• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

حقوق الجنين في الإسلام

الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2017 ميلادي - 23/7/1438 هجري

الزيارات: 130627

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الجنين في الإسلام

 

الحمد لله الذي أكمل لنا الدِّين، وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمةٍ، وبعث فينا رسولًا منا يتلو علينا آياته، ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة،والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا،أما بعد:

 

فإن الشريعة الإسلامية قد أعطت الجنين في بطن أمه حقوقه كاملة، ويمكن أن نوجز حقوق الجنين في الأمور التالية:

المحافظة على صحة الجنين:

تظهر محافظة الشريعة الإسلامية على سلامة الجنين منذ تكوينه في رحم أمه حتى يخرج إلى الحياة.

 

ويمكن أن نوجز صور محافظة الإسلام على الجنين فيما يلي:

(1) إباحة الفِطر للمرأة الحامل والمرضع:

وذلك من أجل المحافظة على صحة الجنين؛ حتى لا يتعرض للسقوط، ومحافظة على الأم؛ لأنها أصل الجنين.

روى أحمد وأبو داود عن أنس بن مالكٍ رجلٍ من بني عبدالله بن كعبٍ، قال: أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو يتغدى، فقال: ((ادنُ فكُلْ))، قلت: إني صائم، قال: ((اجلس أحدثك عن الصوم أو الصيام، إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم))؛ (حديث حسن صحيح) (مسند أحمد ـ جـ 4 ـ صـ 347) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2107).

 

في هذا الحديث دليل على أن المرأة أو المرضع تُفطر إذا خافت على ولدها، ولو كانت هي قادرة على الصوم.

 

والحكمة من ذلك: أن الجنين يحتاج إلى تدفق الدم ليحصل منه على غذائه وشرابه، ولما كانت محتويات الدم معرَّضة للتأثر بسبب الصوم، وهذا يؤثر على نمو الجنين، كانت رخصة للمرأة الحامل أو المرضع أن تفطر في شهر رمضان من أجل المحافظة على صحة الجنين.

 

(2) تأخير العقوبة البدنية المستحقة على الحامل:

مِن صور عناية الشريعة الإسلامية بالجنين: أن المرأة الحامل من الزنا، إذا كانت متزوجة قبل ذلك، فإنها لا يقام عليها حد الرجم حتى تضع حملها، ولا يقتص منها في أي عقوبة أخرى حتى تضع حملها.

 

قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن المرأة إذا اعترفت بالزنا، وهي حامل، أنها لا ترجم حتى تضع حملها؛ (الإجماع لابن المنذر صـ 112 رقم 635).

 

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

هذه الآية المباركة دليل على أن الإنسان لا يؤاخَذ بذنب غيره، وفي رجم المرأة الحامل أو القِصاص منها اعتداءٌ على جنينها، وقتل نفس معصومة بغير ذنب.

 

روى مسلم عن بريدة، قال: جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله، إني قد زنيتُ فطهِّرني، وإنه ردها، فلما كان الغد، قالت: يا رسول الله، لمَ تردني؟ لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا؛ فوالله إني لحبلى، قال: ((إما لا فاذهبي حتى تلدي))، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقةٍ، قالت: هذا قد ولدته، قال: ((اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه))، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبزٍ، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجلٍ من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها؛ (مسلم حديث 1695).

 

روى مسلم عن أبي عبدالرحمن، قال: خطب عليٌّ فقال: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحدَّ، من أحصن منهم ومن لم يحصن؛ فإن أمَةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهدٍ بنفاسٍ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أحسنتَ))؛ (مسلم حديث 1705).

 

حقوق الجنين المادية:

المقصود بالحقوق المادية هي الحقوق التي يكتسبها الجنين من جهة الشرع، سواء كانت مالًا أو عينًا، ويمكن أن نوجز هذه الحقوق في الأمور الآتية:

(1) الإرث:

ذهب الفقهاء إلى استحقاق الجنين للإرث بشرطين:

(1) التيقن من وجود الجنين في بطن أمه عند موت مورِّثه.

 

(2) انفصال الجنين عن أمه حيًّا، ولو لحظة واحدة، وذلك بصُراخِه، أو ما يدل على حياته؛ (المبسوط للسرخسي جـ 30 صـ 50: صـ 51) (المغني لابن قدامة جـ 8 صـ 456).

روى أبو داود عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا استهل المولود، ورِث))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2534).

 

(2) الوصية:

اتفق الفقهاء على جواز الوصية للجنين في وجود شرطين، وهما:

(1) أن يكون الجنين موجودًا في بطن أمه وقت الوصية، فإذا لم يكن الجنين موجودًا وقت الوصية، كانت هذه الوصية باطلة.

 

(2) أن ينفصل الجنين عن أمه وهو على قيد الحياة؛ (البحر الرائق لابن نجيم جـ 8 صـ 389).

 

قال ابن قدامة:

الوصية للحمل صحيحة، لا نعلم فيه خلافًا؛ وذلك لأن الوصية جرت مجرى الميراث، من حيث كونها انتقال المال من الإنسان بعد موته إلى الموصى له، بغير عوضٍ، كانتقاله إلى وارثه، وقد سمى الله تعالى الميراث وصيةً بقوله سبحانه: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ [النساء: 11].

 

وقال سبحانه: ﴿ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾ [النساء: 12].

 

والحمل يرث، فتصح الوصية له، ولأن الوصية أوسع من الميراث، فإنها تصح للمخالف في الدِّين والعبد، بخلاف الميراث، فإذا ورث الحمل، فالوصية له أولى؛ (المغني لابن قدامة جـ 8 مسألة 966 صـ 455: صـ 456).

 

(3) الهِبَة:

تجوز الهبة للجنين؛ لأن نفعها خاص به، فإذا ولد الجنين حيًّا كان الشيء الموهوب له، ولو مات بعد ولادته حيًّا، انتقل المال إلى ورثته.

 

وأما إذا ولد الجنين ميتًا، اعتبرت الهبة كأن لم تكُنْ، ويقر المال ملكًا للواهب؛ (المحلى لابن حزم جـ 9 صـ 120: صـ 121مسألة 1629).

 

(4) الشفعة:

أجاز بعض العلماء حق الشفعة للجنين، وذلك بأن يكون الشريك في العقار جنينًا، كأن يموت شخص وله نصيب في عقار، ويترك زوجته حاملًا، وقبل أن تضع حملها، يبيع الشريك في ذلك العقار نصيبه إلى الغير، أو قد يحدث أن يوصي شخص لجنين فيبيع الشريك نصيبه في ذلك العقار، ففي هذه الحالة يثبت حق الشفعة للجنين قياسًا على الميراث، وحفظًا لمصلحة الشفيع ودفع الضرر عنه، ولو كان جنينًا، فما دام يرثه في ماله، فتثبت له حقوق الملكية تبعًا لذلك؛ (المدونة لسحنون جـ 4 صـ 257).

 

إجهاض الجنين:

الجنين:

قال ابن حجر العسقلاني - رحمه الله -: الجنين حمل المرأة ما دام في بطنها، وسمي بذلك؛ لاستتاره، فإن خرج حيًّا فهو ولَد، أو ميتًا فهو سقط؛ (فتح الباري لابن حجر جـ 12 صـ 258).

 

الإجهاض:

إلقاء المرأة جنينها قبل أن يستكمل مدة الحمل ميتًا أو حيًّا دون أن يعيش، وقد استبان بعض خلقه، بفعل منها؛ كاستعمال دواء أو غيره، أو بفعل من غيرها؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية ـ جـ 9 ـ رقم 1200 صـ 3094: صـ 3095).

 

وهناك ألفاظ تستعمل بمعنى الإجهاض يستخدمها الفقهاء في كتبهم، مثل:

الإسقاط، والإلقاء، والطرح، والإنزال، والإملاص.

 

مراحل حياة الجنين في رحم الأم:

إن الجنين يمر بنوعين من التطور والنمو المرحلي في تكون حياته:

الأول: تطور مادي محسوس، تتعاقب عليه أحوال التخلق والتسوية في تكوينه الجسدي.

 

والثاني: تطور غير محسوس يضاف إلى ذلك الجسد النامي، فيبعث الله تعالى فيه الحياة والتعقل، والإرادة والتفكر، ويبدأ هذا التطور بنفخ الروح في جسده، وقد وردت الإشارة إلى كِلا النوعين من التطور في القرآن والسنة.

 

أولًا: القرآن الكريم:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ [الحج: 5].

 

وقال سبحانه:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].

روى ابن جرير الطبري عن عبدالله بن عباس: أنه قال في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ﴾ [المؤمنون: 14]: نفَخ الرُّوح فيه؛ (تفسير الطبري جـ 18 صـ 11).

 

ثانيًا: السنة:

جاءت عدة أحاديث في سنة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ذكرت أطوار حياة الجنين وما يطرأ عليها من تطور، نذكر منها:

(1) روى الشيخان عن عبدالله بن مسعودٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - قال: ((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يبعث الله ملَكًا، فيؤمر بأربع كلماتٍ، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة))؛ (البخاري حديث 3208 / مسلم حديث 2643).

 

(2) روى مسلم عن عبدالله بن مسعودٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشقي مَن شقِي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره))، فأتى رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: حذيفة بن أسيدٍ الغفاري فحدثه بذلك من قول ابن مسعودٍ، فقال: وكيف يشقى رجل بغير عملٍ؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلةً، بعث الله إليها ملَكًا فصوَّرها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب، أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملَك، ثم يقول: يا رب، أجله؟ فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملَك، ثم يقول: يا رب، رزقه؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملَك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أُمر ولا ينقص))؛ (مسلم حديث 2645).

 

أنواع الإجهاض:

ينقسم الإجهاض إلى عدة أنواع وباعتبارات مختلفة:

ينقسم الإجهاض من حيث قصد إسقاط الجنين إلى قسمين:

(1) إجهاض تلقائي، ويسمى عفويًّا أو طبيعيًّا.

 

(2) إجهاض غير عفوي، ويسمى إجهاضًا اختياريًّا أو إراديًّا.

♦ الإجهاض التلقائي (الطبيعي): هو الإجهاض الذي يحصل بدون تدخل خارجي، ولا تدخل للمرأة أو غيرها فيه، وسوف نتحدث عن كل نوع بإيجاز:

أنواع الإجهاض التلقائي (الطبيعي):

ينقسم الإجهاض التلقائي (الطبيعي) إلى عدة أنواع، وباعتبارات مختلفة:

أولًا: باعتبار تكراره، وينقسم إلى نوعين:

1 - إجهاض عفوي عارض: وهو الإجهاض الوحيد الذي لم يتكرر.

2 - إجهاض عفوي متكرر: وهو الإجهاض الذي يتكرر لثلاثة أحمال متوالية.

 

ثانيًا: باعتبار درجته:

ينقسم الإجهاض التلقائي (الطبيعي) باعتبار درجته إلى ثلاثة أنواع، هي:

1 - إجهاض منذر أو مهدد: وسمي منذرًا؛ لأنه ينذر بوقوع الإجهاض، ويكون الإجهاض التلقائي منذرًا إذا نزل من الرحم دم من غير آلام، أو وجدت آلام في الرحم قبل مرور عشرين أسبوعًا من الحمل.

2 - إجهاض محتم: وسمي محتمًا؛ لأنه ينتهي إلى خروج الجنين حتمًا، ويصحب هذا الإجهاض نزيف، ويتسع عنق الرحم.

 

وينقسم الإجهاض المحتم إلى نوعين، هما:

1 - إجهاض محتم ناقص: هو الذي يؤدي إلى خروج الجنين أو بعض محتويات الرحم دون بقية المحتويات.

 

2 - إجهاض محتم كامل: وهو الذي يؤدي إلى خروج محتويات الرحم.

 

3 - إجهاض متروك أو مختف: وهذا يحدث عندما ينزف الرحم داخليًّا، فتنقطع تغذية الجنين، ويبقى في الرحم فترة قد تطول، وقد تقصر، ثم يقذفه الرحم ذاتيًّا أو يخرج بواسطة الطبيب.

 

• الإجهاض الإرادي الاختياري:

الإجهاض الاختياري: هو إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي عمدًا وبأي وسيلة، ويكون غير قابل للعيش.

 

أنواع الإجهاض الاختياري:

ينقسم الإجهاض الاختياري بحسب دوافعه إلى عدة أنواع، هي:

(1) إجهاض يتم لدوافع مرَضيَّة، وهذا النوع له صورتان:

1 - أن يتم لإنقاذ حياة الأم أو علاجها.

2 - أن يتم لأسباب تتعلق بالجنين.

 

(2) إجهاض يتم لدوافع اجتماعية، كالذي يتم بسبب الفقر، أو لتحديد عدد المواليد، أو لجهل الآباء.

 

(3) إجهاض يتم لدوافع أخلاقية؛ كخشية العار من الزنا، أو التخلص من الحمل الناتج عن الاغتصاب.

 

(4) إجهاض يتم لدواعٍ عدوانية؛ كالحرمان من الميراث، والأخذ بالثأر.

 

(5) الإجهاض العفن: وهذا النوع من الإجهاض يعتبر أثرًا من آثار الإجهاض الاختياري، ويحدث عندما تحاول المرأة إنهاء حملها بوسائلها الخاصة لقتل الجنين، فيبقى (بعد موته) ويتعفن، ويصاحبه حدوث التهابات عنيفة، قد تصيب جسم المرأة كله بالتسمم؛ (أحكام الإجهاض في الفقه الإسلامي للدكتور / إبراهيم محمد قاسم صـ 115: صـ 117).

 

حكم إجهاض الجنين بعد مُضي أربعة أشهر عليه:

اتفق فقهاء المسلمين على أنه لا يجوز إسقاط الحمل بعد أن تنفخ فيه الروح وتدب فيه الحياة،ويعتبر الإسقاط في هذه الحالة جناية على حي، وجريمة يعاقب مرتكبها دنيويًّا وأخرويًّا.

 

وإذا كان في بقاء الحمل إلى وقت الوضع خطرٌ على حياة الأم بتقرير الأطباء المختصين، ذوي الكفاءة والأمانة، فإنه يباح إسقاطه، بل يجب إذا تعين ذلك لإنقاذ حياة الأم؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 7 رقم 1097 صـ 2573: صـ 2574).

 

• لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي، وفي حدود ضيقة جدًّا.

 

• إن كان الحمل في الطور الأول، وهي مدة الأربعين، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية، أو دفع ضرر متوقع، جاز إسقاطه.

أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد، أو خوفًا من العجز عن تكاليف معيشتهم أو تعليمهم، أو من أجل مستقبلهم، أو الاكتفاء بما لدى الزوجين من أولاد، فغير جائز.

 

• لا يجوز إسقاط الحمل إن كان علقة أو مضغة، إلا إذا قررت لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه، بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره، جاز إسقاطه بعد استنفاد كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.

 

• بعد الطور الثالث، وبعد إكمال أربعة أشهر للحمل، لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من المختصين الموثوقين أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها، وذلك بعد استنفاد كافة الوسائل لإنقاذ حياته؛ (فتوى اللجنة الدائمة رقم 140 بتاريخ 20 / 6 / 1407 هـ) (الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور/ أحمد محمد كنعان صـ 44: صـ 45).

 

إسقاط الجنين المشوه خلقيًّا:

فتوى مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي 1410 هـ / 1990م، الدورة الثانية عشرة بمكة المكرمة.

إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يومًا، لا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذ يجوز إسقاطه، سواء كان مشوهًا أم لا؛ دفعًا لأعظم الضررين،أما قبل مرور مائة وعشرين يومًا (أربعة أشهر) على الحمل، إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات، وبناء على الفحوص الفنية، بالأجهزة والوسائل المختبرية، أن الجنين مشوه تشويهًا خطيرًا، غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده، ستكون حياته سيئة وآلامًا عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناءً على طلب الوالدين، والمجلس إذ يقرر ذلك، يوصي الأطباء والوالدين بتقوى الله، والتثبت في هذا الأمر،والله ولي التوفيق؛ (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للسالوس صـ 700: صـ 701).

 

• إذا ثبت ثبوتًا قطعيًّا بواسطة وسائل الطب الحديثة أن بالجنين عيوبًا وراثية خطيرة، لا تتلاءم مع الحياة العامة، وأنها تسري بالوراثة في سلالته، فإنه يجوز إجهاض هذا الجنين بشرط أن يكون ذلك قبل مرور أربعة أشهر على هذا الجنين في بطن أمه.

 

حكم إجهاض جنين الاغتصاب:

معنى الاغتصاب:

أخذ الشيء قهرًا وظلمًا،والمراد بالاغتصاب هنا: إكراه المرأة على الزنا.

إن جنين الاغتصاب أثر من آثار فعل المغتصب الصائل (الظالم)، وثمرة من ثمراته.

 

والاغتصاب بمعنى هتك العرض والإتيان بالفاحشة ظلمًا وقهرًا، جريمة مغلظة، تجمع بين ارتكاب فاحشة الزنا، التي هي كبيرة من الكبائر، وبين إيقاع الظلم والقهر بالمغتصبة، البريئة الشريفة، وهو نوع من البغي الذي اعتبره الإسلام كبيرة أخرى، وصدق الله تعالى حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

 

والشريعة الإسلامية تأبى الخضوع أمام جبروت وغطرسة أهل الظلم والبغي والاغتصاب، فجعلت صدهم وردهم نوعًا من الجهاد في سبيل الله تعالى؛ لتنقية المجتمع من شرورهم وآثامهم.

 

وبناءً على ما سبق، نقول وبالله تعالى التوفيق والسداد:

• يجوز إجهاض جنين الاغتصاب، وذلك بالضوابط التالية:

أولًا: التأكد من ثبوت حالة الاغتصاب.

ثانيًا: أن يتم الإجهاض بعد الاغتصاب مباشرة.

ثالثًا: ألا يكون الجنين قد نفخت فيه الروح، فإن مر على الجنين أربعة أشهر ونفخت فيه الروح، حرُم إجراء عملية الإجهاض.

رابعًا: يجب أن تتم عملية الإجهاض تحت إشراف طبي مأمون مراعاة لسلامة الأم.

خامسًا: تتم عملية الإجهاض بطلب من الأم المغتصبة أو من ينوب عنها أمام الجهات الحكومية الرسمية للتأكد من حالة الاغتصاب وإثباتها، وتتبع الجاني الظالم الذي اعتدى على هذه المرأة الشريفة؛ (مجلة الشريعة - العدد 41 - بحث في جنين الاغتصاب للدكتور / سعد الدين مسعد هلالي صـ 314: صـ 315) (أحكام الإجهاض في الفقه الإسلامي للدكتور / إبراهيم محمد قاسم صـ 135: صـ 140) (الموسوعة الطبية الفقهية للدكتور / أحمد محمد كنعان صـ 527) (فتوى دار الإفتاء المصرية الخاصة بإجهاض جنين الاغتصاب 26 جمادى الثانية 1419 هـ 16 أكتوبر 1998 م).

 

لا مانع شرعًا من العمليات الجراحية التي تجرى للأنثى التي اختطفت وأكرهت على مواقعتها جنسيًّا لإعادة بكارتها.

 

ولا مانع شرعًا من تفريغ ما في أحشائها من نطفة ملوثة للذئب البشري؛ بشرط ألا يكون قد مر على هذا الحمل مائة وعشرون يومًا؛ لأنه لا يحل في هذه الحالة إسقاط الجنين؛ لكونه أصبح نفسًا ذات روح يجب المحافظة عليها، والاعتداء عليها لا يجوز إلا إذا كان استمرار وجوده خطرًا على حياة الأم؛ (الموسوعة الفقهية للدكتور / أحمد محمد كنعان صـ 527).

 

حكم الإجهاض بسبب الزنا:

يحرم على المرأة التي حملت من الزنا أن تجهض نفسها لتستر على جريمتها، سواء نفخت الروح في الجنين أم لم تنفخ فيه الروح، وهذا الحكم يتضمن كل من يساعدها على الإجهاض في جميع مراحل الحمل؛ وذلك لما يلي:

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

 

(1) إن أهم الدوافع التي تدفع المرأة التي حملت من الزنا إلى الإجهاض، رغبتها في التخلص من حملها لتستر على نفسها، ولا يوجد مبرر في الشريعة الإسلامية للتضحية بحياة بريء من أجل ذنب ارتكبه غيره، دون أن يكون له أي دخل فيه، وهذا يشمل جميع مراحل الحمل.

 

(2) إن الحكم بجواز الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين، في الزواج الصحيح، إنما يكون لضرورة شرعية، وهذه رخصة لا يجوز الحصول عليها بارتكاب المعصية.

 

(3) إن القول بجواز إسقاط الزانية لحملها من الزنا مناقضة صريحة لقاعدة سد الذرائع، فإذا لم يردع الزانية عن الفاحشة مخافة الله تعالى فإنه يردعها عاقبة هذه الفضيحة بين الناس، من ظهور الحمل الذي يكشف كل مستور، فإذا جاء مَن يضع بين يديها سبيلًا شرعيًّا للتخلص من حملها الذي سيفضحها بين الناس، زالت عنها العقبة التي كانت تصدها عن هذه الفاحشة، وفتحت أمامها ذريعة تسير على ضوئها؛ (تحديد النسل للبوطي صـ 127: صـ 139).

 

أحكام ديَة الجنين:

ديَة جنين المرأة المسلمة:

إذا مات الجنين بسبب الاعتداء على أمِّه المسلمة، فديَته خمس من الإبل، سواء مات هذا الجنين وهو في بطن أمه أم خرج منها ميتًا،وسواء كانت هذه الجناية عمدًا أم خطأ، ولو كان من الأم الحامل نفسها أو من زوجها، وسواء كان الجنين ذكرًا أم أنثى؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 59).

 

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: اقتتلت امرأتان من هذيلٍ، فرمت إحداهما الأخرى بحجرٍ فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى أن ديَة جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن ديَة المرأة على عاقلتها؛ (البخاري حديث 6910 / مسلم حديث 1681).

 

ديَة جنين المرأة غير المسلمة:

إذا مات الجنين بسبب الاعتداء على أمه غير المسلمة، التي لها أمان مع المسلمين، فديَة جنينها عُشر ديَة أمه؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 66).

 

حكم الجنين الذي خرج حيًّا ثم مات:

إذا خرج الجنين من بطن أمه حيًّا ثم مات بسبب الجناية، ففيه الديَة الكاملة باتفاق العلماء؛ لأنه قتل إنسان حي، مع الكفارة، وهي عتق رقبة مسلمة، فإن لم يستطع فصوم شهرين متتابعين.

 

قال ابن المنذر - رحمه الله -: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن الجنين، يسقط حيًّا من الضرب، دية كاملة، منهم زيد بن ثابت، وعروة، والزهري، والشعبي، وقتادة، وابن شبرمة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي؛ وذلك لأنه مات من جنايته بعد ولادته، في وقت يعيش لمثله، فأسبق قتله بعد وضعه؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 74).

 

فائدة مهمة:

ديَة القتل العمد تكون من مال القاتل نفسه، وتدفع لأهل القتيل في الحال؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 13: صـ 14).

وأما ديَة القتل الخطأ وشبه العمد، فتكون على عاقلة الجاني، تدفعها مؤجلة على ثلاث سنوات.

 

في كل سنة ثلث الدية، وتبدأ الدية وتبدأ السنة من حين وجوب الدية، وهذا يتضمن أيضًا ديَة الأطراف؛ كالأنف أو العين أو الأذن وغيرها؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 15: صـ 17).

 

تعدد الديَة بتعدد الأجنة:

أجمع الفقهاء على أنه لو انفصل من المرأة جنينان فأكثر أنه يجب في كل جنين خمس من الإبل.

قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: إذا ألقت المرأة أجنة موتى قبل موتها وبعده، فذلك كله سواء، وفي كل جنين منهم غُرة؛ (الأم للشافعي جـ 6 صـ 108).

وقال ابن قدامة - رحمه الله -: إذا ضرب بطن امرأةٍ، فألقت أجنةً، ففي كل واحدٍ غرة.

وإن ألقتهم أحياء في وقتٍ يعيشون في مثله ثم ماتوا، ففي كل واحدةٍ ديَة كاملة (مائة من الإبل).

وإن كان بعضهم حيًّا فمات، وبعضهم ميتًا، ففي الحي دية، وفي الميت غُرة؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 68).

 

العجز عن الديَة:

في حالة القتل شبه العمد أو القتل الخطأ، إذا لم يكن للجاني عاقلة، أو عجَزت عاقلته عن دفع الدية، فإنها تكون من بيت مال المسلمين؛ بشرط أن يكون الجاني مسلمًا؛ (روضة الطالبين للنووي جـ 7 صـ 205) (الذخيرة للقرافي جـ 12 صـ 387: صـ 388) (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 44).

 

روى أبو داود عن المقدام الكندي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا أولى بكل مؤمنٍ من نفسه، فمَن ترك دَينًا أو ضيعةً فإليَّ، ومن ترك مالًا فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له، أرث ماله، وأفك عانه، والخال مولى مَن لا مولى له، يرث ماله، ويفك عانه))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2520).

 

صلاة الجنازة على الجنين:

إذا أسقطت المرأة جنينها بعد أربعة أشهر كاملة، فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه؛ لأنه في هذه الحالة يكون قد نفخت فيه الروح.

 

روى أبو داود عن المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2723).

 

وأما إذا سقط الجنين قبل أربعة أشهر، فإنه لا يغسل، ولا يصلى عليه، ويُلَف في قطعة قماش، ويدفن؛ لأنه في هذه الحالة لا يكون قد نفخت فيه الروح، فلا يكون نَسَمة، وإنما يكون كالجمادات والدم؛ (المجموع للنووي جـ 5 صـ 256) (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 458: صـ 460) (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 8 صـ 403: صـ 407) (أحكام الجنائز للألباني صـ 105).

 

طهارة المرأة التي سقط جنينها:

إذا أسقطت المرأة جنينها ولم يظهر فيه خلق الإنسان، فإن ما خرج منها من الدم قبيل إسقاط جنينها أو بعده، يعتبر دم فساد، ويجب عليها أن تصلي وتصوم، مع مراعاة أنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتتحفظ من هذا الدم، بقطن أو قماش أو ما شابه ذلك.

 

وأما إذا سقط من المرأة ما يظهر خلق الإنسان من ذراع أو رأس أو قدم، فحكمها يكون كحكم المرأة النفساء، فيجب عليها ترك الصلاة والصوم، ويجتنبها زوجها حتى تطهر أو تكمل أربعين يومًا، فإذا انقطع دمها قبل الأربعين اغتسلت وصلت وحل لها الصوم، وحل لزوجها أن يجامعها؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 431) (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 5 صـ 419).

 

عدة المرأة بعد الإجهاض:

إذا حصل الإجهاض بعد تمام خلق الجنين، فإن الأحكام التي تترتب على الولادة تترتب على الإجهاض من حيث الطهارة، وانقضاء العدة، ووقوع الطلاق المعلق على الولادة ليتيقن من براءة الرحم بذلك؛ (الموسوعة الفقهية الكويتية جـ 2 صـ 63).

 

ديَة الأم التي تموت بسبب الإجهاض:

إن موت الأم بسبب الإجهاض له أربع حالات:

الحالة الأولى:

أن تكون الجناية مقصودًا بها الأم مباشرة، وتتسبب في إجهاض الجنين وموته.

 

الحالة الثانية:

أن تكون الجناية مقصودًا بها الجنين، فتموت الأم بسبب الإجهاض، وهذه الحالة لها أربع صور، هي:

1 - أن يكون القاصد للجناية على الجنين هو الزوج.

2 - أن يكون القاصد للجناية هي الأم نفسها، فتموت بسبب فعلها.

3 - أن يكون القاصد للجناية على الجنين أحد غير الزوج أو الأم، سواء كان من أقارب الجنين أم لا.

4 - أن يقصد الطبيب (ومن في حكمه) إجهاض الجنين طلبًا للسلامة، فتموت الأم بسبب الإجهاض.

 

الحالة الثالثة: أن يقصد الجاني أمرًا آخر، فتموت الأم والجنين بسببه،وهذه الحالة لها صورتان:

1 - أن يطلب الأمَّ مَن له سلطة مرهوبة (كالحاكم أو القاضي) بحق أو ظلمًا، فتجهض الأم وتموت بسبب الخوف أو الإجهاض.

 

2 - أن يقصد الزوج تأديب زوجته، فتجهض وتموت بسبب الإجهاض،وهذه الصورة لها نوعان:

النوع الأول: أن يؤدب الزوج زوجته بما جرت العادة التأديب به، ولم يسرف، فتموت الزوجة بسبب التأديب أو الإجهاض.

 

النوع الثاني: أن يسرف الزوج في تأديبها ويتجاوز الحد المعتاد، فتموت الزوجة بسبب التأديب أو الإجهاض.

 

الحالة الرابعة: أن يكون موت الأم بسبب اصطدام امرأتين حاملتين فأجهضتا، وماتتا بسبب الإجهاض أو الاصطدام، أو ما شابه ذلك، وسوف نذكر أحكام الدية في هذه الحالات:

الحالة الأولى:

إذا كان المقصود بالجناية الأم مباشرة، ونتج عن ذلك إجهاض الجنين وموته، وماتت الأم قبل الإجهاض أو بعده، وسواء كان الجاني هو الزوج أو غيره، فإن كانت الجناية عمدًا، وجب القِصاص من الجاني، إلا إذا عفا أولياء المرأة عن الجاني أو فات محل القِصاص من الجاني، فحينئذ تجب الدية في مال الجاني نفسه، ولا تتحمل عاقلته شيئًا.

 

العاقلة: هم أقارب الجاني من جهة الأب، وهم إخوته وبنوهم، ثم الأعمام وبنوهم، ثم أعمام الأب وبنوهم، ثم أعمام الجد وبنوهم؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 39).

 

قال ابن المنذر - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن العاقلة لا تحمل ديَة العمد، وأنها تحمل دية الخطأ؛ (الإجماع لابن المنذر صـ 120 رقم 705).

 

وأما الجنين، فيجب ضمانه بخمسة من الإبل، إذا خرج من بطن أمه ميتًا، وأما إذا خرج حيًّا ثم مات بعد ذلك فعلى الجاني دفع الدية كاملة (مائة من الإبل)؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 178]، هذه الآية المباركة تدل على مشروعية الديَة في القتل العمد في حالة العفو عن القِصاص؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 59: صـ 62).

 

روى البخاري عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: كان في بني إسرائيل القِصاص، ولم تكن فيهم الدية، فقال الله تعالى لهذه الأمة: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾؛ فالعفو أن يقبل الديَة في العمد، ﴿ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ يتبع بالمعروف، ويؤدي بإحسانٍ، ﴿ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ﴾ ما كتب على مَن كان قبلكم، {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قتل بعد قبول الدية؛ (البخاري حديث 4498).

 

روى البخاري عن أبي هريرة، قال: قتلت خزاعة رجلًا من بني ليثٍ بقتيلٍ لهم في الجاهلية، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليهم رسوله والمؤمنين، ألَا وإنها لم تحل لأحدٍ قبلي، ولا تحل لأحدٍ بعدي، ألا وإنما أحلت لي ساعةً من نهارٍ، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يُختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا يَلتقط ساقطتها إلا منشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين؛ إما يودى، وإما يقاد))، فقام رجل من أهل اليمن يقال له: أبو شاه، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتبوا لأبي شاهٍ))، ثم قام رجل من قريشٍ فقال: يا رسول الله، إلا الإذخر؛ فإنما نجعله في بيوتنا وقبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إلا الإذخر))؛ (البخاري حديث 6880).

 

الحالة الثانية:

بالنسبة للصورة الأولى عندما يكون القاصد للجناية على الجنين هو الزوج فتموت الأم نتيجة الإجهاض، فيكون هذا قتلَ خطأ، فيكون على الزوج دية قتل الخطأ، وتعطى لورثة الأم التي ماتت.

 

وبالنسبة للصورة الثانية إذا كان القاصد للجناية على الجنين هي الأم نفسها، فتموت بسبب فعلها، فإن جنايتها على نفسها هدر، ولا يجب على عاقلتها شيء؛ (الحاوي للماوردي جـ 16 صـ 177) (الاستذكار لابن عبدالبر جـ 25 صـ 185 رقم 37597: 37600) (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 34).

 

وأما بالنسبة للصورة الثالثة، إذا كان القصد للجناية أحد من غير الأبوين، وترتب على ذلك موت الجنين، فيجب القِصاص من الجاني في هذه الحالة، إلا إذا عفا أهل الجنين، وفي هذه الحالة تجب دية الجنين، وأما جنايته على الأم الناتجة عن قصد الجاني لقتل الجنين، وترتب على ذلك موت الأم، فيجب دية القتل الخطأ، تدفعها عاقلة الجاني على ثلاث سنوات.

 

وبالنسبة للصورة الرابعة، أن يقصد الطبيب (أو القابلة) إجهاض الجنين طلبًا لسلامة الأم، فتموت بسبب الإجهاض، فلا شيء على الطبيب في هذه الحالة؛ بشرط أن يكون الطبيب ذا خبرة وقد أدى ما عليه من الناحية الطبية.

 

قال ابن المنذر - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن الطبيب إذا لم يتعمَّد لم يضمن؛ (الإجماع لابن المنذر صـ 151 رقم 698).

 

قال ابن رشد - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية؛ (الاستذكار لابن عبدالبر جـ 25 صـ 55) (بداية المجتهد لابن رشد جـ 2 صـ 610).

 

الحالة الثالثة:

الصورة الأولى:

أن يطلب المرأةَ مَن له سلطة مرهوبة، كالحاكم أو القاضي، بحق أو ظلمًا، فتفزع المرأة وتموت من الخوف أو بالإجهاض الناشئ عنه، ففي هذه الحالة اتفق الفقهاء على ضمان الجنين بخمسة من الإبل؛ لأن موته كان بسبب الذي أرسل إلى المرأة.

 

وأما إذا ماتت المرأة في هذه الحالة، فلا يخلو إما أن يكون موتها بسبب الفزع أو نتيجة الإجهاض الناتج عنه هذا الفزع.

 

فنقول وبالله التوفيق:

إذا كان إرسال الحاكم إليها بحق، ولم يحدث من الذين أرسلهم الحاكم لإحضار المرأة أي اعتداء، فلا ضمان على الحاكم؛ وذلك لأن الحاكم قد طلب المرأة بحق مأذون له فيه من الشريعة،وأما إذا كان استدعاء المرأة بظلم، فعلى عاقلة الحاكم دفع الدية كاملة لورثة المرأة، وكذلك دية الجنين؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 101: صـ 102).

 

الصورة الثانية:

إذا قصد الزوج تأديب زوجته، فضربها ضربًا معتادًا ولم يسرف في الضرب، فإن دية الجنين عليه؛ لأنه هو الذي تسبب في موته، وأما موت المرأة فلا قصاص فيه، ولكن لها دية القتل الخطأ، وتدفعها عاقلة الزوج لورثة الزوجة على ثلاث سنوات،وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي- رحمهما الله؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 528).

 

وأما إذا تجاوز الزوج وتعدى في الضرب وأسرف فيه، وقصد التأديب الذي يؤدي إلى القتل، فيجب القِصاص، إلا أن يعفو ورثة المرأة، فتجب الدية المغلظة من مال الزوج الجاني، وهي مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها؛ (سنن أبي داود للألباني حديث 4547).

 

الحالة الرابعة:

إذا كان موت المرأة بسبب منها أو من غيرها، كما إذا اصطدمت امرأتان حاملتان، فأجهضتا وماتتا، فإن الموت عادة يكون بسبب الإجهاض لا بسبب الاصطدام، وجب على عاقلة كل منهما نصف الدية فقط، وأما الجنين فله الدية، وهي خمسة من الإبل؛ (المغني لابن قدامة جـ 12 صـ 547).

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل تعمل الحواس الخمس عند الجنين؟
  • التحكم في جنس الجنين البشري
  • تكوين الجنين داخل الرحم
  • الإعجاز في خلق الجنين

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق الطفل وهو جنين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
طه المولى - العراق 25-03-2019 04:52 PM

بارك الله بجهودكم حول هذا البحث القيم

1- شكر
شعاع الأمل - المملكة العربية السعودية 30-01-2018 10:11 PM

مجهود جدا رائع ومفيد أشكر لكم هذا الجهد فقد استفدت منه كثيرا ولله الحمد ،، جوزيتم خيرا أجمعين "الباحث والناشر"

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب