المقدمة في الفقه للعلامة جلال الدين السيوطي

المقدمة في الفقه

تأليف العلامة جلال الدين السيوطي

ولد 849 - توفي 911 هـ

(تنشر لأول مرة ولله الحمد)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد:

فهذه مقدمة نَفيسة مختصرة، ولمعة وجيزة معتصرة، وجوهرة غالية محبَّرة؛ لعلَّامة الدنيا جلال الدين السيوطي رحمه الله، وهي تُنشر لأول مرة بعد هذه المدَّة المديدة، والأزمنة البعيدة، قرابة خمسة قرون، ألَّفها العلَّامة السيوطي للمبتدئين والعوام؛ بل لا غنى عن معرفتها للخواص من الأنام.

جعلها الله نافعةً للعباد، وذخرًا لي ولمؤلِّفها يوم المعاد.

إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

♦♦♦♦♦

نص المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على إفضالِه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله.

هذه جملةٌ مِن مُهِمَّات الأحكام، لا يَستغْني عن معرفتها الخاصُّ والعامُّ:

• أول ما يجبُ على المكلَّفِ أن يشهد أن لا إله إلا الله

وأن محمدًا رسول الله

ويؤمن بالله

وملائكتِه

وكتبِه

ورسلِه

ولقائِه

والبعثِ بعد الموت

والقدرِ خيره وشره من الله

ويؤمن بكلِّ ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إجمالًا، وإن لم يعلم تفصيلَه

ويؤمن بسؤال مُنكر ونكير في القبر عن الله والرسولِ والدين

وبعذابِ القبر للكفار

ولمَن شاء الله من الفُسَّاق

وبالحوضِ

والصراط

والميزان

والحساب

والشفاعة في العصاة من المسلمين.

• وأفضلُ الخلقِ على الإطلاق نبيُّنا صلى الله عليه وسلم

وأصحابه خير الأمَّة.

• وأفضل الصحابة أبو بكر

ثم عمر

ثم عثمان

ثم علي رضي الله عنهم أجمعين.

فصل

يُسنُّ لداخل الخلاء أن يقدِّمَ رجله اليسرى في الدخول قائلًا: بسم الله، اللهمَّ إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

ورجلَه اليمنى في الخروج قائلًا: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عنِّي الأذى وعافاني.

ويَحرم عليه استقبالُ القبلةِ واستدبارُها حالَ قضاءِ الحاجةِ إذا كان في فَضَاءٍ ولم يَسْتترْ بمرتفعٍ قدرَ ثُلُثي ذراعٍ.

ويجب الاستنجاءُ من الخارج الملوث بالماء حتى يزول الأثر، وبالحجر ونحوه من الخِرَق ونحوها، فيمسح ثلاث مسحات ويزيل العَيْنَ؛ فإن لم تزُلْ بثلاثٍ، زاد حتى تزُول.

ويُستحبُّ لمن استَنْجَى بالماء أن يبدأ بقُبُله

ولمَن استنجى بالحجر أن يبدأ بدُبره.

فصل

نواقض الوضوء أربعة:

• الخارج من قبُل

• أو دبر إلَّا قاعدًا ممكِّنًا.

• ولمْس المرأة التي ليست بمَحرَم، وهي في سِنٍّ تُشتهى.

• ومس الفرج ببطن الكف.

فصل

فروض الوضوء ستة:

• النية عند غسل الوجه، فيقول: نويتُ فرْضَ الوُضوء أو رفعَ الحدث.

• وغسلُ الوجه.

• وغسلُ اليدين مع المرفقين.

• ومسحُ بعضِ الرأس.

• وغسل الرِّجلين مع الكعبين.

• وترتيب الأعضاء هكذا.

ومن سننه:

• التسمية

• والسواك

• وغسل الكفين أولَ الوضوء

• والمضمضة

• والاستنشاق

• ومسح كل الرأس

• ومسح الأذنين

• وتقديم اليمين

• وتخليل اللحية الكثة

• والأصابع

• والطهارةُ ثلاثًا ثلاثًا

• والموالاةُ

• وأن يقول بعدَه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهمَّ اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهرين.

فصل

نواقِضُ الغسْل:

• التقاء الختانين

• وخروج المني

• والحيْض

• والولادة.

وفرض الغسل اثنان:

• النية فيقول: نويتُ فرض الغسل أو رفع الحدث الأكبر.

• وتعميم شعره وبشَرِه بالماء.

ومن سننه:

• تقديم الوضوء.

• والتسمية.

• والتثليث.

• وتقديم غسلِ رأسه ثم شقِّه الأيمن ثم الأيسر.

ويحرُم ذلك على الجنُب، وزيادة: قراءة القرآن والمكث في المسجد.

فصل

ومَن أصابه نجاسةٌ، وجب غسْلُها حتى يذهب لونُها وريحها وطعمُها، فإن لم يكن لونٌ ولا ريح ولا طَعم، كفى جري الماء عليها مرَّة، ويُسن التثليث.

فصل

أركان الصلاة سبعة عشر:

• النَّية، فيقول: نويت أصلي فرضَ الظهر ونحوه

• وتكبيرة الإحرام

• والقيام للقادر في الفريضة

• وقراءة الفاتحة

• والركوع

• والطمأنينة فيه

• والاعتدال

• والطمأنينة فيه

• والسجود

• والطمأنينة فيه

• والجلوس بين السجدتين

• والطمأنينة فيه

• والتشهد الأخير

• والجلوس له

• والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه

• والتسليمة الأولى

• وترتيب الأركان هكذا.

ومن سننها:

• الأذان

• والإقامة للفرائض

• ورفعُ اليدين عند الإحرام والركوعِ والرفعِ منه

• ودعاء الافتتاح

• والتعوُّذ قبل القراءة

• والسُّورة بعد الفاتحة

• والجهر في الصبح وأُوليي المغرب والعشاء، والإسرار فيما سوى ذلك

• وتكبيرات الانتقالات

• و"سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد" في الاعتدال

• والتسبيح في الركوع

• والسجودِ ثلاثًا

• والقنوت في اعتدال ثانيةِ الصبح: اللهمَّ اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن تولَّيت، وبارك لنا فيما أعطيتَ، وقنا شرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل مَن واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد وسلم.

• والتشهد الأول.

• والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه.

• والتسليمة الثانية.

• والذكر بعد الصلاة فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ويقرأ آية الكرسي، ويسبِّح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر أربعًا وثلاثين، ويدعو بما شاء.

ولفظ التشهد: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، ولفظ الصلاة: اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وآل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

وشروط الصلاة خمسة:

• معرفة الوقت

• واستقبال القبلة

• وستر العورة

• وطهارة الحدَث

• وطهارة النجس في الثوب والبدن والمكان.

فصل

ومن صلَّى جماعة، وجب عليه نيَّة الاقتداءِ أو الجماعةِ

وأن يتابعَ الإمامَ في أفعاله

ولا يتقدَّم عليه في الأفعال

ولا في الموقف.

فصل

يُسن صلاةُ ركعتين قبل الصبح

وقبل الظهر

وبعدها

وقبل العصر

وبعد المغرب

وبعد العشاء.

وصلاة الضحى من ركعتين إلى اثنتي عشرة ركعة.

والوتر من ركعة إلى إحدى عشرة.

وتحية المسجد لداخله ركعتين أو أكثر.

وتجوز صلاةُ النفل قاعدًا مع القدرة على القيام.

فصل

يُسَنُّ الغُسلُ يومَ الجمعة

وإزالة شَعر الإبْطِ والعانة

وقص الأظفار

ولُبس أحسن الثياب

والطِّيب

والسواك

والتبكير إلى الجامع، ماشيًا بسكينة ووقار وغض طرف.

وليشتغل في الطريق وفي الجامع بقراءةٍ أو ذكر أو صلاةٍ على النبي صلى الله عليه وسلم.

وينصت إذا دخل الإمام.

وأركان الخطبة:

• حمد الله تعالى

• والصلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم

• والوصية بالتقوى في الخطبتين

• وقراءة آية كاملة في الأولى

• والدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الثانية.

ويسنُّ قراءة الكهف يوم الجمعة وليلتها

والإكثار من الصلاةِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومن الدعاءِ.

♦♦♦♦♦

فصل

صلاة عيدِ الفطر والأضحى سُنَّة.

يُكبر في الركعة الأولى منها سبع تكبيرات قبلَ القراءة، وفي الركعة الثانية خمسًا رافعًا يديه.

ويكبر في الخطبة الأولى تسعَ تكبيرات، وفي الثانية سبعًا.

ويجهرُ بالقراءة في صلاة العيدين والجمعة.

فصل

وإذا كسَفَتِ الشَّمْسُ أو القمرُ، صلَّوا لذلك ركعتين، في كلِّ ركعةٍ قيامان وركوعان،

ويُسرُّ في صلاةِ كسوف الشمس،

ويجهر في صلاة كسوف القمر.

فصل

أركان صلاة الجنازة سبعة:

القيام

والنيَّة

فيقول: أصلِّي على هذا الميت

وأربع تكبيرات؛ يقرأ في التكبيرة الأولى الفاتحة، ويصلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، ويدعو للميت بعد الثالثة فيقول: اللهمَّ إنَّ هذا عبدك وابن عبدك، خرج من رَوح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدًا عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهمَّ إنه نزل (بك) وأنت خير منزول به، وأصبح فقيرًا إلى رحمتك وأنت غنيٌّ عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له، اللهمَّ إن كان محسنًا فزِد في إحسانه، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه، ولقِّه برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابَه، وافسح له في قبره، وجافِ الأرض عن جنبيه، ولقِّه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنَّتك يا أرحم الراحمين.

ويقول في المرأة: اللهمَّ إن هذه أمَتُك وبنت عبدَيك، ويؤنِّث الضمائر.

ويقول في الطفل: اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا، وشاهدِنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهمَّ مَن أحييته منا فأحْيِه على الإسلام، ومن توفَّيتَه منا فتوفه على الإيمان، اللهمَّ اجعله فرَطًا لأبويه، وسلفًا وذخرًا، وعظة واعتبارًا وشفيعًا، وثقِّل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما.

ويقول بعد التكبيرة الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنَّا بعده، واغفر لنا وله.

ثمَّ يسلِّم تسليمتين.

وتحرم النِّياحة على الميت

ورفع الصوت بالبكاء

وشق الثوب

ولطم الخدِّ

ونتف الشعر.

فصل

فرض الصوم اثنان:

النية ليلًا فيقول: نويتُ صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السَّنة لله تعالى.

والإمساك عن الأكل والشربِ

والجِماع

ومقدِّماته الداعية للإنزال.

ويسنُّ أن يقولَ عند فطرِه:

اللهمَّ لك صُمْتُ وعلى رزقك أفطرتُ

والسُّحُور

والإكثار مِن الصدقة

وتلاوة القرآن في رمضان.

ولْيَحفظ لسانَه عن الشتْم والكذب وكل زور.

فصل

وَتجبُ زكاةُ الفطر عن كلِّ نَفْس؛ كبيرٍ أو صغير، ذكر أو أنثى، حُرٍّ أو عبدٍ من المسلمين

قدَحين بالمصري من غالب قوت البلد الحَبِّ السليم الذي لا عيب فيه ولا رداءة،

وينوي أنها زَكاة الفطر.

ويخرجُ يوم العيد

ويجوزُ قبله مِن أول رمضان.

ويحرمُ تأخيرُها عن يوم العيد.

فصل

يُسن إفشاء السلام فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ويجب الردُّ، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ورضوانه ومغفرته.

ويسنُّ لمَن استأذنَ على أحدٍ أن يقول: السلامُ عليكم، أأدخلُ؟

ومَن استأذنَ ثلاثًا فلم يُؤذن له، فليرجعْ.

ويجبُ حِفْظُ اللسانِ مِن الغِيبَة، وهي: ذِكْرُ الإنسانِ بما يكره؛ ولو طويل الكمِّ أو وسخ الثوب.

والنميمةِ، وهي: نقل كلام بعض الناس إلى بعضٍ للإفساد

والسخريةِ

والاستهزاء

والمُزاح الفاحش

وقذف المسلم أو المسلمة يَهدم عمله مائة سنة.

ويُستحب المواظبةُ على قراءة القرآن والأذكارِ والدعواتِ الواردةِ، والاستغفار كل يوم سبعين مرَّة.

تمَّت المقدمة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه.

♦♦♦♦

صور بعض النسخ الخطية التي راجعتها واعتمدت عليها

نسخة ثانية

نسخة ثالثة

نسخة رابعة