• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

مناهج تحليل الخطاب القرآني في الفكر العربي المعاصر: دراسة نقدية لنماذج

مناهج تحليل الخطاب القرآني في الفكر العربي المعاصر: دراسة نقدية لنماذج
د. محمد علواش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2016 ميلادي - 23/8/1437 هجري

الزيارات: 36995

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تقرير عن الرسالة

مناهج تحليل الخطاب القرآني في الفكر العربي المعاصر

دراسة نقدية لنماذج

 

إعداد الطالب: محمد علواش

إشراف الدكتور: محمد خروبات

السنة الدراسية: 2011 - 2012.

 

كلمة شكر

قال تعالى: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].

 

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والشكر لله تعالى الذي برحمته يتقبل الحسنات، ويرفع الدرجات، ويتجاوز عن السيئات. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه.

 

وبعد ثنائي على الله تعالى بما هو أهله، أتوجه بالشكر الجزيل لأعضاء وحدة التكوين في سلك الدكتوراه، وعلى رأسهم الدكتور سعيد شبار، الذي عرفته وتتلمذت على يديه، ذلك الرجل الباحث، ما عرفت متواضعا مثله. ثم أستاذي الدكتور محمد خروبات الذي قدر الله تعالى أن يكون المشرف على رعاية هذا البحث، فقدر جهودي وتحمل عناء سفري وطول الطريق للوصول إليه، ولقد رأيت فيه رحابة الصدر في التشجيع على مواصلة الطريق، فسبيل البحث العلمي محفوف بالعقبات، أسأل الله تعالى أن يجزيه خير الجزاء في الدنيا والآخرة.

 

كما أتوجه بفائق الشكر والامتنان إلى الأساتذة الفضلاء:

• الدكتور عبد الرحمن العضراوي الذي لا تغيب عن محياه تلك الابتسامة المشرقة، والذي أغنانا برصيده المعرفي خلال فصول حلقات التكوين العلمي.

 

• الدكتور بنسالم السالم الذي تعرفت عليه بين مباحث العقيدة، وأتوجه بالشكر كذلك إلى الدكتور إبراهيم رضا الذي تطوع مشكورا لمناقشة هذا البحث، وأتى إلينا من المدينة الحمراء، حيث قلعة القاضي عياض منارتها.

 

تقديم:

عند النظر في ما كتبه أغلب علماء المسلمين في مجال التراث الإسلامي، وما ارتبط بالنص القرآني وعلومه خاصة، يتبين أنه بحاجة اليوم إلى إعادة قراءة وتمحيص، وهذا من الأوامر الشرعية الواضحة التي تدعو إلى ضرورة تقديم النظر في كل ما وردت به الشريعة، وعدم الركون إلى الماضي والاكتفاء به، وتوظيف المنهج القرآني القائم على التعليل والاستدلال، وهذا من الخصائص الأساسية التي تفرد بها عن غيره من الكتب السابقة.

 

ومن المؤكد أن الخطاب القرآني قد حذر في غير ما آية، عند تناوله لقضايا مختلفة من السقوط في التقليد الأعمى، ودعا بمختلف الصيغ إلى إعمال العقل وتقديم البرهان، وهذا كان له أثر كبير على مفكري الإسلام وعلمائه في القرون الأولى، مما جعلهم يصبحوا روادا في مختلف العلوم التي تدور حول النص القرآني، مما يفسر ازدهار الحضارة الإسلامية حينها، ولذا فليس ممكنا أن نتصور عالما مسلما ينتمي إلى حضارة الإسلام، أو باحثا في هذا المجال إلا وهو يبدي عناية برصد كل ما تعلق بتاريخ الأفكار والفلسفات عموماً، كما نجد من يدعو إلى تجديد النظر في مجالات تفسير النص القرآني ومواكبة قضايا المجتمع وتغيراته، وما تفرزه من أسئلة وإشكالات تحتاج إلى إجابات تصدر عن مشكاة الوحي.

 

ومن هذا المنطلق، فإنني أعتقد أن علماء الإسلام المعاصرين قد صاروا على وعي بما يجري في الساحة العربية منذ أواخر القرن العشرين، خاصة الدور الذي تقوم به المفاهيم الحضارية والنظريات الفلسفية، وما تحتله مشكلة القيم الأخلاقية والدينية من أهمية، وما عادت تؤديه هذه القيم من أدوار إيجابية أو سلبية، سواء على المستوى الفردي أم الجماعي، كل ذلك يجعل علماء الإسلام أفرادا أو مؤسسات أمام تحمل مسؤوليتهم في المتابعة العلمية لكل ما يروج له في الساحة الفكرية من نظريات ومفاهيم وتأويلات ومواقف فكرية تمس من قريب أو بعيد التراث الإسلامي.

 

وفي هذا الإطار العام، صار اهتمامي بهذا المجال، أي ضرورة العناية بالنقد والتقويم لهذا الصخب الذي يروج له الحداثيون في الساحة العربية، والعمل على تمييز الجانب العلمي من الإيديولوجي فيما تلقيه الإنتاجات الفكرية من مفاهيم وتيارات ومناهج تفكير.

 

من أجل ذلك، كان لا بد من إعادة النظر في هذا النوع من الفكر الذي أرخى ظلاله على المجتمع العربي والإسلامي، إذ في الوقت الذي يتطلع فيه المسلمون إلى أن يتحرر الفكر الغربي المعاصر من أحكامه الإسقاطية السابقة الموروثة عن القرون الوسطى بشأن الإسلام، تأتي أعمال هؤلاء الحداثيين لترسخ تلك الأحكام الاستشراقية عن الإسلام.

 

وهذه هي الوظيفة الأولى التي تولى الحداثي العربي القيام بها، بعد أن احتضنته مراكز البحوث الغربية، ولعل هذا الهدف الإيديولوجي الصريح أو المضمر في كتابات أركون - مثلاً - وغيره من الحداثيين هو الذي جعل مشاريعهم النقدية تظل محدودة من الناحية العلمية، ولا تخرج عن الدعوى المتكررة لتفكيك كل الموروث الثقافي وخلخلته وهدمه، وهي دعاوى لا تعتبر في ذاتها دليلا على البناء وامتلاك الحقيقة البديلة، لهذا نظن أن أعمال هؤلاء لم تستطع التخلص من اجترار كل المقولات الاستشراقية، بل إنهم أضافوا إليها في بعض الأحيان أسلوباً استفزازياً مغلفا بالطعن والتجريح للمخالفين لهم، وهذا يكشف عن العجز في تقديم البديل، مع الركون إلى التبشير بالعلوم الإنسانية، بعيدا عن ضوابط القراءة السليمة، مع الغفلة عن الخصوصيات الفكرية والتاريخية، وهذا ما يجعل أعمال هؤلاء مثالا للفكر الإسقاطي البعيد عن الضوابط المنهجية المرتبطة بالعلوم الإنسانية عامة، خاصة إذا أدركنا حضور النزعة المعيارية لديهم والتي تصدر عن الرؤية العلمانية.

 

وما نقدمه في هذه الرسالة يضعنا أمام هذه المشكلات التي برزت منذ أواخر القرن العشرين إلى الصدارة، وأصبحت تضاهي القضايا السياسية والاقتصادية، إنها المشكلات الحضارية التي يشكل الدين والهوية والقيم أهم تجلياتها، حتى صارت العقود الأخيرة من القرن العشرين، وبداية هذه السنوات من الألفية الثالثة تعبر عن صراع القيم والمفاهيم الأخلاقية والسياسية، ما يتطلب ضرورة التسلح برؤية منهجية نقدية قادرة على التمييز بين العلمي والإيديولوجي، فيما تعج به الساحة الثقافية والإعلامية من خطابات ومشاريع فكرية. غير أني أود أن أشير إلى ضرورة الالتزام بالأسلوب الاستدلالي والرؤية المنهجية الواضحة التي ستكون معيار المراجعة لجملة من المفاهيم والتصورات والأحكام التي لها ارتباط بصلب الموضوع، موظفا أسلوب الحوار المنهجي مع المخالف باعتباره من القواعد التي أرسى دعائمها القرآن المجيد.

 

أما تناولي للموضوع فقد جمع بين أمرين، إذ لم أكتفي ببيان طبيعة العلاقة بين المناهج المعاصرة وإيديولوجية الحداثة، بل عرضت تطبيقات وإسقاطات هذه المدارس على نصوص الوحي وبيان نتائجها ومآلاتها، ثم ختمت بالجانب البنائي، وذلك ببيان ضوابط القراءة السليمة للقرآن المجيد، ملزمين أنفسنا منهجا يجمع بين الوصف والتحليل والنقد والبناء، ولم أقصد في هذا البحث السجال في الفروع أو الجدال في بعض القضايا الهامشية، وإنما كان الغرض هو الوقوف عند المنطلقات والتصور العام الذي انتظمت فيه هذه المناهج التي يبني عليها الخطاب الحداثي أطروحاته عندما يتعامل مع القرآن العظيم، ولذا فالبحث يقع بعد التقديم والخاتمة في بابين، كل باب يضم فصلين على الأقل مع مباحث متعددة، أما الخطوط العريضة للبحث فقد جاءت كما يلي:

في الفصل التمهيدي ذكرت أن حال هؤلاء الحداثيين العرب كحال الغراب، مصابون بانفصام الشخصية، فتجدهم تبريرا لدعوى الانقطاع عن تراثهم، يمجدون تراث غيرهم، وفرارا من مواجهة حاضرهم أو ماضيهم تراهم ينتقدونه جملة أو تفصيلا، لتبرير اتباع حاضر غيرهم، فالحداثة تعني عندهم انقطاعا عن الماضي، إذا كان المقصود به ماضي الذات العربية، أما إذا كان ماضي الغرب فهي اتصال واستمرار في غير انقطاع، وهما آفتان خطيرتان أصبحتا " شعارا" للمفكر الحداثي العربي في الظرف المعاصر، أما طرح أسئلة حقيقية حول إمكانية التحديث من داخل الذات، بناء على أسس مرجعية، تحافظ على خصوصية الأمة ووجودها الحضاري، فهذا خيار لا محل له من الإعراب.. وسأكتفي برصد بعض المرتكزات التي شكلت مجالا مشتركا للخطاب العربي المعاصر:

1 - إن المرجعية التي تبناها استغرقت كل إنتاجه الأدبي والفكري والفلسفي والاجتماعي مما أثر في تعميق التبعية والإلحاق وتكريس العولمة وتدمير الخصوصية الثقافية، وساهم في تشكيل مجتمعات أصبحت مجرد هوامش وأطراف تدور في فلك المركز الغربي.

 

2 - إن هذه المرجعية التي حكمت منطلقات الفكر العربي، عرفت تغيرات وتقلبات بحسب الظروف والمراحل التي عرفها المجتمع الغربي، وهذا انعكس بشكل سلبي على الاستقرار الاجتماعي والتنموي، حيث ظل المجتمع العربي مسرحا لكل التجارب.

 

3 - إن كل ما راكمه المفكر العربي ظل مجرد صدى للأصول الغربية التي شكلت منطلقا للتيارات الثقافية العربية، والتي تحركت من اليمين إلى اليسار، وظلت تائهة وحائرة، مما أدى إلى غرس مفاهيم الآخر داخل الساحة العربية، ثم إن المحاولة التي بذلها المثقف العربي في القطع مع ثقافته وماضيه طرح إشكالية "الهوية الثقافية" للمجتمع لأول مرة في تاريخه الثقافي والحضاري، وأدى إلى فقدان الإحساس بالانتماء التاريخي.

 

4 - إن فقدان هذا الشعور بالانتماء التاريخي أدى بالمفكر العربي إلى التمرد على "الذات" وتقمص شخصية "الآخر" واستحضار ذوقه ومعاييره، بحيث تشكلت مواقف سلبية تجاه الماضي تاريخا وتراثا، وأعيد قراءته وفق معايير الآخر، وأدمج تاريخنا في تاريخه وحاضرنا في مستقبله.

 

5 - لقد تم النظر إلى الأصالة بعقليات تفتقر إلى الرؤية المنهجية الصائبة في الأداء والتحليل، أو بأساليب مستغربة لا تمتلك الصلاحية العلمية للبحث والدراسة، وكان من إفرازات هذا الاتجاه، أن عمل على حصر الأصالة في صورة مشوهة، أصبحت معها عاجزة عن الوقوف في وجه التحديات المعاصرة، ولذا فإننا بحاجة إلى ضرورة إعادة قراءة مضامين الأصالة بأبجديات إسلامية، وبذهنيات مخلصة وعاقلة، تمتلك شرعية القراءة ومؤهلاتها، وبحاجة إلى وسائل ومناهج دراسية لها من الشمول والاستيعاب ما يؤهلها لهذه المهمة الجليلة.

 

وبهذا نخلص في هذا المقام إلى التأكيد على مسألة أساسية تتمثل في ذلك الارتباط العضوي بين نقد العقل العربي المنتج للتراث، وبين طموح تحقيق مجتمع العقلانية والحداثة، ولعل في تسليط آليات المنهجية العقلانية المستعارة على جسد التراث ما يكفل بتحقيق القطيعة مع الفهم التراثي للتراث كما نادى بذلك الجابري، أما أركون فقد اشتغل على نقد العقل الإسلامي باعتماد خلاصات العلوم الإنسانية المعاصرة، وذلك بتوظيف مناهجها في دراسة القضايا المرتبطة بالتراث الإسلامي فيما سماه "بالإسلاميات التطبيقية" قصد بلورة مشروع علماني جديد حول نقد النص التراثي والقرآني، ولذا فهو يدعو إلى الانفتاح على هذه المناهج والعلوم الحديثة، لأنها ستمكن المسلمين من "زحزحة الصخرة من مكانها، وتجديد نظرتهم جذريا للظاهرة الدينية[1]".

 

أما الباب الأول فقد خصصته لدراسة إشكالية العلاقة بين المناهج المعاصرة والنص القرآني، من خلال فصلين: في الفصل الأول، وقفت عند مناهج تحليل النصوص ومدى ارتباطها بإيديولوجيا الحداثة، فتناولت في مباحث متنوعة، منها القراءة المعاصرة بين طريقين، ثم وقفت عند المناهج المعاصرة ومدى إسقاط الحداثيين لها على القرآن المجيد. أما الفصل الثاني فقد بينت فيه الانحرافات المنهجية في تعامل هؤلاء مع النص القرآني، وذلك بذكر الأسس المنهجية التي اعتمدتها القراءة الحداثية، ثم مآلاتها، ومظاهر القصور المنهجي التي تعاني منها، وباختصار شديد، نقول:

تتسم القراءة المعاصرة بضياع الهوية والمعنى، وانحلال قضية المنهج، إذ تتسكع في مسارب منهجية شتى، إيمانا بالتعددية، تحت شعارات تلاقح الأفكار وتكامل الأبعاد، وغيرها من هذه الذرائع، والقصد من وراء ذلك أن يصبح القرآن متنفسا لكل قراءة ومرتعا لكل تأويل، ووعاء ينضح بالتلوين الذاتي؟ وإن شئت الشواهد من لسان القوم على هذا الضياع المنهجي، فلا شاهد أصدق من قول أركون: "إن القراءة التي أحلم بها هي قراءة حرة إلى درجة التشرد والتسكع في كل الاتجاهات، إنها قراءة تجد فيها كل ذات بشرية نفسها، سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة، أقصد قراءة تترك فيها الذات الحرية لنفسها، ولحركيتها الخاصة في الربط بين الأفكار والتصورات، انطلاقا من نصوص مختارة بحرية من كتاب طالما عاب عليه الباحثون فوضاه، ولكنها الفوضى التي تفضل الحرية المتشردة في كل الاتجاهات[2]".

 

إن فشل المدرسة الحداثية العربية في تطبيق المناهج المعاصرة في فهم النص القرآني لا ينبع بالضرورة من طبيعة الإمكانات المعرفية لتلك المناهج، بل كان في كثير من الأحيان بسبب الخلفيات الاعتقادية لبعض المفكرين، والتي جعلت من تلك المناهج مجرد أدوات للدعوة إليها واستعراض مدى استيعابها، فأساءت كثيرا لهذه المناهج، وحجبت كثيرا من الباحثين المسلمين من الاستفادة منها. وكان في المقابل تقييم القارئ العربي المسلم للمناهج الغربية وجدواها في دراسة القرآن الكريم غالبا تقييما غير موضوعي، لأنه كان يرتبط بالنتائج الفاشلة لمثل هذه التطبيقات، وهذا ما يبرر الحساسية من استخدام تلك المناهج في دراسة القرآن الكريم؛ إذ "ينظر إليها تلقائيا بأنها رغبة علمانية وليست علمية! وهذا المعطى يكشف عن عدم حيادية هذه المناهج أو استقلاليتها مما يجعل استعمالها وتطبيقها محفوفا بكثير من المزالق والمخاطر خاصة إذا علمنا أن موضوع التطبيق وأجرأة هذه المناهج هو القرآن الكريم الذي يتميز بكثير من الخصائص والمميزات، كما أن المناهج لها ارتباط وثيق بالإشكال الحضاري الذي عاشه الغرب في تعامله مع كتبه الدينية المقدسة.وإذا كان القارئ الحداثي في غاية الشبه بالمستشرقين، والمشاكلة لهم، والولع بما يصدر عنهم ويرد عليهم، والنسج على منوالهم في مراوغة النص، فالحداثة المقلدة - بتعبير طه عبد الرحمن - لا تملك مسوغ وجودها، وشرط صيرورتها وهو الإبداع في البحث والنظر.

 

إن بعض المناهج الغربية تزخر بإمكانات جيدة في التحليل والتفسير، ومن شأنها أن تضيء خبايا النص القرآني، إلا أن تنزيلها على الوحي الرباني يقتضي مراعاة خصائصه التي تفرد بها عن غيره، وأعظمها خاصية ربانية مصدره! ومن هنا لابد من الانتباه إليها أثناء استثمار هذه المناهج ومحاولة إسقاطها على النصوص القرآنية.

 

إن أعظم الآفات المنهجية التي أصابت القراءة الحداثية، تتمثل في تجاهل الحداثيين النزعة الوضعية للمناهج الغربية، وهي حقيقة يسلم بها نقاد الغرب أنفسهم، وهذا التجاهل قاد إلى الاصطدام مع البعد الإلهي لمصدرية النص القرآني. ثم الجهل بطبيعة المناهج الغربية ومآلاتها، فهي تتعامل مع النصوص باعتبارها مادة لغوية محضة، لا علاقة لها بأي بعد غيبي أو تشريعي، وهذا من مداخل المماثلة بين النص القرآني والنص البشري.

 

وبالجملة، إنه يستحيل إبعاد المنهج وتجريده من مقولاته ونماذجه، إذ تربطه وشائج القرابة التي يصعب قطعها "لأنه تشكل في أحشاء النماذج التي عالجها، واكتسى باللحم من خلال الموضوعات التي ولدها[3]"، وهذا يقودنا إلى نتيجة مفادها "أن كل نموذج مجتمعي تدور في فلكه مجموع القواعد التي لا تخرج عن دائرته، ولا عن الموضوعات التي جاءت نتائج تطبيقاته، فكل القواعد إنما تعمل وفق النموذج الذي انطلقت منه، كما أن المقولات التي يكون المنهج قد أنتجها وسميت باسمه، تصبح كالطوق على عنقه، فلا يستطيع أن يتحرر منها، أو أن يتحرك في أية دراسة قادمة إلا من خلالها وبتأثيرها )...(، وبهذا تؤخذ كل منظومة فكرية [في إطارها الكلي] منهجاً ونماذج ومقولات[4]"، ولذلك يجب وضع المنهج في سلسلة ما يتضمن من مقولات ونماذج، وليس ضمن مبادئه العامة وتقنياته فقط، وهذا يتطلب الانتباه إلى مسألة مهمة وهي "علاقة المنهج بالنمط المجتمعي الحضاري" الذي تخلق في رحمه، وترعرع في أحضانه "وذلك من أجل تحقيق الهدف الأول من كل منهج وهو تحديد الأسس التي تساعد على قراءة النمط المجتمعي الحضاري المعطى[5]".

 

إن أهم ما يميز القراءات الحداثية للنص القرآني هو سعيها الدؤوب نحو إحداث قطيعة كلية مع كل مناهج التفسير التي سادت في التراث الإسلامي[6]، ورفض استثمار كل الجهود والفهوم السابقة التي أنتجها علماء الإسلام في تعاملهم مع القرءان الكريم، وهذا الرفض كان تحت دعوى قدم هذه المناهج وتغيبها كليا للقارئ من حيث هو أداة و طرف أساسي في إنتاج المعنى الذي يحمله النص، فهي تراهن على المعنى المتعدد والمتنوع بدل المعنى الواحد مع عدم الإخضاع أو الاحتكام إلى المنطق والأصول الحاكمة للتخاطب في اللغة العربية والذي يعد الأصل في التفسير، كما أنها لم تعر أية أهمية للإشكاليات المنهجية التي يطرحها التفسير، رغم أن عملية التفسير تحكمها مجموعة من الضوابط والمعايير وتخضع لمجموعة من الشروط. يتداخل فيها الذاتي بالموضوعي والثقافي بالتاريخي واللغوي بمستوياته الداخلية والخارجية، ورغم أن المناهج المخصصة للتفسير تظل مؤصلة في كتب التفسير وكتب علم أصول الفقه بشكل قوي، فمع ذلك فإن هذه المناهج الجديدة في التفسير عملت على تخطي كل الأصول وتجاوز كل الضوابط والقواعد بدعوى التجديد والعصرنة والتحديث، فلقد عمل المناصرون لهذا الاتجاه بالدفع بقوة بمشاريعهم من أجل جعل هذه المشاريع الحداثية في قراءة النصوص القرآنية وتأويلها البديل المنهجي المرتقب لكل الإنجازات العلمية التي راكمتها جهود العلماء السابقين واجتهاداتهم في تفسير القرآن الكريم.

 

وبالجملة، إن الآفات المنهجية التي أصابت القراءة الحداثية، وضلت بها عن طريق الفهم الموضوعي، يمكن تلخيصها في الآتي:

• تجاهل الحداثيين النزعة الوضعية للمناهج الغربية، وهي حقيقة يسلم بها نقاد الغرب أنفسهم، وهذا التجاهل قاد إلى الاصطدام مع البعد الإلهي لمصدرية النص القرآني.

 

• نظرتهم للمناهج الغربية على أنها حقائق ثابتة، لها القدرة على استنفاذ إمكانيات النص دلاليا ومقاصديا، وقد ذكرنا أن هذه النظريات لم يكتمل نموها بعد، ورغم ذلك قد استوردها الحداثي العربي.

 

• الجهل بطبيعة المناهج الغربية ومآلاتها، فهي تتعامل مع النصوص باعتبارها مادة لغوية محضة، لا علاقة لها بأي بعد غيبي أو تشريعي، وإذا كان النص القرآني معجزا في كل شيء، سواء بأبعاده البلاغية أو غيرها، فإن المناهج اللسانية تبقى قاصرة في الإحاطة بخفايا هذا النص المعجز، ومن تم كان إسقاطها في ساحة التأويل القرآني على علاتها وخلفياتها، مدخلا إلى المماثلة بين النص القرآني والنص البشري، مع أن الفوارق بينهما واضحة.

 

أما الباب الثاني، فقد جعلته كتعقيب على ما سبق بيانه، وهو يناقش أهمية التسلح بالضوابط المنهجية عند النظر في النصوص الشرعية، فجعلته يتكون من ثلاثة فصول: الفصل الأول يعالج مسألة المنهج وعلاقتها بفهم النص الشرعي، أما الفصل الثاني فخصصته للحديث عن آليات الفهم السليم للنصوص، وختمت بفصل ثالث حول مدى إمكانية تجديد الخطاب التفسيري ليلائم متطلبات المرحلة المعاصرة، وخلاصته كما يلي:

• إن تجديد الخطاب التفسيري للقرآن المجيد لا يقتضي اقتفاء أثر الغرب ومناهجه وخطاه في كيفية تعامله مع نصوص الكتب المقدسة عنده، وإنما التجديد المطلوب العمل على الاستفادة من التراث التفسيري الذي خلفه سلف هذه الأمة وخلفها عبر الأجيال، وتوظيفه توظيفا واعيا متبصرا، وفي نفس الوقت، الانفتاح على ما أفرزه العقل الغربي من مناهج ومحاولة الاستفادة من معطياتها، مع الحذر من السقوط في شراك مصطلحاتها البراقة، وتطبيقها بشكل حرفي على نصوص الوحي، وبذلك يكون القارئ قد جمع بين الأصيل المنبعث من الذات، والمعاصر القادم من الثقافة الأخرى.

 

• إن سبيل التحديث الحقيقي يفرض تدشين عصر حداثة ينطلق من الذات المسلمة، ويستلزم بالضرورة وعيا عميقا بحدود التواصل الحضاري والثقافي مع الشعوب الأخرى، وإدراكا لخصوصيات الذات وموقعها من الانفتاح على الآخر في ظل عولمة تعمل على نفي الخصوصيات وتغيير هوياتها، فإذا كانت فلسفة الحداثة والتحديث في الغرب قد ارتبطت بصراع له شروطه التاريخية والموضوعية الخاصة به، ثم كان مآلها ثورة على القيم والمطلقات والثوابت، فليس معنى ذلك أن تعمم هذه التجربة على المجتمع العربي للحصول على التحديث!، فليس التاريخ العربي الإسلامي هو تاريخ الغرب لا في تصوره الإنسان والكون، والحياة، ولا في رؤيته لعلاقة الدين بالدولة، ولا في فتوحاته وانفتاحه على تجارب الآخرين، لذا يمكن أن يقدم للإنسانية نموذجا آخر في التحديث والحداثة، تسوده قيم هذا التصور الفريد.

 

كل ما سبق ذكره في هذه المحصلة، المغزى الأسمى منه هو محاولة العودة مرة أخرى قصد تفعيل الخطاب القرآني وسط المجتمع المسلم ليقود مسيرة الحياة الإنسانية، والسماح له في بناء حضارتها، ولا يكون ذلك إلا في ظل الاستجابة لنسقه والنظام المعرفي الذي يؤطره.

 

إن رسالة هذا البحث لا تعني رفض الخطاب التفسيري لكل ما أفرزه العقل الحديث من مناهج ألسنية وتأويلية في حد ذاتها، بقدر ما ترفض التبعية والذيلية في إسقاط هذه المناهج بمرجعياتها وآلياتها على النص القرآني، إذ إننا بحاجة فعلا إلى المساهمة الحقيقية وتوظيف كل الجهود قصد تحريك عجلة التنمية الحقيقية المنبثقة من ثقافة الأمة وعمقها الحضاري من دون إحداث قطيعة مع تراثها، ولا إلغاء لخصوصية ذاتها، ومن دون ارتماء في أحضان الآخر إلى درجة الذوبان كما حصل للمفكرين الحداثيين المعاصرين. وإذا كان المجهود الذي قمت به في هذا البحث لا يغطي كل تفاصيل الخطاب العربي المعاصر، فقد اكتفيت بالوقوف عندإشكالية المنهج باعتبارها العمود الفقري الذي تقوم عليه كل التصورات والمشاريع، وهذه الدراسة صالحة لأن تشكل أرضية للبحث في قضايا أخرى أسفر عنها هذا المجهود المتواضع، ومن أبرزها:

• العمل على البحث في مجال الدراسات الأدبية وربطها بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، فعدم الجمع بين الجانبين بتوظيف مناهج علمية رصينة، والاستفادة من المناهج الأدبية في خدمة النص الإسلامي عموما يعتبر من الأسباب والمداخل الرئيسية لتسلل مختلف الكتابات المعصرة ذات المنحى التغريبي وإسقاط مناهجها على هذا التراث، مستغلة هذا الفراغ، رافعة شعارات التجديد والتطوير مع أنها لا صلة نسب أو قرابة تربط بينهما.

 

• إن المسألة التي ركزت عليها في أطروحتي هي أن قضية توظيف المناهج في الفكر العربي ليست دعوة بريئة، لا يمكن فهمها بمعزل عن الخلفية الناظمة والموجهة لإدارة التفاعل مع الواقع الاجتماعي، وبعيدا عن حركة الصراعومعادلات القوة بين الأنماط المجتمعية التاريخية.

 

وبالله التوفيق.



[1] محمد أركون، تاريخية الفكر العربي الإسلامي م. س، ص 14.

[2] أركون، الفكر الأصولي واستحالة التأصيل، م. س، ص76.

[3] منير شفيق، الإسلام في معركة الحضارة، (مرجع سابق)، ص 159.

[4] منير شفيق، نفس المرجع، ص 160.

[5] منير شفيق، نفس المرجع، ص161.

[6] ينظر، منى محمد بهي الدين إبراهيم الشافعي، التيار العلماني الحديث، دار اليسر، ط1، 1429، ص387 - 492.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخطاب القرآني وتنوعه
  • رقة ولطافة في الخطاب القرآني
  • مصطلحات قلقة في الفكر العربي
  • دقة اللفظ القرآني ومناسبته لمواضعه في الآيات (فتياتكم / إماؤكم)
  • الخطاب القرآني قراءة في الامتداد الدلالي للملفوظ
  • لغة الخطاب القرآني عن العنف الأسري: دراسة تحليلية في ضوء علم اللغة الاجتماعي

مختارات من الشبكة

  • المناهج المعاصرة لقراءة النص "مناهج الفكر في الحضارة الإسلامية"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنهج الكلامي: ملامحه وآثاره على مناهج التعليم الديني في العالم المعاصر.(كتاب - موقع د. سهل بن رفاع بن سهيل الروقي)
  • مناهج المحدثين العظماء (منهج الإمام البخاري رحمه الله)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مناهج المحدثين العظماء (منهج الإمام مسلم رحمه الله)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مناهج المحدثين العظماء (منهج الإمامين أبي داود والترمذي رحمهما الله)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • المنهج الأنموذج من مناهج الإصلاح المعاصرة(مقالة - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • مناهج الفكر العربي المعاصر في دراسة قضايا العقيدة والتراث(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوجيز في مناهج المحدثين للكتابة والتدوين (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب