• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الفساد والإفساد في ضوء الكتاب والسنة

الفساد والإفساد في ضوء الكتاب والسنة
د. طه فارس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2016 ميلادي - 5/9/1437 هجري

الزيارات: 234002

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفَسَادُ والإفساد

في ضوء الكتاب والسنة


الفساد في اللغة: ضدُّ الصلاح، وهو مصدر فَسَدَ يَفْسُدُ ويَفْسِدُ فَسَادًا وفُسُودًا، وهو فاسِدٌ وفَسِيْدٌ، وقوم فَسْدَى، وفَسُدَ الشيء فهو فسيد، والاسْتِفْسَادُ: خلاف الاستصلاح، والمَفْسَدَة: خِلاف المصلحة، وتَفَاسَدَ القومُ تدابَرُوا وقطعوا الأَرحام[1].

 

والفساد في الاصطلاح: خروج الشيء عن الاعتدال، قليلًا كان الخروج أو كثيراً، ويستعمل ذلك في النفس، والبدن، والأشياء الخارجة عن الاستقامة[2].

 

قال ابن الجوزي: «الفساد: تغيُّر عمَّا كان عليه من الصَّلاح، وقد يقال في الشيء مع قيام ذاته، ويقال فيه مع انتقاضها، ويقال فيه إذا بطل وزال، ويُذكر الفساد في الدِّين كما يذكر في الذَّات، فتارةً يكون بالعِصيان، وتارة بالكفر، ويُقال في الأقوال إذا كانت غير منتظمة، وفي الأفعال إذا لم يعتدَّ بها»[3].

 

قال الجُرجاني: «الفساد زوال الصورة عن المادة بعد أن كانت حاصلة، وعند الفقهاء: ما كان مشروعاً بأصله، غير مشروع بوصفه، وهو مرادف للبطلان عند الشافعي»[4]، وقال المناوي: «الفساد هو انتقاص صورة الشيء،.. وفساد الوضع: أن لا يكون الدليل على الهيئة الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم، وفساد الاعتبار: أن يخالف الدليل نصًا أو إجماعًا وهو أعم من فساد الوضع »[5].

 

والفساد أعمُّ منَ الظلم؛ لأنَّ الظلم نقص، أما الفساد فيقع عليه وعلى الابتداع واللهو واللعب[6].

وأمَّا الإفساد: فهو جعل الشيء فاسدًا خارجًا عمَّا ينبغي أن يكون عليه، وعن كونه مُنتفعًا به، والإفساد في الحقيقة: إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح[7].

 

وقد أخبر الله تعالى عن عدم محبته للفساد والفاسدين وعدم رضاه عنهم في مواضع من كتابه فقال: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: ٢٠٥]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: ٦٤]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: ٧٧].

 

• دلالة ألفاظ الفساد في القرآن:

المتتبع لألفاظ الكتاب والسنة يجد أن لفظي الفساد والإفساد استعملا للدلالة على المعنى العام لهما، كما استعملا للدلالة على جانب من معناهما، وفيما يأتي بيان ذلك:

أولاً: الكفر بالله سبحانه تعالى:

من ذلك قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: ٢٧] فإفسادهم في الأرض: باستدعائهم إلى الكفر، والترغيب فيه، وحمل الناس عليه، وتعويقهم وصدّهم للنَّاس عن الإيمان، والاستهزاء بالحقِّ، وقطع الوُصل التي بها نظام العالم وصلاحه[8].

 

ومن ذلك قوله تعالى:  ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: ٤٠] أي: من هؤلاء الذين بُعثتَ إليهم يا محمد من يؤمن بهذا القرآن، ويتَّبِعُك وينتفع بما أُرسلت به، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ ﴾ بل يموت على ذلك ويبعث عليه، ﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ﴾ أي: المكذِّبين المصرِّين على كفرهم، ولفظ الآية يشمل جميع أهل الكفر[9].

 

ومنه قوله تعالى:  ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: ٨٥] أي: بالكفر والظلم، )بعد إصلاحها( بإقامة الشرائع وظهور العدل، فلفظ الفساد هنا يعمُّ دقيق الفساد وجليله[10]، إلا أن قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ يرشح أن يكون أبرز جانب من جوانب فسادهم هو الكفر بالله سبحانه وتعالى.

 

ثانياً: النِّفَاق:

ومن ذلك قوله تعالى:  ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: ١١ - ١٢] فالآيتان وردتا في سياق ذكر المنافقين، وأنَّ من صفاتهم وأخلاقهم إذا قال لهم أهل الإيمان: ﴿ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ ﴾ بالمعاصي والتعويق عن الإيمان، وإغراء أهل الكفر والطغيان على أهل الإسلام والإيمان، وتهييج الحروب والفتن، وإظهار الهرج والمرج والمحن، وإفشاء أسرار المسلمين إلى أعدائهم الكافرين، ﴿ قَالُوا ﴾ في جوابهم الفاسد: ﴿ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾ في ذلك، فلا تصحُّ مخاطبتنا بذلك، فإن من شأننا الإصلاح والإرشاد، وحالنا خالص من شوائب الفساد، فردّ الله عليهم ما ادَّعوه من الانتظام في سلك المصلحين بأبلغ ردّ، من وجوه الاستئناف الذي في الجملة، والاستفتاح بالتنبيه، والتأكيد بإن وضمير الفعل، وتعريف الخبر، والتعبير بنفي الشعور، إذ لو شعروا أدنى شعور لتحقَّقوا أنهم مفسدون[11].

 

ثالثاً: المعاصي:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: ٥٦] أي: لا تفسدوا في الأرض بالمعاصي الموجبة لفساد العالم بالقحط والفتن، بعد إصلاحها بالخصب والأمان، بما يحقِّق منافع الخلق ومصالح المكلَّفين، فالنهي هنا عامّ يشمل كلَّ فساد قلَّ أو كَثُر، ومن أنواعه: إفساد النفوس والأنساب والأموال والعقول والأديان[12].

 

ويُؤخذ من الآية: أن إقامة الشرائع وظهور الدِّين من علامة إصلاح الأرض وبهجتها وخصبها وعافيتها، وترك الشرائع وظهور المعاصي من علامة فساد الأرض وخرابها[13].

 

ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ [الرعد: ٢٥] وإفسادهم في الأرض: عملهم بمعاصي الله، وتهييج الفتن[14].

 

ومنه قوله تعالى: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: ٨٣] أي: عملاً بالمعاصي، أو ظُلماً على النَّاس، أو أخذاً للمال بغير حقٍّ، ولم يعلق الله الوعد بترك العلو والفساد، ولكن بترك إرادتهما وميل القلب إليهما[15]، وهو أبلغ في النَّهي عن الفساد والردع عنه.

 

رابعاً: خراب العالم وفساد نظامه:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي: لو تعدَّدت الآلهة لكان بينهما التنازع والتغالب، ممَّا يؤدي إلى فساد نظام العالم، وفساد السماء والأرض: هو خرابهما وهلاك من فيهما، وذلك بسبب وقوع التنازع بالاختلاف الواقع بين الشركاء، فيبغي بعضُهم على بعض، ويذهبُ كلُّ إله بما خلق، واقتضاب القول في هذا: أنَّ الإلهين لو فُرضا فوقع بينهما الاختلاف في تحريك جرم وتسكينه، فمُحال أن تتم الإرادتان، كما هو مُحالٌ أن لا تتم جميعًا، وإذا تمَّت إحدى الإرادتين كان صاحب الأخرى عاجزًا، وهذا ليس بإله، وجواز الاختلاف عليهما بمنزلة وقوعه منهما[16].

 

ومنه قوله تعالى: ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: ٣٤] أي: إن الملوك إذا دخلوا قرية عنْوَة بالقهر خَرَّبوها وأذلُّوا أعزتها وأهانوهم غاية الهوان، إمَّا بالقتل أو بالأسر[17].

 

خامساً: المنكر:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾  [هود: ١١٦] أي: فهلا وُجِدَ فيمن كان قبلكم من القرون من فيه بقية من العقل والحزم والثبوت والدِّين، ينكرون على أهل الفساد فسادهم، ﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أي: لكن قليلاً ﴿ مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾ نهَوا عن الفساد في الأرض[18].

 

سادسًا: الحِرَابة:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.... ﴾ [المائدة: ٣٣] وهو بيان للحِرابة، أي: ويسعون بحرابتهم مفسدين، وهي على درجات؛ أدناها: إخافة الطريق، ثمَّ أخذ الأموال، ثمَّ قتل الأنفس[19].

 

سابعاً: إثارة الفتن والحروب:

ومن ذلك قوله تعالى في اليهود: ﴿ ...كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [المائدة: ٦٤] أي: يسعون في الأرض مفسدين أو للفساد، وذلك بإثارة الحروب والفتن، وهتك المحارم واستحلالها، وسفك الدِّماء، والكيد للمسلمين وخداعهم، ﴿ والله لا يحبُّ المفسدين ﴾ أي: لا يرضى فعلهم، فلا يجازيهم على إفسادهم إلَّا شرًّا وعقوبة، ونفي المحبَّة: كناية عن كونه لا يعود عليهم بفضله وإحسانه، ولا يثيبهم، وإذا لم يثبهم فهو معاقبهم[20].

 

ثامناً: الوِلاية والحُكم:

ومن ذلك قوله تعالى:  ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: ٢٢] أي: فهل يتوقع منكم إن توليتم أمورَ النَّاس وتأمَّرتم عليهم، أو أعرضتم وتوليتم عن الإسلام، إلَّا الفساد في الأرض وتقطيع الأرحام، تناحرًا على الولاية وتجاذبًا لها، أو رجوعًا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من التغاور ومقاتلة الأقارب[21].

 

تاسعًا: السّحر:

ومن ذلك قوله تعالى:  ﴿ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: ٨١] فسحرهم هو من قبيل عمل المفسدين، وإضافة ﴿ عمل ﴾ إلى ﴿ المفسدين ﴾ يُؤذِن بأنَّه عمل فاسد، لأنه فعل مَنْ شأنُهم الإفساد، فيكون نسجاً على منوالهم، وسيرة على معتادهم، والله لا يؤيِّد هذا العمل الفاسد ولا يثبته ولا يقوِّيه[22].

 

عاشراً: أكل أموال اليتامى ظلماً:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: ٢٢٠] أي: لا يخفى على الله من داخلهم بإفساد وإصلاح، فيجازي كلًّا على إصلاحه وإفساده، وفي الآية وعد للمصلحين ووعيد للمفسدين[23].

 

حادي عشر: فاحشة قوم لوط:

ومن ذلك قوله تعالى مُخبرا عن نبيِّه لوط عليه السلام ودعائه على قومه: ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [العنكبوت: ٣٠] وذلك لـمَّا يئس من استجابتهم، بعد أن أنكر عليهم سُوء صنيعهم، وما كانوا يفعلونه من قبيح الأعمال، في إتيانهم الذُّكران من العَالـَمين، ولم يسبقهم إلى هذه الفِعْلة أحدٌ من بني آدم قبلهم، مع كفرهم بالله تعالى، وتكذيبهم لرسوله، وعملهم للمُنكَرات[24].

 

ثاني عشر: الظُّلم والجَور والتَّفريط بالحقوق:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾ [الفجر: ١١ – ١٢] ﴿ طَغَوْا ﴾ أي: تمرَّدُوا وعتوا وتجاوزوا القدر في الظُّلم والعُدوان، ﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾ أي: الجور والأذى وإضاعة حقوق النَّاس، لأنَّ الطغيان يُجرِّىء صاحبه على دحض حقوق النَّاس، فهو من جهة يكون قدوة سُوءٍ لأمثاله ومَلئهِ، فكلُّ واحد منهم يطغى على من هو دونه، وذلك فساد عظيم، لأنَّ به اختلالَ الشرائع الإلهيّة والقوانين الوضعية الصالحة، وهو من جهة أخرى: يثير الحفائظ والضغائن في المطْغيّ عليه من الرعيَّة، فيُضمرون السوء للطَّاغين، وتنطوي أنفسهم على كراهيتهم[25].

 

ثالث عشر: تَسَلُّط الكفارِ على المؤمنين واستحلالهم للحُرُمَات:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ [الأنفال: ٧٣] أي: إلَّا تفعلوا ما أُمِرتم به من مُوالاة المؤمنين ونصرتهم، أو نصرةِ من استنصر بكم ممَّن لم يهاجر، ﴿ تكن فتنةٌ في الأرضِ ﴾ وذلك باستيلاء المشركين على المؤمنين، ﴿ وفسادٌ كبير ﴾ وذلك باستحلال المشركين أموالَ المؤمنين وفروجهم[26].

 

رابع عشر: السَّرِقة:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ [يوسف: ٧٣] فقد أكَّد إخوة يوسف عليه السلام براءتهم من السرقة بالقَسَم، واستشهدوا بعلمهم على براءة أنفسهم من السرقة لما عَرَفُوا منهم في كرتي مجيئهم ومداخلتهم للملك[27]، وقد نَفَوا عن أنفسهم الاتّصاف بالسرقة بأبلغ ممَّا نَفَوا به الإفساد عنهم، وذلك بنفي الكون سارقين دون أن يقولوا: وما جئنا لنَسْرِق[28].

 

قال الرازي: حلفوا على أمرين: أحدهما: أنهم ما جاؤوا لأجل الفساد في الأرض، لأنَّه ظهر من أحوالهم امتناعهم من التَّصرف في أموال الناس بالكليَّة، لا بالأكل ولا بإرسال الدوابّ في مزارع الناس، والثاني: أنهم ما كانوا سارقين، وقد حصل لهم فيه شاهد قاطع وهو أنَّهم لما وجدوا بضاعتهم في رحالهم حملوها من بلادهم إلى مصر ولم يستحلُّوا أخذها، والسَّارق لا يفعل ذلك البتة[29].

 

خامس عشر: فساد البيئة:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: ٤١] وفساد البرّ: خرابه، وغور مياهه، وقلَّة نباته، وقلة أمطاره، وكثرة السباع العادية والحشرات المؤذية فيه، وكثرة الحرق والغرق، ومحق البركات وكثرة المضار، أمَّا فساد البحر: فبكثرة الرياح القاصفة، وكثرة الغرق، وقلة السلامة، وانقطاع الصيد، وكلا الفسادين بشؤم ما كسبت أيدي الناس من المعاصي والذنوب[30].

 

سادس عشر: فساد نظام العالم:

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: ٧١] أي: لو عمل الربُّ تعالى بما يهوى هؤلاء المشركون، وأجرى التدبير على مشيئتهم وإرادتهم، وترك الحقَّ الذي هم له كارهون، لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ; وذلك أنَّهم لا يعرفون عواقب الأمور والصحيح من التدبير والفاسد، فلو كانت الأمور جارية على مشيئتهم وأهوائهم مع إيثار أكثرهم الباطل على الحقّ، لم تقرّ السموات والأرض ومن فيهنّ من خلق الله، لأن ذلك قام بالحق[31].

 

سابع عشر: النهي عن عموم الفساد:

من ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: ٥٦] فإنّ الكلام في الآيات السابقة لما أنبأ عن عناية الله بالمسلمين وتقريبه إيَّاهم، إذ أمرهم بأن يدعوه، وعرّض لهم بمحبّته إياهم دون أعدائهم المُعتدين، أعقبه بما يحول بينهم وبين الإدلال على الله بالاسترسال فيما تُمليه عليهم شهواتهم من ثوران القوتين: الشّهوية والغَضبيّة، فإنّهما تجنيان فساداً في الغالب، فذكَّرهم بترك الإفساد ليكون صلاحهم مُنزّهاً عن أن يخالطه فساد، فإنّهم إن أفسدوا في الأرض أفسدوا مخلوقات كثيرة، وأفسدوا أنفسهم في ضمن ذلك الإفساد[32].


فالآية نهي عن إيقاع الفساد في الأرض وإدخال ماهيته في الوجود، فيتعلق بجميع أنواعه: من إفساد النفوس والأنساب والأموال والعقول والأديان، ومعنى ﴿ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ أي: بعد أنْ أصلح الله خلقها على الوجه الملائم لمنافع الخلق ومصالح المكلَّفين[33].


ومنه قوله تعالى: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: ٩٤] وإفسادهم في الأرض كان عامًّا، ومن صوره: القتل، والتَّخريب، وإتلاف الزرع، وغير ذلك[34].

 

ومنه قوله تعالى:  ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: ٤٨] أي: أنَّ إفساد هؤلاء الرهط من قوم ثمود كان إفساداً محضاً لا يخالطه شيء من الصلاح أصلاً[35].

 

• دلالة لفظ الفساد في السنَّة:

أولاً: القتل والتَّخريب في الغزو:

فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الْغَزْوُ غَزْوَانِ، فَأَمَّا مَن ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ وَأَطَاعَ الْإِمَامَ وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ، وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً وَعَصَى الْإِمَامَ وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ»[36]، والمراد من اجتناب الفساد في الحديث: عدم مجاوزة المشروع في القتل والأسر والنهب والتخريب[37].

 

ثانياً: إضاعة المال:

فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَنْفَقَت الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا كَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا»[38]، فإنفاق الزوجة من الأطعمة التي يجلبها زوجها قدراً تعلم رِضاه به في العادة من دون إسراف ولا تبذير ليس من الإفساد في شيء، بل يعود ذلك عليها وعلى زوجها بالأجر والثَّواب، أمَّا إن تجاوزت الحدَّ في الإنفاق من طعام بيتها فإنها تكون بذلك مُفْسدة آثمة[39].

 

ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «أمسِكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالَكُم ولا تُفْسِدُوْهَا..»[40]، وفي الحديث: حضٌّ على المحافظة على المال وعدم إهداره من غير منفعة[41].

 

ثالثاً: عنوسة النِّسَاء وقِلَّة العِفَّة في الرِّجَال:

فعَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «عَرِيضٌ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: «إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ» قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ[42]، فحِرْصُ النَّاس على الدُّنيا وعدمُ تزويجهم لبناتهم إلَّا ممَّن يملك المال والجاه سيُبقِي كثيراً من النِّساء بلا أزواج، وكذلك الرِّجال بلا زوجات، مما يؤدِّي إلى انتشار المفاسد في المجتمع، ويكثر الافتتان بالزنى، ويلحق العار بالأولياء، فتهيج الفتن والفساد، ويترتَّب على ذلك قطع النَّسب وقلة الصلاح[43].

 

رابعاً: فساد الضمائر:

فعن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «..ألاَ وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، ألاَ وَهِيَ القَلْبُ»[44]، فالإنسان هو القلب حقيقةً، فما اتَّصف به القَلبُ فاضت صفاتُه على الأعضاء[45]، والقلب هو محلُّ الخواطر المختلفة الحاملة على الانقلاب، وهو ملك الأعضاء وهي جنوده، وفساد القلب: ظلمته بالضلالة، مما ينتُج عنه فسادُ الجسد كلِّه بانبعاثه في القبائح[46].

 

خامساً: فساد العلاقات الاجتماعية وإفسادها:

فعَنْ أبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ألا أخْبِرُكُمْ بِأفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامَ وَالصلاة والصدقة؟»، قَالُوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفًسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ»[47]، ففي الحديث حثٌّ وترغيب على إصلاح العلاقات الاجتماعية واجتناب الفساد فيها؛ لأنَّ الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفريق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدِّين، لذلك سمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم الحالقة لأنَّها تستأصل أصلَ الدِّين الذي يدعو إلى الصَّلاح والإصلاح، فمن تعاطى إصلاحَ ذات البين ورفعَ فسادِها نال درجة عند الله سبحانه وتعالى فوق ما ينالها الصائمُ القائم المشتغل بخويصة نفسه[48].

 

وممَّا يُفسِد العلاقات الاجتماعية: السعيُ بالنَّميمة بين النَّاس، فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَنَتَ»[49]، فإفسادهم بين الأحبَّة بما يسعون به بينهم من الفتن[50]، من ذلك: النميمة، وهي نقل كلام النَّاس بعضِهم إلى بعض على جهة الإفساد[51]، وقد سمَّاها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أيضاً بالعِضَة[52]، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم ما العِضَةُ؟ وإنَّ العِضَةَ هي النَّمِيْمَة، التي تُفْسِد بينَ النَّاسِ»[53].

 

سادساً: تغير أحوال الناس:

فعنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، أَوِ ابْن أَبِي الْمُغِيرَةِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِصلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»، قِيلَ: وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يُصْلِحُونَ حِينَ يُفْسِدُ النَّاس»[54]، وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه بلفظ:« أناس صالحون في أناسِ سوءٍ كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم»[55].

 

عوامل الفساد والإفساد:

1- طاعة الشيطان واتباع وساوسه:

فقد أعلن الشيطان عداوته لبني آدم وأخذ على نفسه إفسادهم بالتزيين والإغواء والإغراء، فأوقعهم في الفواحش والمنكرات إلَّا من عصم الله تعالى من عباده المخلَصين، وقد حذَّر الله عبادَه منِ اتِّبَاع الشيطان وطاعته، والوقوع في شباكه، فقال تعالى: ﴿ أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: ١٦٨ – ١٦٩]، وقال عزَّ من قائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: ٢١] فكلُّ معصية لله تعالى هي من خطوات الشيطان، لأنَّها عمل من أعماله وأثر من آثار إغوائه وتزيينه، ومن يتبع طرائق الشيطان ومسالكه وما يأمر به يفعل الفحشاء والمنكر، لأنَّ الشيطان يأمر النَّاس بفعلهما، والسوء والفحشاء: هو ما أنكره العقل واستقبحه الشرع، والعطف بينهما لاختلاف الوصفين، فإنَّه سوء لاغتمام العاقل به فهو يسوء صاحبَه بسوء عواقبه، وفحشاء باستقباحه إيَّاه، أمَّا المنكر: فهو ما تنكره الشَّريعة وينكره أهلُ الخير[56].


ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: ٢٥] أي: إنَّ رجوع أهل النِّفاق إلى الكفر، وارتكابهم لقبائح الأفعال والأحوال، بعد ظهور الدلائل الواضحة، والمعجزات القاهرة، إنَّما كان بسبب اتِّباعهم لوساوس الشيطان وإغواءاته، حيث سهَّل لهم ركوبَ العظائم، واقترافَ الكبائر، والسّول: هو الاسترخاء، أي: أَرْخى لهم العنانَ، حتى جرَّهم إلى مُراده، ومدَّ لهم في الآمال والأماني[57].


2- اتباع الهوى:

فأكثر المفاسد إنما سببها اتباع الهوى والشهوة دونَ أي أَثَارة من عِلم، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: ١١٩] أي: إن كثيراً منَ الكفار المجادلين في المطاعم وغيرها ليُضلون أتباعهم بالتحريم والتحليل، من غير علم منهم بصحَّة ما يقولون، ولا برهان عندهم بما فيه يجادلون، إنما ركوباً منهم لأهوائهم، واتباعاً لشهواتهم، وطاعة لشيطانهم[58].


ومنه قوله تعالى: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الروم: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: ١٤]، سواء كان ذلك بشركهم أو بظلمهم أو بارتكابهم للمعاصي والمنكرات.


3- التقليد الأعمى:

فأهل الفساد يحتجُّون للثبات والاستمرار على مفاسدهم بتقليد أسلافهم دون أي تعقُّل وتبصُّر، إنما هو التقليد الأعمى دون أي بيّنة أو دليل، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: ١٧٠]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [المائدة: ١٠٤]، بل إنَّهم قد يتجاوزون ذلك إلى الكذب على الله تعالى بأنَّه هو من أمرهم بما يفعلونه من فواحش ومنكرات، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: ٢٨] وقد جرت عادة الله سبحانه وتعالى أن لا يأمر عباده إلَّا بمحاسن الأفعال ومكارم الخلال[59].


4- الحكم وتولي المناصب:

إنَّ تولي الحكم والمناصب غالبًا ما يغيِّر طباعَ النَّاس، ويحملهم على الفساد والظلم، خصوصاً إذا لم يكن المتولي للمناصب والولايات من أهل الدِّين والكفاءة، والله تعالى يقول: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ [البقرة: ٢٠٤ - ٢٠٥] قيل: إنَّ هذه الآيات نزلت في الأخنس بن شُريق وكان زعيم مواليه من بني زهرة، إلَّا أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكلُّ من اتَّصف بصفة هذا المنافق فهو داخل في الآية، وقوله: )وإذا تولى( على القول بأنَّهمشتق من الولاية، يصبح المعنى: إذا صار والياً وتزعَّم ورأس النَّاس سعى في الأرض بالفساد، فلا همَّة لهذا المنافق إلَّا الإفساد في الأرض، وإهلاكَ الحرث الذي هو مَحل نماء الزروع والثمار، وإهلاك نسل كلِّ ما له نسل، وقد خُصَّ الحرثُ والنَّسلُ بالذكر لأنَّهما أعظم ما يُحتاج إليه في عمارة الدُّنيا، فكان إفسادهما هو غاية الإفساد[60].


ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: ٢٢] فقوله: ﴿ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ﴾ على أنه من الولاية، يصبح المعنى: فهل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمَّرتم عليهم فجُعِلتم حُكَّامًا أن تفسدوا في الأرض بالظُّلم وأخذ الرِّشا، أو بالتَّناحر على الولاية والتَّجاذب لها، وتقطيع الأرحام[61].

 

وفي الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»[62]، وفي رواية: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ»[63].

 

قال الإمام النَّووي: «هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية، وأمَّا الخزي والندامة فهو في حقِّ من لم يكن أهلاً لها، أو كان أهلاً ولم يعدِل فيها، فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه، ويندم على ما فرَّط، وأمَّا من كان أهلاً للولاية وعدل فيها فله فضل عظيم، تظاهرت به الأحاديث الصحيحة»[64].

 

5- الغنى:

كثرة الأموال إن لم تقترن بتقوى الله وخشيته تكون عاملاً كبيراً من عوامل الفساد والطغيان، فقد حكى الله لنا في كتابه قصَّة قارون وغناه، وكيف أن غناه دفعه للبغي على قومه والتَّكبُّر عليهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ﴾ [القصص: ٧٦]، فلمَّا أحسَّ قومه بفساده وطغيانه توجَّهُوا إليه بالنُّصح وقالوا: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: ٧٧] أي: لا تكنْ همتك وقصدك بما أنت فيه من نِعَم الدُّنيا أن تفسد به الأرض، بالظلم والبغي وإنفاق المال في المعاصي والإساءة إلى خلق الله، فهذه الأفعال لا يحبُّها الله ولا يرضى عن فاعليها[65].

 

وقد قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴾ [العلق: ٦] أي: حقًّا إِنَّ الإنْسَانَ ليتجاوز حدَّه ويستكبر على ربِّه لرؤية نفسه مستغنياً[66]، وعلَّة هذا الخُلق: أنَّ المُستغني تُحدِّثُه نفسُه بأنَّه غير محتاج إلى غيره، وأنَّ غيره محتاج إليه، فيرى نفسَه أعظم من أهل الحاجة، ولا يزال ذلك التوهُّم يربو في نفسه حتى يصير خُلقاً، حيث لا وازع يزعه من دين أو تفكير صحيح، فيطغى على النَّاس، لشعوره بأنَّه لا يخاف بأسهم، لأنَّ له ما يدفع به الاعتداء عن نفسه، من سلاحٍ وخدمٍ وأعوان، ومنتفعين بماله من شركاء وعُمَّال وأُجراء، فهو في عزَّة عند نفسه[67].

 

6- الحرص على المال والجاه:

فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا في غَنَمٍ بِأفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينهِ»[68] أي: ليس ذئبان جائعان أرسلا في جماعة من جنس الغنم بأشد إفساداً لتلك الغنم من حرص المرء على المال والجاه؛ فإنَّ إفساد الحرص لدين المرء أشدُّ من إفساد الذئبين الجائعين لجماعة من الغنم إذا أُرسِلا فيها[69].

 

7- الخِداع والخِيانة:

فعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأةً على زَوْجِهَا، أوْ عَبْدَاً على سَيِّدِهِ»[70]، معنى: «خَبب» أفْسد وخدع، وذلك بأن يزين للزوجة خِداعاً عداوة زوجها، وللعبد أو العامل عدواة سيده[71].

 

قال النووي: «يَحرمُ على المكلَّف أن يُحدِّث عبدَ الإِنسان أو زوجته أو ابنه أو غلامَه ونحوَهم بما يُفسدهم به عليه، إذا لم يكنْ ما يُحدِّثهم به أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر»[72].

 

8- التجسس وإساءة الظن بالناس:

فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ»[73]، وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ»[74].

 

والمعنى: إن الإمام إذا اتَّهم رعيتَّه، وخامرهم بسوء الظنِّ، وابتغى عيوبهم، بالتَّجسُّس على أحوالهم ومفاسدهم، أدَّاهم ذلك إلى ارتكاب ما ظنَّ فيهم ففسدوا، ففي الحديث: حَثٌّ على ستر عيوب الناس، وتركهم على ظواهرهم من غير تفتيش عن سرائرهم وخفيات أمورهم، سيما للأمراء[75].

 

• عقاب وعاقبة المفسدين:

1- دفع خطر المفسدين بالمؤمنين الصالحين:

فالمدافعة بين النَّاس سُنَّة ربانيَّة ماضية، قال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: ٢٥١] أي: لولا أنَّ الله يدفع بعضَ الناس ببعض، فينصر المسلمين على الكافرين ويكفّ فسادهم، لغلبوا وأفسدوا في الأرض[76]، وأعظم مظاهر هذا الدفاع هو الحروب؛ فبالحرب الجائرة يطلب المحارب غصب منافع غيره، وبالحرب العادلة ينتصف المحقُّ من المبطل، ثمَّ إنَّ دفاع النَّاس بعضهم بعضاً يصدُّ المفسد عن محاولة الفساد، كما أنَّ شعور المفسد بتأهُّب غيره لدفاعه يصدُّه عن اقتحام مفاسد جمَّة[77].

 

2- إنكار التسوية بين جزاء المصلحين والمفسدين يوم الحساب:

قال تعالى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: ٢٨] استفهام إنكاري، أي: أنجعل المؤمنين المصلحين كالكفرة المفسدين في أقطار الأرض؟! كما يقتضيه عدم البعث وما يترتَّب عليه من الجزاء؛ لاستواء الفريقين في التمتُّع في الحياة الدينا، لكن ذلك الجعل محال، فتعيّن البعث والجزاء، لرفع الأولين إلى أعلى عليين، وخفض الآخرين إلى أسفل سافلين[78]. ففي الآية ردٌّ على منكري البعث الذين جعلوا مصير المطيع والعاصي إلى شيء واحد[79].

 

3- مضاعفة العذاب للمفسدين:

فبعد أن ذكر الله تعالى العذاب الذي سيلاقيه الكفار بسبب كفرهم وإفسادهم، استأنف هنا بذكر زيادة العذاب ومضاعفته لهم يوم القيامة، فقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ [النحل: ٨٨] والمراد: إفسادهم الراغبين في الإسلام بتسويل البقاء على الكفر، وصدّهم عن الإيمان[80].

 

• موقف المؤمنين من المفسدين:

1- عدم طاعة أمر المفسدين والانقياد لهم:

قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [الشعراء: ١٥١ – ١٥٢] وفيه يخبر الله تعالى عن قيل صالح عليه السلام لقومه من ثمود: لا تطيعوا أيها القوم أمر المسرفين على أنفسهم في تماديهم في معصية الله، واجترائهم على سخطه، ولا تنقادوا لأمرهم، فقد تجاوز الحدَّ بكفرهم وعصيانهم، ولا تتبعوا رأيهم، وهم الذين يُفسدون في الأرض بالإسراف بالكفر والمعاصي، ففسادهم خالص لا يشوبه شيء من الصلاح[81].

 

2- عدم سلوك مسالك أهل الفساد:

قال تعالى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: ١٤٢] فوصية موسى عليه السلام لأخيه هارون أن لا يتبع طريق من سلكوا سبيل الفساد ولا يسايرهم عليه، لما يعلم بما في نفس هارون عليه السلام من اللين في سياسته، والاحتياط من حدوث العصيان في قومه، وهو تحذير من الفساد بأبلغ صيغة، لأنَّ النَّهي لما تعلَّق بسلوك طريق المفسدين، كان تحذيراً من كلِّ ما يؤول إلى فساد، لأنَّ المفسدين قد يعملون عملاً لا فساد فيه، فنُهي عن المشاركة في عمل من عُرف بالفساد، لأنَّ صدوره عن المعروف بالفساد كافٍ في توقُّع إفضائه إلى فساد، ففي هذا النَّهي سدٌّ لذريعة الفساد[82].


3- التَّمسُّكُ بسبيل الإصلاح عند فساد النَّاس:

فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الإسلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَريبًا كَمَا بَدَأ، فَطُوْبَى للغُرَبَاءِ»، قالوا: يا رسول الله ومنِ الغُرَبَاءُ؟ قال: «الَّذِين يَصْلُحُونَ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ»[83].

 

أي: إن الإسلام لما بدأ في أوَّل وهلة نهض بإقامته والذَّبّ عنه أناس قليلون من أشياع الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان أن شرَّدهم أقوامهم من البلاد، فأصبحوا غرباء منبوذين، وهكذا يصبح المؤمنون في آخر الزمان، أو أنَّ المماثلة هي ما بين الحالة الأولى والحالة الأخيرة لقلَّة من كانوا يتدينون به في الأوَّل، وقلة من يعملون به في الآخر، إلَّا أنَّ الفوز والعاقبة إنما هي لهؤلاء الغُرباء المُتمسِّكِين بحبله، المتشبثين بذيله، الذين يصلحون عند فساد النَّاس وانحرافهم عن طريق الحق[84].



[1] انظر: معجم مقاييس اللغة 4: 503، الصحاح 2: 44، المفردات للراغب 2: 192، لسان العرب 3: 335 مادة فسد، التوقيف للمناوي ص556.

[2] انظر: المفردات للراغب 2: 192، بصائر ذوي التمييز 4: 192، التوقيف للمناوي ص556.

[3] نزهة الأعين النواظر ص469.

[4] انظر: التعريفات ص214.

[5] انظر: التوقيف للمناوي ص556.

[6] انظر: الكليات لأبي البقاء ص1097.

[7] انظر: الكليات لأبي البقاء ص220.

[8] انظر: تفسير ابن عطية 1: 99، تفسير القرطبي 1: 247، تفسير البيضاوي 1: 267، تفسير أبي حيان 1: 274، تفسير ابن عجيبة 1: 66.

[9] انظر: تفسير الطبري 15: 94، تفسير القرطبي 8: 345، تفسير ابن كثير 4: 270.

[10] انظر: الجامع لأحكام القرآن 7: 248، البحر المحيط لأبي حيان 4: 340، البحر المديد 2: 515.

[11] انظر: البحر المديد لابن عجيبة 1: 51.

[12] انظر: تفسير البغوي 3: 238، تفسير ابن عطية 2: 277، تفسير القرطبي 7: 226، تفسير أبي حيان 4: 313، تفسير ابن عجيبة 2: 499.

[13] انظر: البحر المديد 2: 518.

[14] انظر: تفسير الطبري 16: 428، تفسير البغوي 4: 314، تفسير البيضاوي 3: 328.

[15] انظر: تفسير البغوي 6: 226، تفسير القرطبي 13: 320، تفسير البيضاوي 4: 305، البحر المديد 5: 445.

[16] انظر: المحرر الوجيز 4: 95، الجامع لأحكام القرآن 11: 279، البحر المديد 4: 499، روح المعاني 17: 25، التحرير والتنوير 17: 39.

[17] انظر: تفسير البغوي 6: 160، تفسير الرازي 24: 168، تفسير ابن كثير 6: 190.

[18] انظر: تفسير الطبري 15: 527، تفسير القرطبي 9: 113، تفسير ابن عجيبة 3: 344.

[19] انظر: تفسير ابن عطية 2: 215، تفسير ابن عجيبة 2: 241.

[20] انظر: تفسير الرزي 12: 39، تفسير القرطبي 6: 241، تفسير البيضاوي 2: 347، تفسير أبي حيان 3: 537، تفسير ابن عجيبة 2: 275.

[21] انظر: تفسير الرازي 28: 55، تفسير البيضاوي 5: 194.

[22] انظر: تفسير القرطبي 8: 368، تفسير البيضاوي 3: 211، تفسير الطاهر بن عاشور 11: 256.

[23] انظر: تفسير الطبري 4: 357، تفسير الزمخشري 1: 291، تفسير القرطبي 3: 66، تفسير البيضاوي 1: 506.

[24] انظر: تفسير ابن كثير 6: 276، تفسير الشوكاني 5: 371.

[25] انظر: تفسير القرطبي 20: 49، تفسير الطاهر بن عاشور 30: 321.

[26] انظر: الجامع لأحكام القرآن 8: 58، البحر المديد 3: 69، التحرير والتنوير 10: 88.

[27] انظر: تفسير البغوي 4: 261، تفسير البيضاوي 3: 301.

[28] التحرير والتنوير 13: 29.

[29] انظر: مفاتيح الغيب 18: 144.

[30] انظر: درج الدرر 2: 438، المحرر الوجيز 4: 394، الجامع لأحكام القرآن 14: 41، أنوار التنزيل للبيضاوي 4: 338، البحر المديد 5: 528.

[31] انظر: تفسير الطبري 19: 57.

[32] انظر: التحرير والتنوير 8: 173.

[33] انظر: البحر المحيط لأبي حيان 4: 313.

[34] انظر: تفسير البغوي 5: 204، تفسير البيضاوي 3: 523، تفسير ابن عجيبة 4: 282.

[35] انظر: تفسير القرطبي 13: 215، تفسير ابن عجيبة 5: 341.

[36] أخرجه مالك في الموطأ برقم 998، وأبو داود في الجهاد برقم 2515، والنسائي في الجهاد برقم 3188، والدارمي في الجهاد برقم 2417، والطبراني في الكبير برقم 16933، والحاكم في المستدرك 2: 94 برقم 2435 وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.

[37] انظر: شرح المشكاة للطيبي 8: 2657، فيض القدير للمناوي 4: 411. قوله «ياسر الشريك» أي: ساهل الرفيق، واستعمل اليسر معه نفعًا بالمعونة وكفاية للمؤنة. وقوله: «لم يرجع بالكفاف» أي: لم يعد من الغزو رأسًا برأس، بحيث لا يكون له أجر ولا عليه وزر، بل وزره أكثر؛ لأنه لم يغز لله، وأفسد في الأرض.

[38] أخرجه البخاري في الزكاة برقم 1359، ومسلم في الزكاة برقم 1024.

[39] انظر: شرح المشكاة للطيبي 5: 1568، شرح مسلم للنووي 7: 113.

[40] أخرجه مسلم برقم 1625.

[41] انظر: إكمال المعلم 5: 358.

[42] أخرجه الترمذي برقم 1085 وقال: حديث حسن غريب، وابن ماجه برقم 1967، والطبراني في الكبير 22: 299 برقم 81614، والبيهقي في السنن الكبرى 7: 132 برقم 13481.

[43] انظر: شرح المشكاة للطيبي 7: 2263، تحفة الأحوذي 4: 173.

[44] أخرجه البخاري في الإيمان برقم 52؛ ومسلم في المساقاة برقم 1599، واللفظ له. عن النعمان بن بشيررضي الله عنه.

[45] انظر: التنوير شرح الجامع الصغير 1: 520.

[46] انظر: التنوير شرح الجامع الصغير 5: 444.

[47] أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص142 برقم 391، وأحمد في مسنده 6: 444 برقم 27548، وأبو داود برقم 4919، والترمذي برقم 2509 وقال: حديث صحيح، وابن حبان في صحيحه 11: 489 برقم 5092.

[48] انظر: شرح المشكاة للطيبي 10: 3213 - 3214.

[49] أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص 119 برقم 323، وأحمد في المسند 6: 459 برقم 27640، والطبراني في الكبير 24: 167 برقم 20444، وذكره الهيثمي في المجمع 8: 175 برقم 13138 وقال: رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب، وقد وثقه غير واحد، وبقية رجال أحد أسانيده رجال الصحيح.

[50] انظر: فيض القدير 3: 465.

[51] شرح مسلم للنووي 16: 159.

[52] جاء في لسان العرب 13: 515 مادة: عضه: العَضَهُ والعِضَهُ والعَضِيهةُ: هي الإِفْكُ والبُهْتانُ والنَّمِيمةُ وجمعُ العِضَهِ: عِضاهٌ وعِضاتٌ وعِضُون، والعَضْهُ: القالةُ القبيحة.

[53] أخرجه الدارمي برقم 2715، وأصله في مسلم برقم 2606 بلفظ: «ألا أنبئكم ما العِضَة ؟ هي النميمة القالة بين الناس».

[54] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 13: 237 برقم 235.

[55] أخرجه أحمد في المسند 2: 177 برقم 6650؛ وذكره الهيثمي في المجمع 7: 545 برقم 12191 وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضعف؛ وذكر الهيثمي في المجمع 7: 545 رواية عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الإيمان بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى يومئذ للغرباء، إذا فسد الناس...»، وقال: رواه أحمد والبزار وأبو يعلى، ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح. فالحديث بمجموع طرقه ورواياته حسن.

[56] انظر: تفسير القرطبي 2: 208 - 210، تفسير البيضاوي 1: 446، 4: 179، تفسير ابن كثير 1: 479، 6: 30.

[57] انظر: تفسير البيضاوي 5: 195، تفسير ابن عجيبة 7: 173.

[58] انظر: تفسير الطبري 12: 71، تفسير أبي حيان 4: 214.

[59] انظر: تفسير البيضاوي 3: 15.

[60] انظر: تفسير القرطبي 3: 17، تفسير ابن كثير 1: 564، تفسير أبي حيان 2: 125، تفسير ابن عاشور 2: 268.

[61] انظر: تفسير القرطبي 16: 245، تفسير البيضاوي 5: 194.

[62] أخرجه مسلم في الإمارة برقم 1825.

[63] أخرجه مسلم في الإمارة برقم 1826.

[64] شرح صحيح مسلم 4: 221.

[65] انظر: تفسير الرازي 25: 14، تفسير القرطبي 13: 315، تفسير البيضاوي 4: 304، تفسير ابن كثير 6: 254.

[66] انظر: تفسير البغوي 8: 479، تفسير ابن عجيبة 8: 501.

[67] انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور 30: 444 - 445.

[68] أخرجه أحمد في المسند 3: 456 برقم 15822، والترمذي برقم 2376 وقال: حسن صحيح، والدارمي برقم 2730، وابن حبان في صحيحه 8: 24 برقم 3228.

[69] انظر: شرح المشكاة للطيبي 10: 3286.

[70] أخرجه أحمد في المسند 2: 397 برقم 9146، وأبو داود برقم 2175 واللفظ له، وابن حبان في صحيحه 12: 370 برقم 5560، والحاكم في المستدرك 2: 214 برقم 2795 وقال: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي.

[71] انظر: شرح المشكاة للطيبي 7: 2335، فيض القدير للمناوي 5: 385، عون المعبود 6: 159.

[72] الأذكار ص568.

[73] أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص96 برقم 248، وأحمد في المسند 6: 4 برقم 23866، وأبو داود برقم 4889، والحاكم في المستدرك 4: 419 برقم 8137، وذكره الهيثمي في المجمع 5: 387 برقم 9082 وقال: رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.

[74] أخرجه أبو داود برقم 4888 وسنده صحيح كما قال النووي في رياض الصالحين، وأخرجه أبو يعلى في مسنده 13: 382 برقم 7389، وابن حبان في صحيحه 13: 72 برقم 5760.

[75] انظر: شرح المشكاة للطيبي 8: 2582، التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني 3: 433، التحبير لإيضاح معاني التيسير 3: 742.

[76] انظر: البحر المديد 1: 319.

[77] انظر: التحرير والتنوير 2: 503.

[78] انظر: تفسير الطبري 21: 190، تفسير ابن عجيبة 6: 326.

[79] انظر: تفسير القرطبي 15: 191.

[80] انظر: تفسير القرطبي 10: 164، تفسير البيضاوي 3: 416، تفسير الطاهر بن عاشور 14: 249.

[81] انظر: تفسير الطبري 19: 384، تفسير البيضاوي 4: 249.

[82] انظر: تفسير البيضاوي 3: 56، تفسير ابن عجيبة 2: 536، تفسير الطاهر بن عاشور 9: 88.

[83] ذكره الهيثمي في المجمع 7: 546 برقم 12193 وقال: رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح غير بكر بن سليم وهو ثقة. قلت: أصله في صحيح مسلم برقم 145 عن أبي هريرة دون جزئه الأخير.

[84] انظر: شرح المشكاة للطيبي 2: 626.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من موانع محبة الله عبدا (الفساد والإفساد)
  • الفساد والإفساد
  • آيات عن الإفساد في الأرض
  • خطبة: الاعتصام بالكتاب والسنة
  • الحفاظ على المال وحتمية مواجهة الفساد
  • الفساد والمفسدون في القرآن الكريم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • بشاعة الفساد وقول الله تعالى: (والله لا يحب الفساد)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفساد الإداري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفساد وحش متعدد الرؤوس(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • منهج السنة النبوية في محاربة الفساد الإداري (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قراءة في كتاب: الفساد الإداري وجرائم إساءة استعمال السلطة الوظيفية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • أسس مكافحة الفساد الإداري والمالي في ضوء السنة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة: الدين الإسلامي هو الصلاح المطلق، ولا سبيل إلى صلاح البشر الصلاح الحقيقي إلا بالدين الإسلامي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكافحة الفساد في السنة وهدي الخلفاء الراشدين(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • مكافحة الفساد في السنة وهدي الخلفاء الراشدين(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب