيمان: أن تُؤْمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيْرِه وشرِّه))، فجعل - صلَّى الله عليه وسلَّم - الإيمانَ بالقدَرِ سادِسَ أركان الإيمان، فمن أنكره فليس بِمُؤمن، كما لو لَم يؤمن بغيره من أركان الإيمان"؛ اهـ.
[2] الموجود في المطبوع: "الْخَلق".
[3] هذا منطوقُ حديثٍ صحيح، من حديث عُبَادة بن الصَّامت - رضِيَ الله عنه. أخرجه أبو داود في "السُّنن": كتاب السُّنة، باب: القدر، ح 4700. والترمذي في "السُّنن": كتاب القدر، باب: ستَّة لعنهم الله، ح 2155. وفي: كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة ن، ح 3319. وأحمد في "المُسنَد": 5/317. وصحَّحه العلاَّمة الألبانِيُّ - رحمه الله - في "صحيح الجامع"، ح 2017، 2018.
[4] قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطية" ص322: "والشاهد من الآية الكريمة: أنَّ فيها إثباتَ علم الله بالأشياء وكتابتها في اللَّوح المحفوظ، وهذا هو ما تتضمَّنه الدَّرجة الأولى"؛ اهـ.
[5] قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطية" ص322: "والشاهد من الآية الكريمة: أنَّ فيها دليلاً على كتابة الحوادث في اللَّوح المَحْفوظ قبل وقوعها، ويتضمَّن ذلك علْمه بها قبل الكتابة، فهي دليلٌ على مرتبتَيِ العلم والكتابة"؛ اهـ.
[6] يعني: عامًّا، وهو المكتوب ابتداءً في اللَّوح المَحفوظ كما أشرنا آنفًا.
[7] قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطية" ص323: "(وتفصيلاً)؛ أيْ: تقديرًا خاصًّا مفصِّلاً للتقدير العامِّ، وهو:
1 - التقدير العُمْريُّ، كما في حديث ابن مسعود في شأن ما يُكتَب على الجنين في بَطْن أُمِّه من أربع كلمات: رِزْقه، وأجَله، وعِلْمه، وشقاوته أو سعادته.
2 - تقدير حَوْلِي، وهو ما يُقَدَّر في ليلة القَدْر من وقائع العامِ، كما في قوله تعالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 4].
3 - تقدير يوميٌّ، وهو ما يقدَّر من حوادث اليوم من حياة وموت، وعزٍّ وذُلٍّ، إلى غير ذلك، كما في قوله تعالى: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]، وعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "إن الله خلق لوحًا مَحفوظًا من دُرَّة بيضاء، دفَّتاه من ياقوتة حَمْراء، قلَمُه نور، وكتابته نور، وعَرْضُه ما بيْن السَّماء والأرض، يَنْظر في كلِّ يوم ثلاثمائة وستِّين نظرة، يُحْيي ويُمِيت، ويُعِزُّ ويذلُّ، ويفعل ما يشاء، فكذلك قوله سبحانه: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]"؛ رواه عبدالرزَّاق وابن المنذر والطَّبَراني والحاكم"؛ اهـ. قلتُ: هذا الأثر أخرجه الْحَاكم في "الْمُستدرك"، 2/474، 519. وابن جرير الطَّبَري في "التفسير": 27/135. وأبو الشيخ في "العظَمة": 2/493. والبيهقي في "الأسْماء والصِّفات": ص828. وضعفه العلامة الألبانِيُّ - رحمه الله - في "ضعيف الجامع"، ح 1608.
[8] آخر اللَّوحة (9) من المخطوط.
[9] ما بَيْن القوسين ساقطٌ من الْمَخطوط، وقد أثبَتُّه من الْمَطبوع.
[10] هذا الْمَعنى ورد في عدَّة أحاديث، منها: حديث عبدالله بن مسعود: قال حدَّثنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو الصَّادق الْمَصدوق: ((إنَّ أحدكم يُجْمَع خَلْقُه في بطن أمِّه أربعين يومًا، ثُمَّ يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مُضغةً مثل ذلك، ثُم يُرسَل الْملَك فيَنْفخ فيه الرُّوح، ويُؤمَر بأربع كلمات: بِكَتْب رِزْقه، وأجَلِه، وعمله، وشقيٌّ أو سعيد، فوالذي لا إلهَ غيْرُه، إنَّ أحدكم ليَعْمَل بِعَمَل أهل الْجَنَّة حتَّى ما يكون بينه وبينها إلاَّ ذراعٌ، فيَسْبق عليه الكتاب فيَعْمل بِعَمل أهل النَّار، فيدخلها، وإنَّ أحدكم ليَعمل بِعَمل أهل النار حتَّى ما يكون بينه وبينها إلاَّ ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيَدْخلها)). أخرجه البخاريُّ في "صحيحه": كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة ، ح 3208. وفي: كتاب أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته، ح 3332. وفي: كتاب القدَر، باب: 1/ح 6594. وفي: كتاب التَّوحيد، باب: قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الصافات: 171]، ح 7454. ومسلم في "صحيحِه": كتاب القدَر، باب: كيفية الْخَلْق الآدمي في بطن أمِّه، وكتابة رزقِه وأجَلِه وعمَلِه، ح 1، 3. وحديث أنس بن مالك: ((إن الله - عزَّ وجلَّ - قد وكل بالرَّحِم ملَكًا، فيقول: أيْ ربِّ، نطفة؟ أي ربِّ، علقة؟ أيْ رب، مضغة؟ فإذا أراد الله أن يقضي خَلْقًا - قال - قال الْملَك: أيْ رب، ذكر أو أنثى؟ شقيٌّ أو سعيد؟ فما الرِّزق؟ فما الأجَل؟ فيُكتَب كذلك في بطن أمِّه)). أخرجه البخاري في "صحيحه": كتاب الحيض، باب: قول الله عز وجل: ﴿ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ﴾ [الحج: 5]، ح 318. وفي: كتاب أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته، ح 3333. وفي: كتاب القدر، باب: 1، ح 6595. ومسلم في "صحيحه": كتاب القدر، باب: كيفية الخلق الآدمي في بطن أُمِّه، وكتابة رزقه وأجَلِه وعمله، ح 5. وفي الباب: عن حُذَيفة بن أَسِيدٍ عند مسلم في "الصحيح"، وعن أبي الدَّرداء عند أحمد في "المُسنَد".
[11] قال العلامة محمد خليل هراس - رحمه الله - في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص160: "وهذا التقدير السَّابق على وجود الأشياء قد كان يُنْكِره غُلاة القدَرِيَّة قديمًا، مثل: مَعْبد الْجُهنِي، وغيلان الدِّمشقي، وكانوا يقولون: إنَّ الأمر أنُفٌ. ومُنْكِر هذه الدرجة من القدَر كافرٌ؛ لأنَّه أنكر معلومًا من الدِّين بالضَّرورة، وقد ثبت بالكتاب والسُّنة والإجْماع"؛ اهـ.
[12] النَّافذة: الْمَاضية.
[13] الشَّاملة: العامَّة لكلِّ شيءٍ من الْمَوجودات والْمَعدومات.
[14] يعني: وُجِد.
[15] يعني: لَم يُوجد.
[16] الموجود في المطبوع: "وما في الأرض".
[17] الموجود في المطبوع: "لا يكون في مُلْكِه ما لا يُريد".
[18] الموجود في المطبوع: "ومع ذلك فقد أمَر".
[19] قال العلاَّمة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطية" ص328: "يقول الشيخ - رحمه الله - في هذا الموضوع في رسالته التَّدْمُريَّة: "وأهل الضَّلال انقسموا إلى ثلاث فرق: مَجوسيَّة، ومُشْركية، وإبليسيَّة. فالمَجوسية: الذين كذَّبوا بقدَر الله، وإنْ آمنوا بأمره ونَهْيه، فغُلاتُهم أنكروا العِلْم والكتاب، ومُقْتَصِدُوهم أنكروا عموم مشيئته وخَلْقه وقدرته، وهؤلاء هم المعتزلة ومَن وافقهم. والفرقة الثانية: الْمُشركيَّة، الذين أقَرُّوا بالقضاء والقدر، وأنكروا الأمر والنَّهي، قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 148]، فمن احتجَّ على تعطيل الأمر والنَّهي، فهو من هؤلاء. والفرقة الثَّالثة: وهم الإبليسيَّة الذين أقَرُّوا بالأمْرَين، لكن جعلوا هذا تناقضًا من الربِّ - سبحانه وتعالى - وطعَنوا في حكمته وعدله، كما يُذْكَر ذلك عن إبليسَ مُقدِّمهم. والمقصود أنَّ هذا مِمَّا تقَوَّله أهل الضَّلال، وأمَّا أهل الْهُدى والفلاَح، فيُؤمنون بِهذا وهذا، ويؤمنون بأنَّ الله خالِقُ كلِّ شيء، وربُّه ومليكه، وما شاء كان، وما لَم يشأ لم يكن، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأحاط بكل شيءٍ علمًا، وكلَّ شيءٍ أحصاه في إمام مبين"؛ اهـ.
[20] الموجود في المطبوع: "ولَهُم إرادة".
[21] قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعديُّ في "التنبيهات اللَّطيفة فيما احتوَتْ عليه العقيدة الواسطيَّةُ من المباحث المنيفة" ص54: "إن العبد إذا صلَّى، وصام، وفعَل الْخَير، أو عمل شيئًا من المعاصي، كان هو الفاعِلَ لذلك العمل الصَّالِح، وذلك العمل السيِّئ، وفِعْلُه الْمَذكور بلا ريبٍ قد وقع باختياره، وهو يحسُّ ضرورةً أنَّه غير مَجبور على الفعل أو التَّرك، وأنه لو شاء لَم يفعل، وكان هذا هو الواقع، فهو الذي نصَّ الله عليه في كتابه، ونصَّ عليه رسولُه، حيث أضاف الأعمالَ صالِحَها وسيِّئَها إلى العباد، وأخبَر أنَّهم الفاعلون لَها، وأنَّهم مَمْدوحون عليها إنْ كانت صالِحةً ومُثابون، ومَلُومون عليها إن كانت سيِّئة ومعاقبون عليها. فقد تبيَّن بلا ريب أنَّها واقعةٌ منهم باختيارهم، وأنَّهم إذا شاؤوا فَعُلوا، وإذا شاؤوا ترَكوا، وأنَّ هذا الأمر ثابت عقلاً وحِسًّا وشرعًا ومُشاهدة. ومع ذلك، إذا أردْتَ أن تعرف أنَّها وإن كانت كذلك واقعة منهم، كيف تكون داخلةً في القدَر؟ وكيف تشملها الْمَشيئة؟ فيُقال: بأيِّ شيءٍ وقعَتْ هذه الأعمال الصَّادرة من العباد خيْرُها وشرُّها؟ فيُقال: بقدرَتِهم وإرادتِهم، هذا يَعْترف به كلُّ أحَدٍ، فيُقال: ومَن خلَقَ قدرتَهم وإرادتَهم ومشيئتهم ؟ فالجواب الذي يعترف به كلُّ أحد: أنَّ الله هو الذي خلق قدرتَهم وإرادتَهم، والذي خلَق ما به تقع الأفعالُ هو الخالِقُ للأفعال. فهذا هو الذي يحلُّ الإشكال، ويتمكَّن العبدُ أن يَعْقل بقلبه اجتماعَ القدَرِ والقضاء والاختيار. ومع ذلك، فهو تعالى أمدَّ المؤمنين بأسباب وألطافٍ وإعانات متنوِّعة، وصرَفَ عنهم الْمَوانع، كما قال - صلَّى الله عليه وسلم -: ((أمَّا مَن كان من أهل السعادة، فسيُيَسَّر لعمل أهل السَّعادة))، وكذلك خذَلَ الفاسقين، ووكلهم إلى أنفسهم؛ لأنَّهم لَم يؤمنوا به، ولَم يتوكَّلوا عليه، فولاَّهم ما تولَّوا لأنفسهم"؛ اهـ.
[22] الموجود في المطبوع: سَلَبوا.
[23] قال العلامة محمد خليل هراس - رحمه الله - في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص164: "وخلاصة مذهب أهل السُّنة والجماعة في القدَر وأفعال العباد: ما دلَّت عليه نصوصُ الكتاب والسُّنة من أنَّ الله سبحانه هو الخالق لكلِّ شيءٍ من الأعيان، والأوصاف، والأفعال، وغيرها، وأنَّ مشيئته تعالى عامَّة شاملة لجميع الكائنات، فلا يقع منها شيءٌ إلاَّ بتلك المشيئة، وأنَّ خَلْقه سبحانه الأشياءَ بِمَشيئته إنَّما يكون وفقًا لِمَا عَلِمه منها بعِلْمه القديم، ولِمَا كتبه وقدَّره في اللَّوح المَحفوظ، وأنَّ للعباد قدرةً وإرادةً تقع بِها أفعالُهم، وأنَّهم الفاعلون حقيقةً لِهذه الأفعال بِمَحض اختيارهم، وأنَّهم لِهذا يستَحِقُّون عليها الجزاء: إمَّا بالمدح والْمَثوبة، وإمَّا بالذمِّ والعقوبة، وأنَّ نسبة هذه الأفعال إلى العباد فعلاً لا يُنافي نسبتها إلى الله إيجادًا وخلقًا؛ لأنَّه هو الخالق لِجَميع الأسباب التي وقعت بها. وهذه الدَّرجة من القدَر يكذِّب بِها عامَّةُ القدريَّة الذين سَمَّاهم النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَجوسَ هذه الأُمَّة، ويَغْلو فيها قومٌ من أهل الإثبات، حتَّى سلبوا العبْدَ قدرته واختيارَه، ويُخْرِجون عن أفعال الله وأحكامِه حِكَمَها ومَصالِحَها. وضلَّ في القدَر طائفتان، كما تقدَّم: الطائفة الأولى: القدَرِيَّة: نُفاة القدَر، الذين هم مجوس هذه الأمة، كما ورد ذلك في بعض الأحاديث مرفوعًا وموقوفًا، وهؤلاء ضلُّوا بالتَّفريط وإنكار القدر، وزعموا أنَّه لا يُمْكن الجمع بين ما هو ثابتٌ بالضَّرورة من اختيار العبد في فِعْله ومسؤوليَّته عنه، وبَيْن ما دلَّت عليه النُّصوص من عموم خَلْقه تعالى ومشيئته؛ لأنَّ ذلك العموم في زعمهم إبطالٌ لِمَسؤولية العبد عن فعله، وهدْمٌ للتَّكاليف، فرجَّحوا جانب الأمر والنَّهي، وخصَّصوا النُّصوص الدالَّة على عموم الخلق والْمَشيئة بِما عدا أفعال العباد، وأثبتوا أنَّ العبد خالِقٌ لفِعْله بقدرته وإرادته، فأثبتوا خالقين غيْرَ الله؛ ولِهذا سُمُّوا مَجوس هذه الأمة؛ لأنَّ المَجوس يزعمون أنَّ الشيطان يخلق الشرَّ والأشياء الْمُؤذية، فجعلوه خالقًا مع الله، فكذلك هؤلاء جعلوا العباد خالقين مع الله. والطائفة الثانية: يُقال لَها: الجبريَّة، وهؤلاء غلوا في إثبات القدر، حتَّى أنكروا أن يكون للعبد فعْلٌ حقيقةً، بل هو في زعْمِهم لا حُرِّية له، ولا اختيار، ولا فعل، كالرِّيشة في مهَبِّ الرِّياح، وإنَّما تُسْنَد الأفعال إليه مَجازًا، فيُقال: صلَّى، وصام، وقَتل، وسرق، كما يُقال: طلعت الشَّمس، وجرَتِ الرِّيح، ونـزل الْمَطر، فاتَّهموا ربَّهم بالظُّلم وتكليف العباد بِمَا لا قدرة لَهم عليه، ومُجازاتهم على ما ليس مِن فعلِهم، واتَّهموه بالعبَث في تكليف العباد، وأبطلوا الحكمة من الأمر والنَّهي، ألا ساء ما يَحْكمون"؛ اهـ.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحقيق العقيدة الواسطية لابن تيمية (1/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (2/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (3/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (4/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (5/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (6/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (8/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (9/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (10/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (11 /12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (12/ 12)

مختارات من الشبكة

  • أهمية العقيدة الواسطية لابن تيمية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مجموع في العقيدة لابن تيمية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تعليقات الشيخ ابن باز على ابن حجر في (فتح الباري) في مسائل العقيدة ومنهجه فيها (PDF)(كتاب - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • تعليقات الشيخ ابن باز على ابن حجر في "فتح الباري" في مسائل العقيدة ومنهجه فيها(مقالة - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية لعبد العزيز الرشيد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب