• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

في العفو عن النجاسة لقلتها

في العفو عن النجاسة لقلتها
د. عبدالحسيب سند عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/8/2012 ميلادي - 4/10/1433 هجري

الزيارات: 242072

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في العفو عن النجاسة لقلتها


بينَّا في مقال سابق "أحكام المياه في الفقه الإسلامي" وحكمَ وقوع النجاسة في الماء، والحالات التي يُعفى فيها عنها، وتلك التي لا يعفى عنها، ثم بينَّا حكم وقوع النجاسة في الآنية، وعرَّفنا أنه لا يعفى عنها في حالة وقوعها فيها بحال[1]، وهنا نبحث في ما يعفى عنه من النجاسات التي تقع على الثيابِ أو البدن أو المكان.

 

وبداية نقول: إن الطهارةَ من النجاسة شرطٌ لصحة الصلاة، ولكن قد يشق على المسلم التحرزُ عن بعض النجاسات، والقاعدة: أن المشقةَ تجلب التيسير، ومن هنا ذكر الفقهاء حالاتٍ يعفى فيها عن الصلاة مع النجاسة في الثوب، أو البدن، أو المكان.

 

ولَمَّا كانت نظرة كل منهم إلى سبب العفو مختلفةً، فقد ترتَّب على ذلك خلافٌ في بعض الفروع، هل يعفى عن النجاسة فيها أم لا يعفى؟


وقد رد الإمام القَرافي الخلاف في فروع هذا الفصل بين العلماء، إلى قاعدة متَّفق عليها بينهم، وهي أنَّ كل مأمورٍ يشق على العباد فعلُه، سقط الأمرُ به، وكل منهيٍّ شق عليهم اجتنابُه، سقط النهيُ عنه؛ فالمشقة إذًا هي المدار الذي يُبنى عليه سقوط الأمر أو النهي.

 

والمشاق ثلاثة أقسام:

الأُولى: في المرتبة العليا.

والثانية: في المرتبة الدنيا.

والثالثة: متردِّدة بين المرتبتين.

 

فالأُولى: معفوٌّ عنها إجماعًا، ومن أمثلتها: طهارة الحدَث أو الخبث إذا أذهبتِ النفسَّ، أو الأعضاءَ.

والثانية: غير معفوٍّ عنها إجماعًا؛ كالطهارة من الحدَث أو الخبث، في الشتاء البارد.

وأما الثالثة، فمختلف فيها، هل تلحق بالعليا، فيعفى عنها، أم تلحق بالدنيا، فلا يعفى عنها؟

 

وهذا هو سبب خلاف العلماء في العفو عن بعض النجاسات، فمن قال بالعفو عنها، اعتبر أن المشقةَ في اجتنابها من المرتبة العليا، ومن قال بعدم العفو، اعتبر أنها من المرتبة الدنيا[2].

 

وبعد هذا التمهيد نقول:

إن الحنفيةَ باستثناء زُفَر على خلاف غيرهم قد توسَّعوا في هذا الباب، فرأَوا العفوَ عن اليسير من جميع النجاسات، لا فرق في ذلك بين روْث، أو بول، أو دم، أو غير ذلك، وسواء كان لإنسان أو حيوان، مأكول، أو غير مأكول، وحجة الحنفية في ذلك أمران:

الأول: أن هذا مما تعمُّ به البلوى؛ لأن القليلَ من النجاسة مما لا يمكن الاحترازُ عنه، ولذلك نُقِل عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قولُه حين سئل عن القليل من النجاسة في الثوب: "إذا كان مثل ظُفري هذا، لا يمنع جواز الصلاة"[3]، وهذا يدل على أن في القليل ضرورة، ومواضع الضرورة مستثناةٌ من مسائل الشرع؛ ولذلك استثني عند المخالفين دمُ البراغيث، وما أخذه الذباب على رِجليه أو أجنحته، ثم وقف به على الثياب أو البدن.

 

والأمر الثاني: أن الشارع قد عفا عن موضع الاستجمارِ بالحجر، مع قيام الإجماع على أن ذلك لا يُزيل النجاسة، بحيث لو قعد المستجمرُ في ماء قليل، نجَّسه بالإجماع، فهذا دليلٌ من الشارع على أن القليل من النجاسة معفوٌّ عنه [4].

 

وأما جمهور الفقهاء - ومعهم زُفر - فقد ضيقوا في فروع هذا الباب، وبيَّنوا أن الطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة، لا فرق بين قليل النجاسة وكثيرها إلا في مستثنيات قليلة، بنَوها على عدم إمكان الاحتراز عنها، وليس على عموم البلوى، كما يقول الحنفية؛ وذلك لعموم قوله - تعالى -: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((تنَّزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه))[5]، وردوا ما ذهب إليه الحنفيةُ بأن القليل إذا لم يشقَّ الاحتراز عنه فهو كالكثير، يجب التطهُّر منه[6]، ونعرض فيما يلي لمذهب الحنفية وغيرهم في النجاسات المعفوِّ عنها، في الثياب والبدن، ثم نعرض لمذاهبهم فيما يُعفى عنه بالنسبة لمكان الصلاة.

 

أولاً: مذهب الحنفية في النجاسة المعفو عنها في الثياب والبدن:

قسم الحنفيةُ النجاسة إلى نوعين: مغلظة، ومخففة.

 

ويظهر الفرق بينهما، في حد القلة الذي يعفى عنه من النوعين؛ حيث إن المغلظة يناسبُها التشديد، بخلاف المخفَّفة، ولم يُذكر في ظاهر الرواية تفسيرٌ للمغلظة، والمخففة، وذكر الكرخي، أن تفسير المغلظة والمخففة يختلف في نظر الإمام، عنه في نظر الصاحبين.

 

فعند الإمام: أن المغلَّظة هي ما ورد النص على نجاسته، ولم يرِد نصٌّ آخر معارضٌ له يدل على الطهارة، حتى وإن اختلف فيه العلماء.

 

وأما الخفيفة، فهي ما تعارَض نصان في طهارته ونجاسته.

 

وعند أبي يوسف ومحمد: أن الغليظة هي ما اتفق العلماءُ على نجاستها، والخفيفة ما اختلفوا فيه[7].

 

وبِناءً على ذلك:

ذكرتْ كتب الحنفية أمثلةً لما هو نجاسة غليظة عند الجميع، وما هو نجاسة خفيفة عند الجميع، بِناءً على توافق الأصول، وما هو مختلف فيه بينهم بسبب اختلاف الأصول.

1- فمما اتفقوا على نوع النجاسة فيه: البول: فبول ما لا يؤكل لحمُه: نجاستُه مغلَّظة بالاتفاق، وبول ما يؤكل لحمُه: نجاستُه مخفَّفة بالاتفاق [8].

 

أما الأول، فلأن أصل أبي حنيفة ألا يوجد نصٌّ معارض للنجاسة، ولم يوجد، وأصل الصاحبين ألا يوجد خلاف، ولم يوجد.

 

وأما الثاني، فلوجود المعارض عند أبي حنيفة وهو حديث العُرَنيين، الذين رخَّص لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في شُرب أبوال الإبل، ولوجود الخلاف فيه عند الصاحبين.

 

وكذلك مما اتفقوا على أن النجاسةَ فيه مخففة المني، فعنده لتعارض النصوص، وعندهما لوجود الخلاف.

 

واتفقوا أيضًا على أن نجاسة الدم، والخمر نجاسة مغلَّظة؛ لأن كلاًّ منهما نجس بنص القرآن، ولم يعارضه نصٌّ آخر، كما هو قول الإمام، وعلى قول الصاحبين فلا يوجد في الحكم بنجاستهما خلاف بين الفقهاء، ويدخل في ذلك أيضًا: المذيُ والودي والعذِرة، وخُرء الدجاج والبط، والقيء؛ حيث النجاسة فيها جميعًا مغلظة؛ بناءً على أصلهما[9].

 

2- ومما اختلفوا فيه، الروْث مطلقًا، فعند أبي حنيفة: أن نجاسته مغلظة؛ لورود النص على نجاسته، وعدم المعارض عند الإمام؛ فقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى بالرَّوثة، وقال: ((هذا رجسٌ))[10]، وذلك حين أُتي له بحجرين وروْثة؛ ليستنجي بهما.

 

وعند الصاحبين أن نجاسته مخففة؛ لأن بعض الفقهاء كالمالكية قالوا بطهارتها، وهذا سبب خفة النجاسة عندهم، والواقع أن هذين الأصلين اللذين بنى الكرخيُ الخلافَ بين الإمام وصاحبيه عليهما، منتقضانِ من وجوه:

الوجه الأول: أنهم اتفقوا على أن خُرء الدجاج والبط الأهلي نجاستُه غليظة، مع أن فيه خلافًا بين الفقهاء؛ إذ يرى المالكية والحنابلة وزُفَر من الحنفية أن روْثَ وخُرء مأكولِ اللحم طاهرٌ [11]، فكان ينبغي أن تكونَ نجاسته خفيفةً عند الصاحبين.

 

الوجه الثاني: أن الصاحبين ذهبا إلى أن نجاسة الروث مخففةٌ من جميع الحيوان؛ استنادًا إلى أن الإمام مالكًا قد قال بطهارة الأرواث، والواقع أن المتتبع لمذهب الإمام مالك يراه لا يقول بطهارة الأرواث مطلقًا، بل بطهارة روْث مأكول اللحم فقط، وأما المحرَّمُ الأكلِ - كالحمار والخيل - فروثُه نجس.

 

وإذا لم تسلم روايةُ الكرخي على النحو المتقدم، فينبغي أن يكون ثمة أصلٌ آخر يُبنى عليه خلافُ أبي حنيفة وصاحبيه، وهو ما فعله فقهاءُ الحنفية حين أضافوا إلى الأصل السابق أصلاً آخر، هو عموم البلوى، فما لا ينطبق عليه الأصل الأول للقول بتخفيف النجاسة - يمكنُ أن ينطبق عليه الأصل الأخير.

 

فعلى ذلك يمكن تعليل خفة النجاسة في الأرواث على رأي الصاحبين، بأن مردَّ ذلك إلى الضرورة وعموم البلية؛ لكثرة الأرواث في الطرقات، وما عمت بليَّته، خفَّت قضيتُه، وعلى ذلك فإن عدم اعتبار خُرء الدجاج، والعذِرة للآدمي من النجاسة المغلظة - مردُّه إلى أن ذلك قلما يكون في الطُّرق، فلا تعم به البلوى، وبخلاف بول ما لا يؤكل لحمه؛ لأن ذلك تنشفه الأرض، فلا تكثر إصابتُه الخِفافَ أو النعال [12].

 

وأما أبو حنيفة، فيستدل على أن نجاسة الروث مطلقًا، هي نجاسة مغلظة بقوله - تعالى -: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ ﴾ [النحل: 66].

 

فقد جمع بين الفرث والدم؛ لكونهما نجسين، ثم بيَّن الأعجوبة للخلق في إخراج ما هو نهاية في الطهارة، من بين شيئين نجسين، والأعجوبة تكون بإخراج ما هو نهاية في الطهارة، من بين ما هو نهاية في النجاسة.

 

وأما قول الصاحبين بعموم البلوى؛ لكثرة ذلك في الطرقات، فيُرد عليه بأنها وإن كَثُرت في الطرقات، فالعيونُ تدركها، وبالتالي يمكن صيانةُ الخفاف والنعال عنها، قياسًا على بول ما لا يؤكل لحمه، فإن قيل: إن الأرض تنشف الأبوال، أجيب بأن الهواءَ ينشف الأرواث أيضًا، على أن الضرورةَ تندفع بالعفو عن القليل منها، فلا ضرورة بالتقدير بالكثير الفاحش[13].

 

حد القلة والكثرة عند الحنفية:

بيَّنا سابقًا أن القليل من نوعي النجاسة، معفو عنه عند الحنفية، غير أن القليل في النجاسة المغلظة يختلف عنه في الخفيفة، فالقليل الذي لا يضر في النجاسة الغليظة، هو ما كان قدرَ الدرهم الكبير فأقل؛ لما رُوي أن عمر - رضي الله عنه - عُدَّ مقدار ظفره من النجاسة معفوًّا عنه، وقد كان ظفره قريبًا من كفّنا، وهذا هو مقدار الدرهم الكبير.

 

هذا فضلاً عن أن الشارع قد عفا عن أثر النجاسة في موضع الاستنجاء، وهو يبلغ قدر الدِّرهم[14]، على أن اعتبار مساحة الدرهم هو المعتبرُ عند الحنفية في النجاسة المائعة كالبول ونحوه، وأما ما له جِرم من النجاسة - كالعذِرة ونحوها - فإن الاعتبار في نجاستها بالوزن، والقليل منها هو ما يكون بوزن مثقالٍ من ذهب[15].

 

هذا عن حد القلة والكثرة في النجاسة الغليظة، وأما الخفيفة، فقد اختلفت الرواية عندهم في حد القليل منها؛ ففي ظاهر الرواية أن ما يمنع الصلاةَ هو الكثيرُ الفاحش بدون تحديد، ورُوي عن أبي يوسف أنه قال سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - عن الكثير الفاحش، فكَرِه أن يحد فيه حدًّا، وقال: الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس، ويستكثرونه، ولكن المذهب عندهم، والذي عليه الفتوى، أن ما دون ربعِ الثوب قليل، وما فوقه كثير[16].

 

ثانيًا: مذهب غير الحنفية في العفو عن النجاسة في الثياب والبدن:

بيَّنا سابقًا أن الأئمة الثلاثة - مالكًا، والشافعي، وأحمد - يرون أن قليل النجاسة ككثيرها، فلا يُعفى عن شيء منها، اللهم إلا في مستثنيات قليلة رأوا الإعفاء عن قليلها، وسبب استثنائهم لها، ليس عمومُ البلوى كما يقول الحنفية، وإنما عدمُ إمكان الاحتراز عنها، أو عُسر الاحتراز، كما يقول المالكية، والشافعية، والحنابلة.

 

وذلك أن من القواعد المقررة: أن ما لا يمكن الاحترازُ عنه، فهو معفو عنه.

 

هذا، والفقهاء الثلاثة يختلفون حول بعض الفروع في هذا الباب؛ نظرًا لنظرة كل منهم إلى عُسر المشقة أو عدمها؛ ولذلك وجدنا الشافعية والحنابلة يضيِّقون في المستثنيات بخلاف المالكية؛ حيث عدَّ الإمام القَرافي تسع عشْرة صورة مندرجةً تحت ما يعفى عنه بسبب المشقة[17]، وسوف نسرد هذه النجاسات المعفوَّ عن قليلها عند الأئمة الثلاثة، مبينين ما اتفقوا عليه منها، وما اختلفوا فيه.

 

1- العفو عن محل الاستنجاء:

فقد عفا الشارعُ عن أثر النجاسة في المحل بعد الاستجمار، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء[18].

 

2- العفو عن قليل الدماء والقيح والصديد:

وهذا مذهب أكثرِ أهل العلم، منهم ابن عباس، وأبو هريرة، ومالك والشافعي في أحد قوليه، وأحمد، ولا فرق في ذلك بين سائر الدماء، ولو كانت من حيضٍ أو غيره، فالقليل من الدماء معفوٌّ عنه من سائر الحيوان، في رواية العفو عند الشافعية [19] والمعتمدِ عند المالكية[20]، غير أن الحنابلة اشترطوا أن يكون الدمُ من حيوان طاهر في حياته، وإلا فلا عفوَ، فلا يُعفى عن دم الكلب والخنزير ولو كان قليلاً [21].

 

ويرى بعضُ العلماء - كالشافعي في رواية ثانية، والحسن وغيرهما - أن قليلَ الدم وكثيرَه سواء، فلا يُعفى عن شيء منه.

 

واستدلوا بما رُوي عن ابن عمر، أنه كان ينصرف من الصلاة إذا خرج منه الدم ولو قليلاً [22].

 

والرأي الأول أرجح؛ لِما رُوي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "قد كان يكون لإحدانا الدرع[23]، فيه تحيض، وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرةً من دم، فتقصعها بريقها"[24]، وفي ذلك دلالة على العفو عن اليسير من الدم؛ لأن الريقَ لا يطهر به، بل ويتنجَّس به ظفُرها، ومثل هذا لا يخفى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصدُر إلا عن أمره.

 

وأما ما استدل به المخالفون من فعل ابن عمر، فقد رُوي عنه خلافه، فقد روي عنه أنه عصر بثْرة [25]، فخرج منها شيءٌ من دم وقيح، فمسحه بيده، وصلى ولم يتوضأ [26].

 

وإذا كان الراجح هو العفوَ عن قليل الدم والصديد والقيح، فما هو حدُّ القلة والكثرة إذًا؟

 

ظاهر مذهب الإمام أحمد: أن ذلك مردُّه إلى الشخص نفسه، فما فحُش في قلبه كان كثيرًا، وما لم يفحش كان قليلاً، وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - ونُقل عن أحمد أيضًا: أنه شبر في شبر، ونقل عنه: أنه مقدار كفٍّ، وقيل عنه: إنه موضع الدرهم، وهو بذلك يوافق الحنفية في حد القلة والكثرة في النجاسة المغلظة.

 

والمالكية يرون - كالحنفية - أن قدر الدرهم البغليِّ[27] فما دونه قليلٌ، وما زاد عنه فهو كثير.

 

وأما الشافعية، فعندهم أيضًا أنه قدر الكف، أو قدر الدينار، والأصح الرجوع إلى العادة، فما يقع التلطُّخ به غالبًا، ويعسر الاحتراز عنه، فقليل، وإلا فكثير [28].

 

والعفو عن اليسير من الدماء والقروح عند الشافعية، والمالكية، إنما هو في دم الأجنبي، وأما لو خرج من الإنسان نفسِه دون عصر، بأن سالت الدماميل أو القروح على بدنه أو ثيابه، فإنه يُعفى عن الكثير منها أيضًا، وكذا لو عصرها مضطرًّا، أو وضع عليها الدواء، فسالت [29]، ومن ذلك أيضًا ما إذا تلطخ سلاحُ المصلي بالدم في شدة صلاة الخوف [30].

 

3- العفو عن يسير دم البراغيث وأشباهه:

يرى معظم الفقهاء، أن دم البراغيث، والبق، والذباب، والبعوض، وغير ذلك مما لا نفس له سائلة - طاهرٌ؛ لأنه ليس له دم في الحقيقة، ولأنه وإن كان الدمُ الخارج منه منقولاً من إنسان أو حيوان، فهو ليس بدم مسفوحٍ حتى يقال بنجاسته، وممن ذهب إلى طهارته: أبو حنيفة، ومالك في إحدى الروايتين، وهو المنقول عن أحمد في إحدى الروايتين أيضًا.

 

وعند الشافعية أن دمَ البراغيث نجِس، لكن يُعفى عن يسيره، وهذا القول منقول عن الإمامين: مالك، وأحمد[31]؛ وذلك لأنهم يرَون نجاسة الدم مطلقًا، دون اشتراط كونه مسفوحًا، والعلة في العفو عن قليله، هو إجماعُ السلف، وتعذُّر التحرز منه.

 

وهل يعفى عن دم البراغيث إذا تفاحش ؟

ظاهر مذهب الإمام مالك أن الدماء كلَّها سواءٌ، فلا يعفى إلا عن القليل منها دون الكثير، وقد نُقل عنه قوله في دم البراغيث: "إذا كثُر وانتشر، فإني أرى أن يُغسلَ" [32].

 

وعند الشافعي في ذلك وجهان: أصحهما العفوُ عن الكثير أيضًا، ونُقل عن أحمد أنه قال في دم البراغيث إذا كثر: "إني لأفزع منه"، وهذا ليس بصريح في عدم العفو، بل هو دليلٌ على توقُّفه فيه؛ كما يقول ابن قدامة [33].

 

4- العفو عن يسير القيء والمني والمذي والودي:

رأينا سابقًا أن القيء إذا كان أقلَّ من ملء الفم، فليس بنجس عند الحنفية، وأما غيرهم، فقد اختلفوا في العفو عن القليل من كل ذلك.

 

فالشافعية يرون أن المني طاهر، فلا مجال إذًا للقول بالعفو عن قليله، وأما القيء، فيُعفى عن قليله وكثيره للمُبتلى به فقط[34].

 

وأما ما عدا ذلك من المذي والودي، فلم يُنقَل عنهم قولٌ في العفو عن شيء منه، وأما الإمام مالك، فعنده أن المني نجس، كغيره من الأشياء المذكورة، وفي العفو عن القليل منها، يبدو أن عنده روايتين: فقد نقل صاحبُ "أسهل المدارك" أنه يُعفى عن يسير كل نجس، ما عدا الأخبثين [35].

 

وذكر القرافي أن سبب القول بنجاسة المني والمذي والودْي، وكل رطوبة أو بلل من فرج المرأة؛ إما لأن أصل هذه الأشياء الدمُ، فيعفى عن القليل منه إذًا قياسًا على الدم، وإما لأنها تمر في مجرى البول، فلا يعفى عن القليل منها إذًا قياسًا على البول[36].

 

وأما الإمام أحمد، فقد اختلفت الرواية عنه في كل ما تقدم - على القول بنجاسة المني طبعًا - فقد نُقل عنه قوله في القيء: "هو عندي بمنزلة الدم"، ونُقل عنه في المذي أنه قال: "يغسل ما أصاب الثوبَ منه، إلا أن يكون يسيرًا"[37]، ورُوي عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وغيرهما مثلُ هذا القول في المذي، وأيضًا فإن المذي يخرج من الشباب كثيرًا، فيشقُّ التحرُّز منه، فيعفى عن يسيره كالدم [38].

 

5- العفو عما لا يدركه الطرف من النجاسة:

ومما يعفى عنه باتفاق الفقهاء: النجاسة التي لا يدركها الطرف؛ كنقطة خمر، أو بول يسيرة لا تبصَر لقلتها، وكذبابة، أو بعوضة تقع على نجاسة، ثم تطير عنها، فتقف على الثوب أو البدن أو الآنية؛ لأن هذا كله مما يشق الاحترازُ عنه [39].

 

6- طين الشوارع إذا عُلم اختلاطه بالنجاسة؛ كالرَّوث أو العذِرة، فإنه يعفى عن قليله دون كثيره عند الشافعية والمالكية، وسواء كان الطين بسبب مطر، أو رش، أو مستنقع.

 

ويشترط للعفو عند المالكية:

ألا تغلِب النجاسة على الطين[40]، وألا تصيب عينُ النجاسة غيرُ المختلطة بغيرها الإنسانَ، وإلا فلا عفو.

 

ولم ينقل عن الحنابلة قولٌ في العفو عن ذلك كله، وقد بينَّا سابقًا رأي الحنفية، والذي فيه أن الإمام محمد بن الحسن قد رأى العفو عن طين الشوارع المختلط بروث الحيوان مهما تفاحَش[41]، خلافًا لأبي حنيفة الذي يرى أن نجاسة الروث مغلَّظة، فلا يعفى إلا عن القليل منها [42].

 

وهل يعفى عن شيء من ذلك بعد جفاف الطريق؟

مذهب مالك أنه لا عفو في هذه الحالة، بل يجب غسل الخِفاف والنعال إن أصابتها نجاسة، وهذا قول الشافعي في الجديد، وأحمد في رواية، ومحمد بن الحسن.

 

ومذهب أبي حنيفة، والشافعي في القديم، وأحمد في إحدى الروايات، أنها تطهر بتدليكها في الأرض، وتباح الصلاة فيها؛ لِما رُوي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا وطئ أحدُكم الأذى بخفَّيه، فطهورهما التراب))[43]، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يصلُّون في نعالهم؛ فقد سئل أنس بن مالك: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي في نعليه ؟ قال: نعم" [44].

 

واشترط الشافعية للعفو في هذه الحالة ثلاثة شروط:

أحدها: أن يكون للنجاسة جِرم يلتصق به، وأما البول ونحوه، فلا يكفي دلكُه بحال.

 

والثاني: أن يدلكَه في حال الجفاف.

 

والثالث: أن يكون حصول النجاسة بالمشي من غير تعمُّد[45].

 

وعند الحنابلة قول ثالث: أنه يجب الغسل من البول والعذِرة دون غيرهما؛ لتغلُّظ نجاستها وفُحشهما[46].

 

وحجة من قال بعدم العفو عن نجاسة الخف بالدلك، أن الدلكَ لا يُزيل جميع أجزاء النجاسة، والراجح الأول، اتباعًا للسنة الصحيحة في ذلك.

 

7- يعفى عند المالكية عن كل نجاسة، تُلازم آحاد الناس دون عامتهم، ويشق عليهم الاحتراز عنها، ويكون العفو لهذه الفئة فقط دون غيرها، وفي الصلاة ودخول المسجد فقط دون الطعام والشراب، ومن صور ذلك[47]:

الصورة الأولى: مَن به سلَس بول، أو مذْي، أو ودي، بحيث تسيل منه هذه الأحداث بنفسها كل يوم، ولو مرة، فإنه يعفى عن النجاسة في ثيابه، وبدنه، ومكان سجوده، ولا يجب عليه الغسل، إذا لم يكن مفيدًا، بأن كان يصيبَه النجس ثانيًا وثالثًا.

 

ومن ذلك أيضًا: سيلان الدم على ثوب المستحاضة، بعد نفاذه من الحشر واللجام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش لما قالت: يا رسول الله، إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدَع الصلاة ؟ قال: ((لا، إنما ذلكِ عرقٌ، وليس بالحيضة، اجتنبي الصلاة أيام محيضِك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاةٍ، وإن قطر الدمُ على الحصير))[48].

 

والثانية: مَن به بواسير، فأصاب الثوبَ منها بللٌ، أو كان مبتلًى بخروج أمعائه، حتى يصيب ثيابَه منها البللُ، فإنه يعفى عن ذلك كلِّه، ولا يجب الغسل.

 

والثالثة: ثوب المرضعة يصيبه بول أو غائط من الصبي، فإنه يعفى عنه، إذا كانت تجتهد في درء النجاسة عنها حال نزولها، بخلاف المفرِّطة في الاحتراز من النجاسة، فلا يعفى عنها.

 

الرابعة: الجزار، والطبيب، إن أصاب ثوبَ أيٍّ منهم الدمُ بعد اجتهاده في درء النجاسة كالمرضعة، فإنه يعفى عنهم في ذلك، وينطبق ذلك أيضًا على مربِّي الماشية الذي يباشر ذلك بالرعي، أو العلف، أو الربط، إذا أصابه منها روثٌ، أو بول، وسواء كانت الدواب مما يؤكَل كبهيمة الأنعام، أو مما لا يؤكل كالحمير، وكذلك يعفى عن ذلك للغازي الذي يباشر الدواب والخيل؛ لأن المشقة حاصلةٌ في ذلك كله [49].

 

غير أنه يندب في حق كل من تقدم، أن يتخذ ثوبًا يصلي فيه؛ ليقفَ بين يدى ربه على طهارة تامة [50].

 

وهل يجوز لأصحاب الأعذار هؤلاء أن يَؤمُّوا غيرهم ؟

للمالكية في ذلك قولان:

الأول: تصح إمامتُهم؛ لأن صلاتهم صحيحة، والمأموم مرتبط بهم.

والثاني: لا تصح؛ لأن سبب العفو الضرورةُ، ولم يوجد في حق الغير [51].

 

8- من جَبر عظامه بعظم نجس، ولم يجد طاهرًا يقوم مقامه، فهو معذور، ويعفى عنه ذلك، فإن لم يكن محتاجًا إلى ذلك العظم، أو وجد طاهرًا يقوم مقامه، وجب عليه نزعُه في الحال إن لم يَخفِ الهلاكَ، ولا تلَفَ العضو، فإن لم يفعل، لم يصح صلاتُه معه[52].

 

الخلاصة والترجيح:

نخلص من كل ما تقدم إلى: أن العلماء ينقسمون في مسألة العفو عن النجاسة إلى فريقين:

الفريق الأول: وهم الحنفية، ويرون أن العفو عن قليل النجاسة مطلق؛ لعموم البلوى والضرورة، غير أنهم تشددوا في النجاسة المغلَّظة عن المخففة، واكتفَوا بالعفو عن مقدار الكف في المغلظة، وعفوا عن ربع الثوب في غيرها.

 

وأما غيرهم، فقد رأيناهم لا يفرقون بين النجاسة القليلة والكبيرة، إلا إذا عسر على المرء الاحترازُ عنها، وقد توسع المالكية في هذا الباب، فعفَوا لكل ذي مهنة، عما يصيبه من النجاسات بسبب مهنته.

 

والواقع أن القول بالعفو عن قليل النجاسة كما يقول الحنفية مطلقًا، يمكن أن يندرج تحته كلُّ هذه الاستثناءات، ويكون تقرير هذه الاستثناءات عند غير الحنفية، هدًى لرأيهم في عدم العفو مطلقًا؛ لأنه إذا كانت المشقةُ تحصل في قدر الدرهم من الدم، وهو محرَّم بنص قاطع، فإنها تحصل بهذا المقدار من البول أو الرَّوث أو العذِرة من باب أولى.

 

على أني أرى أن قول الحنفية في التفريق بين المغلظة والمخففة في المقدار، تحكُّمٌ لا دليل عليه؛ لأن الشرع أمَر بالتطهر من النجاسة مطلقًا دون تَفرقة، وأرى أن قدر الكف هو المعيار الذي يجب القولُ به في النوعين معًا؛ حيث لا مشقة فيما وراءه، اللهم إلا في حالات قليلة تستدعي التخفيف، كطين الشوارع، أو المرضعة، أو مربِّي الماشية، أو صاحب سلس البول، أو المستحاضة أو من يشبههم.

 

ثالثًا: العفو عن قليل النجاسة في مكان الصلاة:

المصلي لا يخلو؛ إما أن يكونَ يصلي على الأرض، أو على البساط:

أ- فإن كان يصلي على الأرض، وكان موضع صلاته طاهرًا، ولكن بالقرب منه نجاسة، فإن صلاته تصح؛ لأن الشرط هو طهارةُ المكان، وقد وجد، لكن ينبغي له أن يبتعد عن النجاسة ما أمكن؛ تعظيمًا لأمر الصلاة.

 

وإن كانت النجاسة في مكان الصلاة، فالقليل منها معفو عنه عند الحنفية[53]؛ لأنهم يرون العفو عن القليل من النجاسة؛ سواء كانت في الثوب أو في البدن، أو في المكان، وفيما عدا ما قال به الحنفية في حالة قلة النجاسة، يقسِّم الفقهاءُ النجاسةَ الموجودة في مكان الصلاة إلى قسمين:

القسم الأول: نجاسة لا تمس أعضاء المصلي، في حال القيام، أو الركوع، أو السجود كنجاسة الجزء المحاذي لصدره، وما بين رُكبتيه، أو موضع السجود للمومئ، أو ما بين الخطوات لمن صلى ماشيًا، فهذا كله لا يفسد الصلاة.

 

فإن كان الذي يمس موضع النجاسة هو ما يلبسه المصلي من ثياب ونحوه، فإن الصلاة تفسد عند عامة العلماء؛ سواء تحرَّك هذا الذي يلبسه المصلي بحركته في قيامه وقعوده، كذنابة العمامة، أو لم يتحرك كطرف عمامته الطويل، أو كمه الطويل المتصل بنجاسة.

 

وعند الحنفية أن الصلاةَ لا تجوز في الحالة الأولى، وتجوز في الحالة الثانية؛ وذلك لأن الطرفَ النجس من العمامة، إذا كان يتحرك بحركة المصلي، فإنه يصير حاملاً للنجاسة، مستعملاً لها، بخلاف ما لم يتحرك[54]، وعندهم أنه يصير حاملاً للنجاسة في الحالين[55].

 

القسم الثاني: نجاسة تمس المصلي في ركوعه، أو سجوده، وهذه يختلف حكمُها بحسب موضعها من المصلي عند الحنفية:

فإن كانت في موضع اليدين والركبتين، فإن الصلاةَ تصح عند أبي حنيفة وصاحبيه، خلافًا لزُفَر ومالك، والشافعي، وأحمد[56].

 

وحجة الحنفية في ذلك:

أن وضع اليدين والركبتين على الأرض أثناء السجود، ليس بركنٍ عندهم؛ ولهذا لو أمكنه السجودُ بدون الوضع بجزئه، فيجعل كأنه لم يضع أصلاً.

 

وأما غير الحنفية، فعندهم أن وضع اليدين والركبتين على الأرض عند السجود ركنٌ، فيكون قد أدى ركنًا من أركان الصلاة مع النجاسة، فلا يجوز.

 

وإن كانت النجاسةُ في موضع القدمين: فإن قام عليها وافتتح الصلاة، لم تجُز؛ لأن القيام ركن، فلا يصح بدون الطهارة، فصار كما افتتح الصلاة بدون طهارة الثوب، أو البدن.

 

وأما لو افتتح الصلاةَ على مكان طاهر، ثم تحول إلى مكان النجاسة، وقام عليها أو قعد، فعند الحنفية، أنه إن مكث قليلاً لا تفسد صلاته، وإن أطال القيام فسدت؛ لأن القيام في ذاته ركنٌ من أركان الصلاة، وهو لا يصح بدون طهارة، فإذا قام على مكان غير طاهر، لا يكون متلبِّسًا بفعل من أفعال الصلاة؛ لعدم الطهارة، والمصلي إذا أدخل في الصلاة فعلاً ليس من أفعالها، فإن الصلاة لا تفسد إذا كان قليلاً، وتفسد إذا كان كثيرًا [57].

 

وعند غير الحنفية أن الصلاة تفسد في كل ما تقدم؛ لأن الشرط ألا تمس النجاسةُ بدن المصلي، أو ثيابَه، فإذا حدث ذلك، فسدت صلاته.

 

وإن كانت النجاسة في موضع السجود، فالصلاة فاسدة عند عامة العلماء من المالكية والشافعية، والحنابلة، وهو ظاهر مذهب الحنفية في رواية محمد عن أبي حنيفة، وفي رواية أبي يوسف أنها جائزة؛ لأن الفرض في السجود عنده يتأذى بمقدار أرنبة الأنف؛ إذ إن السجود على الجبهة على التعيين، ليس بفرض عنده، وإذا كان الأمر كذلك، فإن أرنبةَ الأنف أقل من قدر الدرهم المعفو عنه.

 

ووجه ظاهر الرواية عند الحنفية:

أن الفرض، وإن كان يتحقق بمقدار أرنبة الأنف، إلا أنه لو وضع جبهتَه مع أرنبة أنفه وقع الكل فرضًا، وفي هذه الحالة يكون المجموع أكثر من قدر الدرهم [58].

 

ورأي الجمهور في ذلك هو الراجح؛ لأن طهارةَ المكان شرط، ولا فرق في ذلك بين موضع وموضع.

 

ب- وأما إن كان يصلي على بساط، فإن كانت النجاسةُ في موضع صلاته، فحكمه حكم الصلاة على الأرض في كل ما قدمناه.

 

وأما إن كانت النجاسة على طرَف من أطرافه، أو كان تحت قدمه حبل مشدود بنجاسة، وما يصلي عليه طاهر، فصلاته صحيحة عند عامة الفقهاء؛ سواء تحرَّك الجزء النجس بحركة المصلي، أم لم يتحرك؛ لأنه لا يكون والحالة هذه مصليًا على نجاسة، أو حاملاً لها، وإنما اتصل مصلاه بها، فأشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة [59].

 

وأما إن كان البساطُ أو الحبل الذي تحت قدمه، متعلقًا به، بحيث ينجرُّ معه إذا مشى كما لو كان طرف الثوب على كتفه، والطرف الآخر مفروشًا على الأرض، لم تصحَّ صلاته؛ لأنه يعتبر كالحامل للنجاسة [60]، ونفس الحكم في حالة ما لو صلى وفي يده أو وسطه حبلٌ مشدود في نجاسة، أو حيوان نجس ككلب مثلاً، أو سفينة صغيرة فيها نجاسة، تنجر معه إذا مشى؛ حيث تفسد صلاتُه في ذلك كله [61].

 

ولو كان على مكان صلاته نجاسة، فسترها بساتر كثيفٍ طاهر، صحت صلاته عند الجميع؛ لأن الشرط هو عدم مماسة بدنه لنجاسة، ولم تحدث هذه المماسة [62].

 

ولو صلى على ثوب مبطن، ظهارته طاهرة، وبطانته نجسة، فعند الحنفية في ذلك روايتان:

الأولى: أن الصلاة تجوز، وهي رواية عن محمد.

والثانية: لا تجوز، وهي رواية عن أبي يوسف [63].



[1] راجع تفصيل ذلك في بحث لنا بعنوان: "أحكام المياه في الفقه الإسلامي" ص 81 وما بعدها.

[2] الذخيرة 1/ 189.

[3] بدائع الصنائع 1/ 80.

[4] شرح العناية مع فتح القدير 1/ 140.

[5] رواه الدارقطني؛ انظر: نيل الأوطار 1/ 93.

[6] المغني والشرح الكبير 1/ 724.

[7] بدائع الصنائع 1/ 81.

[8] يلاحظ أن بول ما يؤكل لحمه طاهرٌ عند محمد، فلا محل عنده للقول بالتخفيف أو التغليظ.

[9] فتح القدير 1/ 140 - 141، بدائع الصنائع 1/ 61.

[10] رواه البخاري حديث رقم 156.

[11] اللهم إلا إذا كانوا يقصِدون بذلك: الدجاج والبط الذي يأكل النجاسات، ولكنا قد وجدنا لهم تعليلاً آخر خلاف هذا، وهو أن خُرء الدجاج والبط نجاسته مغلظة؛ لأنه يشبه عذِرة الآدمي، من ناحية كونه مستقذرًا؛ لتغيُّره إلى نتن، وفساد رائحة؛ بدائع الصنائع 1/ 62.

[12] وقد رُوي عن محمد - رحمه الله - أن الروث لا يمنع جوازَ الصلاة، وإن كان كثيرًا فاحشًا، وقد كانت هذه آخرَ أقاويله، حين كان بالرَّيِّ، فرأى الطرق والخانات مملوءةً من الأرواث، وللناس فيها بلوى عظيمة؛ الهداية مع فتح القدير 1/ 143، بدائع الصنائع 1/ 81.

[13] المرجع السابق.

[14] بدائع الصنائع 1/ 80.

[15] اللباب 1/ 52، تحفة الفقهاء 2/ 64.

[16] واختلف مشايخ الحنفية في تفسير الرُّبع، قال بعضهم: هو ربع جميع الثوب والبدن، وقيل: ربع كل عضو أو طرَف أصابته النجاسة، من اليد أو الرجل أو الكم، والثاني: هو الأصح عند أكثرهم؛ مجمع الأنهر 1/ 63.

[17] الذخيرة 1/ 189.

[18] وهل يُعفى عن العَرَق المتولِّد من محل الاستجمار ؟

في ذلك روايتان عند الشافعية والحنابلة: إحداهما بالعفو؛ فقد نُقل عن أحمد أنه قال في المستجمِر يعرق في سراويله، لا بأس به، والرواية الثانية: أنه ينجس؛ روضة الطالبين 1/ 384، المغني والشرح الكبير 1/ 728.

[19] الحاوي الكبير 1/ 295.

[20] بلغة السالك 1/ 30، وهذا هو المنقول عن الإمام مالك في المدونة؛ الذخيرة 1/ 189.

[21] دليل الطالب ص 21، المغني والشرح الكبير 1/ 727.

[22] المرجع السابق 1/ 725.

[23] الدرع: القميص.

[24] رواه البخاري، حديث رقم 312.

[25] البثرة: خرَّاج صغير؛ مغني المحتاج 1/ 193.

[26] المغني والشرح الكبير 1/ 725، وعند المالكية قولان في القيح والصديد، الأول: أنهما كالدم يُعفى عن القليل منهما، والثاني: أنهما كالبول، لا يعفى عن شيءٍ منهما؛ القوانين الفقهية ص 27.

[27] سمِّي بالبغلي؛ نسبة إلى الدائرة السوداء الكائنة في ذراع البغل؛ الشرح الصغير على هامش بلغة السالك 1/ 30.

[28] روضة الطالبين 1/ 386، مغني المحتاج 1/ 193.

[29] ومحل العفو يكون عند دوام السيلان، وعدم انضباطه وتكوره يوميًّا، فإن انضبط أو أتى يومًا ولم يأتِ آخر، فلا عفو إلا عن القليل منه؛ بلغة السالك 1/ 31، عمدة السالك ص 64.

[30] روضة الطالبين 1/ 388.

[31] مذهب مالك وأحمد: العفو عن قليل الدم مطلقًا، خلافًا للشافعي في أحد القولين؛ الحاوي 1/ 295، أسهل المدارك 1/ 269، المغني والشرح الكبير 1/ 725.

[32] وهذا طبعًا على رواية النجاسة عنده، وأما على رواية الطهارة، فإنَّ الكثير منها لا يؤثر، غير أنه يندب غسلُ دم البراغيث إذا تفاحش، وهكذا في كل ما عُفي عن كثيره عندهم؛ بلغة السالك مع الشرح الصغير 1/ 32.

[33] المغني والشرح الكبير 1/ 727.

[34] نهاية المحتاج 1/ 240.

[35] أسهل المدارك 1/ 269.

[36] الذخيرة 1/ 178.

[37] المغني والشرح الكبير 1/ 727، ورجَّح ابن مفلح عدم العفو عن شيء من ذلك؛ الفروع 1/ 256.

[38] وروي عن أحمد أيضًا، أنه يعفى عن ريق البغل والحمار وعرقهما، إذا كان يسيرًا، وأضاف بعض الحنابلة إلى ذلك كلَّ سباع البهائم، عدا الكلب والخنزير؛ المغني والشرح الكبير 1/ 728، المقنع 1/ 83.

[39] ومما يعفى عن يسيره أيضًا لمشقة الاحتراز عند الشافعية: الشعرُ الواقع من الحيوان الحي أو الميت في الآنية، أو على الثياب، وكذا شعر الآدمي الحي أو الميت على القول بنجاسته؛ روضة الطالبين 1/ 153، 388.

[40] وسواء عُلم غلبة النجاسة باليقين، أو بغلبة الظن؛ وذلك كنزول المطر على مطرح النجاسة؛ بلغة السالك 1/ 31، الذخيرة 1/ 191.

[41] ولا يجب حَتُّ ذلك النعلِ أو الخف عنده من الروث، بخلاف العذرة؛ حيث يجب الدَّلك؛ فتح القدير 1/ 142.

[42] ورد الإمامُ قول محمد بأن الضرورة بالنسبة للروث إنما هي في النعال، وقد اختصت بالتخفيف مرة، بالحكم عليها بالطهارة بالدَّلك، ولا يخفف في نجاستها ثانيًا؛ فتح القدير 1/ 131.

[43] رواه أبو داود، حديث رقم 385.

[44] متفق عليه؛ راجع: البخاري - كتاب الصلاة - باب الصلاة في النعال، مسلم: كتاب الصلاة، باب جواز الصلاة في النعلين.

[45] وبالشرطين الأولين قال أبو حنيفة وأبو يوسف، وبعض الحنابلة، وهو الراجح؛ لأن الرَّطْب لا يزول بالدلك؛ بدائع الصنائع 1/ 84، روضة الطالبين 1/ 385، المغني والشرح الكبير 1/ 729، وفي القول بطهارة الخف والنعل بالدَّلك، قولان عند الحنابلة، أظهرهما: الطهارة؛ المغني والشرح الكبير 1/ 729.

[46] المرجع السابق.

[47] بلغة السالك 1/ 29، أسهل المدارك 1/ 269، ويتفق بقية الفقهاء مع المالكية في العفو عن أصحاب الأعذار القهرية، كمن به سلس أو قيء متكرر، أو جرح يسيل، أو استحاضة إذا كان ذلك ملازمًا له، بخلاف نحو المرضعة أو الجزار، والفرق عندهم أن خروج النجس هنا ليس باختيار منه، بخلاف الجزار أو المرضعة وغيرهما؛ نهاية المحتاج 1/ 240، 337، اللباب 1/ 46، المغني 1/ 354، المبسوط 1/ 85.

[48] رواه ابن ماجه - كتاب الطهارة - حديث رقم 624.

[49] الذخيرة 1/ 191، بلغة السالك 1/ 30.

[50] المرجع السابق.

[51] الذخيرة 1/ 191.

[52] روضة الطالبين 1/380، المغني 1/729.

[53] بدائع الصنائع 1/ 82.

[54] المرجع السابق، فتح القدير 1/ 133.

[55] مغني المحتاج 1/ 190، روضة الطالبين 1/ 380، بلغة السالك 1/26، المغني والشرح الكبير 1/ 714.

[56] بدائع الصنائع 1/82، بلغة السالك 1/26، مغني المحتاج 1/ 190.

[57] بدائع الصنائع 1/ 82.

[58] المرجع السابق، ويبدو أن التوفيقَ بين الروايتين عند الحنفية ممكن، بالقول بأن رواية أبي يوسف بالجواز مشروطةٌ بعدم وضعه للأعضاء على مكان النجاسة، كأن يرفع إحدى قدميه، أو يضع جزءًا من الوجه، فأما لو وضع جميع الأعضاء على الأرض، فإن صلاته تفسد؛ فتح القدير 1/ 133.

[59] فرَّق بعض الحنفية بين كون البساط كبيرًا، وبين كونه صغيرًا، فإن كان كبيرًا، بحيث لو رُفع منه طرف، ولم يتحرك الطرفُ الآخر، يجوز، وإلا فلا، والصحيح عدم التفرقة؛ بدائع الصنائع 1/ 83، فتح القدير 1/ 133، وعند بعض الحنابلة أن الطرَف النجس إذا تحرك بحركة المصلي، لم تصح الصلاة، والصحيحُ عدم الفرق؛ المغني والشرح الكبير 1/ 716، وراجع: أسهل المدارك 1/ 268، روضة الطالبين 1/ 380.

[60] فتح القدير 1/ 133، المغني والشرح الكبير 1/ 716.

[61] وعند الشافعية في ذلك ثلاثة أوجه؛ روضة الطالبين 1/ 80.

[62] ولو كان الساتر مهلهلاً، فإن حصلت مماسة النجاسة من الفرج المخرقة، بطلت صلاته؛ مغني المحتاج 1/ 190.

[63] وقيل في التوفيق بين الروايتين: إن قولَ محمد فيما إذا كان مخيطًا غير مضرب، فيكون بمنزلة ثوبين، والأعلى منهما طاهر، وقول أبي يوسف فيما لو كان مخيطًا مضربًا، فيكون بمنزلة ثوب واحد؛ بدائع الصنائع 1/ 83.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقدمة في النجاسات وما يطهرها في الفقه الإسلامي
  • أنواع النجاسات
  • العفو عن النجاسة للعجز أو العذر
  • خفاء النجاسة
  • في تطهير الأعيان النجسة
  • تعريف النجاسة
  • العفو في معيار الإسلام
  • الماء الكثير إذا غيرته النجاسة
  • إزالة النجاسة ( من المرتع المشبع ) (1)
  • العفو عن الناس
  • العفو عند المقدرة وبخاصة في الدماء (خطبة)
  • فضل العفو عن القاتل والجاني والظالم

مختارات من الشبكة

  • العفو العام والعفو الخاص(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج حديث: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني))(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • من آثار الإيمان باسم الله تعالى العفو (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شم الرياحين في فضل عفو الله الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلق العفو في حروبه صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العفو والتسامح فضيلة ومكرمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تركمانستان: عفو رئاسي عن 1071 سجينا بمناسبة ليلة القدر(مقالة - المسلمون في العالم)
  • العفو في الحوار(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- استدراك
سلطان - اليمن 02-11-2014 01:08 PM

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله .. جزاكم الله خير الجزاء على هذا البحث الرائع ولكن لدي إشكال
من المعروف عند الشافعية أن الاستنجاء من الخارج إذا لم يكن ملوث على التراخي وليس على الفور إلا إذا حان وقت الصلاة فيجب الاستنجاء . الإشكال في حديث.. الذي يعذب في قبره بسبب أنه لم يستبرئ من بوله .
حيث نجد أن الشافعية يستدلون به على حرمة بقاء النجاسة بينما يقولون بالاستنجاء على التراخي فكيف تخرج هذه المسألة ؟؟
وجزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب