• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم النفاق الأكبر وهو إظهار الإسلام وإبطان ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    ما ورد في معنى استغفار النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    متى تزداد الطيبة في القلوب؟
    شعيب ناصري
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (34) «من رأى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل حلق الذكر والاجتماع عليه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحياة مع القرآن
    د. مرضي بن مشوح العنزي
  •  
    فوائــد وأحكــام من قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    مرتكزات منهج التيسير في الشريعة الإسلامية
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    ومضة: ولا تعجز... فالله يرى عزمك
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (2): الإسراف في حياتنا ...
    حسان أحمد العماري
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم

الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/9/2025 ميلادي - 30/3/1447 هجري

الزيارات: 126

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم

 

الحمد لله، الذي وسع كل شيء رحمةً وعلمـًا، وأسبغ على عباده نعمـًا لا تعد ولا تحصى، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

فلقد غزا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعًا وعشرين غزوة، وقاتل منها في تسع؛ وهي: بدر وأحد والخندق، وقريظة، والمُريسيع (بنو المصطلق)، وخيبر، والفتح، وحُنين، والطائف، وأما غزوة تبوك فلم يحدث فيها قتال؛ [الطبقات الكبرى لابن سعد ج: 2، ص: 3].

 

وأول غزوة غزاها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه هي غزوة الأبواء (ودَّان)، وآخر غزوة هي غزوة تبوك؛ [تاريخ الطبري ج: 2 ص: 207].

 

وسوف نتحدث عن الغزوات الكبرى.

 

(1) غزوة بدر:

كانت غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية من الهجرة، بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عِيرًا مقبلة من الشام صحبةَ أبي سفيان، صخر بن حرب، في ثلاثين أو أربعين رجلًا من قريش وهي عير عظيمة، تحمل أموالًا جزيلة لقريش، فندب صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها، وأمر من كان ظهره (دابته) حاضرًا بالنهوض، ولم يحتفل لها احتفالًا كثيرًا، إلا أنه خرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، لثمانٍ خلَون من رمضان، واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، فلما كان بالرَّوحاء رد أبا لبابة بن عبدالمنذر واستعمله على المدينة، ولم يكن معه من الخيل سوى فرس الزبير، وفرس المقداد بن الأسود الكندي، ومن الإبل سبعون بعيرًا، يعتقب الرجلان والثلاثة فأكثر على البعير الواحد، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعليٌّ ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرًا، ودفع صلى الله عليه وسلم اللواء إلى مصعب بن عمير، وسار صلى الله عليه وسلم، فلما قرب من الصفراء بعث بسبس بن عمرو الجهني، وعَدي بن أبي الزغباء الجهني إلى بدر؛ يتحسسان أخبار العير.

 

وأما أبو سفيان فإنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصدُه إياه، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخًا لقريش بالنفير إلى عيرهم ليمنعوه من محمد وأصحابه، وبلغ الصريخ أهل مكة، فنهضوا مسرعين في الخروج، ولم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب، فإنه عوَّض عنه رجلًا كان له عليه دَين، وحشدوا ممن حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج معهم منهم أحد، وخرجوا من ديارهم؛ كما قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [الأنفال: 47]، فجمعهم الله على غير ميعاد لما أراد في ذلك من الحكمة؛ كما قال تعالى: ﴿ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 42]، ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريش استشار أصحابه، فتكلم كثير من المهاجرين فأحسنوا، ثم استشارهم وهو يريد بما يقول الأنصار، فبادر سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله، كأنك تعرِّض بنا، فوالله يا رسول الله، لو استعرضت بنا البحر لخُضناه معك، فسِر بنا يا رسول الله على بركة الله؛ فسُرَّ صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: ((سيروا وأبشروا؛ فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين)).

 

ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل قريبًا من بدر، فلما أمسى، بعث عليًّا وسعدًا والزبير إلى ماء بدر يلتمسون الخبر، فقدموا بعبدَين لقريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، قال لهما: ((أخبراني أين قريش؟ قالا: وراء هذا الكثيب، قال: كم القوم؟ قالا: لا علم لنا، فقال: كم ينحرون كل يوم؟ فقالا: يومًا عشرًا ويومًا تسعًا، فقال صلى الله عليه وسلم: القوم ما بين التسعمائة إلى الألف)).

 

انطلق أبو سفيان بالعير إلى طريق الساحل، فنجا، وبعث إلى قريش يعلمهم أنه قد نجا هو والعير، ويأمرهم أن يرجعوا، وبلغ ذلك قريشًا، فأبى أبو جهل وقال: والله لا نرجع حتى نرِد ماء بدر، ونقيم عليه ثلاثًا، ونشرب الخمر، وتضرب على رؤوسنا القِيان، فتهابنا العرب أبدًا، فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا إلى ماء بدر، ونزل على أدنى ماء هناك، فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته أمرك الله به، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ قال: بل منزل نزلته للحرب والمكيدة، فقال: ليس هذا بمنزل، فانهض بنا حتى نأتيَ أدنى ماء من مياه القوم فننزله، وندفن ما وراءنا من الآبار، ثم نبني عليه حوضًا فنملأه، فنشرب ولا يشربون، فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ذلك، وحال الله بين قريش وبين الماء بمطر عظيم أرسله، وكان نقمة على الكفار ونعمة على المسلمين، مهَّد لهم الأرض ولبدها، وبُني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش يكون فيه، ومشى صلى الله عليه وسلم في موضع المعركة، وجعل يريهم مصارع رؤوس القوم واحدًا واحدًا، ويقول: ((هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان))، قال عبدالله بن مسعود: فو الذي بعثه بالحق، ما أخطأ واحد منهم موضعه الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي، وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، فلما أصبح وأقبلت قريش في كتائبها، قال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم هذه قريش، قد أقبلت في فخرها وخُيلائها، تُحادُّك وتحاد رسولك))، ونشبت الحرب، وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف، ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكر وحده، وقام سعد بن معاذ وقوم من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، ثلاثتهم جميعًا يطلبون المبارزة، فخرج إليهم من المسلمين ثلاثة من الأنصار، وهم: عوف ومعوذ ابنا عفراء، وعبدالله بن رواحة، فقالوا لهم: من أنتم؟ فقالوا: من الأنصار، فقالوا: أكفاء كرام، وإنما نريد بني عمنا، فبرز لهم عليٌّ وعبيدة بن الحارث وحمزة رضي الله عنهم، فقتل علي الوليدَ، وقتل حمزة عتبةَ، واختلف عبيدة وشيبة بضربتين، فأجهد كلٌّ منهما صاحبه، فكرَّ حمزة وعلي فتمما عليه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل طمثًا حتى مات رحمه الله تعالى، ثم حَمِيَ الوطيس، واشتد القتال، ونزل النصر، واجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء، وابتهل ابتهالًا شديدًا، حتى جعل رداؤه يسقط عن مَنكِبيه، وجعل أبو بكر يصلحه عليه ويقول: يا رسول الله، بعض مناشدتك ربك، فإنه مُنجز لك ما وعدك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إن تهلك هذه العصابة، لا تُعبَد في الأرض))، فذلك قوله تعالى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 9، 10]، ثم أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً، ثم رفع رأسه وهو يقول: ((أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع))، وقاتلت الملائكة كما أمرها الله، وكان الرجل من المسلمين يطلب قرنه، فإذا به قد سقط أمامه، ومنح الله المسلمين أكتاف المشركين، فكان أول من فرَّ منهم خالد بن الأعلم فأُُدرك فأُسر، وتبعهم المسلمون في آثارهم، يقتلون ويأسرون، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين، وأخذوا غنائمهم، فكان من جملة من قُتل من المشركين ممن سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعه بالأمس: أبو جهل، وهو أبو الحكم عمرو بن هشام لعنه الله، قتله معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعوذ بن عفراء، وتمم عليه عبدالله بن مسعود، فقطع رأسه وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسُر بذلك، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسُحبوا إلى البئر، ثم وقف عليهم ليلًا، فبكتهم وقرعهم، وقال: ((بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وخذلتموني ونصرني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس))، ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان المعركة ثلاثًا، ثم ارتحل بالأسارى والمغانم، وأنزل الله في غزوة بدر سورة الأنفال، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم المغانم كما أمره الله تعالى، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأسارى: ماذا يصنع بهم؟ فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يُقتلوا، وأشار أبو بكر رضي الله عنه بالفداء، وهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، فحلَّل لهم ذلك؛ وعاتب الله في ذلك بعض المعاتبة في قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 67]، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مظفَّرًا منصورًا، قد أعلى الله كلمته، ومكَّن له، وأعز نصره، فأسلم حينئذٍ بشر كثير من أهل المدينة، ومن ثَم دخل عبدالله بن أُبي بن سلول وجماعته من المنافقين في الدين تقية.

 

جملة من حضر بدرًا من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا: من المهاجرين ستة وثمانون رجلًا، ومن الأوس أحد وستون رجلًا، ومن الخزرج مائة وسبعون رجلًا، وإنما قلَّ عدد رجال الأوس عن عدد الخزرج، وإن كانوا أشد منهم وأصبر عند اللقاء؛ لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة، فلما نُدبوا للخروج تيسر ذلك على الخزرج لقرب منازلهم، وأما المشركون فكانت عدتهم كما قال صلى الله عليه وسلم ما بين التسعمائة إلى الألف، وقُتل من المسلمين يومئذٍ أربعة عشر رجلًا: ستة من المهاجرين، وستة من الخزرج، واثنان من الأوس، وكان أول قتيل يومئذٍ "مهجع" مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقُتل من المشركين سبعون، وأُسر منهم سبعون أيضًا، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر والأسرى في شوال؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 71:62].

 

(2) غزوة أُحُد:

غزوة أُحُدٍ امتحن الله عز وجل فيها عباده المؤمنين واختبرهم، وميَّز فيها بين المؤمنين والمنافقين، وذلك أن قريشًا حين قتل الله زعماءهم ببدر، وأُصيبوا بمصيبة لم تكن لهم في حساب، ورأس فيهم أبو سفيان بن حرب لعدم وجود أكابرهم، شرع يجمع قريشًا ويؤلِّب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، فجمع قريبًا من ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش، وجاؤوا بنسائهم لئلا يفروا، ثم أقبل بهم نحو المدينة، فنزل قريبًا من جبل أحد وذلك في شوال من السنة الثالثة، واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: أيخرج إليهم أم يمكث في المدينة؟ فبادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر إلى الإشارة بالخروج إليهم، وألحوا عليه صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأشار عبدالله بن أبي بن سلول بالمقام بالمدينة، وتابعه على ذلك بعض الصحابة، فألح أولئك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهض ودخل بيته، ولبس لَأْمَتَهُ وخرج عليهم، وقد انثنى عزم أولئك فقالوا: يا رسول الله، إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل؛ فقال: ((ما ينبغي لنبيٍّ إذا لبس لأمته - ثياب الحرب - أن يضعها حتى يقاتل))، واستخلف على المدينة عبدالله بن أم مكتوم، وخرج إلى أحد في ألف من أهل المدينة، فلما كان ببعض الطريق انخزل عبدالله بن أبي بن سلول نحو ثلاثمائة إلى المدينة، واستقل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن بقيَ معه حتى نزل شعب أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، فلما أصبح تعبأ صلى الله عليه وسلم للقتال في أصحابه، وكان فيهم خمسون فارسًا، واستعمل على الرماة - وكانوا خمسين - عبدالله بن جبير الأوسي، وأمره وأصحابه ألَّا يتغيروا من مكانهم، وأن يحفظوا ظهور المسلمين أن يُؤتوا من قبلهم، وأعطى اللواء مصعب بن عمير، واستعرض الشباب يومئذٍ، فأجاز بعضهم ورد آخرين، فكان ممن أجاز سمرة بن جندب، ورافع بن خديج، ولهما خمس عشرة سنة، وكان ممن رد يومئذٍ أسامة بن زيد بن حارثة، وأسيد بن ظهير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن عمر، وغرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، ثم أجازهم يوم الخندق، وتعبأت قريش أيضًا وهم في ثلاثة آلاف، فيهم مائتا فارس، فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، وقاتل المسلمون قتالًا شديدًا، وكانت الدائرة أول النهار للمسلمين على الكفار، فانهزموا راجعين حتى وصلوا إلى نسائهم، فلما رأى ذلك أصحاب عبدالله بن جبير قالوا: يا قوم، الغنيمة الغنيمة، فذكَّرهم عبدالله بن جبير تقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في ذلك، فظنوا أن ليس للمشركين رجعة، وأنهم لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، فذهبوا في طلب الغنيمة، وكر الفرسان من المشركين فوجدوا تلك الفرجة قد خلت من الرماة، فجاوزوها وتمكنوا، وأقبل آخرهم، فكان ما أراد الله تعالى كونه، فاستُشهد من أكرمهم الله بالشهادة من المؤمنين، فقُتل جماعة من أفاضل الصحابة، وتولى أكثرهم، وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فجُرح في وجهه الكريم وكُسرت رَباعِيته – أسنانه - اليمنى السفلى بحجر، ورشقه المشركون بالحجارة حتى وقع لشقه، وسقط في حفرة، فأخذ علي بن أبي طالب بيده، واحتضنه طلحة بن عبيدالله، وقُتل مصعب بن عمير رضي الله عنه بين يديه، فدفع صلى الله عليه وسلم اللواء إلى علي بن أبي طالب، ونشبت حلقتان من حِلَق المِغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم، فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه، فكان الهتم يُزينه، وامتص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من جرحه صلى الله عليه وسلم، وأدرك المشركون النبي صلى الله عليه وسلم فحال دونه نفر من المسلمين نحوًا من عشرة فقُتلوا، ثم قاتلهم طلحة حتى أبعدهم عنه صلى الله عليه وسلم، وترس أبو دجانة سماك بن خرشة عليه صلى الله عليه وسلم بظهره، والنَّبل يقع فيه، وهو لا يتحرك رضي الله عنه، ورمى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يومئذٍ رميًا مسددًا منكئًا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارمِ فداك أبي وأمي))، وأُصيبت يومئذٍ عين قتادة بن النعمان الظفري، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه بيده الكريمة صلى الله عليه وسلم، فكانت أصح عينيه وأحسنهما، وصرخ الشيطان لعنه الله بأعلى صوته: إن محمدًا قد قُتل، ووقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين، وتولى أكثرهم، وكان أمر الله، ومرَّ أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما تنتظرون؟ فقالوا: قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تصنعون في الحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه، ثم استقبل الناس، ولقيَ سعد بن معاذ فقال: يا سعد، والله إني لَأجد ريح الجنة من قِبل أحد، فقاتل حتى قُتل رضي الله عنه، ووُجدت به سبعون ضربة، وجُرح يومئذٍ عبدالرحمن بن عوف نحوًا من عشرين جراحةً، بعضها في رجله، فعرج منها حتى مات رضي الله عنه، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين، فكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالك رضي الله عنه، فصاح بأعلى صوته: يا معشر المسلمين، أبشِروا، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه صلى الله عليه وسلم أنِ اسكت، واجتمع إليه المسلمون، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم، فلما أسندوا في الجبل، أدركه أبي بن خلف على جواد، يُقال له العود، زعم الخبيث أنه يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما اقترب تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من يد الحارث بن الصمة فطعنه بها، فجاءت في تَرقُوتِه، ويكرُّ عدو الله منهزمًا فقال له المشركون: والله ما بك من بأس، فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، إنه قال لي: إنه قاتلي، ولم يزل به ذلك حتى مات بسرف مرجعه إلى مكة لعنه الله، وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هناك، فلم يستطع لما به صلى الله عليه وسلم، ولأنه ظاهر يومئذٍ بين درعين، فجلس طلحة تحته حتى صعد، وحانت الصلاة، فصلى جالسًا، ثم مال المشركون إلى رحالهم، ثم استقبلوا طريق مكة منصرفين إليها، وكان هذا كله يوم السبت، واستُشهد يومئذٍ من المسلمين نحو السبعين؛ منهم حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أربعة من المهاجرين، والباقون من الأنصار رضي الله عنهم جميعهم، فدفنهم في دمائهم ولم يصلِّ عليهم يومئذٍ، وفرَّ يومئذ من المسلمين جماعة من الأعيان؛ منهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد نص الله سبحانه على العفو عنهم؛ فقال عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 155]، وقُتل يومئذ من المشركين اثنان وعشرون؛ وقد ذكر سبحانه هذه الوقعة في سورة آل عمران؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير ص: 81:74].

 

(3) غزوة الخندق:

كانت في سنة خمس في شوال، وكان سبب غزوة الخندق (الأحزاب)، أن نفرًا من يهود بني النضير الذين أجلاهم صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر؛ وهم أشرافهم: كسلام بن أبي الحقيق، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع وغيرهم، خرجوا إلى قريش بمكة فألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووعدوهم من أنفسهم النصر، فأجابوهم، ثم خرجوا إلى غطفان فدعَوهم فأجابوهم أيضًا، وخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان بن حرب، وعلى غطفان عيينة بن حصن، كلهم في نحو عشرة آلاف رجل، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم إليه، أمر المسلمين بحفر خندق يحول بين المشركين وبين المدينة، وكان ذلك بإشارة سلمان الفارسي رضي الله عنه، فعمل المسلمون فيه مبادرين هجوم الكفار عليهم، فلما كمل قدم المشركون، فنزلوا حول المدينة؛ كما قال تعالى: ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11]، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحصَّن بالخندق وهو في ثلاثة آلاف من أهل المدينة، وأمر صلى الله عليه وسلم بالنساء والذراري، فجُعلوا في آطام المدينة، واستخلف عليها ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وانطلق حُيي بن أخطب النضري إلى بني قريظة، فاجتمع بكعب بن أسد رئيسهم، فلم يزل به حتى نقض العهد الذي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووافق كعبٌ المشركين على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسُروا بذلك، وثبت المشركون محاصرين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم شهرًا، ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينه وبينهم، إلا أن فوارسَ من قريش منهم عمرو بن عبد وُدٍّ العامري وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق، فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه لَمكيدة ما كانت العرب تعرفها، ثم يمَّموا مكانًا ضيقًا من الخندق فاقتحموه وجازوه، وجالت بهم خيلهم في السبخة بين الخندق وجبل سلع ودعَوا للمبارزة، فانتدب لعمرو بن عبد ود عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فبارزه فقتله الله على يديه وكان عمرو لا يجارى في الجاهلية شجاعة، وكان شيخًا قد جاوز المائة يومئذٍ، وأما الباقون فينطلقون راجعين إلى قومهم من حيث جاؤوا، وكان هذا أول ما فتح الله به من خذلانهم، ولما طال هذا الحال على المسلمين، أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالح عيينة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان، على ثلث ثمار المدينة وينصرفا بقومهما، وجرت المراوضة على ذلك، ولم يتم الأمر حتى استشار صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في ذلك فقالا: يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا فسمعًا وطاعة، وإن كان شيئًا تصنعه لنا، فلقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرى أو بيعًا، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما هو شيء أصنعه لكم))، وصوَّب رأيهما في ذلك رضي الله عنهما، ولم يفعل من ذلك شيئًا، ثم إن الله سبحانه وله الحمد صنع أمرًا من عنده خذل به بينهم، وفلَّ جموعهم، وذلك أن نعيم بن مسعود بن عامر الغطفاني رضي الله عنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، إني قد أسلمت فمُرني بما شئت، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنت رجل واحد فخذِّل عنا إن استطعتَ؛ فإن الحرب خدعة))، فذهب من حينه ذلك إلى بني قريظة - وكان عشيرًا لهم في الجاهلية - فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه فقال: يا بني قريظة، إنكم قد حاربتم محمدًا، وإن قريشًا إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا شمروا إلى بلادهم وتركوكم ومحمدًا فانتقم منكم، قالوا: فما العمل يا نعيم؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن، قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم نهض إلى قريش فقال لأبي سفيان ولهم: تعلمون ودي ونصحي لكم؟ قالوا: نعم، قال: إن يهود ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يمالئونه عليكم، ثم ذهب إلى قومه غطفان فقال لهم مثل ذلك، فلما كان ليلة السبت في شوال بعثوا إلى يهود: إنا لسنا بأرض مقام فانهضوا بنا غدًا نناجز هذا الرجل، فأرسل إليهم اليهود: إن اليوم يوم السبت، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهنًا، فلما جاءهم الرسل بذلك، قالت قريش: صدقنا – والله - نعيم بن مسعود، وبعثوا إلى يهود: إنا والله لا نرسل لكم أحدًا فاخرجوا معنا، فقالت قريظة: صدق – والله - نعيم، وأبَوا أن يقاتلوا معهم، وأرسل الله عز وجل على قريش ومن معهم الخور والريح تزلزلهم، فجعلوا لا يقر لهم قرار، ولا تثبت لهم خيمة ولا قِدر ولا شيء، فلما رأوا ذلك ترحلوا من ليلتهم تلك؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 98:93].

 

(4) غزوة بني قريظة:

سبب هذه الغزوة: نقضت بنو قريظة العهد مع نبينا صلى الله عليه وسلم الخاص بالدفاع عن المدينة ضد المعتدين، وتحالفوا مع المشركين ضد المسلمين، فأمر الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم.

 

روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق، ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل عليه السلام، فقال: قد وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، فاخرج إليهم قال: فإلى أين؟ قال: ها هنا، وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم))؛ [البخاري حديث: 4117، مسلم حديث: 1769].

 

وحث النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على الإسراع في السير للوصول إلى بني قريظة.

 

روى الشيخان عن ابن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: ((لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدًا منهم))؛ [البخاري حديث: 946، مسلم حديث: 1770].

 

وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ونازل حصون بني قريظة وحصرهم خمسًا وعشرين ليلة، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خِصال: إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد في دينه، وإما أن يقتلوا ذراريهم ويخرجوا جرائد (جماعة وهم راكبون الخيول)، فيقاتلوا حتى يُقتلوا عن آخرهم، أو يخلصوا فيصيبوا بعد الأولاد والنساء، وإما أن يهجموا على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم سبتٍ حين يأمن المسلمون شرهم، فأبوا عليه واحدة منهن، رأوه قاموا في وجهه يبكون؛ رجالهم ونساؤهم، وقالوا: يا أبا لبابة، كيف ترى لنا؟ أننزل على حكم محمد؟ قال: نعم، فأشار بيده إلى حلقه؛ يعني أنه الذبح، ثم ندم على هذه الكلمة من وقته، فقام مسرعًا فلم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء مسجد المدينة، فربط نفسه بسارية المسجد، وحلف لا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبدًا، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال: ((دَعُوه حتى يتوب الله عليه))، وكان من أمره ما كان حتى تاب الله عليه رضي الله عنه.

 

ثم إن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، قالت الأوس: يا رسول الله، قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخوتنا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فقال: ((ألَا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى، قال: فذاك إلى سعد بن معاذ))، وكان سعد إذ ذاك قد أصابه جرح في أكحَلِه، وقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمةً في المسجد، ليعوده من قريب، فبعث إليه صلى الله عليه وسلم، فجيء به وقد وطؤوا له على حمار، وإخوته من الأوس حوله محيطون به، وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسِن في مواليك، فلما أكثروا عليه، قال: لقد آن لسعد ألَّا تأخذه في الله لومة لائم، فرجع رجال من قومه إلى بني عبدالأشهل فنعَوا إليهم بني قريظة، فلما دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((قوموا إلى سيدكم))، فقام إليه المسلمون، فقالوا: يا سعد، قد ولاك رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم في بني قريظة، فقال: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم كما حكمت؟ قالوا: نعم، قال: وعلى من ها هنا؟ وأشار إلى الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالًا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم))، فقال سعد: إني أحكم فيهم أن يقتل مقاتلتهم، وتُسبى ذراريهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات))، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقتل من أنبت منهم، ومن لم يكن أنبت تُرك، فضرب أعناقهم في خنادق حُفرت في سوق المدينة اليوم، وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة، ولم يقتل من النساء أحدًا سوى امرأة واحدة وهي بنانة امرأة الحكم القرظي؛ لأنها كانت طرحت على رأس خلاد بن سويد رحى فقتلته لعنها الله، وقسم أموال بني قريظة على المسلمين للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، وكان في المسلمين يومئذٍ ستة وثلاثون فارسًا، ولما فرغ منهم استجاب الله دعوة العبد الصالح سعد بن معاذ، وذلك أنه لما أصابه الجرح قال: اللهم إن كنت أبقيتَ من حرب قريش شيئًا فأبقني لها، وإن كنت رفعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها، ولا تُمتني حتى تشفيني من بني قريظة، وكان صلى الله عليه وسلم قد حسم جرحه، فانفجر عليه فمات منه رضي الله عنه، وشيَّعه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وهو الذي اهتز له عرش الرحمن فرحًا بقدوم روحه رضي الله عنه؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 103:99].

 

(5) غزوة بني المصطلق (المُرَيسيع):

سبب الغزوة:

ساهم بنو المصطلق مع قوات المشركين التي قادتها قريش ضد المسلمين في معركة أحد، وقد تجرأ بنو المصطلق فيمن تجرأ من الأعراب على المسلمين، فأخذ زعيمهم الحارث بن أبي ضرار في جمع السلاح والرجال، وتأليب القبائل المجاورة للقيام بهجوم على المدينة، وحين علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، أرسل عينًا جاءه بتأكيد نيتهم في ذلك.

 

خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، في سبعمائة مقاتل وثلاثين فرسًا، وتوجه نحو بني المصطلق؛ [نضرة النعيم ج: 1، ص: 320].

 

غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة، استعمل النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا ذر الغفاري، فأغار عليهم، وهم على ماء لهم يسمى المُرَيسيع، فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية، وكان من السبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، ملك بني المصطلق، وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فصارت أم المؤمنين، فأعتق المسلمون بسبب ذلك مائة بيت من بني المصطلق قد أسلموا، وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم، قال الخبيث عبدالله بن أبي بن سلول: ﴿ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾ [المنافقون: 8]، يعرِّض برسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلَّغها زيد بن أرقم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عبدالله بن أُبي معتذرًا ويحلف ما قال، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله عز وجل تصديق زيد بن أرقم في سورة المنافقين.

 

وكان في هذه الغزوة من الحوادث قصة الإفك (الكذب) الذي افتراه عبدالله بن أبي بن سلول، زعيم المنافقين وأصحابه؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 107:106].

 

(6) غزوة خيبر:

كانت غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة.

سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، واستخلف على المدينة نميلة بن عبدالله الليثي، فلما انتهى إليها حاصرها حصنًا حصنًا يفتحه الله عز وجل عليه ويغنمه، حتى استكملها صلى الله عليه وسلم وخمَّسها، وقسم نصفها بين المسلمين، وكان جملتهم من حضر الحديبية فقط، وأرصد النصف الآخر لمصالحه ولما ينوبه من أمر المسلمين، واستعمل اليهود الذين كانوا فيها بعدما سألوا ذلك، عوضًا عما كان صالحهم عليه من الجَلاء، على أن يعملوها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، وقد اصطفى صلى الله عليه وسلم من غنائمها صفية بنت حيي بن أخطب لنفسه، فأسلمت، فأعتقها، وتزوجها، وبنى بها في طريق المدينة بعدما حلت.

 

أهدت إليه امرأة من يهود خيبر وهي زينب بنت الحارث، امرأة سلام بن مشكم - شاة مشوية مسمومة، فلما أكل من ذراعها أخبره الذراع أنه مسموم، فترك الأكل، ودعا باليهودية فاستخبرها: أسممتِ هذه الشاة؟ فقالت: نعم، فقال: ما أردتِ إلى ذلك؟ فقالت: أردتُ إن كنت نبيًّا لم يضرك، وإن كنت غيره استرحنا منك، فعفا عنها صلى الله عليه وسلم، وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر بعد فراغهم من القتال جعفرُ بن أبي طالب وأصحابه ممن بقي مهاجرًا بأرض الحبشة، وصحبتهم أبو موسى الأشعري في جماعة من الأشعريين يزيدون على السبعين، وقدم عليه أبو هريرة وآخرون رضي الله عنهم أجمعين، فأعطاهم صلى الله عليه وسلم من المغانم كما أراه الله عز وجل، وقد قال صلى الله عليه وسلم لجعفر: ((لا أدري بأيهما أنا أُسر، أبفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟))، ولما قدم عليه قام وقبَّل ما بين عينيه، وقد استُشهد بخبير من المسلمين نحو عشرين رجلًا رضي الله عنهم جميعهم؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 118:115].

 

(7) غزوة فتح مكة:

دخلت قبيلة خزاعة عام الحديبية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وضُربت المدة إلى عشر سنين، أمن الناس بعضهم بعضًا، ومضى من المدة سنة ومن الثانية نحو تسعة أشهر، فلم تكمل حتى اعتدت بنو بكر على خزاعة، وأعانت قريش بني بكر على خزاعة بالسلاح، وساعدهم بعضهم بنفسه خفية، وفرت خزاعة إلى الحرم فاتبعتهم بنو بكر إليه، وقتلوا من خزاعة رجلًا، وتحصنت خزاعة في دور مكة، فانتقض عهد قريش بذلك، فخرج قوم من خزاعة حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلموه بما كان من قريش واستنصروه عليهم، فأجابهم صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالنصر، وأنذرهم أن أبا سفيان سيقدم عليهم مؤكدًا العقد، وأنه سيرده بغير حاجة، فكان ذلك، وذلك أن قريشًا ندموا على ما كان منهم، فبعثوا أبا سفيان ليجدد العقد الذي بينهم وبين محمد صلى الله عليه وسلم ويزيد في الأجل، فخرج، فلما كان بعسفان لقيَ بديل بن ورقاء وهو راجع من المدينة، فكتمه بديل ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب أبو سفيان حتى قدم المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعته، وقالت: إنك رجل مشرك نجس، فقال: والله يا بنية لقد أصابكِ بعدي شرٌّ، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه ما جاء له، فلم يُجبه صلى الله عليه وسلم بكلمة واحدة، ثم ذهب إلى أبي بكر رضي الله عنه فطلب منه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى عليه، ثم جاء إلى عمر رضي الله عنه فأغلظ له، وقال: أنا أفعل ذلك؟ والله لو لم أجد إلا الذر لقاتلتكم به، ثم شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجيش إلى مكة، وسأل الله عز وجل أن يعمي على قريش الأخبار، فاستجاب له ربه تبارك وتعالى، ولذلك لما كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابًا إلى أهل مكة، يعلمهم فيه بما همَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من القدوم على قتالهم، وبعث به مع امرأة، وقد تأول في ذلك مصلحةً تعود عليه رضي الله عنه، وقبِل ذلك منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه، لأنه كان من أهل بدر، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا والزبير والمقداد رضي الله عنهم، فردوا تلك المرأة، وأخذوا منها الكتاب، وكان هذا من إعلام الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك، ومن أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وخرج صلى الله عليه وسلم في العاشر من رمضان في عشرة آلاف مقاتل من المهاجرين والأنصار وقبائل العرب، واستخلف صلى الله عليه وسلم على المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين، ولقِيَه عمه العباس بذي الحُليفة، ورجع معه صلى الله عليه وسلم، وصام صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ماء يُقال له: الكديد، بين عسفان، فأفطر بعد العصر على راحلته ليراه الناس، وأرخص للناس في الفطر، ثم عزم عليهم في ذلك، فانتهى صلى الله عليه وسلم حتى نزل بمر الظهران فبات به، وأما قريش فعمَّى الله عليها الخبر، إلا أنهم قد خافوا وتوهموا من ذلك، فلما كانت تلك الليلة خرج ابن حرب، وبديل بن ورقاء، وحكيم بن حزام يتجسسون الخبر، فلما رأوا النيران أنكروها، فقال بديل: هي نار خزاعة، فقال أبو سفيان: خزاعة أقل من ذلك، وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذٍ، وخرج من الجيش لعله يلقى أحدًا، فلما سمع أصواتهم عرفهم، فقال: أبا حنظلة، فعرفه أبو سفيان، فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم، قال: ما وراءك؟ قال: ويحك، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، وا صباحَ قريش، قال: فما الحيلة؟ قال: والله لئن ظفِر بك ليقتلنك، ولكن اركب ورائي وأسلم، فركب وراءه وانطلق به، فمر في الجيش كلما أتى على قوم يقولون: هذا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مر بمنزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما رآه قال: عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ويركض العباس البغلة، ويشتد عمر رضي الله عنه في جريه، وكان بطيئًا، فسبقه العباس، فأدخله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عمر في أثره، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضرب عنقه، فأجاره العباس مبادرة، فتقاول هو وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يأتيه به غدًا، فلما أصبح أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه الإسلام فتلكأ قليلًا، ثم زجره العباس فأسلم، فقال العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان يحب الشرف، فقال صلى الله عليه وسلم: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن))، أصبح صلى الله عليه وسلم يومه ذلك سائرًا إلى مكة، وقد أمر صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان عند خطم الجبل، لينظر إلى جنود الإسلام إذا مرت عليه، وقد جعل صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه على المقدمة، وخالد بن الوليد رضي الله عنه على الميمنة، والزبير بن العوام رضي الله عنه على الميسرة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في القلب، وكان أعطى الراية سعد بن عبادة رضي الله عنه، فبلغه أنه قال لأبي سفيان حين مر عليه: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، والحرمة هي الكعبة، فلما شكا أبو سفيان ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بل هذا يوم تعظَّم فيه الكعبة))، فأمر بأخذ الراية من سعد فأعطاها للزبير بن العوام، وأمر صلى الله عليه وسلم الزبير أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأن تنصب رايته بالحَجون، وأمر خالدًا أن يدخل من أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم، وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، قد جمعوا جمعًا بالخندمة، فمر بهم خالد بن الوليد فقاتلهم، فقُتل من المسلمين ثلاثة؛ وهم: كرز بن جابر من بني محارب بن فهر، وحبيش بن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي، وسلمة بن الميلاء الجهني، رضي الله عنهم، وقُتل من المشركين ثلاثة عشر رجلًا، وفر بقيتهم، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو راكب على ناقته وعلى رأسه المغفر، ورأسه يكاد يمس مقدمة الرحل من تواضعه لربه عز وجل، وقد أمَّن صلى الله عليه وسلم الناس إلا عبدَالعزى بن خطل، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، ومقيس بن صبابة، والحويرث بن نقيذ، ومغنيتين لابن خطل؛ فإنه صلى الله عليه وسلم أهدر دماءهم، وأمر بقتلهم حيث وُجدوا، حتى ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة فقُتل ابن خطل، وهو متعلق بالأستار، ومقيس بن صبابة، والحويرث بن نقيذ، وإحدى المغنيتين، وآمن الباقون، ونزل صلى الله عليه وسلم مكة واغتسل في بيت أم هانئ، وصلى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين، وخرج صلى الله عليه وسلم إلى البيت فطاف به طواف قدوم، ولم يسعَ، ولم يكن معتمرًا، ودعا بالمفتاح، فدخل البيت وأمر بإلقاء الصور ومحوها منه، وأذَّن بلال يومئذٍ على ظهر الكعبة، ثم رد صلى الله عليه وسلم المفتاح إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وأقرهم على السدانة، وكان فتح مكة يوم العشرين من رمضان، واستمر صلى الله عليه وسلم مفطرًا بقية الشهر يصلي ركعتين، ويأمر أهل مكة أن يُتموا، وخطب صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، فبيَّن حرمة مكة وأنها لم تحل لأحد قبله ولا تحل لأحد بعده، وقد أُحلت له ساعة من نهار، وهي غير ساعته تلك حرام، وبعث صلى الله عليه وسلم السرايا إلى من حول مكة من أحياء العرب يدعوهم إلى الإسلام، وكان في جملة تلك البعوث بعث خالد إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد حين دعاهم إلى الإسلام، فقالوا: صبأنا، ولم يُحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ من صنيع خالد بهم، وكان أيضًا في تلك البعوث بعث خالد أيضًا إلى العزى، وكان بيتًا تعظمه قريش وكنانة وجميع مُضر، فدمرها رضي الله عنه من إمام وشجاع، وكان عكرمة بن أبي جهل قد هرب إلى اليمن، فلحقته امرأته وهي مسلمة؛ وهي أم حكيم بنت الحارث بن هشام، فردته بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم وحسن إسلامه، وكذا صفوان بن أمية كان قد فر إلى اليمن، فتبِعه صاحبه في الجاهلية عمير بن وهب بأمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرده، وسيَّره صلى الله عليه وسلم أربعة أشهر، فلم تمضِ حتى أسلم وحسن إسلامه، رضي الله عنه؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 130:122].

 

(8) غزوة حنين:

ولما بلغ فتح مكة هوازن، جمعهم مالك بن عوف النصري، فاجتمع إليه ثقيف وقومه بنو نصر بن معاوية، وبنو جشم، وبنو سعد بن بكر، وبشر من بني هلال بن عامر، وقد استصحبوا معهم أنعامهم ونساءهم لئلا يفروا، فلما تحقق ذلك دُريد بن الصِّمَّة شيخ بني جشم - وكانوا قد حملوه في هودج لكبره تيمنًا برأيه - أنكر ذلك على مالك بن عوف النصري، وقال: إنها إن كانت لك لم ينفعك ذلك، وإن كانت عليك فإن المنهزم لا يرده شيء، وحرَّضهم على ألَّا يقاتلوا إلا في بلادهم، فأبوا عليه ذلك واتبعوا رأي مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يغب عني، وبعث صلى الله عليه وسلم عبدالله بن أبي حدرد الأسلمي فاستعلم له خبر القوم وقصدهم، فتهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقائهم، واستعار من صفوان بن أمية أدرعًا، قيل: مائة، واقترض منه جملة من المال، وسار إليهم في عشرة الآلاف الذين كانوا معه في الفتح، وألفين من طلقاء مكة، وشهد معه صفوان بن أمية حُنينًا وهو مشرك، وذلك في شوال من هذه السنة، واستخلف على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص أمية بن عبد شمس، وله نحو عشرين سنة، ومر صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك على شجرة يعظمها المشركون يقال لها: ذات أنواط، فقال بعض جهَّال العرب: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: ((قلتم - والذي نفسي بيده - كما قال قوم موسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [الأعراف: 138]، لتركبن سَنن من كان قبلكم))، ثم نهض صلى الله عليه وسلم فوافى حنينًا، وهو وادٍ حدور من أودية تهامة، وقد كمنت لهم هوازن فيه، وذلك في عماية الصبح، فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، فولى المسلمون لا يلوي أحد على أحد؛ فذلك قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25]، وذلك أن بعضهم قال: لن نغلب اليوم من قلة، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفر، ومعه من الصحابة: أبو بكر، وعمر، وعلي، وعمه العباس، وابناه: الفضل، وقثم، وأبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب، وابنه جعفر، وآخرون، وهو صلى الله عليه وسلم يومئذ راكب بغلته التي أهداها له فروة بن نوفاسة الجذامي، وهو يركضها إلى وجه العدو، والعباس آخذ بحَكَمتها يكفها عن التقدم، وهو صلى الله عليه وسلم ينوِّه باسمه يقول: ((أنا النبي لا كذب = أنا ابن عبدالمطلب))، ثم أمر العباس، وكان جهير الصوت، أن ينادي: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب الشجرة، يا معشر أصحاب السمرة، فلما سمعه المسلمون وهم فارون، كروا وأجابوه: لبيك لبيك، وجعل الرجل إذا لم يستطع أن يَثني بعيره لكثرة المنهزمين، نزل عن بعيره وأخذ درعه فلبسها، وأخذ سيفه وترسه، ويرجع راجلًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا اجتمع حوله عصابة منهم نحو المائة، استقبلوا هوازن فاقتتلوا، واشتدت الحرب، وألقى الله في قلوب هوازن الرعب حين رجعوا، فلم يملكوا أنفسهم، وتفر هوازن بين يدي المسلمين، ويتبعونهم يقتلون ويأسرون، فلم يرجع آخر الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا والأسارى بين يده، وحاز صلى الله عليه وسلم أموالهم وعيالهم، وانحازت طوائف من هوازن إلى أوطاس، فبعث صلى الله عليه وسلم إليهم أبا عامر الأشعري واسمه عبيد، ومعه ابن أخيه أبو موسى الأشعري حاملًا راية المسلمين في جماعة من المسلمين، فقتلوا منهم خلقًا، وقُتل أمير المسلمين أبو عامر، رماه رجل فأصاب ركبته، وكان منها حتفه، فقتل أبو موسى قاتله، وكان أحد إخوة عشرة، قتل أبو عامر التسعة قبله، ولما أخبر أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، استغفر صلى الله عليه وسلم لأبي عامر، وكان أبو عامر رابع أربعة استُشهدوا يوم حنين، والثاني أيمن بن أم أيمن، والثالث يزيد بن زمعة بن الأسود، والرابع سراقة بن الحارث بن عدي من بني العجلان من الأنصار، رضي الله عنهم، وأما المشركون فقُتل منهم خلق كثير نحو الأربعين في هذه الغزوة؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 133:130].

 

(9) غزوة الطائف:

تجمعت قوات المسلمين في أعقاب النصر المظفَّر الذي كتبه الله تعالى لهم في معركة حنين، وتوجَّهوا بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف؛ بهدف القضاء على قوات ثقيف التي فرت من حُنين، وكانت فلول ثقيف بقيادة مالك بن عوف قد لجأت إلى حصونها المنيعة في الطائف، وجمعت ما يكفيها من المؤن الغذائية لعام كامل، وأغلقت أبوابها، واتخذت كافة الإجراءات والاستعدادات التي تمكِّنها من مواجهة حصار طويل، وواصلت ترميم الحصون وتدعيمها إلى حين وصول طلائع المسلمين المتجهة نحوهم؛ [نضرة النعيم ج: 1، ص: 380].

 

وصل صلى الله عليه وسلم إلى الطائف فحاصرهم مدة طويلة، فاستعصَوا وتمنعوا، وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره.

 

وقد خرب صلى الله عليه وسلم كثيرًا من أموالهم الظاهرة وقطع أعنابهم، ولم ينل منهم شيئًا كبيرًا، فرجع عنهم فأتى الجعرانة (مكان)، فأتاه وفد هوازن هنالك مسلمين، وذلك قبل أن يقسم الغنائم، فخيَّرهم صلى الله عليه وسلم بين ذراريهم وبين أموالهم، فاختاروا الذرية، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أما ما كان لي ولبني عبدالمطلب فهو لكم))، قال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وقومهما، حتى أرضاهما وعوضهما صلى الله عليه وسلم فرُدت الذرية على هوازن، وكانوا ستة آلاف، فيهم الشيماء بنت الحارث، وهي أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، فأكرمها وأعطاها، ورجعت إلى بلادها مختارةً لذلك، ثم قسم صلى الله عليه وسلم بقيته على المسلمين، وتألف جماعةً من سادات قريش وغيرهم، فجعل يعطي الرجل مائة بعير، وخمسين بعيرًا، ونحو ذلك، وعتب بعض الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قسمة الغنائم بهذه الطريقة.

 

روى الشيخان عن أنس بن مالك، أن ناسًا من الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال هوازن ما أفاء، فطفِق (أخذ) يعطي رجالًا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي قريشًا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فحُدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار، فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدعُ معهم أحدًا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما كان حديث بلغني عنكم؟ قال له فقهاؤهم: أما ذوو آرائنا يا رسول الله، فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي قريشًا، ويترك الأنصار، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أعطي رجالًا حديث عهدهم بكفر، أما ترضَون أن يذهب الناس بالأموال، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله ما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، قالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا))؛ [البخاري حديث: 3147، مسلم حديث: 1059].

 

واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف النصري على من أسلم من قومه، وكان قد أسلم وحسن إسلامه، واعتمر صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ودخل مكة، فلما قضى عمرته ارتحل إلى المدينة، وأقام للناس الحج عامئذٍ عتاب بن أسيد رضي الله عنه، فكان أول من حج بالناس من أمراء المسلمين؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 136:134].

 

(10) غزوة تبوك:

ولما أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29]، ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب إلى الجهاد، وأعلمهم بغزو الروم، وذلك في رجب من سنة تسع، وكان لا يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، إلا غزوته هذه، فإنه صرَّح لهم بها ليتأهبوا، لشدة عدوهم وكثرته، وذلك حين طابت الثمار، وكان ذلك في سنة مجدبة، فتأهب المسلمون لذلك، وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه على هذا الجيش وهو جيش العسرة مالًا جزيلًا، ونهض صلى الله عليه وسلم في نحوٍ من ثلاثين ألفًا، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة، خرج معه عبدالله بن أبي رأس النفاق، ثم رجع من أثناء الطريق، وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذرية، ومن عذره الله من الرجال ممن لا يجد ظهرًا يركبه أو نفقة تكفيه، فمنهم البكَّاؤون، وكانوا سبعة، وتخلف منافقون كفرًا وعنادًا وكانوا نحو الثمانين رجلًا، وتخلف عصاة مثل: مرارة بن الربيع، وكعب بن مالك، وهلال بن أمية، ثم تاب الله عليهم بعد قدومه صلى الله عليه وسلم بخمسين ليلة، فسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقه بديار ثمود؛ قوم نبي الله صالح صلى الله عليه وسلم، فأمرهم ألَّا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يكونوا باكين، وألَّا يشربوا إلا من بئر الناقة، وما كانوا عجنوا به من غيره فليطعموه للإبل، فبلغ صلى الله عليه وسلم تبوكَ وفيها عين تبض بشيء من ماء قليل، فكثرت ببركته، مع ما شُوهد من بركة دعائه في هذه الغزوة، من تكثير الطعام الذي كان حاصل الجيش جميعه منه مقدار العنز الباركة، فدعا الله عز وجل فأكلوا منه، وملؤوا كل وعاء كان في ذلك الجيش، وكذا لما عطشوا دعا الله تعالى فجاءت سحابة فأمطرت، فشربوا حتى رووا واحتملوا، ثم وجدوها لم تجاوز الجيش، ولما انتهى إلى هناك لم يلقَ غزوًا، ورأى أن دخولهم إلى أرض الشام بهذه السنة يشق عليهم، فعزم على الرجوع، وصالح صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة، وبعث خالدًا إلى أكيدر دومة، فجيء به فصالحه أيضًا، وكان رجوعه من هذه الغزاة في رمضان من سنة تسع، وأنزل فيها عامة سورة التوبة، وعاتب الله عز وجل من تخلف عنه صلى الله عليه وسلم؛ فقال عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 120، 121]؛ [الفصول في سيرة الرسول لابن كثير، ص: 140:137].

 

ختامًا: أسأل الله تعالى بأسمائه الـحسنى وصفاته العلا أن يـجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويـجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكــرام، وأرجو كل قارئ كريم أن يدعو الله سبحانه لي بالإخلاص، والتوفيق، والثبات على الـحق، وحسن الـخاتـمة؛ فإن دعوة الـمسلم الكريم لأخيه بظهر الغيب مستجابة.

 

وآخــر دعوانا أن الـحمد لله رب العالـمين، وصلى الله وسلم على نبينا مـحمد، وعلى آلــه، وأصحابه، والتابعين لـهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كيف ننصر نبينا صلى الله عليه وسلم؟
  • معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم
  • نبينا صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة
  • الامتثال لله وللرسول صلى الله عليه وسلم
  • الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم
  • أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم
  • زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم وحكمة تعددهن

مختارات من الشبكة

  • شرح المنهاج الجامع لأقوال أئمة الشافعية(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • النور الساطع من صحيح الجامع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون مضموما إليه تكملة الجامع (PDF)(كتاب - موقع الشيخ علي بن محمد العمران)
  • مصابيح الجامع (شرح الجامع الصحيح للبخاري)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • حقوق الطريق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحليل نوعي وكمي لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجامع الصحيح لما كان يستعيذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في فاحشة اللواط(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/3/1447هـ - الساعة: 16:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب