• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حكم الاستصناع والاستصناع الموازي (PDF)

بندر بن سعود النمر

عدد الصفحات:23
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 19/8/2024 ميلادي - 13/2/1446 هجري

الزيارات: 2801

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فهذا بحث عن مسألة:

(حكم الاستصناع والاستصناع الموازي)


وهو مقدمة للتكييف الفقهي للمتاجر الالكترونية والذي يتضمن عدة مباحث:

♦ حكم بيع الفضولي.

♦ حكم السَّلَم الحال

♦ حكم بيع العين الغائبة بغير وصف ولا رؤية متقدمة.

♦ حكم الاستصناع والاستصناع الموازي.

♦ أحكام عقود التوريد.

♦ دروب شيبيج (Drop shipping).

♦ حكم زيادة السعر مقابل خيار الإلغاء.

♦ التكييف الفقهي للمتاجر الالكترونية.

 

أسأل الله القبول والتوفيق والتيسير إنه على ذلك قدير.

 

مدخل إلى المسألة:

• تحريم البيع يدور على الربا والظلم والغرر فإن خلت المعاملة منها فاستصحاب أصل الحل والصحة ظاهر.

 

• حُكي إجماع الناس العملي على تأخير الثمن في الاستصناع؛ فالمشتري من مختلف المذاهب الفقهية يذهب إلى الخياط ويقاوله على خياطة ثوبه من دون إعطائه المبلغ كاملًا.

 

• الاستصناع مكون من عَقدي السلم والإجارة؛ والإجارة لا يلزم فيها تعجيل الثمن فكذلك الاستصناع.

 

الاستصناعُ لغة :صَنَعَه يَصنَعُه صُنْعًا، فهو مَصنوعٌ وصُنْعٌ: عَمِلَه.

قال تعالى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88].

 

وعقد الاستِصناع اصطلاحًا:هو عقْدٌ على مَبيعٍ في الذمة شُرِطَ فيه العملُ[1].

وقيل: هو عقْدُ مُقاوَلةٍ مع أهلِ الصَّنعةِ على أنْ يَعمَلَ شيئًا[2].

 

فالاستصناع يطلب فيه المشتري من البائع (الصانع) عينًا وعمل عليها، وجميع مواد الخام من البائع (الصانع).

 

وينبغي أن يفرّق بين عقد على سلعة تُطلب فيها الصنعة كتفصيل ثوب، وبين عقد على سلعة صُنعت وانتهت وعُرضت للبيع كالثوب الجاهز، فالأول استصناع بخلاف الثاني.

 

والكلام عن الاستصناع من ثلاثة وجوه:

• أقسام الاستصناع.

• الفرق بين عقد الاستصناع وعقود التوريد والإجارة والسلم.

• حكم عقد الاستصناع.

 

أقسام الاستصناع:

ينقسم الاستصناع باعتبار دخول طرف ثالث في عملية البيع إلى قسمين:

1- الاستصناع العادي، وهو ما مر معنا في تعريف الاستصناع.

 

2- الاستصناع الموازي أو الاستصناع بالباطن، وهو الذي يتم من خلال إبرام البائع عقدين منفصلين، أحدهما مع مشتري يريد صنعة معينة والآخر مع الصُنّاع بحيث يكون البائع فيها مُستصنعًا.

 

كما لو اتفق البائع مع المشتري على تفصيل ثوب بمعايير معينة، ثم اتفق البائع مع محل خياطة لكي يفصل له هذا الثوب.

 

ويتحقق الربح للبائع من خلال اختلاف الثمن بين العقدين، والغالب أن يكون أحدهما حالًا والآخر مؤجلًا[3].

 

ودليل إباحة عقد الاستصناع الموازي ما رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن أبي المجالد قال: بعثني عبد الله بن شداد وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، فقالا: سله: هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلفون في الحنطة؟ قال عبد الله: (كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطَ أهْلِ الشَّأْمِ في الحِنْطَةِ، والشَّعِيرِ، والزَّيْتِ [وفي رِوايةٍ: فِي الحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ]) في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، إلى أجَلٍ مَعْلُومٍ. قُلتُ: إلى مَن كانَ أصْلُهُ عِنْدَهُ؟ قالَ: ما كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عن ذلكَ)، ثُمَّ بَعَثَانِي إلى عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبْزَى فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ:(كانَ أصْحَابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يُسْلِفُونَ علَى عَهْدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولَمْ نَسْأَلْهُمْ: ألَهُمْ حَرْثٌ أمْ لَا؟)[4].

 

فقوله: (ما كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عن ذلكَ) و (ولَمْ نَسْأَلْهُمْ: ألَهُمْ حَرْثٌ أمْ لَا) دليلان على صحة البيع بالباطن في بيوع الذمة؛ فالمراد هو الحصول السلعة من غير تفتيش عن كيفية حصول البائع عليها.

 

الفرق بين عقد الاستصناع

وعقود التوريد والإجارة والسلم

عقد التوريد:

وهو عقد يتعهد بمقتضاه الطرف الأول بأن يُسَلِّم سلعًا معلومة مؤجلة بصفة دورية خلال فترة معينة لطرف آخر مقابل مبلغ معين مؤجل كله أو بعضه[5].

 

والتوريد يشترك مع الاستصناع في أنه عقد على موصوف في الذمة، ولكن معناه أوسع من الاستصناع، فقد يكون استصناعًا إذا ما كانت السلعة تتطلب عملًا، وقد لا تكون إذا كانت السلعة لا تتطلب عملًا.

 

عقد الإجارة:

وهو عقد على منفعة مباحة معلومة تؤخذ شيئًا فشيئًا مدة معلومة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة، أو عمل معلوم بعوض معلوم[6].

 

والإجارة جزء من عقد الاستصناع، وذلك أن الاستصناع مركب من عقدين، عقد إجارة على الصنعة، وعقد بيع سلعة موصوف في الذمة.

 

عقد السَلَم:

وهو عقد لموصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد[7].

 

وفيه شبه من عقد الاستصناع فكلاهما عقدان على موصوف في الذمة، ويشترط فيهما ضبط الجنس والنوع والقدر والصفة، ويشترط فيهما ألا يكون الثمن والمثمن مما يجري فيه ربا النسيئة، حتى ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن عقد الاستصناع نوع من عقود السلم، وتُذكر أحكامه في باب السلم وخالفهم الحنفية، فجعلوا السلم ما يكون على عين موصوفة بلا صنعة كالمطعومات وغيرها بخلاف الاستصناع الذي يَرِدُ العقد فيه على عين موصوفة وعمل موصوف في الذمة، وسيأتي تفصيله في حكم عقد الاستصناع.

 

حكم عقد الاستصناع:

أجمع الفقهاء على إباحة الاستصناع من حيث الجملة[8]، واختلفوا في شروطه تبعًا لاختلافهم في تكييف عقده على قولين:

القول الأول:

أن الاستصناع عقد من عقود السلم ولا يجوز إلا بشروط السلم، وهو قول الجمهور من المالكية[9] والشافعية[10] والحنابلة[11]، واختيار الشيخ محمد بن إبراهيم[12]، واللجنة الدائمة للإفتاء[13].

 

القول الثاني:

أن عقد الاستصناع عقد مستقل عن السلم ولا يلزم بشروطه، وهو مذهب الحنفية[14]، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي[15]، واختاره الشيخ السعدي[16]، والشيخ ابن عثيمين[17]، وحُكي الإجماع العملي عليه[18].

 

عرض الأدلة في المسألة:

أدلة القول الأول

استدل الجمهور القائلون بأن الاستصناع عقد من عقود السلم بأدلة منها:

الدليل الأول:

ما رواه الدارقطني في سننه قال: حدثنا علي بن محمد المصري، حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، حدثنا الخصيب بن ناصح حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ) [ضعيف، قال أحمد: لا يصح لكن الإجماع على أنه لا يجوز بيع الدين بالدين][19].

 

وجه الدلالة: أن بيع الاستصناع مؤجل في الذمة، فلا يصح إلا مع تعجيل الثمن كالسلم لئلا يكون من بيع الدين بالدين المتفق على تحريمه.

 

ويناقش: بأن عقد الاستصناع مركب من عقدين، عقد بيع في الذمة وعقد إجارة، والإجارة إذا كانت في الذمة لا يجب تسلم أجرة العامل إلا بعد العمل، فجاز تأخير الثمن في الاستصناع.

 

الدليل الثاني:

ما رواه أحمد في مسنده قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، حدثني عمرو بن شعيب، حدثني أبي، عن أبيه قال: ذَكَر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك)[إسناده حسن، لسلسلة عمرو بن شعيب][20].

 

وجه الدلالة: أن عقدي الاستصناع والسلم بيع لمعدوم، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند البائع، واستثني بيع السلم بأدلة إباحته، فأبيح الاستصناع بشروط السلم لعدم الصارف.

 

ويناقش: بأن النهي إنما يعود على بيع المعين الذي ليس عند البائع وليس على ما في الذمة؛ وهذا مقتضى ظاهر النص وجمعًا بين هذا الدليل وأدلة إباحة السَّلَم المؤجل[21]، وحديث عروة ابن الجعد الذي اشترى للنبي صلى الله عليه وسلم شاتين بدينار ثم باع إحداهما بدينار[22].

 

ثم إنه ليس في الدليل المذكور أمارة على حصر صحة بيع كل ما في الذمة بشروط السلم.

 

أدلة القول الثاني

استدل الحنفية وغيرهم القائلون بأن الاستصناع عقد مستقل عن السلم ولا يلزم بشروطه بأدلة منها:

الدليل الأول:

قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ [الكهف:94].

 

وجه الدلالة: أن في الآية ذكر طلبهم من ذي القرنين أن يصنع لهم سدًا مقابل مالٍ يخرجونه له، وبناء السد استصناع ظاهر، ولم يُعطَ ثمنًا مقدمًا كما هو اشتراط السلم، وشرع من قبلنا شرع لنا ما يرد دليل النسخ.

 

ونوقش: بأن الاستصناع يشترط فيه أن تكون العين والعمل من الصانع بخلاف قصة ذي القرنين فإنه طلب المواد أو بعضها من السائلين ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف:95]، فالعمل أقرب إلى الإجارة منه إلى الاستصناع، ومقدار الأجرة في الآية مجمل فيحتمل أنه تسلم قبل العمل ويحتمل بعده.

 

ثم إن في القصة ما يدل أنه لم يأخذ أجرًا أصلًا على ذلك: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ [الكهف:95].

 

الدليل الثاني:

ما جاء في السنة من أمره صلى الله عليه وسلم بالاستصناع ومنه:

• ما رواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ يَلْبَسُهُ فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ)[23].

 

• وما رواه البخاري في صحيحه قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي الإسكندراني، حدثنا أبو حازم بن دينار، أن رجالا أتوا سهل بن سعد الساعدي، وقد امتروا في المنبر مم عوده، فسألوه عن ذلك، فقال: (... أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى فُلَانَةَ، امْرَأَةٍ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ : مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ)[24].

 

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم (اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ) أي أمر أن يُصْنَعَ له، كما تقول اكْتَتَبَ: أي أمر أنْ يُكْتَب لَه[25]، فهذا استصناع -قبل نسخ لبس الذهب على الرجال-.

 

وأمر بصنع منبر ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه أرسل المال للصانع قبل ابتداء الصنع، خاصة أنه من هديه صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الدين بالدين.

 

ونوقش: بأن الحديث مجمل فيحتمل أنه أرسل المال عند أمره للصانع ويحتمل عدمه، وإذا دخل الاحتمال على الدليل بلا مرجح سقط الاستدلال، كما أن الحديث لم يُذكر قدر الثمن وهذا يبطل كل أنواع البيوع؛ فالقصة رويت مختصرة ولا دلالة فيها.

 

الدليل الثالث:

إجماع الناس العملي على ذلك؛ لأنَّهم يَعمَلون ذلك في سائرِ الأعصارِ مِن غَيرِ نَكيرٍ، فالإنسان من مختلف المذاهب الفقهية يذهب إلى الخياط ويقاوله على خياطة ثوبه من دون إعطائه المبلغ كاملًا، ويذهب إلى المقاول ليبني بيته بدون دفع كامل المبلغ عند إبرام العقد، ولا يخفى أن حاجة الناس إلى ذلك ظاهرة.

 

قال الكاساني رحمه الله: "ويجوز - الاستصناع - استحسانًا لإجماع الناس على ذلك؛ لأنهم يعملون ذلك في سائر الأعصار من غير نكير"[26].

 

ثم إنه مع تطور الأعمال أصبح تأجيل الثمن يكاد يكون ضرورة ملحة لتوسع الصناعات وارتفاع كلفتها، فلم تعد صناعة لسيف ومنجنيق تنتهي في يومين أو حتى شهرين، بل طائرات وسفن ضخمة ومصانع تكرير نفط يأخذ انتاجها سنوات لشدة تعقيدها وتنفق فيها أموال طائلة، فمن الاجحاف بمال المشتري أن يُلزم بدفع المبلغ كاملًا عند إبرام العقد لما يترتب عليه من فتح باب الغش والخداع.

 

ونوقش: بعدم التسليم بالإجماع العملي؛ بدليل مخالفة الجمهور له، ثم إن صناعة السفن كانت موجودة قديمًا وحديثًا وتأخذ مدة طويلة ولم يستثنها الجمهور.

 

الدليل الرابع:

أن الاستصناع مكون من عقدين وهما السلم والإجارة؛ والإجارة لا يلزم فيها تعجيل الثمن فكذلك الاستصناع والأصل صحة البيع.

 

ونوقش: بأنه بيع لمعدوم والأصل فيه المنع إلا ما استثني من بيع السلم.

 

الترجيح:

الذي يظهر بعد استعراض الأدلة والأقوال أن قول الحنفية بأن عقد الاستصناع عقد مستقل بذاته ولا يلزم بشروط السلم أسعد بالدليل، لا سيما مع استصحاب أصل الحل، وإجماع الأمة العملي قديمًا وحديثًا عليه، والاستصناع مركب من عقدين (إجارة وسلم) فليس بعقد سَلَمٍ من كل وجه.

 

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي:

1-إن عقد الاستصناع - وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة - ملزم للطرفين إذا توفرت فيه الأركان والشروط.


2-يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:

(أ) بيان جنس المستصنع، ونوعه، وقدره، وأوصافه المطلوبة.

(ب) أن يحدد فيه الأجل.


3- يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.


4- يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. والله أعلم"[27].

 

ومن أهم ثمرات هذا الترجيح أنه يجوز تأخير الثمن في الاستصناع أو تقسيطه على دفعات بخلاف السلم، وهذا الحكم يشمل الاستصناع العادي والموازي، والله أعلم.



[1] بدائع الصنائع (5/ 2)، تحفة الفقهاء (2/ 362).

[2] مجلة الأحكام العدلية (ص 31).

[3] عقد الاستصناع وخلاف الفقهاء فيها لعيسى رزايقه (ص 554)، والمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (ص 318).

[4] البخاري (2244).

[5] مجلة مَجْمَع الفقه الإسلامي، العدد الثاني عشر (2/ 571).

[6]الإقناع للحجاوي (2/283).

[7] المطلع على ألفاظ المقنع (ص293).

[8] المغني لابن قدامه (6/ 296)، المبسوط (12/242)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير (ص325).

[9] مواهب الجليل (4/ 539)، حاشیة الدسوقي على الشرح الكبیر (3/217).

[10] الروضة (4/ 28)، فتح الوهاب (3/ 242).

[11] الإنصاف (5/91).

[12]رسائل الشيخ محمد بن إبراهيم (7/45).

[13] فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثاني (11/126).

[14] تبيين الحقائق (4/123)، البحر الرائق (6/185).

[15] قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (7/3/67).

[16] فتح العلام في دراسة أحادیث بلوغ المرام (5/591).

[17] لقاء الباب المفتوح (131).

[18] قال الكاسانيُّ: (يَجوزُ استحسانًا؛ لإجماعِ النَّاسِ على ذلك؛ لأنَّهم يَعمَلون ذلك في سائرِ الأعصارِ مِن غيرِ نَكيرٍ) "بدائع الصنائع" (5/2)، وقال الزَّيلعيُّ: (أمَّا الاستِصناعُ فللإجماعِ الثَّابتِ بالتَّعامُلِ مِن لَدُنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى يَومِنا هذا) "تبيين الحقائق" (4/123)، وقال ابنُ نُجَيمٍ: (دَليله، وهو الإجماعُ العمليُّ، وهو ثابتٌ بالاستحسانِ) "البحر الرائق" )6/185).

[19] عبد الرزاق (14440)، وابن أبي شيبة (22563، 22566)، والدارقطني (3060، 3061)، والبزار (6132)، والطحاوي (5554)، والحاكم (2355، 2356)، والبيهقي (10647، 10648، 10649، 10650، 10651).

رواه الدارقطني كما في هذا الإسناد عن موسى بن عقبة، والصواب أن الراوي هو ابن عبيدة وليس ابن عقبة؛ فقد رواه غير واحد من الحفاظ كالطحاوي والبيهقي وابن عدي وغيرهم بذكر موسى بن عبيدة.

قال البيهقي في السنن (5/ 290): "شيخنا أبو عبد الله - يعني الحاكم - قال في روايته: عن موسى بن عقبة، وهو خطأ، والعجب من أبي الحسن الدارقطني شيخ عصره، روى هذا الحديث في كتاب السنن، عن أبي الحسن علي بن محمد المصري هذا، فقال: عن موسى بن عقبة".

وموسى بن عبيدة ضعيف، ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 151) عن أحمد بن حنبل أنه قال: "لا تحل الرواية عندي عن موسى بن عبيدة، قلنا: يا أبا عبد الله لا يحل؟ قال: عندي، قلت: فإن سفيان وشعبة قد رويا عنه؟ قال: لو بان لشعبة ما بان لغيره، ما روى عنه".

وذكر ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 601) عن أحمد أيضًا: "لا يحل الرواية عن موسى بن عبيدة، ولا أعرف هذا الحديث من غير موسى، وليس في هذا حديث صحيح، وإنما إجماع الناس على أنه لا يجوز دين بدين".

وتابع موسى بن عبيدة إبراهيم بن أبي يحيى في مصنف عبد الرزاق (14440) وفيه الأسلمي متروك، وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند الطبراني في الأوسط، وإسناده مقلوب، كما قاله الحافظ ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 157). فالحديث ضعيف.
[20] رواه أبو داود (3504)، والنسائي (7/ 288)، والترمذي (1234)، وابن ماجه (2188)، وأحمد(179، 205)، والبيهقي (5/ 343)، والطيالسي (2257)، والطحاوي (4/ 46)، والدارقطني (3/ 75)، والحاكم (2/ 21)، كلهم من طرق عن عمرو بن شعيب به. قال الترمذي: حسن صحيح. قلت: إسناده حسن لسلسلة عمرو بن شعيب.
[21]البخاري (2086)، ومسلم (3010).
[22]البخاري (3642)، وأبو داود (3385،3384)، والترمذي (1258)، وابن ماجه (2402)، وأحمد (19362)، وعند الترمذي وغيره من طريق الزبير بن الخرِّيت حدثنا أبو لَبيد عن عروة بن أبي الجعد البارقي، فانتفت الجهالة التي وردت في رواية البخاري في سماع الحي عن عروة، وقد صحح الحديث مع البخاري جمعٌ، قال ابن عبد البر: (وهو حديث جيد) "التمهيد 2/106"، وقال ابن عبدالهادي: (وقد روي من وجه آخر حسن متصل عن عروة) "المحرر في الحديث 2/103" يعني طريق أبي لَبيد، وأبو لَبيد صدوق، فالحديث ثابت بمجموع طرقه.
[23] البخاري (5876) واللفظ له، ومسلم(2091).
[24] البخاري (917)، ومسلم (544).
[25] النهاية في غريب الأثر (3/ 56).
[26]بدائع الصنائع (5/2)، تبيين الحقائق (4/123)، المبسوط (12/ 138).
[27] مجلة مجمع الفقه الإسلامي (7/1137).




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • حكم عقد الاستصناع(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الاستصناع (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • عقد الاستصناع الموازي(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • تعريف عقد المقاولة(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • تكييف عقد المقاولة في الفقه بحسب التزام المقاول(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • شراء بيت عن طريق البنك(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الوقف في العصر الحديث في بلاد الحرمين (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البشارة في القرآن الكريم ومعانيها التربوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قوس قزح النشاط المدرسي - لطالبات المرحلة المتوسطة (PDF) (PDF)(كتاب - موقع الموسوعات الثقافية المدرسية)
  • الرتق العذري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب