• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تمام المنة - الطهارة (4/7)

الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2012 ميلادي - 5/7/1433 هجري

الزيارات: 26521

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام الوضوء


معنى الوضوء:

قال ابن حجر - رحمه الله -: "مشتقٌّ من الوضاءة، وسُمِّي بذلك لأن المصلِّي يتنظَّف به، فيَصير وضيئًا"[1].

 

معنَى الوُضوء - بالضَّم -: هو الفعل، والوَضوء - بالفتح -: هو الماء الذي يُتَوضَّأ به.

 

دليل مشروعيته: ثبتَتْ مشروعيَّةُ الوضوء بالكتاب والسُّنة والإِجْماع.

 

أمَّا الكتاب، فقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

 

وأما السُّنة، فالأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما رواه الشَّيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يقبل اللهُ صلاة أحَدِكم إذا أحدَث حتَّى يتوضَّأ))[2].

 

وأما الإجماع، فقد أجْمَعت الأُمَّة على فرضيَّة الوضوء، حتَّى صار من الأمور المعلومة من الدِّين بالضَّرورة، فيَعْلمها العالِمُ والعامِّيُّ، والصغير والكبير.

 

فضل الوضوء:

ورد في فضل الوضوء وفضل إسباغه أحاديثُ كثيرة؛ وسوف أقتصر على بعضها:

1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ أُمَّتِي يُدْعَون يوم القيامة غُرًّا مُحجَّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّتَه فليفعل))[3]، والغُرَّة بياضٌ في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في ثلاث قوائِمَ من قوائم الفرس[4]، قال العلماء: يُسمَّى النُّور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة غرَّة وتَحجيلاً؛ تشبيهًا بغرة الفرس وتحجيله.

 

2- عن عمرو بن عبَسَةَ - رضي الله عنه - قال: "كنتُ وأنا في الجاهليَّة أظنُّ الناس على ضلالة، وأنَّهم ليسوا على شيء، وهم يَعْبدون الأوثان، فسمعتُ برجل يُخْبر أخبارًا، فقعدْتُ على راحلتي فقَدِمت عليه، فإذا رسولُ الله" - فذكر الحديثَ، إلى أن قال - فقلتُ: يا نبِيَّ الله، فالوضوء حدِّثْني عنه، فقال: ((ما منكم رجل يقرب وَضُوءه، فيُمَضمض، ويستنشق فينتثر، إلاَّ خَرَّت خطايا وجهه من فِيه وخياشيمه، ثُمَّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلاَّ خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلاَّ خرَّت خطايا يدَيْه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلاَّ خرت خطايا شعَرِه مع الماء، ثم يغسل رجلَيْه إلى الكعبين إلاَّ خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإنْ هو قام فصَلَّى فحَمِدَ الله تعالى وأثْنَى عليه، ومَجَّدَه بالذي هو له أهلٌ، وفرَّغَ قلْبَه لله تعالى، إلاَّ انصرَف من خطيئته كهيئته يومَ ولدَتْه أمُّه))[5].

 

والوَضوء - بفتح الواو -: هو الماء الذي يُتوضَّأ به، والأنامل: هي أطراف الأصابع.

 

3- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أتى المَقْبرة، فقال: ((السَّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا إن شاء الله بِكُم لاحقون، وَدِدْت أنَّا قد رأَيْنا إخوانَنا))، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لَم يأتوا بعْدُ))، قالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بعدُ مِن أُمَّتِك يا رسول الله؟ قال: ((أرأيتَ لو أنَّ رجلاً له خيل غُرٌّ مُحجلة بين ظهري خيلٍ دُهم بُهم، ألا يعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنَّهم يأتون غُرًّا مُحجَّلين من الوضوء، وأنا فرَطُهم على الحوض، ألا ليُذَادنَّ رجال عن حوضي كما يُذَاد البعير الضالُّ، أناديهم: ألا هلُمَّ؛ فيقال: إنَّهم قد بدَّلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا))[6].

 

ومعنى فَرَطُهم: الفَرَطُ: الذي يسبق القافلة؛ ليعدَّ لهم الدِّلاء ونَحْوَها، ويُذاد؛ أيْ: يُطْرَد، وسحقًا: بُعدًا.

 

فرائض الوضوء:

للوضوء سنن وفرائض، والفرض إذا تخلَّف فلا يصح الوضوء، وهذه الفرائض بعضها متفق عليها، وبعضها مختلف فيها، ولكني سأسوقها وأبيِّن حكم ما ترجح عندي، وهي:

1 - النِّيَّة:

لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].

 

ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الأعمال بالنِّيات))[7].

 

ومعنَى النِّية: القَصْد والعزم على فعل الشيء، ومحَلُّها: القلب، فلا يجوز التلفُّظ بها.

 

قال ابن القيِّم - رحمه الله -: "فكلُّ عازم على فِعْل، فهو ناويه، ولا يُتصوَّر انفكاكُ ذلك عن النية، فإنَّه - أيِ: العَزْم - حقيقتها، فلا يُمْكن عدَمُها في حال وجودها، ومن قعد ليتوضَّأ فقد نوى الوضوء"[8].

 

واعلم أن التلفُّظ بالنِّية بِدْعة؛ إذْ لَم يثبت التلفُّظ بِها عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أصحابه، ولا عن الخُلَفاء، ولا عن الأئمَّة.

 

2 - المضمضة والاستنشاق:

ومعنى "المضمضة":

قال النَّوويُّ - رحمه الله -: "قال أصحابُنا: كمالُها - يعني: المضمضة - أن يَجْعل الماء في فَمِه، ثم يُدِيره فيه، ثم يَمُجُّه، وأمَّا أقلُّها فأَنْ يجعل الماء في فيه، ولا يشترط إدارته على المشهور الذي قاله الجمهور"[9].

 

و"الاستنشاق": جَذْب الماء في الأَنْف، فإذا أخرجه بعد ذلك سُمِّي "استنثارًا".

 

وقد أفادَتِ الأحاديثُ وجوب المضمضة والاستنشاق والاستِنْثار، وهو الرَّاجح من أقوال أهل العلم، وهو المشهور من مذهب أَحْمد.

 

قال الشوكانِيُّ - رحمه الله - في "السيل الجرار": "أقول: القول بالوجوب هو الحقُّ؛ لأنَّ الله - سبحانه - قد أمر في كتابه العزيز بِغَسْل الوجه، ومَحلُّ المضمضة والاستنشاق من جُمْلة الوَجْه... وأيضًا قد ورد الأمر بالاستنشاق والاستنثار في أحاديثَ صحيحة"[10].

 

قلتُ: من هذه الأحاديث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا توضَّأَ أحَدُكم فلْيَجعل في أنفه ماءً ثُم لْيَنتثر))[11].

 

ومنها: مِن حديث لَقِيط بن صَبِرَة في حديثٍ طويل، وفيه: ((وبالِغْ في الاستنشاق إلاَّ أن تكون صائمًا))[12]، وفي رواية من هذا الحديث: ((إذا توضَّأتَ فمضمض))[13]، وصحَّح الحافظُ إسنادَه، وصحَّحه الشيخ الألبانِيُّ.

 

ومِمَّن ذهب إلى وجوب المضمضة والاستنشاق: أحمدُ، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثَوْر، وابن المنذر.

 

وأمَّا كيفيَّة المضمضة والاستنشاق، ففي صفة وضوئه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنهما - "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تَمْضمض واستنشق من كفٍّ واحدة، يفعل ذلك ثلاثَ مرَّات"[14].

 

قال البيهقيُّ - رحمه الله - في "السُّنَن": "يعنِي - والله أعلم - أنه مضمض واستنثر كلَّ مرة من غَرْفة واحدة، ثُم فعل ذلك ثلاثًا من ثلاث غرفات"، قال: "ويدلُّ له حديثُ عبدالله بن زيد، وفيه: "ثم أدخل يده في الإناء فمضمض، واستنشق، واستنثر، ثلاث مرَّات، من ثلاث غرفات من ماء"[15].

 

3 - غسل الوجه:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

 

وحَدُّ الوجه: ما بين مَنْبَت الشَّعر المعتاد إلى منتهى الذَّقن طولاً، وما بين شحْمَتَيِ الأذن عَرْضًا، ويدخل في ذلك ظاهِرُ اللِّحية الكثَّة (وهي التي لا يظهر الجلد من تحتها)، وأمَّا اللِّحية الخفيفة (وهي التي يظهر الجلد من تحتها)، فإنَّه يجب وصول الماء إلى الجِلْد.

 

4 - غسل اليدين إلى المرفقين:

وذلك للآية السابقة، وقد اتَّفَق العلماءُ على وجوب غسل المرفقين مع اليدَيْن، مستدلِّين على ذلك بقاعدة أصوليَّة، وهي: "ما لا يتمُّ الواجب إلاَّ به فهو واجب".

 

ومن أدلَّتِهم كذلك فِعْلُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذْ هو بيان لِمُجمل القرآن، ولَم يثبت عنه أنَّه ترك غسل المرفقين مع اليدين، و"المِرْفَق": هو المفصل الذي يكون بين العَضُد والسَّاعد.

 

وتُغسَل اليدان بدءًا من رؤوس الأصابع إلى المِرْفقَيْن، فإن كان مقطوعَ اليد غسَل ما تبقَّى من محلِّ الفرض، فإن كان القَطْع عند المِرْفَق غسل مِرْفَقه فقط، فإن كان فوق المرفق فلا شيء عليه في هذه اليدِ المقطوعة، وكذلك يُقال عند غسل الرِّجْلين.

 

5 - مسح الرأس:

لقوله تعالى: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ ﴾ [المائدة: 6].

 

واختلف العلماءُ في عدد مرَّات مَسْح الرأس؛ فذهب أكثر العلماء - منهم أبو حنيفة ومالكٌ وأَحْمد - بأنَّ مسح الرأس مرَّة واحدة، وهذا هو الأرجح، وخالفَ في ذلك الشَّافعيَّةُ، فيَرَون مسْحَ الرأس ثلاث مرَّات.

 

واختلف العلماء أيضًا في القَدْر الواجب في مسح الرأس؛ فمِنهم مَن يرى وجوب مسح جَميع الرأس، ومنهم مَن يرى وجوبَ مسْحِ بعضها، وهناك مُنازعات كثيرة في تَحْقيق هذا الحكم، والأرجح ألا يقتصر على مسح بعض الرأس إلاَّ إن كان سيكمل المسح على العمامة.

 

وعلى ذلك يُمْكِننا أن نقسِّم طريقة المَسْح على الرأس إلى ثلاثة أقسام كما هو ثابتٌ من فِعْل النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على النَّحو الآتي:

أولاً: المسح على جميع الرأس، وله صورتان:

الصُّورة الأولى: أن يضع يدَيْه عند مقدِّمة رأسه، ثُمَّ يرجع بِهما إلى قفاه، ثُم يردُّهما حيث بدأ؛ فعَنْ عبدالله بن زيد - رضي الله عنه -: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مسح على رأسه بيدَيْه فأقبَلَ بِهما وأدبَر؛ بدأ بِمُقدَّم رأسه، ثُم ذهب بِهما إلى قفاه، ثُم ردَّهُما إلى المكان الذي بدأ منه"[16].

 

الصُّورة الثانية: أن يضع يديه في أعلى رأسه عند مفرق الشعر، ثم يُمرِّر يديه حسب اتِّجاه الشعر؛ فعَنِ الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ - رضي الله عنها -: "أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ عندها، فمسح الرأس كلَّه من قرن الشَّعر، كل ناحية لِمُنْصَبِّ الشعر، لا يحرِّك الشَّعر عن هيئته"[17].

 

ثانيًا: المسح على العمامة وَحْدَها:

فعَنْ عمرو بن أميَّة - رضي الله عنه - قال: "رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يمسح عمامته وخُفَّيه"[18]، ويجوز للمرأة أن تَمسح على الخمار، وقد ثبت ذلك عن أمِّ سلمة - رضي الله عنها[19].

 

ثالثًا: المسح على النَّاصية والعمامة:

فعن الْمُغيرة بن شُعْبة - رضي الله عنه - "أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ، فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخُفَّيْن"[20].

 

ملحوظة: لا يشترط في المَسْح على العمامة أن تكون لُبِست على طهارة، وكذلك لا يقيَّد المسح عليه بوقت كما هي الحال بالنِّسبة للمسح على الخُفَّيْن.

 

6 - مسح الأذنين:

تقدَّم أن مِن فرائض الوضوء مسْحَ الرأس، ولكنْ هل مسح الأذنَيْن واجبٌ أيضًا، أم مستحَب؟ اختلف في ذلك أهل العلم، والصَّواب القول بوجوبه؛ لِحَديث: ((الأذنان من الرأس))[21]، وهذا الحديث له طرق كثيرة يقوِّي بعضُها بعضًا مِمَّا يَجْعلها تنهض للاحتجاج، والسُّنة أن يَمْسح ظاهِرَهُما وباطِنَهما، فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - "أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مسَح برأسه وأذنَيْه؛ ظاهرهما وباطنهما"[22]، وفي رواية عند النَّسائي: "باطنهما بالمسبحتين، وظاهرهما بإِبْهاميه".

 

ولا يشترط لِمَسحهما ماءٌ جديد، بل يكفي مسْحُهما مع الرأس.

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "لَم يثبت عنه أنَّه أخذ لهما ماء جديدًا، ورُبَّما صحَّ ذلك عن ابن عمر[23]"[24].

 

7 - غَسْل الرِّجلَيْن إلى الكعبين:

وذلك لِمَا تقدَّم من الآية: ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

 

و"الكَعْبان": هما العَظْمان الناشِزان عند ملتَقَى القدَمِ بالسَّاق، وهو - أيْ: وجوب غسل الرِّجْلَين - إجْماع الصَّحابة كما ذهب إليه جُمهور العلماء، وخالَفَ في ذلك الشِّيعةُ الإماميَّة، ورأَوا الاكتفاء بالمسح عليهما فقط، وقولُهم باطل؛ لأنَّه قد ثبت عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأَمْرُ بغَسْلِهما، بل إنَّه عنَّف الذين اكتَفَوا بالمسح عليهما؛ ففي الصَّحيحَيْن عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: تَخلَّف عنَّا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في سفرة، فأدرَكَنا، وقد أرْهَقَنا العصر، فجعلنا نتوضَّأ، ونَمْسح على أرجلنا قال: فنادى بأعلى صوته: ((ويْلٌ للأعقاب من النار))؛ مرَّتَيْن أو ثلاثًا[25].

 

ومعنى "أرْهَقَنا"؛ أيْ: أدركَنا، والمقصود أنَّهم أخَّروا الظُّهر حتَّى قُرْب وقت العصر، و"الأعقاب": جَمْع عقب، وهو مؤخَّر الرِّجل.

 

وقد وقع الخلاف أيضًا: هل يدخل الكَعْبان في وجوب الغَسْل مع الرِّجل أم لا؟

 

والراجح: وجوب غَسْلهما، كما بيَّنْتُ ذلك في وجوب غسل المِرْفقَيْن.

 

8 - الموالاة:

والمقصود بالموالاة أن لا يؤخِّر غَسْل عضْوٍ حتى يجفّ ما قبْلَه بِزَمَن معتدل، فعن خالد بن معدان وعن بعض أصحاب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى رجلاً يُصَلِّي، في ظَهْر قدَمِه لمعةٌ قدْرُ الدِّرهم لَم يُصِبْها الماء، فأمره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يعيد الوضوء" - زاد في رواية: "والصَّلاة"[26].

 

قال الأثرم: قُلْت لأحْمد - يعني: ابن حنبل -: هذا إسناد جيِّد؟ قال: جيِّد.

 

في هذا الحديث أمْرُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بإعادة الوضوء، ومعلوم أنه إذا لم تَكُن الموالاة فرضًا لاكتفى بأمره بِغَسْل الرِّجلين فقط؛ لأنَّها آخر الأعضاء في الوضوء.

 

9 - الترتيب:

لأنَّه هو الثابت من فِعْلِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفعله بيانُ القرآن، وقد استدلَّ العلماء أيضًا على وجوب الترتيب بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ذكَر الفرائض مرتَّبة، وقد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحجِّ وهو يُعَلِّمهم المناسك: ((نَبْدأ بِما بدأ الله به))، فكذلك هنا، لكن يُلاحظ أنَّه يجوز فقط أن تؤخَّر المضمضة والاستنشاق بعد الوَجْه، ورد ذلك في حديث الرُّبيِّع بنت معوِّذ - رضي الله عنها - فذكرت وضوء النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – "فغَسَل كفَّيْه ثلاثًا، ووضأ وجْهَه ثلاثًا، ومضمض واستنشق مرَّة، ووضأ يدَيْه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرَّتَيْن، ووضأ رجليه ثَلاثًا ثلاثًا" الحديث[27].

 

• • • •

سنن الوضوء:

1 - التسمية قبل الوضوء[28]:

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا صلاة لِمَن لا وضوء له، ولا وضوء لِمَن لم يذكر اسْمَ الله عليه))[29].

 

وقد وردَتْ في هذا المعنى أحاديثُ لا يخلو كلٌّ منها من ضَعْف، لكن قال الحافظ: "والظَّاهر أنَّ مَجْموع الأحاديث يحدث منها قوَّة تدلُّ على أنَّ له أصلاً"[30].

 

واختلف العلماءُ في حكم التَّسمية؛ فبعضهم يرى الوجوب، ويرى جُمهور العلماء أنَّها مستحبَّة، ومن قال بالوجوب اختلفوا أيضًا في التَّفريق بين الناسي والذَّاكر.

 

والذين قالوا بالوجوب رأَوْا أنَّ الأَوْلَى حَمْلُ الحديث على ظاهره بنفي الوضوء لِمَن لم يذكر اسم الله عليه، وذلك يقتضي نفي الصِّحة، أو ذات الوضوء، وأما الناسي فإنَّه يُغتفر له؛ لِما في الحديث: ((رُفِع عن أُمَّتِي الخطَأُ والنِّسيان، وما استُكْرِهوا عليه))[31].

 

والذي يتبيَّن لي أنَّ قول الجمهور هو الأرجح، وأن التَّسمية سُنَّة؛ وذلك لأنَّ الذين وصفوا وضوء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يَذْكروا التَّسمية، وأيضًا فقد ثبت في "سُنَن أبي داود" بسندٍ حسَنٍ أنَّ أعرابيًّا سأل النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الوضوء، فدعا بِماء فتوضَّأ ثلاثًا ثلاثًا، غير رأسِه - ثُم قال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد فقد أساء وتعدَّى وظلَم"[32]، ويُلاحَظ أنَّه لَم يذكر فيه التَّسمية، مع جَهْل الأعرابِيِّ واحتياجه إلى التَّفصيل، وفي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - له: ((هكذا الوضوء)) ما يفيد الحَصْر الذي يدلُّ على بيان الواجب.

 

وبناءً على ما تقدَّم فيُحمل حديث: ((لا وضوءَ لِمن لم يَذْكر اسم الله عليه)) على نَفْي الكمال، والعِلْم عند الله.

 

2 - السِّواك قبل الوضوء:

تقدَّم الكلام عن السِّواك وفضله واستعماله في باب سُنَن الفطرة.

 

3 - غسل الكفَّيْن في أول الوضوء:

عن أوسِ بن أوسٍ الثَّقفيِّ - رضي الله عنه - قال: "رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ، فاستَوْكَف ثلاثًا"[33]؛ أيْ: غسل كفَّيْه.

 

ويَزْداد غَسْل الكفَّيْن تأكيدًا إذا كان الوضوء بعد النَّوم، فعَنْ أبِي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا استيقظ أحدُكم من نومه فلا يغمس يده حتَّى يغسلها ثلاثًا؛ فإنَّه لا يدري أين باتت يدُه))[34].

 

وقد استحبَّ الجمهورُ غَسْل الكفَّيْن عقب كلِّ نوم، وخصَّه الإمام أحمدُ بِنَوم اللَّيل؛ لقوله في آخِر الحديث: ((أين باتَتْ))، وفي رواية لمسلم: ((فإذا قام أحدكم من الليل))؛ ولذلك ذهب الإمام أحمد إلى الوجوب عند القيام من نوم الليل خاصَّة.

 

4 - تثليث غَسْل الأعضاء:

ولا يزيد في غسل الأعضاء عن ثلاث غسلات؛ لأنَّه أكثر ما وردَتْ به الرِّوايات في صِفَة وضوء النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فعن عُثْمان بن عفَّان - رضي الله عنه - "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضأ ثَلاثًا ثلاثًا"[35].

 

قال ابن المبارك - رحمه الله -: "لا آمَنُ إذا زاد في الوضوء على الثَّلاث أن يَأْثَم"[36]، وقال أحمد وإسحاق - رحمه الله -: "لا يزيد على الثلاث إلاَّ رجل مبتلًى"[37].

 

قلت: ويجوز أن يتوضَّأ مرَّة مرة، ومرتَيْن مرتين، فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: "توضَّأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مرَّة مرة"[38]، وعن عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - "أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضأ مرَّتَين مرتين"[39].

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "وقد أجْمَع المسلمون على أنَّ الواجب في غَسْل الأعضاء مرَّة مرة، وعلى أن الثلاثة سُنَّة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بغَسْل الأعضاء مرَّة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرَّتين، وبعضها مرَّة، قال العلماء: فاختلافها دليلٌ على جواز ذلك كلِّه، وأن الثَّلاث هي الكمال، والواحدة تُجْزِئ"[40].

 

5 - التَّيامُن:

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحبُّ التيامن في تنعُّلِه، وترجُّلِه، وطهوره، وفي شأنه كلِّه"[41]، ومعنى: "تنعُّله": لبْسُ النَّعل، "وترجُّله": تَسْريح الشعر.

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "وقاعدة الشَّرع المستمرَّة استحبابُ البداءة باليمين في كلِّ ما كان من باب التكريم والتزيُّن، وما كان بضدها استُحِبَّ فيه التَّياسُر"، قال: "وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سُنَّة، ومن خالفها فاته الفَضْل، وتم وضوءه"[42].

 

6 - تخليل اللحية:

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان إذا توضَّأ أخذ كفًّا من ماء، فأدخله تحت حنَكِه، فخلَّل به لِحْيتَه، وقال: ((هكذا أمرَنِي ربِّي - عزَّ وجلَّ))[43]، وعن عثمان بن عفَّان - رضي الله عنه - "أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يخلِّل لحيته"[44].

 

اختلف العلماءُ في حكم تَخْليل اللِّحية، فذهَب بعضُهم إلى الوجوب، والأكثر على أنَّها سُنَّة، وهو الرَّاجح، وهو ما رجَّحَه الشَّوكاني بعد سَرْد الأدلة.

 

قال الشوكانِيُّ - رحمه الله -: "الاحتياط والأخذ بالأَوْثق لا شكَّ في أولويَّته - يعنِي: عدمَ التَّهاون في تَخْليلها - لكن بدون مُجاراة على الحكم بالوجوب"[45]، وفي حديث أنَسٍ السابق معنى التخليل.

 

7 - إطالة الغُرَّة والتحجيل:

قال الشَّوكاني - رحمه الله -: "الغُرَّة": غسل شيءٍ من مقدَّم الرأس، أو ما يجاوز الوجه، زائدة على الجزء الذي يجب غَسْله، و"التَّحجيل": غَسْل ما فوق المِرْفقين والكعبين، وهما مستحَبَّان.

 

وقد ثبت ما يدلُّ على ذلك، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أنَّه توضَّأ فغسَل وجْهَه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليُمنى حتَّى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليُسْرى حتَّى أشرع في العضد، ثُمَّ مسح رأسه، ثُمَّ غسل رجْلَه اليمنى حتَّى أشرع في السَّاق، ثُمَّ غسل رجْلَه اليُسْرى حتَّى أشرع في السَّاق، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتوضَّأ"، وقال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنتم الغرُّ المحجَّلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء))، فمن استطاع منكم فلْيُطِل غرَّتَه وتَحْجيله[46].

 

8 - دلك الأعضاء:

عن عبدالله بن زَيْد - رضي الله عنه - "أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أُتِي بثُلثَيْ مُدِّ ماء فتوضَّأ، فجعل يدلك ذراعَيْه"[47].

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "واتَّفَق الجمهور على أنه يكفي في غَسْل الأعضاء في الوضوء والغُسْل جَريانُ الماء على الأعضاء، ولا يشترط الدلك، وانفرد مالكٌ والمزني باشتراطه"[48].

 

9 - الاقتصاد في الماء:

تقدَّم أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ بالْمُدِّ، وتوضَّأ بثلثي المُدِّ، وهذا يَعْني عدم الإسراف في الماء.

 

وعن عبدالله بن مُغَفَّل - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور))[49].

 

ومن السُّنَّة بعد الفراغ من الوضوء:

10 - الدعاء بعده:

عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما منكم من أحدٍ يتوضَّأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، إلاَّ فُتحَتْ له أبواب الجنة الثمانية، يَدْخل من أيِّها شاء))[50].

 

زاد الترمذي في روايةٍ: ((اللَّهم اجعلْنِي من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين))[51].

 

تنبيه: ورد في بعض روايات الحديث أنَّه يرفع بصَرَه عند الدُّعاء، ولكن هذه الزِّيادة لا تصح[52].

 

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من توضَّأ فقال: سبحانك اللَّهم وبِحَمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت، أستغفِرُك وأتوب إليك، كُتِب له في رق، ثم جُعل في طابع، فلم يُكْسر إلى يوم القيامة))[53]، و"الرق": الصَّحيفة، و"الطابع" الخاتم، يريد أنه يُخْتَم عليه.

 

11 - صلاة ركعتين بعد الوضوء:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لبلال: ((يا بلال، حدِّثْنِي بأَرْجى عمَلٍ عملْتَه في الإسلام؛ إنِّي سَمِعت دَفَّ نعلَيْك بين يدَيَّ في الجنَّة))، قال: ما عملت عملاً أرجى عندي من أنِّي لم أتطهَّر طهورًا في ساعة من ليل أو نَهار إلاَّ صلَّيْتُ بذلك الطهور ما كُتِب لي أن أصلِّي[54].

 

وعن عثمان - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - توضَّأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: ((من توضَّأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتَيْن لا يُحدِّث فيهما نفسه، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه))[55].

 

وسواء صلَّى فريضة أو نافلة راتبة، أو تطوُّعًا، حصلت له هذه الفضيلة كما تَحْصل تحيَّة المسجد بذلك، وأمَّا قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يحدِّث فيها نفسه))، فقد قال النوويُّ - رحمه الله -: "فالمراد لا يحدِّث بشيء من أمور الدُّنيا، وما لا يتعلَّق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرَّد عروضه، عفي عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمَّة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر"[56].

 

نواقض الوضوء:

أولاً: كل ما خرج من السبيلين (القبل والدُّبر):

قال ابن المنذر - رحمه الله -: "أجْمَع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدُّبر، وخروج البول من ذَكَر الرَّجل وقبُلِ المرأة، وخروج المذْي، وخروج الرِّيح من الدُّبر، وزوالَ العقل بأيِّ وجه زال عقْلُه - أحداثٌ ينقض كلُّ واحدٍ منها الطَّهارة، ويوجب الوضوء"[57].

 

قلت: الأدلة على ما تقدم:

• أمَّا الغائط والبول، فقوله تعالى: ﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ﴾ [النساء: 43]، وفي حديث صفوان في المسح على الخُفَّيْن قال: "أمرَنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا كنا سَفْرًا أن لا نَنْزع خِفافنا ثلاثة أيام وليالِيَهنَّ إلاَّ من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم"[58].

 

ففيهما دليل على وجوب الوضوء من البول والغائط.

 

• وأما خروج الرِّيح، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَقْبَل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضَّأ))، فقال رجلٌ من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: "فُساء أو ضُراط"[59].

 

• وأما المذي، ففي حديث علي - رضي الله عنه - وسؤالِه عن المذي قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((توضَّأ واغسل ذكَرَك))[60].

 

• وأما الوَدْي، فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: "المَنِيُّ والوَدْي والمَذْي؛ أمَّا المَنِيُّ ففيه الغسل، وأما المَذْي والودْي ففيهما إسباغ الوضوء، ويَغْسل ذَكَرَه"[61].

 

ملاحظات:

1- إذا خرج من الدُّبر شيءٌ غير معتاد، كالدُّود والحصى ونحو ذلك، فإنَّه ينقض الوضوء عند أكثر أهل العلم.

2- إذا أُدخل في فتحة الذَّكَر أو الدُّبر شيء، ثم أُخْرِج وجب الوضوء؛ لأنَّه لا يخلو من بلَّةٍ نجسة.

3- إذا خرج البول أو الغائط من غير السَّبيلَيْن، وجب فيهما الوضوء على الرَّاجح؛ لِمَا تقدَّم من حديث صفوان: "... لكن من غائطٍ وبول ونوم"، على عموم خروجه، سواءٌ كان من المَخْرج المعتاد، أو من غيره.

 

ثانيًا: النوم:

تقدَّم في حديث صفوان بن عسال أنَّ من نواقض الوضوءِ النَّومَ، وقد وردَتْ في هذا المعنى أحاديثُ:

فمِن هذه الأحاديث: عن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((العين وكاء السَّه، فمن نام فليتوضأ))[62]، ومعنى "السَّه": حلقة الدُّبُر، و"الوكاء": الرِّباط.

 

ولا يعارِض هذا ما رواه أبو داود عن أنس - رضي الله عنه - قال: "كان أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ينتظرون العشاء الآخِرَة حتَّى تَخْفِق رؤوسُهم، ثم يُصلُّون ولا يتوضَّؤون"[63]، وفي بعض الروايات: "فيضعون جنوبَهم"؛ أيْ: على الأرض، وفي بعضها عند التِّرمذي: "حتى سَمِع لهم غطيطًا"، و"الغطيط": صوت نفَسِ النائم، والنَّخير أقوى منه.

 

ويُمكن الجمع بين الأحاديث بأن النوم الناقضَ للوضوء هو النَّوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك، وأمَّا مبادئ النَّوم قبل الاستغراق، فهذا لا ينقض الوضوء.

 

تنبيهات:

(أ) قال النوويُّ - رحمه الله -: "واتَّفَقوا على أنَّ زوال العقل بالجنون، والإغماء، والسُّكْر بالخمر، أو النبيذ، أو البَنْج، أو الدَّواء - ينقض الوضوء، سواء قلَّ أو كَثُر، وسواء كان مُمكّنَ المقعدة، أو غير مُمكّنِها"[64].

 

(ب) قال النَّووي - رحمه الله -: "قال أصحابُنا: وكان من خصائص رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه لا ينتقض وضوءه بالنَّوم مضطجعًا؛ للحديث الصَّحيح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "نام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتَّى سَمِعت غطيطه، ثم صلَّى ولم يتوضَّأ[65]"[66].

 

ثالثًا: مسُّ الفَرْج:

يجب الوضوء مِن مسِّ الفرْج؛ سواء في ذلك الرَّجل والمرأة، وسواء كان المسُّ بباطن الكفِّ أو بظاهره، إلاَّ أن يكون بينه وبينه حائل؛ لِمَا ثبت في الحديث عن بُسرة بنت صَفْوان - رضي الله عنها - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((من مسَّ ذكَرَه فلا يُصلِّ حتَّى يتوضأ))[67]، وعن عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جدِّه عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أيُّما رجلٍ مَسَّ فرْجَه فليتوضَّأ، وأيُّما امرأةٍ مسَّت فرْجَها فلتتوضَّأ))[68].

 

وأمَّا حديث طَلْقِ بن عليٍّ - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً سأل النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الرَّجُل يَمَسُّ ذكَرَه: هل عليه وضوء؟ قال: ((لا؛ إنَّما هو بَضْعة منك))[69]؛ أيْ: قطعة، فهو حديث منسوخ؛ فقد أورد ابن حبَّان في "صحيحه" ما يدلُّ على أنَّ قُدوم طَلْقِ بن علي كان عند بناء مسجد المدينة، ثُمَّ خرج ولم يُعلَم له قدومٌ بعد ذلك[70]، وأما حديث بُسرة فقد رواه أيضًا أبو هريرة وهو متأخِّر الإسلام، وهذا يقوِّي القول بِنَسْخ حديث طلق[71].

 

وأيضًا فحديث طَلْقٍ "إباحة"، وحديث بُسْرة "حظرٌ"، والقاعدة أنَّه: إذا تعارض الحَظْر والإباحة، قُدِّم الحظر.

 

والحقُّ في ذلك أنه ناقضٌ للوضوء، سواء قصد الشَّهوة أم لم يَقْصِدها، إلاَّ أن يكون هناك حائل؛ إذِ الظَّاهر من قوله: ((من مسَّ ذكَرَه)) أن المسَّ مباشرةُ العضو نفسه، وقد ورد في هذا المعنى حديثُ أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أفضى أحَدُكم بيده إلى فرْجِه وليس بينهما ستر ولا حجاب، فلْيَتوضَّأ))[72].

 

وأما مسُّ الأُنثيَيْن (الخصيتَيْن) أو حلقة الدُّبر، فلا ينقض الوضوء؛ لأنَّ الحديث نصَّ على "الذَّكَر"، أو"الفَرْج"، ومعلومٌ أن الأُنْثيين وحلقة الدبر لا يُطْلَق عليهما فَرْج.

 

رابعًا: أكل لحم الإبل:

سواء كان نيئًا، أو مَطْبوخًا، أو مشويًّا، أو على أي صفة أخرى.

 

قال الخطَّابي - رحمه الله -: ذهب إلى هذا عامَّةُ أصحابِ الحديث؛ وذلك لِما رواه جابِرُ بن سَمُرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً سأل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: أأتوَضَّأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إن شئتَ فتوضَّأ، وإن شئت فلا تتوضَّأ))، قال: أتوضَّأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم، فتوضَّأ من لحوم الإبل))[73]، وعن جابر - رضي الله عنه - قال: "أمَرَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن نتوضأ من لحوم الإبل"[74].

 

والظاهر من قوله: "لُحوم الإبل" جُمْلة البعير؛ فعلى هذا يَجِب الوضوء إذا أكل كَبِدَه أو سَنامَه أو كرشه ونحو ذلك، وأمَّا اللَّبَن فلا يدخل فيه؛ لأنَّه ليس لحمًا، فالنصُّ لا يشمله.

 

خامسًا: لمس المرأة:

الصحيح أن لَمْس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كانت من ذوات المَحارم، أو أجنبيَّة، والدليل على ذلك: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنتُ أنام بين يدَيْ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورِجْلايَ في قِبْلتِه، فإذا سجد غمَزَنِي فقبَضْتُ رجلي، فإذا قام بسطْتُهما، قالت: والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح"[75].

 

وعنها "أنَّ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُقبِّل بعض أزواجه ثم يصلِّي ولا يتوضَّأ"[76].

 

• وأمَّا الاستدلال بقوله تعالى في آية الوضوء: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [المائدة: 6]؛ على أنَّ لَمْس المرأة ينقض الوضوء، فالجواب: أنَّ مقصود اللَّمس هنا "الْجِماع" على الصحيح؛ لأنَّ الْمُلامسة تكون بين اثنَيْن، وقد قرَّر ذلك شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، وبسَط هذا المعنى بسطًا حسنًا في "مَجْموع الفتاوى"، فراجِعْه إن شئت.

 

تنبيهٌ هامٌّ:

القول بعدم نَقْضِ الوضوء مِن لَمْسِ المرأة، لا يَعْنِي جوازَ مُصافحة الرَّجُل للمرأة الأجنبيَّة، فمصافَحتُها حرام؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اليدانِ تَزْنِيان، وزِناهُما البَطْش))[77]، ولقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لأَنْ يُطعَن في رأس أحَدِكم بِمِخيط من حديد خيرٌ له من أن يَمسَّ امرأةً لا تحلُّ له))[78].

 

ملاحظات متعلِّقة بنواقض الوضوء:

1- الدَّم لا ينقض الوضوء، سواء كان قليلاً أم كثيرًا (راجع حُكْم الدَّم من باب النَّجاسات).

 

2- القَيْء والقلس (وهو ما يَخْرج من الجوف عند امتلاء البَطْن) لا ينقض الوضوء؛ إذْ لم يَقُم دليلٌ صحيح صريح على نقْضِه للوضوء، وأمَّا حديث أبي الدَّرداء - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قاء، فأفطر"، قال ثوبانُ: "أنا صبَبْتُ عليه وضوءَه"[79]، فليس صريحًا في أنَّ وضوءه كان بسبب القَيْء، بل هو مُوافقة حال؛ أيْ: إنَّه قاء ووافق ذلك وقْتَ وضوئه.

 

قال ابن حَزْم - رحمه الله -: ليس فيه أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: من تقيَّأ فليتوضَّأ، ولا أن وضوءه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان من أجل القَيْء.

 

3- ما يَدْفعه رَحِم المرأة من قَصَّة بيضاء، أو صُفْرة، أو كدرة، أو كَغُسالة اللَّحم، أو دم أَحْمر - إذا كان ذلك في غير زمَنِ الحيض - فلا يجب عليها وضوءٌ ولا غُسْل، وكذلك ما تراه الحامل من دَمٍ زمنَ حيضها[80].

 

4- القهقهة: لا توجب الوضوء، سواء كانت القهقهة في الصَّلاة، أو خارجها - علمًا بأنَّها تُبْطِل الصلاة - والقهقهة مذمومة، وهي في الصلاة أشدُّ وأقبح؛ لِما في ذلك من سوء الأدب، وعدم التعظيم لشعائر الله.

 

5- إذا شكَّ أو خُيِّل إليه أنه خرج منه شيءٌ أم لا - بِمَعنى هل أَحْدَث، أم لا؟ - فلا يضرُّه ذلك، ولا ينتقض وضوءه إلاَّ أن يتيقَّن؛ وذلك لِمَا ثبت عن عبَّاد بن تَميم عن عمِّه أنه شكا إلى النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الرَّجل يُخيَّل إليه أنَّه يَجِد الشيء في الصلاة، فقال: ((لا يَنْفتل حتَّى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا))[81]، ومعنى "لا ينفتل": لا ينصرف.

 

قال النوويُّ - رحمه الله -: "معناه: يعلم وجودَ أحدِهما، ولا يُشترط السَّماع والشمُّ بإِجْماع المسلمين"[82].

 

قُلْتُ: وكذلك إذا سمع صوتًا داخل بطنِه، فإنَّه لا ينتقض الوضوء إلاَّ بخروج الريح من الدُّبر.

 

6- قال ابن قدامة - رحمه الله -: "إذا عَلِم أنه توضَّأ وشكَّ هل أحدث أم لا؟ بنَى على أنَّه متطهِّر، وإن كان مُحْدثًا فشكَّ هل توضأ أم لا؟ فهو مُحْدِث، يبني في الحالتَيْن على ما عَلِمَه قبل الشكِّ، ويلغي الشكَّ"[83].

 

7- إذا أكل أو شرب فلا يجب عليه الوضوء، وإنَّما يَكْفيه أن يتمضمض إذا كان الطَّعام دسمًا؛ لِما ثبت في صحيح البخاري ومسلمٍ أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - شرب لبنًا، فدعا بِماء فتمضمض، وقال: ((إنَّ له دسمًا))[84].

 

8- خروج ريحٍ من القبل لا ينقض الوضوء، سواء في ذلك الرجل والمرأة؛ لأنَّه مِن مَخْرج غير معتادٍ خروجُ الرِّيح منه، وفي المسألة خلاف[85].

 

9- لَمْس فرج الصَّغير لا ينقض الوضوء - على الراجح - وعلى هذا فإنَّ مَن يقومون بتنظيف الأطفال، ومسُّوا فروجَهم فإنَّ وضوءهم لا ينتقض[86].

 

10- اعلم أنَّ سقوط النَّجاسة على بدن الإنسان لا ينقض الوضوء، وإنَّما عليه فقط أن يُزيل هذه النجاسة، وهو على حاله إن كان متوضِّئًا.

 

• • • •


ما يَجِب له الوضوء وما يستحب:

هناك بعض الحالات توجب الوضوء، وبعضها لا توجبه، بل يستحبُّ من أجْلها الوضوء:

فالذي يجب له الوضوء شيئان:

1- الصلاة:

يشترط الوضوء لصحَّة الصلاة إذا كان مُحْدِثًا حدثًا أصْغَر، والدليل على ذلك:

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ﴾ [المائدة: 6].

 

ومعنى الآية: إذا قمتم وكنتم مُحْدِثين.

 

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تُقبل صلاةٌ بغير طهور، ولا صدقة من غلول))[87].

 

و "الغلول": بأن يَأْخذ من الغنيمة قبل أن يقسم له الإمام.

 

وأما غير المُحْدِث فلا يجب عليه الوضوء لكلِّ صلاة، فيجوز له أن يصلِّي أكثر من صلاة ما دام أنَّه لم يأتِ بِما ينقض وضوءه.

 

والدليل: عن بُرَيدة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتوضَّأ عند كلِّ صلاة، فلمَّا كان يوم الفتح صلَّى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: إنَّك فعلت شيئًا لم تكن تفعله، فقال: ((عَمْدًا فعلْتُه))[88].

 

ومع هذا فيستحبُّ - لغير المُحْدِث - الوضوءُ لكلِّ صلاة، وسيأتي الدَّليل عند ذِكْر ما يستحبُّ له الوضوء.

 

2- الطواف:

ينبغي لمن يطوف بالبيت الحرام أن يكون على طهارة كاملة، كطهارة الصَّلاة.

 

والدليل على ذلك: عن طاوس، عن رجل قد أدرك النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّما الطواف بالبيت صلاة، فإذا طُفْتم فأقلُّوا الكلام))[89].

 

لذا ذهب أكثر العلماء إلى أن الطَّواف يشترط فيه ما يشترط في الصَّلاة، لكن أُبيحَ فيه الكلام كما هو واضحٌ من ظاهر الحديث.

 

ورَأى بعض العلماء أنَّه لا تشترط الطَّهارة للطَّواف، وهذا ما رجَّحه ابن تيميَّة في "مَجموع الفتاوى"، وابن عثيمين في "الشَّرح الممتع"[90]، وسيأتي ذِكْر ذلك في كتاب الحجِّ.

 

وأمَّا ما يستحب له الوضوء:

1- تجديد الوضوء للصلاة:

تقدَّم أنه يُجْزِئ للمتوضِّئ أن يصلِّي بالوضوء أكثرَ من صلاة، لكن يستحبُّ له تجديدُ الوضوء لكل صلاة، فعَنْ أنس - رضي الله عنه - قال: "كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتوضَّأ عند كلِّ صلاة"[91].

 

2- الوضوء لذِكْر الله - عزَّ وجلَّ -:

يَجوز لمن أراد أن يَذْكر الله تعالى أن يذكره على كلِّ أحواله، سواء كان متطهِّرًا، أو مُحْدِثًا حدثًا أصغر، أو جُنبًا، وسواء كان قاعدًا، أو ماشيًا، أو مضطجعًا؛ لِما ثبت في الحديث "أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يذكر الله على كلِّ أحيانه"[92].

 

هذا من حيث الجواز، إلاَّ أنه يستحبُّ أن يكون الذَّاكر متوضِّئًا، فعن المهاجر بن قنفذ - رضي الله عنه - أنه سلَّم على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يبول، فلم يردَّ عليه حتَّى فرغ من وضوئه، فردَّ عليه، وقال: ((إنَّه لَم يمنعني أن أردَّ عليك إلا أنِّي كرهت أن أذكر الله إلاَّ على طهارة))[93].

 

ومن هذا الباب جوازُ قراءة القرآن ومسِّ المصحف للمُحْدِث حدثًا أصغر؛ لعدم وجود دليلٍ صحيح صريح يَمنعه من ذلك، وإن كان المستحَبُّ له الوضوء.

 

3- الوضوء للدعاء:

فعن عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ائتوني بِوَضُوء))، فلما توضَّأ، قام فاستقبل القبلة، ثم كبَّر، ثم قال: ((أَبِي إبراهيمُ كان عبْدَك وخليلك، ودعاك لأهل مكَّة، وأنا محمَّدٌ عبدك ورسولك، وأدعوك لأهل المدينة أن تُبارك لَهم في مُدِّهم وصاعهم مثل ما باركت لأهل مكَّة مع البركة بركتَيْن))[94].

 

4- الوضوء عند النوم:

عن البَراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أتيتَ مضجعك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقِّك الأيمن، ثُم قل: اللَّهم أسلمْتُ نفسي إليك، ووجَّهْت وجهي إليك، وفوَّضْت أمري إليك، وألْجَأت ظهري إليك، رغبةً ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلاَّ إليك، آمنتُ بكتابك الذي أنزلْتَ، ونبيِّك الذي أرسلْتَ، فإنْ متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجْعلهنَّ آخِرَ ما تتكلَّم به))، قال: فرددْتُها على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلمَّا بلغْتُ: "اللهم آمنتُ بكتابك الذي أنزلتَ"، قلتُ: "ورسولِك"، قال: ((لا؛ ونبيِّك الذي أرسلت))[95].

 

5- الوضوء للجنب:

إذا أراد الجنُبُ النومَ، أو الأكل، أو أراد أن يُعاود الجِماع، فيُستحبُّ له الوضوء، والدليل على ذلك: عن ابن عمر أنَّ عمر - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، أينامُ أحدُنا وهو جنب؟ قال: ((نعم إذا توضَّأ))[96]، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام، توضَّأ"[97].

 

ومِمَّا يدل على أنَّ أمْرَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِعُمر بالوضوء ليس على الوجوب، وإنَّما هو على الاستحباب: ما أخرجه ابن خُزَيمة وابن حبَّان في صحيحيهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه سُئِل - أي: النَّبِي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أيَنام أحدُنا وهو جنُب؟ قال: ((نعم، ويتوضَّأ إن شاء))[98]، فقوله: "إن شاء" دليلٌ على الاختيار الذي يَمْنع الوجوب.

 

وأمَّا الدليل على استحباب الوضوء إذا أراد أن يعود إلى الجماع: فعن أبي سعيد الخُدْري - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا أتى أحَدُكم أهلَه، ثُمَّ أراد أن يعود فليتوضَّأ))[99]، وفي رواية: ((فإنَّه أنشطُ للعود))[100].

 

6- الوضوء مِمَّا مسَّت النار:

وردَتْ أحاديثُ تدلُّ على أن الوضوء مما مسَّت النارُ كان واجبًا في بادئ الأمر، ثم نُسِخ هذا الوجوب، وصار الحكم على الاستحباب؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((توضَّؤوا مما مست النار))[101]؛ رواه مسلم، فهذا الأمر دليل الوجوب.

 

وأما دليل النسخ، فهو ما رواه أبو داود والنَّسائي بإسناد صحيح عن جابر - رضي الله عنه - قال: "كان آخِرَ الأمرَيْن من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ترْكُ الوضوء مِمَّا مسَّت النار"[102].

 

7- الوضوء بعد أيِّ حدَثٍ ولو لم يُرِد الصلاة:

وذلك لِما ثبت عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((استقيموا ولن تُحْصُوا، واعلَموا أن خَيْر أعمالكم الصلاة، ولن يُحافظ على الوضوء إلا مؤمنٌ))[103]، وعن بُرَيْدة بن الحَصِيب - رضي الله عنه - قال: "أصبح رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يومًا، فدعا بلالاً، فقال: ((يا بلال، بِمَ سبقتَنِي إلى الجنة؟ إنِّي دخلْتُ البارحة الجنَّة، فسمعْتُ خشخشتَك أمامي؟))، فقال بلال: يا رسول الله ما أَذَّنْتُ قط إلاَّ صلَّيت ركعتين، وما أصابني حدَثٌ قطُّ إلاَّ توضَّأت عندها، ورأيتُ أنَّ لله عليَّ ركعتَيْن، فقال رسول الله عليه وسلم: ((بهما))[104].

 

ومعنى "الخشخشة": صوت النَّعل.

 

8- الوضوء من حَمْل الميت:

وذلك لِما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من غسَّل ميتًا فلْيَغتسل، ومن حمله فليتوضَّأ))[105].

 

والأمر بالغُسْل والوضوء في هذا الحديث محمولٌ على الاستحباب؛ وذلك لما رواه الحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليس عليكم في غسل ميتِكم غُسْل إذا غسَّلتموه؛ فإنَّ ميتكم ليس بنجس، فحَسْبُكم أن تَغْسِلوا أيدِيَكم))[106].

 

• • • •


صفة الوضوء:

ذكرتُ فيما سبق فرائضَ وسُننَ الوضوء، وإتْمامًا للفائدة أذكر هنا صفة الوضوء مرتَّبة كالآتي:

1- استحضار النيَّة في القلب، ثم البَدْء بالسِّواك.

2- التسمية عند البَدْء بالوضوء بأن يقول: "بسم الله".

3- غَسْل الكفَّيْن (ثلاث مرات).

4- المضمضة والاستنشاق (ثلاث مرات) بثلاث غرفات؛ في كلِّ مرَّة يتمضمض ويستنشق على الأصح، ويَجوز أن يتمضمض ثلاث مرات، ثم يستنشق ثلاث مرات.

5- غَسْل الوجه (ثلاث مرات) مع تخليل اللحية.

6- غسل اليدَيْن من رؤوس الأصابع إلى المرفقين (ثلاث مرات)؛ على أن يبدأ بيده اليمنى قبل اليُسرى.

7- مسح الرأس على ما تقدَّم تفصيلُه.

8- مَسْح الأذنَيْن مرَّة واحدة مع الرأس.

9- غسل رِجلَيْه إلى الكعبين (ثلاث مرات) على أن يبدأ برجله اليمنى.

10- يقول بعد فراغه من الوضوء: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله"، وغيْرَه من الأدعية المذكورة آنفًا.

 

ملاحظات:

1- يَجوز الكلام أثناء الوضوء؛ إذ لا دليل يَمْنع من ذلك.

2- ليس هناك أذكارٌ تُقال أثناء الوضوء، وما ورد في ذلك ضعيف لا يصحُّ.

3- إذا قلَّم أظفاره أو حلَق شعره بعد الوضوء، فلا يلزمه غسل ما ظهر من الأظفار بعد تقليمها، وكذلك الشعر.

4- ليس هناك دليلٌ على وضع أُصْبَعِه في فمه عند المضمضة، وإنَّما يكفي تحريك الماء بِحَركة الفم، ثم مَجِّه.

5- لو كان شعره كثيفًا ومسح عليه، ولم يَصِل إلى بشرته، فالوضوء صحيح لا يضرُّ ذلك، لكنه لا يَمْسح على المسترسل منه فقط، بل لا بدَّ أن يَمسح ما فوق الرأس.

6- يجوز أن يلبس العمامة متعمِّدًا عند الوضوء من أَجْل المسح عليها، وكذلك يجوز للمرأة أن تَمسح على الخمار.

7- إذا كان على أعضاء الوضوء مادة عازلة تَمْنع وصول الماء إلى البشرة كالشمع والدهانات والجمالكا والمونيكير وغير ذلك، فالواجب إزالة هذه المواد، وإلاَّ فالوضوء غير صحيح.

8- أمَّا إذا كانت هناك أصباغ كالحناء وصبغة اليود ونحوهما مما ليس له كثافة، ولكنه يصبغ الجلد فقط، فهذا لا يؤثِّر في صحة الوضوء.

9- اعلم أنَّه لا يشرع في الوضوء مسْحُ الرَّقبة، بل مسحها يُعدُّ بدعة.

10- يَجوز الوضوء في الحمَّام، وله أن يُسمِّي سرًّا.

11- إذا كان مقطوع اليدَيْن، فإنْ وجد من يوضِّئه ولو بالأجرة فبِها، وإن لم يجد سقط عنه الوضوء وصلَّى على حاله ولا إعادة عليه.

12- إذا نسي عضوًا أثناء الوضوء: إن تذكَّر قبل أن يطول الفصل عاد إليه فغسله، ثُم أتَمَّ بقيَّة أعضائه على الترتيب، وإن طال الفَصْل أعاد الوضوء من أوَّلِه؛ لفقد الموالاة.

13- إذا صلَّى مُحْدِثًا بغير وضوء لا تصحُّ صلاتُه، سواء كان عالمًا بِحَدَثِه أو جاهلاً أو ناسيًا، إلاَّ أن الناسي والجاهل لا يأْثَمان، وعليهما الإعادة، وأما المتعمد فقد ارتكَب معصية عظيمة، فعليه التوبة والنَّدم، وعليه الإعادة.

14- لا يلزم خلع الأسنان المركَّبة عند المضمضة؛ لِما في ذلك من المشقَّة، وأما تَحْريك الخاتم في الأصبع فمحَلُّ خلاف بين العلماء، والحديث الوارد بأن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يحرِّك خاتَمَه رواه ابن أبي شيبة، وهو حديث ضعيف[107].

15- يَجوز التنشيف بعد الوضوء كما يجوز تركه؛ إذِ الأصل في ذلك إباحة الفعل وترْكِه، وستأتي هذه المسألة أيضًا في أبواب الغسل.

 

المسح على الخفين

أوَّلاً: مشروعيته:

ثبتت مشروعيَّة المسح على الخُفَّيْن بالسُّنة؛ فعن جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه بال، ثُم توضَّأ ومسح على خُفَّيْه، فقيل له: تفعل هكذا؟! قال: نعم؛ رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بال، ثم توضأ ومسح على خفَّيْه، قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جريرٍ كان بعد نزول المائدة[108].

 

قال الترمذيُّ - رحمه الله -: هذا حديث مفسّر؛ لأن بعض من أنكر المسح على الخفَّيْن تأوَّل مسْحَ النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الخفين أنه كان قبل نـزول آية الوضوء الَّتِي فيها المائدة، فيكون منسوخًا.

 

قلتُ: ومقصود الترمذي أن جرير بن عبدالله أسلم بعد نـزول آية المائدة، وأنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَمسح على الخُفَّيْن، فدلَّ ذلك على أن المسح على الخُفَّيْن لم يُنْسَخ.

 

ثانيًا: المسح على الجوربين والنعلين واللفائف:

عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - "توضَّأ ومسح على الجوربَيْن والنعلين"[109].

 

وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يتوضَّأ ونَعْلاه في رِجْلَيْه، ويَمسح عليها ويقول: "كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل"؛ رواه البزَّار بإسناد صحيح.

 

قال أبو داود - رحمه الله -: ومَسَحَ على الجوربَيْن عليُّ بن أبي طالب، وابنُ مسعود، والبَراءُ بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث.

 

قلتُ: فعلى هذا يجوز المسح على الخفَّين والجوربَيْن (الشَّراب) والنَّعلين (الحِذاء)، ويجوز أيضًا المسح على أي خرقة تُلَفُّ على القدم.

 

فعن ثوبان - رضي الله عنه - قال: "بعَث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - سَرِيَّة، فأصابَهم البردُ، فلما قَدِموا على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - شكَوْا إليه ما أصابَهم من البرد، فأمرهم أن يَمسحوا على العصائب والتساخين"[110].

 

قال ابن الأثير - رحمه الله - في "النِّهاية": (العصائب) هي العمائم؛ لأنَّ الرأس يُعْصَب بِها، (والتَّساخين): كلُّ ما يسخن به، من خفٍّ وجورب ونحوهما.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "والصَّواب أنه يمسح على اللَّفائف، وهي بالمَسْح أولى من الخُفِّ والجوارب؛ فإنَّ اللَّفائف إنَّما تُستعمل للحاجة في العادة، وفي نـزْعها ضرر؛ إمَّا إصابة البرد، أو التأذِّي بالحفاء، أو التأذِّي بالجرح، فإذا أجاز المسح على الخفَّيْن والجوربين، فعلى اللفائف بطريق الأولى"[111].

 

واعلم أنَّ الأدلة الثابتة في جواز المسح على الجورب تصلح أن تكون دليلاً على جواز المسح على اللفائف؛ لأنَّه ورد في القاموس معنى "الجورب": هي لفافة الرِّجْل، لكن العُرْف خصَّ اللفافة بِما ليس بِمَخيط، والجورب بما هو مَخِيط، ومعلومٌ أنَّ الخيط وعدمه ليس مؤثِّرًا في الحُكْم[112].

 

ثالثًا: شروط المسح:

يشترط لِجواز المسح على ما سبَق من خُفٍّ وجورَب ونحوِه أن يلبسه على طهارة كاملة، وهذا هو الشَّرط الوحيد الذي ورد به الدَّليل؛ فعن المغيرة بن شُعْبة قال: كنتُ مع النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ذات ليلة في مسير، فأفرغْتُ عليه من الإداوة؛ فغسل وجْهَه، وذراعَيْه، ومسح برأسه، ثم أهوَيْتُ لأنْزِع خُفَّيْه، فقال: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلْتُهما طاهرتَيْن))، فمسَح عليهما[113].

 

فشَرْط المسح على الخفَّيْن هو لبسهما على طهارة كاملة، وأمَّا ما عداه من الشُّروط الَّتي اشترطَها بعض العلماء كأنْ يكون من جلد، أو مِمَّا يُمكن تَتابُع المشي فيهما، أو سلامتها من الخروق ونحوها، أو كونهما ثَخِينَيْن لا ينفذ الماءُ خلالَهما، فكلُّ هذه الشروط لا اعتبار لها؛ لأنه لم يَرِد في ذلك نصٌّ يقيِّد المسح بهذه الشروط.

 

وهذا الذي رجَّحَه شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "فتاويه"، ورجَّحه ابن حَزْم في "المُحلَّى".

 

قال ابن حزم - رحمه الله -: "فإن كان في الخفين، أو فيما لبس على الرِّجْلَيْن خرقٌ صغير أو كبير، طولاً أو عرضًا، فظهر منه شيء من القدَم - أقلُّ القدَم، أو أكثَرُه - فكل ذلك سواء، والمسح على كلِّ ذلك جائز، ما دام يتعلَّق بالرِّجلين منه شيء"[114].

 

ملحوظة:

لو خلع الخفَّيْن أثناء المدَّة، فإنَّه لا ينتقض وضوءُه، ولا يُمنع من استكمال مدَّة المسح ما دام أنَّه لم يُحْدِث قبل الخلع أو أثنائه، فإن كان مُحْدِثًا، أو أحْدَث وهُما مَخلوعتان، فإنَّه لا يَمسح عليهما إلاَّ بعد لبسهما على طهارة كاملة.

 

قال ابن تيميَّة - رحمة الله -: "ولا يُنقض وضوءُ الماسح على الخُفِّ والعمامة بنـزْعِهما، ولا بانقضاء المدَّة، ولا يجب عليه مَسُّ رأسه ولا غَسْل قدمَيْه - وهو مذهب الحسن البصريِّ - كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمدَ وقولِ الجمهور"[115].

 

وأفاد الشيخُ ابن عثيمين شرطًا آخَر في الخُفِّ؛ ليصحَّ المَسْح عليه، وهو أن يكون طاهر العَيْن؛ أيْ: لا يكون مصنوعًا من شيء نجس كجلد الحمار مثلاً[116]، وأمَّا إذا كان متنجِّسًا - أيْ: أصابته نَجاسة مع طهارة عينه - فإنَّه يصحُّ المسح عليه، لكن لا تصلح الصلاة به حتَّى يُزيل ما عليه من نَجاسة.

 

رابعًا: اختصاص المسح بِظَهر الخف:

المشروع في المسح على الخُفَّين هو أن يَمسح على ظاهرهما دون باطنهما؛ فعن علي - رضي الله عنه - قال: "لو كان الدِّينُ بالرَّأي، لكان أسفَلُ الخُفِّ أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يمسح على ظاهرِ خُفَّيْه"[117].

 

وذلك بأن يُمَرِّر يده بعد بَلِّها بالماء على أعلى الخفِّ، ولا يشترط الاستيعاب، بل متَى مسح بعضَه أجزأه.

 

قال مالك - رحمه الله -: "مَن مسح باطن الخفَّيْن دون ظاهرهِما لم يُجْزِئه، وكان عليه الإعادة في الوقت وبعده، والمشهور عن الشافعي أنَّ مَن مسح ظهورهما واقتصر على ذلك أجزأه، ومن مسح بطونهما ولم يمسح ظهورهما لَم يجْزِه، وليس بِماسح"[118].

 

خامسًا: مدة المسح:

يَمسح الْمُقيم يومًا وليلة، بينما يَمسح المسافر ثلاثة أيام وليالِيَهن؛ لحديث صفوان بن عسَّال - رضي الله عنه - وفيه "أمَرَنا - يعني النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن نَمسح على الخفين، إذا نحن أدخلناهما على طُهْر، ثلاثًا إذا سافَرْنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، ولا نَخْلعهما إلاَّ مِن جنابة"[119].

 

وعن شُرَيح بن هانئٍ، قال: سألتُ عائشة - رضي الله عنها - عن المسح على الخفين، فقالت: سَلْ عليًّا؛ فإنَّه أعلم بِهذا مني، كان يسافر مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسألتُه، فقال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة))[120].

 

والظاهر أن المقصود من "اليوم والليلة": خَمْس صلوات، فعن أبي عثمان النهديِّ - رضي الله عنه - قال: "حضرت سعدًا وابن عمر يَخْتصمان إلى عمر في المسح على الخفَّين، فقال عمر: "يَمْسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته"[121].

 

سادسًا: متى تبدأ مدَّة المسح؟ ومتى تنتهي؟

هناك قولان لأهل العلم لابتداء مدَّة المسح:

الأول: أن المُدَّة تبدأ بِمُجرَّد الحدث بعد لبسه وإن لَم يَمْسح عليه، وعلى هذا: إذا لبس الخفَّين ثم أحدث، بدأ في حساب المدَّة، وإن لم يُرِد الوضوء.

الثاني: تبدأ من بداية المَسْح بعد الحدث - وهو الراجح - ورجَّحه الإمام النووي.

 

قال - رحمه الله -: "وقال الأوزاعيُّ وأبو ثور: ابتداء المدَّة من حين يَمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد وداود، وهو المختار الواضح دليلاً، واختاره ابن المنذر، وحُكِي نَحْوه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وحكى الماورديُّ والنَّسائي عن الحسن البصري أنَّ ابتداءها من اللبس، احتجَّ القائلون من حين المسح بقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَمسح المسافر ثلاثة أيام))، وهي أحاديث صحاح كما سبق، وهذا تصريح بأنَّه يَمسح ثلاثة، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت المدَّة من المسح"[122]؛ ا هـ، وهذا ما رجَّحه الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع".

 

وأما عن انتهاء مدَّة المسح، أو بمعنى آخر: هل لو انتهت مدة المسح وكان متوضئًا ولم يُنقَض وضوءُه بسبب آخر، فهل يُعدُّ انقضاء المدة ناقضًا للوضوء؟

 

هناك أقوال، أصحُّها: أنه ما زال على طهارته يصلِّي بوضوئه ما لَم يُحْدِث؛ وذلك لأنَّه متوضِّئ طاهر بيقين، ولم يَأْت دليل صحيح يدلُّ على أنَّ انقضاء المدة ناقض للوضوء، وإنَّما دلَّت الأحاديث على أن انقضاء المدة مانعٌ من استمرار المسح حتَّى يلبسهما مرَّة أخرى على طهارة كاملة، فتأمَّل.

 

قال الشيخ الألبانِيُّ - رحمه الله -: "وهذا الذي انقضى وقْتُ مسحه لم يُحْدث، ولا جاء نصٌّ في أن طهارته انقضَتْ لا عن بعض أعضائه ولا عن جَميعها، فهو يصلِّي حتَّى يُحْدِث، فيخلع خفيه حينئذٍ وما على قدميه، ويتوضَّأ، ثم يستأنف المسح توقيتًا آخر، وهكذا أبدًا"[123].

 

سابعًا: ما يُبطل المسح:

يَبْطل المسح على الخفين بسبب الجنابة؛ لحديث صفوان المتقدِّم، وفيه:

"وأمرنا أن لا ننزع خِفافَنا ثلاثة أيام وليالِيَهن للمسافر، ويومًا وليلة للمُقيم، إلاَّ من جنابة..."؛ الحديث.

 

وأمَّا ما ذكَرَه البعض أنَّ انقضاء المُدَّة، أو نَـزْع الخفِّ ينقض الوضوء، فلا دليل عليه، وقد بيَّنْتُ ذلك في المباحث السابقة[124]، والله أعلم.

 

تنبيه: أيُّهما أفضل: المسح على الخفين، أو غسل الرِّجلَيْن؟

 

قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: "والأفضل في حقِّ كلِّ أحدٍ بِحَسَب قدَمِه، فلابِسُ الخفِّ: أن يَمسح عليه، ولا ينـزع خُفَّيْه؛ اقتداء بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابِه، ولِمَن قدَماه مكشوفتان: الغسل، ولا يتحرَّى لبسه لِيَمسح عليه"[125].

 

قلتُ: هذا من حيث الأفضليَّة، لكنه لو لَبِسه متعمِّدًا ليمسح عليه، صحَّ مسحه[126].

 

ملاحظات:

1- إذا لبس الخُفَّ في الحضَر ثم سافر، فإنَّه يمسح مسح المسافر.

2- إن مسح في السفر ثم أقام، أتَمَّ مسح مقيم، فإن كانت المدَّة مضى منها أقلُّ من يوم وليلة أتَمَّها، وإن كانت مضى منها أكثرُ من يوم وليلة انقطعت المدَّة[127].

3- يَجوز لبس الخفِّ لِمن لا يَحتاج إليه، ولا يشترط أن يكون لبسه لِبَرد ونحوه.

4- إذا لبس الخُفَّ وهو يُدافع الحدث، لم يُكْرَه، بِمعنى أنه كان متوضِّئًا، وشعر بِمُدافعة الحدث، فأراد أن يلبس الخُفَّ قبل بطلان وضوئه بالحدث؛ حتَّى يتمكَّن من المسح عليه، جاز له ذلك.

5- لا مانع من لبس خُفَّيْن أو جوربين فأكثر يلبسهما جَميعًا بعد الطَّهارة الكاملة، ويكون المسح على الخفِّ الأعلى، والجورب الأعلى.

6- إذا لبس أحد الخفين على طهارة كاملة (بغسل الرِّجلين)، ثم لبس الخفَّ الثاني قبل الحدث، فإنَّه يَجوز أن يمسح على الأعلى كما تقدَّم.

لكنَّه لو أحدث بعد أن لبس الخُفَّ الأول وأراد أن يلبس الثاني فوقه، فالرَّاجح أنَّه لا يصحُّ المسح على الخف الأعلى؛ لأنَّه لَم يلبسه على طهارة كاملة، والله أعلم.

7- قال ابن حزم - رحمه الله -: "والمسح على كلِّ ما لُبِس في الرِّجلين، مما يحلُّ لباسه مما يبلغ فوق الكعبين سُنَّة، سواء كانا خفَّيْن من جلد أو لبود... أو جوربين من كتان، أو صوف، أو قطن، كانا عليهما جلدٌ أو لم يكن، أو جرموقَيْن، أو خُفَّين على خفَّين، أو جوربين على جوربين أو ما أكثر من ذلك... وكذلك إن لَبِسَت المرأة ما ذُكِر من الحرير، فكلُّ ما ذكرنا إذا لبس على وضوء، جاز المسح عليه..."[128].

 

قلتُ: وترى اللجنة الدائمةُ عدم جواز المسح على الجوارب الشَّفافة التي تكون الرِّجلان فيها في حكم العاريتَيْن، والله أعلم[129].



[1] "فَتْح الباري"، (1/ 232).

[2] البخاري (135)، ومسلم (225)، وأبو داود (60)، والترمذي (76)، وأحمد (2/ 308).

[3] البخاري (136)، ومسلم (246)، وأحمد (2/ 400).

[4] انظر "فتح الباري"، (1/ 236) شرح الحديث (136).

[5] مسلم (832)، وابن ماجه (283).

[6] مسلم (249)، والنَّسائي (1/ 93)، وابن ماجه (4306)، وأحمد (2/ 300).

[7] البخاري (1)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنَّسائي (1/ 58)، وابن ماجه (4227).

[8] "إغاثة اللَّهفان"، (1/ 137).

[9] شرح مسلم (3/ 105).

[10]"السيل الجرار"، (1/ 81).

[11] البخاري (162)، ومسلم (237)، وأبو داود (140)، والنَّسائي (1/ 65، 66)، وابن ماجه (409)، و"الموطأ" (1/ 19).

[12] صحيح: رواه أبو داود (142) (143)، والترمذي (788)، وأحمد (4/ 211)، وابن حبَّان (1054).

[13] أبو داود (144)، وابن أبي شَيْبة (1/ 16)، والبيهقي (1/ 52).

[14] البخاري (191)، ومسلم (235)، وأبو داود (119)، والترمذي (28).

[15] البخاري (186)، ومسلم (235)، وأبو داود (18)، والترمذي (47)، والنَّسائي (1/ 72).

[16] البخاري (185 )، ومسلم (235)، وأبو داود (118)، والترمذي (32)، والنَّسائي (1/ 72)، وابن ماجه (434).

[17] حسن: رواه أبو داود (128)، وأحمد (6/ 360)، والطبراني في الكبير (24/ 271)، وحسنه الشيخ الألباني.

[18] البخاري (205)، والنَّسائي (1/ 81)، وابن ماجه (562).

[19] حسن: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 22)، ورجاله ثقات عدا "أم الحسن"، واسمها "خيرة"، قال الحافظ: لا بأس بها، فهذا يعني أن حديثها حسَنٌ عند الحافظ.

[20] مسلم (274)، وأبو داود (150)، والترمذي (100)، والنَّسائي (1/ 76) .

[21] رواه أبو داود (134)، والترمذي (37)، وابن ماجه (443)، وله طرق وشواهد جمعها الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (36) وحكم بصحة الحديث.

[22] وذلك بأن يَمْسح داخلهما بالسبابتين، وظاهرهما بإبهامه، والحديث حسن، رواه ابن ماجه (439)، وابن حبَّان (1086).

[23] صحيح: رواه مالك في "الموطأ" (1/ 34).

[24]"زاد المعاد"، (1/ 195).

[25] البخاري (60)، ومسلم (241)، وأبو داود (97)، والنَّسائي (1/ 77)، وابن ماجه (450).

[26] صحيح: رواه أبو داود (175)، وأحمد (3/ 424)، وله شاهد عند مسلم (243) من حديث جابر دون ذكر الصلاة.

 

[27] حسَن: رواه أبو داود (126)، والترمذي (33)، وقال: حديث حسن، وابن ماجه (440).

[28] كنت أرجِّح - في الطبعات السابقة - أن التسمية واجبة؛ لذا ذكرْتُها ضمن الفرائض، والصَّحيح أنَّ موضعها ضمن سُنَن الوضوء، فتنَبَّه.

[29] حسَنٌ بشواهد: رواه أبو داود (101)، والترمذي (25)، وابن ماجه (399).

[30]"تلخيص الحبير"، (1/ 75).

[31] صحيح: رواه ابن ماجه (2043)، وابن حبان (7219)، والحاكم (2/ 198)، والطَّحاوي في "مُشْكِل الآثار" (2/ 56)، وصحَّحَه الحاكم ووافقه الذَّهَبِي، وصحَّحه الألبانِيُّ في "إرواء الغليل"، (82).

[32] حسن: رواه أبو داود (135)، وابن ماجه (422)، والنَّسائي (1/ 88) مُختصرًا.

[33] إسناده حسن: رواه أحمد (4/ 9)، والنَّسائي (1/ 64)، والطَّبَراني في "الكبير" (221)، والدارمي (692).

[34] البخاري (162)، ومسلم (278)، وأبو داود (105)، والترمذي (24)، والنَّسائي (1/ 706)، وابن ماجه (393).

[35] البخاري (159)، ومسلم (226)، وأبو داود (106).

[36] انظر "الْمُغْنِي" (1/ 161).

[37] انظر تعليق الترمذي على الحديث (244)، و"المغني" (1/ 161)، و"نَيْل الأوطار" (1/ 215).

[38] البخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنَّسائي (1/ 62)، وابن ماجه (411).

[39] البخاري (158)، وأحمد (4/141)، وابن خزيمة (170).

[40] شرح صحيح مسلم (3/ 106).

[41] البخاري (168)، ومسلم (268)، والترمذي (608)، وأحمد (6/202).

[42] نقلاً من فتح الباري (1/ 270) تعليقًا على الحديث رقم (167 - 168).

[43] صحَّحه الألبانِيُّ: رواه أبو داود (145)، والبيهقي (1/ 54)، قُلْت: لكن فيه الوليد بن زوران، قال فيه ابن حجر: لَيِّنُ الحديث.

[44] حسن بشواهده: رواه ابن ماجه (430)، والترمذي (31)، وصححه.

[45] "نَيْل الأوطار" (1/ 184).

[46] مسلم بطوله (246)، ورواه البخاري مختصرًا (136).

[47] إسناده صحيح: رواه ابن حبان (1083/1082)، وابن خُزَيمة (118)، والبيهقي (1/ 196).

[48] شرح مسلم (3/ 107).

[49] إسناده صحيح: رواه أبو داود (96)، وأَحْمد (4/ 86)، وابن حبَّان (6763).

[50] مسلم (234)، وأبو داود (460)، والنَّسائي (1/ 92)، والترمذي (55)، وابن ماجه (470).

[51] الترمذي (55)، والطبراني في "الأوسط" (5/ 140)، وحسَّنَه الألباني في "الإرواء" (96).

[52] رواه أحمد (4/ 150) من طريق ابن عمِّ أبي عقيل، وهو مجهول.

[53] رواه النَّسائي في الكبرى (9909)، وصوَّبَ وقْفَه، وقال الألباني: وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يُقال بِمُجرَّد الرَّأي.

[54] البخاري (1149)، ومسلم (2458).

[55] البخاري (164)، ومسلم (226).

[56] شرح صحيح مسلم (3/ 108).

[57] الإجماع (ص3)، ووقع في النسخة عندي: "المني"، بدلاً من "المذي"، وصوابُه: المَذْي.

[58] إسناده حسَن: رواه الترمذي (96)، (3535)، والنَّسائي (1/ 83/ 84)، وابن ماجه (478)، وأحمد (4/ 240)، وحسَّنه الألباني في "الإرواء" (104).

[59] البخاري (135)، ومسلم (225)، وأبو داود (60)، والترمذي (76).

[60] البخاري (269)، ومسلم (303)، وأبو داود (206)، والترمذي (114)، والنَّسائي (1/ 96)، وابن ماجه (504).

[61] صحيح: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 89)، والبيهقي (1/ 169).

[62] إسناده حسن: رواه أبو داود (203)، وابن ماجَهْ (477)، وأحمد (1/ 111).

[63] صحيح: أبو داود (200)، الدارقطني (1/130)، والبيهقي (1/ 119)، ورواه مسلم (376) نحوه.

[64] شرح صحيح مسلم (4/ 74).

[65] البخاري (117)، (138)، (183)، ومسلم (763)، وأبو داود (58).

[66] شرح صحيح مسلم (4/ 74).

[67] صحيح: رواه أبو داود (181)، والترمذي (83)، وصحَّحه، والنَّسائي (1/ 100)، وابن ماجه (479)، وقوله في الحديث: ((فلا يُصلِّ)) من زيادة الترمذي، وقال البخاريُّ: هو أصحُّ شيءٍ في هذا الباب.

[68] إسناده حسن: رواه أحمد (2/ 223)، والدارقطني (1/ 147).

[69] صحيح: رواه أبو داود (182)، والترمذي (85)، وابن ماجه (483)، والنَّسائي (1/ 101)، وابن حبَّان في "صحيحه"، (1120)، وصحَّحه الشيخ الألباني، وانظر "تَمام المنَّة" (ص103).

[70] صحيح: صحيح ابن حبان (1123/1122).

[71] ثم رأيت بحثًا جيدًا أرشدَنِي إليه أحد الإِخْوة، وهو على هامش "نَصْب الرَّاية" للزيلعي (1/ 64 - 69) ناقش فيها دَعْوى ابن حبَّان بعدم قدوم طَلْق، وانتقدها، وأيًّا كان فالحكم عندي أنَّ "الحَظْر" مقدَّم على "الإباحة"، وقد سلك بعضُ العلماء الجمْعَ بين الحديثَيْن: فجعل حديث بُسْرة مَحمولاً على مَن قصَدَ الشَّهوة بالمسِّ، وحديثَ طلق محمولاً على من لم يقصد الشَّهوة، وهو جَمْع حسَن، لا بأس به، وإن كان الأَوْلى ما ذكَرْتُه أوَّلاً، والله أعلم.

[72] حسن: رواه ابن حبان (1118)، ورواه الحاكم (1/ 138)، وصحَّحَه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة"، (1235).

[73] مسلم (360)، وثبت عن البَراء نحوُه: رواه أبو داود (184)، والترمذي (81)، وأحمد (4/ 303).

[74] صحيح: رواه ابن ماجه (495)، وأحمد (5/ 96)، وابن حبان (1127)، وصححه الشيخ الألباني في "المشكاة" (305).

[75] البخاري (382)، ومسلم (512)، وأبو داود (712)، والنَّسائي (1/ 102).

[76] صحيح: رواه أبو داود (179/178)، والترمذي (86)، والنَّسائي (1/ 104)، وابن ماجه (502).

[77] البخاري (6243)، ومسلم (2657)، وأبو داود (2153)، واللفظ له.

[78] حسن: رواه الطبراني في الكبير (20/ 211)، وحسنه الألبانِيُّ في "السلسلة الصحيحة" (226).

[79] صحيح: رواه أبو داود (2381)، والترمذي (87)، وأحمد (5/ 195).

[80] انظر في ذلك "المُحلَّى" (1/ 348)، المسألة رقم (169).

[81] البخاري (137)، ومسلم (361)، وأبو داود (176)، والنَّسائي (1/ 98)، وابن ماجه (513).

[82] شرح مسلم للنووي (4/ 49).

[83]"المُغْنِي"، (1/ 226).

[84] البخاري (211)، ومسلم (358)، وأبو داود (196) والترمذي (89)، والنَّسائي (1/ 109)، وابن ماجه (498).

[85] انظر "المُحلَّى"، المسألة (160)، وانظر "الشرح المُمْتِع" (1/ 162) ط/ الإسلامية.

[86] انظر فتاوى كبار العلماء - فتوى ابن عثيمين - ص178 ط/ الإسلامية.

[87] مسلم (224)، والترمذي (1)، وابن ماجه (272).

[88] مسلم (277)، وأبو داود (172)، والترمذي (61)، والنَّسائي (1/ 86).

[89] رواه النَّسائي (5/ 222)، وأحمد (3/ 414، 4/ 64)، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما رجَّح ذلك ابنُ تيميَّة في "مَجْموع الفتاوى" (26/ 198)، وقد بيَّن ذلك بيانًا شافيًا الشيخُ مصطفى العدويُّ في كتابه "الجامع لأحكام النساء"، (2/ 515).

[90]"مجموع الفتاوى" (26/ 198)، و"الشرح الممتع" (7/ 300).

[91] البخاري (214)، وأبو داود (171)، والترمذي (60)، وابن ماجَهْ (509).

[92] مسلم (373)، وأبو داود (18)، والترمذي (3384)، وابن ماجه (302).

[93] صحيح: رواه أبو داود (17)، وابن ماجه (350)، والنَّسائي (1/ 35)، وأحمد (5/ 345)، وانظر "صحيح الجامع" (2472).

[94] صحيح: الترمذي (3914)، ورواه أحمد (1/ 115)، وابن خزيمة (209 - 210).

[95] البخاري (247)، ومسلم (2710)، وأبو داود (5046)، والترمذي (3394)، والنَّسائي في "اليوم والليلة" (780 - 785).

[96] البخاري (287)، ومسلم (306)، والترمذي (120)، والنَّسائي (1/ 139)، وابن ماجه (585).

[97] مسلم (305)، وأبو داود (222)، والنَّسائي (1/ 138).

[98] صحيح: رواه ابن خزيمة (211)، وابن حبَّان (1216).

[99] مسلم (308)، وأبو داود (220)، والترمذي (141)، والنَّسائي (1/ 142)، وابن ماجه (587).

[100] صحيح: ابن خزيمة (221)، وابن حبان (1211)، وصححه الشيخ الألبانِيُّ في "صحيح الجامع" (263).

[101] مسلم (353)، وابن ماجه (486).

[102] صحيح: رواه أبو داود (192)، والنَّسائي (1/ 108).

[103] صحيح: رواه ابن ماجه (277)، وأحمد (5/ 276)، والحاكم (1/ 130) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب"، وللحديث ألفاظ أخرى بمعناه؛ انظر "إرواء الغليل"، (1/ 135).

[104] صحيح: رواه الترمذي (3689) وصححه، والحاكم (1/ 313) وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه أحمد (5/ 354، 360).

[105] إسناده حسن: رواه الترمذي (993)، وابن ماجه (1463)، وأبو داود (3161)، واللفظ له.

[106] حسن رواه الحاكم (1/ 386)، والدارقطني (2/ 76)، والبيهقي (3/ 398)، وصححه الحاكم ووافقه الذَّهبِي، وحسَّنه الحافظ في "التلخيص" (1/ 137 -  138)، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (5408).

[107] رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 44)، وانظر؛ "ضعيف الجامع" للألباني (4361).

[108] البخاري (387)، ومسلم (272)، وأبو داود (154)، والترمذي (94)، والنَّسائي (1/ 81)، وابن ماجه (543).

[109] صححه الألباني: رواه أبو داود (159)، والترمذي (99)، وابن ماجه (559)، وأحمد (4/ 252)، وقد اختلف العلماء في قبول هذا الحديث وعدم قبوله، ولكنه ثبت عن كثيرٍ من الصَّحابة المسحُ على الجوربَيْن والنعلين؛ راجِعْ في ذلك "أحكام المسح على الحائل"؛ لأبي عمر دبيان بن محمد الدبيان.

[110] صحيح: رواه أبو داود (146)، وأحمد (5/ 277)، والحاكم (275) وصححه ووافقه الذهبي.

[111]"مجموع الفتاوى"، (21/ 185).

[112] انظر "أحكام المَسْح على الحائل"؛ لأبي عمر دبيان بن محمد الدبيان.

[113] البخاري (206)، ومسلم (274)، وأبو داود (151).

[114]"المُحلَّى"، (2/ 136).

[115]"الاختيارات الفقهية"، ص37، ومعنى قوله: "كإزالة الشعر الممسوح"؛ أيْ: إنه قاس نزْع الخُفِّ بإزالة شعر الرأس بعد الوضوء والمسح عليه، فكما أنه لا يلزم إعادة الوضوء بعد إزالة الشعر، فكذلك لا يعيد الوضوء إذا خلع الخفَّيْن.

[116] هذا بناءً على ما رجحه الشيخ بنجاسة جلد الحمار ولو بعد الدبغ، وفي المسألة خلاف؛ انظر (ص28 - 29).

[117] صحيح: رواه أبو داود (162)، والدارقطني (1/ 204)، والبيهقي (1/ 292)، وصححه الألباني في "الإرواء" (103).

[118] نقلاً من "نَيْل الأوطار" (1/ 232).

[119] إسناده حسن: رواه الترمذي (96)، (3535)، (3546)، والنَّسائي (1/83، 84 )، وابن ماجه (478).

[120] مسلم (276)، ورواه النَّسائي (1/ 84)، وابن ماجه (552)، وأحمد (1/ 146).

[121] رواه عبدالرزاق (1/ 209/ 807)، وصححه الألباني على شرط الشيخين في "تمام النصح" (ص91).

[122] المجموع (1/ 487).

[123] من رسالة "تَمام النصح في أحكام المسح"؛ للألباني (ص93).

[124] وتأمَّل: أن انقضاء المدَّة "يَمنع المسح"؛ لكنه إن كان ماسحًا قبل انقضاء المدة فإنَّه "لا يبطل المسح".

[125]"الاختيارات الفقهية"، (ص33)

[126] راجع في ذلك "أحكام المسح على الحائل"؛ لأبي عمر دبيان بن محمد، ص 149.

[127]"الفتاوى الكبرى" (5/ 303).

[128] "المُحلَّى" (2/ 110)، "المسألة" (212).

[129] "فتاوى اللجنة الدائمة"، (5/ 266)، رقم (2/ 55)، ترتيب الدويش، وقد نقلْتُ ذلك من باب الأمانة العلمية، وإلا فإنَّهم لم يَذْكروا دليلاً تطمئنُّ إليه النَّفس بعدم الجواز، والراجح عندي جوازُ المسح عليهما؛ لدخوله في معنى "التساخين"، وهذا الرأي هو الذي يَظْهر من كلام ابن حزم السابق، وقال النوويُّ في "المَجموع" (1/ 500): "وحكى أصحابنا عن عمر وعليٍّ - رضي الله عنهما - جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقًا".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تمام المنة - الطهارة (1/7)
  • تمام المنة - الطهارة (2/7)
  • تمام المنة - الطهارة (3/7)
  • تمام المنة - الطهارة (5/7)
  • تمام المنة - الطهارة (6/7)
  • تمام المنة - الطهارة (7/7)
  • تمام المنة - الصلاة (1)
  • تمام المنة - الصلاة (2)
  • ملخص أحكام الغسل من تمام المنة

مختارات من الشبكة

  • تمام المنة: أربعون حديثا في بيان أعمال تدخل الجنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تمام المنة بأن سرد الثلاث ركعات في الوتر من السنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التحليل والدراسة لكتاب تمام المنة في التعليق على فقه السنة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تمام المنة على شرح السنة للإمام المزني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تمام المنة ببعثة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تمام المنة - الصلاة (43)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (42)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (41)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (40)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تمام المنة - الصلاة (39)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب