• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

فقه الاعتكاف (3)

أ. د. خالد بن علي المشيقح

المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ خالد بن علي المشيقح
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/9/2008 ميلادي - 21/9/1429 هجري

الزيارات: 34111

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقه الاعتكاف (3)


الفصل الرابع

ما يشرع للمعتكف، وما يباح لـه، وما ينهى عنه

وفيه مباحث:

المبحث الأول: ما يشرع للمعتكف.

المبحث الثاني: ما يباح لـه.

المبحث الثالث: ما ينهى عنه.

 

المبحث الأول

ما يشرع للمعتكف

وفيه مطالب:

المطلب الأول: العبادات المحضة.

المطلب الثاني: العبادات المتعدية.

المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها.

المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف.

المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه.

المطلب السادس: التبكير لصلاة الجمعة.

المطلب السابع: المكث في المسجد ليلة العيد.


المطلب الأول: العبادات المحضة

تشرع للمعتكف العبادات المحضة كالصلاة وقراءة القرآن، والذكر ونحو ذلك؛ إذ إن حكمة الاعتكاف: جمع القلب على الله تعالى، والإقبال عليه، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه محل هموم القلب وخطراته [1].

 

ومما يشرع للمعتكف من العبادات إذا اعتكف في غير شهر رمضان: الصيام عند القائلين بعد شرطيته لصحة الاعتكاف، وهم الشافعية، والحنابلة [2].


المطلب الثاني: العبادات المتعدية

فإن وجبت عليه، أو كانت لا تستغرق إلا زمنًا يسيرًا فإنها تشرع لـه كغيره، كإخراج زكاة وأمر لمعروف ونهي عن منكر، ورد سلام، وإفتاء وإرشاد، ونحو ذلك.

 

فإن لم تجب واستغرقت زمنًا كثيرًا كتدريس علم ومناظرة عالم، ونحو ذلك من العبادات المتعدية فاختلف العلماء في مشروعيتها للمعتكف على قولين:

القول الأول: مشروعية ذلك للمعتكف.

وهو مذهب الحنفية [3]، ومذهب الشافعي [4].

 

القول الثاني: كراهة ذلك للمعتكف.

وهو مذهب المالكية [5]، والحنابلة [6].

 

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وسبب اختلافهم أن ذلك شيء مسكوت عنه، فمن فهم من الاعتكاف حبس النفس على الأفعال المختصة بالمساجد قال: لا يجوز للمعتكف إلا الصلاة والقراءة، ومن فهم منه حبس النفس على القرب الأخروية كلها أجاز لـه غير ذلك [7].

الأدلة:

أدلة الرأي الأول:

استدلوا على ذلك بما يلي:

1 - حديث صفية رضي الله عنها: وفيه حديثه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه [8].

 

2 - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: وفيه حديثه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه [9].

 

فيلحق بذلك الحديث بإقراء القرآن، وتعليم العلم.

 

3 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "ترجيل عائشة لرأس النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف" [10].

 

قال الخطّابي: "وعن مالك رحمه الله: أنه لا يشتغل في مجالس العلم ولا يكتبه وإن لم يخرج من المسجد، والجمهور على خلافه، وهذا الحديث يرد عليه، فإن الاشتغال بالعلم وكتابته أهم من تسريح الشعر" [11].

 

4 - أن هذا يتعدى نفعه إلى الناس، وما تعدى نفعه من الأعمال أفضل مما اقتصر نفعه على صاحبه.

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول: أنه لا يلزم من كون الشيء أفضل أن يكون مشروعًا في كل عبادة، بل وضع الفاضل في غير موضعه يجعله مفضولاً وبالعكس، ولهذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح وهي مكروهة في الركوع والسجود.

 

ولهذا لا يشرع هذا - إقراء القرآن والفقه - في الصلاة والطواف، وإن كانا أفضل من الصلاة والطواف النافلتين.

 

وأجيب: أن إقراء القرآن والفقه ونحوهما لم يشرعا في الصلاة لتحريم الكلام فيها، وأما الطواف فلا يسلم عدم مشروعية ذلك فيه، وإن سلم فلقصر زمنه، أو لعدم مناسبة الحال.

 

الوجه الثاني: أن كونهما أفضل يقتضي الاشتغال بهما عن الاعتكاف.

 

الوجه الثالث: أن النفع المتعدي ليس أفضل مطلقًا، بل ينبغي للإنسان أن يكون لـه ساعات يناجي فيها ربه ويخلو فيها بنفسه ويحاسبها، ويكون فعله ذلك أفضل من اجتماعه بالناس ونفعهم.

 

وأجيب: بأن صرف جزء من الوقت للتعليم لا يخل بما ذكر.

 

أدلة الرأي الثاني:

استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلي:

1 - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف دخل معتكفه واشتغل بنفسه، ولم يجالس أصحابه ولم يحادثهم كما كان يفعل قبل الاعتكاف، ولو كان ذلك أفضل لفعله[12].

 

ونوقش: بعدم التسليم كما أدلة الرأي الأول ففيه محادثته لأصحابه وأزواجه.

 

2 - أن الاعتكاف من جنس الصلاة والطواف ولهذا قرن الله تعالى بينهما في قولـه: ﴿ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [13]، ولما كان في الصلاة والطواف شغل عن كلام الناس وكذلك الاعتكاف وذلك أنها عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب الإقراء حين التلبس بها كالصلاة والطواف [14].

 

ونوقش: بوجود الفرق؛ إذ الاعتكاف زمنه يطول، فلا ينهى عنه، بخلاف الصلاة والطواف.

 

3 - أن العكوف على الشيء هو الإقبال عليه على وجه المواظبة، ولا يحصل ذلك للعاكف إلا بالتبتل إلى الله سبحانه وترك الاشتغال بشيء آخر [15].

 

ونوقش: بأن تعليم العلم إذا لم يطل لا يمنع من ذلك؛ لطول زمن الاعتكاف.

 

الترجيح: الراجح والله أعلم - مشروعية تعليم العلم وإقراء القرآن للمعتكف، ونحو ذلك من العبادات المتعدية، لكن يقيد ذلك بما لم يكثر وبهذا تجتمع أدلة المسألة.


المطلب الثالث: أخذ ما يحتاج إليه من ثياب ونحوها

وعلى هذا نص المالكية [16].

 

ويدل لهذا ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من اعتكف فليرجع إلى معتكفه..." الحديث [17].


المطلب الرابع: اتخاذ حجرة أو خباء يستتر به المعتكف

يستحب للمعتكف رجلاً كان أو امرأة أن يستتر بشيء [18].

وعليه بوب البخاري: باب الأخبية في المسجد [19].

 

لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعتكف في قبة تركية على سدتها [20] قطعة حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس...." الحديث [21].

 

لحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربت في المسجد..." [22].

 

ولأنه أخفى لعمله.

 

ويتأكد في حق المرأة إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لكيلا يراها الرجال، فخير لهم وللنساء أن لا يرى بعضهم بعضًا [23].

 

وعند المالكية: يضرب خباءه في عجز المسجد، أو رحابه؛ لئلا يُضَيِّق، ولأنه أخلى لـه[24].


المطلب الخامس: ترك ما لا يعنيه [25]

يستحب للمعتكف ترك ما لا يعنيه [26] من القول والفعل.

 

لحديث أبي سعيد المتقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير..." [27].

 

ولحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه..."[28]. وفي هذا خلو المعتكف بنفسه، وإقباله على عبادته، وترك ما يخل بذلك، أو يسببه.

 

لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" [29].

 

وأولى من يدخل في ذلك المعتكف، لما تقدم أن حكمة الاعتكاف جمع القلب على الله تعالى، والإقبال عليه والانقطاع عن الخلق والإقبال على الله وحده... [30].

 

وعن علي رضي الله عنه قال: "من اعتكف فلا يرفث في الحديث، ولا يساب، ويشهد الجمعة والجنازة، وليوصل أهله إذا كانت لـه حاجة وهو قائم لا يجلس عندهم" [31].

 

وعند الشافعية: يستحب للمعتكف إذا سبه إنسان أن لا يجيبه كما لا يجيبه الصائم [32].


المطلب السادس: التبكير لصلاة الجمعة

مما يستحب للمعتكف أن يبكر إلى الجمعة إذا اعتكف في غير جامع؛ لعموم أدلة استحباب التبكير لصلاة الجمعة.

وقد تقدم بحث هذه المسألة [33].



المطلب السابع: المبيت في المسجد ليلة العيد

استحب طائفة من السلف أن يبيت المعتكف في معتكفه ليلة العيد ولا يخرج منه إلا عند خروجه للعيد.

وقد تقدم بحث هذه المسألة [34].

 

المبحث الثاني

ما يباح للمعتكف

وفيه مطالب:

المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد.

المطلب الثاني: النوم في المسجد.

المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها.

المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب.

المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه.

المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة.

المطلب السابع: عيادة المريض، والصلاة على الجنازة.

المطلب الثامن: الوضوء في المسجد.

المطلب التاسع: زيارة المعتكف.

المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس.

المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته.

المطلب الأول: الأكل والشرب في المسجد

يباح للمعتكف أن يأكل ويشرب داخل المسجد باتفاق الفقهاء [35].

 

ودليل ذلك:

قولـه تعالى: ﴿ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [36].

دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد، فيقتضي أن يأكل ويشرب في المسجد.

 

وحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي صلى الله عليه وسلم - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا" [37].

 

فيفهم منه: أنه كان يأكل في المسجد.

وأيضًا: فإن الأكل في المسجد إذا لم يكن عادة جائز لغير المعتكف.

فالمعتكف من باب أولى؛ إذ هو مأمور بملازمة المسجد.

وعند المالكية: الأولى أن يأكل داخل المسجد، ويكره بفناء المسجد أو رحبته [38].

وعندهم أيضًا: يكره اعتكاف من لا يجد من يأتيه بحاجته من الطعام والشراب [39].

لكن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.

وعند الحنابلة: ينبغي للمعتكف أن يقتصد في أكله وشربه.

المطلب الثاني: النوم في المسجد

يباح أيضًا للمعتكف أن ينام في المسجد باتفاق الفقهاء [40].

 

ودليل ذلك: قولـه تعالى: ﴿ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [41]. دلت الآية على مشروعية ملازمة المعتكف للمسجد، فيقتضي أن ينام فيه.

 

ولحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان -أي النبي صلى الله عليه وسلم- لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا" [42].

 

فيفهم منه أنه ينام في المسجد.

ونص الحنابلة: أنه لا ينام إلا عن غلبة، وأن لا ينام مضطجعًا بل متربعًا، مع عدم كراهة شيء من ذلك.

ولعل مأخذهم: أن لا ينام كثيرًا، فيخل بمقصود الاعتكاف وهو الإقبال على الله والتبتل إليه [43].

المطلب الثالث: لزوم بقعة بعينها

للمعتكف أن يلزم بقعة بعينها لاعتكافه وإن كره ذلك لغيره؛ لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.

 

قال نافع: وقد أراني عبد الله رضي الله عنه المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد"[44].

 

وروى ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف طرح لـه فراشه، أو يوضع لـه سرير وراء اسطوانة التوبة" [45].

 

ولما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا صلى الفجر دخل معتكفه" [46]، ولحديث أبي سعيد رضي الله عنه المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "اعتكف في قبة تركية..." [47].

 

ولأن الاعتكاف عبادة واحدة فلزوم المكان لأجلها كلزومه لصلاة واحدة وإقراء قرآن في وقت ونحو ذلك، وقيامه منه لحاجة لا يسقط حقه منه؛ لأن من قام من مجلس ثم عاد إليه فهو أحق به [48].

المطلب الرابع: لبس الثياب الحسنة والطيب

اختلف العلماء في حكم لبس المعتكف للثياب الحسنة والطيب على قولين:

القول الأول: إباحة ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم [49].

 

القول الثاني: أنه يستحب ترك لبس رفيع الثياب، ويكره الطيب.

وهو مذهب الحنابلة [50].

الأدلة:

استدل الجمهور لما ذهبوا إليه بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي رأسه وهو مجاور في المسجد فأرجله وأنا حائض" [51].

 

ففيه دليل على أن للمعتكف أن يتزين إلحاقًا لـه بالترجل [52].

 

2 - عموم أدلة لبس الثياب الحسنة، والتطيب، كقوله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [53]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [54].

 

وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: يا رسول الله! الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" [55].

 

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من عرض عليه ريحان فلا يرده" [56].

 

3 - البقاء على البراءة الأصلية حتى يثبت الدليل الناقل، وليس في الكتاب والسنة ما يدل على استحباب ترك الثياب الحسنة، أو كراهة الطيب للمعتكف.

 

4 - أنه لو كان ترك الثياب الحسنة مستحبًا أو الطيب مكروهًا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ونقلته الأمة.

 

وعلل الحنابلة لما ذهبوا إليه: أنها عبادة تختص بلبث في مكان مخصوص فلم يكن الطيب والرفيع من الثياب مشروعًا فيها كالحج.

 

ونوقش من وجوه:

الوجه الأولى: قياس مع الفارق، فالمحرم بحج يحرم عليه لبس القميص والسراويل والعمامة ونحوها، ولا يحرم ذلك على المعتكف [57].

 

الوجه الثاني: أن ترك الطيب في الحج ليس مشروعًا في كل وقت، بل ما دام متلبسًا بالإحرام، وما عدا ذلك فيشرع الطيب كالطيب عند الإحرام، وعند طواف الإفاضة بعد التحلل الأول.

 

الوجه الثالث: أن الطيب في الحج محرم وفي الاعتكاف مكروه عند الحنابلة فافترقا.

الترجيح: الراجح - والله أعلم - قول جمهور أهل العلم وعدم استحباب ترك رفيع الثياب أو كراهة الطيب؛ لأن الاستحباب والكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي.

 

لكن المعتكفة ليس لها أن تمس طيبًا إذا اعتكفت في مسجد الجماعة؛ لأنها ممنوعة منه، كما نص عطاء على كراهة ذلك لها [58].



المطلب الخامس: غسل الرأس وتسريحه ودهنه [59]

ودليله:

حديث عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا".

 

وفي لفظ: "كان يخرج رأسه من المسجد وهو معتكف فأغسله وأنا حائض"[60].

لكن يشترط أن لا يلوث المسجد.

 

لما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي" [61].

 

فوضعها رضي الله عنها للطست تحتها لئلا يتلوث المسجد بشيء من الدم.

 

وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج رأسه من المسجد عند غسله، فيحتمل أنه فعل ذلك لقصد ترجيل عائشة رضي الله عنها، ويحتمل أنه فعل ذلك صيانة للمسجد.

 

ويأتي منع المعتكف من كل ما فيه تقذير للمسجد [62].


المطلب السادس: أخذ سنن الفطرة

من قص شارب، ونتف إبط، وحلق عانة، وتقليم ظفر.

 

ودليل ذلك: حديث عائشة المتقدم؛ إذ هي في معنى الغسل والترجيل ولأن هذا من باب النظافة والطهارة [63].

 

لكن عند المالكية: يفعل ذلك إذا خرج من المسجد لعذر من الأعذار [64] أو يخرج يده من المسجد عند قص الظفر.

 

ويكره عندهم فعل ذلك في المسجد، ولو جمع ذلك في ثوبه.

 

قال ابن القاسم: قال مالك: "لا يقص المعتكف أظافره في المسجد، ولا يأخذ من شعره، قال ابن القاسم: فقلنا لـه: إنه يجمع ذلك فيحرزه حتى يلقيه؟ فقال مالك: لا يعجبني وإن جمعه.

 

وقيل لابن القاسم: أكان مالك يكره للمعتكف حلق الشعر وتقليم الأظفار؟ فقال: لا، إلا أنه إنما كره ذلك لحرمة المسجد" [65].

 

والأقرب: جواز ذلك في المسجد لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها، وكالوضوء في المسجد [66]، وإن كان الأولى فعل ذلك خارج المسجد.

 

ويشترط: عدم تلويث المسجد، لما تقدم من الدليل على ذلك [67].

المطلب السابع: عيادة المريض والصلاة على الجنازة

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: أن يكون ذلك داخل المسجد.

المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.

المسألة الأولى: أن يكون ذلك داخل المسجد

فللعلماء في ذلك قولان:

القول الأول: أن لـه ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم [68].

 

القول الثاني: يكره لـه الصلاة على الجنازة في المسجد مطلقًا، وأما عيادة المريض فإن كان قريبًا منه سلم عليه وهو جالس في محله، وإن كان بعيدًا يحتاج إلى الانتقال من محله كره لـه ذلك.

 

وهذا مذهب المالكية [69].

الأدلة:

استدل الجمهور بالأدلة الآتية:

1 - حديث صفية رضي الله عنها، وفيه محادثة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه [70].

 

2 - حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه إخراج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه لترجله عائشة رضي الله عنها [71].

 

وفي هذا إباحة العمل اليسير [72]، ويلحق بذلك صلاة الجنازة وعيادة المريض.

 

3 - عموم أدلة مشروعية عيادة المريض وصلاة الجنازة.

4 - أن هذا لا ينافي الاعتكاف أو موضعه.

 

وأما دليل المالكية: فإن الأصل عندهم في الجملة أن ما عدا الذكر والصلاة والتلاوة من الأفعال مكروه؛ إذ مقصود الاعتكاف إنما هو صفاء القلب ورياضة النفس، وهذا إنما يحصل بهذه الثلاثة دون غيرها [73].

 

ونوقش: بعدم تسليم هذا الأصل فقد تقدم مشروعية العبادات المتعدية، كإقراء القرآن، وتدريس الحديث والفقه [74].

الترجيح:

الراجح والله أعلم - قول جمهور أهل العلم - وعدم كراهة الصلاة على الجنازة وعيادة المريض في المسجد -، لما استدلوا به، ومناقشة دليل من قال بالكراهة.

 

والقول بالإباحة لا يمنع المشروعية للعمومات.

المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد

تقدم في مبحث الخروج من المسجد أن المعتكف لا يخرج لقربة من القرب إلا بالشرط.

 

لكن إذا خرج من المسجد لعذر من الأعذار فهل لـه عيادة المريض، والصلاة على الجنازة؟ على قولين:

القول الأول: أن لـه ذلك ما لم يقف لانتظارها أو يعدل عن طريقه إليها.

وهو قول جمهور أهل العلم [75].

 

القول الثاني: يجوز مطلقًا.

وهو قول بعض السلف: كالحسن البصري، وسعيد بن جبير، وغيرهم[76]، وهو ظاهر مذهب الحنفية [77].

 

جاء في بدائع الصنائع: "ولا يخرج لعيادة مريض ولا لصلاة جنازة ويجوز أن تحمل الرخصة على ما إذا خرج المعتكف لوجه مباح كحاجة الإنسان أو للجمعة، ثم عاد مريضًا، أو صلى على جنازة من غير أن يكون خروجه لذلك قصدًا وذلك جائز" [78].

الأدلة:

استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بما يلي:

1 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه" [79].

 

ونوقش: بأنه ضعيف؛ لاضطراب ليث بن أبي سليم.

 

2 - ما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "عن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة" [80].

 

3 - أنه لا يفوت بسببه إلا زمانًا يسيرًا [81].

 

4 - أن سؤاله عن المريض كلام فيه مصلحة وقربة ولا يحبسه عن اعتكافه فجاز كغيره من الكلام المباح [82].

 

دليل الرأي الثاني:

أما ما ذهب إليه الحسن وسعيد، فلأنهم يجوزون الخروج لعيادة المريض وصلاة الجنازة ابتداء، وإن لم يخرج لعذر.

وتقدم دليلهم مع مناقشته [83].

وأما دليل الحنفية: فلعله جواز العيادة وصلاة الجنازة تبعًا للخروج.

الترجيح:

الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم، وأن لـه أن يعود المريض ويصلي على الجنازة في طريقه دون أن يقف لانتظارها، لما تقدم من الدليل أن المعتكف ليس لـه فعل قربة من القرب خارج المسجد إلا بالشرط [84]؛ ولأن الأصل بقاء المعتكف في معتكفه جاز لـه الخروج لحاجة الإنسان وما ألحق بها، فما عداه خلاف الأصل.

المطلب الثامن: الوضوء في المسجد

اختلف العلماء في حكم الوضوء في المسجد على أقوال:

القول الأول: إباحة الوضوء في المسجد.

وهو مذهب الشافعية والحنابلة [85]، وهو قول كثير من السلف [86].

 

قال ابن المنذر: "أباح كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار منهم ابن عمر وابن عباس وعطاء وطاووس وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن جريج، وعوام أهل العلم، وبه نقول إلا أن يبل مكانًا يجتاز الناس فيه فإني أكرهه إلا أن يفحص الحصا عن البطحاء كما فعل لعطاء وطاووس، فإذا توضأ ردّ الحصا عليه فإني لا أكرهه".

 

لكن اشترط الزركشي من الشافعية: ألا يحصل تمخط بالاستنشاق ولا بصاق بالمضمضمة ونحو ذلك من التنخع، وإلا ينتهي إلى التحريم.

واشترط الحنابلة: أن لا يحصل منه بصاق، أو مخاط.

 

القول الثاني: كراهة الوضوء في المسجد

وهو مذهب الحنفية[87]، وبه قال الإمام مالك [88]، ورواية عن الإمام أحمد[89].

لكن عند الحنفية: إذا كان يتوضأ في مكان لا يصلي فيه لا يكره.

 

القول الثالث: عدم جواز الوضوء في المسجد.

وبه قال بعض الحنابلة [90].

الأدلة:

استدل من قال بجواز الوضوء في المسجد بالأدلة الآتية:

1- ما رواه رجل من الصحابة رضي الله عنه قال: "حفظت لك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ في المسجد" [91].

 

2- وروى نعيم المجمر قال: "رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل" [92].

 

3- حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بسجل [93] من ماء زمزم، فشرب منه وتوضأ" [94].

 

4- أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال في ماء زمزم: "لا أحلها لمغتسل، وهي للشارب والمتوضئ حل وبِل [95]" [96].

 

5- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه توضأ في المسجد" [97].

 

ودليل من قال بالكراهة: ما تقدم من حديث أنس رضي الله عنه، وفيه: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" [98].

 

وإذا توضأ في المسجد فسيصيب المسجد شيء من القذر بسبب المخاط أو البصاق، أو وسخ الأعضاء.

ودليل من قال بعدم الجواز: بناء على نجاسة الماء المستعمل في رفع الحدث[99].

ونوقش: بعدم تسليم نجاسة الماء المستعمل، بل هو طهور.

الترجيح:

الراجح والله أعلم - جواز الوضوء في المسجد، بشرط عدم تلويثه، إذا كان غير مبلط ولا مفروش، والأحوط أن يكون وضوؤه في إناء إذا احتاج إلى ذلك.

المطلب التاسع: زيارة المعتكف [100]

يباح للمعتكف أن يزوره أهله، وغيرهم ممن يريد زيارته، وأن يتحدثوا معه.

وبوب البخاري: باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه [101].

 

ودليل ذلك: ما تقدم من حديث صفية، وفيه زيارة نسائه لـه صلى الله عليه وسلم، وحديثه صلى الله عليه وسلم معهن [102].

 

لكن لا تنبغي الإطالة في الزيارة أو الإكثار منها؛ لما تقدم أنه ينبغي للمعتكف أن يخلو بنفسه وأن يقبل على عبادة ربه [103].


المطلب العاشر: زواجه وتزويجه وأذانه وإصلاحه بين الناس

يباح للمعتكف أن يتزوج في المسجد، وأن يشهد النكاح، ويؤذن ويقيم ويهني ويعزي ويصلح بين القوم كل ذلك في المسجد.

 

وهذا قول جمهور أهل العلم [104]؛ لما تقدم من الدليل على أن للمعتكف عيادة المريض وصلاة الجنازة [105]، ولعموم أدلة مشروعية هذه العقود والعبادات، ولأنها طاعة، ومدتها لا تطول غالبًا، أشبه رد السلام وتشميت العاطس [106]، ولأنها لا تنافي الاعتكاف ولا موضعه.

 

والقول الثاني: كراهة هذه الأشياء.

وهذه مذهب المالكية [107].

 

لكن إذا أذن في مكانه أو صحن المسجد أو زوج أو تزوج في مكانه ولم يطل لم يكره.

وقد تقدم أن الأصل عندهم كراهة الأفعال للمعتكف عدا الذكر والصلاة والتلاوة.

وتقدم مناقشته [108].

وعلى هذا فالراجح: عدم كراهة هذه الأشياء.



المطلب الحادي عشر: أمره بحاجته

للمعتكف أن يأمر بحاجته كإحضار طعام وشراب ولباس أو شراء شيء من ذلك ونحو ذلك، وإن كان مما ينافي المسجد ويتعلق بأمر الدنيا كإصلاح تجارته، وتعاهد ضياعه ونحو ذلك فإذا خرج لعذر في طريقه [109].

ودليل ذلك: ما تقدم من الدليل على أن للمعتكف عيادة المريض وصلاة الجنازة [110].

 

المبحث الثالث

ما ينهى عنه المعتكف

وفيه مطالب:

المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر، أو يخل بمقصوده وحكمته.

المطلب الثاني: عقود المعاوضات.

المطلب الثالث: التكسب بالصنائع.

المطلب الرابع: البول في إناء في المسجد.

المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد.

المطلب السادس: الحجامة والفصد في المسجد.

المطلب السابع: البصاق في المسجد.

المطلب الثامن: الصمت عن الكلام.

 

المطلب الأول: كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر أو يخل بمقصوده وحكمته

ينهى المعتكف عن كل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف بلا عذر؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [111].

 

فإن كان الاعتكاف واجبًا بنذر حرم عليه ذلك، لوجوبه إتمامه بعد الشروع فيه، وعدم جواز قطعه، وإن كان مسنونًا كره لـه ذلك إلا لحاجة؛ لما تقدم من الآية.

 

وكذا ينهى عن كل ما يخل بمقصود الاعتكاف وحكمته من كثرة الكلام والخلطة والنوم، وعدم اغتنام الوقت بالإقبال على الله والاشتغال بطاعته من صلاة وقراءة وذكر، ونحو ذلك.

ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه" [112].


ولحديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "اعتكف في قبة تركية..."[113].


وهذا يدل على أن المعتكف منهي عن كثرة الكلام والخلطة وغير ذلك.


وهذا يدل على أن المعتكف منهي عن كثرة الكلام والخلطة وغير ذلك مما يخل بمقصود الاعتكاف، لانقطاع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصحابة في معتكفه الخاص، والله أعلم.

وقد يستدل أيضًا لذلك: بحديث عائشة رضي الله عنها وغيره [114]، وفيه "ترك النبي صلى الله عليه وسلم للاعتكاف لما ضرب أزواجه الأخبية في المسجد".

 

فتركه صلى الله عليه وسلم للاعتكاف يدل على أنه يمتنع من كل ما يشغله، وقد يقال: بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك الاعتكاف لما رأى من تنافسهن.

المطلب الثاني: عقود المعاوضات

كالبيع والشراء والإجارة والصرف والرهن وعقد الشركة ونحو ذلك.

 

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد.

المسألة الثانية: أن يكون ذلك خارج المسجد.

المسألة الأولى: أن يكون ذلك في المسجد

وقد اختلف العلماء في حكم البيع في المسجد على قولين:

القول الأول: التحريم وعدم الصحة.

وهو مذهب الحنابلة [115].

 

القول الثاني: الإباحة وصحة العقد مع الكراهة.

وهو قول جمهور أهل العلم [116]، وحكي صحة العقد إجماعًا [117].

 

لكن اشترط الحنفية لجواز البيع في المسجد: أن لا يكثر، وأن يكون محتاجًا إليه لتحصيل قوته، وقوت عياله، وأن لا تحضر السلعة إلى المسجد.

 

واشترط الشافعية: أن لا يكثر من التجارة، وإن اشترى ما لا بد لـه منه لم يكرَه.

 

الأدلة:

استدل الحنابلة بالأدلة الآتية:

1 - قولـه تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ ﴾ [118].

 

فدلت الآية على أن المساجد محل العبادة دون البيع والتجارة، وإذا لم تكن محلاً للتجارة فإنه ينهى عن التجارة فيها، والنهي يقتضي الفساد.

 

2 - حديث أنس رضي الله عنه، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن" [119].

 

والبيع من كلام الناس، وقوله: "لا يصلح" يدل على النهي، والنهي يقتضي الفساد.

 

3 - حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء فيه" [120].

 

والنهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه اقتضى التحريم والفساد [121].

 

4 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك" [122].

 

5 - ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سمع رجلاً ينشد الضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا" [123].

 

دل هذا الحديث: على النهي عن نشدان الضالة، ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والإجارة ونحوها مما لم يبن المسجد لـه [124].

 

6 - وعن السائب بن يزيد قال: "كنت قائمًا في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين فجئته بهما، قال: من أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم" [125].

 

ويدخل في هذا كل أمر لم يبن المسجد لـه من بيع وشراء ونحوهما [126].

 

ودليل الجمهور:

حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن تناشد الأشعار في المسجد وعن البيع والشراء" [127].

 

فقرن النهي عن البيع والشراء في المسجد بالنهي عن إنشاد الشعر صارف من التحريم إلى الكراهة.

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن المراد بالشعر هنا المحرم، وهو محرم في المسجد فلا دلالة فيه على صرف النهي عن التحريم.

 

الوجه الثاني: أنه على تسليم عدم تحريم الشعر فلا يلزمه منه عدم تحريم البيع؛ إذ الجمع بين حكمين في النهي لا يلزم منه إعطاء حكم أحدهما الآخر؛ إذ دلالة الاقتران ضعيفة عند جمهور الأصوليين.

الترجيح: الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه الحنابلة من عدم صحة عقود المعاوضات في المسجد؛ لقوة ما استدلوا به.

المسألة الثانية: أن يكون خارج المسجد

فيجوز للمعتكف أن يخرج ويشتري مالا بد لـه منه كقوته وقوت عياله إذا لم يكن أحد يقوم به غيره [128].

لكن اشترط المالكية: أن يكون شراؤه من أقرب مكان إليه، ولا يشتغل بشيء غيره.

واشترط الحنابلة: أن يكون ذلك في طريقه من غير أن يقف أو يعرج [129].

 

ويستدل لهذا بحديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: "وكان - أي النبي صلى الله عليه وسلم - لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا" [130]. وهذا داخل في حاجة الإنسان إذا لم يكن من يأتيه به ولم يكن في ملكه.

 

ولما تقدم من الأدلة على الخروج للأعذار الطارئة [131].

 

وقد ورد أن عليًا "أعان ابن أخيه جعدة بن هبيرة بسبعمائة درهم من عطائه أن يشتري خادمًا، فقال لـه: ما منعك أن تبتاع خادمًا؟ فقال: إني كنت معتكفًا، قال: وما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعت؟" [132].

 

وهذا محمول على الضرورة، فيلحق بالأعذار الطارئة [133].

أو يقال: اجتهاد من علي رضي الله عنه مخالف لظاهر القرآن والسنة، وقد خالفته عائشة رضي الله عنها [134].



المطلب الثالث: التكسب الصنائع في المسجد

وذلك مثل: الخياطة، والحدادة، والخط ونحو ذلك.

 

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أنه يحرم التكسب بالصنائع في المسجد مطلقًا.

وهو مذهب الحنفية [135]، والحنابلة [136].

لكن استثنى الحنفية: ما إذا جلس الخياط ونحوه في المسجد لمصلحته من دفع صبيان أو صيانته فلا بأس.

واستثنى الحنابلة: ما إذا كان يسيرًا لم يقصد به التكسب.

 

القول الثاني: أنه يكره التكسب بالصنائع في المسجد.

وهو مذهب المالكية [137]، والشافعية [138].



الأدلة:

دليل الرأي الأول القائل بتحريم التكسب في المسجد:

أما الحنفية: فلأنه مخلص لله فلا يكون محلاً لغير العبادة [139].

وأما الحنابلة: فلأن التكسب بالصنائع عندهم في معنى البيع، والبيع يحرم عندهم.

 

ودليل الرأي الثاني القائل بكراهته:

أن التكسب بالصنائع في المسجد في معنى البيع، والبيع يكره عندهم في المسجد [140].

ونوقش: بعدم تسليم الأصل كما تقدم، بل البيع محرم في المسجد [141].

الترجيح:

الراجح والله أعلم - ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة من تحريم التكسب في المسجد، لما استدلوا؛ ولأن إباحة ذلك يؤدي إلى إخراج المسجد عن مقصوده، ويخل بحرمته.

 

لكن إذا لم يقصد التكسب وكان يسيرًا لـه أو لغيره فلا بأس كما لو خصف نعله أو رقع ثوبه [142].

وكذا استثنى بعض العلماء: ما كان مصلحته عامة للمسلمين كإصلاح آلات الجهاد فأجازه في المسجد [143].

 

ويؤيد ذلك: ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي، والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم" [144].

 

فاللعب بالحراب في المسجد جاز لكونه مقصودًا لغيره، لا لذاته، بل هو وسيلة للتقوي على الجهاد، فصار من القرب كإقراء القرآن والعلم [145].

 

وعلى قياسه كتابة العلم، وتعليمه وإقراء القرآن بأجر [146].

المطلب الرابع: البول في إناء في المسجد

اختلف العلماء رحمهم الله في حكم البول في إناء في المسجد على قولين:

القول الأول: تحريم ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم من حنفية ومالكية وشافعية وحنابلة [147].

ودليل ذلك ما يلي:

1- ما رواه أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما بال الأعرابي في المسجد: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن" [148].

 

2- أن الهواء تابع للقرار، فإذا حرم في قرار المسجد، فكذا في هوائه.

 

3- ولأن المساجد بيوت الله ومحل ذكره، وإباحة ذلك ولو في إناء يلحقها بالحشوش التي هي بيوت الشياطين.

 

4- ولأن هذا يقبح ويفحش فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه، ثم يغسله [149].

 

القول الثاني: إباحة ذلك.

وهو قول لبعض المالكية [150]، ووجه عند الشافعية [151]، والحنابلة [152].

 

واستدلوا لذلك: بما روته عائشة رضي الله عنها قالت: "اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي" [153].

 

فإذا جاز دم الاستحاضة في الإناء في المسجد، فكذا البول في إناء في المسجد.

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن المستحاضة ونحوها لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف، لاستمرار الحدث، بخلاف من حصره بول ونحوه فيمكنه التحرز من ذلك بالخروج لقضاء الحاجة مع الاستمرار في الاعتكاف [154].

الترجيح: الراجح - والله أعلم - ما ذهب إليه جمهور أهل العلم؛ لقوة ما استدلوا به، ومناقشة دليل القول الآخر

 

المطلب الخامس: إخراج الريح في المسجد:

اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: تحريم ذلك.

وهو وجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة [155].

 

القول الثاني: كراهة ذلك.

وهو قول جمهور أهل العلم [156].

الأدلة:

استدل من قال بتحريم إخراج الريح في المسجد:

1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث تقول: اللهم اغفر لـه، اللهم ارحمه" [157].

 

وجه الدلالة:

دل هذا الحديث على أن الحدث في المسجد يحرم صاحبه دعاء الملائكة واستغفارهم، ودعاؤهم مرجو الإجابة، وما ذاك إلا لكونه أتى معصية [158].

 

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الوجه الأول: أن المراد بالحدث المعصية أو البدعة في المسجد [159].

 

ونوقش: بالمنع كما جاء مفسرًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر لـه اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدث؟ قلت: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط"[160].

 

الوجه الثاني: أن عدم دعاء الملائكة إذا أحدث لا لكونه عصى بالحدث، ولكن لكونه أخل بشرط دعاء الملائكة وهو الطهارة، كما لو أحدث في صلاة نافلة فتبطل صلاته لإخلاله بالشرط، لا لعصيانه بالحدث لعدم وجوب الاستمرار فيها.

 

ونوقش: أن مجرد الحدث في المسجد أذية؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ".... وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه وتصلي - يعني عليه - الملائكة في مجلسه الذي يصلي فيه: "اللهم اغفر لـه، اللهم ارحمه ما لم يؤذ يحدث فيه" [161].

 

2 - حديث أنس رضي الله عنه، لما بال الأعرابي في المسجد، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا القذر" [162].

 

3 - حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس" [163].

 

والريح في معنى ذلك، وأذية الملائكة والأنس محرمة.

 

ودليل من قال بالكراهة بما يلي:

1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم: "ما لم يحدث" ففيه جواز إخراج الريح في المسجد، لكن ينهى عنه لحرمة المسجد.

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن قولـه صلى الله عليه وسلم: "ما لم يحدث" بيان للعقوبة، لا لجواز الحدث.

 

2 - القياس على أكل الثوم والبصل فإنه يكره حضوره المسجد لرائحته، فكذا إخراج الريح.

 

ونوقش: بعدم تسليم الأصل المقيس عليه فقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى تحريم حضور المسجد لمن أكل ثومًا أو بصلاً ونحوهما [164].

الترجيح:

الأحوط - والله أعلم - القول بالتحريم، لظاهر ما استدلوا به، ومناقشة دليل القول الآخر؛ ولأن إباحة الحدث في المسجد يلحقه بالحشوش التي هي مأوى الشياطين، والمساجد بيوت الله ومأوى ملائكته، وعلى هذا إذا أراد إخراج الريح يخرج من المسجد، ثم يرجع.

المطلب السادس: الحجامة [165] والفصد [166] في المسجد

اختلف العلماء في ذلك على:

القول الأول: تحريم الحجامة والفصد في المسجد، وإن كان في إناء فيكره.

وهذا مذهب الشافعية [167].

 

القول الثاني: أنه تحرم الحجامة والفصد في المسجد مطلقًا.

وهو مذهب الحنابلة [168].

 

القول الثالث: الجواز عند الضرورة.

وبه قال ابن عقيل [169].

الأدلة:

استدل من قال بتحريم الحجامة:

1 - حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر ولا البول..." [170].

 

والحجامة كالبول لنجاسة الدم.

ويناقش: بعدم التسليم بنجاسة الدم.

 

ويجاب عن ذلك: بأنه على تسليم عدم نجاسة البول، فهو داخل في القذر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القذر في المسجد.

 

2 - ما يأتي من النهي عن البصاق في المسجد وأنه خطيئة [171]، والحجامة من باب أولى.

 

واستدل على الكراهة إذا كان في إناء: بحديث أنس السابق، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من البول ولا القذر" [172]، لكن لا يحرم؛ لعد تلويث المسجد.

 

واستدل من قال بالتحريم مطلقًا وإن كان في إناء: أن الهواء تابع للقراء، فإذا حرم في أرضه[173] حرم في هوائه.

 

واستدل من قال بالجواز:

1 - ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "اعتكفت معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها من الدم" [174].

 

ونوقش: بالفرق؛ إذ المستحاضة لا يمكنها التحرز من دم الاستحاضة إلا بترك الاعتكاف، بخلاف المحتجم.

 

2 - ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: "احتجم في المسجد" [175].

 

لكنه لا يثبت. قال مسلم: إن ابن لهيعة أخطأ فيه حيث قال احتجم بالميم، وإنما احتجر، أي اتخذ حجرة.

الترجيح: الراجح والله أعلم - القول بعدم جواز الحجامة في المسجد؛ لما في ذلك تلويث المسجد وتقذيره، والأقرب أيضًا عدم الجواز حتى وإن كان في إناء لما علل به الحنابلة.

المطلب السابع: البصاق في المسجد

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول: تحريم ذلك مطلقًا، وكفارة ذلك دفنها.

وهو ظاهر مذهب الحنفية [176]، وبه قال النووي [177]، وهو مذهب الحنابلة [178].

 

لكن عند الحنفية: إن اضطر إلى ذلك كان البصق فوق الحصير أهون من البصق تحته؛ لأن الحصير ليس منه حقيقة، وما تحته مسجد حقيقة.

 

القول الثاني: يجوز إن أراد دفنها، وإن لم يرد دفنها فلا يجوز.

وبه قال القاضي عياض [179]، والقرطبي [180]، وبه قال المجد [181].

 

القول الثالث: يجوز للمحتاج، ولا يجوز لغير المحتاج.

وبه قال بعض الشافعية [182].

 

القول الرابع: الجواز مطلقًا بشرط كونه يسيرًا لا يؤدي إلى التقذير، ولم يتأذ به أحد، ولم يكن المسجد مبلطًا.

وهو مذهب المالكية [183].

الأدلة:

استدل من قال بتحريم البصاق في المسجد بما يلي:

1- ما رواه أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" [184].

 

2- ما رواه أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد فلا تدفن"[185].

 

3- حديث أنس رضي الله عنه، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" [186].

 

واستدل من قال بجواز البصق إذا أراد دفنها بما يلي:

ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تنخع في المسجد فلم يدفن فسيئة، وإن دفنه فحسنة" [187].

 

واستدل من قال بجواز البصق عند الحاجة:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في المسجد في قبلة المسجد فأقبل على الناس فقال: "ما بال أحدكم يقوم يستقبل ربه فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليفعل هكذا" ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض [188].

 

فظاهر الحديث جوازه في المسجد للمحتاج حال العذر؛ لأن البصق عن اليسار أن تحت القدم إنما ورد في الصلاة؛ إذ المصلي لا يتمكن من الخروج من المسجد إلا بالحركة الكثيرة.

الترجيح:

الناظر في الأدلة السابقة يتبين لـه جواز البصاق في المسجد للمصلي فقط بشرط أن يدفنها بعد ذلك، وأن لا يكون المسجد مفروشًا أو مبلطًا؛ لظاهر أحاديث الأمر بالدفن، وأما غير المصلي فلا يجوز لـه البصاق فيه؛ لتمكنه من البصاق خارج المسجد.

مسألة:

اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالدفن في قولـه صلى الله عليه وسلم: "وكفارتها دفنها" على قولين:

القول الأول: أن المراد بالدفن: تغييبها في تراب المسجد ورمله وحصبائه، وإن كان أرضًا صلبة فبإخراجها، أو مسحها بخرقة ونحوها.

وهذا قول جمهور أهل العلم [189].

 

القول الثاني: أن المراد إخراجها مطلقًا.

وبه قال بعض الشافعية [190].

الأدلة:

استدل الجمهور: بما رواه أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد فلا تدفن" [191].

 

فظاهر الحديث: دفنها في المسجد، وكذا نحوه حديث أبي أمامة المتقدم.

 

ودليل الرأي الثاني: لأجل الخروج من خلاف من قال بنجاسة البزاق [192]، كما ورد عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، وإبراهيم النخعي.

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن القول بنجاسة البزاق ضعيف، ويرده ما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه قولـه صلى الله عليه وسلم: "فإن لم يجد فليفعل هكذا" [193]. ووصف القاسم "فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض".

 

وفي رواية هشيم: "كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد ثوبه بعضه على بعض".

الترجيح: الراجح  والله أعلم - القول الأول؛ لظاهر الأحاديث.

المطلب الثامن: الصمت عن الكلام

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول: إن طال الصمت حتى تضمن ترك الكلام الواجب صار حرامًا، وكذا إن تعبد بالصمت عن الكلام المستحب، والكلام المحرم يجب الصمت عنه، وفضول الكلام ينبغي الصمت عنها.

وبه قال شيخ الإسلام [194].

 

القول الثاني: أنه يكره الصمت إلى الليل.

وبه قال ابن عقيل [195].

وقال الموفق والمجد: ظاهر الأخبار تحريمه [196].

 

القول الثالث: إن تعبد بالصمت كره، وإن لم يتعبد به لم يكره.

وهو قول الحنفية [197].

 

واستدل العلماء على ما تقدم بما يلي:

1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم "رأى رجلاً قائمًا في الشمس فقال: من هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه"[198].

 

2- ما روته ليلى امرأة بشير بن الخصاصية "أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصوم يوم الجمعة ولا أكلم ذلك اليوم أحدًا؟ فقال: لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها أو في شهر، وأما أن لا تكلم أحدًا فلعمري لأن تكلم بمعروف وتنهى عن منكر خير من أن تسكت" [199].

 

3- ما رواه قيس بن أبي حازم قال: "دخل أبو بكر على امرأة من أحمس فقال لها زينب فأبت أن تتكلم: فقال: ما بال هذه؟ قالوا: حجت مصمتة فقال لها تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية فتكلمت" [200].

 

4- ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل" [201].

 

وأحسن الأقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - من التفصيل.

 


[1] بدائع الصنائع 2/ 117، والمدونة مع المقدمات 1/ 206، والأم 2/ 105، والمغني 4/ 480.

[2] انظر: ص98.

[3] الأم 2/ 105، والمجموع 6/ 528، والإقناع 1/ 229.

[4] فتح القدير 2/ 396، والفتاوى الهندية 1/ 212.

[5] المدونة مع المقدمات 1/ 199.

[6] المغني 4/ 480.

[7] بداية المجتهد 1/ 312.

[8] سبق توثيقه ص160.

[9] سبق توثيقه ص28.

[10] سبق تخريجه ص111.

[11] طرح التثريب 4/ 175.

[12] المغني 4/ 480، وشرح العمدة 2/ 788.

[13] سورة البقرة: 125.

[14] شرح العمدة 2/ 788.

[15] شرح العمدة 2/ 788.

[16] المدونة مع المقدمات 1/ 198، التاج والإكليل 2/ 463.

[17] أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الاعتكاف، باب من خرج من اعتكافه عند الصبح (ح2040)، وقد تقدم.

[18] عمدة القاري 12/ 150، وإكمال إكمال المعلم 2/ 288، وفتح الباري 4/ 277، والشرح الكبير مع الإنصاف 7/ 581.

[19] صحيح البخاري مع عمدة القاري 12/ 150.

[20] السدة: باب الدار، وقيل: الظلة على الباب لتقيه المطر (النهاية مادة (سدد) 2/ 353).

[21] تقدم توثيقه.

[22] تقدم توثيقه.

[23] الشرح الكبير مع الإنصاف 7/ 582.

[24] إكمال إكمال المعلم 2/ 288.

[25] أي يهمه. (انظر: المصباح، مادة "عنا" 2/ 434).

[26] انظر: بدائع الصنائع 2/ 117، والفتاوى الهندية 1/ 212، ومواهب الجليل 2/ 461، والمجموع 6/ 533، والإقناع للشربيني 1/ 229، وشرح المنتهى 1/ 471.

[27] سبق تخريجه.

[28] سبق تخريجه.

[29] أخرجه البخاري في الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره 10/ 445، ومسلم في الإيمان، باب الحث على إكرام الجار 1/ 68.

[30] انظر: زاد المعاد 2/ 87.

[31] تقدم.

[32] المجموع 6/ 543.

[33] انظر: ص154.

[34] انظر: ص61.

[35] المبسوط 3/ 126، بدائع الصنائع 2/ 117، والمدونة مع المقدمات 1/ 206، والشرح الكبير وحاشيته 1/ 547، وروضة الطالبين 2/ 393، ومغني المحتاج 1/ 457، والمستوعب 3/ 491، والمغني 4/ 483، وكشف القناع 2/ 356.

[36] سورة البقرة: 187.

[37] تقدم توثيقه.

[38] الشرح الكبير وحاشيته 1/ 547.

[39] جواهر الإكليل 1/ 158.

[40] المصادر السابقة.

[41] سورة البقرة، آية 187.

[42] تقدم توثيقه.

[43] المصادر السابقة للحنابلة.

[44] أخرجه مسلم في الاعتكاف، باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (ح1171).

[45] أخرجه ابن ماجه في الصيام، باب المعتكف يلزم مكانًا في المسجد (1773)، وقال البوصيري: "إسناده صحيح ورجاله موثقون".

وقال الشوكاني في النيل 4/ 466: "إسناده في سنن ابن ماجه ثقات".

[46] سبق تخريجه.

[47] سبق تخريجه.

[48] شرح العمدة 2/ 721، ونيل الأوطار 4/ 266.

[49] المبسوط 3/ 126، بدائع الصنائع 2/ 117، ومواهب الجليل 2/ 462، والمهذب مع المجموع 6/ 527.

[50] شرح العمدة 2/ 779، وكشاف القناع 2/ 364.

[51] سبق توثيقه.

[52] فتح الباري 4/ 272.

[53] سورة الأعراف: 31.

[54] سورة الأعراف: 32.

[55] أخرجه مسلم في الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه (ح91).

[56] أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب، باب استعمال المسك (ح2253).

[57] شرح العمدة 2/ 779.

[58] المجموع 6/ 527.

[59] انظر: عمدة القاري 12/ 144، ونيل الأوطار 4/ 266، وسبل السلام 2/ 174.

[60] سبق توثيقه.

[61] سبق تخريجه.

[62] انظر: ص260.

[63] انظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام 5/ 438، وفتح الباري 4/ 272، ونيل الأوطار 4/ 266، وسبل السلام 2/ 174.

[64] المدونة مع المقدمات 1/ 199، ومواهب الجليل 2/ 264.

[65] المدونة 1/ 230.

[66] انظر: ص 237.

[67] انظر: ص231.

[68] بدائع الصنائع 2/ 117، والمجموع 6/ 512، والمغني 4/ 469.

[69] الشرح الكبير وحاشيته 1/ 548، والشرح الصغير وحاشيته 1/ 258.

[70] سبق توثيقه.

[71] سبق توثيقه.

[72] الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن 5/ 438، وطرح التثريب 4/ 175.

[73] الشرح الكبير وحاشيته 1/ 548، والشرح الصغير وحاشيته 1/ 258.

[74] انظر: ص217.

[75] إكمال إكمال المعلم 2/ 78، والمجموع 6/ 512، وكتاب الروايتين 1/ 268، والفروع 3/ 187، والإنصاف 3/ 379.

[76] انظر: ص 163.

[77] بدائع الصنائع 2/ 114، وحاشية ابن عابدين 2/ 445.

[78] بدائع الصنائع 2/ 114.

[79] تقدم تخريجه.

[80] أخرجه مسلم في الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها (ح297).

[81] المجموع 6/ 511.

[82] شرح العمدة 2/ 827.

[83] انظر: ص165.

[84] انظر: ص167، 168.

[85] المجموع 2/ 174، وإعلام الساجد ص311، والمغني 1/ 198، وكشاف القناع 2/ 270، وتحفة الراكع والساجد ص202.

[86] مصنف عبد الرزاق 1/ 418، ومصنف ابن أبي شيبة 1/ 36.

[87] فتح القدير 1/ 422، وحاشية ابن عابدين 2/ 445.

[88] إعلام الساجد ص311.

[89] تحفة الراكع والساجد ص202.

[90] تحفة الراكع والساجد ص202.

[91] أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 37، وأحمد 5/ 364، وإسناده صحيح.

[92] أخرجه البخاري في الوضوء، باب فضل الوضوء (ح136).

[93] السجل: بسين مهملة مفتوحة، فجيم ساكنة، الدلو العظيم مملوءة. انظر: نيل الأوطار 1/ 23، القاموس المحيط ص1309، مادة (سجل).

[94] رواه أحمد 1/ 76، وأبو داود في كتاب الحج، باب الصلاة بجمع 2/ 193، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف 3/ 232، وقال: "حديث حسن صحيح"، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب الموقف بعرفة 2/ 1001، وقال أحمد شاكر في تعليقه على المسند 2/ 19: "إسناده صحيح".

[95] الحِلُّ: بالكسر، الحلال. وهو ضد الحرام، والبِلُّ بالكسر: الشفاء والمباح، ويقال حِلٌّ بِلٌّ، أو هو اتباع. انظر: القاموس المحيط ص1251، مادة (حل)، مختار الصحاح ص150.

[96] رواه الأزرقي في أخبار مكة، باب ما جاء في تحريم العباس بن عبد المطلب زمزم للمغتسل فيها وغير ذلك 2/ 58، والفاكهي في أخبار مكة، ذكر تحريم العباس بن عبد المطلب زمزم وابنه عبد الله على المغتسل فيها 2/ 63، قال النووي في المجموع 1/ 91: "لم يصح ما ذكروه عن العباس، بل حكى عن أبيه عبد المطلب" اهـ، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 247: "الصحيح أن القائل هو عبد المطلب، وقد روى من قول العباس وابنه عبد الله، وكأنهما يقولان ذلك، على سبيل التبليغ والإعلام بما اشترطه عبد المطلب عند حفره، فلا تنافي" اهـ بتصرف.

[97] أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 36، وفي إسناده عطية العوفي، وفي التقريب 2/ 42: "صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلسًا".

[98] سبق تخريجه.

[99] تحفة الراكع والساجد ص202.

[100] انظر: عمدة القاري 12/ 152، والمدونة مع المقدمات 1/ 202، وفتح الباري 4/ 280، وكشاف القناع 2/ 362، ومطالب أولي النهى 2/ 252.

[101] صحيح البخاري مع شرح عمدة القاري 12/ 152.

[102] تقدم.

[103] انظر: ص222.

[104] بدائع الصنائع 2/ 117، والمجموع 6/ 533، ومطالب أولي النهى 2/ 252.

[105] انظر: ص233.

[106] شرح الزركشي 3/ 17.

[107] المدونات مع المقدمات 1/ 198، والشرح الصغير وحاشيته 1/ 258.

[108] انظر: ص

[109] انظر: المبسوط 3/ 121، والفتاوى الهندية 2/ 212، والمدونة مع المقدمات 1/ 198، وفتح الباري 4/ 280، والمستوعب 3/ 490، ومطالب ألوي النهى 2/ 252.

[110] انظر: ص233.

[111] سورة محمد: 33.

[112] سبق توثيقه.

[113] سبق تخريجه.

[114] سبق تخريجه.

[115] شرح الزركشي 3/ 16، وتحفة الراكع والساجد ص208، والإنصاف 3/ 386.

[116] المبسوط 3/ 131، وحاشية ابن عابدين 1/ 662، 2/ 448، وأحكام القرآن للقرطبي 12/ 270، وشرح الزرقاني 1/ 356.

[117] تحفة الراكع والساجد ص208، وتحفة الأحوذي 1/ 267، ونيل الأوطار 2/ 158.

[118] سورة النور: 36.

[119] يأتي تخريجه ص254، وهو في الصحيحين.

[120] أخرجه الإمام أحمد 2/ 179، وأبو داود في الصلاة، باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (ح1079)، والترمذي في الصلاة، باب كراهية البيع والشراء في المسجد (ح722)، والنسائي في المساجد، باب النهي عن البيع والشراء في المسجد 2/ 47، وابن ماجه في المساجد، باب ما يكره في المساجد (ح748)، والطحاوي في الشرح 4/ 358، وسكت عنه أبو داود، وحسنه الترمذي، وقال الحافظ في الفتح 1/ 549: "وإسناده صحيح إلى عمرو فمن يصحح نسخته يصححه" وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند (ح6676، 6991).

[121] انظر: تحقيق المراد في النهي يقتضي الفساد ص120.

[122] أخرجه الترمذي في البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد (ح1321)، والنسائي في اليوم والليلة (ح176)، وابن خزيمة (1305)، وابن حبان (1650) إحسان، والدارمي 1/ 326، وابن الجارود (ح562)، وابن السني (ح153)، والحاكم 2/ 56، والبيهقي 2/ 447. وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.

[123] أخرجه مسلم في المساجد، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد (ح568).

[124] شرح مسلم للنووي 5/ 54.

[125] أخرجه البخاري في المساجد، باب رفع الصوت في المسجد (ح470).

[126] فتح الباري 1/ 560.

[127] تقدم تخريجه ص248.

[128] بدائع الصنائع 2/ 117، والمدونة مع مقدمات ابن رشد 1/ 199، والشرح الكبير وحاشيته 1/ 548، والمجموع 6/ 531، وشرح العمدة 2/ 798، وكشاف القناع 2/ 362، والمحلى 5/ 189.

[129] انظر: المراجع السابقة.

[130] سبق توثيقه ص111.

[131] انظر: ص160.

[132] أخرجه عبد الرزاق 4/ 362، وابن أبي شيبة 3/ 93، وابن حزم في المحلى 5/ 189، واحتج به، وإسناده صحيح، عمار بن عبد الله بن يسار روى عن أبيه، وروى عن ابن عيينة. (الجرح والتعديل 6/ 392).

[133] انظر: ص117.

[134] انظر: ص165.

[135] فتح القدير 1/ 422.

[136] المستوعب 3/ 490، وتحفة الراكع والساجد ص209، والمبدع 3/ 82.

[137] أحكام القرآن للقرطبي 12/ 270، وانظر: مواهب الجليل 2/ 462.

[138] المجموع 6/ 529، والإقناع 1/ 229، وفتح الوهاب 1/ 127.

[139] فتح القدير 1/ 422.

[140] مغني المحتاج 1/ 452.

[141] انظر: ص246.

[142] تحفة الراكع والساجد ص209.

[143] شرح صحيح مسلم للنووي 5/ 55.

[144] أخرجه البخاري في الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد (ح454)، ومسلم في العيدين (ح892).

[145] انظر: فتح الباري 1/ 549.

[146] انظر في هذه المسألة: فتح القدير 1/ 422، والمنتقى للباجي 1/ 311، وأحكام القرآن للقرطبي 12/ 270، والمحلى 4/ 241، والآداب الشرعية 3/ 395، وتحفة الراكع والساجد ص210.

[147] حاشية ابن عابدين 1/ 656، ومواهب الجليل 2/ 463، والمجموع 6/ 531، وروضة الطالبين 2/ 393، وتحفة الراكع والساجد للجراعي ص201.

[148] أخرجه البخاري في الوضوء، باب ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله (ح219)، ومسلم واللفظ لـه في الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد (ح284).

[149] الكافي لابن قدامة 1/ 374.

[150] المعيار المعرب 1/ 235.

[151] المجموع 2/ 175.

[152] تحفة الراكع والساجد ص201.

[153] سبق تخريجه ص38.

[154] انظر: كشاف القناع 2/ 370.

[155] إعلام الساجد للزركشي ص313، الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 384.

[156] الأشباه والنظائر لابن نجيم ص371، وأحكام القرآن للقرطبي 12/ 267، والمجموع 2/ 170، وفتح الباري 1/ 538، وكشاف القناع 2/ 365.

[157] أخرجه الباري في الصلاة، باب الحدث في المسجد (ح445)، ومسلم في المساجد، باب فضل صلاة الجماعة (ح649).

[158] إعلام الساجد ص313.

[159] فتح الباري 1/ 539، 564.

[160] أخرجه مسلم في المساجد، باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة (ح649، 274).

[161] أخرجه البخاري بهذا اللفظ في الصلاة، باب الصلاة في سوق المسجد (ح477).

[162] تقدم توثيقه، وهذا اللفظ لمسلم.

[163] أخرجه مسلم في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا (ح564).

[164] انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 384.

[165] شرط ظاهر الجلد المتصل قصدًا، لإخراج الدم من الجسم دون العروق.

[166] شق العرق لإخراج الدم. (حاشية ابن قاسم 3/ 397، 399).

[167] المجموع 2/ 92، 175، وإعلام الساجد ص313، ومغني المحتاج 1/ 452.

[168] تحفة الراكع والساجد 201، وكشاف القناع 2/ 370.

[169] شرح العمدة 2/ 829.

[170] تقدم تخريجه.

[171] سبق تخريجه.

[172] سبق تخريجه.

[173] كشاف القناع 2/ 370.

[174] أخرجه البخاري في الحيض، باب الاعتكاف للمستحاضة ص309.

[175] عزاه في مجمع الزوائد 2/ 20، 21، للإمام أحمد، وقال: "وفيه ابن لهيعة وفيه كلام".

[176] شرح مسلم للنووي 5/ 41.

[177] فتح القدير 1/ 422، والفتاوى الهندية 1/ 110.

[178] كشاف القناع 2/ 465.

[179] شرح مسلم للنووي 5/ 41.

[180] عون المعبود 1/ 177، 178.

[181] تحفة الراكع والساجد ص200.

[182] المجموع 4/ 101، وإعلام الساجد للزركشي ص309.

[183] منح الجليل 1/ 250.

[184] أخرجه مسلم في المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد (ح552).

[185] أخرجه مسلم في الموضع السابق.

[186] سبق تخريجه.

[187] أخرجه الإمام أحمد 4/ 58 (الفتح الرباني)، وحسنه ابن حجر في الفتح 1/ 512.

[188] أخرجه البخاري بنحوه في الصلاة، باب لا يبصق عن يمينه في الصلاة (ح410)، ومسلم في المساجد، باب النهي عن البصاق في المسجد (550).

[189] المصادر السابقة.

[190] إعلام الساجد للزركشي ص309.

[191] سبق تخريجه.

[192] إعلام الساجد ص309.

[193] تقدم تخريجه.

[194] الاختيارات ص114.

[195] المغني 4/ 479.

[196] المغني 4/ 479، والإنصاف مع الشرح الكبير 7/ 730.

[197] الفتاوى الهندية 1/ 212.

[198] أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك (ح6704).

[199] أخرجه أحمد 5/ 224، وعبد بن حميد في مسنده 1/ 393 المنتخب، والطبراني في الكبير 2/ 44، من طريق عبيد الله بن إياد بن لقيط سمعت ليلى امرأة بشير أن بشيرًا سأل... وعبيد الله بن إياد: صدوق، فالحديث حسن. (انظر: تهذيب الكمال 19/ 12، والتقريب 1/ 531).

[200] أخرجه البخاري في مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية (ح3834).

[201] أخرجه أبو داود في الوصايا، باب متى ينقطع اليتم (ح2873). وسكت عنه أبو داود، وحسنه النووي في رياض الصالحين (ح1803)، وكذا سكت عنه الحافظ في الفتح 7/ 150.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الاعتكاف وحلاوة الخلوة
  • اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
  • فقه الاعتكاف (1)
  • إحياء ليلة القدر.. وسنة الاعتكاف
  • فقه الاعتكاف (2)
  • الهدي النبوي في الاعتكاف
  • فقه الاعتكاف (4)
  • فقه الاعتكاف (5)
  • فقه الاعتكاف (6)
  • الاعتكاف: التزكية الخاصة
  • 17 خطوة لاعتكاف ناجح
  • مقصود الاعتكاف وحقيقته
  • سلامة الصدر وفضل الاعتكاف
  • الاعتكاف
  • الاعتكاف والسنن الربانية المهجورة
  • الاعتكاف
  • الاعتكاف: حكمته وأحكامه
  • الاعتكاف
  • فقه الاعتكاف.. وأثره في السلوك الأخلاقية وبناء المجتمع
  • الاعتكاف والخروج من المعتكف للحاجة
  • الاعتكاف في العشر الأواخر
  • أقل الاعتكاف وأكثره
  • اعتكاف المرأة
  • الاعتكاف في غير رمضان
  • من القربات في رمضان: الاعتكاف
  • أحكام الاعتكاف (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مختصر أحكام الاعتكاف(مقالة - ملفات خاصة)
  • الوجيز في فقه الاعتكاف(مقالة - ملفات خاصة)
  • تربية الاعتكاف(مقالة - ملفات خاصة)
  • هل يصح اعتكاف المرأة؟ وهل يكون الاعتكاف في أيام معينة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتكاف آداب وأحكام(مقالة - ملفات خاصة)
  • سنية الاعتكاف في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • انو مكثك بالمسجد اعتكافا، وبيان أقل وقت الاعتكاف(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • في فضل الاعتكاف(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • خطبة المسجد النبوي 22/9/1433 هـ - الاعتكاف وآدابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا أعتكف ( نيات الاعتكاف )(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب