• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة العيد بين التكبير والتحميد
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    تفسير: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات صحة القلب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    علو الهمة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    المرأة في القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    خواتيم الأعمال.. وانتظار الآجال (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    مع العيد... يتجدد الأمل
    افتتان أحمد
  •  
    وانتهى موسم عشر ذي الحجة (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (14)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    حين تبتعد القلوب
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الاستقامة بعد الحج (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أحكام العِشرة بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    شموع (108)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟
    محمد أبو عطية
  •  
    مسائل وأحكام تتعلق برمي الجمرات في الحج
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

من واجباتنا نحو القرآن الكريم (خطبة)

من واجباتنا نحو القرآن الكريم (خطبة)
د. علاء شعبان الزعفراني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/2/2016 ميلادي - 7/5/1437 هجري

الزيارات: 18480

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من واجباتنا نحو القرآن الكريم

 

كثير من المسلمين هجروا تلاوة القرآن هجرًا لم تعرفه الأمة من قبل، فربما تمر الأيام والأسابيع بل الشهور على بعض أبناء أمة القرآن، وأمة اقرأ، من غير أن يفتح مصحفًا، أو يقرأ آيات من كتاب الله، سوى التلاوة أثناء الصلاة، على الرغم من حرصهم الشديد على قراءة الصحف والمجلات، ومتابعة الفضائيات والإنترنت... لذا نحتاج إلى معرفة أسباب هجر تلاوة القرآن، ليكون مدخلاً إلى معرفة شيء من: "واجبنا نحو القرآن الكريم".

 

أولاً: من أسباب هجر القرآن، وعلاجها:

1) الانشغال بالدنيا: انشغلنا بالدنيا - إلا من رحم الله - انشغالاً أدى بنا إلى مواصلة الليل بالنهار؛ لسد حاجتنا الكمالية فضلاً عن الضرورية، وقلما يجد أحدنا وقتًا يقرأ فيه القرآن أو يستمعه، فما أن يعود إلى بيته فيجد نفسه متعبًا يتمنى رؤية الفراش.

 

العلاج:

أن نخشى مما حذرنا منه نبينا صلى الله عليه وسلم: «فَوَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا، كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ»[1].

 

وإن تيقنا من الغاية التي خلقنا من أجلها لتغير حالنا: "تحقيق العبودية لله" تحويل القرآن لمنهج حياة سواء في عملنا أو تربية أولادنا.. في كل حركة وسكنة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58][2].

 

وهذه الآيات لن نفهم حقيقتها إلا بتأمل قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162][3].

 

وذلك لشرف هاتين العبادتين - الصلاة والذبح - وفضلهما، ودلالتهما على محبة الله تعالى، وإخلاص الدين له، والتقرب إليه بالقلب واللسان والجوارح، وبالذبح الذي هو بذل ما تحبه النفس من المال، لما هو أحب إليها وهو الله تعالى.

 

ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله[4]. فالعبادة أوسع من مجرد الشعائر والنسك، لذا قال: ﴿ وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي ﴾ [الأنعام: 162] أي: ما آتيه في حياتي، وما يجريه الله عليَّ، وما يقدر عليَّ في مماتي، الجميع ﴿ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

 

فكيف لنا أن نرجو خيره من توفيق ورزق ونحن نهجر كلامه؟!

 

2) ضعف الهمة: وهذا مرض يحدث لنا - إلا من رحم الله - فلا تكاد تجد من يُحافظ على شيء، أو يهتم به؛ لضعف الهمة، فما أن يسمك المرء المصحف يومًا حتى يتركه أيامًا.

 

وأحد أسباب الكرب الذي يصب على أمتنا هجر كلام ربنا عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] [5].

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: "لا شيء أقبح بالإنسان من ان يكون غافلاً عَن الْفَضَائِل الدِّينِيَّة والعلوم النافعة والأعمال الصَّالِحَة، فَمن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ من الهمج الرعاع الَّذين يُكدرون المَاء ويُغلون الأسعار، إن عَاشَ عَاشَ غيرَ حميدٍ، وإن مَاتَ مَاتَ غير فقيد، فقدُهم رَاحَةٌ للبلاد والعباد، وَلَا تبْكي عَلَيْهِم السَّمَاء وَلَا تستوحش لَهُم الغبراء"[6].

 

العلاج:

من الأدوية النافعة لعلاج ضعف الهمة في تلاوة القرآن: "المداومة على كم وإن قل"، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ[7].

 

قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "إنما أحب الدائم لمعنيين:

أحدهما: أن المقبل على الله عز وجل بالعمل، إذا تركه من غير عذر، كان كالمُعْرِض بعد الوصل، فهو مُعرَّضٌ للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها[8]، وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه الحفظ، ولكنه أعرض بعد المواصلة، فَلاَقَ به الوعيد، وكذلك يكره أن يؤثر الإنسان بمكانه من الصف الأوَّل، لأنه كالرَّاغب عن القُرْبِ إلى الله عز وجل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: "لا تكونن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"[9].

 

والثاني: أن مُداوم الخير ملازم للخدمة، فكأنه يتردد إلى باب الطاعة كل وقت، فلا يُنْسَى من البرِّ لتردُّده، وليس كمَنْ لازم البابَ يومًا دائمًا ثم انقطع شهرًا كاملاً"[10].

 

والله لو تأمل الواحد منا حال نفسه مع المدوامة على قراءة القرآن وحرمان نعمة التلذذ بكلامه، لاحتاج إلى البكاء دمًا، فمن رمضان الذي مضى وحتى الآن كم مرة ختمنا كتاب ربنا؟! ذقنا حلاوة القرآن شهرًا ثم قرابة العام تمر علينا وربما لم نختم القرآن مرة!

 

3) تقديم العلوم الأخرى على القرآن:

من تلبيس إبليس على بعض الناس أن يشغله بطلب شيء من العلوم عن القرآن في بداية طلبه،فعدم المنهجية لدى كثير ممن يطلب العلم، وعدم تلقيه عن العلماء، يجعله يتخبط في الطلب فينشغل عن القرآن، وهذا يؤكد أننا لم نفهم أن طلب أي علم إنما أحد أهدافه فهم "القرآن"، لذا نجد العلماء المتقدمين لم يكن هذا هديهم.

 

فعندما دخل بعض فقهاء مصر على الإمام الشافعي - رحمه الله - المسجد، وبين يديه المصحف، فقال لهم: "شغلكم الفقه عن القرآن!، إني لأصلي العتمة وأضع المصحف في يدي، فما أطبقه حتى الصبح"[11].

 

4) الجهل بثمرات قراءة القرآن: وهذا هو عنصرنا الثاني.

 

ثانيًا: ثمرات قراءة القرآن:

إن جهل الكثير من المسلمين بثمرات تلاوة القرآن، وفضائلها من الثواب المترتب على ذلك، والمصالح الدنيوية والآخروية، لمن أكبر الدواعي لهجر التلاوة، وعدم الاعتناء بها والحرص عليها، فمن هذه الثمرات:

1) التلاوة التجارة الرابحة:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30][12].

 

هي آية القرآء العاملين[13]، ومعنى ﴿ يَتْلُونَ ﴾ [فاطر: 29] أي يداومون على تلاوته وهي شأنهم وديدنهم، حتى صارت سمة وعنوانًا[14].

 

وعن ابن مسعود قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»[15].

 

ففي تلاوة القرآن كل حرف بعشر حسنات، وهذا أقل التضاعيف الموعود بقوله تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160][16]. ولا شك أن زيادة الأجر ومضاعفته تتناسب وحال القارئ من الإخلاص والخشوع والتدبر والتأدب مع كتاب الله تعالى.

2) تنزل السكينة والرحمة والملائكة للتلاوة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.»[17].

 

تأمل معي: شيء يقذفه الله في قلوب من اجتمعوا لقراءة القرآن فطمئن قلوبهم وتستقر فلا قلق ولا ارتياب، ثم تعمهم وتحيط بهم الرحمة، ثم الملائكة تحيط بمهم فما أعظم أجر تلاوة كتاب الله ومدارسته!

 

ومن جميل فضل الله أن السكينة تتنزل حتى على من في بيته يقرأ القرآن:

• فعن البراء بن عازب رضي الله عنه يَقُولُ: قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ، وَفِي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قَدْ غَشِيَتْهُ، قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «اقْرَأْ فُلَانُ، فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ الْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ»[18].

 

والسكينة هي: الطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المُقلِقة التي تشوش القلوب وتُضعف النفوس. فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يُثبته، ويربط على قلبه، ويُنزل السكينة، فيزداد بذلك إيمانه.

 

والقلوب كثيرًا ما تمتلئ بالهموم والأحزان والاضطرابات، فإذا ما جلس المؤمن مع إخوته يتلو كتاب الله ويتدارسه زال عنه الهم والحزن، ونزلت عليهم السكينة.

 

فأين أولئك الذين يلتجئون إلى العيادات النفسية؛ ليتخصلوا من همومهم وآلامهم النفسية التي تحاصرهم؟!

 

• وفي الحديث: أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ - مكان تيبس التمر -، إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ - وثبت وتحركت -، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا.

 

قَالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ –السحابة - فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ - المصابيح -، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، قَالَ: فَغَدَوْتُ - خرجت أول النهار - عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي، إِذْ جَالَتْ فَرَسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ فِي الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ»[19].

 

كان الصَّحابةُ رضي الله عنهم يَتْلُونَ كتابَ اللهِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ، ومِن ذلك ما ذَكَره أَسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ رضي الله عنه في هذا الحديثِ، قال: بينما هو يَقرأُ مِنَ الليلِ سورةَ البقرةِ، وفرسُه مربوطٌ عنده إذْ جالتِ الفرسُ، أي: اضطرَبَتِ اضطرابًا شديدًا، فسكَتَ عَنِ القراءةِ فَسكَنَتِ الفرسُ عَنِ الاضطرابِ، وتَكرَّرَ ذلك منها كُلَّما استمَرَّ في القراءةِ، فَانصرفَ أُسَيْدٌ رضي الله عنه مِنَ الصَّلاةِ أو مِنَ القِراءةِ، وكانَ ابنُه يَحيى في ذلك الوقتِ قريبًا مِنَ الفَرَسِ فخافَ أُسَيْدٌ رضي الله عنه أنْ تُصِيبَ ابنَه يَحيَى، فَأَبعدَه مِنَ المكانِ الذي هو فيه حتَّى لا يُصيبَه الفَرسُ، فَرَفعَ رأسَه إلى السَّماءِ حتَّى ما يراها فلمَّا أَصبَحَ أُسَيْدٌ رضي الله عنه حدَّثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالَ له صلى الله عليه وسلم: "اقْرأْ يا ابنَ حُضَيْرٍ، اقْرأْ يا ابنَ حُضَيْرٍ" مرَّتين، وليس أمْرًا بِالقراءةِ، بِلِ المعْنى: كان يَنْبَغِي لك أن تستَمِرَّ على قِراءتِك وتغْتنِمَ ما حصَل َلك مِنْ نزولِ السَّكينةِ والملائكةِ وتَستكثرَ مِنَ القِراءةِ التي هي سببُ بَقائِها.

 

وقيل: معناه تحضيضٌ وطلبٌ للاستزادةِ في الزمانِ الماضي، أي: هلَّا زِدْتَ، وكأنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استحضرَ تلكَ الحالةَ العجيبةَ الشأنِ، فأمرَهُ تحريضًا عليه، فقال أَسَيدٌ رضي الله عنه: فَأشْفقْتُ يا رسولَ اللهِ إنْ دُمْتُ على القراءةِ أنْ تطأَ الفَرَسُ ابني يحيى وكان قريبًا مِنَ الفَرَسِ، فَرفعتُ رأسي إلى السَّماءِ "فإذا مثلُ الظُّلَّةِ"؛ قيل: هي السَّحابةُ التي كانتْ فيها الملائكةُ ومعها السَّكينة، فقال له صلى الله عليه وسلم: "وتدْرِي ما ذاك؟ قال: لا. قال: تلك الملائكةُ دَنَتْ" أي: قَرُبَتْ لِصوتِك، وكانَ أسيدٌ رضي الله عنه حسنَ الصوتِ.

 

"ولو قَرَأْتَ"، أي: ولو دُمتَ على قِراءتكَ لأصبحَتِ الملائكةُ يَنظرُ الناسُ إليها لا تَتَوارى، أي: لا تَستِترُ منهم.

 

وفي الحديث: فَضيلةُ قِراءةِ القرآنِ وأنَّها سببُ نُزولِ الرحمةِ وحضورِ الملائكةِ.

 

وفيه: مَنْقَبَةٌ لأُسَيْدِ بنِ حُضَيرٍ رضي الله عنه، وفَضْلُ قراءةِ سورةِ البَقرةِ في صلاةِ الليلِ، وفضلُ الخشوعِ في الصَّلاةِ[20].

 

3) التلاوة حلية أهل الإيمان:

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ"[21].

 

الحديث يبين لنا أحوال المؤمن مع القرآن، فالذي يقرأ القرآن طيب الظاهر والباطن، كالتفاحة في طيب طعمها ورائحتها، وكما أن المؤمن يستريح بتلاوة القرآن فكذلك الناس من حوله يُسرون به.

 

لأما المؤمن الذي لا يقرأ القرآن فإنه يفقد صفة هامة وهي طيب الظاهر، فمثله كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، وهذا نقص في شخصية المسلم لابد من تداركه بالإقبال على القرآن العظيم تلاوة وحفظًا وتدبرًا.

 

وكما لا يتصور أن ينفصل في التفاحة طيب طعمها عن طيب ريحها - في الغالب - كذلك لا يتصور أن ينفصل إيمان المؤمن عن عمله وسلوكه، ومنه تلاوة القرآن والتزامه منهج حياة.

 

وكذلك لا يتصور أن ينفصل القرآن عن المؤمن أبدًا، فيصبح القرآن في واد والمؤمن في واد آخر، ومن هنا يمكن أن نفهم الآية الكريمة: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30][22]؛ فما بين الهجرة إلى القرآن، والهجرة عن القرآن، يظهر التفاوت بين طيب الطعم مع طيب الرائحة، وبين طيب الطعم وغياب الرائحة[23].

 

نسأل الله تعالى أن يردنا إلى تلاوة كتابه والعمل به ردًا جميلاً، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله وصحبه وسلم.



[1] متفق عليه: أخرجه البخاري (6425)، ومسلم (2273).

[2] سورة الذاريات، الآيات [56 - 58].

[3] سورة الأنعام، الآية [162].

[4] تيسير الكريم الرحمن، للسعدي (282).

[5] سورة الشورى، الآية [30].

[6] مفتاح دار السعادة، لابن القيم (1/ 304).

[7] أخرجه البخاري (43).

[8] يشير إلى حديث ضعيف - مع التأكيد على صحة المعنى من جهة حرمان النعيم والنعمة - ولفظه: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا».

أخرجه أبو داود (461)، والترمذي (2916) وغيرهما. وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَذَاكَرْتُ بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ فَلَمْ يَعْرِفْهُ وَاسْتَغْرَبَه. وقال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 136): ليس هذا الحديث مما يحتج به لضعفه. وقال ابن حجر في الفتح (8/ 704): في إسناده ضعف، ومن وجه آخر مرسل نحوه ولفظه: أعظم من حامل القرآن وتاركه.

[9] متفق عليه: أخرجه البخاري (1152)، ومسلم (1159).

[10] كشف مشكل الصحيحين (4/ 278 - 279).

[11] البرهان في علوم القرآن (1/ 462)، وانظر: إحياء علوم الدين (1/ 279).

[12] سورة فاطر، الآيتان [29 - 30].

[13] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (14/ 345).

[14] انظر: الكشاف للزمخشري (3/ 621)، وتفسير أبي السعود (7/ 151).

[15] أخرجه الترمذي (2910) وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في الصحيحة (3327): إسناده جيد رجاله ثقات.

[16] سورة الأنعام، من الآية [160].

[17] أخرجه مسلم (2699).

[18] متفق عليه: أخرجه البخاري (3614)، ومسلم (795).

[19] أخرجه مسلم (796).

[20] انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني (20/ 36)، وشرح ابن بطال للبخاري (10/ 253).

[21] متفق عليه: أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (797).

[22] سورة الفرقان، الآية [30].

[23] انظر: أنوار القرآن (89 - 92)، ورتل القرآن ترتيلاً (16 - 17).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأعمال المضاعفة (خطبة)
  • دعوة المظلوم: تبشير وتحذير (خطبة)
  • أحكام الطلاق والرجعة (خطبة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)
  • عشر في العشر (خطبة)
  • كيف هو حالنا مع القرآن؟ (خطبة)
  • القرآن الكريم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • واجبنا نحو القرآن : واجب التلاوة(مقالة - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • من ترك واجبا من واجبات الصلاة ناسيا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب(مقالة - موقع د. عبد المحسن الصويِّغ)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبات المسلمين نحو القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجب الأمة نحو تعليم القرآن والمشتغلين بحفظه(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • واجبنا نحو تدبر القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من واجبنا نحو القرآن : حفظه(مقالة - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 0:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب