• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

قاعدة فقهية: ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط

د. لحسن المؤذن

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2018 ميلادي - 19/7/1439 هجري

الزيارات: 46864

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قاعدة فقهية:

ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الفقه الإسلامي كثير الذيوع واسع الفروع عظيم الانتشار لا تجتمع جزئياته ولا تضبط ولو طالت الأعمار، وذلك راجع إلى ما تميز به هذا الفقه وانفرد به من المرونة والشمول، لذلك كان حقاً على طالب التحقيق، ومن يتشوق إلى المقام الأعلى في التصور والتصديق أن يحكم قواعد الأحكام ليرجع إليها عند الغموض، وينهض بعبء الاجتهاد أتم نهوض، ثم يؤكدها بالاستكثار من حفظ الفروع لترسخ الذهن، مثمرة عليه بفوائد غير مقطوع فضلها ولا ممنوع، وهذه العملية المنهجية هي ما اصطلح عليه أهل العلم بـ القواعد الفقهية التي قال عنها العلامة شهاب الدين القرافي رحمه الله رب البرية:"هذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت وضاقت عليه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتانهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها.

 

ومن ضبط الفقه بقواعده، استغنى عن حفظ الجزئيات لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب وحصل طلبته في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان، وبين المقامين شأو بعيد وبين المنزلتين تفاوت شديد " اهـ.

 

هذا وإن من تلكم القواعد الفقهية التي تجمع كثيرا من الفروع الجزئية، وتضبط باباً عظيما من أبواب المعاملات العقدية، قاعدة قلت العناية بها، وضعف الاهتمام لها، لذلك كان الخوض فيها لشرحها وبيانها من أصعب الأعمال وأعسر الأفعال، وسبب ذلك راجع أيضاً إلى قلة المادة العلمية إذ إنها قاعدة لم يتناولها بالبحث إلا ابن السبكي في المنثور وتبعه في ذلك السيوطي في الأشباه والنظائر فذكر ما ذكره ابن السبكي بدون زيادة ولا نقصان، وعامة من جاء بعدهم ممن كتب حولها ينقل عنهما ويذكر ما ذكراه، ويلاحظ أنها قاعدة صاغها بهذه الصيغة وشرحها الشافعية، ولم أر لغيرهم من المذاهب الأخرى بحثا حولها.

 

وقد يصوغها غيرهم، ويقرب من الصيغة الأولى على الشكل التالي: "كل شرط يخالف أصول الشريعة باطل" وذكرها هكذا مصطفى أحمد الزرقا في (المدخل الفقهي العام) أو "كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه فهو باطل كائنا ما كان، وكل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه فهو لازم بالشرط" وصاغها على هذه الصيغة ابن القيم في إعلام الموقعين، وعبر عنها الخادمي في خاتمة (مجامع الحقائق) بلفظ:"كل شرط بغير حكم شرعي باطل" كما أفاده صاحب كتاب (القواعد الفقهية المستخرجة من إعلام الموقعين) وتتلقى المذاهب كلها في ذكر فروع هذه القاعدة وتختلف في حكم هذه الفروع، وسيأتي في البحث مزيد بيان لذلك.

 

وقد حاولت في هذا البحث تقريب معنى القاعدة معتمدا على الله عز وجل ثم على بعض المراجع التي تناولتها بالبحث أو تناولت بعض فروعها، وكانت خطة البحث على هذا الشكل:

1 – معنى القاعدة:

أ – المعنى الإفرادي.

ب – المعنى الإجمالي.

 

2 – تأصيل القاعدة.

3 – فروع القاعدة.

4 – بعض القواعد الفقهية التي يمكن إدراجها ضمن القاعدة.

5 – نتائج البحث.

****

 

نص القاعدة: "ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط"

1 – معنى القاعدة:

أ – المعنى الإفرادي:

الشرع: والشريعة والشرعة في اللغة: الطريق الظاهر الذي يوصل منه إلى الماء، يقال: شرعت الإبل شرعا وشروعا إذا وردت الماء.

والشرع في الاصطلاح: ما سنه الله لعباده من الدين وأمرهم باتباعه[1].

 

الشرط: في اللغة إلزام الشيء والتزامه، وكذلك الشريطة والجمع شروط وشرائط، وبالتحريك العلامة وجمعه أشراط.

واصطلاحاً: عرفه ابن السبكي بقوله:"ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته"، وعرفه البيضاوي في المنهاج بقوله: "ما يتوقف عليه تأثير المؤثر لا وجوده"، ومثل له بالإحصان: فإن تأثير الزنا في الرجم متوقف عليه، وأما نفس الزنا فلا، لأن البكر قد تزني.

والمقصود بالشرط هنا: ما يشترطه الإنسان على نفسه، أو يشترطه عليه غيره.

 

ب – المعنى الإجمالي للقاعدة:

هذه القاعدة من قواعد الترجيح وبيان ذلك: أن الحكم الذي ثبت بوضع الشارع وهو الله سبحانه وتعالى مقدم على ما ثبت بالشرط عند التعارض أنه إذا تقدم ما ثبت بالشرط ترتب عليه تقديم عبارة المخلوق على عبارة الخالق جل وعلا، وهذا لا يجوز شرعا ولا عقلا لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ وهذه قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، مطردة في كثير من أبواب الفقه ومنظمة لشروط المتعاقدين، وأن الأصل فيها الصحة والجواز إلا ما تعارض مع الشرع فإنه يحرم ويبطل، ويلزم منها أن كل شرط شرطه الإنسان على نفسه أو شرطه على غيره أو شرطه عليه غيره فهو جائز لا حرج فيه ولا مشقة ولا ضير إلا ما خالف الشرع، فحينئذ يقدم الشرع ولولا هذه القاعدة لتصادمت أمور الناس في المعاملات ولجار بعضهم على بعض ولتصادمت شروطهم في العقود فتهافتت وتساقطت، ولكن الشارع الحكيم لرعايته مصالح الناس في معاشهم ومعادهم، وحرصه على تنظيم علاقاتهم فيما بينهم لتكوين منظومة اجتماعية متكاملة متماسكة لا جور فيها ولا حيف، لذلك قال بتنظيم تلك المعاملات ضمن إطار عادل يراعي المصالح العامة المنسجمة مع روح الشريعة الإسلامية.

 

2 – تأصيل القاعدة:

ما رواه البخاري في صحيحه تحت باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله، عن عروة:" أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن بريرة جاءت تستفتيها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة (ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت) فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق" قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن شرط مائة شرط شرط الله أحق وأوثق" وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"أرادت عائشة رضي الله أن تشتري جارية لتعتقها، فقال أهلها: على أن ولاءها لنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق".

 

قال ابن حجر في الفتح قوله: (باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله) جمع في هذه الترجمة بين حكمين وكأنه فسر الأول بالثاني، وأن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله، وسيأتي في كتاب الشروط: أن المراد بما ليس في كتاب الله ما خالف كتاب الله، وقال ابن بطال: المراد بكتاب الله هنا: حكمه؛ من كتابه أو سنة رسوله أو إجماع الأمة، وقال ابن خزيمة: (ليس في كتاب الله) أي ليس في كتاب الله جوازه أو وجوبه، لا أن كل من شرط شرطا لم ينطق به الكتاب يبطل؛ لأنه قد يشترط في البيع الكفيل فلا يبطل الشرط ويشترط في الثمن شروطا من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل.

 

قال النووي: قال العلماء: الشروط في البيع أقسام:

أحدها: يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه.

الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن وهما جائزان اتفاقا.

والثالث: اشتراط العتق في العبد، وهو جائز عند الجمهور؛ لحديث عائشة وقصة بريرة.

الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته فهو باطل.

 

وقال القرطبي: قوله: (ليس في كتاب الله) أي: ليس مشروعا في كتاب الله تأصيلا ولا تفصيلا، ومعنى هذا: أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها ما يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلا فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلا... إلى أن قال: وقال القرطبي: قوله: (ولو كان مائة شرط) يعني: أن الشروط الغير مشروعة باطلة ولو كثرت. اهـ.

 

وقال البخاري في صحيحه (باب الشروط التي لا تحل في الحدود) عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما: أنهما قالا: "إن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قل" قال: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني إنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت"

قال ابن حجر في الفتح: وقد ترجم له في الصلح: إذا اصطلحوا على جور فهو مردود.

ويستفاد من الحديث أن كل شرط وقع في رفع حد من حدود الله فهو باطل وطل صلح وقع فيه فهو مردود. اهـ.

وروى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"

 

قال ابن حجر: وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده، فإن معناه من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه، قال النووي: هذا الحديث مما ينبغي أن يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك، وقال الطرقي: هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع؛ لأن الدليل يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه.

 

وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه؛ لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع، وكل ما كان كذلك فهو مردود، فهذا العمل مردود فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث.

 

وإنما يقع النزاع في الأولى ومفهومه: ان من عمل عملا عليه أمر الشرع فهو صحيح، مثل: أن يقال في الوضوء بالنية: هذا عليه أمر الشرع، وكل ما كان عليه أمر الشرع فهو صحيح؛ فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع فلو اتفق أن يوجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لاستقل الحديثان بجميع أدلة الشرع، لكن هذا الثاني لا يوجد، فإذا حديث الباب نصف أدلة الشرع، والله أعلم.

وقوله:"رد" معناه مردود من إطلاق المصدر على اسم المفعول مثل: خلق ومخلوق، ونسخ ومنسوخ، وكأنه قال فهو باطل غير معتد به.

 

والله الثاني وهو قوله: من "عمل" أعم من اللفظ الأول وهو قوله: "من أحدث" فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المرتبة عليها، وفيه رد المحدثات وأن النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهيات كلها ليست من أمر الدين فيجب ردها.

 

ويستفاد منه أن حكم الحاكم لا يغير ما في باطن الأمر؛ لقوله: "ليس عليه أمرنا" والمراد به أمر الدين وفيه أن الصلح الفاسد منتقض والمأخوذ عليه مستحق الرد اهـ.

 

3 – فروع القاعدة:

الفرع الأول: نذر الواجب:

قال السيوطي: "ولهذا – أي لكون ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط – لا يصح نذر الواجب" اهـ.

والنذر لغة: هو الوعد بخير أو شر واصطلاحا هو التزام قربة لم تتعين بأصل الشرع.

والنذر واجب الوفاء به لقوله تعالى (وليوفوا نذورهم) إلا أن النذر المقيد: كأن يقول: إن شفا الله مريضي صمت كذا أو تصدقت بكذا، مكروه لقول ابن عمر رضي الله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر قال إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج من البخيل الشحيح"[2].

 

ولا ينعقد النذر بغير القول ولا بمحال ولا في معصية لقوله صلى الله عليه وسلم:" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"[3]. وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم"[4].

 

وخرج بالتعريف السابق وخصوصا بقيد: (لم يتعين بأصل الشرع) الواجب العيني كصلاة الصبح والظهر، فلا يصح نذره، لأنه لزمه عينا بالشرع فيكون التزامه بالنذر لا معنى له، ولو قلنا بانعقاده لأدى إلى تقدم ما ثبت بالشرط على ما ثبت بالشرع وهو خلاف القاعدة ويكون من قبيل تحصيل الحاصل وهو لا يجوز.

وينعقد النذر بالمندوب لأنه غير متعين بأصل الشرع كتشييع جنازة وقراءة سورة معينة، وطول قراءة في صلاة وغير ذلك.

وينعقد أيضا نذر الواجب الموسع، وهو ما وقته يسعه ويسع غيره، والانعقاد في الواجب الموسع يكون باعتبار وقته لا باعتبار ذاته.

فإذا نذر شخص أن يصلي الظهر عند الزوال: لزمه النذر لأنه يجوز ترك الصلاة في هذا الوقت بالذات وأن يصليها في وقت الاختيار. وينعقد نذر الواجب الكفائي كذلك كتولي القضاء والإفتاء وبناء المستشفيات وبدء السلام ورده.

 

وقد أشار الإمام تقي الدين الحصني في قواعده إلى أحكام النذر وما يلزم منه وما لا يلزم فقال:

"قاعدة" فيما يلزم بالنذر وما لا يلزم به والأشياء المنذورة أضرب:

- ما كان معصية ونذر فعلها حرام لا ينعقد ولا كقارة فيه على المذهب، وفي قول تجب واختاره البيهقي لحديث فيه وضعفه كثير من أئمة الحديث.

 

- الضرب الثاني: القربات الواجبة بأصل الشرع كالصلوات الخمس إذا نذر فعلها وكذا المحرمات به – أي بأصل الشرع – كالزنا إذا نذر تركها فلا أثر لذلك، وإذا خالف في شيء من ذلك ففي لزوم الكفارة ما تقدم من الخلاف، وذكر في التهذيب أن الظاهر هنا وجوبها.

نعم إذا نذر في الفرائض صفات مستحبة كتطويل القراءة ونحو ذلك لزمه، وكذا فعلها في الجماعة.

 

- الثالث: فروض الكفايات وهي نوعان: أحدهما ما يحتاج فيها إلى بذل مال أو معاناة مشقة كالجهاد وتجهيز الموتى ودفنهم فالصحيح لزومها بالنذر، وفي الجهاد أوجه أنه لا يلزم صححه الغزالي ولو نذر الجهاد في جهة معينة فأوجه:

أحدها أن يتعين والثاني لا والثالث وهو الأصح أنه يجب أن يكون التي يعدل إليها كالمعينة في المسافة والمؤونة.

النوع الثاني: ما ليس فيه بذل مال ولا مشقة كصلاة الجنازة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[5] وفيه وجهان والأصح اللزوم.

 

- والضرب الرابع: المستحبات الشرعية من القربات وكلها تلزم بالنذر وفي السنن الراتبة وجه أنها لا تلزم وكذا سجود التلاوة والشكر والقيام في النوافل واستيعاب الرأس والتثليث والصحيح في كل ذلك اللزوم أما ما يغير المشروعية كنذر الصوم في السفر فقطع في الوجيز أنه لا ينعقد ونقله المروزي عن عامة الأصحاب واختار القاضي حسين والبغوي انعقاده والوجهان جاريان فيما إذا نذر إتمام الصلاة في السفر إذا قلنا إن الإتمام أفضل. واختلف أيضا في القربات الفاضلة التي لم يجب جنسها كعيادة المريض وزيارة القادمين وإفشاء السلام والصحيح لزومها ومنها تجديد الوضوء حيث صلى بالأول صلاة ما، ويلزم بالنذر على الأصح وجزموا بأنه لو نذر الوضوء مطلقا انعقد ولا يخرج منه بالوضوء عن حدث بل بالتجديد وفي التتمة وجه أنه لا يلزم وذكر فيها أن نذر الاغتسال لكل صلاة يلزم قال الرافعي ينبغي بناؤه على أن تجيد الغسل مستحب.

 

ومنها: نذر التيمم والمذهب أنه لا ينعقد ومنها: إذا نذر أن لا يهرب من ثلاثة من الكفار فصاعدا قالوا: إن علم من نفسه القدرة على مقاومتهم انعقد وإلا فلا. وقال الإمام لا يلزم.

ومنها: إذا نذر أن يحرم بالحج من شوال أو من بلد كذا لزمه على الأصح.

 

- الضرب الخامس: المباحات كالأكل والنوم والقيام ونحوها فلا ينعقد بالنذر التزامها وهل يكون يمينا تجب فيها الكفارة؟ فيه ما مر في نذر المعاصي، وقطع القاضي حسين بوجوبها والله أعلم" اهـ.

 

والفرع الثاني:

قال السيوطي:"ولو قال طلقتك بألف على أن لي الرجعة، سقط قوله (بألف) ويقع رجعيا لأن المال ثبت بالشرط،والرجعة بالشرع فكان أقوى" اهـ.

وذلك لأن قول الرجل لزوجته: طلقتك بألف، يقتضي وقوع الطلاق على مال والطلاق على مال لا يقع إلا بائنا كالخلع، لأن الزوجة بذلت المال لتملك بضعها فلا يملك الزوج ولاية الرجوع إليه لأن القصد إزالة الضرر عنها، ولو جازت بالرجعة لعاد الضرر، فإن شرط الرجوع مع دفع المال في الطلاق كان طلاقا رجعيا، لأن شرط الرجعة والمال متنافيان فيسقطان أي يسقط الشرط والمال، ويبقى مجرد الطلاق فيكون رجعيا، والأول ثبت بالشرط والثاني ثبت بالشرع، فيقدم ما ثبت بالشرع لأنه أقوى كما قال العلامة السيوطي"[6].

 

وهذا الفرع الذي ذكره السيوطي ليس على إطلاقه بل فيه خلاف، وقد أشار إلى نحو هذا الإمام الونشريسي في إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك حيث قال في القاعدة الخامسة والسبعين: اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادا هل يعتبر أم لا؟ قال:"وعليه اشتراط الرجعة في الخلع فقيل بائن للعوض، وقيل رجعية للشرط.." سالكا في ذلك مسلك المقري في قواعده.

 

الفرع الثالث:

ومن لم يحج إذا أحرم بتطوع أو نذر، وقع عن حجة الإسلام:

لأنه يتعلق بالشرع ووقوعه عن التطوع والنذر، متعلق بإيقاعه عنهما والأول أقوى.

وتقديم الحج الواجب على النذر والتطوع راجع إلى أنه "إذا تعارضت الحقوق فما كان منها مضيقا كان أرجح من الواسع، وما كان فوريا كان أرجح مما كان على التراخي وما كان فرض عين أرجح مما كان فرض كفاية، وما يخشى فواته وإن كان مرجوحا يقدم: كحكاية المؤذن يترك لها قراءة القرآن، وصون النفس والأعضاء يقدم على العبادات، بل صون المال يقدم على العبادات وإذا تعارض واجب مع مستحب قدم الواجب على المستحب"[7].

 

الفرع الرابع:

قال السيوطي: "ولو شرط مقتضى البيع لم يضره ولم ينفعه ومقتضى العقد مستفاد منه بجعل الشارع لا من الشرط" اهـ.

هذا النوع حول الشروط في العقود وأحكامها وأن ما كان منها من مقتضى العقد فهو من شرط الشارع لا من شرط العاقد وشروط المتعاقدين منها ما هو جائز ومنها ما هو حرام، ولبيان ذلك وأحكامه نقول:

تقسيمات الشرط:

ينقسم الشرط إلى قسمين: شروط شرعية، وشروط جعلية.

فالشروط الشرعية هي التي اشترطها الشارع إما للوجوب كالبلوغ لوجوب الصلاة وغيرها من الأمور التكليفية، وإما للصحة كاشتراط الطهارة للصلاة، وإما للانعقاد كاشتراط الأهلية لانعقاد التصرف وصلاحية المحل ولورود العقد عليه. وإما للزوم كاشتراط عدم الخيار في لزوم البيع، وإما لنفاذ اشتراط الولاية وما في معناها لنفاذ التصرف.

 

ويلزم من عدم أي شرط من هذه الشروط عدم الحكم المشروط له فإذا فقد شرط من شروط الوجوب لزم عدم وجوب الفعل على المكلف ويلزم من عدم شرط من شروط الصحة عدم صحة الفعل وهكذا، ويلزم من عدم شرط من شروط الانعقاد بطلان التصرف بحيث لا يترتب عليه أي حكم.

 

وأما الشروط الجعلية فهي الشروط التي يشترطها المكلف في العقود وغيرها كالطلاق والعتاق والوصية وهي نوعان.

- شرط تعليقي: والتعليق هو التزام أمر لم يوجد في أمر يمكن وجوده في المستقبل أو هو: ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى، سواء كان الربط بإحدى أدوات الشرط نحو: إن وإذا ما وكل ومتى وكلما ومتى ما، أو بما يقوم مقامها في إفادة الربط المذكور من نحو ظرف أو حرف جر غير لام التعليل أو استثناء بـ:"إلا أن" إذا تقدمه ما لا يحتمل التأقيت كالطلاق كما لو قال: "امرأته طالق إلا أن يقدم زيد" مثلا فإنه يحمل على الشرط، فيصير كأنه قال:"إن لم يقدم زيد فامرأته طالق" وأما ما يحتمل التأقيت، كالأمر باليد يكون للغاية لا للشرط.

- والنوع الآخر من أنواع الشروط الجعلية: شرط تقييدي وهو التزام أمر لم يوجد في امر وجد بصيغة مخصوصة.

 

والفرق بين المعلق بالشرط والمقيد بالشرط أن المعلق بالشرط عدم قبل وجود الشرط، ولأن ما توقف حصوله على حصول شيء يتأخر بالطبع عنه. بخلاف المقيد بالشرط فإن تقييده لا يوجب تأخره في الوجود على القيد، بل سبقه عليه كما هو ظاهر.

والفرق بينهما أيضا كما ذكره الزركشي أن التعليق ما دخل على الفعل بأدائه كـ:"إن" و "إذا" والتقييد ما جزم فيه بالأصل وشرط فيه أمرا آخر.

 

والشروط الجعلية منها ما هو صحيح ومنها ما هو باطل ومنها ما هو فاسد وهذا تقسيم الحنفية لأنهم هم الذين يفرقون بين الباطل والفاسد وذهب غيرهم من الفقهاء إلى أنهما قسمان: صحيح وباطل أو صحيح وفاسد.

 

الشرط الصحيح:

أ – ضابطه عند الحنفية: اشتراط صفة قائمة بمحل العقد وقت صدوره أو اشتراط ما يقتضيه العقد أو ما يلائم مقتضاه أو اشتراط ما ورد في الشرع دليل بجواز اشتراطه أو اشتراط ما جرى عليه التعامل.

 

وضابطه عند المالكية: اشتراط صفة قائمة بمحل العقد وقت صدوره أو اشتراط ما يقتضيه العقد أو اشتراط ما لا يقتضيه العقد ولا ينافيه.

وضابطه عند الشافعية: اشتراط صفة قائمة بمحل العقد وقت صدوره أو اشتراط ما يقتضيه العقد أو اشتراط ما يحقق مصلحة مشروعة للعاقد أو اشتراط العقد لتشوف الشارع إليه.

وضابطه عند الحنابلة: اشتراط صفة قائمة بمحل العقد وقت صدوره أو اشتراط ما يقتضيه العقد أو يؤكد مقتضاه أو اشتراط ما أجاز الشارع اشتراطه أو اشتراط ما يحقق مصلحة للعاقد، وفيما يلي تفصيل ذلك:

ب – أنواعه:

- النوع الأول: اشتراط صفة قائمة بمحل التصرف وقت صدوره وهذا النوع متفق على جوازه عند الفقهاء كاشتراط كون البقرة المشتراة حلوبا.

- النوع الثاني: اشتراط ما يقتضيه العقد وجوازه أيضا محل اتفاق عند الفقهاء لأنه بمثابة تأكيد، ومن أمثلته ما لو اشترط في الشراء التسليم إلى المشتري وكاشتراط الرد بالعيب فإنها أمور لازمة لا تنافي العقد بل هي من مقتضياته.

- النوع الثالث: اشتراط ما يلائم مقتضى العقد وهذه عبارة الحنفية.

وعبارة المالكية اشتراط ما لا يلائم مقتضى العقد ولا ينافيه.

وعبارة الشافعية والحنابلة اشتراط ما لا يقتضيه إطلاق العقد لكنه يلائمه ومحقق مصلحة للعاقد ومثاله ما لو باع على أن يعطيه المشتري بالثمن رهنا أو كفيلا والرهن معلوم والكفيل حاضر جاز ذلك استحسانا عند الحنفية وهو جائز أيضا عند المالكية والشافعية والحنابلة.

- النوع الرابع: اشتراط ما ورد في الشرع دليل بجوازه كاشتراط خيار الشرط ونحو من الخيارات فإن الشرط في جميع ذلك يلزم مراعاته.

- النوع الخامس: اشتراط ما جرى عليه التعامل بين الناس وقد ذكر هذا النوع الحنفية سوى زفر، وهو ما لا يقتضيه العقد ولا يلائم مقتضاه لكن للناس فيه تعامل.

ومثاله إذا اشترى نعلا على أن يشركها البائع أو جرابا على أن يخرزه له خفا فإن هذا الشرط جائز لأن الناس تعاملوا به في البيع كما تعاملوا بالاستصناع فسقط القياس بعدم الجواز بتعامل الناس.

- النوع السادس: اشتراط البائع نفعا مباحا معلوما، وهذا عند الحنابلة ومن أمثلته ما لو باع دارا واشترط على المشتري أن يسكنها شهرا. أو اشتراط المشتري على البائع حمل الحطب إلى موضع معين أو تكسيره، وعندهم في المذهب أنه لا يجوز للعاقد أن يشترط أكثر من شرط واحد لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شرطين في البيع، والصواب جوازه لأن الشرطين المنهي عنهما هما المؤديان إلى المفسدة باجتماعهما وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

 

الشرط الفاسد أو الباطل:

هو ضربان: أحدهما: ما يفسد العقد ويبطله وثانيهما: ما يبقى التصرف معه صحيحا الضرب الأول: ما يفسد العقد ويبطله.

أ- ضابطه:

ضابط هذا الضرب عند الحنفية: اشتراط أمر يؤدي إلى غرر غير يسير أو اشتراط أمر محظور أو اشتراط ما لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين أو للمعقود عليه ولا يلائم مقتضى العقد ولا مما جرى عليه التعامل بين الناس ولا مما ورد في الشرع دليل بجوازه.

- وعند المالكية: اشتراط أمر محظور أو أمر يؤدي إلى غرر أو اشتراط ما ينافي مقتضى العقد.

- وعند الشافعية: اشتراط أمر لم يرد في الشرع أو اشتراط أمر يخالف مقتضى العقد أو اشتراط أمر يؤدي إلى جهالة.

- وعند الحنابلة: اشتراط عقدين في عقد أو اشتراط شرطين في عقد واحد أو اشتراط ما يخالف المقصود من العقد.

 

ب – أنواعه:

لهذا الضرب سبعة أنواع تؤخذ من ضوابطه:

النوع الأول: اشتراط أمر يؤدي إلى غرر غير يسير، وهذا النوع ذكره الحنفية والمالكية. ومثاله عند الحنفية ما لو اشترى ناقة على أنها حامل لأنه يحتمل الوجود والعدم ولا يمكن الوقوف عليه للحال فكان في وجوده غرر فيوجب فساد البيع.

النوع الثاني: اشتراط أمر محظور.

النوع الثالث: اشتراط أمر يخالف الشرع.

النوع الرابع: اشتراط ما يخالف أو يناقض مقتضى العقد أو ينافي المقصود منه ومثاله ما لو باع دارا بشرط أن يسكنها مدة بطل البيع، أو شرط أن لا يبيعها لم يصح، أو تزوج امرأة على أن لا تحل له لم يصح النكاح لاشتراط ما ينافيه.

النوع الخامس: اشتراط ما يؤدي إلى جهالة، كما لو باع شيئا بثمن إلى نتاج النتاج فهذا البيع لا يصح لما فيه من الجهالة في الأجل.

النوع السادس: اشتراط أحد المتعاقدين على صاحبه عقدا آخر أو اشتراط البائع شرطا يعلق عليه البيع لكونه من قبيل بيعتين في بيعة المنهي عنه كما قال الحنابلة، والنهي يقتضي الفساد.

النوع السابع: اشتراط ما لا يقتضيه العقد وفيه منفعة للبائع أو للمشتري وليس مما جرى به التعامل بين الناس نحو ما إذا باع دارا على أن يسكنها البائع شهرا ثم يسلمها إليه أو أرضا على أن يزرعها سنة، فالبيع في هذا كله فاسد لأن زيادة منفعة مشروطة في البيع تكون ربا لأنه زيادة لا يقابلها عوض في عقد البيع وهو تفسير الربا والبيع الذي فيه الربا أو الذي فيه شبهة الربا فاسد.

 

- الضرب الثاني من ضربي الشرط الفاسد:

هو ما يبقى التصرف معه صحيحا إما لأن المشترط أسقطه أو بقي التصرف معه صحيحا سواء أسقطه المشترط أو لم يسقطه فهو قسمان:

الأول: ما يحكم معه بصحة التصرف إذا أسقطه المشترط، وضابطه عند المالكية اشتراط أمر يناقض المقصود من البيع أو يخل بالثمن فيه أو يؤدي إلى غرر في الهبة، فأنواعه ثلاثة:

أ – اشتراط أمر ينافي المقصود من البيع كأن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع أو لا يهب، فهذا إذا أسقطه المشتري فإن البيع يصح.

ب – اشتراط أمر يخل بالثمن بأن يؤدي إلى جهالة فيه فهذا إن حذفه المشترط صح العقد.

ج – اشتراط أمر يؤدي إلى غرر ومثاله في الهبة ما لو دفع إلى آخر فرسا ليغزو عليه سنين وشرط الواهب أن ينفق الموهوب له عليه في تلك السنين ثم تكون الفرس ملكا للمدفوع له فلا يجوز ذلك للغرر.

الثاني: ما يحكم معه بصحة التصرف سواء أسقطه المشترط أو لم يسقطه، وأنواعه هي:

النوع الأول: ذكره الحنفية وهو اشتراط ما لا يقتضيه العقد ولا يلائم مقتضاه ولم يرد شرع ولا عرف بجوازه وليس فيه منفعة لأحد المتعاقدين أو للمعقود عليه ومثاله: كما لو شرط أخد المزارعين في المزارعة على أن لا يبيع الآخر نصيبه ولا يهبه فالمزارعة جائزة والشرط باطل.

النوع الثاني: ذكره المالكية وهو اشتراط البراءة من العيوب أو من الاستحقاق، فإذا باع عرضا أو حيوانا على البراءة من العيوب ثم اطلع المشتري على عيب قديم فيه كان له رده ولا عبرة بشرط البراءة[8].

النوع الثالث: اشتراط ما يخالف أو ينافي مقتضى العقد دون الإخلال بمقصوده وهذا النوع ذكره المالكية والشافعية والحنابلة.

كما لو اشترط رب الوديعة على المودع ضمانها فلا ضمان عليه إذا أتلفت في محل لا ضمان عليه فيه، لأن يد المودع يد أمانة فلا يضمن إلا بالتعدي فيلغى في هذه الحالة الشرط وتصح الوديعة.

النوع الرابع: اشتراط أمر يؤدي إلى جهالة أو أمر غير مشروع كما لو باع بقرة وشرط أن تدر كل يوم صاعا فإن ذلك لا يصح لعدم القدرة عليه ولعدم انضباطه.

 

القواعد الفقهية التي يمكن إدراجها ضمن القاعدة:

هذه القاعدة المدرجة منها ما يتعلق بالشرط عموما ومنها ما هو من قواعد الترجيح بين الشرط وغيره ومنها ما هو صيغة أخرى للقاعدة الأصل:

1 – يثبت بالشرط ما لا يثبت بالشرط.

2 – المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلال[9].

3 – مقاطع الحقوق عند الشروط[10].

4 – المستثنى بالشرط أوسع من المستثنى بالشرع.

5- الحكم المعلق بالشرط عدم عند عدمه.

6- يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان.

7 – المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط.

 

نتائج البحث:

- قاعدة: "ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرطّ من قواعد الترجيح، وهي قاعدة مطردة في كثير من أبواب الفقه.

- بيان أن الأصل في شروط العقود الحل والإباحة إلا ما دل الدليل على بطلانه إما لكونه حراما وإما لكونه متعارض مع أصل شرعي فحينئذ يقدم الشرع على الشرط.

- النذر هو التزام قربة لم تتعين بأصل الشرع، وهو يقع بالمباح والواجب الموسع والواجب المضيق والواجب الكفائي، ولا يصح نذر الواجب المتعين المضيق لأنه تحصيل حاصل إذ هو ثابت بأصل الشرع.

- تفصيل الكلام حول أخذ العوض من المرأة من أجل طلاقها مع اشتراط الرجعة، وبيان أن هذا الفرع مختلف فيه بين الشافعية وغيرهم.

- بسط الكلام حول الشروط في المعاملات والعقود وتوضيح أقسامها وأحكامها.

 

قائمة المراجع:

1 – الأشباه والنظائـر في قواعد وفروع الشافعية جلال الدين السيوطي. تحقيق محمد محمد تامر وحافظ عاشور. دار السلام. ط3. 1427هـ /2006م.

2- إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي. تحقيق أحمد بوطاهر الخطابي. الرباط 1400هـ/ 1980م.

3- ترتيب الفروق واختصارها أبي عبد الله محمد إبراهيم البقوري دار ابن حزم. ط1. 1425هـ/ 2005م.

4- شرح القواعد الفقهية. الشيخ أحمد بن الشيخ محمد الزرقا. دار القلم ط2. 1422هـ/ 2001م.

5- الفوائد الجنية حاشية المواهب السنية شرح الفرائد البهية في الأشباه والنظائر على مذهب الشافعية. أبي الفيض محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكي اعتنى بطبعه: رمزي سعد الدين دمشقية.

6- القواعد الفقهية. د عبد العزيز محمد عزام.دار الحديث القاهرة.

7– القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين للعلامة ابن القيم. إعداد أبي عبد الرحمن عبد المجيد جمعة الجزائري. دار ابن عفان.ط1. 1421هـ.

كتاب القواعد لتقي الدين الحصني.

9- مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية (بحث حول الشرط الجزائري).

10- الموسوعة الفقهية الكويتية [المكتبة الشاملة على الحاسوب].



[1] الموسوعة الفقهية الكويتية: 13/27

[2] رواه الدارمي

[3] رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها (رقم: 6202).

[4] رواه مسلم عن عمران بن حصين (رقم: 3099)

[5] هذا الكلام فيه نظر إذ لو كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاليا من المشقة فكيف نفسر ما حصل للأنبياء مع أقوامهم والعلماء بعدهم وقد قال الله تعالى﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾.

[6] القواعد الكلية الكبرى لعزام ص 285.

[7] تهذيب الفروق واختصارها للبقوري.

[8] وليس للمشتري ضمان ما أخذ من منفعته جربا على قاعدة الغرم بالغنم.

[9] أصل هذه القاعدة حديث صحيح علقه البخاري ووصله أحمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة.

[10] أصل هذه القاعدة أثر مروي عن عمر رضي الله عنه علقه البخاري في كتاب الشروط ووصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشرط في الفقه وأقسامه

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تداخل القواعد الفقهية في القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجوهرة النقية في القواعد الفقهية ويليها: الأرجوزة السنية في القواعد الفقهية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقة بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القواعد الأصولية في كتاب الرسالة للإمام الشافعي مع بعض القواعد الفقهية وغيرها (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب