• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفة معبرة مع تقويم الهجرة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير سورة الناس
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    حديث: إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق، ولا ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    رؤيا فسرها المنام وصدقها الواقع
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    قصة موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من مائدة الحديث: وصايا نبوية نافعة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الإمام الحافظ أبو علي الغساني الجياني (ت 498 هـ) ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    عام مضى وصوم عاشورا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    الاستعداد ليوم الرحيل (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    على المحجة البيضاء (خطبة)
    حمدي بن حسن الربيعي
  •  
    خطبة: محدثات نهاية العام وبدايته
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    المغنم بصيام عاشوراء والمحرم (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة المسكرات والمفترات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تفسير: (وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: الهجرة النبوية دروس وعبر
    مطيع الظفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تأملات في آيات من القرآن الكريم (4)

تأملات في آيات من القرآن الكريم (4)
أ. د. أحمد محمد عبدالدايم عبدالله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2012 ميلادي - 22/7/1433 هجري

الزيارات: 12869

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأملات في آيات من القرآن الكريم (4)


15- قال تعالى:

﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 56 - 57].

 

سبحانك ربَّنا، أرْشَدتنا إلى الحقِّ، وقولك الحق، وأنت أصدقُ القائلين، تقول مخاطبًا نبيَّك وحبيبَك محمدًا: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾؛ أي: ليس أمر الهداية بيدك، عليك أن تُنذر، وعليك أن تُذَكِّر، وعليك أن تدعو إلى الله، والله - سبحانه - يهدي إلى الإيمان مَن يشاء وهو أعلمُ بالمُهتدين.

 

لقد قال تعالى في موضع آخر يؤكِّد هذا المعنى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103]، وقال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

 

وهكذا يُسَرِّي الله عن نبيِّه حُزنَه على مَن لَم يؤمن به، وخصوصًا حُزنه على عدم إيمان عمِّه أبي طالب؛ فقد ثبَت في الصحيحين أن آيتَي القَصص نَزَلتا في أبي طالب لَمَّا حضَرته الوفاة؛ حيث دعاه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى الإيمان والدخول في الإسلام، فاستمرَّ على كُفره، ولله الحِكمة البالغة في ذلك!

 

ولقد احتجَّ الكفار على عدم اتِّباعهم الهدى مع الرسول، بخشيتهم أن يَلحقهم الكفار حولهم بالأذى والمُحاربة، أو يتخطَّفوهم من أرضهم، لقد كذَبوا والله، وما هذا بعُذرٍ، إنه عذر أقبحُ من ذنبٍ، وبيَّن الله أنَّ ما اعتذَروا به كذبٌ وباطل؛ لأن الله مكَّن لهم حرَمًا آمِنًا، كيف يكون آمنًا لهم في كُفرهم، ولا يكون آمِنًا لهم في حالة إيمانهم؟!

 

نعم إنه حرَمٌ آمِنٌ بمعنى مأمون، ومَن دخَله كان آمنًا، ورِزَقه مكفول؛ ﴿ يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [القصص: 57].

تجد فيه من سائر الثمرات، ومن كلِّ جهات الأرض، واستعمَل الحقُّ الفعل: ﴿ يُجْبَى ﴾ ولَم يقل: يُحمل، أو يُؤْتَى؛ لأن الجباية تكون قسرًا، بمعنى أنَّ الثمار تُجبَى إلى الحرَم؛ رَضِي المشركون أو لَم يرضوا؛ لأن هذه إرادة الله، وبهذا تميَّز الحرم عن غيره، ﴿ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا ﴾؛ أي: من عندنا، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾؛ ولهذا يقولون ما قالوا، والله أعلم.

 

16- قال تعالى:

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 71 - 72].

 

ما زالت أدلة وجود الله تَتْرى، وكذا أدلة قُدرته.

 

كلها تدلُّ على أنه الواحد الأحد المُتفرِّد، لا إله إلا هو الواحد الصمد، يَضرب لنا الأمثال؛ لعلَّنا نتدبَّر ونَعقِل.

 

ومن ذلك اختلاف الليل والنهار وتعاقُبهما، وما فيهما من قُدرة بالغة وفضلٍ عظيم.

 

ما بالك إن جعَل الله الليل سرمدًا إلى يوم القيامة - وهو قادرٌ على ذلك - هل ترى من يستطيع أن يُغيِّر ويأتي بضياء يُزيل ظُلمة الليل؟

 

والسرمد في لسان العرب: دوام الزمان من ليلٍ أو نهار، وليل سرمد: طويل دائمٌ لا يَنقطع، وكذلك الأمر إن جعَل الله النهار مُمتدًّا لآخر الزمان، مَن غيره يأتينا بليلٍ نستريح فيه من العَناء والمَشقَّة، وكيف يكون حالنا لو عِشنا نهارًا طويلاً لا يَعقبه ليلٌ؟!

 

وحِكمة القرآن وبلاغته تتجلَّى في اختيار لفظ: ﴿ تَسْمَعُونَ ﴾، في قوله تعالى: ﴿ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴾؛ حيث اختار السمع مع الليل الذي تَصعب الرؤية فيه، واختياره لفظ: ﴿ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ مع النهار؛ حيث يُتيح ضياؤه لنا رؤية جيدة، تستخدم فيها الأبصار والعيون.

 

إن في خَلْق الله الليلَ والنهار وتعاقبهما رحمةً من الله بنا؛ حتى نبتغي من فضل الله نهارًا، ونستريح من عَناء ذلك ليلاً، وإلاَّ شَقَّ علينا الأمر.

 

أفلا نتدبَّر؟ أفلا نُبصر؟ أفلا نشكر صاحب النِّعم القادر الحق؟

 

قال تعالى: ﴿ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [القصص: 73].

 

أحمدُك ربي وأشكرك، وأُثني عليك بما أنت أهله.

 

17- قال تعالى:

﴿ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 1 - 5].

 

نزَلت هذه الآيات الكريمة حين غلب الفرسُ الرومَ، وهي نوع من التحدِّي القاهر للكفَّار، الذين فَرِحوا بنصر المشركين على الروم أهل الكتاب، والتحدي هنا ظاهر واضحٌ؛ حيث أنزَل الله الآيات في قرآن يُتلى على ألْسِنة المؤمنين، ويَسمعه الكافرون، ولا يُمكن أن يكون هذا القرآن من بشر؛ إذ كيف يتحدَّى بحدثٍ لَم يحدث؟

 

بل إنه حدَّد وقت النصر على الفرس ببضع سنين، وهو عدد أقلُّ من عشرة؛ لذلك فهو تحدٍّ قاهر بحدثه وزمانه، ولا يكون هذا إلاَّ من إله قادرٍ عالِم، لا يحدُّه زمان ولا يُعجزه مكان، فهل كان هؤلاء القوم من الكفار مُغَيَّبين؟ كيف يُغامر محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بدعوته وسُمعته ويُعلن هذا، إن لَم يكن هذا وحيًا يُوحى من عزيز مُقتدر؟!

 

وفي حديثٍ عن ابن مسعود: "لَمَّا نزَلت ﴿ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ... ﴾ الآيات، قالوا - أي: الكفار -: يا أبا بكر، إنَّ صاحبك يقول: إنَّ الروم تظهر على فارس في بضع سنين، قال: صَدَق، قالوا: هل لك أن نُقامرك، فبايَعوه على أربع قلائص إلى سبع سنين، فمضَت السبع ولَم يكن شيء، ففَرِح المشركون بذلك، فشقَّ على المسلمين، فذَكروا ذلك للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((ما بضع سنين عندكم؟))، قالوا: دون العشر، قال: ((اذهب فزَايدْهم وازْدَد سنتين في الأجَل))، قال: فما مَضت السنتان حتى جاءَت الرُّكبان بظهور الروم على فارس، ففَرِح المؤمنون بذلك"؛ أخرَجه ابن جرير.

 

الويل لكم أيها المشركون، بل الويل والثبور، وبعد ذلك أفلا تَستحون؟!


أمَّا ﴿ الم ﴾ التي في أوَّل السورة، فأعدل الآراء فيها أنها حروف مُقَطَّعة يَعلم الله سرَّها، أو هي قسَمٌ يُقسِم به المولى - عزَّ وجلَّ - أو هي تَحدٍّ للمشركين بأن هذا القرآن مؤلَّف من هذه الحروف التي تكتبون بها، ومع ذلك لا تستطيعون المجيء بمثله.

 

واعْلَم أنَّ كلمتَي ﴿ قَبْلُ ﴾ و﴿ بَعْدُ ﴾ مَبنيَّتان على الضم في محلِّ جرٍّ؛ لأنهما إذا جُرِّدتا من الإضافة بُنيتا على الضم، وليست الضمة هنا علامة رفعٍ.

 

﴿ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ﴾، والله ينصر مَن يشاء بنصره، وهو ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ القوي الذي سينصر المؤمنين على الفرس والروم كلاهما بعد ذلك، وهو ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بعباده المؤمنين.

 

18- قال تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُم ﴾ [الروم: 22].


تعدَّدت الآيات التي يَضربها الله - سبحانه وتعالى - للناس؛ للتدليل على قدرته وعَظَمته، وتفرُّده بالألوهيَّة، ولكن هل يتدبَّرها الناس؟ هل يَعقلها المنكرون؟

 

إنَّ في ذلك لآيات لأُولِي الألباب.

 

سبحانك ربي وهَبْتَنا جميعًا ألبابًا وعقولاً، وجَعَلتها حجَّة علينا، ومع ذلك هل نستخدم ألبابَنا وعقولنا لنهتدي إليك ونعتصم بك؟

 

ومع أنَّ الأدلة واضحة لا تَخفى على ذَوِي الأبصار، إلاَّ أنها عَمِيت وضَلَّت ضلالاً بعيدًا.

 

في تلك الآيات الدالة على ربوبيَّة الله وتفرُّده بالوحدانيَّة، خلق السموات والأرض؛ ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11].

 

لو اجتمَع الخَلق جميعًا، وكان بعضهم لبعض ظهيرًا، ما خَلَقوا ذبابة، ولو أخَذ الذباب منهم شيئًا، ما استطاعوا له ردًّا.

 

قال تعالى في تحدٍّ واضحٍ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج: 73].


أفلا يؤمنون، وعن غيِّهم يرجعون؟


ومن آيات الله على قُدرته بالألوهيَّة: اختلاف ألْسِنة البشر، فعلى الرغم من أنهم جميعًا من أب واحدٍ وأم واحدة - وكان الله قادرًا على أن يجعلَ لهم لغة واحدة، أو حتى لا يَنطقوا كغيرهم من خَلْق الله - فإنَّ الله - جَلَّت قُدراته - أعمَلَ فيهم آياته وجَعَلهم ينطقون، بل جعَل لهم لغات متعدِّدة مُتباينة؛ لتكون آية على قُدرته وعَظَمته، ولكنَّهم لا يتأمَّلون ولا يَعقلون.

 

ومن آياته الناطقة بعَظَمته وتفرُّده: اختلاف ألواننا، فعلى الرغم من توحُّدنا في الجوهر، فإننا نسخة واحدة، إلا أن قُدرة الله جعَلَت لنا ألوانًا مختلفة لا تُنتقى، فعلى مستوى الأسرة الصغيرة تتباين الألوان وإن تقارَبت الملامح، فما بالك بألوان البشر في كل الدنيا؟!

 

اذهَبْ إلى الحج في صعيد عرفات الطاهر - التي تجمع فوق ترابها ملايين البشر من كلِّ صقعٍ - لتَرَى آية الله في اختلاف ألْسِنتنا وألواننا، ومع ذلك كلنا نتَّجه إلى خالق واحدٍ لا إله إلا هو، ونُسَبِّح الله العظيم الذي تفرَّد بالعَظَمة والقُدرة والألوهيَّة، إنَّ في ذلك لآيات لأُولِي الألباب.

 

19- قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

 

سبحانَّك ربي، لا عِلْم لنا إلاَّ ما عَلَّمتنا.

 

علَّمتنا أمورًا، واختَصَصت نفسك بأمور لا يَعلمها إلاَّ أنت، وفي الآية الكريمة استأثَرْت يا ربَّنا بخمسة أمور، فلا يَعلمها أحد، إنها مفاتيح الغيب: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ [الأنعام: 59]، وقد ورَد في السُّنة تسمية هذه الخمس بمفاتيح الغيب؛ روى الإمام أحمد عن أبي بُريدة، سَمِعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((خَمس لا يَعلمهنَّ إلاَّ الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾)).

 

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مفاتح الغيب خمس، لا يَعْلمهنَّ إلاَّ الله))، وذكَر الآية"[1].

 

وعن مجاهد قال: جاء رجل من أهل البادية، فقال: إن امرأتي حُبلى، فأخْبِرني متى تَلِد؟ وبلادنا مُجدبة، فأخْبِرني متى يَنزل الغيث؟ وقد عَلِمت متى وُلِدْتُ، فأخْبِرني متى أموت؟ فأنزَل الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ... ﴾.

 

وعن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "مَن حدَّثك أنه يعلم ما في غدٍ، فقد كَذَب، ثم قرَأت: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾.


والخلاصة أنَّ الله عنده عِلم الساعة، لا يُجلِّيها لوقتها إلاَّ هو، وكذلك إنزال الغيث لا يَعلمه إلا الله، ولكن إذا أمَر به، علمته الملائكة المُوكَّلون بذلك، ومَن يشاء الله من خَلقه، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام أحد سواه؛ أذكر أو أُنثى؟ أحمر أم أسود؟ شَقِي أم سعيد؟ ولكن إذا أمَر بذلك، عَلِم الملائكة المُوكلون بذلك، وكذلك ما تدري نفس ماذا تكسِب غدًا، أخيرًا أم شرًّا؟ وكذلك ماذا تَكسِب في دنياها وأُخراها.

 

وهكذا الأمر الخامس: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ﴾؛ أي: ليس لأحدٍ من الناس أن يدري أين مَضجعه من الأرض؛ أفي بحر أم يَمٍّ؟ أو سهلٍ أم جبلٍ؟

 

وقد جاء في الحديث: ((وإذا أراد الله قَبْضَ عبدٍ بأرض، جعَل له إليها حاجة))[2].

 

فسبحانك ربَّنا، لا عِلم لنا إلاَّ ما عَلَّمتنا؛ إنَّك أنت علاَّم الغيوب.

 

20 - قال تعالى:

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

أمَرَنا الله - سبحانه وتعالى - بالصلاة والسلام على سيِّدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِما في ذلك من فوائد عظيمة للمُصَلِّين والمُسَلِّمين عليه، وأهمها[3]:

1- الامتثال لأمر الله - سبحانه وتعالى.

 

2- موافقته - سبحانه وتعالى - في الصلاة عليه، وإن اختَلَفت الصلاتان؛ فصلاتُنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله عليه ثناءٌ وتشريف.

 

3- يحصل المصلي عليه - مرَّة واحدة - على عشر صلوات من الله.

 

4- يُرفع المُصلي عليه عشر درجات، ويُكتب له عشر حسنات، وتُمحى عنه عشر سيِّئات.

 

5- إذا صلَّى الداعي على الرسول قبل دعائه وبعد دعائه، فإنه يُرجى إجابة دعائه؛ لأن الصلاة على الرسول تُرفع إلى ربِّ العالمين، وتَصعد إليه، مع ما بينها من دعاء.

 

6- إنها سببٌ لشفاعته - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمُصلي يوم القيامة.

 

7- إنها سببٌ لقضاء الحوائج.

 

8- إنها سببُ تذكُّر العبد ما قد نَسِيه.

 

9- إنها زكاة للمصلي وطهارة له.

 

10- إنها تقوم مقام الصَّدقة لدى المُعسرين.

 

11- إنها سببٌ لنَفْي الفقر ونفي البخل عن المصلي.

 

12- إنها سبب لردِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - على المصلي والمُسَلِّم عليه.

 

13- إنها سببٌ لمحبَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهداية للعبد وحياة لقلبه.

 

14- إنها سببٌ لعَرْض اسم المصلي على الرسول الكريم، وسبب لذِكره عنده.

 

15- إنَّ الصلاة عليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أداء لأقلِّ القليل من حقِّه علينا، وشكر الله على هذه النعمة الكبرى، والله أعلم.



[1] أخرَجه البخاري، والإمام أحمد.

[2] أخرَجه الطبراني.

[3] راجع في ذلك: "غنية المسلم فيما يحتاج إليه"؛ للشيخ جودة قاسم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (1)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (2)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (3)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (5)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (6)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (7)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (8)

مختارات من الشبكة

  • سلسلة تأملات تربوية في بعض آيات القرآن الكريم: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ...(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (سورة الكهف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم (سورة الإسراء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم - سورة النحل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة الرعد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة يوسف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة يونس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة الأنفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة الأعراف(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/1/1447هـ - الساعة: 13:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب