• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حقوق الوالدين (خطبة)
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    الإسلام يدعو إلى التكافل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير
    د. محمد خالد الفجر
  •  
    لا تنس هذه الصدقات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    لماذا لا نتغير بالقرآن؟
    سمر سمير
  •  
    الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    حكم زواج المسيار
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    خطبة (المسح على الشراب)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    شرح لفظ "كواعب" (في ضوء كلام العرب والقرآن
    د. أورنك زيب الأعظمي
  •  
    مكانة إطعام الطعام في الإسلام
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    منهج القرآن في بيان الأحكام
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الخمسون النبوية الشاملة (10/10)

الشيخ محمد بن عبدالله العوشن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2010 ميلادي - 16/1/1432 هجري

الزيارات: 15474

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحديث السادس والأربعون

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفَكُمْ فِيها، فَيَنْظَرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيا، واتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةَ بَنِي إسْرَائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ» أخرجه مسلم[1].


راوي الحديث:

سبقتْ ترجمته - رضي الله عنه - في الحديث الثالث والعشرين.

 

معاني الكلمات:

1- حلوة خضرة: حَسَنة نضرة كالفاكهة الخضراء الحلوة.

2- مستخلفكم: جعلكم خلائف فيها، يخلف بعضكم بعضًا.

3- اتّقوا: احذروا.

 

الشرح:

يخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن: «الدنيا حلوة خضرة» والنفس بطبعها تميل إلى ما كان كذلك، وإنما ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك حتى ينبّه إلى الأمر المهم في الحديث - بعد أنّ بيّن أنّنا مستخلفون فيها، فكيف يكون عملنا - «فاتقوا الدنيا»، أي: بالحذر من الاغترار بها: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد:20] والركون إليها وهي دار ممّر، وليست دار مستقر، «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو عابرُ سبيل»[2]، ويا حسْرَةَ من شغلته الحياة الفانية عن الحياة الباقية الآخرة.

 

قال عون بن عبد الله (ت بضع عشرة ومئة) رحمه الله تعالى: «إنّ مَنْ كان قَبْلَنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم»[3].

 

فإذا كان هذا في القرن الثاني، فكيف الحال الآن في القرن الخامس عشر؟!

 

قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: «طَلَبُ فُضُول الدّنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد»[4]، وقال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: «عزيزٌ عليّ أن تُذيب الدنيا أكباد رجال وَعَتْ صُدُورُهم القرآن»[5].

 

وما أشبه كلام الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - بحال بعض الشباب والرجال ممن وعتْ صدورهم القرآن، وأقبلوا على طلب العلم، ثم انصرفوا عنه! طلبًا لزخرف الحياة الدنيا، وتغيّر - تبعًا لذلك - ظاهرهم، وما خَفِي كان أعظم!

 

قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى - معلّقًا على حديث: «يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل»[6] قال: «...ومن ذلك وهو أعظمُ منه أن يبدأ الإنسان بطلب العلم الشرعي، ثم إذا فتح الله عليه...تركَه، فإنّ هذا كُفْر نعمة أنعمها الله عليه...»[7].

 

جاء في ترجمة: محمد بن عبد الرحمن الأسنائي (ت739): «وكان ذكيًّا جدًّا حتى كان شيخه يقول له: إن اشتغلت (يعني بطلب العلم) ما يقال لك إلا الإمام.. ثم ترك الاشتغال وأقبل على تحصيل المال، ففاته هذا ولم يظفر بذاك»[8]!!.

 

وهذا خَلَفُ الواسطي (ت401) كان عالمًا بالحديث، وصنّف أطرافًا على الصحيحين في ثلاثة مجلدات، قال ابن كثير: «واشتغل بالتجارة، وتركَ النّظر في العلم، حتى توفي سامحه الله»[9]! نسأل الله أن لا يجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا. آمين. ولا يعني ذلك أن لا يلتفت الإنسان إلى الدنيا ولا يسعى لكسب الرزق، لا، بل هو مأمور بذلك، وبطَلَبِه من حِلّه؛ ليقوت نفسه، ومن يعول، قال تعالى:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، فالأصل هو طلب الدار الآخرة مع عدم نسيان الدنيا.

 

«واتقوا النساء»، أي: احذروهنّ.

 

قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: «وتدخل في النساء الزوجات وغيرهنّ، وأكثرهنّ فتنة الزوجات، ودوام فتنتهنّ وابتلاء أكثر الناس بهنّ»[10]، وليس هذا دائمًا فكمْ من الزوجات من كانت سببًا في صلاح زوجها واستقامته، أو إعانته على الدعوة، وطلب العلم، وإنّما المراد فتنة النساء عمومًا، وهو ما يسعى له أعداء الإسلام وأذنابهم من دعاة التبرِّجِ والسُّفور؛ ليجعلوا المرأة تخالط الرجل بتوظيفها معه في مكان واحد، و«يحدثُ بتوظيفهن مع الرجال مَفْسَدُة الاختلاط، ومَفْسدة الزنا والفاحشة، سواء في زنى العين، أو زنى اللسان، أو زنى اليد، أو زنى الفرج، كل ذلك محتمل إذا كانت المرأة مع الرجل في الوظيفة»[11].

 

يقول موحّد هذه البلاد المباركة على الكتاب والسنة الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى: «...وأقبح من ذلك في الأخلاق: ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء، بدعوى تهذيبهنّ، وترقيتهنّ، وفتح المجال لهنّ في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذوا وظائفهن الأساسية من تدبير المنزل، وتربية الطفل...»[12].

 

ولذا صدر الأمر بمنع النساء من العمل في الوظائف التي تؤدي إلى اختلاطهن بالرجال في 22/12/1399هـ، برقم 1960/8. ثم صدر التأكيد على ذلك، برقم 11575 وتاريخ 19/5/1401هـ[13]. نسأل الله أن يجنّب بلادنا وبلاد المسلمين الشرور والفتن. آمين.

 

ما يستفاد من الحديث:

1- حرصه - صلى الله عليه وسلم - على توجيه أمته إلى ما ينفعهم، وتحذيره ممّا يضرّهم.

2- الحذر من الاغترار بالدنيا وزينتها.

3- الحذر من فتنة النساء.

4- الاعتبار بالأمم السابقة.

 

 

الحديث السابع والأربعون

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أو قال:«غَيْرَهُ». أخرجه مسلم[14].


معاني الكلمات:

1- يَفْرَك: يُبغض.

 

الشرح:

هذا الحديث من الأحاديث العظيمة الداعية إلى العدل والإنصاف، بأن لا يكتفي الإنسان بالنظر إلى المعايب والأخطاء، بل ليقابلها بالمحاسن والإيجابيات. وهو وإن كان عامًا في المؤمن والمؤمنة، فإنه أكثر ما يكون في الزوج وزوجه، وقد أمر الله عزّ وجلّ بالعدل ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: ٩٠]، بل أمَر به حتى مع العدوّ: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾ [المائدة: ٨].

 

فعلى الزوج أن يتقي الله في معاملته لزوجه، ولا ينظر لطباعها بعين السّخْط، بل كما أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «.. إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» فعليه أن ينظر إلى الأمور الحسنة فيها، وأن لا ينسى عيوبه هو، فربما استغلّ بعضُ الرِّجال مفهوم القوامة ليجعل منه سيفًا مصلتًا على المرأة. ونسي، أو تناسى، أو جهل وصيته - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء خيرًا»[15]، بل أوصى بذلك في أعظم جمعٍ من المسلمين، في حجة الوداع: «.. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله..»[16].

 

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: «أقامتْ أمّ صالح معي ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة!»[17].

 

وفي ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت1393) - رحمه الله تعالى - أنه كان يقول عن زوجته: «هذه ضيفة كلمة تخرجها من البيت»[18].

 

«فأنت إذا أساءتْ إليك زوجتك لا تنظر إلى الإساءة في الوقت الحاضر، ولكن انظر إلى الماضي، وانظر للمستقبل، واحكم بالعدل».

 

وهذا الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة يكون في غيرها أيضًا ممن بينك وبينه معاملة، أوْ صداقة، أوْ ما أشبه ذلك، إذا أساء إليك يومًا من الدهر فلا تنس إحسانه إليك مرة أخرى.. وإذا غلب الإحسان على الإساءة فاحكم للإحسان..»[19].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- حرصُ الإسلام على العلاقات الزوجية.

2- أنْ يحكم الإنسان بالعدل في علاقته مع الآخرين.

3- كلُّ إنسان لا يخلو من العيوب. ولا يخلو أيضًا من المحاسن.

 

 

الحديث الثامن والأربعون

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَسُبُّوا أصْحَابِي، فَلَوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» أخرجه البخاري ومسلم[20].


معاني الكلمات:

1- أصحابي: جمع صاحب، والصحابي هو من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به ومات على الإسلام، وإنْ تخلّل ذلك ردّة.

2- أُحُد: هو الجبل العظيم في المدينة النبوية.

3- مُدّ: مكيال معروف، يعادل ربع صاع. وهو مقدّر بملئ كفّي الرجل المتوسط.

4- نصيفه: نصفه.

 

الشرح:

صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - هم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «خير الناس قرني..»[21] أكرمهم الله واصطفاهم لصُحبة أفضل أنبيائه ورسله وخاتمهم. فكانوا خير أصحاب لأكرم نبي، - رضي الله عنهم - وأرضاهم.

 

ويبيّن - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بعضَ ما لهم من الفضل العظيم، والأجر الجزيل - بعد أن نهى عن سبّهم - حتى لو أن أحدنا أنفق مثل جبل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم ولا حتى نصفه، قال أهل العلم: «وإنما قدّره به [أي المدّ] لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة»[22].

 

قال الحارث بن هشام - رضي الله عنه - وهو ممّن أسلم عام فتح مكة - «..والله لو أن جبال مكة ذهبًا فأنفقناها في سبيل الله، ما أدركنا يومًا من أيامهم..»[23].

 

هذا والحارث له شَرَفُ الصُّحْبة، لكنه ليس في منزلة من أسلمَ قبل الفتح، كما قال الله عز وجل: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد: ١٠].

 

قال ابن كثير - رحمه الله -: «والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة»[24]، ولذا شدّد السَّلَفُ النكير على من سبّ أحدًا من الصحابة رضوان الله عليهم، قال يحيى بن معين - رحمه الله تعالى -: «كلُّ من شتم أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَجّالٌ لا يُكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»[25].

 

وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: «واعلم أن سبّ الصحابة - رضي الله عنهم - حرامٌ،  من فواحش المحرمات..»[26].

 

وقال الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -: «... فإنّه لم يُعادِهم ويتعرّض لأعراضهم المصونة - يعني: الصحابة - إلاّ أخبث الطوائف المنتسبة إلى الإسلام، وشر من على وجه الأرض من أهل هذه الملة، وأقلّ أهلها عقولًا، وأحقر أهل الإسلام علومًا.. بل أصل دعوتهم  لِكِيادِ الدِّين ومخالفة شريعة المسلمين... فَهُمْ يُظْهِرُونَ السبّ واللّعن لخير الخليقة.. مع أنّه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أنّ من كفّر مسلمًا كفر... فعرفتَ بهذا أنّ كلَّ رافضي خبيثٍ على وجه الأرض يصير كافرًا بتكفيرهم لصحابيّ واحدٍ... فكيف بمن كفّر كلَّ الصحابة، واستثنى أفرادًا يسيرة تنفيقًا لما هو فيه من الضلال...؟»[27].

 

وأفضل الصحابة أهل بدر، ثمّ الحديبية. وأفضلهم العشرة المبشرون بالجنة، وأفضل العشرة أبو بكر الصديق - رضي الله عنهم - أجمعين.

 

ولأهمية هذا الأمر - حبّ الصحابة والترضي عنهم - جعله أهل العلم في كُتُبِ العقائد.

 

ما يستفاد من الحديث:

1- تحريم سبّ أحد من الصحابة – رضي الله عنهم -.

2- فَضْلُ صُحْبَةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي مرتبة لن يبلغها أحد بعدهم.

3- الطعن في الصحابة طعنٌ في الشريعة؛ لأنهم حملتها، وطعنٌ في الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يحسن اختيار أصحابه، وطعنٌ في الله جلّ وعلا؛ لأنّه بَعَثَ خير أنبيائه ورُسُلِه فيهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.

 

 

الحديث التاسع والأربعون

عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنا» أخرجه أبو داود والترمذي[28].


راوي الحديث:

سبقت ترجمته في الحديث الثالث عشر.

 

معاني الكلمات:

1- ليس منّا: أي مِنْ سُنّتنا، وهدْينا، وطريقتنا.

2- شَرَف: القدْر والمكانة، وأصلُ الشرف: المكان المرتفع.

 

الشرح:

الإسلام دين عظيم متكامل، أعطى كل ذي حق حقّه، عُني بالرّجل والمرأة، وبالصغير والكبير، وحثّ على التراحم بين المسلمين. «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» وأمر بالرحمة حتى للحيوانات، قبل أن يعرفها الغرب بأكثر من ثلاثة عشر قرنًا ونصف قرن تقريبًا[29]! ومن أعجب ما أخبرنا به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه «غُفر لامرأة مومسة (زانية) مرّت بكلب على رأس ركيّ (بئر) يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خُفّها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغُفر لها بذلك»[30]، ومقابل ذلك «دخلتْ امرأةٌ النار في هرّة ربطتها فلم تُطْعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» «حتى ماتت جوعًا»[31].

 

وهنا في هذا الحديث يبيّن أرحم الخلق بالخلق - صلى الله عليه وسلم - أنّ من هدي الإسلام وأهله: رحمة الصغير، ورحمته تكون بالحنوّ عليه، والرفقِ به في الأمر والنهي، وبذلِ النصح له، وأنّ هذا الصغير سيكون - إن شاء الله - واحدًا من رجالات الأمة، وصانعي مجدها، إلا أنه مُسْتَتِرٌ بثياب الصِّبا[32].

 

«ويعرف شرف كبيرنا»، أي: يعرف قدر ومنزلة كبيرنا، والكبير: كبير السنّ، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم»[33]، فاحترام كبير السن، وتقديمه في صدر المجلس، وخدمته، وإلانةُ القول له. من مكارم الأخلاق، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا سُقِي قال: «ابدؤوا بالكبير»[34].

 

وكذا الكبير في علمه، له تقديم على غيره، وله فضل ومنزلة، فيجب احترامه وتوقيره، «وبتوقير العلماء توقّر الشريعة؛ لأنهم حاملوها، وبإهانة العلماء تُهان الشريعة؛ لأنَّ العلماء إذا ذلّوا، وسقطوا أمام أعين الناس، ذلّتْ الشريعة التي يحملونها، ولم يبقَ لهم قيمة عند الناس وصار كل إنسان يحتقرهم، ويزدريهم؛ فتضيع الشريعة»[35].

 

قال الإمام عبد الله بن المبارك - رحمه الله -:«من استخفّ بالعلماء ذهبتْ آخرته، ومن استخفّ بالأمراء ذهبتْ دنياه، ومن استخفّ بالإخوان ذهبتْ مروءته»[36].

 

ولورثة الأنبياء حقوق أذكر بعضها على وجه الاختصار:

1- موالاتهم ومحبتهم وإجلالهم، فهم ورثة الأنبياء، والمرء مع من أحبّ يوم القيامة.

2- أخذُ العلم عنهم.

3- سؤالهم فيما يُشكل. ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾ [الأنبياء: ٧].

4- الدعاء لهم بالتوفيق والسداد، والترحّم على من مات.

5- إشاعة مناقبهم، وذكرها في المجالس.

6- التماس العذر لهم.

7- الذبّ عن أعراضهم.

8- التثبّت فيما يُنسب لهم. قال الإمام ابن تيمية: «فالواجب على من شرح الله صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلّدها... فما أكثر ما يُحكى عن الأئمة ممّا لا حقيقة له»[37].

9- الالتفاف حولهم، خاصة زمن الفتن والنوازل.

10- نشر علمهم وبثّه بين الناس.

11- ستر عيوبهم وزلاتهم: فـ«ليس جزاء العلماء الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيل العلم، ولم يدخروا وسعًا في نشره بين الأمة، أنهم إذا أخطئوا أن ينشر خطؤهم، ويُسكت عن محاسنهم، فليس هذا من العدل؛ إذ العدل أن توازن بين الحسنات والسيئات، فإذا رجحت الحسنات فالإنسان من المحسنين، هذا إذا تقاربت الحسنات والسيئات، فكيف إذا كانت السيئة الواحدة في مقابل آلاف الحسنات؟ لكنّ بعض الناس - والعياذ بالله - يتخذ من الخطأ الواحد ذريعة للسبّ والقول والقيل...»[38].

 

قال بعض السلف: «إذا أَلِفَ القلبُ الإعراضَ عن الله ابتلاه بالوقيعة في الصالحين»[39].


ما يستفاد من الحديث:

1- عناية الإسلام بجميع أفراده، صغارًا وكبارًا.

2- رحمةُ الصغير والعطف عليه من سنن الهدى.

3- إجلال الكبير في سنه، وعلمه.

4- من لم يرحم الصغير، ويحترم الكبير، فقد خالف سنة المسلمين وطريقتهم.

 

 

الحديث الخمسون

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أشْهِدُ أنَّ لَا إِلَهَ إلّا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إليكَ، إلاّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ» أخرجه الترمذي[40].


معاني الكلمات:

1- لغطه: اللغط: الأصوات المبهمة المختلطة، والضجيج الذي لا يفهم، والمراد به في الحديث: الكلام الذي لا ينفع في الآخرة.

 

الشرح:

حثّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإكثار من ذكر الله في أحاديث كثيرة، وبيّن أنه: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلاّ قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة»[41]، ولأنّ الإنسان ربما غفل في بعض المجالس التي يكثر فيها اللّغط - وما أكثرها في هذه الأزمان - فينسى ذكر الله، فأرشده الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقول هذا الذكر، وقال في رواية أخرى للحديث: «ذلك كفّارة لما يكون في المجلس»[42]، وهل يُشرع قولها عقب مجالس الذِّكْر؟ نعم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «...فقالها في مجلس ذِكْرٍ كانت كالطَّابِع يُطبع عليه..»[43].

 

ما يستفاد من الحديث:

1- حرصه - صلى الله عليه وسلم - على كل ما ينفع أُمته.

2- مشروعية هذا الذّكْر عقب كل مجلس.

3- أهمية الذّكْر في حياة المسلم اليومية.

 

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.



[1] قال الهيثمي: أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح مجمع  الزوائد (10/142) وصححه الألباني الصحيحة رقم(81).

[2] البخاري (6416).

[3] صفة الصفوة (3/65).

[4] المجموع شرح المهذّب (1/30).

[5] مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص(259).

[6] البخاري (1152) ومسلم (1159) (2733).

[7] شرح رياض الصالحين (7/61) ط. دار الوطن.

[8] الدُّرر الكامنة (3/499).

[9] البداية والنهاية (11/344) وتاريخ بغداد (8/329).

[10] شرح مسلم (17/55) وهذا كلامه رحمه الله وهو لم يجرّب فتنة الزوجة؛ لأنه مات ولم يتزوج!والله أعلم سبب ذلك، وهديُ الرسول أكمل الهدي، وقد خلّف هذه المصنفات العظيمة رغم أنه لم يعشْ غير خمسٍ وأربعين سنة (731 ـ 776هـ) فرحمه الله وغفر له.

[11] ابن عثيمين شرح رياض الصالحين (1/52) طبعة 1424هـ مدار الوطن.

[12] الدرر السنية (14/403).

[13] الدرر السنية (16/99) وأنصح بقراءة كتاب: عمل المرأة للأخ الفاضل: سالم بن عبد العزيز السالم وتقديم الشيخ الفاضل الأخ  الدكتور عبد العزيز السدحان.

[14] كتاب النكاح باب الوصية بالنساء رقم(1467) [3645].

[15] البخاري (5186) ومسلم (3644).

[16] أخرجه مسلم من حديث جابر في الحج رقم(2950) [1218].

[17] تاريخ بغداد (14/438) وفي طبقات الحنابلة: عشرين سنة (1/429) وفي ترجمته لابن الجوزي تفضيل في ذلك ص(375).

[18] ترجمته لعبد الرحمن السديس ص(207).

[19] ابن عثيمين شرح رياض الصالحين (5/144) ط الأولى 1416.

[20] البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي ﷺ برقم (3673) ومسلم باب فضائل الصحابة باب تحريم سب الصحابة برقم (6488) (2541).

[21] أخرجه البخاري (2652) ومسلم (6472).

[22] لسان العرب مادة: مدد.

[23] سير أعلام النبلاء (4/421).

[24] تفسير سورة الحديد الآية العاشرة.

[25] تهذيب التهذيب (1/509).

[26] شرح مسلم (16/93).

[27] نثر الجوهر على حديث أبي ذر ص(107 ـ 111).

[28] أبو داود رقم (4943) الترمذي رقم (1920) وصحّحه النووي رياض الصالحين رقم (359) طبع المكتب الإسلامي والألباني صحيح الجامع رقم (5320) وحسّنه العراقي تخريج الإحياء رقم (1699).

[29] فأسّسوا جمعياتٍ لحماية الحيوان وحكوماتهم الكافرة تقتل الإنسان!

[30] البخاري (3321) مسلم (2245).

[31] البخاري (3318) و(2365) مسلم (2242).

[32] للعلامة محمد الخضر حسين - رحمه الله - كلامٌ نفيسٌ حول هذا في: «حياة الأمة».

[33] أخرجه أبو داود (4843) وحسّنه النووي رياض الصالحين رقم(355) وابن حجر «التلخيص الحبير» (2/126) والعراقي تخريج الأحياء (1700) والألباني صحيح الجامع (2195).

[34] قال ابن حجر: أخرجه أبو يعلى بسندٍ قوي الفتح (10/87).

[35] ابن عثيمين شرح رياض الصالحين طبعة 1425 (3/230).

[36] سير أعلام النبلاء (8/408).

[37] شفاء العليل في  اختصار إبطال التحليل ص(79).

[38] ابن عثيمين الباب المفتوح (66/130).

[39] ويُروى مرفوعًا ولا يصحّ الإعلان بالتوبيخ ص(107) الضعيفة (5741).

[40] برقم (3433).

[41] أخرجه أبو داود برقم (4855).

[42] أخرجه أبو داود برقم (4859).

[43] برقم (2742).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخمسون النبوية الشاملة (2 / 10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (3/10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (4 / 10)
  • الخمسون النبوية الشاملة (5/10)

مختارات من الشبكة

  • الخمسون النبوية الشاملة (9 /10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخمسون النبوية الشاملة (8 /10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخمسون النبوية الشاملة (7 /10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخمسون النبوية الشاملة (6 /10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخمسون النبوية الشاملة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • شبكة السنة تتيح الاستماع لأحاديث السيرة النبوية(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • المختصر في السيرة النبوية من المولد إلى البعثة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر السنة النبوية في إصلاح الواقع الاجتماعي: نماذج عملية تطبيقية في السيرة النبوية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الأربعون النبوية في السنة النبوية: السنة في السنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منازل السنة النبوية في مناهج السيرة النبوية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/12/1446هـ - الساعة: 14:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب