• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تمام المنة - الصلاة (6)

الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2012 ميلادي - 5/7/1433 هجري

الزيارات: 17736

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في الصَّحيحَيْن وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل المسجد، فدخل رجلٌ فصلَّى، ثم جاء فسلَّم على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فرد النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عليه السَّلامَ، فقال: ((ارجع فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصَلِّ))، ثم جاء، فسلم على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ)) (ثلاثًا)، فقال: والذي بعثك بالحقِّ، فما أُحْسِن غيره؛ فعلِّمْنِي، قال: ((إذا قُمْتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتَّى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجُدْ حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلِّها))[1].

 

وهذا الحديث يُسمَّى حديثَ المسيء صلاتَه، وهو أصْلٌ في بيان أركان الصَّلاة، وله ألفاظ كثيرة، نذكُرها في مواطنها.

 

وقد وردت كيفيَّة صلاة النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث أبي حُمَيد - رضي الله عنه - وحديث وائل بن حُجْر - رضي الله عنه -:

أمَّا حديث أبي حُمَيد، فعن محمَّد بن عمر بن عطاء، قال: "سَمِعتُ أبا حُمَيد الساعديَّ - رضي الله عنه - في عشرة من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - منهم أبو قتادة، قال أبو حُميد: أنا أَعْلمُكم بصلاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالوا: فَلِم؟ فوالله ما كنتَ بأكثرَ له تبعًا، ولا أقدَمنا له صُحْبة، قال: بلى، قالوا: فاعْرِض.

 

قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصلاة يرفع يدَيْه، حتى يُحاذِيَ بهما منكبَيْه، ثم يكبِّر حتى يَقرَّ كلُّ عَظْم في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ، ثم يكبِّر، فيرفع يديه حتَّى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتَيْه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصبُّ رأسَه ولا يُقْنِع[2]، ثم يرفع رأسه فيقول: سَمِع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتَّى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي إلى الأرض، فيجافي يدَيْه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويَثْنِي رِجْلَه اليسرى، فيقعد عليها، ويفتخ[3] أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه ويَثْنِي رجله اليسرى فيقعد عليها حتَّى يرجع كلُّ عظم إلى موضعه.

 

ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثُم إذا قام من الرَّكعتَيْن، كبَّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما كبَّر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقيَّة صلاته، حتَّى إذا كانت السجدة التي فيها التَّسليم أخَّر رجله اليُسْرى وقعد متورِّكًا على شقِّه الأيسر، قالوا: صدَقْت، هكذا كان يصلِّي - صلَّى الله عليه وسلَّم"[4].

 

وأما حديث وائل بن حُجر - رضي الله عنه - فقال: قلتُ: لأنظُرَنَّ إلى صلاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كيف يصلِّي، قال: "فقام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاستَقْبل القِبْلة وكبَّر، فرفع يدَيْه حتَّى حاذَتا أذنَيْه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلمَّا رفع رأسه من الرُّكوع رفعَهما مثل ذلك، فلمَّا سجد وضع رأسه بذلك المنـزل من بين يدَيْه، ثم جلس فافترَش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فَخِذِه اليسرى، وحدَّ مرفقه الأيمن على فَخِذه اليُمنى، وقبض ثِنْتَيْن، وحلَّق حلقة، ورأيتُه يقول هكذا، وحلَّق بِشْرٌ - راوي الحديث - الإبْهامَ والوسطى، وأشار بالسبَّابة"[5].

 

فهذه بعض الأحاديث الواردة في صفة الصَّلاة، ولها ألفاظ وزيادات، نذْكُرها - إن شاء الله - في موضعها من هذا الكتاب، وإليك الآن تفصيلَ صفة الصَّلاة كاملةً مرتَّبة، مع ذِكْر الأحكام والملاحظات في كل موضع.

 

فإذا أراد العبدُ الصَّلاة، فعليه أن يتحقَّق من شروط صحَّتِها؛ من الطهارة، واستقبال القِبْلة وغير ذلك؛ لِما ثبت في روايةٍ لِحَديث المسيء صلاتَه: ((إنَّها لم تتمَّ صلاةُ أحدكم حتَّى يُسْبِغ الوضوء كما أمَرَه الله؛ فيَغْسِل وجْهَه ويدَيْه إلى المرفقين، ويَمْسح رأسه ورجلَيْه إلى الكعبين))[6]، وفي رواية: ((فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر))[7]، ثم بعد ذلك يبدأ في الصلاة، على النحو الآتي:

 

1 - القيام للصلاة:

قال تعالى: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، وعن عمران بن حُصَين - رضي الله عنه - قال: كانت بِي بواسيرُ، فسألت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الصلاة؟ فقال: ((صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب))[8].

 

فيجوز للمريض فقط أن يصلِّي الفريضة قاعدًا، فإن لم يستطع فعلى جَنْب، ولا تصِحُّ صلاة القادر على القيام إذا صلَّى قاعدًا في الفريضة، أمَّا النافلة فيجوز له أن يصلِّيَ قاعدًا مع قدرته على القيام، ويكون له نِصْفُ أجر القائم؛ لما ثبت عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن صلاة الرجل قاعدًا فقال: ((إنْ صلَّى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أَجْرِ القائم، ومن صلى نائمًا فله نصف أجر القاعد))[9].

 

كما يجوز أيضًا صلاة النافلة على الراحلة؛ لِمَا ثبت في الحديث: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يصلِّي على الراحلة، يومئ إيماءً أينما توجَّهَت به الركاب"[10].

 

ملاحظات وتنبيهات:

(1) يجوز في الخوف الشَّديد الصلاة قيامًا وركبانًا، مستقبِلَ القِبْلة وغير مستقبلها، وتقدَّم ذلك في شروط صحَّة الصلاة.

 

(2) إذا كان معذورًا وصلى قاعدًا، فإن أجره يكون كاملاً؛ فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - رفعه: ((إذا مرض العبد أو سافر، كُتِب له ما كان يعمل وهو صحيح مُقيم))[11].

 

(3) قال ابن حجر - رحمه الله -: "استدَلَّ به من قال: لا ينتقل المريض إلى القعود إلاَّ بعد عدم القدرة على القيام، حكاه عياضٌ عن الشافعي، وعن مالك وأحمد وإسحاق: لا يُشْتَرَط العدم، بل وجود المشقَّة، والمعروف عند الشافعية أنَّ المراد بنفي الاستطاعة: وجودُ المشقَّة الشديدة بالقيام، أو خوف زيادة المرض، أو الهلاك، ولا يُكتفى بأدْنَى مشقَّة، واعلم أنَّ مِن المشقة الشديدة دورانَ الرأس في حقِّ راكب السَّفينة، وخوف الغرق لو صلى قائمًا"[12].

 

(4) إذا صلى الإمام قاعدًا، صلى المأمومون قعودًا كذلك، ولو كانوا قادرين على القيام؛ فعَن جابر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ائْتَمُّوا بأئمَّتِكم؛ إنَّ صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلُّوا قعودًا))[13]، وسيأتي بيان ذلك في صلاة الجماعة.

 

(5) قال النوويُّ - رحمه الله -: "لو قام على إحدى رجلَيْه، صحَّت مع الكراهة، فإن كان معذورًا فلا كراهة، ويكره أن يلصق القدمَيْن، بل يستحبُّ التفريق بينهما، ويكره أن يقدِّم إحداهما على الأخرى، ويستحبُّ أن يوجِّه أصابعهما إلى القبلة"[14].

 

قلت: وقوله: يستحبُّ التفريق بينهما لا يَعْنِي المبالغة في تفريقهما، بل يكونانِ بصورة معتدلة، فهو لا يُلْصِقهما، ولا يفتحهما فتحًا يزيد عن حدِّه.

 

(6) يشترط في القيام: الانتصابُ، فليس له أن يقف مائلاً إلى أحد جانبيه، أو منحنيًا إلى حدِّ الراكعين، فإنِ انْحنى - بلا عذر - إلى حدٍّ قريب من حدِّ الركوع بطلَتْ صلاته، وأمَّا إطراق الرأس فلا يضرُّ.

 

(7) لو عجز عن الرُّكوع والسجود دون القيام لعلَّة بظهره تَمنع الانحناء، لَزِمَه القيام، ويأتي بالرُّكوع والسجود بحسب الطاقة.

 

(8) الصحيح أنه لو اعتمد مَن به عذر على عصًا أو حائطٍ صحَّت صلاتُه، سواء سقط هو بزوال العصا أم لم يسقط، وقد ذهب إلى ذلك أبو ذرٍّ وأبو سعيد الخدري - رضي الله عنهما - وجماعةٌ من الصَّحابة - رضي الله عنهم - وغيرهم، وقد ثبت في الحديث "أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا أسنَّ وكبر، اتَّخذ عمودًا في مصلاَّه يعتمد عليه"[15].

 

(9) الأرجح في صفة القعود أن يَجْلس متربِّعًا، وهذا ما ذهب إليه مالِكٌ وأحمد وأبو حنيفة؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلي متربعًا"[16].

 

وأما كراهية ابن مسعود لذلك فيما رواه عنه البيهقيُّ، فلعلَّه لم يَقِف على ما رأته عائشة - رضي الله عنها - في صفة جلوسه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الصلاة.

 

ويُمكن أن يقال: الأرجح أن يَجْلس مفترشًا على قدَمِه اليسرى؛ لِمَا ثبت في الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "سُنَّة الصلاة أن تنصب رجلك اليُمْنَى، وتَثْنِي رجلك اليسرى"[17]، فقوله: (سنَّة الصلاة) هذا على العموم، فيكون ذلك الأَوْلَى، مع جواز الجلوس متربِّعًا؛ لفعله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كما تقدم في الحديث السابق.

 

ولا شكَّ أن المريض إذا لم يَقْوَ على هذه الجِلْسة جلَس على أيِّ صفة يستطيعها؛ لِعُموم الحديث: ((فإن لم تستطع فقاعدًا))، ولقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

(10) إذا لم يستطع الصلاة من قعود، صلَّى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه، ويومئ إيماءً في الركوع والسجود، ويرى بعضُ أهل العلم أنه إن لم يستطع استلقى على ظهره[18] بحيث تكون رِجْلاه إلى القبلة.

 

قلت: والحديث في ذلك لا يصح.

 

(11) إن عجز عن الصلاة مضطجعًا، اختلف العلماء؛ فمنهم مَن يرى أنه لا ينتقل إلى حالة أخرى، بل تسقط الصلاة عنه؛ لأنه لم يَذْكُر في الحديث شيئًا بعد الاضطجاع، ومنهم من يرى الانتقال إلى الإيماء بالرأس، ثم الإيماء بالطَّرْف - يعني بالعين - ثم بإجراء القرآن على قلبه، ودليلهم قول الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

قالوا: فإن الصلاة أفعال وأقوال، فإذا لم يستطع الأفعال أتى بالأقوال، وينوي الفعل بقلبه، ويرى شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - أنَّه متَى عجز المريض عن الإيماء برأسه، سقطَتْ عنه الصَّلاة، ولا يلزمه الإيماء بطَرْفه[19].

 

(12) السُّنَّة حالَ القيام أن يرمي ببصره إلى موضع سجوده؛ لِما ثبت في الحديث "أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا صلى طأطأ رأسه، ورمى ببصره إلى الأرض"[20].

 

2 - ثم ينوي للصلاة:

والنِّية ركن؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، وقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنما الأعمال بالنيَّات))[21].

 

وذهب بعض الفقهاء إلى أنَّها شرط لصحَّة الصلاة، والفرق بين القولين أن من جعلها شرطًا استلزم تذَكُّرَها حتَّى ينتهي من الصلاة، ومن جعلها ركنًا، فالواجب الإتيان بها في أول الصلاة فقط حتَّى لو ذهل عنها أثناء الصلاة لا يضرُّه.

 

وقد جمع بين القولين الحافظُ ابن حجر - رحمه الله - فقال: "والمرجَّح أنَّ إيجادها ذِكْرًا في أول العمل رُكْن، واستصحابَها حُكمًا - بِمعنى: أنْ لا يأتِيَ بِمُنافٍ شرعًا - شرطٌ"[22].

 

والنيَّة مَحلُّها القلب، ولا يشرع التلفُّظ بِها، بل التلفُّظ بها يُعدُّ من البِدَع.

 

ومعنى النية: القصد والعزم، فمتى عزم وقصد الصلاة، فقد تحقَّقت النية.

 

ملاحظات:

(1) هل يجب تعيين الصلاة التي يصلِّيها؟

الجواب: إن كانت الصلاة نفلاً مطلقًا، فيكفي أن ينوي الصلاة، وإن كانت نفلاً مُعَيَّنًا كسُنَّة الظهر مثلاً، لا يشترط أن ينوي معها كونها نفلاً، بل يكفي نية: سُنَّة الظهر.

 

وإن كانت الصلاة فرضًا؛ اختلف العلماء هل يشترط تعيينها كالظهر مثلاً أو العصر أو نحو ذلك؟ فمنهم مَن يرى أنه يجب ذلك، ومنهم من يرى أنه يَكْفي بنيَّة الصلاة، وتتعيَّن هي إذًا بوقتها، فإن توضَّأ لصلاة الظُّهر ثم نوى الصلاة وصلَّى وغاب عن ذهنه أنَّها ظهرٌ أو عصرٌ أو غيرها، صحَّت صلاته، ووقعت ظهرًا؛ لأنها صلاة الوقت.

 

قال الشيخ ابن عُثيمين - رحمه الله -: "والذي يترجَّح عندي القول بأنَّه لا يشترط التَّعيين، وأن الوقت هو الذي يعيِّن الصلاة"[23].

 

وكذلك لا يشترط تعيينُ كونِها فرضًا، أو أداءً، أو قضاء، أو مُعادة.

 

(2) يجب أن تكون النية جزمًا، فلو نوى قطع النية أثناء الصلاة، بطلَتْ صلاتهُ، وهذا مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة، ولكن لو تردَّد في قطعها كأنْ يسمع مَن يُناديه فيتردَّد في الخروج من الصلاة، فصلاته صحيحة على الرَّاجح، ولا تبطل إلاَّ بالعَزْم على قطعها.

 

(3) إذا عزم على فِعْل مُبْطِل للصلاة؛ كأَكْل، أو كلام أو غير ذلك، أو علَّق خروجه من الصلاة على شرط؛ فالصَّواب أن الصلاة لا تبطل بِمُجرَّد ذلك؛ لأن البُطْلان متعلِّق بفِعْل هذه المبطلات، لا بالعزم على فعلها.

 

والفرق بين هذه الملاحظة والتي قبلها: أنَّ هذه متعلِّقة بأفعال الصلاة، بِخِلاف السابقة، فإنَّها متعلقة بالنيَّة.

 

(4) تحويل النيَّة: وذلك بأن يُحوِّل النية من صلاة لأخرى أثناء الصلاة؛ فهذه لها حالات:

 

الأولى: أن يُحوِّلَها من فريضة إلى فريضة؛ كأن يكون نوى الظُّهر، ثم يصرفها إلى العصر، ففي هذه الحالة بطلت الأولى؛ لأنه قطعها، ولم تنعقد الثانية؛ لأنَّه لم يأتِ بها في أوَّل الصلاة.

 

الثانية: أن يُحوَّلَها من نفل معيَّن إلى نفل معين؛ كأن ينوي سنَّة العشاء ثم ينقلها إلى الوتر؛ لا يصحُّ ذلك أيضًا؛ لما تقدَّم.

 

الثالثة: أن يحولها من فرض معيَّن أو نفل معين إلى نفل مُطْلَق: ورجَّح الشيخ ابن عثيمين صحَّتَه، وعلَّل ذلك قال: "لأنَّ المعيَّن اشتمل على ثِنْتَيْن: نيَّة مطلقة، ونية معينة، فإذا أبطل المعينة بقيت المطلقة"[24]، والمقصود بقوله: "نية مطلقة": نية الصلاة، وبقوله: "نية معينة"؛ أيْ: كونها (ظهرًا أو عصرًا... أو وترًا أو...).

 

3 - ويبدأ بتكبيرة الإحرام:

تكبيرة الإحرام ركنٌ من أركان الصلاة، لا تنعقد الصلاة إلا بها.

 

وهذا ما ذهب إليه جُمهور العلماء؛ لِمَا ثبت عن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مفتاح الصَّلاة الطهور، وتَحْريمها التكبير، وتحليلها التسليم))[25].

 

وفي حديث المسيء صلاتَه: ((إذا قُمْتَ إلى الصلاة، فكَبِّر))؛ متَّفَق عليه، وعند أبي داود: ((لا تتمُّ صلاة أحدٍ من الناس حتَّى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضِعَه، ثم يكبِّر))[26].

 

ملاحظات:

(1) يجب أن يأتي بتكبيرة الإحرام وهو قائمٌ كامِلَ الاعتدال؛ فعن أبي حُمَيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا، ورفع يديه ثم قال: ((الله أكبر))[27].

 

قال النووي - رحمه الله -: "فإن أتى بِحَرف منها في غير حال القيام، لم تَنْعقد صلاته فرضًا بلا خلاف"[28]، ثم ذكر الخلاف في وقوعها نفلاً.

 

(2) يتعيَّن لفظ (الله أكبر)، ولا يجزئ غيره ولو قام مقامه، مثل (الله أعظم، الله أجَلُّ)، وفي قوله: (الله الأكبر) خلاف[29]، فإن كان لا يُحْسِن العربية فيُجْزِئ أن يأتي بالتكبير بِلُغته؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].

 

(3) يتعيَّن عليه التلفُّظ بالتكبير: والمقصود حركة الشفتين بالنُّطق بها، ولا يكفي إمرارُ ذلك على القلب، فإن كان منفردًا أو مأمومًا لا يشترط الجهر بها، ولا إسماع نفسه على الصَّحيح، بل يكفي حركة الشفتين سرًّا، وإن كان إمامًا أسمع مَن وراءه وجوبًا، فإن كان صوتُه ضعيفًا استعان بمبلِّغٍ عنه؛ للحديث أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - صلَّى في مرضه بالناس، وأبو بكر - رضي الله عنه - يُسْمِعهم التكبير[30].

 

(4) ينبغي أن يأتي بالتَّكبير على الوَجْه الأكمل، ولْيَحْذر من المخالفات، كقوله: "الله وأكبر" بزيادة "واو"، أو "الله أكبار"، أو "الله أجبر" بالجيم، ويُكْره التَّمطيط بأن يمدَّها مدًّا زائدًا، والله أعلم.

 

(5) ولا يكبِّر المأموم حتَّى يفرغ الإمام من تكبيره.

 

قال ابن قُدَامة - رحمه الله -: "فإنْ كبَّر قبل إمامه لم ينعقد تكبيرُه، وعليه استئنافُ التكبير بعد تكبير الإمام"[31]، ودليل ذلك قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما جُعِل الإمام لِيُؤتَمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا..))؛ الحديث[32].

 

4 - ويرفع يديه مع التكبير:

قال ابن المنذر - رحمه الله -: "لا يَخْتلف أهلُ العلم في أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يرفع يدَيْه إذا افتتح الصلاة"[33].

 

وأما صفة الرَّفع، فذلك بأنْ يمدَّ أصابعه، ولا يفرِّج بينهما؛ فعَنْ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا دخل في الصلاة رفع يديه مَدًّا"[34]، وقد ورد وصف ذلك في بعض الرِّوايات: "ولم يُفَرِّج بين أصابعه ولم يَضُمَّها"[35].

 

ويكون رفع اليدين حَذْوَ المنكبَيْن (وهُما الكتفان)، أو حيال الأذنَيْن، والدليل على ذلك فيما يلي:

الحالة الأولى: ثابتة في حديث أبي حُمَيد المتقدِّم، وكذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا افتتح الصَّلاة رفع يدَيْه حتَّى يُحاذي بِهما منكبَيْه، وإذا أراد أن يَرْكع، وبعدما يرفع رأسه من الرُّكوع، ولا يرفع بين السجدتَيْن"[36].

 

والحالة الثانية: ثابتة في حديث وائل بن حُجر المتقدِّم، وثبت ذلك من حديث مالك بن الحُوَيْرِث: "كان إذا كبَّر رفع يديه حتَّى يُحاذي بهما أذنيه - وفي رواية: فروع أذنَيْه - وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع"[37]، فعلى هذا ذهَبَ بعضُ أهل العلم إلى أنَّه مُخيَّر بين هذا وذاك، وجَمَع آخرون، فقالوا: يَجْعل أطراف الأصابع إلى فروع أذنيه، وكفَّيْه إلى منكبيه، والقول الأوَّل أرجح، والله أعلم.

 

ملاحظات:

(1) وقت رفع اليدين: له أكثر من صفة، كما وردْتَ بذلك الأحاديث، كالآتي:

 

(أ) يَجُوز رفعهما مع التَّكبير؛ لِمَا ثبت في رواية لِحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "يرفع يديه حين يكبِّر"[38].

 

(ب) ويَجوز أن يرفع يدَيْه أوَّلاً، ثم يكبِّر وهُما مرفوعتان قبل أن يُنْزِلَهما؛ لما ثبت في رواية عند مسلم: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصَّلاة رفع يديه حتَّى يكونا حذو منكبيه، ثم كبَّر" - وفي رواية لأبي داود: "ثم كبَّر وهُما كذلك".

 

(جـ) ويجوز أن يكبِّر أولاً ثم يرفع يديه؛ لما ثبت في حديث مالك بن الحُوَيرث - رضي الله عنه - أنه كان إذا صلى كبَّر، ثم رفع يديه وقال: "إنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يفعل هكذا"[39].

 

(2) إذا لم يستطع رفع اليدين إلى الموضع المستحَبِّ، أتى بما يَقْدر عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾.

 

(3) ما تقدَّم من استِحْباب رفع اليدَيْن: يستوي فيه الإمامُ والمأموم والمنفرِد، وسواء كانت الصَّلاة فرضًا أو نفلاً، وسواء كان المصلِّي رجلاً أو امرأة على الأصحِّ؛ لأنَّه لم يأتِ دليل بالتَّفريق.

 

(4) إن كانت يداه في ثوبه بسبب بَرْد ونحوه، جاز له رفْعُهما بِقَدْر ما يُمْكِن؛ لِما رَوى وائل بن حُجْر - رضي الله عنه - قال: "رأيت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنَيْه، قال: ثُمَّ أتيتُهم فرأيتُهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة"[40]، وفي رواية أن ذلك كان في برد شديد[41].

 

(5) لَم يثبت في حديث صحيح رَفْعُ اليدَيْن في صلاة الجنازة والعيدين مع التكبيرات، والراجح رفْعُهما فقط مع تكبيرة الإحرام، لكن ثبت ذلك فقط من فِعْل عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما[42].

 

5 - ثم يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره:

وهذه الهيئة من سُنَن الصلاة؛ لِحديث وائل بن حُجر، وفيه: "أنه رأى النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رفع يديه حين دخل في الصلاة، ثم الْتَحَف، ثُم وضع اليُمْنى على اليسرى"؛ رواه أحمد ومسلم[43]، وفي رواية لأحمد وأبي داود: "ثُمَّ وضع يده اليمنى على ظهر كفِّه اليسرى والرُّسغ والساعد"[44].

 

وعن سَهْل بن سعد - رضي الله عنه - قال: "كان الناس يُؤْمَرون أن يضع الرَّجُل اليدَ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة"[45]، وثبت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه كان يقبض باليمنى على اليسرى[46]، وتقدَّم في حديث وائل بن حُجر: "فأخذ شماله بيمينه".

 

وعلى هذا؛ فكِلا الوضعَيْن من السُّنة:

الأول: (القبض)، وذلك أن يقبض بيمينه على شماله.

 

والثاني: ((الوضع))، وذلك أن يضع يده اليمنى على كفِّه اليسرى، والرسغ والسَّاعد، من غير قبض، أو وضعها على ذراعه اليسرى فقط، كما في حديث سهل بن سعد المتقدم.

 

وأمَّا موضع اليدَيْن حال القيام، فالصَّحيح وضعهما على الصَّدر؛ لِما ثبت في "صحيح ابن خُزَيْمة" من حديث وائل بن حُجْر: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشدُّ بهما على صدره وهو في الصلاة"[47]، وعلى هذا فما يَفْعله البعض من وضع يده على خاصِرَتِه، أو تحت سُرَّتِه، أو على عنقه، أو يرسلهما، كلُّ ذلك مخالفٌ للسُّنة، وفي الحديث: "نهى - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يصلِّيَ الرجل مختصرًا"[48]،

 

وفيه نَهْي واضح عن الاختصار في الصلاة؛ وهو أن يضع يده على خاصرته كما يفعله البعض، وأما الأحاديث الواردة في موضع اليدين تحت السُّرة، فهي أحاديث ضعيفة.

 

6 - ثُم يستفتح:

والمراد بذلك: أن يدعو دعاء الاستفتاح، وهو سُنَّة في قول أكثر أهل العلم، وذلك قَبْل القراءة، وقد ورد في ذلك رواياتٌ، نَذْكر منها:

 

(1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا كَبَّر للصلاة سكت هُنَيهة، فقلتُ: بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله، أرأيت سكوتَك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: ((أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدْتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّنِي من خطاياي كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثَّلْج والبَرَد))[49].

 

(2) وعن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يقول بعد تكبيرة الإحرام: ((سبحانك اللَّهم وبِحَمدك، وتبارك اسْمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيْرُك))[50].

 

(3) عن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً جاء، فدخل الصفَّ وقد حفزه النفَس، فقال: "الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه"؛ الحديثَ، وفيه: فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لقد رأيتُ اثنَيْ عشر ملكًا يبتدرونها أيُّهم يرفعها))[51].

 

(4) عن علي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام إلى الصلاة كبَّر، ثم قال: ((وجَّهْتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومَحْياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربِّي وأنا عبدك، ظلَمْتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا؛ إنَّه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهْدِني لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسَنِها إلا أنت، واصرف عنِّي سيِّئَها؛ لا يصرف عنِّي سيِّئَها إلا أنت، لبَّيْك وسعدَيْك، والخير كلُّه في يديك، والشرُّ ليس إليك، أنا بِك وإليك، تبارَكْتَ وتعاليْتَ، أستغفرك وأتوب إليك))[52].

 

(5) وعن عاصم بن حُمَيد قال: سألتُ عائشة: بأيِّ شيء كان يفتتح رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قيامَ الليل؟ فقالت: لقد سألتَنِي عن شيءٍ ما سألَنِي عنه أحدٌ قبلك، كان إذا قام كبَّر عشرًا، وحمد الله عشرًا، وسبَّح الله عشرًا، وهلَّل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال: ((اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني))، ويتعوَّذ من ضيق المقام يوم القيامة[53].

 

(6) وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان - أيِ: النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام من الليل افتتح صلاته: ((اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السَّموات والأرض، عالِمَ الغيب والشهادة، أنت تَحْكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهْدِني لما اختُلِف فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تَهْدي من تشاء إلى صراط مستقيم))[54].

 

(7) وعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا قام من الليل يتهجَّد، قال: ((اللهم لك الحمد، أنت قيِّم السموات والأرض ومن فيهنَّ، ولك الحمد؛ أنت نور السموات والأرض ومَن فيهن، ولك الحمد؛ أنت مالكُ السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد؛ أنت الحقُّ، ووعدك الحقُّ، ولقاؤك حقٌّ، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيُّون حق، ومحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حقٌّ، والساعة حق، اللهم لك أسلمْتُ، وبك آمنت، وعليك توكَّلْت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدِّم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله))[55].

 

وفي رواية لأبي داود - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان في التهجد يقوله بعدما يقول: الله أكبر.

 

(8) وعن حُذَيفة - رضي الله عنه - أنَّه رأى النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلِّي من الليل، فكان يقول: ((الله أكبر - ثلاثًا - ذو الملكوت والجبروت، والكبرياء والعظمة، ثم استفتح فقرأ البقرة....))[56].

 

ملاحظات:

(1) قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "وينبغي للإنسان أن يستفتح بِهذا مرَّة، وبهذا مرَّة؛ ليأتي بالسُّنن كلِّها، وليكون ذلك إحياء للسُّنة، ولأنَّه أحضَرُ للقلب؛ لأنَّ الإنسان إذا التزم شيئًا معيَّنًا صار عادة له"[57].

 

(2) اختلف العلماء هل يستفتح في صلاة الجنازة؟ والأرجح أنه لا يستفتح.

 

قال أبو داود - رحمه الله -: "سمعت أحمدَ يسأل عن الرجل يستفتح على الجنازة: سُبْحانك؟ قال: ما سَمِعت"[58].

 

7 - ثم يستعيذ:

والاستعاذة سُنَّة، وهي لأجْل القراءة؛ لقول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]، والاستعاذة تكون سرًّا.

 

وصفة الاستعاذة أن يقول: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، من هَمْزِه ونفخه ونَفْثه))، أو ((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفْخه ونفثه))[59].

 

عن جُبَير بن مُطْعم قال: رأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا استفتح قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفْثِه))[60].

 

ومعنى ((هَمْزه)): الجنون، و((نفخه)): الكِبْر، و((نفثه)): الشِّعر.

 

وقت الاستعاذة: ذهَب فريقٌ من أهل العلم أنَّها تكون في الركعة الأولى فقط، أمَّا باقي الركعات فيبدؤها بقراءة الفاتحة مباشرة دون استعاذة؛ لِما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا نَهض في الركعة الثانية، افتتح القراءة ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، ولم يَسْكت"[61]، ففيه دليل على أنَّه لم يقرأ قبل الفاتحة، لا استفتاحًا ولا استعاذة؛ لقوله: (ولم يسكت)، وهذا ما رجَّحه ابن القيِّم في "زاد المعاد"، والشوكاني في "نَيْل الأوطار".

 

وذهب فريقٌ آخر من أهل العلم إلى قراءتها في كلِّ ركعة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]، ورجَّح ذلك الشيخُ الألباني، وأجاب عن الحديث السابق بأن المقصود بقوله: (ولم يسكت) السُّكوتُ الذي سأل عنه أبو هريرة - رضي الله عنه - راوي الحديث في دعاء الاستفتاح، وهو متعلِّق بالاستفتاح فقط من دون الاستعاذة والبسملة.

 

8 - ثم يقرأ الفاتحة:

وهي رُكْن من أركان الصَّلاة، لا تصحُّ الصلاة إلاَّ بها؛ لحديث عُبادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا صلاة لِمَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب))[62]، فلا يقوم غيْرُها مقامها، ويستوي في ذلك جميع الصَّلوات فرْضُها ونَفْلها، وسواء كانت جهرًا أو سرًّا، ويستوي في ذلك الرَّجل والمرأة، والمسافر والحاضر، والصَّبِي والكبير، والقائم والقاعد والمضطَجِع، وفي شدة الخوف وغيرها، وسواء في ذلك الإمامُ والمنفرد.

 

وأمَّا المأموم، ففي وجوب قراءَتِها عليه خلافٌ، والراجح وجوبُها أيضًا عليه في الصلاة، سواء كانت سرية أو جهريَّة؛ وذلك لعموم الحديث، وقد ثبت في بعض رواياته أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - صلَّى ذات يوم الفجر، فلما انصرف قال: ((لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟))، قالوا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلاَّ بأُمِّ القرآن؛ فإنَّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها))[63].

 

قال الترمذي - رحمه الله -: "والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والتابعين، وهو قول مالك بن أنس وابن المبارك والشافعيِّ، وأحمد وإسحاق يرَوْن القراءة خلف الإمام"[64].

 

ومقصودُه أنَّ هؤلاء الأئمة كلهم يرَوْن القراءة خلف الإمام، إمَّا في جميع الصلوات، أو في الصلاة السرِّية فقط، وإما على سبيل الوجوب، أو على سبيل الاستحباب.

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "والذي عليه جمهور المسلمين القراءة خلف الإمام في السِّرِّية والجهريَّة، قال البيهقي: وهو أصحُّ الأقوال على السُّنة وأحوَطها"[65].

 

والرأي بالوجوب رجَّحَه الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز - رَحِمَهما الله.

 

ملاحظات:

(1) قال النوويُّ - رحمه الله -: "إنْ ترَكَ الفاتحة ناسيًا لا تُجْزئ صلاته على الأصحِّ، فإنْ تَذَكَّر في الصلاة قبل القيام للركعة التي بعدها، عاد للقيام وقرأ الفاتحة، وأتَمَّ الصلاة، وإنْ تذكَّر بعد القيام للركعة الثانية ألغى الرَّكعة الأُولى، وأتم صلاته، وإنْ تذكَّر بعد الصلاة ولَم يَطُل الفَصْل صلَّى ركعة كاملة، وإنْ طال الفَصْلُ أعاد الصلاة، وسيأتي بيانٌ لذلك في أبواب سجود السَّهو"[66].

 

(2) يجب قراءةُ الفاتحة في كلِّ ركعة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمسيء صلاتَه بعدما علَّمه الركعة: ((ثُمَّ افعل ذلك في صلاتِك كلِّها)).

 

(3) قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "ولا تسقط إلاَّ عن مسبوقٍ أدركَ الإمامَ راكعًا أو قائمًا، ثم شَرَع فيها وخاف أن يفوته الرُّكوع قبل أن يُتِمَّها، فإنَّها في هذه الحالة تسقط"[67].

 

قلتُ: ويرى بعض أهل العلم أنه لو أدرك بعضَ القيام وجب عليه إتْمامُها، وهو الأحوط، والله أعلم.

 

(4) ينبغي أن يأتي بالفاتحة مرتَّبةً بِحُروفها وآياتها وتشديداتِها، فإنْ خالَفَ في ذلك لم تصحَّ.

 

(5) من السُّنة الوقوفُ عند رأس كلِّ آية، وهذا هو الثابت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويَجِب مراعاةُ الموالاة بألاَّ يطول الفَصْل بين الآيات، فإنْ قطع الموالاة عامدًا بحيث يشعر بقطْع القراءة، وجب استئناف القراءة، وإن كان ناسيًا أو معذورًا لإعياء ونحوه، فلا شيءَ عليه، ولْيُكْمِل قراءته، وكذلك لو قطَعَ المأموم القراءة لتأمينه، أو سجودِه مع الإمام للتِّلاوة، أو لِفَتْحه عليه أو تَسْبيح، أو عطس، فقال: الحمد لله - الصَّحيح لا تنقطع قراءته، وعليه أن يُتمَّها، سواءٌ كان فِعْلُه السابق ساهيًا أو جاهلاً، وفي المتعمِّد خلافٌ، والرَّاجح أنه لا تنقطع صلاته أيضًا.

 

(6) إذا لم يُحْسِن قراءة الفاتحة: قال الخطَّابِيُّ - رحمه الله -: "الأصل أنَّ الصلاة لا تُجْزِئ إلاَّ بقراءة فاتحة الكتاب، ومعقول أن قراءة فاتحة الكتاب على مَن أحسنها دون من لا يحسنها، فإذا كان المصلِّي لا يُحْسِنها ويُحسن غيرها من القرآن، كان عليه أن يقرأ منه قدر سبع آيات؛ لأنَّ أَوْلى الذِّكْرِ بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، وإن كان رجلاً ليس في وسعه أن يتعلَّم شيئًا من القرآن؛ لِعَجْز في طبْعه، أو سوءٍ في حفظه، أو عُجْمة في لسانه، أو عاهةٍ تَعْرِض له، كان أولى الذِّكر بعد القرآن ما علَّمه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من التسبيح والتحميد والتهليل"[68].

 

قلتُ: ومِمَّا استدلَّ به العلماءُ على ذلك ما ثبت عن رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - علَّم رجلاً الصلاة، فقال: ((إن كان معك قرآنٌ فاقرأ به، وإلاَّ فاحْمَده وكبِّره وهلِّله، ثم ارْكُع))[69]، لكن لم يثبت في تَحْديد الآيات بِكَونها سبْعَ آياتٍ دليلٌ.

 

وورَدَ بيانُ صفة ذلك الذِّكر عن عبدالله بن أبي أوْفَى - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: إنِّي لا أستطيع أن آخُذَ من القرآن شيئًا فعلِّمْنِي ما يُجْزِئني منه، قال: ((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حَوْل ولا قوَّة إلا بالله العليِّ العظيم))[70].

 

(7) من الأخطاء دُعاء البعض له ولوالديه بالمغفرة عند قول الإمام: ﴿ وَلا الضَّالِّينَ ﴾ قبل التَّأمين، والصَّحيح أنه يَسْتمع للفاتحة إلى آخِرِها، ثم يؤمِّن مع إمامه فقط، وأمَّا هذه الأدعية في هذا المَوْطن فبِدْعة.

 

فصل: في حكم البسملة:

يتعلَّق بحكم البسملة مسائل:

المسألة الأولى: هل هي آيةٌ من الفاتحة أوْ لا؟

 

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول: قالوا: هي آيةٌ من الفاتحة؛ لِتَرقيمها في المصحف على أنَّها آية من الفاتحة، وهذا مذهب الشافعية، قالوا: وهي آية من كلِّ سورةٍ عدا سورة ((براءة))، على الرَّاجح في مذهبهم.

 

القول الثاني: ليسَتِ البسملةُ في أوائل السُّور بآية، لا من الفاتحة، ولا من غيرها، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وداودَ الظاهريِّ.

 

القول الثالث: قال أحمد: هي آيةٌ في أول الفاتحة، وليست بقرآنٍ في أوائل السُّوَر، وعنه رواية أنَّها ليست من الفاتحة.

 

قال ابن قدامة - رحمه الله -: "وهي المنصورة عند أصحابه، وقول أبي حنيفة ومالكٍ والأوزاعي"[71].

 

والقول الثاني هو الذي رجَّحَه الشيخ ابنُ عثيمين - رحمه الله - واستدلَّ القائلون بذلك بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ربِّ العالمين قال: ((قسَمْتُ الصَّلاة بيْنِي وبين عبدي نصفَيْن، فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ قال الله: حَمِدَني عبْدي.

 

فإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، قال الله: أثنى عليَّ عبدي.

 

فإذا قال: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾، قال الله: مجَّدني عبدي.

 

فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾، قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولِعَبْدي ما سأل.

 

فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل))[72].

 

فلم يذْكر في الحديث البَسْملة، وكانت آيةُ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ في وسط القِسْمة، وعلى هذا فتَكون الآية السَّادسة: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾، والسابعة: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾.

 

وأمَّا حديث أُمِّ سلمة - رضي الله عنها -: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ في الصلاة: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ وعدَّها آيةً"[73]، فلا يصحُّ؛ لأنَّ فيه ابنَ جريج، وهو مدلِّس.

 

تنبيه: قال النووي - رحمه الله -: "أجْمَعَت الأمَّةُ على أنَّه لا يكفر مَن أثبتَها ولا مَن نفاها؛ لاخْتِلاف العلماء فيها، بِخِلاف ما لو نفى حَرْفًا مُجْمَعًا عليه، أو أثبت ما لم يَقُل به أحد، فإنَّه يكفر بالإجماع"[74].

 

المسألة الثانية: هل تجب قراءتها مع الفاتحة؟ اختلف العلماء في ذلك:

القول الأول: تجب قراءتها، وإلى ذلك ذهب كلُّ من يرى أنَّها آيةٌ من الفاتحة.

 

القول الثاني: أن قراءتها سُنَّة، وليست بواجب، وهذا رأي الآخَرين الذين يرون أنَّ البسملة ليست آيةً من الفاتحة، ولحديث عائشة رضي الله عنها: "كان يفتتح الصَّلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله ربِّ العالمين"[75].

 

المسألة الثالثة: هل يُجْهَر بها أم لا؟ على رأيين:

الأول: يرَوْن الجهر بِها فيما يُجْهَر به، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أنه صلَّى بأصحابه، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأُمِّ القرآن، وقال: والذي نفسي بيده، إنِّي لأَشْبَهُكم صلاةً برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"[76].

 

الثاني: لا يُجْهَر بها، واستدلُّوا على ذلك بحديث أنس - رضي الله عنه - قال: "صلَّيْتُ خلْفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلف أبي بكر وعُمَر وعثمان، وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرَّحيم"[77].

 

قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -: "كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة، ويُخفيها أكثر مِمَّا يَجْهر بها، ولا ريب أنَّه لم يَجْهَر بها دائمًا في كلِّ يوم وليلة خَمْس مرَّات حضرًا وسفرًا، ويَخْفَى ذلك على خلفائه الرَّاشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة"[78].

 

9- ثم يقول: "آمين":

التأمين بعد الفراغ من الفاتِحَة سُنَّة؛ لِما ثبَت أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}قال: "آمين" ورفع بِها صوته[79].

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا قال أحدُكم: آمين، وقالت الملائكةُ في السَّماء: آمين، فإنْ وافقَتْ إحداهُما الأخرى، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))[80].

 

وسُنَّة التَّأمين لكلِّ مُصلٍّ، سواء الإمام والمأموم والمنفرد، والمفترض والمتنفِّل، في الصلاة السرِّية والجهرية.

 

ملاحظات:

(1) إذا كانت الصلاة سرِّية أسَرَّ بالتأمين، وإن كانت جهرية استُحِبَّ الجَهْرُ بالتَّأمين؛ للحديث المتقدِّم "أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يرفع صوته بالتأمين"، وبه يقول الشافعيُّ وأحمد وإسحاق، وغيْرُهم من الأئمة.

 

(2) لو ترك الإمامُ التأمينَ عمدًا أو سهوًا، لا يتركه المأموم؛ لِما ثبت في الحديث: ((إذا قال الإمام: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، فقولوا: آمين))[81].

 

(3) هل يَجْهر المأموم بالتأمين أم يُسِرُّ؟

 

الراجح أنه يَجْهر بالتأمين في الجهرية؛ لعموم قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))، وقد ثبت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - رفْعُ الصَّوت بالتأمين كما تقدَّم، وعن عطاء قال: "كنتُ أَسْمَع الأئمة - وذكر ابنَ الزَّبَيْر ومَن بعده - يقولون: آمين، ويقول مَن خلفه: آمين، حتَّى إنَّ للمسجد لَلَجَّةً"[82]، "اللَّجَّةُ": ارتفاع الصوت.

 

(4) يستحبُّ أن يقع تأمين المأموم مع تأمين الإمام، لا قبله ولا بعده، ودليله ما ثبت عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا قال الإمام: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾، فقولوا: آمين؛ فإنَّ الملائكة تقول: آمين، والإمام يقول: آمين، فمن وافقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))[83].

 

(5) اعْلَم أن التأمين ليس من الفاتحة كما قد يتوهَّم بعض الناس، بل هو تأمينٌ على الدُّعاء ومعناه: "اللهم استَجِب".

 

(6) أفاد النوويُّ - رحمه الله - أنه لا يَصِل قوله: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ بآمين؛ بل يقف عند نِهاية الآية، ثم يؤمِّن.

 

(7) الْمُختار في التأمين "آمِين" بالمَدِّ وتَخْفيف الميم، ويجوز القَصْر مع تخفيف الميم، ولا يجوز تشديد الميم؛ لأنه يغيِّر المعنى فيكون معناه: قاصِدين.

 

10 - ثم يقرأ سورةً بعدها:

وقراءة السُّورة سُنَّة:

قال ابن قُدَامة - رحمه الله -: "لا نَعْلَم بين أهل العلم خلافًا في أنه يُسَنُّ قراءة سورة مع الفاتحة في الرَّكعتَيْن الأُوليَيْن من كلِّ صلاة، ويَجْهر بها فيما يَجهر فيه بالفاتحة، ويُسِرُّ فيما يسرُّ بِها فيه"[84]، والدليل على أنَّها سُنَّة ما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "في كلِّ صلاة يقرأ، فما أسْمَعَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسمَعْناكم، وما أخفى عنا أخفَيْنا، وإن لم تَزِد على أُمِّ القرآن أجزَأت، وإن زدْتَ فهو خير لك"[85].

 

ملاحظات:

(1) إذا نسي وقرأ السُّورة قبل الفاتحة، أعادها بعد الفاتحة؛ لأنَّه ذِكْرٌ قاله في غير موضعه، فلم يُجْزِئ.

 

(2) الثابت من هَدْيِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه كان يقرأ في الفرائض السُّورة كاملة - على ما يأتي تفصيله - لذا كان هذا هو الأفضل.

 

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "لم يكن من هَدْيِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه يقرأ آيات من أثناء السور"[86]؛ اهـ.

 

قلت: لكنَّه ثبت أنَّه قرأ في سُنَّة الفجر بعض آيات من السُّور، فهل يجوز ذلك في الفرض قياسًا على النَّفل؟

 

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: "والأصل: أنَّ ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلاَّ لدليل، ويدلُّ لِهذه القاعدة أنَّ الصحابة - رضي الله عنهم - لَما حكَوْا أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُوتِرُ على الراحلة، قالوا: "غير أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة"، دلَّ ذلك على أنَّ المعلوم أن ما ثبت في النَّفل ثبت في الفرض"[87].

 

ثم قال: "لكن السنة والأفضل أن يقرأ سورة، والأفضل أن تكون كاملة في كلِّ ركعة، فإن شقَّ فلا حرج عليه أن يَقْسِم السُّورة بين الرَّكعتين؛ لأن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ ذات يومٍ سورة "المؤمنون"، فلمَّا وصل إلى قصة موسى وهارون، أخذَتْه سَعْلَةٌ فركع"[88].

 

قلتُ: ويدلُّ على ذلك قراءتُه سورة الأعراف في صلاة المغرب، فرَّقَها على الركعتين.

 

ومِمَّا يدلُّ على جواز قراءة بعض السُّورة: ما ثبت أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقرأ في الفجر من الستِّين إلى مائة آية[89].

 

قال ابن قدامة - رحمه الله - تعليقًا على ذلك: "دليلٌ على أنه لم يكن يقتصر على قراءة سورة".

 

وقرأ عُمَر في الرَّكعة الأولى بِمائة وعشرين آية من البقرة، والثانية بسورة المائدة، وقرأ ابن مسعود بأربعين آيةً من الأنفال، وفي الثانية بسورةٍ من المُفَصَّل.

 

(3) لا يقرأ البسملة إذا قرأ مِن خلال السُّورة، وأمَّا إذا قرأ من أوَّلِها ففيه خلافٌ بناءً على ما تقدَّم، والصحيح أنه لا يستحبُّ كذلك؛ لما تقدَّم من أنَّ القول الراجح أنَّها ليست آيةً من السورة.

 

(4) لَم يثبت في السُّنة سكتة بين قراءة الفاتحة وقراءة السُّورة، والثابت سكتة بين التَّكبيرة والقراءة؛ لأجْل دعاء الاستفتاح، وسكتة بعد الانتهاء من القراءة قبل الرُّكوع[90].

 

(5) هل يَجْوز أن يقرأ أكثرَ من سورة في ركعة واحدة؟

 

أمَّا بالنِّسبة للنَّافلة، فجائز؛ لأنَّه ثبت أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قرأ في ركعةٍ سورةَ البقرة والنِّساءِ وآل عمران في صلاة اللَّيل، وعن ابن مسعود قال: "لقد عرفْتُ النَّظائر التي كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقْرن بينهنَّ - فذكَر عشرين سورةً من المفصَّل، سورتَيْن في ركعة"[91].

 

وأمَّا الفريضة، ففيه خلاف، فيَرى بعض أهل العلم الاقتصارَ على سورةٍ واحدة؛ لأنَّه الثَّابتُ مِن فِعْله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولأنه أمر مُعاذًا في صلاته بذلك، ويرى آخَرون جواز ذلك؛ لِعُموم حديث ابن مسعود السابق، ولأنَّ ما يجوز في النافلة يَجوز في الفريضة؛ "راجع كلام الشيخ ابن عثيمين السابق".

 

(6) الثابت من هَدْيِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إطالةُ الرَّكعة الأولى على الثَّانية، وثبَتَ أنَّ الثانية تكون على النِّصف من الأُولى في بعض الصَّلوات، وثبت أيضًا إطالةُ الأُوليَيْن، وأنَّهما متساويتان في القراءة، وأن الأُخْريَيْن على النِّصف منهما؛ لِما ثبَت في حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليَيْن بفاتحة الكتاب وسورةٍ في كلِّ ركعة، وكان يُسْمِعنا الآية أحيانًا، وكان يطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية، وكان يقرأ في الرَّكعتَيْن الأخيرتَيْن بفاتحة الكتاب"[92].

 

وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ - رضي الله عنه - قال: "حزَرْنا قيامَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الظُّهر والعصر، فحزرنا قيامه في الرَّكعتَيْن الأوليَيْن من الظُّهر بقَدْر ثلاثين آيةً قَدْر (ألم تنـزيل) السَّجدة، وحزرنا قيامه في الأُخْريين على النِّصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قَدْر الأخريين من الظُّهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك"[93].

 

(7) المأموم لا يقرأ خلف إمامه في الجهريَّة إلاَّ فاتحة الكتاب فقط، وقد تقدَّم دليل ذلك، لكنْ إن كانت الصلاة سرِّية، أو كان لا يَسْمع قراءة الإمام، قرأ بعد الفاتحة.

 

(8) الصحيح جوازُ قراءةِ السُّورة في الركعتين الأخيرتين؛ لِما تقدَّم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - المتقدِّم.

 

(9) المسبوق هل يقرأ سورةً بعد الفاتِحة فيما يقضيه من صلاة، وكذلك هل يجهر إنْ فاتَتْه الركعات الجهريَّة؟ فيه خلاف بين العلماء، والمسألة اجتهادية، فلا مانع من الأخْذ بأيٍّ من الرَّأيَيْن، والله أعلم.

 

والراجح عندي أنَّ ما أدركه مع الإمام هي الركعات الأولى له، فإذا سلَّم الإمامُ أتَمَّ صلاته؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فما أدرَكْتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا)).

 

(10) إذا فاتَتْه الصلاة وأراد قضاءها، فهل يُسِرُّ أم يَجْهَر؟

الجواب: أنَّ العِبْرة بوقت الصلاة، لا بوقت القضاء، وعلى هذا فلو قضى الصَّلاة الجهريَّة نَهارًا جهَر، ولو قضى الصلاة السِّرِّية ليلاً أسرَّ، وقد تقدَّم دليلُ ذلك في مواقيت الصلاة.

 

(11) السُّنة الإسرارُ في النوافل، إلاَّ ما ورد فيه دليلٌ بالجهر، كالاستسقاء والتَّراويح والخسوف ونحوها، وصلاة العيد عند مَن يرى أنَّها سُنَّة.

 

(12) اعْلَم أنَّ الإسرار بالقراءة لا يتحقَّق إلاَّ مع تَحْريك اللسان والشَّفتَيْن بالحروف، ويرى بعضُهم أن أقلَّه إسْماع نفسه، في حديث خبَّاب "سُئِل: كيف كنتم تعرفون قراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في السرِّية؟ قال: باضْطِراب لحيته"[94].

 

وعلى هذا؛ فما يفعله بعض المصلِّين من الوقوف صامتين مُطْبقي الشِّفاه لا يحرِّكونها، لا يصحُّ، ولا تصحُّ قراءتهم فيما يُجْرونَها على قلوبِهم!

 

(13) يُستحبُّ ترتيل القراءة وتدبُّرها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ [المزمل: 4] ولقوله: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، كما يستحبُّ تَحْسين الصوت.

 

(14) يجوز تكرير نفس السُّورة في الركعتين؛ لما ثبت عن رجلٍ من جُهَينة أنَّه "سَمِع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقرأ في الصبح: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ [الزلزلة: 1] في الركعتين كلتَيْهما"، قال: "فلا أدري أنَسِي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أم قرأ ذلك عمدًا"[95].

 

(15) السُّنة الوقوف عند كلِّ آية، ويمدُّ بها صوتَه[96]، وثبَت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه كان إذا قرأ ﴿ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴾ [القيامة: 40] قال: "سبحانك، فبَلى"[97]، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا قرأ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1] قال: "سبحان ربي الأعلى"[98]، وسواءٌ في ذلك الفريضة والنافلة، وقد روى ابنُ أبي شيبة أنَّ أبا موسى الأشعري والمغيرة كانا يقولون ذلك في الفريضة.



[1] البخاري (793)، ومسلم (397)، وأبو داود (856)، والترمذي (303)، والنَّسائي (1/ 141)، وابن ماجه (1060)، وأحمد (2/ 437)، وله شاهد من حديث رفاعة بن رافع البدري، رواه أبو داود (859)، والترمذي (302)، والنسائي (1/ 161)، والحاكم (1/ 242)، وأحمد (4/ 340)، وسنَدُه صحيح.

[2] معنى: "لا يصب رأسه"؛ أيْ: لا يُميله إلى أسفل، "ولا يُقْنِع"؛ أيْ: لا يرفعه، ومنه قوله تعالى: ﴿ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ ﴾.

[3] قال الخطَّابِيُّ - رحمه الله - : "ويفتخ أصابع رجلَيْه"؛ أي: يلينها حتى تنثني، فيوجِّهها نَحْو القبلة.

[4] صحيح: رواه أبو داود (730)، والترمذي (304)، والنسائي (3/ 34)، وابن ماجه (1061)، والبخاري في جزء رفع اليدَيْن.

[5] صحيح: رواه أبو داود (726)، والترمذي (292)، وابن ماجه (867)، (912)، والنسائي (2/ 126)، وابن حبان (1860).

[6] صحيح: رواه أبو داود (858)، والنسائي (2/ 225)، وابن ماجه (460).

[7] البخاري (6251)، في كتاب الاستئذان، وابن ماجه (1060).

[8] البخاري (1117)، وأبو داود (952)، والترمذي (372)، وابن ماجه (1223).

[9] البخاري (1115)، وأبو داود (951)، والترمذي (371).

[10] البخاري (1096)، ومسلم (700)، والنسائي (1/ 244).

[11] البخاري (2996)، وأبو داود (3091).

[12] "فتح الباري"، (2/ 588).

[13] مسلم (413)، وأبو داود (606)، والنسائي (3/ 9)، وابن ماجه (1240)، وابن حبان (2122)، وثبت نحوه عن أنس بن مالك؛ البخاري (805)، ومسلم (411)، وغيرهما.

[14] "المجموع"، (3/ 266).

[15] صحيح: أبو داود (948)، والطبراني في الكبير (25/ 177)، والبيهقي (2/ 288)، والحاكم (1/ 397)، وصححه، ووافقه الذهبي، وصحَّحه الشيخ الألباني في "الصحيحة" (319).

[16] صحيح: رواه النسائي (3/ 224)، والحاكم (1/ 275)، والبيهقي (2/ 305)، وابن خزيمة (1238)، وابن حبان (2512).

[17] البخاري (827)، وأبو داود (958)، ومالك في الموطأ (1/ 89)، والبيهقي (2/ 129).

[18] قال الحافظ في "الفتح"، (2/ 588): "ووقع في حديث علي أن حالة الاستلقاء تكون عند العَجْز عن حالة الاضطجاع"؛ اهـ، قلت: رواه: الدارقطنِيُّ (2/ 43)، والبيهقي (2/ 307)، وفيه حسين بن زيد العرني، قال ابن عدي: يروي أحاديثَ مناكير، ولا يشبه حديثُه حديثَ الثِّقات، وقال ابن حبان: يروي المقلوبات، والحديث ضعَّفَه عبدالحق في "أحكامه"، وانظر لذلك "نصب الراية" (2/ 176).

[19] "الاختيارات الفقهية"، (ص133).

[20] رواه الحاكم (2/ 393)، والبيهقي (2/ 283)، والراجح أنه مرسل، لكن له ما يعضده؛ انظر "الإرواء" للشيخ الألباني (354).

[21] البخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/ 58).

[22] "فَتْح الباري"، (1/ 13).

[23] "الشرح الممتع" (2/ 287).

[24] "الشرح الممتع" (197 - 198).

[25] حسَن: رواه أبو داود (61، 618)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275)، وأحمد (1/ 123).

[26] صحيح: تقدَّم تخريجه أول باب صفة الصلاة.

[27] صحيح: تقدَّم حديث أبي حميد أول باب صفة الصلاة.

[28] "المجموع"، (3/ 296).

[29] والأفضل أن لا يأتي إلاَّ بلفظ "الله أكبر"؛ لوروده هكذا في الحديث: ((ثم قل: الله أكبر)).

[30] مسلم (413)، وأبو داود (606)، وابن ماجه (1232)، من حديث جابر بن عبدالله، وثبت نحوه عن عائشة في "الصحيحين"، وغيرهما.

[31] "المغني"، (1/ 464).

[32] البخاري (805)، ومسلم (411)، والنسائي (361)، وابن ماجه (1238)، من حديث أنس.

[33] نقلاً من "المُغْنِي"، (1/ 469).

[34] صحيح: رواه أبو داود (753)، والترمذي (240)، والنسائي (2/ 124).

[35] صحيح: رواه ابن خزيمة (59)، والبيهقي (2/ 27).

[36] البخاري (735، 736، 739)، ومسلم (390)، وأبو داود (722).

[37] البخاري (737)، ومسلم (391) وأبو داود (745)، والنسائي (2/ 123)، وابن ماجه (859).

[38] تقدَّم تخريج حديث ابن عمر في الصفحة السابقة.

[39] تقدَّم تخريجه آنفًا.

[40] صحيح: أبو داود (728)، بسند صحيح.

[41] صحيح: أبو داود (727).

[42] صحيح: رواه البخاري تعليقًا (3/ 189)، ووصله في جزء رفع اليدين (6005)، ووصله ابن أبي شيبة (3/ 296).

[43] مسلم (401)، وأبو داود (723)، وأحمد (4/ 317)، وابن حبان (1862).

[44] صحيح: أبو داود (727).

[45] البخاري (740)، ومالك (1/ 159)، وأحمد (5/ 336)، والطبراني في الكبير (6/ 140).

[46] رواه الطبراني في الكبير (22/ 38)، والدارقطني (1/ 228)، بسندٍ صحيح.

[47] ابن خزيمة (477)، وفيه مؤمَّل بن إسماعيل، سيِّئ الحفظ، وله شواهد؛ فقد رواه أبو داود (759)، والبيهقي (2/ 30)، عن طاوس مرسلاً، ورواه أحمد (5/ 235)، عن هلب نحوه، وفيه قبيصة بن هلب، مجهول.

[48] البخاري (1220)، ومسلم (545)، وأبو داود (947)، والترمذي (383)، والنسائي (2/ 127).

[49] البخاري (744)، ومسلم (598) وأبو داود (781)، والنسائي (1/ 50)، وابن ماجَهْ (805).

[50] مسلم (399)، والحاكم (1/ 361)، والدارقطني (1/ 299).

[51] مسلم (600)، وأبو داود (763)، والنَّسائي (2/ 132).

[52] مسلم (771)، وأبو داود (760)، والترمذي (266)، (3422)، والنسائي (2/ 129)، وابن حبَّان (1772)

[53] حسن: أبو داود (766)، وابن ماجه (1356)، والنسائي (3/ 208).

[54] مسلم (770)، وأبو داود (767)، والترمذي (3420)، والنسائي (3/ 212)، وابن ماجه (1357).

[55] البخاري (1120)، ومسلم (769)، وأبو داود (771)، والترمذي (3418)، والنسائي (3/ 309)، وابن ماجه (1355).

[56] صحيح: أبو داود (874)، والنسائي (2/ 199) ، وأصله في صحيح مسلم (772).

[57] "الشرح المُمْتِع" (3/ 62).

[58] مسائل أبي داود (153).

[59] هاتان الرِّوايتان ثابتتان من طرُقٍ جَمَعها الشيخ الألباني وصحَّح الحديث؛ انظر "إرواء الغليل" (342)، وانظر أبا داود (764)، وابن ماجه (807).

[60] انظر ما قبله.

[61] صحيح: رواه مسلم تعليقًا (599) ، وصححه ابن خزيمة (1603)، وابن حبان (1936).

[62] البخاري (756)، ومسلم (394)، وأبو داود (822)، والترمذي (247، 311)، والنَّسائي (2/ 137)، وابن ماجه (837).

[63] أبو داود (823)، والترمذي (311)، والدارقطني (1/ 318)، وابن حبان (1785)، وحسَّنَه الترمذي، والدارقطني، وقال الخطاَّبي: إسناده جيِّد، لا طعن فيه.

[64] سنن الترمذي (2/ 118).

[65] "المجموع" (3/ 365).

[66] انظر "المجموع" للنووي (3/ 332) بتصرف.

[67] "الشرح الممتع" (3/ 85).

[68] "عون المعبود" (3/ 44) شرح سنن أبي داود.

[69] صحيح: رواه أبو داود (861)، والترمذي (302)، وحسنه، وابن خزيمة (545).

[70] حسن: رواه أبو داود (832)، والنسائي (2/ 143).

[71] "المغني" (1/ 480).

[72] مسلم (395)، وأبو داود (821)، والترمذي (2953)، والنسائي (2/ 135).

[73] أبو داود (4001)، والترمذي (2928)، وللحديث متابعة عند الإمام أحمد (6/ 288)، بها يتقوَّى الحديث دون ذكر البسملة؛ لأنَّها لم تَرِد في المتابعة.

[74] "المجموع" (3/ 334).

[75] صحيح: رواه أبو داود (783)، وأحمد (6/ 31، 194، 281).

[76] رواه أحمد (2/ 497)، والنسائي (2/ 135)، وابن خزيمة (499)، وابن حبان (1797).

[77] صحيح: رواه النسائي (2/ 135)، وابن حبان والطحاوي (1/ 202)، والحديث ثابت في "صحيح مسلم" (399)، لكن بلفظ: "لا يذكرون".

[78] "زاد المعاد" (1/ 206 - 207).

[79] صحيح: رواه أبو داود (932)، والترمذي (248) وحسنه، وابن ماجه (855).

[80] البخاري (781)، ومسلم (410).

[81] البخاري (782)، ومسلم (415)، وأبو داود (935) والترمذي (250)، والنسائي (2/ 57)، وابن ماجه (852).

[82] البخاري تعليقًا (2/ 262)، ووصله الشافعي في "مسنده" (1/ 76)، والبيهقي (2/ 59)، وعبدالرزَّاق (2640)، وإسناده صحيح.

[83] تقدَّم تخريجه؛ انظر التعليق قبل السابق.

[84] "المغني" (1/ 491).

[85] البخاري (772)، ومسلم (396)، والنسائي (2/ 163).

[86] "زاد المعاد" (1/ 215).

[87] "الشرح الممتع" (3/ 103)، وأما الحديث فرواه مسلم (455)، وأبو داود (649)، وابن ماجه (820)، والنسائي (2/ 176)، وعلقه البخاري في "صحيحه".

[88] المصدر السابق (3/ 104).

[89] البخاري (541)، ومسلم (461)، وأبو داود (398)، والنسائي (2/ 157).

[90] أبو داود (780)، والترمذي (251)، وابن ماجه (844).

[91] البخاري (775)، ومسلم (822)، والترمذي (602)، والنسائي (2/ 174).

[92] البخاري (776)، ومسلم (451)، وأبو داود (798)، والنسائي (2/ 166).

[93] مسلم (452)، وأبو داود (804)، والنسائي (1/ 237).

[94] البخاري (746)، وأبو داود (801)، وابن ماجه (826).

[95] حسن: أبو داود (816)، صححه الشيخ الألباني في "مشكاة المصابيح" (862).

[96] في صحيح البخاري باب فضائل القرآن (5046)، قال: سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ قال: "كانت مدًّا، ثم قرأ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ يمدُّ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾، ويمد ﴿ الرَّحْمَنِ ﴾، ويمد ﴿ الرَّحِيمِ ﴾، وأخرجه أحمد (6/ 302)، وأبو داود (4001)، والترمذي (2927)، من حديث أم سلمة قالت: "كانت قراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾، ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ يُقَطِّع قراءته آيةً آية، وصحَّحه الدارقطني، والحاكم (1/ 232)، ووافقه الذهبي.

 

قلتُ: فيه ابن جريج، وهو مدلِّس، لكنه توبع في رواية عند الإمام أحمد (6/ 288)، بدون ذكر البسملة.

[97] صحيح: أبو داود (884)، والبيهقي (2/ 310)، وصححه الألباني في "تَمام المنَّة في التعليق على فقه السنة" (186).

[98] صحيح: أبو داود (883)، والحاكم (1/ 395) وصحَّحه، والطبراني في "الكبير" (12/ 16)، والبيهقي (2/ 310).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تمام المنة - الصلاة (1)
  • تمام المنة - الصلاة (2)
  • تمام المنة - الصلاة (3)
  • تمام المنة - الصلاة (4)
  • تمام المنة - الصلاة (5)
  • تمام المنة - الصلاة (7)
  • تمام المنة - الصلاة (8)
  • تمام المنة - الصلاة (9)
  • تمام المنة - الصلاة (10)
  • تمام المنة - الصلاة (11)
  • تمام المنة - الصلاة (12)
  • تمام المنة - الصلاة (13)
  • تمام المنة - الصلاة (15)
  • تمام المنة - الصلاة (16)

مختارات من الشبكة

  • تمام المنة - الصلاة (43)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (42)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (41)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (40)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (39)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (38)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (37)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (36)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (35)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تمام المنة - الصلاة (34)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب