أقوال الصحابة والسلف في إنزال الناس منازلهم

وقفات:
الوقفة الأولى:وقال: (ثلاث من توقير جلال الله، إكرام ذي الشيبة في الإسلام، وحامل كتاب الله، وحامل العلم صغيراً كان أو كبيراً). وعزاه إلى "نشر طي التعريف في حملة العلم الشريف".
لم يبين من القائل، والذي في "نشر طي التعريف":"
وقال صلى الله عليه وسلم:"ثلاث من توقير ...".
والحديث أخرجه البيهقي في"المدخل" (667) من طريق سويد يعني ابن سعيد، ثنا خالد بن يزيد، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من توقير جلال الله: ذو الشيبة في الإسلام، وحامل كتاب الله، وحامل العلم مع من كان صغيراً أو كبيراً". وضعفه البيهقي بقوله:"خالد بن يزيد هذا هو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك الشامي ليس بالقوي". وقال عنه ابن حجر في "التقريب":"ضعيف مع كونه كان فقيهاً، و قد اتهمه ابن معين". وقال الذهبي في "الكاشف":"ضعفوه". وسويد بن سعيد قال ابن حجر في "التقريب":"صدوق فى نفسه إلا أنه عمى فصار يتلقن ما ليس من حديثه فأفحش فيه ابن معين القول".
الوقفة الثانية:انظر إلى قوله:"وعزل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -"، وقوله:"وقال الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -".
لو قال:"وعزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب". طالما خص علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقول:"الإمام". ومن المعلوم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو من أئمة المسلمين بلا شك، وهو الخليفة الراشد الرابع ولكن العرف الشيعي الرافضي الإمامي هو الذي خصه بهذه اللفظة (الإمام)، دون الخلفاء الراشدين الأولين:أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم؛ لأنه الإمام عند الشيعة، ولأنهم يزعمون أن الخلافة كانت له بوصية الرسول زعموا له، ثم صادرها منه أبو بكر وعمر وعثمان طيلة هذه القرون الفاضلة، وهو لم يستطع أن يحرك ساكناً، لماذا؟ لأنهم زعموا أنه رأى المصلحة في ذلك، ما يطالب بحقه الذي أعطاه الرسول عليه السلام وفي حجة الوداع زعموا. لذا قال الشيخ الألباني -رحمه الله-:"هذا تعبير شيعي، فيجب أن تحفظوا ألسنتكم منه". ثم قال:"لذلك ينبغي أن نحفظ ألسنتنا من أن نقول: قال علي كرم الله وجهه وحده، أو قال الإمام علي وحده، إن كان ولا بد أعطينا لبقية الخلفاء ما نعطيه لهم من الوصف ووصف يصدق عليهم جميعاً لكي لا نفرق بين أحد منهم.
لا شك أن هذه آية جاءت في الأنبياء والرسل: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (البقرة:285) ولكن أتباع الرسل ينبغي أن نسلك فيهم سبيل الذي نسلكه مع الرسل، فهؤلاء جمعهم الرسول عليه السلام في ملتقى واحد كما يقولون في عبارة واحدة في جملة واحدة حيث قال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي».
وقال: «النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة ... » إلى آخر العشرة المبشرين بالجنة. فإذاً: لا نفرق بين أحد منهم. غيره". انتهى الغرض من كلامه -رحمه الله-. فلو قلنا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه. لكان أولى. لنخرج من التخصيص الذي يوافق الشيعة في بدعتهم. والله أعلم. مع التنبيه على أن الأخ الفاضل حامد -حفظه الله- لا علاقة له بمقصد الشيعة، ولكن هذا دارج على ألسنة بعض أهل السنة، ولكن نقول كما قال الشيخ الألباني -رحمه الله-:"هذا تعبير شيعي، فيجب أن تحفظوا ألسنتكم منه". والله أعلم.
الوقفة الثالثة:وقال الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: (إن من حق العالم عليك: أن تسلِّم على القوم عامة وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تعينه في الجواب، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، ولا تقول له سمعت فلاناً يقول كذا ولا أن فلاناً يقول بخلافك، ولا تضعن عنده عالماً، فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيئاً). وعزاه إلى "مختصر منهاج القاصدين".
والأولى هو عزوه إلى من رواه بالإسناد، والحكم على إسناده، هذا هو التحقيق، فقد أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/ 199) من طريق الزبير يعني ابن بكار، قال: سمعت محمد بن سلام الجمحي، يقول: قال علي بن أبي طالب: " من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلافا لقوله، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تسار في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض من طول صحبته؛ فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء، وإن المؤمن العالم لأعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة ". وهذا إسناد ضعيف، فهو منقطع بين محمد بن سلام وعلي رضي الله عنه، فبينهما مفاوز،مات علي رضي الله عنه سنة أربعين، ومات محمد بن سلام سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقيل مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. كما في "تاريخ بغداد" (2/ 399).