• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)

الشيخ تركي بن عبدالله الميمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/6/2011 ميلادي - 7/7/1432 هجري

الزيارات: 8740

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المنتقى المشبع من الشرح الممتع (13)
باب شروط الصلاة

 

الشرط لغة: العلامة، وعند الأصوليين: ما يلزم من عدمه العدمُ، ولا يلزم من وجوده الوجودُ، مثل: الوضوء للصلاة، يلزم من عدمه عدم صحَّة الصلاة، ولا يلزم من وجوده وجود الصلاة.

(شروطها قبلها)؛ أي: تقع قبلها، لكن لا بدَّ من استمرارها فيها.

(منها الوقت)؛ أي: دخول الوقت، والدليل: قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103] أي: مؤقتًا بوقْته، وقوله - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظلُّ الرجل كطوله ما لَم يحضرْ وقت العصر، ووقت العصر ما لَم تصفرَّ الشمس))؛ الحديث.

 

(والطهارة من الحدث)؛ لقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إذا أحْدَث، حتى يتوضَّأ)).

(والنجَس)، والطهارة من النجس يعني: في الثوب، والبقعة، والبدن.

 

(فوقت الظهر من الزوال)، أمَّا علامة الزوال بالساعة، فاقْسِم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين، وهذا هو الزوال، فإذا قدَّرنا أنَّ الشمس تطلُع في الساعة السادسة، وتغيب في الساعة السادسة، فالزوال في الثانية عشرة.

(إلى مساواة الشيء فَيْئَه بعد فَيء الزَّوال)، وذلك أنَّ الشمس إذا طلعَتْ صار للشاخص ظلٌّ نحو الغرب، ثم لا يزال هذا الظلُّ ينقص بقدر ارتفاع الشمس في الأُفق، حتى يتوقَّف عن النقص، ثم زاد بعد توقُّف النقْض ولو شعرة، فهذا هو الزَّوال، وبه يدخل وقت الظهر، فإذا بدَأ يزيد، فضَعْ علامة على ابتداء زيادته، ثم إذا امتدَّ الظلُّ من هذه العلامة بقدر طول الشاخص، فقد خرَج وقت الظهر ودخَل وقت العصر.

(وتعجيلها أفضل)؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، ولأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سأَلَه ابن مسعود: أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ فقال: ((الصلاة على وقْتها))؛ أي: من حين دخول وقتها.

(إلاَّ في شِدَّة حَرٍّ، ولو صلَّى وحْده)؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا اشْتَدَّ الحرُّ، فأبْرِدوا بالصلاة، فإنَّ شدة الحرِّ من فَيْح جهنَّمَ)).

(أو مع غَيْم لِمَن يصلِّي جماعةً)؛ أي: يُسَنُّ تأخير صلاة الظهر مع الغَيْم لِمَن يُصَلِّي في المسجد، والصواب: عدم استثناء هذه الصورة، وأنَّ صلاة الظهر يُسَنُّ تقديمها إلاَّ في شِدَّة الحَرِّ فقط.

 

(ويليه وقت العصر) أي: يلي وقت الظهر وقت العصر، والصحيح: أنْ لا اشتراكَ ولا انفصال بين الوقْتين، فإذا خرَج وقت الظهر، دخَل وقت العصر.

(إلى مصير الفيء مثليه بعد فيء الزوال) يعني: أنَّ فَيء الزوال لا يُحسَب، فنبدأ منه، فإذا صار الظِّلُّ طول الشاخص، فهذا نهاية وقت الظُّهر ودخول وقت العصر، وإذا كان طول الشاخص مرَّتين، فهو نهاية وقت العصر، ولكنَّ الراجح: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((وقت العصر ما لَم تَصفرَّ الشمس))؛ أي: ما لَم تكن صفراءَ، وهذا في الغالب يزيد على مصير ظلِّ كلِّ شيءٍ مِثْلَيْه، وعليه فنقول: وقت العصر إلى اصْفرار الشمس.

 

(والضرورة إلى غروبها)؛ أي: يمتدُّ وقت الضرورة إلى غروب الشمس، والدليل: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أدرَكَ ركعةً من العصر قبل أن تغرُبَ الشمس، فقد أدْرَك العصر)). ومعنى وقت الضرورة: أن يضطرَّ الإنسان إلى تأخيرها عن وقت الاختيار، وهو يستطيع أن يصلِّي قبل الاصفرار، لكن فيه مَشَقَّة، فإذا أخَّر وصلَّى قُبيل الغروب، فقد صلَّى في الوقت.

(ويُسَنُّ تعجيلها)؛ لحديث أبي بَرْزَة الأَسْلَمي: "أنه كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلِّي العصر والشمس مُرتفعة، حتى إنهم يذهبون إلى رحالهم في أقصى المدينة والشمس حَيَّة".

 

(ويَلِيه وقت المغرب إلى مَغيب الحُمْرة)، بدون فاصل أو اشتراك بينهما في الوقت، فوقْتُ المغرب من مَغيب الشمس إلى مَغيب الحُمْرة، فمتى رأيت الحُمْرة في الأُفق قد زالتْ، فقد انقَضى وقت المغرب، وهو يتراوَح ما بين ساعة ورُبُعٍ إلى ساعة ونصف وثلاث دقائق تقريبًا.

(وَيُسَنُّ تعجيلُها)؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُصَلِّيها إذا وَجَبت؛ أي: وَجَبت الشمس وغَرَبت، فيُبادِر بها، ولكن يتأخَّر بمقدار الوضوء والرَّكعتين، وما أشبه ذلك.

(إلاَّ ليلة جَمْعٍ لِمَن قصَدها مُحْرِمًا)؛ أي: إلاَّ ليلة مُزْدَلفة للحاج؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا نزَل وبالَ في "الشِّعب"، قال له أسامة بن زيد: الصلاة يا رسول الله، فقال: ((الصلاة أمامك)).

 

(ويَلِيه وقت العِشاء)؛ أي: يَلِي وقت المغرب وقتُ العشاء؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص، وحديث جبريل، فإنهما يدلان على أنَّ وقت العِشاء يدخل بمَغيب الشَّفَق.

(إلى الفجر الثاني، وهو: البياض المعترض) في الأُفق، يعني: من الشمال إلى الجنوب، والصواب: أنَّ وقت العِشاء إلى نصف الليل؛ لقوله - تعالى -: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الإسراء: 78]، ويكون غَسَقُ الليل عند مُنتصفه، إذًا من نصف النهار الذي هو زوالها إلى نصف الليل جعَله الله وقتًا واحدًا؛ لأن أوقات الفرائض فيه متواصِلة؛ ولهذا فَصَل، فقال: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾ [الإسراء: 78]، ففَصَل وجَعَل الفجر مستقلاًّ، فدلَّ هذا على أن الصلوات الخمس أربع منها مُتتالية، وواحدة منفصلة، وحديث عبدالله بن عمرو بن العاص وحديث جبريل يدلان على أنَّ وقتَ العِشاء ينتهي عند منتصف الليل.

(وتأخيرها إلى ثُلُث الليل أفضلُ إنْ سَهُل)؛ لحديث أبي بَرْزَة - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستحبُّ أن يؤخِّرَ العِشاء".

(ويَلِيه وقت الفجر إلى طلوع الشمس)؛ لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص.

(وتعجيلها أفضل)؛ لأن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُصَلِّيها بغَلَسٍ، وينصرف منها حين يعرف الرجل جَلِيسه، وكان يقرأ بالسِّتين إلى المائة، فدلَّ ذلك على أنه كان يُبادر بها جدًّا.

 

(وتُدْرَك الصلاة بتكبيرة الإحرام في وقتها)، فكل صلاة مؤقَّتة تُدْرَك بتكبيرة الإحرام، والقول الثاني: أنها لا تُدْرَك الصلاة إلاَّ بإدراك ركعة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أدْرَك ركعةً من الصلاة، فقد أدْرَك الصلاة)).

وهذا القول هو الصحيح، والصحيح: أنَّ الجماعة لا تُدْرَك إلاَّ بركعة، كما أنَّ الجمعة لا تُدْرَك إلاَّ بركعة بالاتِّفاق.

 

(ولا يُصلِّي قبل غَلَبة ظنِّه بدخول وقتها)؛ لأن الأصل العدمُ، فلا يُعْدَل عن الأصل إلاَّ بمسوِّغ شرعي، وأفادَ المؤلِّف أنه يجوزَ أن يُصَلِّي إذا غلب على ظنِّه دخول الوقت؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أفْطَر هو وأصحابه بغَلَبة الظنِّ؛ لحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "أفطرنا على عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في يوم غَيْمٍ، ثم طلعَت الشمس".

ثم ذكَر المؤلِّف الطُّرق التي يحصل بها غلبة الظنِّ، فقال: (إمَّا باجتهاد)، لكن بشرط أن يكون المجتهد عنده أداة الاجتهاد، بأن يكون عالِمًا بأدلة الوقت.

 

(أو خبر ثقة مُتيقِّن)، وهذا فيه نظر، والصواب: أنه إذا أخْبَرك مَن تَثِق به، جاز أن تُصَلِّي على خبره؛ سواء كان إخباره عن يقين، أم غَلَبة الظن.

(فإنْ أحرَم باجتهاد فبَانَ قبْله، فنَفْلٌ، وإلاَّ ففَرْضٌ)؛ أي: اجتهَد في تحرِّي الوقت، فكبَّر للإحرام قبل دخول الوقت، فصلاته تكون نفْلاً، وإلاَّ يتبيَّن أنه أحْرَم قبله، فصلاته فرْضٌ.

(وإن أدرك مكلَّف) هو البالغ العاقل.

(مِن وقتها قدْر التَّحريمة)؛ أي: قدر تكبيرة الإحرام.

(ثم زال تكليفُه أو حاضَت، ثم كُلِّف وطَهُرَت؛ قضَوْها)، وقال بعض أهل العلم: لا يلزمه القضاء؛ لا المكلَّف ولا الحائض، إلاَّ إذا بَقِي من وقت الصلاة بمقدار فعْل الصلاة، فحينئذٍ يلزم القضاء، وبناءً عليه، إذا زال التكليف، أو وُجِد المانع في وقتٍ واسع، فإنَّ هذه الصلاة لا يلزم قضاؤها، فإنْ قضاها احتياطًا، فهو على خير، وإن لَم يقْضِها، فليس بآثمٍ.

 

(ومَن صار أهلاً لوجوبها)، أهليَّة الوجوب تكون بالتكليف أو زوال المانع.

(قبل خروج وقتها، لَزِمَتْه)؛ أي: لزمتْه الصلاة التي أدْرَك مِن وقتها قدْرَ التَّحريمة، أو قدْر ركعة على الراجح؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أدْرَك ركعة من الصلاة، فقد أدْرَك الصلاة)).

 

(وما يُجمع إليها قبلها)؛ أي: ولَزِمَه ما يجمع إليها قبلها؛ لورود ذلك عن بعض الصحابة، وقال بعضهم: إنه لا يلزمه إلا الصلاة التي أدْرَك وقتها فقط، فأمَّا ما قبلها فلا يلزمه، وهو القول الراجح؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ أدْرَك ركعة من العصر قبل أن تغرُبَ الشمس، فقد أدْرَك العصر))، ولَم يذكُرْ وجوب قضاء الظهر.

(ويجب فورًا قضاءُ الفوائت)؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن نام عن صلاة أو نَسِيها، فلْيُصَلِّها إذا ذكَرها))، واللام في قوله: ((فليُصَلِّها)) للأمر، والأصل في الأمر الوجوب والفوريَّة. ولا فرقَ بين أن يَدَعَها عمْدًا بلا عذر، أو يدعها لعُذرٍ، فإذا كان المعذور بنوم أو نِسيان يلزمه القضاء، فغير المعذور من باب أَوْلى، والقول الثاني: أنه إذا فاتَت العبادة المؤقَّتة عن وقتها لعُذْر، قُضِيَت، وإنْ فاتَت لغير عُذر، فلا قضاء؛ تنكيلاً به وسخطًا لفِعْله؛ لأنه إذا أخَّرها عن وقتها بغير عُذْر، فقد فعَلها على وجْهٍ لَم يُؤْمَر به، وقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن عَمِل عملاً ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ)).

(مرتِّبًا)؛ لأنه ثبَت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه فاتَه أربعُ صلوات في الخندق، فقضاها مُرتِّبًا.

(ويسقط الترتيب بنِسْيانه)؛ لعموم قوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].

(وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة)؛ لأن الله أمَر أن تُصلَّى الحاضرة في وقْتها، فإذا صليت غيرها، أخرجتها عن الوقت، ويسقط الترتيب؛ لخوف فوَات الجمعة والجماعة، وبالجهل.

 

(ومنها ستر العورة)، والدليل على أنَّ من شرط صحَّة الصلاة ستْرَ العورة قولُه - تعالى -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31]؛ لأن أخْذَ الزينة يلزم مِنه ستْر العورة، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن كان واسعًا، فالْتَحِفْ به، وإن كان ضَيِّقًا، فاْتَّزِرْ به)).

فلا بدَّ من الاتِّزَار، وإذا كان واجبًا في العبادة، فكلُّ واجبٍ في العبادة شرْطٌ لصحَّتها، وأجمع العلماء على أنَّ مَن صلَّى عُريانًا مع قُدرته على اللباس، فصلاته باطلة.

 

(فيجب بما لا يصف البشرة)؛ أي: يُشترط للساتر ألاَّ يصفَ البشرة، فإن وصفَها لَم يجزئ؛ لأنَّ الستر لا يحصل بدون ذلك، فإذا كان الثوب يبيِّن تمامًا لونَ الجلد فيكون واضحًا، فإنَّ هذا ليس بساتر، كما يشترط في الثوب: أن يكون طاهرًا، مباحًا، ألاَّ يضرَّه.

 

(وعَوْرة رجلٍ وَأَمَةٍ وَأُمِّ ولَدٍ وَمُعْتَق بعضها، من السُّرَّة إلى الرُّكبة)، العورة في الصلاة على المشهور من المذهب تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- مخفَّفة: عورة الذكر من سبع إلى عشر سنوات، وهي الفَرْجان فقط.

2- مغلَّظة: عورة الحرَّة البالغة، كلها عورة إلا وجْهها.

3- متوسطة: ما سوى ذلك، وحَدُّها ما بين السُّرَّة والركبة، وقد ذكر المصنِّف في العورة المتوسطة أربعة أصناف:

1- الرجل: وهو في الأصل الذكر البالغ عشر سنوات، والمراد به هنا: مَن بلغ فما فوق.

2- الأَمَة: ولو بالغة، وهي المملوكة.

3- أُمُّ وَلَدٍ: وهي الأمَة التي أتَتْ من سيدها بولدٍ، وهي رقيقة حتى يموت سيِّدها.

4- مُعتَق بعضها؛ أي: بعضها حُرٌّ وبعضها رقيق.

 

(وكل الحرة عورة إلاَّ وجهها)، وليس هناك دليلٌ واضح على هذه المسألة؛ ولهذا ذهَب شيخ الإسلام ابن تيميَّة إلى أنَّ الحرَّة عورةٌ، إلاَّ ما يبدو منها في بيتها، وهو الوجْه والكَفَّان والقَدَمان، فأنا أقلِّد شيخ الإسلام في هذه المسألة.

 

(وتستحب صلاته في ثوبين)؛ لأنهما أبلغ في الستر وأحوط، ومن الثوبين: الإزار والرِّداء.

(ويكفي ستر عورته في النَّفل، ومع أحد عاتقيه في الفرض)، العاتق: هو موضع الرِّداء من الرقبة، فالرِّداء يكون ما بين الكتف والعُنق، ففي الفريضة لا بد أن تُضيف إلى ستر العورة ستْرَ أحد العاتقين؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يُصَلِّينَّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)).

والقول الثاني: أن ستْرَ العاتقين سُنَّة وليس بواجب، لا فرْقَ بين الفرض والنَّفل؛ لحديث: ((إن كان ضيِّقًا، فاتَّزِرْ به))، وهذا هو القول الراجح.

 

(وصلاتها)، يعني: تُسَنُّ صلاة المرأة (في درْعٍ) هو: القميص السابغ الذي يصل إلى القَدَمين.

(وخمار): ما يُلَف على الرأس.

(ومِلْحَفة): ما يُلَف على الجسم كلِّه كالعباءة والجِلباب؛ لأن هذا هو ما رُوِي عن عمر، وعائشة، وأُمِّ سَلَمة - رضي الله عنهم.

(ويجزئ ستر عورتها)؛ أي: ولو بثوبٍ واحد.

 

(ومَن انكشَف بعض عورته وفَحُشَ)، ظاهره أنَّ هذا انكشاف دون عمدٍ، وأنه لو تعمَّد لَم تصحَّ الصلاة؛ سواء كان الانكشاف يسيرًا أم فاحشًا، ولو في زمن يسير، فإن صلاته تبطُل، فإن فَحُشَ ولكنَّه في زمن يسير، بحيث انكشفَ ثم سترَه، فظاهر كلام المؤلِّف أن صلاته لا تصحُّ، وهذا ليس بصحيح، بل نقول: إذا انكشَف كثيرٌ وسترَه في زمن يسير، فإنَّ صلاته لا تبطُل.

(أو صلَّى في ثوب محرَّم عليه)، فإذا صلَّى في ثوبٍ محرَّم عليه؛ إمَّا لكَسْبه: كالمغصوب، وإمَّا لعَيْنه: كالحرير على الرجل، وإمَّا لوصْفه: كالثوب الذي فيه إسبال، فصلاته غير صحيحة؛ لأن الستر عبادة، والعبادة إذا وقعَت على وجْه منهيٍّ عنه، فقد وقعَت على غير ما أمَر الله به ورسوله، فتكون مردودة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن عمل عملا ًليس عليه أمرنا، فهو رَدٌّ)).

والراجح: أنه إذا صلَّى بثوب محرَّم، فصلاته صحيحة، لكنَّه آثِمٌ؛ لأنَّ الستْر حصَل به، والجهة منفكَّة؛ لأنَّ تحريم لبس الثوب ليس من أجل الصلاة، ولكنَّه تحريم مُطلق.

(أو نجس)، والمراد بالثوب النجس: ما كان نجسًا بعينه كجلد السباع، أو متنجِّسًا بنجاسة لا يُعْفَى عنها.

 

(أعاد) ظاهره سواء كان عالِمًا أم جاهلاً، أم ذاكرًا أم ناسيًا، أم عادمًا أم واجدًا، وهذا هو المذهب، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا كان جاهلاً أو ناسيًا أو عادمًا، فلا إعادة عليه؛ لقوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].

ولأن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا أخبره جبريل بأن في نَعْلَيْه أذًى أو قذرًا، خلعهما واستمرَّ في صلاته.

(لا مَن حُبِس في محلٍّ نَجِسٍّ)؛ أي: لا يُعيد مَن حُبِس في مَحلٍّ نَجِسٍّ، ولَم يتمكَّن من الخروج إلى محلٍّ طاهر؛ لأنه مُكره؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله تجاوز عن أُمَّتي الخطأ والنسيان، وما استُكِرهوا عليه)).

 

(ومَن وجَد كفاية عورته، سترَها)؛ أي: وجوبًا، (وإلاَّ فالفَرْجين)؛ أي: وإلاَّ يجد، فليستر الفرْجين، يعني: القُبُل والدُّبُر، (فإن لَم يَكْفهما، فالدُّبر)؛ أي: إن لَم يكفِ الموجود الفرْجين، ستَر الدُّبُر.

(وإنْ أُعير سُترةً، لَزِمه قَبولها)، وتعليل ذلك: أنه قَدر على ستْر عوْرته بلا ضررٍ ولا مِنَّة، فالقول الراجح: أنه يلزمه تحصيل السُّترة بكلِّ وسيلة ليس عليه فيها ضررٌ ولا مِنَّة؛ سواء ببيع، أم باستعارة، أم بقَبول هِبَة، أم ما أشبه ذلك؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

(ويُصَلِّي العاري قاعدًا بالإيماء)؛ لأنه أسْتَرُ لعَوْرته، (استحبابًا فيهما)؛ أي إنَّ القعود والإيماء استحبابًا لا على وجْه الوجوب، وقال بعض أهل العلم: في هذا تفصيل؛ فإنْ كان حوله أحد، صلى قاعدًا، وإن لَم يكن حوله أحد، أو كان في ظُلمة، أو حوله شخص لا يُبصر، أو شخص لا يَستحيي من انكشاف عوْرته عنده كالزوجة، فإنه يُصَلِّي قائمًا، ويَرْكع ويَسجد، وهذا القول أقربُ الأقوال إلى الحق.

(ويكون إمامهم وسطهم)؛ لأنه أسْتَرُ له، وقال بعض أهل العلم: بل يتقدَّم الإمام، وهذا القول أقربُ إلى الصواب، ويُستثنى من كلام المؤلف: ما إذا كانوا في ظُلمة أو لا يُبصرون، فإن إمامهم يتقدَّم عليهم.

 

(ويُصلي كلُّ نوعٍ وحْده)؛ أي: صلى الرجال وحْدهم، والنساء وحدهنَّ؛ لأن النساء إذا صففْنَ وراء الرجال، صِرْنَ يَرَيْن عوراتهم.

(فإنْ شقَّ) بحيث لا يوجد مكان آخر، (صلى الرجال واستدْبَرهم النساء، ثم عكسوا)، فتكون ظهور النساء إلى القِبلة، ثم بعد ذلك يصلي النساء ويستدبرهنَّ الرجال، فتكون ظهور الرجال نحو القِبلة.

(فإنْ وجَد سُترة قريبة)؛ أي: لَم يطل الفصل، أخَذها و(ستَر وبَنَى) على صلاته، (وإلاَّ ابتَدَأ)؛ أي: وإن كانتْ بعيدة، فإنه يقطع صلاته ويبتدئ الصلاة من جديد.

 

(ويُكره في الصلاة السدْل)، والمعروف عند فقهائنا أنَّ السدل هو: أن يطرحَ الثوب على الكَتِفين، ولا يردَّ طرَفَه على كَتِفه الآخر، ولكن إذا كان هذا الثوب مما يُلبس عادة هكذا، فلا بأس به.

(واشتمال الصَّمَّاء)؛ أي: أنْ يلتحِفَ بالثوب، ولا يجعل ليدَيْه مخرجًا، وقال بعض العلماء: اشتمال الصَّمَّاء أن يضطبع بثوبٍ ليس عليه غيره، وهو المذهب، وقيل: أن يجعل الرِّداء على رأْسه، ثم يُسدِل طرَفيه إلى رِجليه، فهذه ثلاث صفات لاشتمال الصَّمَّاء، وإذا تأمَّلتها وجَدت أنها تُخالف قوله - تعالى -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31].

 

(وتَغْطية وجهه)؛ لأنه يؤدي إلى الغَمِّ، وإذا سجَد سيجعل حائلاً بينه وبين سجوده.

(واللثام على فمه وأنفه)؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نَهَى أن يُغطي الرجل فاه في الصلاة.

(وكفُّ كُمِّه): أن يجذبَه حتى يرتفع، (ولفُّه) أن يَطويه حتى يرتفع؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُمِرت أن أسجدَ على سبعة أعْظُم، ولا أكُفّ شعرًا ولا ثوبًا)).

(وشَدُّ وسطِه كزُنَّار)؛ لأنه تشبُّه بغير المسلمين، وهذا يقتضي أن يكون حرامًا؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشبَّه بقوم، فهو منهم))، فلا يقتصر على الكراهة فقط، والزُّنَّار: سير معروف عند النصارى يشدون به أوساطهم.

 

(وتَحرم الخُيلاء في ثوب وغيره)، والخيلاء: أن يجد في نفسه شيئًا من التعاظُم على الغير، وهذا حرام في الثوب وغيره؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن جرَّ ثوبه خُيلاءَ، لَم ينظر الله إليه)).

(والتصوير)، والتصوير أنواع ثلاثة:

(1) تصوير ما يصنعه الآدمي، فهذا جائز، كأنْ يصوِّر الإنسان سيارة.

(2) أن يصوِّر ما لا رُوح فيه مما لا يَخلقه إلاَّ الله، كتصوير الأشجار، وهذا جائز لا بأْسَ به.

(3) أن يصوِّر ما فيه نفس من الحيوان، والصحيح أن هذه الصورة محرَّمة؛ سواء كانتْ مُجسمة أم ملوَّنة؛ لحديث علي بن أبي طالب أنه قال لأبي الهيَّاج الأَسَدِي: "ألا أبعثك على ما بَعثني عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألاَّ تدَعَ صورة إلاَّ طَمَسْتها".

 

(واستعماله) يعني: أنَّ استعمال الصور حرام، واستعمال المصوَّر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

(1) أن يستعملَه على سبيل التعظيم، فهذا حرام؛ سواء كان مجسَّمًا أم ملوَّنًا.

(2) أن يتَّخذه على سبيل الإهانة، كأن يجعله فراشًا أو مِخَدَّة، ولا شكَّ أن تجنُّب هذا أوْرَعُ وأحْوط.

(3) ألاَّ يكونَ في استعمالها تعظيمٌ ولا امتهان، فذهَب جمهور أهل العلم إلى تحريم استعمال الصور على هذا الوجْه.

 

(ويَحرم استعمال منسوج أو مُموَّه بذهب قبل استحالته)، يعني: يَحرم على الذَّكر استعمال منسوج بذهب أو مُموَّه به، والمنسوج بذهبٍ: هو أن يكون فيه خيوطٌ من الذهب تُنسج؛ لعموم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أُمَّتي، وحُرِّم على ذكورها))، ويَحرم مُموَّه بذهب: وهو المطْلي بالذهب، على الرجل؛ لعموم الحديث.

إلاَّ أنَّ المؤلف استثنى إذا استحال الذهب وتغيَّر لونه، وصار لو عُرِض على النار، لَم يحصل منه شيء، فهذا لا بأْس به.

 

(وثياب حرير)؛ للحديث السابق، (وما هو أكثره ظهورًا على الذُّكور)؛ أي: يَحرُم على الذكور ثوبٌ يكون الحرير أكثره ظهورًا، وظاهر كلام المؤلف: أنه لو كان الحريرُ أقلَّ، فليس بحرامٍ.

(لا إذا اسْتَوَيَا)؛ أي: لا يَحرُم الحرير إذا اسْتَوَيَا هو وما معه، وقال بعض أصحابنا: بل إذا استوَيَا يَحرم.

(ولضرورة)؛ أي: أو لُبسه لضرورة، فكل ما دَعَت إليه الضرورة جاز لُبسه.

(أو حكَّة)؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رخَّص لعبدالرحمن بن عوف والزبير - رضي الله عنهما - أن يَلبسا الحرير من حَكَّة كانت بهما.

فالحكَّة إذًا تُبيح لبس الحرير.

 

(أو مرض أو قُمَّل أو حَرْب)؛ أي: يجوز لُبس الحرير إذا كان فيه مرض، أو لطرْد القُمَّل، أو لحرْبٍ مع الكفار؛ لما فيه من إغاظة لهم.

(أو حَشْوًا أو كان عَلَمًا)؛ أي: يجوز أن يَلبس الإنسان ثوبًا محشوًّا بالحرير، أو كان الحرير عَلَمًا في ثوب، والعَلَم معناه: الخط يطرز به الثوب، لكن بشرطٍ ذكَره المؤلف بقوله: (أربعُ أصابع فما دون)؛ أي: إذا كان العَلَم أربعة أصابع في مكان واحدٍ فما دون، فهذا لا بأْس به؛ لحديث عمر - رضي الله عنه -: "أنه لَم يُرخص في الحرير إذا كان عَلَمًا أربعَ أصابع فما دون".

(أو رِقاعًا)؛ أي: لو رقَّع الثوب بالحرير، فإنه يجوز، لكن يُقيَّد بأن يكون أربعَ أصابع فما دون.

(أو لبنة جَيْب)، والجيب: هو الذي يدخل معه الرأْس، ولَبنته: ما يُوضع من حريرٍ على هذا الطوق.

(وسُجُف فِراءٍ)، والفِراء: جمع فرْوة، وسُجُفها: أطرافها، فهذا لا بأْس به؛ لكن بشرط أن يكون أربعَ أصابع فما دون.

(ويُكره المُعَصْفر) هو: المصبوغ بالعُصفر.

(والمُزَعْفر) هو: المصبوغ بالزعفران، (للرجال)؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى على عبدالله بن عمرو بن العاص ثوْبَين مُعَصْفرين، فنهاه أن يَلبسهما، وقال: ((إنَّ هذه من ثياب الكفار؛ فلا تَلبسها))، والقول الصحيح: أنَّ لُبس المُعَصْفر حرامٌ على الرجال، والمُزَعْفر مثله؛ لأنَّ اللون واحدٌ أو متقارب.

 

(ومنها: اجتناب النجاسات)؛ أي: ومن شروط صحة الصلاة اجْتناب النجاسات؛ أي: التنزُّه منها، وهذا في البدن والثوب والبقعة، أما البدن، فالدليل أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرَّ بقبرين يعذبان، وأحدهما كان لا يَستتر من البول، وهذا دليل على أنه يجب التنزُّه من البول، وأمَّا دليلها في الثوب، فخلْع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - نَعْليه لَمَّا أخبره جبريل أنْ فيهما أذًى، وأما الدليل على طهارة المكان، فأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال في المساجد: ((إنه لا يَصلح فيها شيء من الأذى والقذر))، وأمَر أن يُصَبَّ على بوْل الأعرابي ذَنوب من ماء ليُطهره.

 

(فمَن حمل نجاسة لا يُعفى عنها، أو لاقاها بثوبه أو بدنه، لَم تَصِحَّ صلاته، وإن طيَّن أرضًا نَجِسة أو فَرَشَها طاهرًا)؛ أي: فرَش عليها.

(كُرِه وصحَّتْ)، والصواب: أنها تَصِح ولا تُكْرَه.

(وإن كانتْ بطرف مُصَلى متصلٍ، صحَّت إن لَم يَنْجَرَّ بمشْيه)؛ أي: إذا كانت النجاسة متصلة بشيء متعلق بالمصلي، فإن كانتْ تنجرُّ بمشْيه، لَم تصحَّ صلاته، وإن كانت لا تنجرُّ، صحَّت صلاته، مثال: رجل ربَط حبلاً بحجرٍ كبير متلوِّث بالنجاسة، وربَط الحبل بيده، أو على بطنه، فصلاته صحيحة؛ لأنَّ الحجر الكبير لا ينجرُّ بمشْيه، والصحيح: أنها لا تبطل الصلاة؛ لأن النجاسة هنا لَم يباشرْها ثوْبه، ولا بقعة صلاته، ولا بدنه.

 

(ومَن رأى عليه نجاسة بعد صلاته، وجَهِل كونها فيها، لَم يُعِد)؛ أي: لا يَدري هل كانت عليه وهو في صلاته أو أصابته بعد الصلاة؟ ففي هذه الصورة لا إعادة عليه؛ لأن الأصلَ عدم حصول النجاسة.

(وإن عَلِم أنها كانت فيها، لكن نَسِيها أو جَهِلها، أعادَ)؛ أي: عَلِم أنَّ النجاسة كانت في الصلاة لكن لَم يَعلم إلاَّ بعد صلاته، فعليه الإعادة، والراجح: أنْ لا إعادة عليه؛ سواء نَسِيها أو نَسِي أن يَغسلها، أو جَهِل أنها أصابتْه، أو جَهِل أنها من النجاسات، أو جَهِل حُكمها، أو جَهِل أنها قبل الصلاة أو بعدها، والدليل قوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].

ولأنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين صلَّى في نَعْلين وفيهما قذرٌ، وأعْلمه بذلك جبريل، لَم يستأنف الصلاة، وإذا لَم يبطل هذا أولَ الصلاة، فإنه لا يُبطل بقيَّة الصلاة.

 

(ومَن جُبِر عَظمُه بنجسٍ، لَم يجب قَلْعُه مع الضَّرر)؛ لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أباح ترْكَ الوضوء عند خوف الضَّرر، فترك اجتناب النجاسة من باب أوْلَى عند خوف الضرر.

(وما سَقَط منه مِن عُضو أو سِنٍّ، فطاهر)؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ المؤمن لا ينجس))، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما قُطِع من البهيمة وهي حيَّة، فهو مَيِّت)). وأخَذ العلماء من ذلك قاعدة: وهي: "ما أُبِينَ من حي، فهو كمَيْتَته حِلاًّ وحُرمة، وطهارة ونجاسة)، ومَيْتة الآدمي طاهرة، إذًا فالعضو المنفصل منه طاهر.

 

(ولا تصح الصلاة في مَقبرة)؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الأرض كلُّها مسجد إلاَّ المقبرة والحمَّام))، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لعَن الله اليهود والنصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجدَ)).

ويُستثنى من ذلك صلاة الجنازة.

(وحُشٍّ)؛ أي: المكان الذي يتخلَّى فيه الإنسان، فلا تصح الصلاة فيه؛ لأنه نجسٌ خبيثٌ، ولأنه مأْوى الشياطين.

(وحَمَّام) هو: المغْتَسل، فإنه لا تصح فيه الصلاة؛ لحديث: ((الأرض كلها مسجد إلاَّ المَقبرة والحمام)).

(وأعطان إبل)، والصحيح: أنه شامل لِمَا تُقيم فيه الإبل وتأْوي إليه، كمرَاحِها؛ سواء كانت مبنيَّة بجُدران، أم مَحُوطة بقوْسٍ أو أشجار، أو ما أشبه ذلك، وكذلك ما تعطن فيه بعد صدورها من الماء، والدليل: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صلُّوا في مَرابِض الغَنم، ولا تصلُّوا في أعطان الإبل)).

(ومغصوب)؛ أي: ولا تصحُّ الصلاة في مغصوب، وهو: كلُّ ما أُخِذ من مالكه قهرًا بغير حقٍّ، والراجح: أنها تصح مع الإثم.

(وأسْطحتها) يعني: لا تصحُّ الصلاة في أسطحة هذه الأماكن، وعلَّلوا بأن الهواء تابع للقرار، والقول الراجح: أنَّ جميع هذه الأسطحة تصحُّ الصلاة فيها إلاَّ سطح المقبرة والحمَّام.

(وتصحُّ إليها)؛ أي: تصحُّ الصلاة إلى هذه الأماكن إذا كانتْ في قِبلتك؛ لعموم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((جُعِلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا))، وأمَّا المقبرة، فالصحيح تحريم الصلاة إليها، ولو قيل بعدم الصحة، لكان له وجْه؛ لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صحَّ عنه في حديث أبي مَرْثَد الغَنَوِي أنه قال: ((لا تَجلسوا على القبور، ولا تصلُّوا إليها)).

 

(ولا تصحُّ الفريضة في الكعبة ولا فوقها)، والدليل قوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 149].

والمصلي في الكعبة أو فوقها لا يكون مستقبِلاً للبيت كله، وإنما يستقبل جانبًا، وعُلِم من كلام المؤلِّف صحة صلاة النَّفل في الكعبة وفوقها، والصحيح: أنَّ الصلاة في الكعبة صحيحة فرْضًا ونفلاً؛ لأنَّ الأصلَ تَساوِي الفرض والنَّفل في جميع الأحكام إلاَّ بدليل.

 

(وتصح النافلة باستقبال شاخص منها)؛ أي: تصحُّ النافلة في الكعبة باستقبال شاخصٍ منها، والشاخص: الشيء القائم المتصل بالكعبة، المبنيُّ فيها، وعلى هذا فلو صلَّى نافلة إلى جهة الباب وهو مفتوح، وهو داخل الكعبة، لَم تصح، وإنْ وضَع لبنة بين يديه، لَم تَصِح أيضًا؛ لأنها ليْست منها، وليست مُتصلةً، ولهذا لَمَّا هُدِمت الكعبة في عهد عبدالله بن الزبير، بنى أخشابًا وأرخَى عليها الستور؛ من أجْل أن يصلِّي الناس إليها.

 

(ومنها: استقبال القِبلة)؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 150]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمسيء في صلاته: ((إذا قُمت إلى الصلاة، فأسْبِغ الوضوء، ثم استَقبل القِبلة، فَكَبِّر))، وأجمَع المسلمون على وجوب استقبال القِبلة في الصلاة.

(فلا تصح بدونه إلاَّ لعاجز)؛ لقوله - تعالى -: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أمرتُكم بأمرٍ، فأْتوا منه ما استطعتم)).

ومن القواعد المقرَّرة: أنه لا واجب مع عجزٍ، ولا مُحرَّم مع ضرورة.

 

(ومُتنَفِّل راكبٍ سائرٍ في سفَرٍ)؛ أي: المصلي نافلةً إذا كان راكبًا، واشْترط المؤلِّف شرطين:

(1) أن يكون سائرًا.

(2) أن يكون في سفر؛ لأنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يصلي النافلة على راحلته حيثما توجَّهت به، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة.

 

(ويلزمه)؛ أي: الراكبَ.

(افتتاحُ الصلاة إليها)؛ أي: إلى الكعبة، ثم بعد ذلك يكون حيث كان وجْهه؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا سافَر، فأراد أن يتطوَّع، استقبَل بناقته القِبلة، فكبَّر، ثم صلى حيث وجَّهه ركابه، والصحيح: أنَّ الأفضل أن يبتدئ الصلاة متَّجهًا إلى القِبلة، ثم يتَّجه حيث كان وجْهه، أما أن يكون واجبًا، ففي النفس منه شيء.

(وماشٍ) يعني: يجوز للإنسان المسافر - إذا كان يمشي على قَدَميه - أن يكون اتجاهه حيث كان وجْهه في صلاة النَّفل، ويسقط عنه استقبال القِبلة.

 

(ويَلزمه)؛ أي: الماشي، (الافتتاح)؛ أي: إلى القِبلة، (والركوع والسجود إليها)، فيختلف الماشي عن الراكب في أمرين:

(1) أن يَلزمه الركوع والسجود، والراكب يَكفيه الإيماء.

(2) أنه يجب أن يكون الركوع والسجود إلى القِبلة بخلاف الراكب، ولكنَّ الصحيح: أننا إن جوَّزنا للماشي التنفُّل، فإنه لا يَلزمه الركوع والسجود والقِبلة؛ لأن في ذلك مَشقَّة عليه. (وفرْضُ مَن قَرُب من القِبلة إصابةُ عينها)؛ أي: إذا كان قريبًا من الكعبة، وهو الذي يُمكنه مشاهدتها.

 

(ومَن بَعُدَ جِهتُها)؛ أي: مَن بَعُدَ عن الكعبة بحيث لا يُمكنه المشاهدة، أو قريبًا لا يُمكنه المشاهدة، فيجب عليه إصابة الجِهة.

(فإنْ أخبَره ثقة بيقينٍ)، والثقة: تستلزم العَدالة والخبرة، وأفادنا أنه لو أخبَره الثِّقة عن اجتهاد، فإنه لا يُعمَل بقوله، والصواب: أنه لو أخْبَره ثقة - سواء عن يقينٍ أو عن اجتهاد - فإنه يعمل بقوله.

(أو وجَد مَحاريبَ إسلاميَّة)؛ لأن الغالب بل اليقين ألاَّ تُبنى إلا إلى جهة القِبلة.

(ويُستدلُّ عليها في السفر بالقطب)، وهو نَجم خَفِي جدًّا، لكن له جار بيِّنٌ واضح، ويُستدلُّ به عليه، وهو (الجَدي)، والدليل على اعتبار النجوم دليلاً قوله - تعالى -: ﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 16].

 

(والشمس والقمر)؛ لأنَّ الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويَغرب من المغرب، فإذا كنت عن الكعبة غربًا فالقِبلة شرقًا، وإذا كنت عن الكعبة شرقًا فالقبلة غربًا، وإذا كنت عن الكعبة شمالاً فالقبلة جنوبًا، وإذا كنت عن الكعبة جنوبًا فالقبلة شمالاً، وما بين المشرق والمغرب قِبلة.

(ومنازلهما) يعني: منازل النجوم الصيفيَّة والشتويَّة، وهي ثمانٍ وعشرون منزلة.

 

(وإن اجتَهد مجتهدان)، والمجتهد في جهة القِبلة هو: الذي يعرف أدلَّتها، (فاختلفا جِهَةً، لَم يَتْبع أحدُهما الآخر)، فلا يجوز أن يَتْبع أحدُهما الآخر في القبلة؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما يعتقد خطأ الآخر، وهذا فيما إذا كان الاختلاف في جِهتين، أمَّا إذا اختلفا في الانحراف في جهة واحدة، فلا بأْس أن يَتْبع أحدُهما الآخر؛ لأن الانحراف في الجِهة لا يضرُّ ولا يخلُّ بالصلاة، والصحيح أنه إذا غلَب على ظنِّه صحَّة اجتهاد صاحبه، وجَبَ عليه أن يَتبع ما هو أحْرَى، وقوله: (لَم يَتْبع أحدهما الآخر) يشمل متابعة الائتمام، فلا يأْثم به، وقال بعض أهل العلم: بل يجوز أن يتبعه في الائتمام، وهذا القول أقربُ للصواب.

 

(ويتبع المقلِّد أوثقهما عنده، ومَن صلَّى بغير اجتهاد ولا تقليد، قضى إن وجَد من يُقلِّده): وظاهر كلام المؤلِّف أنه يقضي لو أصاب؛ وذلك لأنه لَم يقم بالواجب عليه، وقال بعض العلماء: إنه إذا أصاب أجْزَأ؛ لأنه لن يصلي إلا إلى جِهة تَميل إليها نفسه، وهذا الميل يوجِب غَلَبة الظنِّ، وغَلَبة الظنِّ يُكتفى به في العبادات، وهذا القول أصحُّ، والصواب: أن الحضَر والسفر كلاهما محلٌّ للاجتهاد، وخلاصة المسألة:

أولاً: مَن صلَّى باجتهاد، فصلاته صحيحة؛ سواء أخطأ أم أصاب، وسواء في السفر أم في الحضَر على القول الراجح.

ثانيًا: إذا صلَّى بغير اجتهادٍ ولا تقليد، فإنْ أخطأ أعاد، وإن أصابَ لَم يُعِدْ على الصحيح. وقوله: (إن وجد مَن يُقلده)، عُلِم منه أنه إذا لَم يَجد مَن يُقلده وتحرَّى، فإنه لا تَلزمه الإعادة.

 

(ويجتهد العارف بأدلة القِبلة لكلِّ صلاة)؛ لاحتمال الخطأ في الاجتهاد الأول، والصواب: ألاَّ يلزمَه أن يجتهدَ لكلِّ صلاة، ما لَم يكن هناك سببٌ، مثل: أن يطرأ عليه شكٌّ.

(ويُصلي)؛ أي: المجتهد.

(بالثاني)؛ أي: بالاجتهاد الثاني، (ولا يقضي ما صلَّى بالأوَّل)؛ أي: إذا تبيَّن له خطؤه؛ لأن الأول مبني على اجتهادٍ قد أتى الإنسان بما يجب عليه فيه، ومَن أتى بما يجب عليه، لَم يُلزَم بإعادة العبادة.

 

(ومنها النيَّة) وهي: العزم على فعْل العبادة تقرُّبًا إلى الله - تعالى - ومَحلها القلب؛ ولهذا قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى)).

(فيجب أن ينوي عينَ صلاةٍ معيَّنة)؛ أي: يجب على مَن أراد الصلاة أن ينوي عينها إذا كانت معيَّنة، مثل: لو أراد أن يصلي الظهر، يجب أن ينوي صلاة الظهر، وقيل: لا يُشترط تعيين المعيَّنة، فيكفي أن ينوي الصلاة، وتتعيَّن الصلاة بتعيُّن الوقت، فإذا توضَّأ لصلاة الظهر ثم صلَّى، وغاب عن ذِهنه أنها الظهر، فيحمل على ما كان فرض الوقت، وهذا القول هو الذي لا يسع الناسَ العملُ إلاَّ به.

 

(ولا يُشترط في الفرض، والأداء، والقضاء، والنَّفل، والإعادة نيَّتهنَّ)، فمثلاً: إذا نوى صلاة الظهر فلا يُشترط أن ينوي أنها فرض؛ لأن نيَّة الظهر تتضمَّن نيَّة الفرض، ولا يُشترط في الأداء نيَّته؛ لأنه متى صلَّى في الوقت، فهي أداء، ولا يُشترط في القضاء نيَّة القضاء؛ لأن صلاتها بعد الوقت يكفي عن نيَّة القضاء، وأمَّا في النَّفل المعين، فالتعيين يكفي، وكذلك النَّفل المطلق لا يُشترط أن ينويه نفلاً، ولا يُشترط في الإعادة نيَّة الإعادة؛ لأنه قد فعَل الأولى، فلا يُشترط أن ينويها مُعادة.

 

(وينوي مع التحريمة)؛ أي: يجعل النيَّة مقارنة لتكبيرة الإحرام، (وله تقديمها عليها بزمن يسيرٍ)؛ أي: له أن يقدِّم النيَّة قبل التحريمة، لكن بزمن يسيرٍ، (في الوقت) فلو نوى الصلاة قبل دخول وقْتها ولو بزمنٍ يسير، ثم دخَل الوقت وصلَّى بلا تجديد نيَّة، فصلاتُه غير صحيحة، وإن نوى في الوقت ثم تشاغَل بشيءٍ، فإنْ طال الوقت، فظاهر كلام المؤلِّف أنَّ النيَّة لا تَصِحُّ، وعلى القول الثاني: تَصِح الصلاة؛ لأنه لَم يَفسخ النية الأولى، فحُكمها مستصحَب إلى الفعْل، وهذا القول أصحُّ، (فإن قطَعها)؛ أي: النيَّة (في أثناء الصلاة) تَبْطُل ولا شكَّ؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى))، (أو تردَّد) أي: تردَّد في القطْع، (بَطَلت)، وقال بعض أهل العلم: أنها لا تبطُل بالتردُّد؛ لأنَّ الأصل بقاء النيَّة، وهذا القول هو الصحيح.

(وإذا شكَّ فيها استأْنَفها) الظاهر: أن هذا لا يمكن، وأنَّ المسألة فرضيَّة، إلاَّ أن يكون موسوسًا، والموسوس لا عِبرة بشكِّه، لكن على تقدير وجوده - ولو نظريًّا - فإننا نقول: إذا شكَّ في النيَّة، وجَب أن يستأنف العبادة؛ لأن الأصل العدم، (وإنْ قَلَب مُنفردٌ فرضَه نفلاً في وقْته المتَّسع، جازَ)، فإنْ كان الوقت ضيِّقًا، لَم يَبق منه إلاَّ مقدار أربع ركعات، فإنَّ هذا الانتقال لا يصح، (وإن انتقَل بنيَّة من فرْضٍ إلى فرض، بَطَلا)؛ لأنَّ الفرض الذي انتقَل منه قد أبْطَله، والفرْض الذي انتقَل إليه لَم يَنوه من أوَّله.

 

(ويجب نيَّة الإمامة والائتمام)؛ أي: يجب أن ينوي الإمام الإمامة، والمأموم الائتمامَ؛ وذلك لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى))، ولا شكَّ أنَّ هذا شرط لحصول ثواب الجماعة لهما.

(وإن نوى المنفرد الائتمام، لَم تَصِحَّ)؛ لأنه لَمَّا تَبَعَّضت النيَّة، بَطَلت الصلاة، حيث كان في أول الأمر منفردًا، ثم كان مؤْتَمًّا، والصحيح: أنه يصحَّ أن ينوي المنفرد الائتمامَ؛ لأنَّ الاختلاف هنا في صفة من صفات النيَّة، وليس تغييرًا لنفس النيَّة.

(كنيَّة إمامته فرضًا)؛ أي: كما لا يصح أن ينتقل المنفرد إلى إمامة في صلاة الفرض، والصحيح: أنه يصح أن ينتقل من انفراد إلى إمامة في الفرْض والنَّفل؛ لأن ما ثبَت في النَّفل ثبَت في الفرض إلاَّ بدليل.

(وإن انفرَد مؤْتَمٌّ بلا عُذر، بَطَلت)، وهذا يُعبَّر عنه بالانتقال من ائْتِمام إلى انفرادٍ، وفي هذا تفصيل: إن كان هناك عُذر جاز، وإن لَم يكن عُذر، لَم يَجُز.

 

(وإن أحرَم إمام الحي بِمَن أحرَم بهم نائبُه وعاد النائب مؤْتَمًّا، صحَّ) إمام الحي هو: الإمام الراتب، وصورة ما ذكره المؤلف: أحْرَم شخص بقوم نائبًا عن إمام الحي الذي تخلَّف، ثم حضَر إمام الحي، فتقدَّم ليُكمل بالناس صلاة الجماعة، فهنا ينتقل الإمام النائب من إمامة إلى ائْتِمام، وهذا جائز، ودليله: ما وقَع لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين أمَر أبا بكر أن يصلي بالناس، فوجَد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - خِفَّة، فخرَج إلى الناس، فصلَّى بهم، فجلَس عن يسار أبي بكر، وأبو بكر عن يمينه، والنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يكبِّر، وأبو بكر يكبِّر بتكبيره.

 

(وتَبطُل صلاة مأموم ببُطلان صلاة إمامه، فلا استخلاف)؛ أي: فلا يستخلف الإمام مَن يُتمُّ بهم الصلاة إذا بطَلت صلاته، بل يستأنف المأمومون صلاتهم، والقول الثاني: أنه يَستخلف، وأنَّ صلاة المأموم لا تَبطل بصلاة الإمام، بل إذا بطَلت صلاة الإمام، بَقِيت صلاة المأموم صحيحة، وهذا القول هو الصحيح؛ لأن الأصلَ صحة صلاة المأموم، واستدلَّ بعض أهل العلم: أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لَمَّا طُعِن في صلاة الفجر، أمَر عبدالرحمن بن عوف أن يصلي بالناس، ولَم يَرِدْ أنَّه استأنَف الصلاة.

 

تم الانتهاء من انتقاء المجلد الثاني ولله الحمد





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (1)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (2)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (3)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (4)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (5)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (6)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (7)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (8)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (9)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (10)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (11)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (12)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (14)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (15)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (16)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (17)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (18)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (19)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (21)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (23)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (25)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (27)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (28)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (31)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (32)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (33)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (34)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (35)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (36)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (37)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (38)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (39)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (40)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (41)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (42)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (43)

مختارات من الشبكة

  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (47)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (46)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (45)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (44)(مقالة - ملفات خاصة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (30)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (29)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (26)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (24)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع من الشرح الممتع (22)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنتقى المشبع (20) باب صلاة العيدين(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب