• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وأقيموا الصلاة (خطبة)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: علموا أولادكم أهمية الصلاة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق المظلوم
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    من مائدة الصحابة: الزبير بن العوام رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    مصطلحات لها معنى آخر (الوعي واليقظة الذهنية)
    مريم رضا ضيف
  •  
    حديث: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    تفسير سورة الفلق
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    انتقاد العلماء لبعض ما في الصحيحين دليل صحتهما ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    شموع (109)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    الركعات التي يقرأ فيها بـ: {‌قل ‌يا ‌أيها ...
    بكر البعداني
  •  
    مواقف بين النبي وأصحابه (4)
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    ما أعظم ملك الله وقدرته!
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: {ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    حقوق الوالدين (خطبة)
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    الإسلام يدعو إلى التكافل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / أخلاق ودعوة
علامة باركود

الزحام في المسجد الحرام

الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس

المصدر: نشر في مجلة المجمع الفقهي الإسلامي السنة 16 عدد 19.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2007 ميلادي - 19/11/1428 هجري

الزيارات: 71041

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزحام في المسجد الحرام

الأسباب والحلول

(دراسة شرعية)

 

إعداد:

فضيلة الدكتور/ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس

إمام وخطيب/ المسجد الحرام

عضو هيئة التدريس/ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة أم القرى - مكة المكرمة


ملخص البحث:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:

فقد يسَّر الله عز وجل لي الكتابة في هذا البحث؛ مُترسِّمًا الخطة التالية المشتملة على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.


1- المقدمة: وتشمل أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث والمنهج الذي سلكته فيه، وقد أبانت المقدمة عن أهمية تشخيص هذه الظاهرة، واستقراء أسبابها، وإيراد الحلول الناجعة لها.


2- التمهيد: ويشمل التعريف بمفردات البحث من خلال العناصر الآتية:الأول: التعريف بالزحام لُغة، واصطلاحًا.

 

الثاني: التعريف بالمسجد الحرام.

الثالث: أسماؤه.

الرابع: تحريمه وتاريخه.

الخامس: عمارته.

السادس: حدوده.

السابع: خصائصه.

الثامن: فضله، ومكانته.

 

3- الفصل الأول: الزحام على ضوء النصوص القرآنية والشمائل النبوية، والمقاصد الشرعية، والقواعد الفقهية، ويشمل ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الزحام على ضوء النصوص القرآنية والشمائل النبوية.

المبحث الثاني: الزحام على ضوء المقاصد الشرعية.

المبحث الثالث: الزحام على ضوء القواعد الفقهية.

 

وفي هذا الفصل يتبين مُخَالفة هذه الظاهرة لهذه الأمور كلها، مما يتطلب بيان أسبابها، وطُرُق علاجها.


4- الفصل الثاني: أسباب الزحام وينقسم إلى مبحثينِ:

المبحث الأول: الأسباب العامة، وينقسم إلى مطلبينِ:

المطلب الأول: الأسباب الإيجابية، ومنها التوجُّه الخَيِّر في الأمة، وتيسُّر الوُصول إلى الحرم، والأَمْن، والتوسعة، وتوفر الخدمات المتنوعة، وفتح باب الحج والعمرة.

 

المطلب الثاني: الأسباب السلبية ومنها: قلة الفقه والوَعْي، وضعف القيم الأخلاقية، والتقصير في استشعار قدسية الحرم.


المبحث الثاني: الأسباب الخاصة، ومن أهمها: ما يكون في الطواف، وعند الخط الرخامي الدال على بدايته، وتَكرار العمرة، وقلة المُرْشِدين والعاملين، وما يوجد من ظواهر الافتراش، والتَسَوُّل، وكثرة النساء والأطفال.


5-
الفصل الثالث: الحُلول: ومن أهمها:

تقوية الوازع والقيم الأخلاقية، ونشر الوعي، والإكثار من المرشدين والعاملين الأكفاء، وعدم تَكرار العمرة، وفِقْه المناسك، وإيجاد آلية عملية للحد من ظاهرة الجلوس في الممرات، والأَخْذ بوسائل التِّقَانة الحديثة في ذلك كله.


6- الخاتمة
: وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات ومنها: خُطورة ظاهرة الزحام، وضرورة علاجها، وقلة الدراسات الشرعية والميدانية فيها، وأهمية التوعية المُكثَّفة للحجاج والعُمّار والزوار في بلدانهم، وترسيخ قواعد الأخلاق وحسن التعامل فيما بينهم، وغَرْس قُدسية الحرم في نفوسهم، والتأكيد على مسؤولية العلماء والدعاة ووسائل الإعلام، وتبنِّي الجِهَات المَعْنِيَّة، والمَجَامِع الفقهية عَقْدَ الندوات والمؤتمرات في ذلك.


7- كملت البحث بنماذج من الاستبانات التي تضفي على البحث الشمولية والمُعالجة المَيْدَانية، وتبين مراتب أسباب هذه الظاهرة وحلولها بالنسبة المئوية، والألوان التوضيحية.


8- ذيلْتُ البحث بفهارس متنوعة تشمل فهرس الآيات، والأحاديث والأشعار، والأعلام، والأماكن، والمراجع والمصادر، والموضوعات.

 

سائلاً الله الإخلاص، والتوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


المقدمة:

الحمد لله المَلِك القُدُّوس السَّلام، أسبغ على عباده المِنن العِظَام، وخَصَّ المسجد الحرام بمزيد الإجلال والإكرام، وجعله قِبْلة كل قاصد مُسْتَهام، ومُنيَة كل عابد يُكابِد الأشواق الضِّرام، وأصلي وأسلم على نبينا محمد: أزكى الأنام، دخل المسجد الحرام خاشعًا مُتواضعًا فما شقَّ ولا لام، وعلى آله البَرَرة الكِرام، وصحبه الأئمة الأعلام، والتابعين أُولِي النُّهى والأفهام، ومَنْ تبعهم بإحسان، ما تعاقب النور والظلام.


أما بعد: فإن أجلَّ النِّعمِ التي مَنَّ الله بها علينا أن هدانا للإسلام، وهيَّأ لنا من الأمكنة العظام، ما يكون قصده للعبادة سببًا لتكفير الذنوب والآثام، وطريقًا لدخول الجنة دار السلام.

 

وإن مما لا شكّ فيه أن للحرمينِ الشريفينِ - حرسهما الله - مَنْزِلة مرموقة في أفئدة المسلمين، من التعظيم المَكِين والحبِّ والمتين، وبخاصة المسجد الحرام الذي جعله الله مَثَابةً للناس وأَمْنًا. وليس بخافٍ على أهل الإسلام عِظَم الواجب عليهم تجاه هذه البقعة الشريفة،والحُرُمات المنيفة، ومُراعاة قدسَّيتها وحُرمتها، والتَّحَلِّي بالآداب الشرعية والأخلاق المَرْعِية في عرصاتها، غير أنه لما أفاء الله - وله الفضل والمنَّة - خَيْرَه على عباده، ويسَّر السُّبُل للوصول إلى بيته، وهيَّأ من وُلاة الأمر - وفقهم الله - من يقوم على رعاية قاصدي حَرَمِه الشريف، مع ما أسفرت عنه المدنية المعاصرة من وفْرَة وسائل المُوَاصلات، وسهولة التنقُّل والترحال عبر كافة المركبات، إضافة إلى النهضة العلمية واليقظة الدِّينيَّة، وكل ذلك وغيره أضْحَى أسبابًا وبواعِث ودوافِع لإلهاب مشاعر المسلمين؛ لإعمار بيت الله الحرام، وسَكْب العَبَرات السِّجَام[1]، وبلِّ صَدَى الشوق والأُوَام [2]، إنْ عمرةً أو حجًّا أو زيارةً، مما أحدث ظاهرة جديرة بالاهتمام، وعقبة كَأْدَاء في تلك الرحاب، ألاَ وهي "الزحام"، الذي بات قضية مؤرِّقة للمَعْنيِّينَ بالمسجد الحرام؛ كما أضحى أمرًا مُزْعِجًا لقاصدي هذا المكان المبارك، ويبلغ الأمر ذروته ومداه أيام الحج الزُّهْر، ولياليه الغُرِّ، وشهر رمضان المبارك، وخصوصًا في لياليه العشر الطُّهْر، ولا تسأل عن حال الزِّحام في ليلة عظيمة القَدْر، مع ما في الزِّحام من سلبيات تجل عن الحصر، مما يتطلب تشخيصًا لهذه الظاهرة، وتأصيلاً علميًّا وشرعيًّا لها، وبيان أسبابها والحُلول الناجِعَة لها.


ولقد تتبعْتُ جمًّا غفيرًا مِنَ المراجع الأصيلة والمعاصرة، التي تحدثت عن المسجد الحرام، وتاريخه، وأخباره، فلم أُلْفِ فيها عناية بهذه المسألة عمومًا إلا لمامًا.

 

كما تتبعْتُ أبحاث معهد خادم الحرمَينِ الشريفَينِ، لأبحاث الحج، فلم أقف إلاَّ على بحث تناول الموضوع عبر دراسة تخصصية هندسية، مُزوَّدة بالرسومات البيانية؛ لكني لم أقف على بحث يلم شتات هذه الظاهرة ويُعالِجُها من رؤية شرعية [3]، راجيًا أن يَسُدَّ هذا البحث هذه الثغرة إن شاء الله تعالى.


أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

1- إنَّ شرف العِلْم بشرف المعلوم، وشرف البحث بشرف المبحوث، وهذا البحث يتعلق بالحرم المكي الشريف، أفضل البقاع وأطهرها. فلا غَرْو أن يكون البحث فيه على غاية من الأهمية.


2 - مُعالجة البحث لظاهرة جديرة بالعناية والاهتمام، ألا وهي: ظاهرة الزحام التي كان لها سلبيات كثيرة، فقد تُزْهَق أنفس بسبب الزحام، وقد يُؤْذَى ويصاب آخرون بسببه، لذا كان لابد من معالجته على ضوء الأدلة الشرعية.

 

3 - حاجة الأمة إلى معرفة الأحكام الشرعية المتعلِّقَة بالمسجد الحرام؛ لكونها متعلقة بقبلتهم في صلواتهم، ومكان حجهم، وأداء مناسكهم، كما أن حاجتهم ماسَّة إلى معرفة قُدْسية هذه البقعة وآدابها، ووجوب تعظيمهم لها؛ لأنها من شَعائر الله، قال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

 

4 - الإفادة والاطلاع على ما كتبه أهل العلم من السابقينَ والمُعاصرينَ حول هذا الموضوع من نواحٍ مُتعدِّدة، لا سيما الشرعية.

 

5 - أنَّ مِنْ نِعَم الله علينا في هذه البلاد، وجود هذه البقاع المُباركة، وتَشَرُّف ولاة الأمر بخدمة الحرمينِ الشريفينِ، فكان من لوازِم ذلك معرفة أحكامها، والعناية بتطهيرها، ومُعالجة كل الظواهر السلبية الطارِئة، ومنها ظاهرة الزِّحام، وفي هذا ما يُعين على القيام بالواجِب خير قيام إن شاء الله.

 

6 - أنني لم أطلع على حسب عِلْمِي على بحث مستقل، يلم شَتات هذه القضيَّة، ويُعالِج هذه الظاهرة على ضوء الأدلة الشرعية والمقاصد المرعية على الرغم من أهميتها، فشاركتُ ولو بجهد مقلٍّ في الكتابة: إسهامًا مني في مُعالجة هذه الظاهرة المؤرِّقة.

 

7 - أن الله شرَّفني - وله الفضل والمنَّة - بالخدمة في المسجد الحرام أكثر من عشرين سنة، جعلها الله خالصة لوجهه، فعايَشْتُ هذه الظاهرة، وواكبت ذروتها عن كثب، خاصة في ليالي العشر الأواخر من رمضان، وأيام الحج، وهذا دافِع إلى تمام الاستقراء والعمل الميداني، الذي يزيد الباحث توثيقًا وتَدْقِيقًا، راجيًا أن يكون ممن يبري القوس بحسنٍ واقتدار.

 

8 - أن هذا البحث جاء رغبة من الإخوة الفضلاء، في مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، فلهم مني الشكر والتقدير على حسن ظنهم بأخيهم، وأخص بالشكر والتقدير صاحب المعالي د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي؛ الأمين العام للرابطة - حفظه الله - وأخي فضيلة أمين المجمع الفقهي الدكتور/ صالح بن زابن المرزوقي - وفقه الله - راجيًا ألاَّ يكونوا استسمنوا ذا وَرَم.

 

كلُّ ما تقدم من أسباب آنفة الذِّكْر، ورغبتي في الثواب والأجر - وهو أهمُّها - وحرصي على المشاركة في رفع مستوى الحرم التنظيمي والأدبي، ونُهْمَتِي في بثِّ العلم والوَعْي لدى عُمَّار البيت العتيق، حملني على دراسة هذا الموضوع من منظور شرعي، فكان هذا البحث بحمد الله الذي جمعتُ أطرافه في خطة تشمل:

مقدمة، وتمهيدًا، وثلاثة فصول، وخاتمة، تلَى ذلك الفهارس. وبيان الخطة كالآتي:

1 - المقدمة، وتضمنت:

(أ) أهمية الموضوع وأسباب اختياره.

(ب) خطة البحث.

(ج) منهج البحث.

 

2 - التمهيد، وتضمَّن: التعريف بمفردات البحث من خلال العناصر الآتية:

الأول: التعريف بالزحام لغة واصطلاحًا.

الثاني: التعريف بالمسجد الحرام والمراد به.

الثالث: أسماء مكة - زادها الله شرفًا.

الرابع: تحريم مكة وتاريخه.

الخامس: عمارة المسجد الحرام.

السادس: حدود المسجد الحرام.

السابع: خصائص المسجد الحرام.

الثامن: فضله ومكانته.


3 - الفصل الأول، بعنوان: الزحام في ضوء النصوص والمقاصد الشرعية، والقواعد الفقهية، ويشتمل على ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: الزحام على ضوء النصوص القرآنية، والشمائل النبوية.

المبحث الثاني: الزحام على ضوء المقاصد الشرعية.

المبحث الثالث: الزحام على ضوء القواعد الفقهية.

 

ويشتمل على خمسة مطالب:

المطلب الأول: الأمور بمقاصدها.

المطلب الثاني: اليقين لا يزول بالشك.

المطلب الثالث: المشقّة تجلب التيسير.

المطلب الرابع: الضرر يزال.

المطلب الخامس: دَرْء المفاسد مُقدَّم على جَلْب المصالح.


4 - الفصل الثاني: وتضمَّن الأسباب العامة والخاصة لظاهرة الزحام ويشتمل على مبحثين:

الأول: الأسباب العامة، ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: الأسباب الإيجابية.

المطلب الثاني: الأسباب السلبية.

المبحث الثاني: الأسباب الخاصة.


5 - الفصل الثالث: الحلول.

6 - الخاتمة.

7 - نموذج من الاستبانات ونتيجتها.

8 - الفهارس.


 

منهج البحث:

سَلَكتُ في هذا البحث منهج الاستقراء والتتبع لأسباب الزحام، مُطَبِّقًا الدراسة الميدانية، مستفيدًا من الاستبانات: ليخرج البحث مُتَّسِمًا بالإحاطة والشمول لظاهرة الزحام، مُتوخِّيًا في ذلك النقد الشرعي النَّزيه غير الجموح، خالصًا إلى معاقِد الإصلاح الطموح، قارنًا مسائله ومادته بالكتاب والسُّنة مُتوسِّعًا في الجانب الأخلاقي، مُراعيًا الجانب الفطري لدى قاصدي المسجد الحرام، مع الالتزام بالمنهج العلمي المألوف، المتمثل في العناصر الآتية:

1 - جَمْع المادة العلمية وترتيبها حسب أهميتها، وتسلسلها عن طريق الاستقراء والتَّتبُّع.

 

2 - بذَلْتُ جُهدي في حصر واستقصاء أهم الأسباب الباعثة على الزِّحام، مما يشخص الداء، وأَتْبَعْتُ ذلك بأهم الحُلول الناجعة لعلاج هذه الظاهرة، وصفًا للدَّواء.

 

3 - ما يحتاجه البحث من توثيق عِلْمي، فإني ألْتَزِم به من مظانِّة المُعتبرة.

 

4 - سِرْت على المنهج العلمي في كتابة البحوث، من حيث التوثيق والعَزْو المُتَّبع في كتابة البحوث العلمية.

 

5- عَزَوْتُ الآيات إلى سورها، مع ذكر رقم الآية، واسم السورة.

 

6 - خَرجْتُ الأحاديث والآثار من مظانِّها الأصلية.

 

7 - الترجمة للأعلام غير المشهورين باختصار.

 

8 - عرَّفْتُ بالأماكن والفِرَق ونحوها.

 

9 - شَرَحْتُ الألفاظ والمصطلحات الغريبة.

 

10 - لِتَتَّسِم الدراسة بالشمول، فقد اسْتَطْلَعْتُ آراء شرائح كثيرة في المجتمع، منهم: علماء ومسؤولون يهمهم معالجة الظاهرة، عن طريق تعبئة استبانات، وزِّعَت عليهم سَلفًا.

 

11 - ذيَّلْتُ البحث بفهارس متنوعة، وهي:

1 - فهرس الآيات القرآنية.

2 - فهرس الأحاديث النبوية.

3 - فهرس الآثار.

4 - فهرست الأبيات الشعرية.

5 - فهرس الأعلام.

6 - فهرس الأماكن.

7 - فهرس المراجع والمصادر.

8 - فهرس الموضوعات.

 

هذه أبرز مَلامح المنهج الذي سَلَكْتُه في هذا البحث، سائلاً الله التوفيق والسداد والإخلاص، والإصابة في القَوْل والعمل، إنه جَوَادٌ كريم.


التمهيد:

ويشمل التعريف بمفردات البحث من خلال العناصر الآتية:

الأول: التعريف بالزحام لغة واصطلاحًا.

الثاني: التعريف بالمسجد الحرام، والمراد به.

الثالث: أسماء مكة، زادها الله شرفًا.

الرابع: تحريم مكة وتاريخه.

الخامس: عمارة المسجد الحرام.

السادس: حدود المسجد الحرام.

السابع: خصائص المسجد الحرام.

الثامن: فضله ومكانته.

 

التعريف بالزحام لغة واصطلاحًا:

تمهيد:

لقد أفاض الباري - سبحانه - رحمته وسكينته على النفس السويَّة الزكَّية، العَزوف عن الغِلْظَة والفَظَاظة، سواء في القول أم في الفعل، ومِنْ ثمَّ أشاحت عن كل ضدٍّ للرفق واللطف، كالزحام مثلاً، والذي لا تخلو منه المجامع الخاصة والعامة، ذات المورد العَذْب. ولما كان هذا المصطلح أحد لبنات هذا البحث؛ بل هو أساسه وغراسه، لزمَ التلبُّثُ عنده، وتعريفه لغةً واصطلاحًا.

 

أولاً: الزحام لغة واصطلاحًا:

(أ) الزِّحام لُغة:-

قال ابن فارس[4]: الزاء، والحاء، والميم أصل يدل على انضمام في شدَّة، يقال: زَحَمَهُ يَزْحَمه، وازْدَحَم النَّاس[5].

 

وقال صاحب "القاموس": زَحَمه زَحْمًا، وزِحَامًا بالكسر: ضايقه، وازدَحَم القوم وتزاحموا. والزَّحْمُ: المُزدَحِموُن[6]

 

وفي "اللسان": وَزَحَم القوم بعضهم بَعْضًا، يزحَمُونَهُم زَحْمًا وزِحَامًا: ضايقوهم.

 

ورجل مِزْحَم: كثير الزِّحام، أو شديده، ومَنكبٌ مِزْحَمٌ منه.

 

وزُحمٌ من أسماء مكة، شرَّفها الله - تعالى - وحرسها [7].

 

ب- واصطلاحًا: لم أقف على تعريف اصطلاحي له، لكن يمكن أن يصاغ له تعريف اصطلاحي مستفاد من التعريف اللغوي ومناسب للمراد هنا.

 

فيقال: "هو انضمام فئام كثيرة من الناس، واجتماعهم في مكان مُعَيَّن، وزمان معين، لتحقيق غرض معيَّن، مع وجود شدَّة وضيق بَيْنَهم.

 

ثانيًا: تعريف المسجد الحرام. والمُراد به:

يحَسُنُ بنا قبل الوقوف على المسجد الحرام وحدوده، أن نمهِّد لذلك بنبذة تبلِّغ القارئ مقصوده من المراد بمكة المكرمة - حرسها الله - وآثرت تعريفًا معاصرًا؛ دفعًا للغموض، لِتَغَيُّرِ المعالم والأماكن القديمة، ودفعًا للاختلاف في المقاييس السابقة، والأماكن المندثرة.

 

ولأن المسجد الحرام يطلق على عموم الحرم ومكة، كما يطلق على المسجد نفسه، وجاءت النصوص بالمَعْنَيينِ كليهما، فقال - سبحانه -: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [التوبة: 7] وقال - تعالى -: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [الإسراء: 1].

 

قال السنجاري [8] - رحمه الله - "اعلم - وفقني الله وإياك - أنَّ مكة المُشَرَّفَّة - زادها الله شرفًا، وأحلَّ سكانها من الجنة غُرفًا - من إقليم الحجاز.

 

والحجاز: مكة والمدينة واليمامة واليمن.

 

ويُسَمَّى حجازًا: لأنه حجز بين العِرَاق ونجد، وقيل: إنه حجز بين الشام والبَادية.

 

ومكة: بلدة عظيمة مستطيلة ذات شعاب واسعة، ولها مبدأ ونهايات".

 

تقع مكة المكرمة في الجهة الغربية من المملكة العربية السعودية، بأرض الحجاز في بطن واد تشرف عليها الجبال من جميع النواحي. دائرة حول الكعبة المشرَّفة. وكانت المناطق المنخفضة من ساحة مكة تسمَّى البطحاء[9]، وما كان شَرْق المسجد الحرام يسمّى المعلاة[10]، وما كان غَرْبَ المسجد الحرام يسمّى: المسفلة، وتقع على بعد (460) كيلاً جنوب المدينة، و (73) كيلاً شرق جدة، و(98) كيلاً غرب الطائف.

 

وهي من الأرض أطهر بقعَة، ومن البسيطة أقدس رقعة، بإجماع أهل العلم وأهل التاريخ، بل بنص الكتاب والسنة، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96] وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حَرَّم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعْضَد شوكها، ولا ينفر صيدها، ولا يُخْتَلَى خلاها، ولا تحل لُقطَتها إلا لمن عَرَّفها))[11] وما ذلك إلاّ لفضلها وشرَفِها[12].

 

ثالثاً: أسماء مكة:

لمكة المكرمة أسماءٌ كثيرة، أوصلها بعضهم إلى ثلاثين اسمًا[13]، وأَوْرَد الفَاكِهي لها ثمانية أسْمَاء، وما جاء منصوصًا عليه في القُرْآن الكريم هو التالي:

مكة: قال - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ ﴾ [الفتح: 24].


قال صاحب "القاموس": "وَمَكَّهُ: أهْلَكَه ونَقَصَهُ، وسُمَّيت مَكَّةُ للحرم كله؛ لأنها تنقصُ الذنوب وتُفنيها، أو تهلك من ظَلَم فيها؛ كذلك أو لأنها تَمُكُّ الجبابرة؛ أي: تُهْلِكُهُم وتُذْهِبُ نَخْوَتَهُم"[14].أ

 

بكة: قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96]، وبَكَّهُ: خَرَقَه وفَرَّقه ودقَّ عُنقه، ومنه: بكةُ لازدحام الناس فيها.

 

أم القرى: قال - تعالى -: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ [الأنعام: 92].

 

البلد الأمين: قال - تعالى -: ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3]. أي: مكة.

 

البلدة: قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ ﴾ [النمل: 91].


البلد: قال - تعالى -: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1].

 

القرية: قال - تعالى -: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ﴾ [محمد: 13].

 

المسجد الحرام: قال تعالى: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ ﴾ [الفتح: 27].

 

مَعَاد: قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: "لرادُّك إلى مكة"[15].

 


رابعًا: تحريم مكة وتاريخه:

دلَّت الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، على أن الله - تعالى - قد حرَّم مكة يوم خَلَق السموات والأرض، فمن السُّنة ما في البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح؛ ولكن جهاد ونيَّة، وإذا استُنْفِرْتُم فانفروا، فإن هذا بلدٌ حرَّمه الله يوم خلق السموات والأرض، وهو حرام بحُرمة الله إلى يوم القيامة))[16]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل حرَّم مكة))[17].

 

والحكمة في التحريم هي: أن يكون حُكْمُها حُكْمَه في جميع ما يختصُّ به؛ تشريفًا لها.

 

ويطلق المسجد الحرام ويُرَاد به مَكَّة، وقد يُرَاد به الحرم كلّه، إذ لم يكن مسوَّرًا من عهد الخليل - عليه السلام - وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر - رضي الله عنه - وصدر من خلافة عمر - رضي الله عنه - وهذا المسجد الحرام توسَّطته الكعبة المعظَّمة: أول بيت وضع للناس، ودُرَّة الأرض، وقُطْب العالَم.

 

وهي "المنائح"[18]: عن القسطلاني[19] قوله: "وليس على وجه الأرض أشرف بناءً من الكعبة، لأنَّ الآمر ببنائها الملك الجليل، والمبلِّغ والمُخَطِّط[20] جبريل - عليه السلام - والبنَّاء إبراهيم الخليل - عليه السلام - والتلميذ العامل به إسماعيل - عليه السلام -".

 

وفي أصول اللغة: أن اسم الكعبة مُشتقٌّ من مادة التكعيب، وهو: التربيع، أو مشتق من الارتفاع، ومنه الكعب، سمِّي بهذا لنُتُوئِه وخروجه عن جانبي القدم[21].

 

خامسًا: بناء المسجد الحرام وعمارته:

وخبر بنائه وعمارته من اليقينيَّات والقطعيات وهو: أنَّ أوَّل من بَنَى البيت هو: إبراهيم وابنه إسماعيل - عليهما السلام - فبناه رضمًا[22] من غير ملاط[23] من طين أو مَدَر, يضع الحجارة فوق الحجارة على قواعد كانت ثابتة قبل رفعها[24]، ولمَّا بلغ في بنائها حدًّا معيَّنًا كان قد احتاج إلى حجر يقوم عليه لإعلاء جدرانها. وكان المقام الذي لا يزال موجودًا إلى هذه الساعة - بحمد الله - هو وسيلته لهذا الغرض، وجاء طول البيت من الجانب الشرقي (33) ذراعًا، وعَرْضه من الجانب الجنوبي الغربي (27) ذراعًا، ومن الجانب الجنوبي الشرقي (20) ذراعًا. تلك هي العمارة الأولى للكعبة المشرفة، وهي عمارة إبراهيم عليه السلام [25].

 

العمارة الثانية والثالثة: عمارتا العمالقة [26] وجُرْهُم [27].

 

ولم تُفد كتب التاريخ عن صفة هذه العمارة للبيت وباعثها، التي قامت بها كلٌّ من القبيلتينِ، ويذكر الأزرقيّ عمارتي العَمَالقة وجرهم، إلاّ أنه يذكرها ذكرًا عابرًا، ويلمح إلى ذلك دون توسُّع[28].

 

عمارة قريش للكعبة:

وتمثَّلَتْ عمارتها للكعبة في مضاعفة ارتفاعها حتى بلغ ثمانية عشر ذراعًا، نصف ما كان عليه أي نحو (8.5م)، بعد أن كانت (4.32م) واقتطعوا من طولها ست أذرع نحو (3) أمتار من الحجر لقصور النفقة لديهم، وجعلوا لها سقفًا وميزابًا يسكب في الحطيم، وسدُّوا الباب الغربي - وهو مميَّزٌ إلى الآن، ورفعوا الباب الشرقي إلى ما هو عليه اليوم من الارتفاع، كل ذلك بمدامك من حجارة، ومدامك من خشب، وشارك الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا الإعمار، وكان أن شرَّفه الله - عزَّ وجل - بوضع الحجر الأسود في مكانه بعد اختلاف القبائل وتنازعها في ذلك [29].

 

عمارة عبدالله بن الزبير والحَجَّاج:

وفي عام 64 للهجرة المباركة أصيبتْ الكعبة بحجارة منجنيق الحَجَّاج، فأعاد ابن الزبير - رضي الله عنه - بناءها من القواعد، مع زيادة الارتفاع إلى 27 ذراعًا، وإدخال ست أذرع من الحِجْر.

 

ثم أعيد إعمار البيت زمن الحجاج عام 74 للهجرة، وأعاده إلى ما كان عليه في بناء قريش دون تغيير في الارتفاع [30].

 

وجدير بالذكر والتنويه/ أن خادم الحرمين الشريفين وفَّقه الله، قد أمر بترميم شامل مُحكم متقن للكعبة عام 1417 هـ، شمل صَقل الجدران وتقوية الأساسات والشاذوران [31] وتغيير سقفَي الكعبة بآخرين جديدين من أعلى طراز المعمار، ثقَّل الله بذلك ميزان حسناته، وأورثه نعيم جنَّاته.

 

تلك نبذة خاطفة عن مراحل عمارة البيت، عبر التأريخ، آثرتُ ذكرها كي يكونَ قارئُ هذه الدراسة على علم بتاريخ هذه الكعبة المشرفة.

 

وفيما يلي تسلسلٌ تاريخٌّ من أول توسعة للمسجد الحرام إلى عصرنا الزاهر، حيث بلغ فيه أوج عمارته.


أولاً: توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

حيث اشترى الدور التي حول الكعبة وهدمها، وجل للمسجد سورًا له أبواب عام 17 للهجرة.

 

ثانيًا: توسعة عثمان بن عفان رضي الله عنه عام 29 للهجرة:

وسَّع المسجد الحرام واتَّخَذ له أروقة، فكان أوَّل من اتخذ الأروقة.


ثالثًا: توسعة عبدالله بن الزبير رضي الله عنه عام 64 للهجرة.


رابعًا: توسعة عبدالملك بن مروان [32] عام (65) للهجرة.


خامسًا: توسعة الوليد بن عبدالملك [33] عام (91) للهجرة.


وكانت مُحكَمة بأساطين الرخام، وجعل للمسجد شرفات، وسقَّفه بالساج المزخرف.


سادسًا
: توسعة أبي جعفر المنصور [34] عام (137) للهجرة:


وقدِّرت زيادته بضعف ما كان عليه، مع الزخرفة بالفسيفساء والنقوش والذهب.

 

سابعًا: توسعة المهدي العباسي [35] عام (160) للهجرة:


وكلَّفته نفقة عظيمة، وكانت توسعته أكبر عمارة وتوسعة، ولا يزال بعض أعمدتها قائمًا في الحرم إلى الآن.


ثامنًا: توسعة المعتضد العباسي [36] عام (284) للهجرة:


تاسعًا: توسعة المقتدر العباسي [37] عام (306) للهجرة
: أدخل في المسجد بابي الحَزْوَرَة [38]، وبني جُمَح [39].

عاشرًا: عمارة السلطان مراد بن سليم خان [40] العثماني عام (980) للهجرة
: أدركتْ والدَه السلطان سليم خان [41] المنيةُ دون بلوغ الأمنية في التوسعة التي شَرَع فيها، فأمضاها ابنه، وأتمَّها على الشكل القائم الآن، وهو البناء ذو اللَّون البُنِّي القديم، المحيط بالمطاف، والمسقَّف بالقِبَاب، ولم يزد في مساحة المسجد، وإنما أعاد بناءَه على مساحته الأولى.

حادي عشر: توسعة الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله، وطيَّب ثراه - عام (1375) للهجرة
، وتمثَّل في: بناء ثلاثة طوابق، الأقبية (البدرومات)، والطابق الأرضي، والطابق الأول، وبناء المسعى بطابقيه، فكانت التوسعة الأولى في الصورة القائمة الآن قوةً ومتانةً وجمالاً، وهكذا تلاه أبناؤه البررة في رعاية المسجد الحرام والمسجد النبوي، حسب ما اقتضته الحاجة، ودعت إليه الضرورة.


ثاني عشر: توسعة خادم الحرمين الشريفين [42] - رعاه الله - عام (1409) للهجرة:

وهذه التوسعة التاريخية يطول الحديث عنها الآن، وهي شاهدة للعيان بشساعتها وضخامتها، وتطورها وجمالها، هذا وقد بَلَغَ مجموعُ ما أنفق على توسعة الحرمين الشريفين خمسين مليار ريال [43]، جعلها الله خالصة لوجهه، وفي ميزان حسناته، وزاده خيرًا وهدًى وتوفيقًا [44].

سادسًا: حدود المسجد الحرام:

حدود الحرم توقيفيَّةٌ، وأوَّلُ مَن وَضَعَ أعلامَ حدودِه إبراهيمُ الخليل - عليه السلام - يريه إيَّاها جبريل عليه السلام، ذهب إلى ذلك المُحبُّ الطبري [45]، وابن الجوزي [46]، والفاسي [47]، وروي الفاكهي [48]، بإسناد إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "إن إبراهيم - عليه السلام - نصب أنصاب الحرم، يريه جبريل - عليه السلام -" [49].


ولمعرفة حدود الحرم أهميَّةٌ كبرى؛ لما يترتب عليها من أحكامٍ شرعيَّة، وإليك - يا رعاك مولاك - أهمَّ الحدود التي تحيط بالحرم إحاطةَ السوار بالمعصم، حيث بلغ محيط حدود الحرم بالوحدات القياسية المعاصرة (127كلم2) ومساحته (550 كلم2).

 

ومن حدوده البارزة الثابتة:

أعلام التنعيم [50]: من جدار المسجد الحرام إلى أعلام التنعيم بلغتِ المسافة (6,150كلم) ستة كيلو مترات، ومائة وخمسين مترًا.

 

أعلام الحديبية [51]: وتبعد عن جدار المسجد الحرام بـ (22كلم) اثنين وعشرين كيلو مترًا.

 

أعلام الجِعْرانة [52]: وتبعد عن جدار المسجد الحرام بـ (18 كلم) ثمانية عشر كيلو مترًا.

 

أعلام طريق الطائف، نجد، العراق: تبعد عن جدار المسجد الحرام (12,805كلم) اثني عشر كيلو مترًا، وثمانمائة وخمسة أمتار.

 

أعلام عُرَنَة [53]: تبعد عن جدار المسجد الحرام بـ (15,400 كلم) خمسة عشر كيلو مترًا، وأربعمائة متر.

 

أعلام طريق الطائف، الهدا الجديد المار قرب قرن العابدية: تبعد عن جدار المسجد الحرام بـ (15,5كلم) خمسة عشر كيلو مترًا، ونصف [54].

 

سابعًا: خصائص المسجد الحرام:

للمسجد الحرام خصائصٌ عن الحصر منيفة، وفضائل جمة شريفة، تضافرت بها الآيات والأحاديث الصحيحة الشريفة، وهاك - وفقك الله - طائفة من عبقها الفوَّاح:

 

أولاً: أرضه خير أرض الله، وأحبُّها إلى الله.

ثانيًا: جُعلت به الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، وبيت ربِّ العالمين [55].

ثالثًا: الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، كما في الحديث الصحيح.

رابعًا: ومن خصائصه أن يُعاقَب فيه على الهمِّ بالسيئات وإن لم تُفعَل.

 

قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].

 

خامسًا: السنة ألا يدخله أحد إلا بإحرام.


سادسًا: يُمنع مِن دخوله مَن دان بغير الإسلام، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾ [التوبة: 28].

 

سابعًا: ذبح دماء الهدايا مختصٌّ به، لا يجوز في غيره.

 

ثامنًا: لا يُعْضَد شَوْكه، ولا ينفَّر صيده، ولا تُلتقط لقطته إلاَّ لمن عرَّفها، ولا يُخْتَلَى خلاه إلاَّ الإذْخِر.

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: "فلو لم يكن البلد الأمين خير بلاده، وأَحبها إليه، ومختاره من البلاد، لما جعل عرصاتها مناسك لعباده، فرض عليهم قصدها، وجعل ذلك من آكد فروض الإسلام، وأقْسمَ به في كتابه العزيز في موضعين منه، فقال الله - تعالى -: ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3]، وقال - تعالى -: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1]، وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها، والطواف بالبيت الذي فيها، غيرها، وليس على وجه الأرض موضع يُشرَع تقبيلُه واستلامه، وتُحطُّ الخطايا والأوزار فيه، غير الحجر الأسود والركن اليماني" [56].


ثامنًا: فضله [57] ومكانته:

لقد تبوَّأ المسجد الحرام في نفوس المسلمين أغلى مكان، فنحلوه المُهَج والجنان، وفي سبيل مَرْآه بذلوا كل ما عزَّ وهان؛ استجابة لنداء خليل الرحمن، قال - تعالى -: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ﴾ [الحج: 27]، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 125].

مَحَاسِنُهُ هَيُولَى [58] كُلِّ حُسْنٍ ♦♦♦ وَمَغْنَاطِيسُ أَفْئِدَةِ الرِّجَالِ [59]

 

فالمسجد الحرام بحقٍّ منطقة أمان، دار سلام، وواحة اطمئنان، يستوي في ذلك جميع عباد الله ممن تشرَّف بالإسلام، وما مِن مسلم على وجه الأرض إلا وتهفو نفسه لزيارته؛ ليقضي أيامًا رضيَّةً، في تلك البقاع السنيَّة، مُتَبَوَّأ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ومهبط الوحي، ومعارج الملائكة، ومدارج المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومجمع الصحابة رضوان الله عليهم، حيث شذا المشاعر والمقدسات، وأريجُ التاريخ والبطولات.

 

إن مكانة هذا المسجد الحرام يعجز عن وصفها كلُّ قلم سيَّال مدَّاح، وأنه ليعلو بشرفه وفضله فوق كل امتداح، سقى الله هذه الربوع والديار، وأدام الباري عليها وعلى حُماتها نِعَمَه الغزار، آمين.


الفصل الأول:

الزحام على ضوء النصوص القرآنية، والشمائل النبوية والمقاصد الشرعية، والقواعد الفقهية.


ويشتمل هذا النص على ثلاثة مباحث هي:

المبحث الأول: الزحام على ضوء النصوص القرآنية والشمائل النبوية.

المبحث الثاني: الزحام على ضوء المقاصد الشرعية.

المبحث الثالث: الزحام على ضوء القواعد الفقهية.

 

المبحث الأول: الزحام على ضوء النصوص القرآنية والشمائل النبوية:

مما لا شك فيه أن القرآن الكريم والسنة النبوية، قد زخرا بالحثِّ على مكارم الأخلاق، وما تَرْكُ التزاحم إلا ضَرْبٌ منها، وما الزحام إلا شرخ فيها، وحُسْن الخُلُق نمير عذب، تتهادى إليه كَمَلَةُ الرجال، وذخر حسناته لا تبلى في الحال ولا في المآل، جاءت بتعزيزه الشريعة السمحة، وكان دَيْدَن الرسول صلى الله عليه وسلم في الشمائل، والطرفة، واللمحة، كيف؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) [60]، قال ابن عبدالبر [61]: "ويدخل في هذا المعنى الصلاح والخير كله، والدين والفضل والمروءة، والإحسان والعدل، فبذلك بُعث ليتمِّمه"، وقال صلى الله عليه وسلم موجهًا إلى أقوم سنن: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع الحسنة السيئة تَمْحُها، وخَالِق الناس بخلُق حسَن)) [62] وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن أحبكم إليَّ أحاسنكم أخلاقًا، الموطَّؤون أكنافًا، الذين يَألفون ويُؤلَفون)) [63].

 

وقد حدَّه الماوردي [64] بقوله: "حسن الخلق: أن يكون سهل العريكة، ليِّن الجانب، طلق الوجه، طيب الكلمة" [65].

 

والأدلة الشرعية الحاثة على التمسك بمحاسن الأخلاق، ومكارم الأفعال مع جميع طبقات المجتمع، تربو على الحصر، وإنما اكتفيت بما سلف؛ لأُذكِّر بأن الأخلاق الفاضلة تُمثِّل المعاقد الثابتة التي تعقد بها الروابط الاجتماعية المُحكمة، ومتى انهارت هذه المعاقد وخارت، قلْ على المجتمع العفاء.

 

وأؤكد أن التراحم والرفق والتلاحم، والسكينة والطمأنينة؛ أخلاقٌ حسنة، وصفات حميدة، تطيب بها العبادة والطاعة، وتستوي على سوقها ألفة المجتمع.


ولنكرر ونقرر: أن ثرى المسجد الحرام هو الأولى والأحق أن تبسط فيه مكارم الأخلاق، وألا يُتصف فيه إلا بالمُثُل العليا، والسجايا الكريمة، والشمائل النبيلة.

 

ومن المعلوم أن الزحام أو المُزاحمة خلُق فِعْلِيّ، يندرج تحت الأخلاق المذمومة، والسلوك المَشِين. والنّصوص الشّرعية التي وردت ناصَّة على ذمّه قليلة، بخلاف الواردة في معناه أو ما يُقابله، فإنها جمة وجليلة، ودونك - لُقِّيتَ الرَّشَد - بَسْط ذلك.


يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، ولا رَيْب أن الزحام أذًى للمؤمنين، ويخشى على فاعله من الإثم المُبين.

 

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زَجْرًا شديدًا، وضَرْبًا للإبل، فأشار بصوته إليهم، وقال: ((أيها الناس عليكم السَّكينة، فإن البِرَّ ليس بإيضاع الإبل))" [66].

 

قال ابن حَجَر [67]: "عليكم السكينة: أي في السَّيْر، والمراد: بالرفق وعدم المزاحمة" [68].

 

وعند أحمد: "وجعل الناس يضربون يمينًا وشمالاً وهو يلتفت، ويقول: ((السكينة أيها الناس، السكينة أيها الناس))" [69].

 

وقد بَوَّبَ الإمام مالك - رحمه الله - (باب الدفعة في السير).

 

قال الزُّرْقاني [70]: "سُمِّي دَفْعًا لازْدِحَامهم إذا انْصَرَفُوا، فيدفع بعضهم بعضًا، لهذا اقتَضَى تَوْجيههم إلى السكينة، والوقار، وعدم المدافعة" [71].

 

وعند البُخاري عن هشام بن عروة [72] عن أبيه [73]، قال: سُئِل أسامة وأنا جالس: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دَفَع؟ قال: "كان يسير العَنَق [74]، فإذا وجد فجوة نصّ [75]" [76].

 

قال ابن حجر نقلاً عن ابن عبدالبر - رحمهما الله -: "في هذا الحديث كَيْفِيّة السير في الدفع من عرفة إلى مزدلفة؛ لأجل الاستعجال للصلاة؛ لأن المغرب لا تُصَلَّى إلا مع العشاء بمُزْدَلفة، فيجمع بين المَصْلَحتينِ: من الوقار والسكينة عند الزحمة، ومن الإسراع عند عدم الزحام" [77].

 

ومما أُثِر عن السَّلَف - رحمهم الله - في ذَمِّ الزحام، وعدّه من أذيّة المسلمين، ما أورده الفاكهي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لا تُزَاحِم على الحجر، لا تُؤذِ ولا تُؤْذَ" [78].

 

وعن عطاء [79] - رحمه الله - قال: "تكبيرة ولا أوذي مسلمًا أحب إلي من استلامِه، يعني الرُّكن" [80].

 

وفي رواية كان يقول: "إياكم وأذى المسلمين".

 

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا عمر إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله، فَهَلِّل وَكَبِّر)) [81].

 

وعند مالك - رحمه الله - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن عوف، ((كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن؟))، فقال عبدالرحمن: "استلمت وتركتُ"، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصَبْتَ)) [82]. قال الزرقاني - رحمه الله -: "ففي تصويبه دلالة على أنه لا ينبغي المزاحمة" [83].

 

ونخلص الآن إلى زبدة في القول: بأن الزحام خلق مشين، يصادم مكارم الأخلاق، وآتيه تَعَنَّى للوِزْر دون الأجر، ومخالفة أصول الشريعة القاضية باليُسر والسهولة ورفع الحرج.

 

كما أنه: مُصادِم لمكارم الأخلاق: لأنه حِدّة كله، وفظاظة كله، وضد الرفق كله، قال - تعالى -: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، واللين هنا تأكيد على سعة الخلق مع أمة الدعوة والمسلمين، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من يحرم الرفق يحرم الخير كله)) [84]، والرفق حِلية الأدب، وشارة الخلق، يقول صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع منه إلا شانه)) [85].

 

وإنما خصصت الرفق بالذِّكْر؛ لأنه أصل مهم من أصول الأخلاق، والتعامل بين المسلمين.


وإن المؤمل من كل قاصد للمسجد الحرام، سواء لإقامة الصلوات الخمس، أم العيدينِ أم التراويح أم التهجد أم الطواف أم الحج والعمرة، أن يُزكِّي نفسه بالطمأنينة والسكينة، إن كانت عن ميدان الطهر والصفاء لاجَّة، وأن يزمها بالترغيب والترهيب إن كانت لا تقنع إلا بالمحاجة، وأن يذكرها قول الباري - تعالى -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4] وقوله - سبحانه -: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((حُرِّم على النار كل هَين لَين سهل، قريب من الناس))، وبتوجيهه - عليه الصلاة والسلام - بقوله: ((ولِينُوا في أيدي إخوانكم))[86] وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت الصلاة لا تأتوها تَسْعَون، وأتوها تمشون عليكم السكينة)) [87]، وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، فلا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتمُّوا)) [88].


تلك كوكبة من آي الكتاب، وشمائل النبي الأوَّاب عليه الصلاة والسلام، التي تبين بعمومها ضرورة التحلِّي بالأخلاق الكريمة، والسجايا الحميدة، كما تؤكد بخصوصها على النهي عن كل ما يخالف ذلك، ومنه ما نحن بصدده من بيان هذه الظاهرة ظاهرة الزحام، ولعل فيها ذكرى للذاكرين، وتنبيهًا للغافلين، وسيتبين لك في أعطاف البحث، وثنايا مسائله، إيراد بعض النصوص الأخرى في ذلك، والله وحده الموفق، وهو المستعان.


المبحث الثاني: الزحام على ضوء المقاصد الشرعية:

لقد جاءت هذه الشريعة. لحكم عظمى، وأسرار ومقاصد كبرى، يقول ابن القيم - رحمه الله -: "والشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم، ومصالح العباد في أمور المعاش والمَعَاد، فهي خير كلها، وعدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها" [89].

 

ويقول الإمام الشاطبي - رحمه الله -: "والمعتمد إنما هو أنَّا استَقْرَأْنَا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد" [90].

 

ولبيان مقاصد الشريعة ومرَامِيها، يقول الإمام الشاطبي [91] - رحمه الله -: "إن الأدلة على رفع الحرج في هذه الأمة بلغت مبلغ القطع، كقوله: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78]، وسائر ما يدل على هذا المعنى؛ كقوله - تعالى -: ﴿ مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ﴾ [الأحزاب: 38].

 

وقد سمي هذا الدين "الحنيفية السَّمْحة" [92] لما فيها من التَّيْسِير واليُسْر... وقال: "إن مقصود الشارع من مشروعية الرخص: الرفق بالمكلَّف عن تحمُّل المشاق، وفي التزام المشاق تكليف وعُسْر" [93].

 

ويقول الإمام العِز بن عبدالسلام - رحمه الله -: "والشريعة كلها مصالح، إما أن تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح" [94].

 

وتحت باب: (السماحة أول أوصاف الشريعة وأكبر مقاصدها). قال العلامة ابن عاشور [95] - رحمه الله -: "السماحة سهول المعاملة في اعتدال. فهي وسط بين التضييق والتساهل. وقال: فالسماحة: السهولة المحمودة فيما يظن الناس التشديد فيه، ومعنى كونها محمودة أنها لا تفضي إلى ضر أو فساد... إلى أن قال: "وقد ظهر للسماحة أثر عظيم في انتشار الشريعة وأصولها دوامها، فعُلِم أن اليسر من الفطرة، لأن في فطرة الناس حب الرفق" [96].

 

ولئن جلنا بالفهم في حِكَم هذه الشريعة ومقاصدها وقواعدها، لسبر أغوار هذه القضية المقلقة المؤرقة: قضية الزحام في المسجد الحرام، لألفيناها شريعة لا تروم إلا اليسر والسهولة، والرحمة واللطف والسكينة، تأبى التنطع والغلو، وتدفع المشقة والنصب، وترفع الآصار والأغلال والوصب، تنحى منحى الاعتدال والوسط، وتنبذ التكلف والشطط.


وهاك - وفقت للهدى - طائفة من الآيات والأحاديث تعضد ذلك:-

قال - تعالى -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] وقال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [الأعراف: 42]، وقال - تعالى -: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 286] وقال - تعالى - في سياق الامتنان على هذه الأمة المباركة: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] وقال تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6].

 

ولولا خشية الإطالة لسردت أقوال المفسرين في بيان معناها، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

 

ونُعَرّج على السنة النبوية لنجدها تقر اليسر في الأمور كلها وتحض عليه، وتدعو إلى التوسط والقصد: قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه))[97].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا)) [98].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن خير دينكم أيسره)).

 

قال السندي [99] معلقاك: أي خير أعماله من المندوبات، فإن الإنسان بسبب الدوامة على الأيسر يحصل من الثواب ما لا يحصل بسبب الأشق" [100].


وقال صلى الله عليه وسلم: ((عَلِّمُوا، ويسروا ولا تعسروا)) [101].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((اسمح يسمح لك)) [102]

 

وجلي واضح، أن المزاحم والمُدَافع في رحاب المسجد الحرام، وساحاته وأَرْوِقته، في منأى عن هذين الوصفين السمحينِ.


ومما سبق تبين أن من أعظم حِكَم الشريعة ومقاصدها اليسر ورفع الحرج، وتحقيق المصالح وَدَرْء المفاسد، وبالنظر في ظاهرة الزحام - على ضوء هذا المقصد - وما يحدث جراءه من المفاسد الأمنية، والأخلاقية والصحية، والمادية، عُلِم أنه مُخَالِف له وَمُباين.


كما أن من حِكَم الشريعة وأسرارها، تحقيق التَّكافُل بين أبناء المجتمع، وإِعْلاء رَاية المَوَدَّة والأُخُوّة بين أفراد الأمة، وحَثّهم على التعامُل الأمثل فيما بينهم، وإشاعة الأخلاق القويمة، والآداب السامية، وعلى وَجْه الخصوص في الأماكن العامة والمواسم التي هي مظنَّة الزِّحام.


يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، ويقول - جل شأنه -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، ويقول - تعالى -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))[103].

 

ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا، وشبَّك بين أصابعه)) [104].

 

ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يسلمه؛ ولا يخذله))[105].

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [106].

 

وإذا كان الشرع قد نهى عن التعرض للحيوان والنبات بأذى، فما بالكم بحرمة المسلم، والتعرض لأذاه بقول أو فعل أو مزاحمة؟! يقول - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].

 

ولعل في هذا القدر كفاية في بيان: كون الزحام مخالفًا لجملةٍ من المقاصد الشرعية، ومن أهم ذلك: اليسر، ورفع الحرج، وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، إضافة إلى ما قصدتْ إليه الشريعة مِن إقامة المجتمع المتكافل، وإعلاء راية الأخوة والمودة بين أفراد هذه الأمة.


المبحث الثالث: الزحام على ضوء القواعد الفقهية [107]:

إن التشريع الإسلامي قائم على قواعد ثابتة، ومبادئ مؤصلة، تفوق فيه كل تشريع أو تنظيم. مما يجعلها صالحة لمسايرة الأجيال، ومطاولة الأيام والليالي، تزيد ولا تنقص، تستوعب كل جديد، ولا تضيق بأي غريب ولا فريد، كيف "وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتوى وتكشف، فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء"[108].

 

ولما لموضوعنا من ارتباط وثيق بمجموعة من القواعد الفقهية، أحببت معالجته من طريق هذا الفن، مع الاقتضاب في تأدية المقصود، ليتحقق جمال الصرح، وتكامل الطرح بإذن الله.


ويشمل هذا المبحث خمسة مطالب:

المطلب الأول: القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها [109]: أفادت هذه القاعدة ذات الكلمات الوجيزة، والمعاني الغزيرة، أن الحُكْم المترتب على أمر ما، يكون على مقتضى مقصود ذلك الأمر، ولما كان الأفعال متنوعة إلى فعل وقول، وحركة وسكون، وجلب ودفع، وفكر وذكر، وعادة وعبادة، كان اعتبار القصد بترتيب الأحكام عليه.

 

قال الغزالي [110]- رحمه الله - عن التوسل إلى الخير بالشر: "فهذا كله جهل، والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلمًا وعدوانًا ومعصية؛ بل قصدُه الخير بالشر - على خلاف مقتضى الشرع - شرٌّ آخر، فإنْ عَرَفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاصٍ بجهله، إذ طلبُ العلم فريضة كل مسلم" [111].

 

وقال الإمام العز بن عبدالسلام [112]: "لا يتقرب إلى الله إلا بأنواع المصالح والخيور، ولا يتقرب إليه بشيء من أنواع المفاسد والشرور" [113].

 

وهذه القاعدة من القواعد الكبرى في الشريعة، وقد أوردتها هنا تأكيدًا على جانب الإخلاص وحُسن القصد، خاصة لقاصدي بيت الله الحرام، فالرَّكْب كثير، والحاج والمعتمر قليل، وإنك لَراءٍ وسط هذه الجموع من مئات الآلاف من الحجاج والعمار اختلاف المقاصد، وإذا كان حسن النية مطلوبًا، فإننا نقطع أن نسبة كبيرة تأتي لغرض شريف، ولا يخلو من بين هذه الجموع مَن يخالف عمله قصده، فمنهم من يأتي لأغراض دنيوية، ومنهم لأغراض دنيئة، والمقصود تذكير المسلمين، وهم يعيشون الزحام في بيت الله الحرام، بحسن النية وإخلاصها لوجه الله تبارك وتعالى. ولا إخال مَن تحقق عنده حسن القصد، وسلامة النية سيؤذي ويُزاحِم في هذه الرحاب الطاهرة، والله من وراء القصد.

 

ومن يتأمل أحوال بعض الحجاج والعُمَّار والمصلِّين في المسجد الحرام، يجد أن بعضهم قد يقع فيما ينافي حسن النية، وسلامة المقصد، إمَّا رياء وسمعة، وإما حرصًا على مآرب دنيوية، تُؤثِّر في الإخلاص لله عز وجل، ويظهر هذا جليًا في مواطن الزحام، مما يجعل التنبيه على هذه القواعد - ونحن نبحث هذه الظاهرة - مهمًّا جدًّا.

 

المطلب الثاني: القاعدة الثانية: اليقين لا يزول بالشك:

وتلك قاعدة مهمة في علاج ظاهرة الزحام؛ لأن الشيطان حريص على إفساد عبادة المسلم، وإيقاعه في الشكوك والأوهام والوساوس، وبنظرة فاحصة إلى واقع كثير من المسلمين، نجد أن منهم مَن يَقصُر فقهه عن معرفة هذه القاعدة ودَلالاتها الشرعية، ويستسلم للشكوك والوساوس، فكم هم الذين يدخلون الحرم، ثم يخرجون منه لشك في الوضوء والطهارة! وكم من أناس ابتلوا بالوسوسة في الصلاة، وأعداد الأشواط في الطواف والسعي! فيغدون ويروحون، دون أن يبنوا على اليقين، ويأخذوا بالصواب المستبين، فيزاحمون ويشقون على أنفسهم وعلى إخوانهم، ولو فَقِهَ هؤلاء هذه القاعدة؛ لأعانوا على علاج هذه الظاهرة.


المطلب الثالث: القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير:

تَقدَّم معنا الآيات والأحاديث التي نصتْ على التيسير، وكون الشرع الحكيم جاء برفع المشقة والحرج، وهذه القاعدة الكلية خلاصة ما هنالك، ومعناها الشرعي: أن المشقة التي قد يجدها المكلَّف في تنفيذ الحكم الشرعي، سببٌ شرعي صحيح للتخفيف منه، أما المشقة التي لا تنفك عنها التكليفات الشرعية؛ كمشقة الجهاد، وألَمِ الحدود؛ كرجم الزناة، وقتل البغاة والمفسدين والجناة - فلا أثر لها في جلب التيسير والتخفيف.

 

وليت المسلمين - وأخص عمار المسجد الحرام - يدركون هذا الأصل العظيم، والمعنى الرحيم للشريعة، فلا يزاحمون، ولا يؤذون، ولا يتدافعون، ويعلمون علم اليقين أن الشرع لا يكلفهم ما لا يطيقون، وأن ربهم أرحم بهم من أنفسهم: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾[البقرة: 286]، وقال - سبحانه -: ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286].

 

ومَن تأمل حال الحجيج والمعتمرين يرى أنهم بحاجة ماسة إلى فَهْم هذه القاعدة؛ فمنهم من يشق على نفسه، ويوردها موارد الهلاك؛ من أجل بعض المستحبات والسنن، فهذا الذي يُدافِع الناس عند الحَجَر، وعند المُلْتَزَم، وفي الصف الأول، وفي الصلاة خلف المقام، وغير ذلك، قد يرتكب أمرًا محرَّمًا، وهو الإيذاء والمزاحمة، ولذا يسر الله على عباده فلم يكلفهم ما يعنتهم، ويشق عليهم.

 

ومن القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة، قاعدة: "إذا ضاق الأمر اتسع" فإذا حصل زحام مثلاً، وهو ضيق وشدة، جاء الاتساع والتيسير، ولو بترك بعض الأمور المستحبة، والله أعلم.


المطلب الرابع: القاعدة الرابعة: الضرر يزال: [114]:

 

هذه القاعدة من أهم القواعد الفقهية، وأجَلّها شأنًا في الفقه الإسلامي، وأصلها قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار))، والضرر: إلحاق مفسدة بالغير مطلقًا [115].


ونص هذه القاعدة ينفي الضرر مطلقًا، فيُوجِب منعه، سواء أكان الضرر عامًّا أم خاصًّا، ويُوجِب أيضًا وَقْفه قبل وقوعه بطرق الوقاية الممكنة، ويشمل أيضًا رفْعه بعد وقوعه، بما يمكن من التدابير التي تزيل آثاره، وتمنع تَكراره.

 

إذا تبين لنا من هذه القاعدة: أن الضرر يزال ابتداء وجزاء، وإذا طبقنا هذه القاعدة على ظاهرة الزحام؛ وجدنا أن الزحام يُلحق ضررًا بالمزاحِم، وينشأ عنه إضرار بالمزاحَم، ولذا فإنه ينبغي على الحُجاج والعمار أن يحرصوا كل الحرص على عدم إيقاع الضرر بأنفسهم، والامتناع عن الإضرار بإخوانهم المسلمين؛ ليتحقق لهم الأجر الذي يصبون إليه.

 

ومن مظاهر الضرر والإضرار: الافتراش، والصلاة في الطرقات والممرات، والإسراع وسط الجموع، وما يقع فيه بعض الحجاج من مقاصد دنيئة؛ كالسرقة، والنشل، ونحو ذلك من أنواع الضرر، الذي أكدت هذه القاعدة على إزالته ورفْعه.


ومن القواعد المتفرعة عن هذه القاعدة: أن الضرر لا يُزال بمِثله، ولا بضرر أكبر منه، والأخذ بأخف الضررين، واحتمال الضرر الأخف لدفع الضرر الأكبر، فالمزاحَم لا يقابل ذلك بمثله، ولا بأشد منه؛ وإنما عليه بالرفق واحتمال الأذى، ففي ذلك تطبيق عملي لهذه القاعدة.


المطلب الخامس: القاعدة الخامسة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح [116]:

يراد بالدرء: الدفْع، والمفاسد جمع مفسدة، وهي: الضرر وما يؤدي إلى الفساد من لهوٍ ولعب [117].


والمصالح جمع مصلحة، وهي: المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم لعباده. وفحوى القاعدة هو: إذا تعارضتْ مصلحة ومفسدة قُدِّم دفع المفسدة على جلب المصلحة، لما يترتب على المفاسد من الضرر المنافي لحكمة الشرع وقصْده: "ولأن للمفاسد سريانًا وتوسعًا كالوباء والحريق، فمن الحكمة القضاء عليها في مهدها، ولو ترتب على ذلك حرمان في المنافع، أو تأخر لها" [118].

 

ومن أمثلة هذه القاعدة في بحثنا بعض ظواهر الازدحام عند أماكن من الحرم؛ كالحجر الأسود أو الصلاة خلف المقام، فهذه سنن، يترتب على فعلها - أحيانًا - مفاسد؛ كإلحاق الأذى بالمسلمين، وإيقاع الضرر بهم، وهذا مُحرَّم لكونه مفسدة، فدرءُ هذه المفسدة وترْكُها أولى من جلب مصلحة فيها أمر مستحب، إذا كان يترتب عليها الوقوع في مُحرَّم.

 

ومن القواعد المندرجة تحت هذه القاعدة، قاعدةُ تعارض المصلحتين والمفسدتين، وارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاهما، والأخذ بأعلى المصلحتين وتفويت أدناهما، وهذه قواعد لو طبقها المسلمون، وخاصة الحجاج والمعتمرون في أوقات الزحام؛ لكان فيها خير عظيم، ونفع عميم، ولعالجت كثيرًا من الظواهر المخالفة لدينهم، والله المستعان [119].


الفصل الثاني:

أسباب الزحام:

ويشتمل هذا الفصل على مبحثين:

المبحث الأول: الأسباب العامة.


وتضمن مطلبين:

المطلب الأول: الأسباب الإيجابية

المطلب الثاني: الأسباب السلبية.

المبحث الثاني: الأسباب الخاصة.

المبحث الأول: الأسباب العامة [120].


المطلب الأول: الأسباب الإيجابية [121]:

هناك أسباب إيجابية عديدة لوجود الزحام في المسجد الحرام، أوردها مرتبة حسب القوة فيما أرى.

 

أولاً: الصحوة الإسلامية والتوجُّه الخيِّر في الأمة:

على الرغم من فتن العصر التي أحدقت بالمسلمين، تلوح بشائر الصحوة الإسلامية، والتوجه الخيِّر في الأفق المشرق، فنراها تنفخ في روح الأمة وتحييها من الموات، وهذا المد الإسلامي البهيج، لم يكن مقصورًا على ديار المسلمين؛ بل اكتسح والحمد لله معاقل العالم بأسره، وما ذلك إلا لقوة الإسلام الذاتية، وهذه اليقظة المباركة تسير في طريق لاحب [122] أبلج، متمسكة بالكتاب، متبعة هدي النبي الأواب، ونهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، والعمل لنصرة هذا الدين ورفع لوائه.

 

وهذا التوجه بحمد الله كالفجر الصادق لا يحتاج إلى تدليل.

وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الْأَذْهَانِ  شَيْءٌ ♦♦♦ إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلِ [123]

 

وليس رَاءٍ كمَن سمِع. فهذا التوجه من أصناف المجتمعات كافة، وعلى مختلف الأعمار، إضافة إلى النقل الحي والمباشر لأداء صلاة التراويح والتهجد، والجمعة والأعياد، عبر وسائل الإعلام، والقنوات الفضائية إلى العالم، مما ألهب المشاعر، وحفز الهمم، شوقًا إلى هذا المكان المبارك للعيش في رحابه المقدسة، في أجواء روحانية فريدة، أوليس هو ملجأ كل تائب، وملاذ كل نادم، ومأرز كل عائد، ومثابة كل مبتلى صابر، وقرة عين كل عابد، ومأوى كل مضطهد في دينه، من كل شبر تطؤه القدم، سواء فيه العرب والعجم؟! بلى ولعمر الحق، إنه الحق، فاللهم أدم هذا التوجه، وارزقه البصيرة والرشاد، والتوفيق والسداد، بمنِّك وكرمك يا كريم.


ثانيًا: تيسير سبل الوصول إلى المسجد الحرام:

إن الشأو العمراني والرقي الحضاري، اللذين بلغتهما - ولا تزال في سمو - هذه الديار المباركة منذ أكثر من قرن من الزمان، ولا سيما فيما يزيد على عقدين زاهرين، حيث تبوأ الحرمان الشريفان وقاصديهما - سواء من الداخل أم الخارج - من ذلك فائق العناية والرعاية، ومما له صلة بموضوعنا، وهو: يُسْر الوصول إلى المسجد الحرام، وتذليل كل العقبات التي تَحُول دون تحقيق آمال ورغبات المتلهفين لرؤيته، فمَن كان في أرجاء الجزيرة، فالطرق أمامه مذللة معبَّدة، وبرجال الأمن معضدة، ليس دون القاصد موعد مضروب، أو زمان دون زمان مرغوب؛ بل متى رغب وتعنَّى نال ما تمنى، فكان هذا السبب الإيجابي من أسباب كثرة الوافدين وغزارتهم على المسجد الحرام، وهذا ولا شك سبب في الزحام، أما الآفاقيون فقد تهيأ لهم من الطائرات أضخمها وأفخمها، ولم تكلفهم الدولة - راعاها الله - رسومًا للدخول (التأشيرات) معدودة ولا محدودة، كما مهدت كل الطرق التي تربط بين المدينتين المقدستين، وزودتهما بالمرافق العامة، فلا يَشعُر القاصد بتعب ولا نَصَب، فكان هذا كذلك سببًا إيجابيًّا من أسباب توافد المسلمين على الحرمين الشريفين، حرسهما الله.


ثالثًا: الأمن والأمان:

وحجر الزاوية في هذا الرافد - تيسر الوصول للمسجد الحرام - هو الأمن الذي أحال هذه البلاد مَضرِب الأمثال، وواحة طمأنينة عديمة المثال، على حين أن العالم تتناوشه حروب عاصفة، ورعود بالخوف والفزع قاصفة، فما أن تطأ القَدَم ثرى الجزيرة، حتى تكتنف النفس السكينة والأمان، وعلى الخصوص أم القرى، وقد امتنَّ الله على عباده بذلك، قال - تعالى -: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 67]، وهذا كذلك رافد مهم لا يُغفل من روافد الزحام؛ إذ يغري الجموع بالزيارة وتَكرارها.


ومَن يقرأ التاريخ يدرك ما كانت عليه الجزيرة والحَرَمان الشريفان، قبل توحيد هذه البلاد وبعده، وهذا مِن فضل الله على عباده، بهذه الولاية المباركة، ولله در القائل [124]:

سَلِ الْخَلائقَ مِنْ عُرْبٍ وَمِنْ عَجَمٍ
عَنِ الْوِلايَةِ فِي الْعَهْدِ الَّذِي ذَهَبَا
تَجْبِي الْمُكُوسَ فَمَا أَغْنَتْ جِبَايَتُهَا
عَنِ الْحَجِيجِ وَمَا دَارَتْ لَهُمْ سَلَبَا
كَانَتْ جَزِيرَتُنَا بِالْأَمْسِ عَارِيةً
وَالْيَوْمَ قَدْ لَبِسَتْ أَثْوَابَهَا الْقُشُبَا


أدام الله على هذه البلاد نعمة الأمن والإيمان، وحفظ لها عقيدتها وقيادتها، بمنِّه وكرمه.


رابعًا: التوسعة وتوفر الخدمات:

استشراف المستقبل، والنظر الثاقب الذي اخترق حجب الزمن، أَمْلَيَا على هذه الحكومة الرشيدة توسعةَ المسجد الحرام، حيث بلغت طاقته الاستيعابية زهاء مليوني مصلٍّ، بعد أن كان لا يتسع إلا للنصف من ذلك. وهذه التوسعة العملاقة - رجحت بها موازين الحسنات - شاهدة ناطقة بعلو هندستها المعمارية الفائقة، وبما تضمنته من خدمات، جلَّتْ على الوصف والرصف. هذه التوسعة التي أخذت بلُبِّ كل مشاهد وسامع، كانت سببًا في رفع نسبة الاستيعاب، ومِن ثم كانت رافدًا من روافد الكثرة والزحام، مع توفر كافة الخدمات، وبذل قصارى الإمكانات، الشرعية، والأمنية، والصحية، والاجتماعية، وغيرها.


خامسًا: فتح باب العمرة والزيارة:

ومما يمكن إدراجه تحت الأسباب الإيجابية للزحام، هو: الميقات الزماني للعمرة والزيارة؛ فالعمرة مشرعة الأبواب في جميع أنحاء العام، وطرقها متنوعة: برًّا وبحرًا وجوًّا، وبنحو ذلك يقال في الزيارة، إذ يرغب فئام من المسلمين الزيارة لهذه البلدة الطيبة؛ لما لها من خصائص ومميزات سارت مسير الشمس في الآفاق؛ فأمْنٌ وارفُ الظلال، وخيرات متنوعة، وغرتها ودرتها تحكيمُ الشريعة، وكذلك بالنسبة لمريد الحج سواء من بعثة بلاده أم من غيرها، برًّا أو بحرًا أو جوًّا، فليس دونه أي عقبة أو مانع.

 

وبعد كل هذه السبل المذللة، ألستَ معي أخي القارئ الكريم - لا زلتَ مُسدَّدًا - في كون ذلك من أسباب الزحام وعوامله؟! وأَجزمُ أن جوابكَ: بلى!!


سادسًا: توفر المال لدى كثير من الحجاج والعمار:

لعل من غير المنكور أن ما أفاءه الله عز وجل على عباده، وما فتح عليهم من أبواب الخير والرزق، وتوافر المال عند كثير من الناس اليوم، من الأسباب الداعية إلى توافد كثير من المسلمين إلى هذه الرحاب الطاهرة، فاليوم - وبفضل الله سبحانه - قد بسطت الدنيا على كثير من الناس، وتهيأ لهم من أسباب وفرة المال ما لم يكن فيما مضى، وتحقق شرط الاستطاعة، وهو وجود الزاد والراحلة عند كثيرٍ منهم؛ بل تحققت أنواع الزاد المتعددة، والرواحل المختلفة برًّا وبحرًا وجوًّا، فارتفاعُ الدخل الفردي، والمستوى الاقتصادي لدى شرائح كثيرة من المسلمين عاملٌ من عوامل تَوجُّه كثير منهم إلى الحرمين الشريفين، وقضاء مناسكهم من حج وعمرة، وهذه نعمة عظمى لم تكن متوفرة لدى كثير من الناس قبل سنين مضت، ونِعْم المالُ المنفَق في مثل هذه الأعمال الجليلة، ولا ينافي هذا ما عليه كثير من المسلمين من قلة ذات اليد، وعدم توفر الإمكانات، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ومن فضل الله عز وجل أن وسَّع على عباده في الحج، فجعل الاستطاعة شرطًا لوجوبه، قال - تعالى -: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].

 

تلك أهم الأسباب الإيجابية لوجود الزحام في المسجد الحرام، وقد يكون هناك غيرها، لكن هذه - في نظري - أهمها، والله أعلم.


المطلب الثاني: الأسباب السلبية: [125]:

أولاً: ضعف الوازع الديني:

إن ملاك الأمور، ونجاح كل مسعى، وارتقاء كل غاية، وَفْق شريعة الله عز وجل لهو قرين الاستمساك بالكتاب والسنة، ورهين رسوخ الإيمان وثباته في النفوس، ومن حسرة أن الأمة الإسلامية أصيبت بما أصيبت به جراء بُعْدها عن هذا المساك، رثَّ الوازع الديني في القلوب، المقتضي للرحمة والتعاطف، فزاحَم بعض المسلمين أخاه في المسجد الحرام؛ بل وآذاه إلا من رحم الله، يستبقه الدخول والخروج من الأبواب، ويتأخر ولا يبالي إن تخطى الرقاب، لا يلوي إلا على مكان يركع فيه، ولو كان فرجة كسَمِّ الخِيَاط، وإن انفلت إلى الحجر الأسود يُقبِّله، سابق الإمام وسلَّم قَبْله، وزاحم بيديه ورجليه ومنكبيه، وغابت عنه معاني الشفقة واللطف والترفق، فضلاً عن كون ذلك فيما يأتيه المأثم لا المغرم.

 

ألستَ توافق - أخي - أن هذا الصِّنف - أصلحه الله - مراقبةُ الله في قلبه قد رقَّت، ومحاسبته لنفسه قد دقَّت، وما مرد ذلك كله إلا لضعف الإيمان، وخبو جذوته في النفوس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


ثانيًا: الجهل وقلة الفقه والوعي، مع التقليد والمحاكاة:

الجهل نقيض العلم والفَهم، هو سبب قوي من أسباب الظواهر السلبية عامة، وله حظ وافر من ظاهرة الزحام في أرجاء المسجد الحرام خاصة، فكثير من الآمين لهذا المكان الطاهر هم من العامة، وخصوصًا في موسم الحج وشهر رمضان، لا يفقه بعضهم آداب الحَرَم، كما لا يفقه بعضًا من الواجبات الشرعية التي تلزمه في أداء المناسك، فتلفي أحدَهم يعتقد أن عمرته خداج [126]، أو حجه ناقص غير تام، إن لم يزاحم لتقبيل الحجر الأسود، وإن لم يصلِّ ركعتين خلف المقام، ومثلهما في حجر إسماعيل عليه السلام، وأخريان حذاء بئر زمزم، وإن آذى وزاحم، وما درى أن في الأمر سَعَة؛ بل بعضه مُحدَث مخالف لهدي صاحب الرسالة، صلى الله عليه وسلم، وقل مثل ذلك فيما يمشي القهقرى إثر طواف الوداع، ويتحمل في سبيل ذلك الارتطام بالسواري، والاعتذار من كل راكع وساري!!

 

أضف إلى ذلك التقليد والمحاكاة للآخرين بدون علم، فبعض الحجاج والعمار لسانُ حاله يقول: رأيت الناس يفعلون شيئًا ففعلته، دون سؤال وتبين، والله عز وجل يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7].

 

ألا ما أحوج المسلمين، والحجاج والمعتمرين والزائرين خاصة، إلى أن يفقهوا معالم دينهم، وأحكام مناسكهم؛ حتى يؤدوها على وجهها الصحيح، فيفوزوا بالأجر الربيح.


يقول الإمام الغزالي - رحمه الله -: "ثم يجب أن تَعلَم ما يلزمُك فعلُه من الواجبات الشرعية، على ما أُمرِت به؛ لتفعل ذلك، وما يلزمك ترْكه من المنهي؛ لتترك ذلك، وإلا فكيف تقوم بطاعات لا تعرف ما هي؟ وكيف هي؟ وكيف يجب أن تفعل؟ أم كيف تجتنب معاصي أنت لا تعلم أنها معاصٍ، حتى لا تُوقِع نفسك فيها، فالعبادات الشرعية؛ كالطهارة، والصلاة، والصوم، وغيرها يجب أن تعلمها بأحكامها وشرائطها؛ حتى تقيمها، فربما أنت مقيم على شيء سنين وأزمان مما يُفسِد عليك طهارتك وصلواتك، أو تخرجاهما عن كونها واقعتين على وفاق السنة، وأنت لا تشعر بذلك، وربما يعترض لك مشكل، ولا تجد مَن تسأله عن ذلك، وأنت ما تعلمته.. إلى أن قال: إذا تبين لك بهذه الجملة أن الطاعة لا تحصل للعبد، ولا تَسلَم له إلا بالعلم؛ فيلزم إذًا تقديمه في شأن العبادة" [127].

 

ثالثًا: ضعف أواصر الأخوة والمودة:

في لوعة وأسى أقول: إن أواصر الأخوة الإسلامية، والمودة الإيمانية بين المسلمين قد وهت روابطها، وضعفت علائقها، ويتجلى ذلك عند تشخيص هذه الظاهرة، لأن الذي يليك ويحاذيك في هذا الحرم هو أخوك، الذي ربطتك به رابطة الإيمان والقرآن - وأعْظِم بها من رابطة - وبرهان هذا الضعف ما نراه وندركه أحيانًا في جنبات الحرم، من آثار الزحام والمدافعة، التي تنبئ عنه دون شك أو إيهام.

 

ترى بعض القاصدين يتسلل بين جموع غفيرة، ويدفع أخاه المسلم بمنكبه؛ بل كل من دنى منه أو اقترب، ولا يرى في ذلك بأسًا أو حرجًا، ولا يُشفِع ذلك حتى بأدنى اعتذار، وترى مجموعة من الطائفين أو الساعين همُّهم الوحيد تماسكُ وحدتهم وجمعهم، وإن آذوا المسِنَّ، أو دفعوا القائم، فلا غضاضة في ذلك، لأنه نكرة عندهم.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد)) [128]، لا يساوي شروى نقير [129] عندهم، ولا تَسَلْ عما يورث ذلك من الشحناء، والبغضاء، والكراهية بين المسلم وأخيه، وربما احتدم الأمر، وبلغ الشتم والسب والتجهيل، ونرجو ألا يصل ذلك إلى حصول ظاهرة أخرى.

 

ألا ما أعظم الشعور بالمحبة والمودة للجماعة المسلمة، وإن اختلف جنسها ولونها!! أكرم بإكنان الحنو، والحدب والشفقة على المسلمين، خصوصًا في أقدس مكان! وإنه لهو الوجه السمح المشرق لأخلاق الإسلام، وللنفوس الزكية السليمة، وما الإخاء والمودة إلا ثمرة نضيجة من ثمرات الإيمان الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [130].

 

رابعًا: ضعف القيم الأخلاقية: كالإيثار وسماحة النفس، وغلبة الأثرة والأنانية:

من الأسباب الباعثة على الزحام كذلك، ضعف القيم الأخلاقية بين بعض الحجاج والمعتمرين والزائرين، وغياب الإيثار بين بعض القاصدين والطائفين والساعين، فكلٌّ يريد بلوغ أَرَبِه، وتحصيل مطلبه من الحرم، غير ملتفت إلى هذه الصفة الحميدة المهمة، فلربما تَعجَّل الخروج والدخول، وقد تَقدَّمه في ذلك غيرُه بأمتار، دون مراعاة لحال الضعفة والعجزة من المسلمين، ويتجلى ذلك مليًّا - أي غياب الإيثار، وظهور الأثرة - أثناء الطواف والسعي، ويبلغ ذروته عند تقبيل الحجر الأسود، وإذا تقارض المسلمون الأثرة التي تخالف سماحة النفس، والصبر والحِلم، عمَّهم داءُ الأنانية الوبيل، وانحلتْ عراهم، وضاعتْ خِلالُ الخيرِ بينهم.

 

ومن مظاهر الأثرة، وحب الذات، اللذين يسفران عن الزحام، ما نراه من بعض الداخلين إلى الحرم، وهو يتنقل من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، شاقًّا صفوف جماعة المسلمين، غير مراعٍ لوجهة خروجهم أو دخولهم.

 

ومن ذلك أن ترى القاصد - خصوصًا في شهر رمضان والحج - يتربع في مكان يَسَعُ اثنين، مما يضطر أخاه أن يتخطى الرقاب، ويزاحم الناس؛ بحثًا عن مكان يقيم فيه صلاته، أو يتحدث في الجوَّال رافعًا صوتَه، مشوشًا على إخوانه، غير مكترث بإزعاجهم وأذاهم، وقطعه لذيذ مناجاتهم لبارئهم - سبحانه - في حرمه المقدس.

 

ولما للإيثار والسماحة من أهمية جُلَّى في حَلِّ عقدةٍ من عُقَد الزحام، أسوق هذا الحديث البليغ ذا الأسلوب التربوي الرفيع، للرسول صلى الله عليه وسلم، روى البخاري عن سهل بن سعد[131] أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببُردة منسوجة، فقالت: "نسجتُها بيدي لأَكْسُوَكَهَا"، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال فلان: "اكْسُنِيهَا ما أحسَنَها!"، فقال: ((نعم))، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليَّ، فقال له القوم: "ما أحسنتَ؛ لَبسَها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألتَه، وعلمتَ أنه لا يَرُدُّ سائلاً!" فقال: "والله إني ما سألتُه لألبسها؛ إنما سألته لتكون كفني"، قال سهل: "فكانتْ كفنه" [132].

 

ذلك هو الإيثار المثالي الخالص، الذي يوقد جذوة الإيمان والرحمة والحنان، فتبذل ابتغاء فضل الله ورضوانه، وإن كان بها خصاصة، فأين المقتفون؟!

 

خامسًا: الاعتقادات الخاطئة والمخالفات الظاهرة:

إن الاعتقدات الخاطئة والبدع المحدَثة، التي غدت نافقة بعد أن كانت كاسدة، ضربت بِجِرَانِها [133] على بعض أقطار العالم الإسلامي، حتى أصبحت السعادة والخير عندهم في الإحداث والابتداع، والمشقة والضير في السنة والاتباع، ولما كان المسجد الحرام مهوى المسلمين من كل الأصقاع، ترى من المخالفات الشرعية والمحدثات البدعية، ما يضيق به ذرع المتسنن الغيور، ومن البدع المورثة للزحام والمسببة له، ما يُشاهَد من التمسح بمقام إبراهيم عليه السلام، وكذا التمسح بالجدران وحلق الأبواب، وغيرها. واعتقاد أنها تجلب البركة، وتنفع من دون الله، فمن الناس مَن يتعلق بذلك دون اعتبار لأذى الناس، أو إعاقة طوافهم وتحركاتهم، ومنه التمسح بكسوة الكعبة، وإدخال الأيدي في حلقات شاذروانها، من المخالفات التي تجر الزحام، وتضيق على الطائفين.

 

ومن المحدثات التي لها حظ في شدة الزحام، ما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الليالي والأيام؛ كليلة السابع والعشرين من رجب، وليلة النصف من شعبان، والليلة التي يدعي بعضهم أنها ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم يقول الإمام تاج الدين الفاكهاني- رحمه الله -: "لا أعلم لهذا المولد أصلاً في الكتاب ولا السنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة، الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين" [134].

 

ونقل ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمهما الله - قوله: "ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور، وإن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فلم يشرع تخصيص ذلك الزمان، ولا ذلك المكان بعبادة شرعية" [135].

 

كما أخرج ابن وضاح [136] بسند صحيح عن عبدالرحمن بن زيد بن أسلم [137] قال: "لم أدرك أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان، ولم ندرك أحدًا منهم يذكر حديث مكحول [138]، ولا يرى لها فضلاً على ما سواها من الليالي" [139].

 

وكل ذلك كان سببًا مُلاحَظًا ومُشاهَدًا في الزحام، وما ينجم عنه من المضايقة، والتشويش على الآمين، مما لا يخفى.

 

فالحاصل أن وجود بعض الاعتقادات والمخالفات عند بعض الحجاج والعمار، سبب من [أسباب] وجود ظاهرة الزحام.

 

رزق الله المسلمين الفقه في الدين، ولزوم سنة سيد المرسلين، إنه خير المسؤولين، وأكرم المأمولين.


سادسًا: ضعف استشعار حرمة الحرم وتوقيره:

إن ما يلحظه كل مسلم غيور، سِيطَ [140] بلحمه ودمه حب المسجد الحرام، من ضعف التعزير والتوقير لحرمة البيت العتيق، مِن قِبَل بعض الزوار والقصاد، لينقضي منه العجب، وليس الأمر موقوفًا عند الزحام والأذية؛ بل يتعدى إلى الفجور في المخاصمة، والكلمات البذيئة، والاستخفاف بشأن النظافة فيه: "ولقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة مع حَرَم الله عز وجل يقول عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: "كنَّا نَعُد: لا والله، وبلى والله من الإلحاد في الحرم". وروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قوله: "لئن أخطئ سبعين خطيئة بـ "رَكْبَة" [141] أحب إليَّ مِن أن أخطئ خطيئة واحدة في الحرم" [142].

 

قلت: يا ليت قاصدي هذا البيتِ، وقاطني هذا الحرم يعلمون ذلك، فيعظموا هذا الحرم المقدس، قال - تعالى -: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30].

 

كانت هذه أهم وأبرز الأسباب السلبية العامة، التي أرى أنها من بواعث الظواهر السلبية عامة بين الحجاج والعمار والزوار، وخاصة ظاهرة الزحام، واستفحالها في المسجد الحرام، وقد يكون هناك أسباب أخرى مختلفة المراتب، كما سيتضح في نتيجة الاستبانات المرْفَقَة في آخر البحث، إن شاء الله تعالى.

 

المبحث الثاني: الأسباب الخاصة: [143] للزحام:

أولاً: ما يكون في الطواف:

الطواف عبادة مشروعة في كل ساعة من ليل أو نهار؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني عبد مناف لا تَمْنَعُنَّ أحدًا طاف بهذا البيت، وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار))[144]، وقد عُلِم أن الطواف للآفاقي، ولقاصدي المسجد الحرام، مُقدَّم على تلاوة القرآن؛ اغتنامًا لفضل المكان، ولهذه الطاعة الفريدة، فلا جرم أن كان هذا الترغيب سببًا إيجابيًّا في هذا الزحام.

 

وفي أعطاف الزحام، يورِّث الحرصُ المتأجج على تقبيل الحجر الأسود ازدحامًا شديدًا، يَبلُغ حد المهاجمة بين أصناف الطائفين، كما هو مُشاهَد، وكذلك المزاحمة والتلبث لدى المُلْتَزَم، والتمسح به، ويلحق بالطواف ما يعقبه من ركعتين خلف المقام، اعتقادًا من كثير من الناس أنهما لا يصحان، ولا يمكن الإتيان بهما إلا خلفه، وهذا خلاف السنة، بدليل ما رواه البخاري عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال (من القيلولة) وهو بمكة، وأراد الخروج، ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك، والناس يصلون)) ففعلت ذلك، فلم تصلِّ حتى خرجت"، وعلق ابن حجر - رحمه الله - قائلاً: "قوله: "فلم تصلِّ حتى خرجت"؛ أي من المسجد أو من مكة، فدل على جواز صلاة ركعتي الطواف خارج المسجد؛ إذ لو كان ذلك شرطًا لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك [145]، ونقل ابن المنذر [146] الإجماع على جواز ركعتي الطواف في أي مكان [147].

 

وفي "المغني" [148]: "وحيث ركعهما، ومهما قرأ فيهما جاز، فإن عمر - رضي الله عنه - ركعهما بذي طوى"[149].

 

كل هذه الأدلة أفادت رفع الحرج، ودفع مزاحمة المسلمين ومضايقتهم، والبعد عن كل يخدش صفو عبادتهم.

 

وفي شأن النساء خاصة يقول ابن جَمَاعة [150] - رحمه الله - وكان لفقه الإمام مالك جَمَّاعة -: "لا يُستحب للنساء الصلاة خلف المقام، أو في غيره من المسجد، مزاحمة للرجال، وهذا مما لا يكاد يختلف فيه؛ لما يتوقع بسببه من الضرر" [151].

 

ثانيًا: الخَط الرُّخامي المشير إلى الحجر الأسود، والدَّال على بِداية الطَّواف

ويستوقفنا المَطَاف في مَسألة من الأهمية بمقدار، ومن روافد الزحام بمكان، ألا وهي وجود الخط الرخامي المشير للحجر الأسود والدال عليه، إذ هو ودون ريب، سبب في الزحام والتدافع، وإعاقة سير الطائفينَ؛ بل ربَّما كان مُثيرًا لغضب من ضاق عطنُه. ومن بيان ذلك أن كثيرًا من الطائفينَ ما كاد يصل إلى هذا الخط حتى يمشي مُطأطِئ الرَّأسِ: بحثًا عن هذه العلامة، وإذا وافَاهَا رَكز قدميه فيها، فمن الناس من لا ينتقل حتى يقضي وطره من النية والتكبير ثلاثًا أو أكثر، والآخر حتى يُقبِّل كفيه ثلاثًا مسمعًا مَنْ يليه، سادًّا بذلك الطريق على الطائفين، دون تحرُّز من الزِّحام أو التسبب فيه. مع أن المشروع من ذلك كله، لمن حَاذَى بالحجر الأسود، الإشارة بيده مع التكبير فقط، دون تقبيلهما أو أحدهما، لما صَحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه طاف بالبيت على بَعِير، كل ما أتى على الرُّكن أشار إليه [152]"، وفي رواية: "أشار إليه بشيء كان عنده وكَبّر" [153]، قال الإمام النووي [154] - رحمه الله -: "إن لم يتيسر للطائف استلام الحجر أو تَرْكه من نفسه، فيُشير إليه بيده أو بمحجن؛ ولكن لا يشير بالفم إلى التقبيل؛ لأن النبي لم يفعله؛ ولأن الإشارة بالقُبْلة يقبح فِعْلُها" [155]، والسُّنَّة أن يكبر عند محاذاة الحجر بدون توقف؛ لئلاَّ يؤذي الطائفين، ويعوق طوافهم بوقوفه.


وبعض الطائفينَ يقف عند مُحَاذاة الحجر، ويتجه إليه بدعوى النية، وهذا لا أصْلَ له، قال تعالى: ﴿ قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 16]، ولم يفعلْهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته من بعده، مما يُسبب الزحام الشديد عند الحَجر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عمر - رضي الله عنه - عن المُزَاحمة عند الحجر - كما تقدم - وقال: ((إنَّكَ لرجُل قوي)) [156] وأوصاه بالرِّفْق، وعَدَم المُزَاحَمَة.


ولا يُشْكِل على هذا، أَثَر ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يزاحم عند الحجر، حتى يدمى [157]، وما رواه البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ((ما تركت استلام هذين الركنينِ - الحجر واليماني - في شدة ولا رخاء، منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما" [158]؛ لأنَّ هذا اجْتِهاد منه؛ كما هو دأبه - رضي الله عنه - والعِبْرَة بالسنة، وما عليه جمهور الصحابة رضي الله عنهم.


ووجود هذا الخط محل خلاف بين العلماء المُعاصرين، ولهم في ذلك قولان: فمنهم من يرى مشروعيته [159]؛ محتجين في ذلك بالمصالح المرسلة؛ ولأن الخط يتعلق برُكْن من أركان الحج والعمرة أَلا وهو الطَّواف، فلا بد أن تعلم بدايته ونهايته، إذ لو بُدِئ بعد الحجر ولو بقليل ما صحّ الطواف، وبذلك يدخل النقص على الحج والعمرة [160]. وأما الفريق الثاني: [161] الذي يرى عدم مشروعيته؛ فلكونه محدثًا، والعبادات توقيفيه، وليس لهذا أصل في عصر النبوة والسلف. والذي يظهر لي في مثل هذه المسائل المُتنازع فيها أن يعاد بحثها من جديد من قبل هيئة كبار العلماء [162] الموقرة؛ لتقرر ما تعضده الأدلة القوية، وتتحقق به المصلحة المَرْعِيّة.


ثالثًا: تَكْرَار الحج والعمرة:

شَرَع الله - عزَّ وَجَلّ - فريضة الحج، وجعلها ركنًا خامسًا من أركان دينه، ولما كان من أكثرها مشقة وكلفة، قابلها بوجوه الإعفاء والتيسير، ولا أدل على ذلك من كونه مرة واحدة في العمر، ومن التوجيه النبوي الشريف، ((افعل ولا حرج))[163]، وأكَنّ فيها حكمًا ومنافع فردية وجماعية دُنْيوية وأُخْرَويّة، وأحَاطَهَا بوجوه الترغيب والتَّشْوِيق، بما يؤجج جِمَار الشوق إلى الامتثال لنداء إبراهيم - عليه السلام - قال - تعالى -: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27] وقال صلى الله عليه وسلم ((مَنْ حَجّ فلَمْ يَرْفُث ولم يفْسُق، رَجَع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) [164]، وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) [165]. وأما الترغيب في العمرة وفضلها والحث عليها فقال صلى الله عليه وسلم: ((العمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينها)) [166] وقال صلى الله عليه وسلم: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما تَنْفِيان الفقر والذنوب؛ كما ينفي الكير خَبَث الحديد، والذهب والفضة)) [167]؛ أي عطاء هذا يحجم عنه المسلم الواعي، وأي فضل يقطع دونه السهل والوَعْر، وأي مُتاجِر صدق، يزهد في هذه المَتَاجِر.

 

وحِرْصًا من المُسلمين على هذا الثواب الجزيل، والعطاء العظيم من هاتين الشعيرتينِ، انهمروا إلى المسجد الحرام، وانسلُّوا من كل حدب ومضيق إلى البيت العتيق؛ تَكْرَارًا للحج، ورَفْعًا للصوت بالعَجّ، والثج، والمَجِيء للعمرة والزيارة من كل فَجّ، وكان ذلك القَصْد الحَسَن منشأً للزحام والتضايق في المسجد الحرام، غير أنّ ذلك يحتاج إلى ضوابط شرعية وأمْنية، حتى لا يكون فتح هذا الباب محدثًا لسلبيات تعود بالضَّرَر على المصلحة العامة.

 

ومما يجدر التنبيه عليه وبحثه هنا، ما يفعله كثير من المسلمين من تَكْرَار العُمْرَة، بعد وُصُولهم إلى مكة، فيخرجون إلى التنعيم، ويُكرِّرُون الاعتمار عن أنفسهم وعن غيرهم، وهذه المسألة جَدِيرة بالبحث لما تسببه من الزحام، فقد يعتمر بعضهم خمس عمر، أو عشر عمر في وقت مُتقارِب، وقد اختلف أهل العلم في مشروعية ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: الاستِحْباب. وهو مذهب الحنفية [168]، وقول للشافعية [169]، ورواية عند الحنابلة [170].

القول الثاني: عدم الاستحباب: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميّة [171]، وتلميذه ابن القيم [172].

القول الثالث: كراهة تكرار العمرة في السنة أكثر من مرة، وهو قول للمالكية [173]، ورواية عند الحنابلة [174].


أدلة القول الأول: القائل بالاستحباب، هي: عُمُوم الأدلة في فضل التتابع أو المتابعة بين الحج والعمرة، ومن أدلتهم: حديث عائشة - رضي الله عنها - وإِذْن النبي صلى الله عليه وسلم لها بالخُرُوج إلى التنعيم في قولها: "أرْسَلَنِي النبي صلى الله عليه وسلم مع عبدالرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتَمَرْت"، فقال: ((هذه مكان عمرتك)) [175]، ومن أدلتهم: حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه إذا كان بمكة وحَمَّم رأسه، خرج فاعتمر [176].


أدلة القول الثاني
: القائل بعدم الاستحباب، استدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يعتمر وهو بمكة، وكذا أصحابه الذين كانوا معه، ولم يُذْكَر عن أحد منهم أنه خرج إلى الحِلّ فأتى بعمرة أخرى، فدل على عدم مشروعيته [177].


وبمثل هذه الأدلة استدل أصحاب القول الثالث، القائلون بالكراهة.


والراجح - والله أعلم - القول بعدم الاستحباب: لأنه أقرب إلى النص والسنة، وفعل الصحابة - رضوان الله عليهم - ولو كان مُستحبًّا لسبقونا إليه، ويتأكد القول بهذا في أزمنتنا التي كثر فيها الزحام؛ بسبب من يُكرِّرُون الاعتمار، والعبادات توقيفية.

 

ويجاب عن أدلة القول الأول: بأن الأحاديث العامة بالنسبة للآفاقيين والقادمين؛ لأن هذا هو المعروف عندهم، والرسول - عليه الصلاة والسلام - ذكره وهو في المدينة، وأما تَكْرار الاعتمار لمن هم في مكة، فهو أمر لم يكن معروفًا؛ حديث عائشة رضي الله عنها خاص بها، كما ذَكَر ذلك أهل العلم [178].

 

وأما أثر أنس - رضي الله عنه - فهو ضعيف لا يُحْتَجّ به[179]، وعلى فَرْض صحته: فهو فعل صحابي خالفه غيره، والعِبْرَة بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


رابعًا: ما يتعلق بنظام الحج والعمرة:

ولم يقف الأمر ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة على تَكْرار العمرة، وإنما هناك ملحوظات على ما يتعلق بنظام العمرة، ومن ذلك:

1 - قصور أداء بعض مؤسسات وشركات الحج والعمرة في أداء واجبها على الوَجْه الأكمل، خاصَّة فيما يتعلق ببقاء الحجاج والعمار بعد أداء مناسِكهم.

2 - التقصير في توفير آلية لازمة لتنفيذ الأنظمة، والخطط على الوجه الأكمل.

3 - عدم الموازنة بين التأشيرات الممنوحة للعمرة، وواقع المكان.

4 - طول مُدَد التأشيرات الممنوحة في العمرة.

 

كل ذلك وغيره كان سببًا في وجود أعداد كثيرة من العُمّار والزوار، مما يشكل تفاقُمًا لهذه الظاهرة.

 

خامسًا: ما يكون في أوقات الصلوات:

ومما يبلغ الزحام فيه ذروته: أوقات الصلوات، لا سيما في المواسم، ومن مظاهر ذلك:

1 - المُزاحمة لإدراك فضيلة الصف الأول، حيث يحرص كثير من المُصلِّين على ذلك، وهو أمر مرغَّب فيه كما لا يخفى، غير أن ذلك لا يعدو كونه سُنّة، إن تيسّر تطبيقها دون مزاحمة وإيذاء فحسن، أما إذا اقتضى الأمر الزِّحام والإيذاء؛ كما هو واقع من بعض المصلين - هداهم الله - فلا ينبغي فعل السُّنّة إذا أدى ذلك إلى ارتكاب مُحَرَّم.

 

2 - مُزاحمة المُصلين للطائفينَ، ويحصل هذا في أوقات المواسم، حيث يُصلّي بعض المسلمين في طريق الطائفين مما يعوق حركة الطواف، فيقع الطائفون في عنت ومشقة، ويتجلى ذلك فيمن يحرصون على الصف الأول - عند إقامة الصلاة بجوار الكعبة - فتجدهم يتقدمون للصف قبل الأذان بوقت لا بأس به، فيعوقون الطواف ويُسببون الزِّحَام.

 

3 - الصلاة أمام الأبواب وفي المداخل والممرَّات، وهي ظاهرة مُؤرقة. سببها قلة الوعي لدى كثير من الحجاج والعُمّار والزوار، فتجد المكان مُتَّسِعًا - بحمد الله - لكن بعضهم يصلي أمام الأبواب فيسدها أمام الداخلين والخارجين، أو يُصلِّي في المداخل والممرات المُؤدِّية للمطاف فيُؤْذِي ويُزاحِم؛ ولعل عدم وجود جُسُور خارجية للدور العُلْوي تمر عبر الساحات مما يزيد الأمر شِدّة، وقد يكون من عوامل ذلك: قِلّة وتقصير بعض العاملين في توجيه الحجاج والعُمّار، حتى لا يصلوا في الممرات.

 

كما أن مِنْ عَوَامله: التقصير في تَوْجِيه القاصدينَ إلى الأماكن المتسعة في المسجد الحرام بالوسائل التقانية الحديثة.

 

ومِنْ ذلك: الحاجة إلى التظليل الآلي للصَّحْن والسطح والساحات، وتكييف الأقبية حتى يوجه المُصلُّون للصلاة فيها.

 

ومن مظاهر ذلك ما سيأتي القول بأن المضاعفة خاصة بالحرم، وكذا حُكْم السُّتْرة في الحرم وتأخر بعض المصلين في المجيء إلى الحرم، وسرعة خروجهم منه مع ضيق المساحة العرضية للأبواب، وسيأتي التنبيه على شيء من ذلك إن شاء الله، والله أعلم.

 

سادسًا: التمسك بالقول: إن المضاعفة خاصة بالمسجد الحرام:

اختلف أهل العلم في مُضَاعَفَة أَجْر الصلاة بمكة، هل هو خاص بمسجد الكعبة - زادها الله إجلالاً فقط، أم هي عامة في جميع الحرم؟ فذهب الجمهور [180] إلى أن المضاعفة تعم الحرم كله، لقوله تعالى: ﴿ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [الفَتْح: 25]، ووَجْه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما صُدُّوا عن الحَرَم، فدلَّ على أن المراد بالمسجد الحرام عموم الحرم؛ ولما صح عند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحِلّ وغير ذلك من الأدلة [181]، وهو قول العلامة ابن باز [182] - رحمه الله - وذهب الفريق الآخر إلى أن المُضاعفة لا تختص إلا بالمسجد الحرام، لأدلة سعدوا بها ومنها: قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾ [التوبة: 28]، ووَجْه الدلالة أن الله - تعالى - قال: ﴿ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾، ولم يَقُل: فلا يدخلوا، فدل على أن المراد بالمسجد الحرام في الآية مسجد الكعبة لا عُمُوم الحرم، وقالوا قوله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا مسجد الكعبة)) [183]؟ هذا نص فسر الروايات التي فيها ذكر المسجد الحرام: فانْبَنَى على هذا القول: الحِرْص على الصَّلاة خَلْف إمام المسجد الحرام، وعَدَم تفويت الصلوات الخمس دونه، فكان التمسُّك بهذا القول والعمل به باعثًا على الزِّحام، الناتج عنه المنافسة في الظفر بأجر مائة ألف صلاة.

 

ولعلَّ الراجح - والله أعلم - القول بالعُموم لقوة أدلته - وهو الموافق لقواعد الشريعة في التيسير ورفع الحرج، ولو قيل: إن المضاعفة خاصة بالمسجد الحرام، لحصل في هذا عنت ومشقة، لا يُسايران ما قصدته الشريعة من اليُسر، ورفع الحرج. وسعة فضل الله على عباده، والله أعلم [184].


سابعًا: هل لاتخاذ السترة أثر في الزحام في المسجد الحرام؟

إن اتخاذ السُّتْرة في المسجد الحرام وغيره، يَقْتَضِي دَفْع المارِّين بين يدي المُصلِّي. لما روى الإمام البخاري ومسلم: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله؛ فإنما هو شيطان)) [185]، وفي ذلك مَشَقَّة وعُسْر على القاصدين والعمار، وخصوصًا في المواسم والأعياد والجُمَع.

 

ولما كانت الأدلة في هذه المسألة عامة دون مُخَصّص، ولما فيها من الوعيد الشديد؛ ((لو يعلم المارّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر من يديه)) [186]، اختلف أهل العلم [187] في خصوص ذلك بالمسجد الحرام، وخُلاصة الأقوال في ذلك، أنه يحرم المرور في غير حالة الضرورة والحاجة، وهو قول الجمهور [188]، والقول الثاني: يجوز المرور بين يدي المصلي داخل المسجد الحرام. وهو قول للإمام أحمد [189] اختاره بعض أصحابه [190] والإمام مالك [191]، ورجحه الطحاوي [192] في "مشكل الآثار" [193] والشيخان ابن إبراهيم [194]، وابن باز - رحمهم الله - وقال ابن قدامة - رحمه الله - بعد أن ذكر أدلة جواز المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام: "وذلك لأن الناس يكثرون بمكة لأجل قضاء نسكهم، ويزدحمون فيها، ولذلك سميت بكة، لأن الناس يتباكُّون فيها، أي يزدحمون ويدفع بعضهم بعضًا، فلو منع المصلي من يجتاز بين يديه لضاق على الناس" [195].

 

وأجاب العلامة ابن باز - رحمه الله - عن حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم فقال: "لا حَرَج في ذلك، وليس لمن في الحرم - أعني المسجد الحرام - أن يمنع المارّ بين يديه: لما ورد في ذلك من الآثار الواردة على أن السلف الصالح كانوا لا يمنعون المارين بين أيديهم من الطائفينَ وغيرهم، منهم ابن الزبير - رضي الله عنه -[196]؛ ولأن المسجد الحرام مظنّة الزحام والعجز عن مَنْع المارّ بين يدي المُصلي، فوجب التيسير في ذلك" [197].

 

وبهذه النصوص يتبين أن التشديد في مُدافعة المصلي للمارّين في المسجد الحرام من بَوَاعِث الزحام، واضطراب القاصدين والطائفين، خاصة في الصحن والأَرْوقة، لذا نَظَر أهل العلم إلى مقاصد الشريعة، وظرف المكان، فحفُّوه بالتخفيف والتَّيْسِير، والله من وراء القصد.


ثامنًا: التأخر في المجيء إلى المسجد الحرام، مع الاستعجال في الخروج منه:

لسنا بمعزل عن الصواب، إن قلنا: إن فئامًا من الناس يتأخرون عن إجابة النداء، وإذا انطلقوا إلى الحرم انطلقوا مسرعين؛ يزاحمون الناس، ويتخطون الرقاب، غير مُلْتفتين إلى مُضايقة المسلمين، ولا متحرزين بذلك من الإثم، ولا مُتورِّعين عن مخالفة النص الصريح، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم الإقامة فأمشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، فلا تُسْرِعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) [198]، وصنف آخر ما إن يُسلِّم الإمامُ حتى ينفلتوا باتجاه الأبواب في غير سكينة أو وقار، وهذان الصنفان - هداهم الله - هما من مادة الزحام ولا شكّ.

 

تاسعًا: ظاهرة كثرة النساء والأطفال:

مما لا ريب فيه أن توافُد النساء واصطحابهن أطفالهن إلى الحرم الشريف أضْحَى ظاهرة مُزْعجة وسببًا جليًّا من أسباب الزحام، يتطلب تشخيص الداء ووصف الدواء، المُتمثل في أن تفقه المرأة المسلمة أن صلاتها في بيتها خير لها، يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن، وليخرجن تفلات [199]))[200]، وما خروجها تُزَاحِم الرجال وقد تعطرت وتبرجت إلا سبب للفتنة بها ولها.

 

وايم الله إن الناظر في واقع كثير من النساء اللاتي يأتين الحرم بصحبة أطفالهن، ليأسى من هذا التصرف الذي لا يليق بحَرَم الله، ولا يدلّ على تعظيم شعائر الله، حين يقصدن هذا المكان المقدس دون مراعاة لحرمته.

 

والذي يؤكد هنا حَثّ المرأة والقوامين عليها، على أن الأفضل للمرأة صلاتها في بيتها، وإن كان لا بد من حضورها إلى الحرم فلتأت ملتزمة بالضَّوَابِط الشرعية من الحجاب والحياء والحِشْمَة، وعدم اصطحاب الأطفال، وتُصلّي في الأماكن المخصصة للنساء في بعد عن الزحام والاختلاط بالرجال.

 

والله المسؤول أن يهدي نساء المسلمين ويوفقهن لامتثال ذلك، حتى يرجعن مأجورات غير مأزورات.

 

عاشرًا: ظاهرة الافتراش:

ومن الأسباب التي أخذت حظًّا من الزحام، وكانت عاملاً في اقتطاع حَيِّز كبير من مساحة ساحات الحَرَم، هي ظاهِرَة الافتراش، حيث يفترش بعض الحجاج والعُمّار والزوار أماكن في الحرم وساحاته، وطُرقاته، وممراته، فيها يكون نومُهم وقيلولتهم، فضلاً عن كونها من عوامل الزحام، فإنها مشهد غير حضاري يخرم المروءة، ويبعث على اللوم والتثريب، مما يتطلب علاجها، والحد منها.

 

حادي عشر: ظاهرة التَّسَوُّل:

وهي كَلَف في وَجْه المسجد الحرام المُشْرق، تمتعض له النفوس، وتشيح عنه صفحات الوُجوه، وهؤلاء المحترفون للتسول عقبات كِئَاد في الطُّرق الحسية والمعنوية للقاصدين والمعتمرين، خاصة في المطاف، وفي أوقات الصلوات، لا سيما في صلاة الجمعة، وهذا الأمر ليس وليد الساعة أو حادث اليوم؛ بل ضارب بأطنابه في أغوار من السنين، غير أن مما يذكر فيشكر نشاط الجهات المعنية في الحد من هذه الظاهرة.


ثاني عشر: ظاهرة النَّشْل:

قد لا يدور في خلد مسلم وقوع النَّشْل في المسجد الحرام، ولكن الواقع المؤلم، أن بعض ضعاف النفوس، وذَوِي المآرب الدنيئة الذي ضعف في نفوسهم الخَوْف من الله، وتناسوا في سبيل المادة عظمة الحرم، يمارسون هذا السلوك المَشِين، وكم كان هؤلاء سببًا في المُضايقة والأذى والزحام في رحاب المسجد الحرام، وقد أفاد بوجودهم الجهات المُختصة، غير أن مما يبشر بخير، قيام الجهات المسؤولة بواجبها في الحد من هذه الظاهرة المؤرقة.


ثالث عشر: حدود المكان والحاجة إلى تَوْسعته:

تَقدَّم معنا عند الحديث عن تاريخ المسجد الحرام، أن هذا الحرم المُبَارك توالَتْ عليه توسعات مختلفة على مدار عصور مُتباينة، وكان آخرها وأعظمها توسعة خادِم الحرمين الشريفين - وفقه الله - وعلى قدرتهما الاستيعابية الكبيرة، إلا أنها أمام الجموع الغفيرة في موسمي الحج وشهر رمضان، تَنُوء بالأعداد الضخمة، الأمر الذي يُولِّد ازدحامًا وشدة، والذي زاد المكان حَرَجًا وضيقًا قُرْب المباني المجاورة التي سَبَّبَتْ ما سببت مِنَ الاختِناقات المُرورية، وإننا لنأمُل أن تتم التوسعة للساحات من الجهات الأخرى؛ لتكون سببًا في انْبِلاج الزحام وتخفيفه؛ كما أن الإفادة من سَطْح الأروقة العثمانية حل من حلول هذه الظاهرة بإذن الله، إضافة إلى أن وجود زمزم بوضعه الحالي قد يَعُوق حركة الطواف، لا سيما عند ذروة الزِّحَام.

 

وخاصَّة أمام نَفْرة الحجيج من مكة، وقد تأملْتُ - بحُكْم عملي - ذلك فألْفَيْته مُهمًّا، لا سيما عند إقامة الصلاة، فيَتَدافَع المصلون مع الطائفين فيحصل لهم عَنَت ومشقة؛ لوجود جدار زمزم بينهم.

 

كما أنَّ الحاجة ماسَّة إلى دِرَاسات مُتعددة في إمكانية توسعة المَطاف والمَسْعَى، وإضافة دور ثالث، لاستيعاب الأعداد الكثيرة المُتوقعة في مستقبل الأعوام حتى لا تكون سببًا من أسباب الزحام.

 

أما المقام - بوَضْعِه الحالي - فكان محل دِرَاسَات وأبحاث قديمة [201]، منها ما يرى إبقاءه وهي الأكثر، ومنها ما يرى تغييره، مع اختلاف في الموضع، ومنها ما يرى استثمار التقانة الحديثة لإنزاله ورفعه كالمصاعد - في المواسم.

 

والذي أراه: الثبات الثبات على المشاعر والشعائر وعدم التغيير والتبديل إلا بعد دراسات شرعية مُسْتَفِيضة، وأن تتولى هيئة كبار العلماء المُوقَّرة، النَّظَر في ذلك، حتى لا تكون قضايا الحرم عُرْضَة للقيل والقال والآراء الصحفية المجردة عن الدراسة، والخوض فيها عبر المجالس والمنتديات.

 

لذا أحببت التذكير بذلك؛ لأن له اعتبارًا مهمًّا في هذا الموضوع، والله المستعان.

 

رابع عشر: التَّوْزيع الخَيْري حول المسجد الحرام:

حب الخير مَغْرُوس في نُفُوس المُسلِمين، قال - تعالى -: ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77]، وَلَكَمْ يُسَرُّ المُسْلم وهو يرى المسلمين لا سيما من ذَوِي اليَسَار يتسابقون إلى تفطير الصائمين، وإطعام الطعام في موسم الحج، غير أن المتأمل يرى أن هذا التوزيع الخيري في الحرم وساحاته قد يكون سببًا من أسباب الزحام، لما يعوزه من الضبط والنظام، ولذا فإن المقترح أن تكون هناك آلية عملية مناسبة للتوزيع الخيري، ويحسن أن تكون عن طريق المستودع الخيري بمكة المكرمة، بما يحقق الإيجابيات ويدرأ السلبيات.


خامس عشر: القصور في تطبيق النظام:

كلنا موقن أن النظام وإتقانه، تتطلبه وتتطلع إليه الأمم والمجتمعات، والأفراد والجماعات، إذ هو أحد سبل الكمال، وأحد آليات إنجاز المهام والأعمال، ومن سار بغير نظام في أي أمر دق أو جل، كان التعثُّر لزيمه، والنقد نديمه.


وهنا كلمة مفادها: أن تطبيق الخطة المنتهجة للتحرز من الزحام، والخلوص إلى رفع الحرج وجلب التيسير لعمار المسجد الحرام وآمِّيهِ، يعوزها أحيانًا النُّضْج والشمول، وسنتخذ خطة رمضان والحج غرضًا ونموذجًا، لأنها أجلى في ما نسعى إليه، من التخفيف من ظاهرة الزحام وحل عقدته بإذن الله، فعلى سبيل المثال:

 

1 - يلاحظ أن ضبط تحديد أماكن النساء في الساحات، وعند بعض الأبواب، وفرض الطرقات فيها يضعف أحيانًا، مما يؤدي إلى سد الطرق، لا سيما أوقات الصلوات.

 

2 - فرض المَمَرَّات وتحديدها والثَّبَات على اتِّسَاعِها في بعض الساحات يضعف كذلك أحيانًا، ويتجلى هذا بِوُضوح في أَوْتَار العَشْر الأواخر، وقد أَدّى هذا إلى اشتداد الزحام في هذه الطرق، مما يسفر عن تأثر بعض الضعفة من النساء والرجال.

 

وهذا المشهد وأمثاله، يتكرر أحيانًا، مما يتطلب اتخاذ الخطط والتدابير والحلول؛ لمعالجة ذلك، وإنها لدانية لمن سعى إليها بحمد الله.

 

3 - التَّساهُل في مرور الرجال عبر أماكن النساء من شأنه الإفضاء إلى الاختلاط، وزيادة الزحام.

 

4 - التساهل في اختلاط النساء بالرجال أثناء الصلاة، وهذا ظاهر في كثير من أرجاء الحرم.

 

5 - جلوس المُصلِّين مِنَ النساء والرجال في حواشي وأطراف الساحات، وسَد مَداخلها في حين أن أوساطها، وما يلي جدر الحرم مُتَّسِع.

 

6 - ومما يدل على القُصور في تطبيق النظام، حَجْز الأماكن [202] أحيانًا من بعض المصلين - هداهم الله - وهذا أمر لا يليق بحرم الله، مما يتطلب الحَزْم على فاعله.

 

سادس عشر: قلة المرشدين، والحاجة إلى رفع مستواهم:

دأبت الجِهَات المعنية - مأجورة - بِخُطًا ثابتة حثيثة، على توفير جل الخدمات لعُمّار هذا البيت العَتِيق، ومنها تَوْفير التوجيه والإرشاد للمُعتمرين والزوار، وبلغ عدد العاملين في هذا الجهاز رقمًا لا بأس به؛ لكنه قليل بالنسبة إلى مئات الآلاف الحالِّين بالمسجد الحرام.

 

ومن مظاهر ذلك:

1 - أن انسيابية الحركة وتنقلها ومرونتها لم تأخذ حظها المنشود لقلة العاملين بالنسبة لكثرة الحُجّاج والمعتمرين، على أننا نلحظ الخُطا نحو التحسُّن بحمد الله.

 

2 - لا نَزَال نرى بعض المُعْتَمِرين والزائرين، يقضون وقتًا طويلاً بحثًا عن مواطن النُّسك، كالصفا والمروة، أو بحثًَا عن بعض الأبواب أو أماكن الفتوى، وهذا بلا شك من أسباب الزِّحام.

 

3 - نسمع أحيانًا عن بعض ما يخدش الحياء من بعض الشباب والنساء؛ هداهم الله.

 

4 - ما يحدث في أماكِن النِّسَاء من النَّوْم والاستلقاء دون احتشام وتستر في وضع غير لائق بحرم الله.

 

5 - ممارسة بعض الحجاج والعمار والزوار للتدخين، والتصوير.

 

6 - حاجة بعض العاملين إلى حسن الأسلوب وتجرؤ بعضهم على الفتوى بغير علم، ولا تستغرب أن يسعى المعتمر والحاج أربعة عشر شوطًا بين الصفا والمروة، أو يذبح دمًا لأي شيء يفعله، ولو كان خطأ أو نسيانًا.

 

7 - الحاجة إلى زيادة التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأساليب الشرعية، لعلاج ما يحدث من ظواهر ومخالفات.

 

8 - ظاهرة التبرج عند بعض النساء، وذهابهن إلى الحرم متعطرات متزينات.

 

9 - اصطحاب الأمهات للأطفال، وما ينتج عنه من إزعاج للمصلين، واستفحال لظاهرة الزحام.

 

10 - نسمع بعض الأساليب غير الشرعية والأخلاقية من بعض العاملين والعاملات، وهم قليل بحمد الله، وهذا المنحى مُخالِف؛ لما وُظِّفُوا من أجله مُتطلب للرفع من المستوى العلمي والثقافي لديهم.

 

ونعود - وفقك الله - إلى ما ألْمَحْت إليه في مستهل هذا العنصر بإجمال فأقول: إن مرد هذه التجاوزات والمخالفات آنفة الذكر إلى أسباب منها.

 

أولاً: ضعف أهلية وكفاءة بعض العاملين والعاملات، وحاجتهم إلى تحسين مستواهم علميًّا وأخلاقيًّا.

ثانيًا: قُصُور الحس الديني، والشعور بالأمانة والمسؤولية في هذا الواجب من بعضهم.

ثالثًا: الحاجة إلى تعزيز دور الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأساليبه الشرعية.

رابعًا: رأي بعضهم أن ما يقوم به في المسجد الحرام هو وظيفة إدارية بمُكافأة مالية، لا وظيفة شرعية.

 

خامسًا: الانفعال والانزعاج من بعض تصرفات العمار والزوار والحجاج، وقلة الصبر والتحمل، والتقصير في فَنِّ التعامُل مع الآخرين.

 

سادسًا: القُصُور في إدراك ما عاناه بعض الحجاج من مَتاعِب، وما تَكَبَّدُوه من مشاقٍّ، وقطعوه من مسافات ومفاوِز، للوصول إلى هذه الديار، مما يوجب التَّرفُّق بهم والحنو عليهم، وإحاطتهم بمشاعر الأخوة الإسلامية، فلا يسمعون منهم إلا الكلمة المهذبة، والقول الحَسَن.

 

ونحن مع التماس العذر لأحبتنا العاملين، إلا أن طموحنا: أن يكونوا أحسن مما هم عليه، وأرفع مستوى؛ لأنهم الوجه الحضاري، الذي يقابل ضيوف الرحمن.

 

وبهذا نخلص إلى القول: إن الذين تخولناهم بالنصح، عوامل مهمة في تقليص الزحام وتخفيفه.

 

 

سابع عشر: ما يكون حول المسجد الحرام:

المُراد به ما يَكُون في منطقة المسجد الحرام من أمور تبعث على الزِّحام ومن ذلك:

1 - قُرْب المشروعات السكنية والتجارية حول الحرم.

2 - قصور وسائل نقل المُصلين مِنْ وإلى الحرم، حيث إنها لا تتناسب مع الأعداد المُذْهِلَة.

3 - الاختناقات عند الدخول والخروج بين السيارات والمشاة.

4 - قُرْب الحواجز الخاصة بالنِّسَاء في الساحات الخارجية من الأبواب، مما يُسبب الزحام عند الخروج.

5 - قلة وجود مساجد ذات استيعابية كبيرة في مكة، واختيار أئمة أكفاء لها، لتخفيف الإقبال على الحرم.

 

وغير ذلك مما يكون حول المسجد الحرام مما لا يخفى على المُتابِع - ميدانيًّا - مما يتطلب عمل أنفاق للطرقات حول المسجد الحرام، والاستفادة من الطرقات والساحات، وإعدادها للصلاة أوقات الذروة.

 

ولعل من المناسب هنا التذكير بأهمية دراسة مشروع السكة الحديدية؛ لنقل الحجاج والمعتمرين والزائرين، ولتسهم في حل الاختناقات المُرورية حول المسجد الحرام، والله أعلم.

 

ثامن عشر: نقص الأبحاث والدراسات ومراكز المعلومات:

نحن في هذا الزمن في عصر ازدهار البَحْث العلمي، وبلوغه أوج تألقه والملاحظ أن أمثال هذه الظواهر لم تحظ بالدراسات الكافية، والأبحاث الوافية، عبر مراكز معلومات متخصصة، مما أدى إلى تفاقُم هذه الظاهرة، وأمثالها.

 

وقد يصاحب ذلك أحيانًا ازدواجية في الآراء المقدمة من بعض الأفراد والجهات المعنية، مما يفرز القصور في وجود خطط تشغيلية مدروسة للإفادة في علاج هذه الظاهرة، وتلافي أسبابها، وبواعثها.

 

تاسع عشر: القصور المعرفي والإعلامي:

كان للتَّقْصِير في إيصال المعرفة والمعلومات عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، سبب في تفاقُم هذه الظاهرة، مما يُؤكِّد أهمية بثّ الوَعْي والمعرفة عن طريق الوسائل الإعلامية المُختلفة، بحيث تبدأ قبل وصول الحاجّ والمُعتمر إلى مكة، وتصاحبه في الطائرة عبر الشاشات التعليمية، وتعيش معه توجيهًا وتوعية، حتى يعود إلى بلده، وبذلك يقضى - بتوفيق الله - على جملة وفيرة من أسباب هذه الظاهرة.

 

العشرون: ضعف الاستفادة من وسائل التقانة الحديثة:

لقد خَطت التقانة خطوات سريعة، لا تعرف التمهل غير أن مما يؤسف ضعف الاستفادة من هذه التقانة في علاج الظواهر السلبية الموجودة في الأمة.

 

وإذا أخذنا ظاهرة الزحام في المسجد الحرام مثالاً، فإننا نجد قصورًا في الإفادة من هذه التقانة لعلاج هذه الظاهرة، خاصة في جانب التوجيه والتوعية والإرشاد، وإننا لمتفائلون إن شاء الله.

 

كانت تلك أهم الأسباب السلبية الخاصة لظاهرة الزحام في المسجد الحرام، ولربما يكون هناك غيرها، وسيتبين لك في نتيجة الاستبانة المرفقة آخر البحث اختلاف وجهات النظر في بيان مراتبها، قوة وتوسطًا وضعفًا.

 

وبعد ما سلف من ذكر أسباب هذه الظاهرة، يأتي أوان إيراد الحلول لها، سائلا الله التوفيق والسداد.

 

الفصل الثالث:

الحُلول لظاهرة الزِّحَام:

هَا نحن أولاء وإياكم - أيها القُرّاء الكرام - بعد أن طوفنا عبر أسباب الزحام وبواعثه، نتطلع جميعًا - في ثقة وحسن ظن - إلى يد صناع تفك هذا الوَهَق، وترفع بإذن الله عن الحُجَّاج، والعمار، والزوار ما نابهم من رَهَق.

 

وحيفًا أدعي أن هذه الحلول نهاية الغاية وتمام الإيفاء؛ ولكن لكل واحد - والحمد لله على إلهامه - منها حظ من الإشراق واللألاء، وهي منضَّدة كالتالي:

أولاً: تصحيح المعتقد وتجريد المتابعة وتقوية الوازع الديني:

إن بعض المسلمين قد وهت صلتهم بالله عز وجل، وضعفت علاقتهم بالمُعتقد الصحيح والشرع القويم، إلا من قبس يكاد لا يوري، وانصرفوا إلى مَبَاهج الدنيا وفتنتها، وعليه، فإنه لا بد من العناية بالتربية العقدية الصحيحة، والتقوية الإيمانية في نفوس المسلمين.

 

وعن شأن التوحيد الخالص يقول ابن أبي العز الحنفي [203] - رحمه الله -: "اعلم أن التوحيد الخالص أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل قال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [204] [النحل: 36]"، وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله -: "وبعض الداخلين في الإسلام لم يحققوا التوحيد واتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل دعوا الشيوخ الغائبين واستغاثوا بهم، فلهم من الأحوال الشيطانية نصيب بحسب ما فيهم مما يرضي الشيطان، ومن هؤلاء قوم فيهم عبادة ودين، مع نوع جهل، إلى أن قال: ودين الإسلام مبني على أصلين:

على أن يعبد الله وحده لا يُشْرك به شيء، وعلى أن يعبد الله بما شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذان هما حقيقة قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" [205].

 

ومقتضى هذا التوحيد الخَالِص أن نجعله مَدْرَأة للمُسلمين عمومًا. والآمِّين المسجد الحرام خُصُوصًا عن أوحال العقائد الخاطئة، ومُستنقعات المُخالفات الظّاهرة، وبخاصة ما يتعلق بالمسجد الحرام. قال صلى الله عليه وسلم: ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجِذ، وإياكم ومُحْدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) [206].

 

كذلك يجب إلى جانب تقوية الإيمان، تحقيق المُراقبة: لما لها من أهمية كُبْرى، فمن بالمراقبة تسربل، وبالخشية من الله تدثر، استحال عليه أن يجر لأخيه المسلم أذية، فضلاً عن أن يؤذيه في المسجد الحرام، حلالاً كان أو حرامًا. والإحسان: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) [207].

 

وبهذا يتحرّر المُسلم من رقّ الضلالات والخُرافات إلى رق عُبودية رب الخلائق والبريات.

 

ومن فَضْل الله عز وجل على هذه البلاد أن جعلها موئل العقيدة الصحيحة، ومأرز الإيمان الحق، ومدارج السنة القويمة، فتلاشت من أرجائها بحمد الله كل مظاهر الاعتقادات الباطلة، والمُخالفات والمُحْدثات الظّاهرة.

 

ألا ما أحوج الأمة إلى اقْتِفاء آثارها، والسير على منوالها، وترسُّم دعوتها الإصلاحية المباركة ليتحقق لها الخير في الدارين، والسعادة في الحَياتينِ.


ثانيًا: بث العلم الشرعي ونشر الوعي والإرشاد:

تكاثرت شواهد القرآن - تلميحًا وتصريحًا - وتوافَرَت الآثار التي جاءت تحضُّ على العلم والإرشاد وتدعو إلى الأَخْذ بأسبابه، فمن ذلك قوله: ﴿ فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ﴾ [التَّوْبَة: 122]، وقال - جَلَّتْ أسْمَاؤُه - مُرَغِّبًا في التَّوْجِيه والنُّصْح والإرشاد: ﴿ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة:122]، وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 1 - 2] وقال - تعالى -: ﴿ ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة: 129].

 

ومن مشكاة السُّنّة المُباركة أُورِد هذينِ الحديثينِ الوافيينِ بالغَرَض؛ خشية الإطالة، وهما: قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، وإنَّ الملائكة لتَضَعُ أجنحتها لطالب العِلْم، رضًا بما صَنَع، وإن العالِم ليستغفر له من في السموات والأرض، حتى الحِيتان في الماء، وفضل العالم على العابد؛ كفضل القمر على سائر الكواكب))[208]، الثاني دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن العباس بالفقه في الدين بقوله: ((اللهم فقه في الدين)) [209] وفي رواية: (((اللهم علمه الكتاب)) [210] ويؤكده حديث: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين)) [211] وفي "أخلاق العلماء" للآجري [212]، قول نفيس لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - يطيب لي أن تحظى بالوقوف على جزء منه. قال - رضي الله عنه -: "تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة: لأنه معالم الحلال والحرام، والأنيس في الوحشة والصاحب في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والزين في الأخلاق، إلى قوله: به يطاع الله عز وجل وبه يعبد الله عز وجل وبه توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال والحرام"[213].

 

أجل بالعلم تَزْكُو الأَرْوَاح والطِّبَاع. وتنشر السنة في الأصقاع، ويتقشع الجهل والابتداع، وهل حياتنا إلا حياتان، حياة علمية وحياة عملية، وبقدر ما الأولى تقوى، فالثانية تعمر وترقى، وخطة بث العلم والوعي والإرشاد يجب أن تتوخى شَتّى السُّبل والميادين مستثمرة القنوات الفضائية، والصحف السيارة، والمجلات الرّائدة، وعبر المَنابِر، ووسيلتي الإعلام السمعي والمرئي، ووسائل النقل الحديثة، ويخص العمار والزوار بالتوعية، وتعليمهم أحكام المَنَاسِك، وتخص المرأة المسلمة بتوجيه يناسبها في مراعاة الجميع آداب مُجاورتهم لهذا الحرم الآمن - زاده الله أمنًا وأمانًا وتشريفًا وتعظيمًا.

 

وأرى أن تُشكّل لجان مُتخصصة من قِبَل الجِهَات المعنية ذات العلاقة بشؤون الحج، والشؤون الإسلامية، وأن يُفعَّل دَوْر التَّوْعية الإسلامية، وذلك بإلقاء الكلمات التوجيهية في أماكن سكن الحُجّاج والمُعتمرينَ بعد التنسيق مع البعثات الرسمية ومؤسسات الطوافة، وحملات الحج والعمرة، والترتيب لذلك، ويكون هذا على مدار العام، وأن تقوم السفارات ووزارات الشؤون الإسلامية بدورها، وتنهض بمسؤولياتها، وكذلك ينبغي التنسيق للتوعية عبر المطارات والطائرات والمنافذ من قِبَل الجهات المُخْتصة في ذلك، وبهذا الجهد الحيوي والمخلص - بإذن الله - نكون قد بلغنا ديننا.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ﴾ [المائدة: 67]، وقدمنا شيئًا لأمتنا ولهذا المسجد الحرام، وقُصّادِه الميامين، وبشرى لمن فاز بدعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((نَضّر الله امرأ سمع مقالتي فبلغها)) [214] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية)) [215].

 

ثالثًا: العناية بالقِيَم الأخلاقية، وتقوية أَوَاصِر الأخوة والمحبّة بين المُسلِمينَ:

إن النُّفوس المُسلمة الأَبيّة لتَأْسَى على الواقع المُزْرِي الذي تمر به الأخوة الإسلامية، والجامعة الإيمانية في أنحاء الأرض، وحسبك من شر سماعه، ومن الحلول المهمة والملحة، والتي يجب أن نصرف لها ذوب الحس، وخلاصة الروح، تقوية أواصر الأخوة والمحبة والمودة بين المسلمين، إذ التفرق فاضح، والخلاف شر واضح، ترى بعض المسلمين في الحرم يتصافون في الصلاة ويتقابلون في الطواف، فيشيح هذا ويعرض ذاك وكأنهم غرباء أو بعداء، وإن كرر أحدهم النظر لأخيه. رمقه ببصره وصوب فيه النظر وصعد؛ وربما تحول عن مكانه. وإن استوقف أحدهم بسؤال. أحمرت وجنتاه وقال في نفسه: ألم يجد هذا من يسأله غيري؟، وهلم جرا من هذه المشاهد المؤسفة فواقعها لا يخفى أواره.

 

إذًا فنحن في حاجة ماسّة إلى بعث جديد؛ لتحقيق مفهوم قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، قال بعض المفسرين: "وهذه الآية فيها دلالة قوية على تقرر وجوب الأخوة بين المسلمين: لأن شأن (إنما) أن تجيء لخبر لا يجهله المخاطَب، ولا يدفع صحته" [216].

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) [217]. وعليه فلا بُد أن تضرب معاني الأخوة والرحمة والمحبة والائتلاف برواقها بين صفوف المسلمين، ولا بد من أن تغرس في نفوسهم من جديد معاني الود والنصرة والقُربى، بعد أن ضعفت وغلبت عليها الماديات. يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يقول: قد حقت محبتي للذين يتحابُّون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتصافون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي))[218].

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه)) [219]، ويقول في جوامع كلمه، ونوابغ نطقه مؤصلاً أواصر الأخوة ومقتضاها بين المسلمين: ((لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عِبَاد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره)) [220].

 

ألا ما أعذب النُّسُك في رحاب المحبة والألفة، والرَّأْفة المتبادلة بين المؤمنين!!


وما أطيب الطَّاعة في ظِلال الوِئام والرّحمة والتَّعاطُف بين المُسلمينَ، فكيف بها على ثَرى الحَرَم الحرام؟

 

فلتُطْوى سجلات الفرقة والخلافات إلى الأبد، ولنَبْسُط مِدَاد المَوَدّة والمَحَبَّة إلى أبد الأبد.

 

وسُقْيا لأفئدة عانقت إخوة اختلَفَتْ ألسنتهم وألوانهم، وتزايلت أنسابهم. وتباينت ديارهم وأَوْطانهم، إلا من نسب التوحيد وعُرْوة الإيمان، ووشيجة التقوى، هذا هو المشهد الإيماني الريان، والروض الأنف الهتان الذي يجب تحقيقه كحل من حلول الزحام، في عرصات المسجد الحرام.

 

ومن الحُلول التي يجب أن نترسم خُطاها ولا نتخطّاها، إرشاد الزوار والمعتمرين والحجاج إلى خلقين قويمين أساسينِ، بالأول تذلل الأسفار والمشقات، وتستحكم بين المسلمين أسباب المودة والصِّلات، وبه تزكو العبادات والطاعات، ويرتقى بها من الجنان أعلى الدرجات، وبه يتقي المعتمر أو الحاج المُؤثّرات النفسية التي يتعرض لها من المُرافقينَ، والتي تنعكس على سلوكه وتجعله عرضة للانفعال الذي يؤثر على عبادته، التي من أجلها جاء ووصل، ولتحقيقها حل وارتحل. إنه الصبر. ذاك الجَلاء والضياء، والترياق [221] في الملمات والأدواء، وفيه يقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، وقال - جل في علاه - عن جنى الصبر: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ﴾ [البقرة: 45]، والآيات في الحَضِّ على الصبر وفضائله وعواقبه كثيرة ومعلومة، ومن مشكاة النبوة قوله صلى الله عليه وسلم: ((الصبر نصف الإيمان)) [222].

 

والخلق الثاني الذي يجب أن يبصَّر به، ويتحلى وافدو المسجد الحرام وعُمّاره هو: خلق الإيثار وسماحة النفس، لأنا - والحق يقال - نلحظ الأثرة الظاهرة بين بعض المسلمين في هذه البقاع المقدسة، وما كان ينبغي لها أن تكون: لأنها معلم على اختصاص النفس بالنفع وإن كان عامًّا، وهذا مما تمقته النفوس الكريمة، فضلاً عن كونها منهي عنها من طريق المِلّة القويمة.

 

وأما خلق الإيثار فهو عنوان على الفَضْل وصفاء النفس وأريحيتها، وانبعاثها في مجالات الحب والعطاء، كما هو دلالة على عميق الإيمان، وانشراح الصدر به.

 

وقد أكدت على هاتين الصفتين: الصبر والإيثار: لأنهما من أكثر الوسائل المعنوية في التعامل: ولأنهما من الزاد والبلغة في أداء المناسك والطاعات والتخاطب والسلوك بين الحجاج والعمار. لا سيما وهم من أجناس متباينة وثقافات مُتعددة، وكذلك تقديرًا لمشاق السفر أثناء التفويج والتنقل والانتظار التي يَلْقاها القاصد والحاج، وتغير الطَّقْس الذي لم يألفه في بلده، وما إلى ذلك.


رابعًا: الإكثار من المرشدين والعاملين الأكفاء:

إن الأعداد الغفير - وحد الله كلمتهم، وزاد ألفتهم - التي تناهِز أحيانًا مليوني قاصد على اختلاف بُلْدَانِهِم، وتبايُن أعمارهم، وتفاوُت سلوكهم وأجْناسِهم، لتحتاج إلى عدد كاف من المرشدين والعاملين، ينظم حركة تنقُّلهم في الحَرَم وساحَاتِه، ويتولى توجيههم وإرشادهم، ويشعرهم أنهم في خدمتهم، ويسعون إلى تحقيق المناخ المطمئن لعباداتهم وأنساكهم. وإن الإكثار من المرشدين والعمل على إيجاد القدر المناسب كمًّا وكيفًا، والحِرْص على النقلة العددية والنَّوْعية، وإِلْمَامهم بعدد من اللُّغات، سيساعد قطعًا في فك الزحام واختناقاته؛ لأن قلة المُرشدين وقصور مستوى بعضهم سبب فيه، وأُؤكّد على اختيار الأكفاء، وأعني بالأكفاء، من ارتسمت عليهم دلائل الخير، وتحلّو بالأخلاق الكريمة والصفات الحسنة النبيلة: لأنهم سيمثلون وجهًا مُشْرقًا في وجوه هذه الديار المُباركة أمام إخوانهم المُسلمين: ولأن مقامهم مقام صبر وتوجيه واقتداء ودعوة وإرشاد وائْتِسَاء.

 

وشيء آخر مهم: أن نتجنب معرة النَّقْد التي تصدر من بعض النفوس، وأن نروض أنفسنا على الحلم، وسعة الصدر، وقوة التحمل، ودمح [223] الزَّلات.

 

حين ذَاك لن نَشْكوَ بإذْن الله من وُجُود جُمْلة من أسباب هذه الظاهرة؛ كالصلاة في الممرات والمداخل: وعدم اتجاه الحُجّاج والعمار للأماكن المتسعة في الحرم، كالأسطح والأقبية، مع العمل على التفويج المناسب عبر مراحل زمنية مدروسة.

 

ولا غَرْو إذًا أن يكون هذا الحل من الحلول الناجعة - بإذن الله - فيما نسعى إلى علاجه.


خامسًا: عَقْد الدورات العِلْميّة والتدريبية، والنَّدوات الإرشادية للحُجّاج والمُعْتمرينَ في أَوْطانِهم:

لا يَخْفَى على كُلّ ذِي لُب من المُسلمينَ أن قلة الفقه بشريعة الإسلام، وآداب الحرم وأحكام المناسك على الخُصوص تكتنف كثيرًا من الحجاج والمعتمرينَ، وقد ألْمَحْت في الحل الثاني إلى ضرورة تعميم بث العلم والوَعْي والإرشاد، وسُبُل تحقيق ذلك. وفي هذا الحل نؤكد على ضرورة عقد الدورات العلمية، والندوات الإرشادية، والدُّروس التَّدريبيّة، لمن أراد الوفود إلى هذا الحرم الأمين، ويتولى هذه المُهمّة كل دولة في رعيتها بالتنظيم مع وزارتها المهتمة بالشؤون الإسلامية.

 

وفي ظل نِظَام المؤسسات والمجموعات سيكون الأمر سهلاً وميسورًا إن شاء الله.


وإنني أهيب بالمَسْؤُولين والمؤسسات العاملة في خدمة الحُجّاج والزوار والعُمار أن يتقوا الله عز وجل في قاصدي بيته، ولا يكن همهم الكسب المادي، والربح التِّجاري، في استقطاب الحجاج والمعتمرين؛ بل لابد أن يُدْرِكُوا معاني ما هم قائمون به، ومسؤولون عنه، ومؤتمنون عليه.


وأن يتولى ذلك منذ مقدمهم على هذا الثري الطاهر الأفيح، الأمناء والنزهاء، الذين يتعاهدونهم أثناء مناسكهم، وفي محل إقامتهم، وهذا من العوامل المهمة في إضفاء الطمأنينة والاستقرار عليهم، إذ يكون مكثهم وتنقلهم في المسجد الحرام مفعمًا ببرد الرضى والسرور. وأن تتولى لجان موثوقة متابعة هذا المقصد المهم والمطلب الناجع، وذلك بالإشراف والاشتراك مع سفارات خادم الحرمين - حفظه الله - في كل وطن، وستلبي ذلك إن شاء الله لا وانية ولا عاجزة، بل فخورة مستبشرة.

وهذا الحل الذي ننشده ونُطالب به، ليس بدعًا من الحُلول، ولا عريًّا عن المثال والتجرِبة؛ بل إن الحُجاج والمُعتمرينَ من دولة (ماليزيا) على سبيل المثال لنموذج ظاهر على ما نشدناه وأملناه.


سادسًا: السَّعْي للتوسُّع في المكان قدر الإمكان وساحاته وأبوابه، مع اقتراح إنشاء طوابق إضافية
:

لا محيصَ لنا، ونحن بصدد إيراد الحُلول الجَوْهريَّة لهذه الظاهرة من الاقتراح بإنشاء توسعة إضافية للمسجد الحرام وساحاته، نظير سابقتها، لا سيما ونحن نعلم أن المتوقع عبر الدراسات والإحصاءات زيادة أعداد الحجاج والعمار إلى أضعاف ما هم عليه الآن.

وإننا لندرك أن هذه التوسعة مكلفة؛ ولكن همة ولاة الأمور - أيدهم الله - في العناية بالحرمين الشريفين جاوزت السماك، وعانقت مدارات الأفلاك، ولن يؤودها بحول الله أي أمر أعضل أو جل، من شؤون الحرمينِ. ورعاية قاصديهما، كيف وخدمتهما تجمع شرف الدنيا ونعيم الآخرة؟

ويسلك ضمن هذه الرغبة، الحاجة إلى توسيع أبواب الحرم، وإمكانية زيادتها، وفتح أبواب من وإلى الدور الثاني مباشرة، وإنشاء جسور توصل المصلين للطوابق العلوية مباشرة، دون الدخول مع الأبواب السفلية، أو المرور عبر الساحات، وإن الواقع والحال يشهدان على الحاجة إلى توسعة الأبواب حيث إنها تؤخر خروج القاصدين، وتسبب لهم تجمهرًا طويلاً وازدحامًا شديدًا، آملاً أن يراعى هذا حالاً ومُسْتَقْبلاً، مع الإكثار من المداخل في أي توسعة تكون للمسجد الحرام إن شاء الله، على أن يكون التصميم الهندسي مراعيًا للعرض أكثر من الطول لمسيس الحاجة إليه.

 

مع الإسراع في دراسة تكييف عموم الحرم وتنفيذها، لا سيما الأقبية؛ لتستوعب عددًا أكبر من الحجاج والعمار والزوار، وإيجاد الدراسات المستفيضة لتوسعة المطاف ما أمكن، وإعادة النظر في الخط الرخامي الدال على بداية الطواف، وكذا تَوْسِعَة المَسْعَى، وإعادة النظر في إخراج مداخل زَمْزم من صَحْن المطاف، ووضع مداخل خارجية له.

 

وبنظرة مُستقبليَّة، وإيجاد حُلُول جذريَّة لهذه الظَّاهرة، لا غِنى عن تَوْسِعة الحرم وساحاته من الجِهَات الأخرى، مع إضافة دور ثالث، وتظليل السطح والساحات آليًّا، وتوجيه أصحاب الفنادق والعمائر المجاورة للحرم بإيجاد مصليات خاصة ترتبط بالمسجد الحرام صوتيًّا.

 

كل ذلك وغيره عن طريق الجهات الشرعية والعلمية والإدارات الرسمية العليا. وستهدى بإذن الله إلى علاج هذه الظاهرة المؤرقة.

 

سابعًا: الإرشاد إلى أن مُضاعفة الأجر تشمل جميع منطقة الحَرَم:

سبق القول عند ذكر أسباب الزحام، أن القول بمضاعفة الأجر في الصلاة خاص بالمسجد الحرام، سبب من أسباب حرص كثير من الناس على ارتياد الحرم للصلاة فيه، كما سبق عند عرض الخلاف في المسألة، أن القول الراجح إن شاء الله، هو القول بمضاعفة الأجر في عموم منطقة الحرم، ولا شك أن الإرشاد إلى هذا القول سيكون له أثر بالغ في الحد من ظاهرة الزحام والتخفيف منها، مع التأكيد على اعتضاده بالأدلة القوية، وتمشيه مع مقاصد الشريعة، وقواعد الفقه، وبهذه المناسبة فإن الدعوة موجهة إلى علماء الشريعة في التيسير في الفتوى على مقتضى النصوص والمقاصد الشرعية والتوسيع على الحجاج فيما فيه سعة ومندوحة، وعدم التشديد عليهم فيما ليس فيه نص من كتاب ولا سنة. والله أعلم.

 

ثامنًا: تحديد نسبة أعداد الحجاج والعمار:

إن التوجهات الخيرية والإيمانية متوافقة مع الثورة التقانية الحديثة، هي التي أججت في نفوس المسلمين السبق إلى أرض القداسات، ومهد الرسالات مما يرونه عبر القنوات من البث المباشر للصلوات والقيام والطواف والكعبة في جمالها وجلالها، حيث هبوا جموعا وزرافات، وانطلقوا أفرادًا وجماعات؛ فاقتضى ذلك - تجنُّبًا للضيق والزحام - بل توجب الأخذ بالنسب والعدد المقدر للحجاج والمعتمرين، وضبط ذلك في الحدود الممكن التحكم فيها، تحقيقًا للمصالح الشرعية، وحتى لا تطغى الأعداد على المساحة المتاحة، والطاقة الاستيعابية للحرم، وينجر عن ذلك التدافع والحرج، والتسخط من قبل قاصدي هذه البقاع المباركة، وحتى يتمكنوا من قضاء مناسكهم وعبادتهم دون نصب أو إرهاق، وإني لأرى أن هذا الحل بمثل حجر الزاوية بالنسبة لما سواه من الحلول، كيف وقد أفتى بذلك أهل العلم المعتبرون. وأيدته المجامع الفقهية، والهيئات العلمية والشرعية، ومما يلحق بذلك تنظيم تأشيرات العمرة، وتحديد مددها بما يخفف من هذه الظاهرة.


تاسعًا: إعداد الدراسات والأبحاث العلمية والميدانية:

ومن الحلول التي أرى جدواها وأهميتها: إعداد الدراسات الأكاديمية، والأبحاث العلمية والميدانية، لتفادي الزحام وآثاره، وكيفية علاجه، سواء في المسجد الحرام أم في المشاعر ومكة عمومًا، ولمعالجة الظواهر المخالفة للشريعة، والمقلقة للزوار والحجاج والعمَّار، وهذا الحل الذي نطرحه قد نهض به وتولاه معهد خاص، له إداراته ومهامه ومسؤولياته، ذلك هو: معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.

 

غير أن الحاجة ماسة إلى بذل المزيد في أداء المعهد لرسالته، والنهوض بمستواه من كافة المستويات، والتركيز على الكفاءات الشرعية فيها، ولا إخال الجهات المعنية إلا سباقة إلى ذلك، زادهم الله توفيقًا.

 

عاشرًا: الحَزْم على كل مخالف للشرع والأمن والنظام:

لا جرم أن أولى ما صرفت له الملاحظة، ووقفت عليه المُحافظة، وبُذِل في سبيل تحكيمه وتحقيقه النفس والنفيس في هذه الديار المُباركة، هو: شرع الله عز وجل يليه استتباب الأمن، والاستمساك بالنظام، ويتأكد هذا في البلد الحرام، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25]، فكل من جمح على سواء الشَّرْع، والأمن، والنظام، لزم الحزم في الأخذ على يديه: حتى لا يدب القلب والفَوْضى بين جموع الآمّين. ولا نشك أن الشعور باستحكام الأمن والنظام وقوتهما، له انعكاس بليغ جدًّا في نفوس القاصدين، ومن ثَمّ على عباداتهم وأنساكهم.

 

فليست هذه البقاع مَجَالاً للمُهاترات والمُزايدات، ومحلاًّ لرفع الهتافات والشعارات، وميدانًا لعمل التجمُّعات وتوزيع المنشورات؛ بل هي للعبادة ليس إلا، ومن حاد عنها، وجب الحزم عليه، والأخذ على يديه.

 

وقد سيق هذا الحل لتثبيت نعمة سابغة، انْفَرَدت وتميّزت بها هذه الديار المَحْرُوسة، لمباركة جهود مخلصة أسهدت من أجل ذلك ليلها وأضنت النهار.

 

الحادي عشر: العمل على إيجاد الآليات العملية، والاستراتيجيات التنفيذية:

بعد إعداد الدراسات والأبحاث ومراكز المعلومات التي تُعْنَى برصد هذه الظواهر، فإنه ينبغي إيجاد الآليات العملية والخطط التشغيلية، والاستراتيجيات التنفيذية، التي تضطلع بها الجهات المهمة ذات العلاقة سواء من الناحية الإدارية، أو العلمية، أو الأمنية، بحيث تعالج هذه الظاهرة علاجًا مدروسًا دراسة مستفيضة يتبعها آليات عمل، وخطط تشغيل سليمة.

 

ولا نشك أبدًا في اقتدار الجهات المعنية في الاضطلاع بهذه المهمة العظيمة؛ لتلافي هذه الظاهرة ومثيلاتها.

 

الثاني عشر: الأَخْذ بوسائل التقانة الحديثة في الخدمات داخل المسجد الحرام وخارجه:

إن الأمة وهي تعيش النهضة التقانية التي سطعت شمسُها على جميع المعمورة، وغزت كل شبر منها، كان لزامًا عليها أن تسخرها في خدمة دينها، وعقيدتها، وإن من علاج هذه الظاهرة، أن يُسْتَفَاد من هذه التقانات داخل المسجد الحرام وساحاته، بما هو ممكن من ذلك، كإيجاد (غرف عمليات) بأحدث التقانات الموجودة لمراقبة مواطن الزحام، ومن ثَمّ تداركه داخل الحرم وساحاته، ومن هذه (الغرف) يتم تَفْويج الحجاج والعُمّار، وذلك بالسَّماح لهم بالدخول في حالة عدم الزحام، ومَنْعهم عند الزحام.

 

كما ينبغي أن يأخذ الحرم حَظّه من التقانة الحديثة في كل ما من شأنه راحة الحجاج والعُمّار والزُّوَّار، سواء في الصوتيات والاتصالات والترجمة والعلامات واللوحات الإلكترونية، والإشارات الليزرية، ووسائل الصيانة، والنظافة، والعربات المُتطورة المجانية والمؤجرة بإشراف مؤسسات متخصصة، وما إلى ذلك، شريطة أن تكون تحت إشراف شَرْعِي، وتقدير هندسي يحفظ للحَرَم هيبته الشرعية، ومكانته الدينية، دون تشويش على المُصلين، وإشغال لهم عن عباداتهم، وحتى لا يُسَوَّى الحرم الشريف بغيره من الأماكن الأخرى، فله من القَدَاسة والهيبة ما لا يخفى، زاده الله تشريفًا وتكريمًا ومهابة، وزاد مَنْ قصده ممن حَجّه واعتمره تشريفًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا، وجعل هذه الولاية للحرمين، وقاصديهما سندًا وذخرًا.

 

تلك أهم الحُلول ووسائل العلاج لظاهرة الزحام في المسجد الحرام، غير أن هذا مما تتوارد فيه الخواطر، وتتكاثر فيه الآراء، وسيظهر لك أخي القارئ حلول أخرى مختلفة المراتب، ستفصح عنها نتيجة الاستبانات في آخر البحث إن شاء الله تعالى.

 

الخـاتمة: [224]

وتشمل أهم النتائج والمُقْتَرحات والتَّوْصِيات:

أولاً: النتائج:

أَحْمَد الله - جلت قدرته - ظاهرًا وباطنًا، وأَوّلاً وآخِرًا، أن وفّق ويَسّر لإتمام هذا البحث: الذي بذلت فيه جُهدًا كبيرًا لدراسة وحل ظاهرة الزحام في المسجد الحرام من الناحية الشرعية، ومن أهم النتائج التي خلصت إليها:

1- أهمية وخطورة هذه الظاهرة وضرورة العناية بها من حيث: بيان أسبابها، ووسائل علاجها.

 

2- الزِّحام في المسجد الحَرَام ليس وليد العصر؛ بل هو ممتدٌّ إِلَى عهد الرسول؛ لكنه في الأعصار المتأخرة بلغ ذروته، مما يتطلّب دِرَاسته وعلاجه.

 

3 - كثرة أسبابه، ووفرة بَوَاعثه وانقسامها إلى عامة وخاصة، وتنوع العامة إلى إيجابية وسلبية.

 

4- من أهم الأسباب الإيجابية العامة تيسير السُّبل وشُيوع الأَمْن، وتوسعة الحرمينِ، وتوفر كافَّة الخدمات.

 

5 - من أهم الأسباب السلبية العامة: الجهل والتقليد، والضعف الفادح لأواصر الأخوة الإيمانية، والقيم الإسلامية والأخلاقية.

 

6 - من أهم الأسباب السلبية الخاصة: ما يكون في المطاف، وخاصة حول الحجر الأَسْوَد، وعند الخَطّ الرُّخامي الدَّالّ على بِداية الطّواف، وكذا أَوْقات الصلاة، ولا سيما الصلاة في المداخل والممرات.

 

7 - من أهم الأسباب الخاصة أيضًا تَكرار العُمْرة، وأن القول الرّاجح هو: عدم التَّكرار لقوة أدلته، مع ما يسببه التَّكرار مع استعار أوار هذه الظاهرة.

 

8 - قِلّة الدراسات العلمية والميدانية في علاج هذه الظاهرة.

 

9 - من أبرز الحلول لهذه الظاهرة بث الوعي والإكثار من العاملين الأكفاء. واستثمار وسائل الإعلام في ذلك، ونُهوض الجهات المعنية بخدمة الحجيج في مسؤولياتها لعلاج هذه الظاهرة.

 

10 - الإفادة من وسائل التقانة الحديثة في التوعية والتوجيه عمومًا؛ لعلاج هذه الظاهرة داخل الحرم وخارجه، بما يتناسب مع قدسيته وحرمته.

 

ثانيًا: أهم المُقترحات والتَّوْصِيّات:

1 - التأكيد على التوعية المكثفة للحجاج والعمار والزوار في بلدانهم.

 

2 - ضرورة السير عنقًا فسيحًا، والسعي سعيًا حثيثًا، في ترسيخ قواعد الأخلاق، وأسس المعاملات الإيمانية بين المسلمين.

 

3 - التأكيد على غَرْس قُدْسية الحرم وتعظيمه في نفوس المسلمين عمومًا، والقاصدين خصوصًا.

 

4 - التأكيد على قيام علماء الشريعة والدعاة إلى الله بدورهم الإرشادي حيال ذلك.

 

5 - لوسائل الإعلام دورها الكبير في توعية وإرشاد الحجاج والمعتمرين، فحريّ بها الاضطلاع بدورها الكبير، لا سيما في عصر الثورة الإعلامية، والتفجر في الشبكات المعلوماتية، والتقانات الحضارية المُذْهِلَة.

 

6 - تفعيل حركة التَّرْجَمة بشتى اللغات: حتى يدرك الحجاج أسباب هذه الظاهرة ويَجِدُّوا في علاجها.

 

7 - الأَخْذ بوسائل التقانات الحديثة لتوعية الحجاج داخل المسجد الحرام وخارجه.

 

8 - تكثيف المرشدين والعاملين الأكفاء من عسكريين ومدنيين، وإقامة دورات تثقيفية متتابعة للرفع من مستواهم.

 

9 - قيام مراكز البحوث المتخصصة بإعداد الدراسات والأبحاث العلمية والميدانية بصفة دورية بالتنسيق مع الجهات المعنية والإفادة من حملة العلوم الشرعية.

 

10- إيلاء قضايا الحرم والظواهر فيه حقها من الدراسة، عن طريق هيئة شرعية عليا وهي هيئة كبار العلماء حفظهم الله، تكون مرجعًا للبت فيها، كوجود الخط الرخامي عند الحجر الأسود وغيره.

 

11 - الحزم على كل مخالف للشرع والأمن والنظام: للحد من ظواهر النشل والتسول والافتراش والجلوس في المداخل والممرات.

 

12 - العمل على توسعة الحرم، من الجهات الأخرى، وإمكانية إضافة أدوار جديده له، مع التظليل الآلي للصحن والسطح والساحات، وعموم تكييفه.

 

13 - العمل على زيادة توسعة الساحات المحيطة بالحرم وزيادة الأبواب وتوسعتها، مع إضافة عدد من المصاعد والسلالم الكهربائية، وإمكانية الإفادة من سطح أروقة البناية العثمانية، وإنشاء مداخل خارجية لزمزم، مع إنشاء جسور توصل المصلين للطابق العلوي مباشرة.

 

14 - التأكيد على الأخذ بالقول القائل بمنع تكرار العمرة، والقول بأن مضاعفة أجر الصلوات تعم حدود الحرم كله بحمد الله.

 

15 - تبنِّي الجهات المعنية؛ كالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمجمع الفقهي الإسلامي، عقد ندوات وملتقيات، بل مؤتمرات لدراسة قضايا توعية الحجاج، والرفع من مستواهم، وكذا السفارات، والوزارات المعنية كوزارة الحج، ووزارة الشؤون الإسلامية.


تلك أهم المقترحات والتوصيات التي أراها ورآها كثيرون؛ كما هو واضح من نتيجة الاستبانات المرفقة لعلاج هذه الظاهرة.


سائلاً الله - تعالى - أن تأخذ طريقها إلى حَيِّز التَّنفيذ، مُؤملاً أن نراها واقعًا ملموسًا ومُشاهدًا محسوسًا في القريب العاجل، حتى ينعم الحجاج والعُمّار، والزُّوَّار بالطمأنينة والسكينة في مَنْأَى عما تحدثه ظاهرة الزّحام من أذًى وتكدير لصَفْو العبادة، وما ينتج عنها من تشويش يذهب لذيذ المناجاة لله في حرمه المقدس وبيته الآمن، كما أسأله - سبحانه - أن يمن على قاصدي بيته الحرام بالفقه في الدين والخلق القويم، وتعظيم شعائر الله وحرمانه، وأن يوفق ولاة أمرنا إلى ما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد، وأن يجزيهم عما يقدمون للحرمين الشريفين وقاصديهما خير الجزاء، وأن يجعل ذلك في موازين أعمالهم ويزيدهم من الخير، بمنه وكرمه وقبل أن أضع القلم، ألهج بالشكر لله والثناء عليه، أن مَنَّ ووفق وأعان، على إتمام هذا البحث المتواضِع، ثم أشكر من كان باعثًا على القيام بهذا البحث وسببًا للكتابة فيه، من القائمين على المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وأخص بالشكر صاحب المعالي الأستاذ د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام للرابطة، وصاحب الفضيلة أخي د. صالح بن زابن المرزوقي. (أمين المجمع وفقه الله)، والشكر موصول لكل من أسهم في هذا البحث برأي أو مشورة، ضارعًا لله أن يجزيهم عني خير الجزاء، وإن الصدر لرحب لكل نقد بَنّاء، أو توجيه هادِف، أو ملحوظة نافعة تزيد هذا البحث بهاءً، وتكمل منه نقصًا:

وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا فَسُدَّ  الْخَلَلا  ♦♦♦ قَدْ جَلَّ مَنْ لا عَيْبَ فِيهِ وَعَلا [225]

 

وأختم بقول الله سبحانه عن العبد الصالح - عليه السلام -: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هو: 88].


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.


الفهرس:

المراجع والمصادر:

1- الإجماع، ابن المُنذر، محمد بن إبراهيم، تحقيق: فؤاد عبدالمنعم أحمد. الشؤون الدينية، قطر، الطبعة الثالثة 14021هـ.

2 - أحكام أهل الذمة، لابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر، تحقيق: د. صبحي الصالح. دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة 1983م.

3 - أحكام الحرم المكي رسالة ماجستير في الفقه. إعداد: سامي الصقير، جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية، نسخة على الآلة الكاتبة 1416هـ.

4 - أحكام القرآن، الجصاص أحمد بن علي الرازي، دار الكتب العلمية، بيروت 1406هـ.

5 - إحياء علوم الدين الغزالي أبو حامد محمد بن محمد. دار المعرفة، بيروت، 1403هـ.

6 - أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، محمد بن إسحاق الفاكهي، تحقيق: عبدالملك بن دهيش، دار خضر، بيروت، الطبعة الثانية 1414 هـ - 1994 م.

7 - أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار، الأزرقي محمد بن عبدالله، تحقيق: رشدي صالح ملحي، مطابع دار الثقافة، مكة المكرمة، الطبعة الرابعة 1403هـ.

8 - أدب الدين والدنيا، الماوردي على بن محمد، تحقيق: إبراهيم بن محمد، دار الصحابة، السعودية.

9 - الأدب المفرد، للبخاري، محمد بن إسماعيل، تحقيق: سمير بن أمين الزهيري. المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ.

10 - الأشباه والنظائر، ابن نجيم: زين الدين بن إبراهيم بن محمد. دار الكتب العلمية بيروت 1400هـ.

11 - الأشباه والنظائر، محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل، تحقيق ودراسة: عادل الشويخ، مكتبة الرشد، الرياض 1413هـ.

12 - إعلام الموقعين ابن القيم محمد بن أبي بكر، تحقيق: محمد محي الدين عبدالحميد، دار الفكر، بيروت بدون ت.

13 - الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط. الخامسة 1980م.

14 - الإقناع لطالب الانتفاع، الحجاوي أبو النجا موسى بن أحمد، تحقيق: د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر، إمبابة، عالم الكتب، بيروت 1403هـ.

15 - الإقناع موسى الحجاوي، تصحيح وتعليق: عبداللطيف محمد موسى السبكي المطبعة المصرية. الأزهر.

16 - إمام العصر، الزهراني ناصر بن مسفر، مؤسسة الجريسي، الرياض. الطبعة الأولى 1420هـ.

17 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، المرداوي علاء الدين علي بن سليمان، محمد حامد الفقي: دار إحياء التراث العربي: الطبعة الثانية 1400هـ.

18 - البداية والنهاية، لابن كثير إسماعيل بن عمر، دار هجر، إمبابة، الطبعة الأولى 1419هـ.

19 - البدر الطالع، الشوكاني محمد بن علي بن محمد، دار المعرفة، بيروت، بدون.

20 - البدع والنهي عنها، القرطبي محمد بن وضاح، تحقيق: عمرو بن عبدالمنعم سليم، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، الطبعة الأولى 1416هـ.

21 - البيان والتحصيل، ابن رشد أبو الوليد القرطبي، تحقيق: د محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1408هـ.

22 - تاج العروس، محمد مرتضى الزبيدي، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت. لبنان 1414هـ.

23 - تاريخ الخلفاء عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الفكر، بيروت، القاهرة 1371هـ.

24 - تاريخ بغداد، الخطيب أحمد بن علي بن ثابت البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت.

25 - تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي عبدالله بن محمد، الدار المصرية للتأليف والترجمة - تراثنا - 1966م.

26 - تاريخ مدينة دمشق، علي بن الحسن المعروف بابن عساكر، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الفكر، بيروت، لبنان 1415هـ.

27 - تاريخ مكة المكرمة قديمًا وحديثًا، محمد إلياس عبدالغني، مطابع الرشيد، المدينة النبوية 1422هـ.

28 - التحرير والتنوير، ابن عاشور محمد بن الطاهر، دار سحنون للنشر والتوزيع، بدون.

29 - تذكرة الحفاظ، الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان، تحقيق: عبدالرحمن بن يحيى المعلمي، دائرة المعارف العثمانية، الطبعة الرابعة 1388هـ.

30 - تقريب التهذيب العسقلاني أحمد بن علي بن حجر، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، حلب، الطبعة الرابعة 1412هـ.

31 - تقرير القواعد وتحرير الفوائد، الحافظ زين الدين عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، تحقيق: أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، الخبر. الطبعة الأولى 1419 هـ دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ.

32 - تهذيب الأسماء واللغات، النووي، يحيى بن شرف الدين، مكتبة ابن تيمية - القاهرة 1410هـ.

33 - تهذيب التهذيب، العسقلاني أحمد بن علي بن حجر. دائرة المعارف النظامية.

34 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال. للحافظ المزي أبي الحجاج يوسف، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، المطبعة الأولى 1413هـ.

35 - الجامع اللطيف، جمال الدين محمد بن ظهيرة، الطبعة الرابعة. المكتبة الشعبية 1393هـ.

36 - جذوة المقتبس وذكر ولاة الأندلس، محمد الحميدي. الدار المصرية للتأليف والترجمة - تراثنا - 1966 م.

37 - الجرح والتعديل: الرازي عبدالرحمن بن أبي حاتم أبو حاتم، دائرة المعارف العثمانية. الطبعة الأولى 1373هـ.

38 - الجوهر الثمين في سير الخلفاء والسلاطين، إبراهيم بن محمد أيدمر العلائي المعروف بابن دقماق (750 - 809هـ. تحقيق: د. سعيد عبدالفتاح عاشور، جامعة أم القرى، بدون ت.

39 - حاشية ابن عابدين، ابن عابدين محمد أمين الحنفي، المكتبة التجارية في مكة. الطبعة الثانية. 1386هـ.

40 - الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به. د. عبدالملك بن دهيش. مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة. مكة المكرمة. بدون تاريخ.

41 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، المحبي محمد أمين بن فضل الله الحموي، مصر 1284هـ.

42 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار الجيل. بيروت، بدون ت.

43 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، ابن فرحون إبراهيم علي المالكي تحقيق محمد الأحمد أبي النور، دار التراث، القاهرة. بدون ت.

44 - الروض المربع شرح زاد المستقنع، البهوتي منصور بن يونس تحقيق: د. عبد بن محمد الطيار، دار الوطن الرياض. الطبعة الأولى 1416هـ.

45 - زاد المعاد، ابن القيم، محمد بن أبي بكر الزرعي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط. مؤسسة الرسالة. بيروت الطبعة العاشرة 1405هـ.
46 - الزيادات في الحرم المكي الشريف من العصر النبوي إلى العهد السعودي (8 هـ ـ 1416هـ) الشريف محمد بن مساعد بن منصور آل عبدالله، الطبعة الأولى 1416 هـ - 1995 م، المهرجان للإعلان والعلاقات والتسويق.
47 - سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب، السويدي أبو الفوز محمد أمين البغدادي الطبعة الأولى 1406هـ.

48 - سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث، بيت الأفكار الدولية، بدون ت.

49 - سنن الترمذي. الترمذي محمد بن عيسى أبو عيسى تحقيق: أحمد محمد شاكر. دار الفكر. بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1356هـ.

50 - سنن الدارقطني، الدارقطني علي بن عمر، تحقيق: عبدالله هاشم يماني. القاهرة 1386هـ.

51 - السنن الكبرى: البيهقي أحمد بن علي بن حسين، تحقيق: هاشم الندوي وآخرون، دائرة المعارف، الهند 1355هـ.

52 - الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية حقائق ووثائق إعداد: وكالة الوزارة للشؤون الإسلامية. طبعة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

53 - شذرات الذهب: عبدالحي بن أحمد بن محمد البكري المشهور بابن العماد، دار ابن كثير، دمشق، الطبعة الأولى 1408هـ.

54 - شرح الزرقاني على موطأ مالك، الزرقاني محمد بن عبدالباقي، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ.

55 - شرح العَقِيدة الطحاوية، ابن أبي العز علي بن علي بن محمد، تحقيق: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت: الطبعة الثانية 1413هـ.

56 - شرح صحيح مسلم للقاضي عياض إكمال المعلم بفوائد مسلم تحقيق: يحيى إسماعيل. دار الوفاء. مصر. الطبعة الأولى 1419هـ.
57- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، الجوهري إسماعيل بن حماد، تحقيق: أحمد عبدالغفار عطار، دار العلم للملايين، بيروت. القاهرة، الطبعة الأولى 1376هـ.

58 - صحيح ابن خزيمة، ابن خزيمة محمد بن إسحاق تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي بيروت، الطبعة الثانية 1412هـ.

59 - صحيح البخاري. البخاري محمد بن إسماعيل، تحقيق: أبو صهيب الكرمي. بيت الأفكار الدولية، 1419هـ.

60 - صحيح الترغيب والترهيب، الألباني محمد ناصر الدين، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى 1421هـ.

61 - صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي. دار الفكر 1403هـ.

62 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، شمس الدين محمد بن عبدالرحمن السخاوي. دار مكتبة الحياة، بيروت، بدون ت.

63 - طبقات الحفاظ، السيوطي عبدالرحمن بن أبي بكر، دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الأولى 1403هـ.

64 - طبقات الحنابلة القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى الفداء، تحقيق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام 1419هـ.

65 - طبقات الشافعية،، أحمد بن محمد بن قاضي شهبة، الحافظ عبدالعليم خان. دائرة المعارف العثمانية. الطبعة الأولى. 1399هـ.

66 - الطبقات الكبرى، ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع البصري، دار صادر، بيروت، بدون ت.

67 - غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام، توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد مصورة عن دار المعارف العثمانية، الهند 1396هـ.

68 - فتاوى إسلامية، ثلة من العلماء، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ.

69 - فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، دار أبي حيان. القاهرة، الطبعة الأولى 1416هـ.

70 - الفتح المبين في طبقات الأصوليين، عبدالله مصطفى المراغي، محمد أمين بيروت، الطبعة الثانية 1394.

71 - الفروع، ابن مفلح محمد بن مفلح بن محمد، عالم الكتب، بيروت الطبعة الثالثة 1402هـ.

72 - الفروع، لشمس الدين محمد بن مفلح، دار مصر للطباعة، القاهرة 1388هـ.

73 - الفروق، القرافي أحمد بن إدريس المالكي، دار المعرفة، بيروت بدون ت.

74 - الفوائد البهية في تراجم الحنفية، اللكنوي محمد عبدالحي أبو الحسنات، تصحيح السيد محمد بدر الدين أبو فراس، دار المعرفة، بيروت 1324هـ.

75 - قاعدة جليلة، ابن تيمية أحمد بن عبدالحليم، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون ت.

76 - القاموس الفقهي، سعدي أبو جيب، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى 1402هـ.

77 - القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الأولى 1415هـ.

78 - القبس في شرح موطأ مالك، ابن العربي محمد بن عبدالله، تحقيق: محمد عبدالله ولد كريم، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1992 م.

79 - قرة عين العابد بحكم فرش السجاجيد في المساجد، خير الدين تاج الدين إلياس زاده تحقيق: يوسف الصحبي، دار العاصمة، الرياض 1421هـ.

80 - قصة التوسعة الكبرى، عباس حامد، الناشر: مجموعة بن لادن السعودية، جدة. الطبعة الأولى 1416هـ.

81 - قواعد الأحكام في مصالح الأنام، عبدالعزيز عز الدين بن عبدالسلام، مؤسسة الريان، بيروت، 1410هـ.

82 - القواعد الفقهية، الندوي علي بن أحمد، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى، 1406هـ.

83 - قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية، مصطفى مخدوم، دار إشبيليا، الرياض، الطبعة الأولى 1420هـ.

84 - قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية، محمد بن جزي الغرناطي المالكي، دار العلم للملايين بيروت.

85 - كشف الظنون، مصطفى بن عبدالله، دار الفكر، بيروت، 1402هـ.

86 - الكعبة المعظمة والحرمان الشريفان عمارة وتاريخًا، عبيد الله محمد أمين كردي، مجموعة ابن لادن السعودية، بدون ت.

87 - كوكبة الخطب المنيفة من منبر الكعبة المشرفة، السديس عبدالرحمن بن عبدالعزيز، مكتبة إمام الدعوة، مكة، الطبعة الأولى 1422هـ.

88 - لسان الميزان، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي، بيروت الطبعة الثانية 1395هـ.

89 - مجموع الفتاوى، ابن تيمية أحمد بن عبدالحليم، عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد للطباعة 1416هـ.

90 - المجموع النووي يحيى بن شرف، دار الفكر، بيروت، بدون ت.

91 - المدخل الفقهي العام، مصطفى أحمد الزرقاء. دار الفكر، الطبعة التاسعة.

92 - المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري محمد بن عبدالله، دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الأولى.

93 - المسجد الحرام، مشروع جلالة الملك عبدالعزيز لتوسعة وعمارة المسجد الحرام مكة المكرمة، الناشر: وزارة المالية والاقتصاد الوطني 1397هـ.

94 - المسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، تصوير دار الفكر بدون ت.

95 - المسند، الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ.

96 - مشاهير علماء نجد، آل الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف، دار اليمان، الرياض 1392هـ.
97 - المصنف، عبدالرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1403هـ.
98 - مطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهى، للشيخ مصطفى السيوطي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى 1380هـ.

99 - معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر، الشيخ يوسف رغد العاملي. الطبعة الأولى 1418هـ - 1997 م، دار المرتضى، بيروت.

100 - معجم البلدان، ياقوت بن عبدالله الحموي، دار صادر، بيروت، 1404هـ.

101 - معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، مكتبة المثنى، بيروت، بدون ت.

102 - معجم المصطلحات الفقهية، جرجس جرجس، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، الطبعة الأولى 1419هـ.

103 - معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، محمود عبدالرحمن بن عبدالمنعم. دار الفضيلة، القاهرة، بدون ت.

104 - معجم ما استعجم، عبدالله بن عبدالعزيز البكري، عالم الكتب، بيروت، بدون ت.

105 - معجم مقاييس اللغة، أحمد أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق: شهاب الدين أبو عمرو. دار الفكر: بيروت 1415هـ.

106 - المغني، ابن قدامة عبدالله بن أحمد الموفق، تحقيق، عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر، القاهرة، الطبعة الأولى 1406هـ.

107 - مقاصد الشريعة، محمد الطاهر بن عاشور، تحقيق: محمد الطاهر المساوي، دار النفائس، الأردن، الطبعة الأولى 1420هـ.

108 - منائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم، علي بن تاج الدين السنجاري، تحقيق: جميل عبدالله المصري (بالاشتراك)، جامعة أم القرى. الطبعة الأولى 1419هـ.

109 - مناسك النووي بحاشية الهيتمي، النووي يحيى بن شرف. دار الحديث للطباعة بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ.

110 - الموافقات في أصول الشريعة الشاطبي إبراهيم بن موسى اللخمي، المكتبة التجارية الكبرى مصر. الطبعة الثانية، 1395هـ.

111 - مواهب الجليل بشرح مختصر خليل الحطاب محمد بن محمد المالكي دار الفكر. الطبعة الثالثة 1412هـ.

112 - المورد في عمل المولد ضمن رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي، الفاكهاني تاج الدين أبو حفص، رئاسة إدارات البحوث العلمية، الطبعة الأولى 1419هـ.

113 - الموسوعة العربية العالمية، لجنة التقويم والتطوير، مؤسسة أعمال الموسوعة، الطبعة الثانية 1419هـ.

114 - موطأ الإمام مالك بن أنس الأصبحي، تحقيق: د. بشار عواد. الطبعة الثانية، دار الغرب الإسلامي 1417هـ.

115 - نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (صالح بن حميد. وعبدالرحمن الملوح، دار الوسيلة، جدة، الطبعة الأولى 1418هـ.

116 - النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري تحقيق: محمود محمد الطناحي، دار الفكر، بيروت، 1399هـ.

117 - الهادي إلى لغة العرب، الكرمي حسن سعيد، دار لبنان، بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ.

118 - الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، محمد البورنو، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة 1416هـ.

119 - وفيات الأعيان، أبو العباس أحمد بن محمد بن خلكان، إحسان عباس، دار صادر، بيروت، بدون ت.

 


[1] السِّجام: سَجَمت العين الدمع، والسحابة الماء: وهو قطران الدمع وسيلانه، قليلاً كان أو كثيرًا، انظر: "اللسان" و"القاموس"، مادة (سجم).
[2] الأُوَام: بالضم: العطش، وقيل: حرُّه، وقيل: شدَّة العطش، وأن يضجَّ العطشان. انظر "اللسان" مادة (أوم).

[3] علمتُ - والبحث تحت الطبع - أن للأخ د. عبدالله الغطميل، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، رسالة في ذلك فأسأل الله أن ينفع بهما، إنه جَوَادٌ كَرِيم.

[4] هو اللغوي المشهور أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي، كان إمامًا في اللغة وفي علوم شتى، وأعطى اللغة جُلَّ هَمِّه، إلى أن أتقنها وصار فيها إمامًا، وألَّفَ فيها المُؤَلفات المُتعددة، وله أشعار كثيرة حسنة، ومن أهم مؤلفاته "معجم مقاييس اللغة"، و"المجمل"، و"حلية الفقهاء"، توفي سنة 390هـ، بالري. انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" لابن خِلِّكَان (1/118) و"شذرات الذهب" لابن العماد (3/132).

[5] انظر: "معجم مقاييس اللغة"، مادة: (زحم).

[6] انظر: "القاموس المحيط"، مادة: (زحم).

[7] انظر: "اللسان" مادة: (زحم).

[8] هو العالم الفقيه الخطيب، الإمام الشاعر المؤرخ علي بن تاج الدين بن تقي الدين بن مصطفى السنجاري، نسبة إلى سنجار، المكي الحنفي، ولد سنة 1057 هـ، وتوفي 1125 هـ، من آثاره: "منائح الكرم لأخبار مكة وولاة الحرم" من مطبوعات جامعة أم القرى. دراسة وتحقيق د. جميل عبدالله المصري. انظر: "منائح الكرم" (1/27)، و"الأعلام" للزركلي (4/292).

[9] البطحاء: اسم مألوف لدى العرب، لكل أرض في مسيل الماء، والبطحاء في مكة الآن: بين مهبط رِيع الحجون والمسجد الحرام، ويطلق عليها (المعلاة). انظر: "معجم ما استعجم" (1/257)، "معجم البلدان" (1/144).

[10] المعلاة: موضع يقع في الشمال الشرقي لمكة على شارع الحجون، وفيها المقبرة المعروفة بمقبرة المعلاة، انظر: "معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر". للشيخ/ يوسف رغد العامليص (157، 158).

[11] أخرجه البخاري في: كتابي "الجنائز" و"المغازي" برقم (1349 - 4313).

[12] انظر في ذلك: "معجم البلدان" (2/280)، و"المجموع" (3/189)، و"مجموع الفتاوى" (19/247)، و"أحكام أهل الذمة" (1/189)، و"شفاء الغرام" (1/132)، و"منائح الكرم" (1/233)، و"إعلام الساجد" (6).

[13] وهو العلامة السنجاري في "منائح الكرم".
[14] "القاموس المحيط" مادة (مكك).
[15] انظر: "أخبار مكة" للفاكهي (2/280)، "منائح الكرم" للسنجاري (1/213)، "معجم البلدان" (5/181 - 183).
[16] البخاري: كتاب "جزاء الصيد"، برقم (1834).
[17] "المسند" (4/133) برقم (2279).
[18] (1/312 - 314).
[19] أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبدالله القسطلاني القتيبي المصري، أبو العباس شهاب الدين من عُلماء الحديث، ولد سنة 851 هـ، وتوفي سنة 923 هـ، "البدر الطالع"، (1/102)، و"الضوء اللاَّمِع" (2/103).
[20] في الأصل: والمهندس.
[21] انظر: "لسان العرب"، مادة (كعب)، و"تاج العروس". مادة (كعب).
[22] في "اللسان" تحت مادة: (رضم) الرَّضم والرِّضام: صخور عظام يُرضم بعضها فوق بعض في الأبنية.
[23] الملاط: الطين الذي يُجعل بين سافَيِ البناء ويملط به الحائط، انظر: "اللسان"، مادة: (ملط).
[24] البخاري، حديث رقم (3364).
[25] انظر: "شفاء الغرام" (1/147)، "منائح الكرم" (1/259)، وكتاب "المسجد الحرام"؛ إعداد مشروع جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود.
[26] هم قبيلة من العرب العاربة، وهم أمة عظيمة يُضرب بها المثل في الطول. تفرقت في البلاد. فكان منهم أهل المرق، وأهل عمان والبحرين والحجاز، وكان منهم ملوك العراق والجزيرة، وجبابرة الشام وفراعنة مصر. انظر "سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب" (37) "الصحاح". مادة (عملق).
[27] هم بطن من بني قحطان، نزلوا الحجاز. ولم يزالوا بمكة إلى أن تزوج منهم إسماعيل - عليه السلام - وتعلم لغتهم. انظر: "سبائك الذهب" (45).
[28] انظر: "أخبار مكة" للأزرقي (1/62) "شفاء الغرام" (1/39)، "الفاكهي" (5/138).
[29] "فتح الباري" (3/439 - 441)، الفاكهي (5/227).
[30] "شفاء الغرام" (1ذ/100)، "تاريخ الكعبة المعظمة" (63 - 66).
[31] الشَّاذروَان: البناء الذي يحيط بأسفل جدار الكعبة، مما يلي أرض المطاف، من جهاته الثلاثة، الشرقية والغربية والجنوبية، انظر: "أخبار مكة" للأزرقي (1/309) "شفاء الغرام" (1/112).
[32] هو أبو الوليد عبدالملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص، من خلفاء بني أمية، ولد سنة 26 هـ، وتوفي سنة 86 هـ، انظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/223)، "الجوهر الثمين" لابن دقمان ص (63).
[33] هو أبو العباس الوليد بن عبدالملك بن مروان الخليفة الأموي، ولد سنة 48 هـ، وتوفي سنة 95 هـ، "الجوهر الثمين" ص (65)، انظر ترجمته في: "تاريخ الخلفاء" للسيوطي ص (207).
[34] هو أبو جعفر المنصور، الخيلفة العباسي، واسمه عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباسي بن عبدالمطلب، وُلِد سنة 95 هـ، وتوفي سنة 158هـ، انظر ترجمته في: "الجوهر الثمين" ص (91)، "تاريخ الخلفاء" ص (241).
[35] هو أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس، الخليفة العباسي، ولد سنة 127 هـ، وتوفي سنة 169 هـ، انظر ترجمته في: "الجوهر الثمين" ص(95)، "تاريخ الخلفاء" ص (253).
[36] هو أحمد بن طلحة بن جعفر أبو العباس، الخليفة العباسي، ولد سنة 242 هـ، وتوفي سنة 289 هـ انظر ترجمته في: "الجوهر الثمين" ص (130)، "تاريخ الخلفاء" ص (341).
[37] هو جعفر بن أحمد بن طلحة أبو الفضل المقتدر بالله، الخليفة العباسي، ولد سنة 282 هـ، وتوفي سنة 320 هـ، انظر ترجمته في: "الجوهر الثمين" ص (135)، "تاريخ الخلفاء" ص (350).
[38] الحَزْوَرَة: كانت سوق مكة، فدخلت في المسجد الحرام. انظر: "أخبار مكة" (2/296)، "معالم مكة التاريخية" (84).
[39] هم من قريش: هم بنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي. انظر: "تاج العروس". مادة (جمح).
[40] هو مراد الثالث، السلطان الثاني عشر من سلاطين الدولة العثمانية، ولد سنة (953) وتوفي سنة 1004هـ. انظر ترجمته في: "الموسوعة العربية العالمية" (23/71).
[41] هو سليم الثاني: السلطان الحادي عشر من سلاطين الدولة العثمانية، ولد سنة 930 هـ، وتوفي سنة 982 هـ، انظر ترجمته في "الموسوعة العربية العالمية" (13/86).
[42] وللتوسع انظر: "قصة التوسعة الكبرى"، "والكعبة المعظمة والحرمان الشريفان عمارة وتأريخًا".
[43] انظر: "كتاب الشؤون الإسلامية في عهد خادم الحرمين الشريفين، حقائق وأرقام"، إعداد: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
[44] انظر: "كتاب الزيادات في الحرم المكي الشريف من العصر النبوي إلى العهد السعودي"، للشريف محمد بن مساعد بن منصور ص (11 - 43).
[45] أحمد بن عبدالله بن محمد الطبري أبو العباس محب الدين، حافظ فقيه، من أهل مكة، له كتاب: "القِرى لقاصدي أم القُرى"، ولد سنة 615 هـ، وتوفي سنة 694 هـ، انظر ترجمته في: "طبقات الشافعية" (85)، "شذرات الذهب" (5/425).
[46] عبدالرحمن بن علي بن محمد بن علي، المشهور بابن الجوزي أبو الفرج، محدِّث حافظ مفسر فقيه أصولي، ولد سنة 508 هـ، وتوفي سنة 597 هـ انظر ترجمته في: "تراجم الحنابلة" (4/239) و"شذرات الذهب" (2/499).
[47] محمد بن أحمد بن علي تقي الدين أبو الطيب المكي الحسن. مؤرخ عالم بالأصول، ولد سنة 775 هـ، وتوفي سنة 832هـ. انظر ترجمته في: "ذيل طبقات الحفاظ" (291، 377)، "الضوء اللامع" (7/18).
[48] محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهي، مؤرخ من أهل مكة، له "تاريخ مكة"، توفي سنة 272 هـ، انظر ترجمته في "كشف الظنون" (306) "معجم المطبوعات" (1431).
[49] الفاكهي (2/273 - 276) الفاسي (1/86)، و"المنائح" (1/216).
[50] التنعيم: طريق في وادي فاطمة، وهو أقرب أطراف الحِل إلى مكة، سمِّي بذلك لأن عن يمينه جبلاً يقال له نعيم، وعن يساره جبل يقال له: ناعم، ويسمَّى الآن (مسجد عائشة) انظر: "معجم البلدان" (2/58)، "حدود المشاعر" (3/152).
[51] الحديبية: بتشديد الياء وتخفيفها، وجهان مشهوران: قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سمِّيت ببئرٍ هناك، وهي أبعد الحل من البيت، وتسمِّى الآن (الشميسي). انظر: "معجم البلدان" (2/265)، "حدود المشاعر" للشيخ البسام (3/1572).
[52] الجعرانة: هي ما بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أدنى، انظر: "معجم ما استعجم" (1/384)، "معجم البلدان" (2/142).
[53] عُرَنَة: وادٍ مِن أكبر أودية مكة، يتكون رأسه من شعبتين، ويعرف اليوم (بوادي الشرائع)، وجلُّ الأرض التي يسير فيها إلى عرفة تسمَّى (المغمَّس). ومسجد نمرة ليس في عرفة، وإنما غربيُّه في عرنة وشرقيُّه في عرفة. انظر: "معجم البلدان" (4/125)، "معالم مكة التاريخية" للبلادي (184)، "توضيح الأحكام" للشيخ البسام (3/134).
[54] انظر: "الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به"، (60)، "منائح الكرم" (1/218)، "شفاء الغرام" (87 - 105)، "حدود المشاعر"، (3/1575)، ومسافات هذه الحدود اجتهادية.
قال فضيلة الشيخ عبدالله البسام: وقد كُلِّفت لجنة من المقام السامي؛ لتحديد حدود الحرم المكي من جميع جهاته، وتمَّ ذلك والحمد لله، ورفع القرار إلى الجهة العليا للموافقة عليه، والتوجيه بتنفيذه.
[55] انظر المسند (4/5)، وصحيح ابن حبان (1620)، وحديث عبدالله بن الزبير، رضي الله عنهما.
[56] "زاد المعاد" (1/47 - 48).
[57] انظر في فضائل الحرم، "زاد المعاد" (1/49)، "الجامع اللطيف" - وهو أوعبها - (106 -110)، "بدائع الفوائد: (2/45، 46).
[58] هَيولَى: وتشدد الياء المضمومة، كلمة يونانية، ومعناها: أصل الشيء ومادته، انظر: "تاج العروس"، "اللسان" مادة (هيل)، والمراد: أصل كل حسن ومصدره.
[59] ذكره ابن القيم في "زاد المعاد" (1/51).
[60] مسند الإمام أحمد (2/381 - 8952)، والبخاري في "الأدب المفرد" برقم (373).
[61] هو يوسف بن عبدالله بن محمد بن عبدالبر النمري أبو عمر القرطبي، الحافظ الفقيه، العالم بالقراءات والحديث والأنساب والأخبار، له مؤلفات مشهورة منها: "التمهيد" شرح الموطأ، وغيره، توفي سنة 463 هـ انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" (2/485) "تذكرة الحفاظ" (3/306).
[62] أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، برقم (1987).
[63] انظر "صحيح الترغيب والترهيب"، كتاب الأدب، برقم (2658).
[64] هو الإمام الكبير الفقيه والأصولي والمفسر، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، ولُقِّب بالماوردي نسبة إلى بيع الماورد. ولد سنة 370 هـ وتوفي سنة 450 هـ، انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" (2/444 - 445)، و"تاريخ بغداد" (1/53 - 54) و (12/102 - 103).
[65] "أدب الدنيا والدين" (237).
[66] البخاري، كتاب الحج برقم (1671)، وصحيح ابن خُزَيْمَة برقم (2844).
[67] هو أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، شهاب الدين الحافظ الكَبِير، أشهر كتبه: "فتح الباري شرح البخاري"، و"تهذيب التهذيب"، و"لسان الميزان" توفي سنة 852هـ. انظر ترجمته في: "شذرات الذهب" (7/270)، "البدر الطالع" (1/187).
[68] انظر: "فتح الباري" (3/522).
[69] "المسند" (2/8) برقم (564).
[70] محمد بن عبدالباقي بن يوسف بن أحمد الزُّرْقاني، فَقِيه مالكي، ولد ومات في مصر، سنة 1099 هـ، له: "شرح مختصر خليل" و"شرح العزية". انظر ترجمته في "خلاصة الأثر" (2/287) و"الأعلام" (3/272).
[71] شرح الزرقاني (2/903).
[72] هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي، المدني، ثقة، إمام في الحديث، روى له الجماعة، مات سنة سبع وأربعين ومائة. انظر: "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (30/232)، ترجمة رقم (6585)، و"الجرح والتعديل" (9/63)، ترجمة رقم (249).
[73] عروة بن الزبير بن العوام أبو عبدالله المدني، ثقة، فقيه، مشهور، مولده في أوائِل خلافة عثمان، مات سنة أربع وسبعين، انظر: "تهذيب التهذيب" (7/180)، ترجمة رقم (351)، "تقريب التهذيب" (389)، ترجمة رقم (4561).
[74] العَنَق: ضرب من السير منبسط للإبل والدابة. انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/137)، "تاج العروس" و"الصحاح"، مادة (عَنَق).
[75] نصَّ: النص: التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة، وأصل النص، أقصى الشيء وغايته، ثم سمي به ضرب من السير سريع. انظر: "غريب الحديث" للهروي (3/178) "النهاية في غريب الحديث" (5/64).
[76] البخاري، كتاب الحج، برقم (1666).
[77] "فتح الباري" (3/516).
[78] "أخبار مكة" للفاكهي (1/130 - 133).
[79] عطاء بن أبي رباح واسمه: أسلم القرشي، الإمام مفتي الحرم، كان من أوعية العلم، نشأ بمكة وولد في خلافة عثمان (اختلف في وفاته، فقيل: سنة 114، وقيل: سنة 115، وقيل: سنة 117، انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" (20/69)، ترجمة رقم (3933)، "طبقات ابن سعد" (5/467).
[80] "أخبار مكة" للفاكهي (1/132 - 140).
[81] "مسند الإمام أحمد" (1/121 - 130).
[82] انظر: "الموطأ"، كتاب الحج، برقم (1064).
[83] الزرقاني (2/406).
[84] رواه مسلم، في كتاب البر والصلة، برقم (2592).
[85] رواه مسلم، في كتاب البر والصلة، برقم (2594).
[86] المُسْنَد (2/98) برقم (5724)، وأبو داود، كتاب الصلاة، برقم (666).
[87] البخاري، كتاب الجمعة، برقم (909).
[88] البخاري، كتاب الأذان، برقم (636).
[89] "إعلام الموقعين" (3/14).
[90] "الموافقات" (2/6).
[91] أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، توفي سنة 790 هـ، انظر ترجمته في: "نيل الابتهاج على الديباج" (1/25).
[92] "المسند" (1/236)، "الفتح" (1/116).
[93] "الموافقات" (1/520 - 522).
[94] "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (11).
[95] الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ولد سنة 1296 هـ، توفي سنة 1393 هـ، انظر ترجمته في: "الأعلام" (6/174).
[96] "مقاصد الشريعة" (196 - 198).
[97] البخاري، كتاب الإيمان، برقم (39).
[98] مسلم، كتاب الطلاق، برقم (1104).
[99] أبو الحسن بن عبدالهادي السندي، ولد بالسند سنة 1136 هـ، وتوفي بالمدينة سنة 1724م، انظر ترجمته في: "عجائب الآثار" (1/85) "معجم المؤلفين" (3/243).
[100] "مسند الإمام أحمد" (25/284 - 63951).
[101] "مسند الإمام أحمد" برقم (2136 - 2556).
[102] "المسند" (1/248).
[103] البخاري، كتاب الأدب، برقم (6011)، ومسلم، كتاب البر والصلة، برقم (2586)، واللفظ له.
[104] البخاري، كتاب الأدب، برقم (6026)، ومسلم، كتاب البر والصلة، برقم (2585).
[105] البخاري، كتاب المظالم، برقم (2442)، ومسلم، كتاب البر والصلة، برقم (2580).
[106] البخاري، كتاب الأدب، برقم (13)، ومسلم، كتاب البر والصلة، برقم (45).
[107] لا يخفى أنَّ عرض هذه الظاهرة على جميع القواعد الفقهية يطول جدًّا، لذا اكتفيت بأهم وأبرز القواعد الكلية، التي لها ارتباط وثيق بما نحن بصدده، مركِّزًا على القواعد الكبرى في الشريعة.
[108] مقدمة "الفروق" للقرافي.
[109] "الأشباه والنظائر" للسيوطي (8)، "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (27).
[110] هو محمد بن محمد بن أحمد الغزالي، الملقب بحُجة الإسلام، وزين الدين الطوسي، ولد سنة 450هـ، توفي سنة 505 هـ، "طبقات الشافعية" (4/101)، "وفيات الأعيان" (4/216).
[111] "إحياء علوم الدين" (4/328).
[112] هو أبو محمد عبدالعزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الشافعي، ولد سنة 577 هـ، توفي سنة 660 هـ، انظر ترجمته في: "شذرات الذهب" (5/301)، و"البداية والنهاية" (13/235).
[113] "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (6).
[114] "الأشباه والنظائر" للسيوطي (83)، و"الأشباه والنظائر" لابن نجيم (85)، "المدخل الفقهي" (588).
[115] خرجه مالك في "الموطأ"، والحاكم في المستدرك، والدارقطني. انظر: "موطأ مالك بشرح ابن العربي" (3/928)، المستدرك، الدارقطني (4/228).
[116] "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (1/15)، "الأشباه والنظائر" للسيوطي (87)، "قواعد المقري" (201).
[117] "القاموس الفقهي" (286).
[118] المدخل الفقهي (2/85)، القواعد الفقهية للندوي (170).
[119] للتوسع في هذه القواعد، انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي، والأشباه والنظائر لابن نجيم، والقواعد الكبرى لابن رجب، و"القواعد الفقهية" للزرقاء وللندوي والبورنو وغيرهم.
[120] وأريد بالأسباب العامة هنا: ما يتخطى حدود الزمان والمكان، مما يتعلق بأوضاع الأمة، وأحوال أفرادها ومجتمعاتها، إن إيجابيًّا وإن سلبيًّا.
[121] وأريد بها هنا: العوامل الحسنة، والأسباب الطيبة المشرقة، التي تعايشها الأمة من جراء ما أفاء الله عليها من نعمه وخيراته، مما يستوجب الشكر له سبحانه.
[122] لاحب: اللحب: الطريق الواضح، واللاحب مثله. انظر: "اللسان" و"القاموس"، مادة (لحب).
[123] البيت لأبي الطيب المتنبي، انظر: "العرف الطيب شرح ديوان أبي الطيب المتنبي" (2/142).
[124] هو الشاعر فؤاد الخطيب - رحمه الله - ضمن قصيدة مطولة، يبين فيها مآثر الملك عبدالعزيز، خاصة فيما يتعلق بأمن الحجيج، انظر: كتاب "الملك عبدالعزيز في مرآة الشعر".
[125] هذا أوان بيان الأسباب العامة السلبية، والمراد بها: العوامل المؤسفة، التي يقع فيها كثير من أفراد الأمة؛ فتكون أسبابًا لوجود الظواهر السيئة فيها.
[126] خداج: الخداج النقصان، وأصل ذلك من خداج الناقة، إذا ولدت ولدًا ناقص الخَلق. انظر: "اللسان"، مادة (خدج).
[127] "منهاج العابدين" ص (70 - 71).
[128] البخاري كتاب الأدب، برقم (6011).
[129] شروى نقير: الشروى: المِثْل، والنقير: النكتة في ظهر النواة. انظر "اللسان"، مادة (شري - نقر).
[130] البخاري، كتاب الإيمان، برقم (13).
[131] سهل بن سعد بن مالك الأنصاري، له ولأبيه صحبة، مشهور، وهو آخر مَن مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انظر: "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (12/188) الترجمة رقم (2612) و"تقريب التهذيب" الترجمة رقم (2658).
[132] البخاري، كتاب الجنائز، برقم (1277).
[133] الجران: باطن العنق، فإذا برك البعير، ومدَّ عنقه على الأرض قيل: ألقى جيرانه بالأرض، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: "حتى ضرب الحق بجرانه"، أرادت أن الحق استقام وقر في قراره. انظر: "لسان العرب"، مادة (جرن).
[134] "المورد في عمل المولد" (20 - 21).
[135] "زاد المعاد" (1/75).
[136] محمد بن وضاح القرطبي، الإمام الحافظ، محدث الأندلس، ولد سنة 199هـ، وتوفي سنة 387 هـ، انظر ترجمته في: "تاريخ علماء الأندلس" (2/15) و"جذوة المقتبس" (93).
[137] عبدالرحمن بن زيد بن أسلم العدوي مولاهم، من الثامنة، قال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، كان في نفسه صالحًا. مات سنة 82هـ. انظر: "تهذيب الكمال" (17/114) الترجمة رقم (3820)، و"تقريب التهذيب" الترجمة رقم (3865).
[138] مكحول أبو عبدالله الدمشقي الفقيه، تابعي ثقة، لم يكن في زمنه أبصر في الفتيا منه، مات سنة 113هـ، انظر: "تهذيب الكمال" (28/464) الترجمة رقم (6168)، و"التقريب" ص (545) الترجمة رقم (6875).
[139] "البدع والنهي عنها" (112)، و"كتاب اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية، ورسالة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في التحذير من هذه البدع.
[140] سِيطَ: اختلط. يقال: ساط الشيء سوطًا، وسَوَّطَه: خاضه خلطه وأكثر ذلك. انظر: "اللسان"، مادة (سيط)، و"تاج العروس" (باب الطاء فصل السين).
[141] رَكْبَة: صحراء واسعة بطريق نجد، على بُعد يومين من مكة. انظر "معجم البلدان" (3/63).
[142] "المصنف" لعبدالرزاق (5/151)، "أخبار مكة" (2/256)، "منائح الكرم" (1/227)، "كوكبة الخطب المنيفة" (261).
[143] المقصود بها هنا: الأسباب السلبية التي يراعى فيها حدود المكان، المسجد الحرام وما يكون في رحابه، ومن بعض قاصديه، مما يبعث على وجود هذه الظاهرة، ويكون عاملاً في انتشارها.
[144] أبو داود، كتاب المناسك، برقم (1894) وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة برقم (1254).
[145] انظر: "فتح الباري" (3/468 - 469).
[146] هو محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري أبو بكر، ولد سنة 242 هـ، وتوفي بمكة سنة 319 هـ انظر ترجمته في: "طبقات الشافعية" (2/126)، "لسان الميزان" (5/27).
[147] انظر: "الإجماع" لابن المنذر ص (53).
[148] كتاب الحج (3/232).
[149] ذو طوى وادٍ بمكة، وهو موضع معروف الآن في حي جرول، وأما بئر طوى، فهي بئر مطوية عليها بناء، معروفة عند أهل مكة، بين القبة وريع أبي لهب، انظر: "معجم ما استعجم" (2/896)، و"معجم البلدان" (4/45)، "توضيح الأحكام" (3/350).
[150] هو محمد بن إبراهيم بن سعد بن جماعة الكناني الحموي الشافعي، أبو عبدالله القاضي، من العلماء بالحديث، ولد سنة 632 هـ، وتوفي سنة 718 هـ، انظر: "الدرر الكامنة" (3/280)، "النجوم الزاهرة" (9/898).
[151] انظر: "هداية السالك" (2/864).
[152] "فتح الباري" (2/556)، برقم (1612).
[153] "فتح الباري" (2/556)، برقم (1613).
[154] أبو زكريا يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي، انظر ترجمته في: "طبقات الشافعية" (5/165).
[155] مناسك النووي مع "حاشية الهيتمي" (248).
[156] أخرجه البيهقي، باب الاستلام في الزحام، كتاب الحج (5/80)، والإمام أحمد في "المسند" (1/28)، وعبدالرزاق في "المصنف"، باب الزحام على الركب (5/36).
[157] "مصنف عبدالرزاق" (5/35)، والفاكهي (1/129- 130)، والأزرقي (1/333).
[158] البخاري، كتاب الحج، برقم (1606)، ومسلم؛ كتاب الحج، برقم (1268).
[159] ولفضيلة الشيخ/ محمد بن عبدالله السبيل رسالة في ذلك، أبان فيها المشروعية وبَسَط الأدلة عليها ورجحها.
[160] انظر هذه المسألة ضمن ثلاث رسائل لفضيلة الشيخ/ محمد السبيل.
[161] ومنهم الدكتور/ بكر بن عبدالله أبو زيد، وله رسالة في عدم مشروعيته، وكذا الدكتور/ عبدالوهاب أبو سليمان في بحث له نشرته جريدة "عكاظ".
[162] فإن الهيئة - وفقها الله - قد وافقت على وجوده ومشروعيته بالأكثرية، برئاسة سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وموافقة الشيخ/ محمد بن عثيمين - رحمه الله - وعدد من كبار العلماء وفقهم الله.
[163] البخاري، كتاب الحج، برقم (1736).
[164] صحيح البخاري، كتاب الحج، برقم (1521).
[165] البخاري، كتاب الحج، برقم (1773).
[166] البخاري، كتاب الحج، برقم (1773).
[167] رواه الترمذي، كتاب الحج، برقم (810).
[168] انظر: "حاشية ابن عابدين" (2/473).
[169] انظر: "المجموع" (7/149).
[170] انظر: "الفروع" (3/528).
[171] "مجموع الفتاوى" (26/252).
[172] انظر: "زاد المعاد" (2/175).
[173] انظر: "قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية" لابن جزي الغرناطي (161).
[174] يقول الحجاوي: "ويكره الإكثار منها والموالاة بينها نصًّا"، "الإقناع" (1/397).
[175] البخاري، كتاب الحج، برقم (1556).
[176] رواه البيهقي في كتاب الحج، باب من اعتمر في السَّنَة مرارًا (4/344).
[177] وقد بسط ابن قدامة - رحمه الله - القول بالأدلة، ونقل الآثار عن السَّلَف في عدم مَشْرُوعيّة ذلك. انظر: "المغني" (5/17).
[178] "مجموع الفتاوى" (26/273).
[179] قال الشيخ/ عبدالقادر الأرناؤوط، وشعيب في تحقيقهما لـ"زاد المعاد": "وفي سنده مجهول" (2/100).
[180] انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (3/195)، "حاشية ابن عابدين" (1/659)، "المجموع" (9/329)، "زاد المعاد" (3/303).
[181] "زاد المعاد" (3/303).
[182] هو سماحة الإمام العلامة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله آل باز، مفتي عام المملكة العربية السعودية، ولد بمدينة الرياض سنة 1330 هـ، توفي سنة 1420 هـ بالطائف رحمه الله، وهو أشهر من أن يُعرّف، كتب عنه مؤلفات عديدة، وتراجم مفيدة، منها: ترجمته - رحمه الله - لنفسه في الجزء الأول من فتاواه. وانظر أيضًا ترجمته في: "إمام العصر" ص (9).
[183] "مسلم"، كتاب الحج، برقم (1396).
[184] انظر: "مطالب أولي النهى" (2/284)، "أحكام أهل الذمة" (1/189 - 190)، "زاد المعاد" (3/303).
[185] "البخاري"، كتاب الصلاة، برقم (509) ومسلم، كتاب الصلاة، برقم (510).
[186] "البخاري"، كتاب الصلاة، برقم (510).
[187] انظر: "فتح الباري" (1/576)، "نيل الأوطار" (3/8)، "شرح الزرقاني على مختصر خليل" (1/309).
[188] "الفروع" (1/471)، "البيان والتحصيل" (3/372).
[189] "الإنصاف" (2/95)، "الفروع" (1/482).
[190] "الروض المربع" (2/103).
[191] "البيان والتحصيل" (3/471).
[192] الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبدالملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي، ولد سنة 239 هـ، وتوفي سنة 321 هـ، انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (1/19)، "البداية والنهاية" (11/174).
[193] "مشكل الآثار" (3/252).
[194] هو الإمام العلامة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ، فقيه حنبلي، المفتي الأول للملكة العربية السعودية، ولد وتوفي في الرياض 1311 هـ - 1389 هـ انظر ترجمته في: "مشاهير علماء نجد" (169 - 184)، "الأعلام" (5/307).
[195] "المغني" (3/90).
[196] انظر: "المغني" (3/ 90)، "مجموع الفتاوى" (26/122)، "المعجم الأوسط" لابن المنذر (5/104)، برقم (2475).
[197] "فتاوى إسلامية" (1/235، 268).
[198] سبق تخريجه من قبل، في هذا البحث.
[199] تفلات: تاركات للطيب. انظر: "غريب الحديث" للهروي (1/264 - 265)، "النهاية في غريب الحديث" (1/191).
[200] خرجه الإمام أحمد (2/538)، وأبو داود في "سننه"، كتاب الصلاة، برقم (565).
[201] منها رسالة لسماحة الشيخ/ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - في الرد على من طالب بنقله عن موضعه، ولكل من الشيخ/ عبدالله المعلمي، والشيخ/ عبدالعزيز بن حمدان، والشيخ/ على الصالحي - رحمهم الله - آراء في ذلك.
[202] الجمهور على تحريمها، انظر: "قرة عين العابد بحكم فرش السجاجيد في المساجد"، لخير الدين إلياس زاده. تحقيق: يوسف الصبحي.
[203] هو علي بن علي بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الصالحي، الفقيه القاضي، ولد سنة 731 هـ، وتوفي سنة 792 هـ، انظر ترحمته في: "الدرر الكامنة" (3/87)، "شذرات الذهب" (8/557).
[204] "شرح العقيدة الطحاوية" (77).
[205] "قاعدة جليلة" (331 - 332).
[206] رواه الترمذي باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676) وأبو داود، كتاب السنة، برقم (4607).
[207] رواه البخاري، كتاب الإيمان، برقم (50).
[208] الترمذي، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، برقم (2681)، وأبو داود كتاب العلم، برقم (3641).
[209] البخاري، كتاب الوضوء، برقم (143).
[210] البخاري، كتاب العلم، برقم (75).
[211] البخاري، كتاب العلم، برقم (71).
[212] هو محمد بن الحسين بن عبدالله أبو بكر الآجري، فقيه شافعي محدث، توفي سنة 360 هـ، انظر ترجمته في: "وفيات الأعيان" (1/488)، "صفوة الصفوة" (2/265)، "الرسالة المُسْتَطرفَة" ص (32).
[213] ص (34 - 35).
[214] "المسند" (27/300) برقم (16738)، والدارمي (1/302) برقم (234)، وابن ماجه، كتاب المناسك، برقم (3056).
[215] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، برقم (3461).
[216] "التحرير والتنوير" (26/243).
[217] سبق تخريجه من قبل.
[218] "المسند" (32/183 - 19438).
[219] رواه أبو داود، كتاب الأدب (4/369 - 5114).
[220] رواه مسلم، كتاب البر والصلة، برقم (2564).
[221] الترياق: بكسر التاء: فارسي معرب، هو دواء السموم، انظر: "اللسان"، مادة (ترق).
[222] "صحيح الترغيب والترهيب" (3/327 - 3397).
[223] دمح: يقال: دمّح ودبّح؛ بمعنى واحد، خفض رأسه ونكسه، والمراد هنا: الإغضاء والستر، قالوا: دبَّحت الكمأة انتفخ عليها التراب وهو لا تزال في الأرض، انظر: "اللسان"، و"الهادي إلى لغة العرب"، مادة (دبح).
[224] نسأل الله حسنها.
[225] انظر: خاتمة "مُلْحَة الإعراب" للحريري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إلى قاصدي مكة! هل يُذهب الشوق المشقة؟
  • افتراش الحجاج: مشكلة ومقترحات للمواجهة!!
  • تعددت الأسباب والزحام واحد
  • إلا ليل المسجد الحرام!
  • ما هي تحية المسجد الحرام؟
  • بناء المسجد الحرام
  • النهي عن البيع والشراء في المسجد وإنشاد الضالة
  • بيت الملك (خطبة)
  • صور في المسجد

مختارات من الشبكة

  • أوزبكستان: الزحام في المساجد لصلاة القيام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تفسير: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم توكيل المرأة الرجل لرمي الجمرات(مقالة - ملفات خاصة)
  • تخريج حديث: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل الذهاب إلى المسجد: ضيافة في الجنة لمن حافظ على الصلاة في المسجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلغاريا: اندلاع حريق في المسجد القديم أسفر عن حرق المسجد بأكمله(مقالة - المسلمون في العالم)
  • روسيا: المحكمة تغلق مسجدا بزعم بنائه بدون ترخيص(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فضل الصلاة في المسجد الحرام (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- اقتراح خلاصة البحث
الشفيري المصطفى - المغرب 01-01-2008 03:28 AM
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل لوتكرتم وجعلتم للبحث خلاصة وطبعت على شكل كتيب يوزع على الحجاج والمعتمرين والزوار لتعم الفائدة
1- شكر وتحية
بدر الحسين - سوريا/ مقيم في الرياض 29-11-2007 01:10 PM
شيخنا الفاضل سعادة الدكتور عبد الرحمن السّديس وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكرك على هذه المقالة الوافية، والتي أحاطت بالموضوع إحاطة السّوار بالمعصم، ومما زادها بهاءً وقبولاً، التوقيت المناسب لكتابتها،
ولا يفوتني أن أثني على الطريقة العلميّة المنهجيّة التي اتّبعتموها في كتابة مقالتكم النّاضرة، وهذا لا يُستغرب على خطيب وإمام المسجد الحرام زاده الله بهاءً وحفظاً وروعة... شكر الله لكم، وجزاكم خير الجزاء
أخوكم: بدر الحسين
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/12/1446هـ - الساعة: 15:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب