• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    فضل يوم عرفة
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    خطبة: فضل العشر الأول من ذي الحجة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: اغتنام أيام عشر ذي الحجة والتذكير بيوم عرفة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الأم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة العقيدة: شروط شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

ما للصحابة الكرام من بعض الحقوق على أمة الإسلام ( خطبة )

الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/4/2014 ميلادي - 24/6/1435 هجري

الزيارات: 16030

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما للصحابة الكرام

من بعض الحقوق على أمَّة الإسلام


إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ (النساء: 1).

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ (الأحزاب: 70، 71).

 

أما بعد؛ فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

فالحمد لله الذي اختارَ لرسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم خيرَ خلقه، بعد وأنبيائه ورسله، عليهم الصلاة والسلام، اختارَ أصحابَه ووزراءه ومساعديه رجالاً، ﴿ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (النور: 37، 38).

 

إنهم الذين قال فيهم مولانا ومولاهم: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ آخر آية في سورة الفتح.

 

إنهم أصحاب رسول الله، إنهم هم الذين قال الله فيهم: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ (التوبة: 100).

 

وأوَّلهم أبو بكر الصديق؛ أحسنُ صاحبٍ وأفضلُ رفيق، بل هو الثاني في هذه الأمَّة بعد النبيِّ صلى الله عليه وسلم مباشرةً حيث كان: ﴿ .. ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا.. ﴾ (التوبة: 40).

 

وأهلُ بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هم أزواجُه وأولادُه والأصهار، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ:... لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ (آل عمران: 61)؛ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ، وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي». مسلم (2404).

 

وروى ابن عساكر في (تاريخ دمشق 39/177) بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه: في هذه الآية: ﴿ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ﴾ قال: فجاء بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعلى وولده. (كنـز العمال: 4306).

 

فأبو بكرٍ وعمرُ هما والدا عائشةَ وحفصة؛ زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وعثمانُ زوجُ ابنتيه، وعليٌّ زوجُ فاطمةَ وأبو سبطيه الحسنِ والحسين.

 

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ: "وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي بَعْضَ أَصْحَابِي" قَالَتْ: فَقُلْنَا: (يا رسول اللَّهِ! أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ؟) فَسَكَتَ، قُلْنَا: (عُمَرُ؟) فَسَكَتَ، قُلْنَا: (عَلِيٌّ؟) فَسَكَتَ قُلْنَا: (عُثْمَانُ؟) قَالَ: "نَعَمْ". قَالَتْ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى عُثْمَانَ، قَالَ: (فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكلِّمهُ وَوَجْهُهُ يتغيَّرُ)، قال قيس: فحدثني أبو سهلة: أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ يَوْمَ الدَّارِ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عهِداً وَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ). قَالَ قَيْسٌ: (كَانُوا يرون أنه ذلك اليوم). التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (10/ 57، ح 6879)، صححه في المشكاة (6070)، والظلال (1175 و 1176).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللَّذين من بعدي من أصحابي؛ أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود". الصحيحة (1233).

 

وهاكم نصًّا في أن الزوجاتِ من أهل البيت، وهو ما لا ترتضيه الروافض؛ فقد قال الله تعالى موجهًا الخطاب لأزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (الأحزاب: 33). فأزواجه من أهل بيته.

 

أما آلُه فهم أهلُ بيته وأصحابُه، وكلُّ من آمنَ به صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، ويدخل في الآلِ الزوجة، قال سبحانه: ﴿ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ﴾ (الحجر: 59، 60). فاستثناء المرأة من النجاة مع الآل، دليلٌ على أنها منهم.

 

ويدخل في الآل كلُّ القومِ والعشيرة، ومن صدَّقه وآمن به ووالاه، قال سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ (النساء: 54). فدخل في آلِه من آمنَ بهِ ووالاه إلى اليوم الآخر.

 

والذي أريد أن أقولَه؛ أنَّ آلَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هم كلُّ أمتِه ممن صَحِبَه ورآه، أو آمَن به ولم يرَه، فآله موجودون إلى يوم القيامة، فإذا صلَّينا عليه فقلنا: صلى الله عليه وآله وسلم، شمل كلَّ مؤمن ومسلم إلى يوم القيامة، والله تعالى أعلم[1].

 

والصحابة كلُّهم موعودون الحسنى من الله، قال سبحانه: ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ (الحديد: 10).

 

فكلُّهم على خيرٍ ويُمْنٍ وبَرَكة، فقراؤهم وأغنياؤهم، ومهاجروهم وأنصارُهم، كلُّهم مدحَهم الله سبحانه فقال: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ (الحشر: 8 - 10).

 

لقد ذكر الله صحابيًّا في القرآن باسمه، مع ذكر شيءٍ من قصته، لنأخذَ منها علمًا وحِكَمًا، قال سبحانه: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ﴾ (الأحزاب: 37).

 

هؤلاء هم الذين اصطفاهم سبحانه من بين خلقه؛ ليقوموا بأعباء الدعوة مع نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ثقاتٌ عدولٌ أمناء، حبُّهم للآخرةِ أكبرُ من حبِّهم للدنيا، يُفَدُّون النبيَّ صلى الله عليه وسلم بآبائهم وأمهاتِهم وأبنائهم، وأموالِهم وأوطانِهم، يتركون أيَّ شيء بكلمةٍ منه صلى الله عليه وسلم أو توجيهٍ أو إشارة، أو حتى عبوسِ وجهه، أو تقطيبِ جبينِه.

 

فمنهم من ألقى خاتمه الذهبي لأنَّ النبيَّ كرهه، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَنَبَذَهُ فَقَالَ: «لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا» فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. البخاري (5867).

 

ومنهم من لبَّى نداءَه للجهاد وهما حمزةُ وحنظلة، وكانا على جنابة، فقدَّما الاستجابةَ للنداء على غسل الجنابة، فاستُشهدا فقال صلى الله عليه وسلم: "رَأيْتُ المَلاَئِكَةَ تُغَسِّلُ حَمْزَةَ بن عَبْدِ المُطَّلِب، وَحَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ" (طب) عَن ابْن عَبَّاس، حسنه الألباني في صحيح الجامع (3463).

 

ومنهم من يتمسَّح بوضوئه وبصاقه ونخامته؛ (فَوَاللَّهِ! مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً؛ إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ؛ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ؛ تَعْظِيمًا لَهُ). البخاري (2731).

 

ومنهم من يتسابق على شعره، لينال منه خصلة، قال أَنَسٌ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْحَلاَّقُ يَحْلِقُهُ، وَأَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَمَا يُرِيدُونَ أَنْ تَقَعَ شَعْرَةٌ إِلاَّ فِي يَدِ رَجُلٍ. مسلم (2325).

 

ومنهم من يتبرك بالماء الذي مسته يده، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ؛ =أي صلاة الصبح= جَاءَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ، فَمَا يُؤْتَى بِإِنَاءٍ إِلاَّ غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا، فَرُبَّمَا جَاءُوهُ فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ؛ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا. مسلم (2324).

 

أما الصحابيات رضي الله عنهن كلِّهن؛ فحدِّث ولا حرج.

 

فمنهن من عرضت نفسها عليه ليتزوجها، قال ثَابِتٌ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، فَقَالَ أَنَسٌ: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ)، فَقَالَتْ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِيَّ حَاجَةٌ؟) فَقَالَتِ ابْنَتُهُ: (مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا)، قَالَ: «هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ»، ابن ماجه (2001).

 

ومنهن من عرضت عليه أختها، فعن أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟) =تعني أختها= قَالَ: «فَأَفْعَلُ مَاذَا؟» قُلْتُ: (تَنْكِحُ)، قَالَ: «أَتُحِبِّينَ؟» قُلْتُ: (لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِيكَ أُخْتِي)، قَالَ: «إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لِي».. البخاري (5106).

 

ومنهن من وهبت له ابنها يخدمه وهي أم أنس.

 

ومنهن من صنعت له فراشا محشوًّا بالصوف. ومنهن من كانت تتفقده بين الحين والحين بما تيسر لديها من طعام.

 

ومنهن من رضيت بمن ارتضاه لها زوجا، فعن فاطمة بنت قيس قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «... انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»، =قالت= فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ». فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ. مسلم (1480).

 

ودعا للمهاجرين بقبول هجرتهم والثبات عليها حتى الممات، ودعوته مجابة، فقال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «... اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ،..». البخاري (1295).

 

ودعا للأنصار فقال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ» البخاري (4906).

 

ودعا لجميعهم؛ عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الخَنْدَقِ، فَإِذَا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ النَّصَبِ وَالجُوعِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ".

 

فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا
عَلَى الجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

البخاري (2834).

 

ونهى المؤمنين والمسلمين عن الطعن فيهم، أو سبِّهم أو اتهامهم، قَالَ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي! فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا؛ مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ».. البخاري (3673).

 

أمرنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإكرامهم وعدم إهانتهم، فقَالَ: «أَكْرِمُوا أَصْحَابِي فَإِنَّهُمْ خِيَارُكُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَظْهَرُ الْكَذِبُ..»، مشكاة المصابيح (3/ 1695، ح (6012) - (6).

 

وأمرنا بالإحسان إليهم فَقَالَ: "أَلَا أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.." التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (7/ 22، ح 4557)، صححه في الصحيحة (430 و 1116). وفي رواية: "احفظوني في أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،.." جة (2363)، الصحيحة (1116).

 

فمن عاند ولم يحسن إليهم فطعن فيهم وسبَّ وشتم؛ "... فعليه لعنة الله والملائكةِ والناسِ أجمعين" (الطبراني في الكبير)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6285)، والصحيحة (2340). وقال عليه الصلاة والسلام: "لعنَ اللهُ منْ سَبَّ أصحَابي". (الطبراني في الكبير) وحسنه الألباني (5111) في صحيح الجامع.

 

إن إيذاءَ الصحابة إيذاءٌ لله ورسوله والمؤمنين، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ (الأحزاب: 57، 58).

 

قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: [... الظاهر أن الآيةَ عامَّةٌ في كلِّ من آذاه بشيء، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن أطاعه فقد أطاع الله، كما قال الإمام أحمد =بسنده= عن عبد الله بن المغفل المزني قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهَ اللَّهَ في أصحابي! لاَ تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً بَعْدِى، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّى أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فببغضي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذاني، وَمَنْ آذاني فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ»..[2].

 

وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ﴾ أي: ينسبون إليهم ما هم بُرَآء منه، لم يعملوه ولم يفعلوه، ﴿ فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ وهذا هو البُهت البيِّن؛ أن يحكيَ أو ينقلَ عن المؤمنين والمؤمناتِ ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص لهم، ومِنْ أكثر مَنْ يدخل في هذا الوعيد الكفرةُ بالله ورسوله، ثم الرافضةُ الذين يتنقَّصون الصحابة، ويعيبونهم بما قد بَرَّأهم الله منه، ويصفونهم بنقيضِ ما أخبر الله عنهم؛ فإنَّ الله عزَّ وجل، قد أخبر أنه قد رضي عن المهاجرين والأنصار ومدحهم، وهؤلاء الجهلةُ الأغبياءُ يسبونهم ويتنقَّصونهم، ويذكرون عنهم ما لم يكنْ ولا فعلوه أبدا، فهم في الحقيقة منكوسو القلوب يذمُّون الممدوحين، ويمدحون المذمومين]. أهـ.

 

إن الصحابةَ رضي الله تعالى عنهم أمانٌ للأمةِ في الأرض، فلما ذهبوا أتى الأمَّةَ ما وُعدت، قال صلى الله عليه وسلم: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ»، [... الأَمَنة؛ بفتح الهمزة والميم، والأمن والأمان بمعنى، ومعنى الحديث؛ أن النجومَ ما دامت باقية؛ فالسماء باقية، فإذا انكدرت النجوم، وتناثرتْ في القيامة، وهَنَتْ السماءُ =وضعفت= فانفطرت وانشقت وذهبت، وقوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا أَمَنَةٌ لأصحابي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أصحابي مَا يُوعَدُونَ». أي من الفتن والحروب، وارتدادِ من ارتدَّ من الأعراب، واختلافِ القلوب، ونحوِ ذلك مما أنذرَ به صريحًا، وقد وقع كلُّ ذلك، قوله صلى الله عليه وسلم: «وأصحابي أَمَنَةٌ لأمتي، فَإِذَا ذَهَبَ أصحابي، أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ»، معناه من ظهورِ البدعِ والحوادثِ في الدين، والفتنِ فيه، وطلوعِ قرنِ الشيطان، وظهورِ الرومِ وغيرهم عليهم، وانتهاكِ المدينةِ ومكةَ وغيرِ ذلك، وهذه كلُّها من معجزاتِه صلى الله عليه وسلم]. شرح النووي على مسلم ح(2531) (16 / 83).

 

أقول: ومنهاجُ الصحابة وطريقُهم وعلومهم أمانٌ للأمَّةِ من بعدهم، فإن أخذوا بسبيلهم نجوا، وإن حادوا عنه هلكوا وأتاهم ما يوعدون.

 

واعلموا عباد الله! أنَّ المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عددهم محدود، فقد قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «فِي أُمَّتِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ؛ سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ، حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ». مسلم (2779)، والدُّبَيْلَة: هِيَ خُرَاجٌ ودُمَّلٌ كَبِيرٌ تَظْهَرُ فِي الجَوفِ فتَقْتل صاحبَها غَالِبًا.

 

أما الرافضة فإنهم لا يقرِّون بإيمان أكثرَ من بضعةَ عَشَرَ صحابيًّا، والباقون عندهم ارتدوا على أعقابهم، فخالفوا وصيته -صلى الله عليه وسلم- التي قال فيها: «أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،..». الترمذي (2165).

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

[الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلْنَا في أمةٍ هي خَيْرُ الأُمَمٍ، أُمَّةٍ مَرْحُومَةٍ مَغْفُورَةٍ مُثَابَةٍ غَايَةً في الكَرَمٍ، وَمُبَارَكَةٍ لا يُدْرَى أَوَّلُهَا خَيْرٌ أَو آخِرُهَا مِنْ شُمُولِ النِّعَمِ، مِنْ فَضْلٍ أَتَى مِنْ قِبَلِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ =الصلاةُ= والتَّحِيَّةُ وَالْكَرَمُ، وَالسَّلامُ عَلَى أَفْضَلِ رُسُلِهِ الَّذِي بِتَبَعِيَّتِهِ يُفَازُ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، بَلْ يُنَالُ إلَى أَقْصَى الرِّيَاسَتَيْنِ، وَبِمُحَافَظَةِ حُدُودِ شَرِيعَتِهِ يُتَنَجَّى عَنْ الأَهْوَالِ وَالْهَلَكَاتِ، وَبِحِرَاسَةِ حِمَى سُنَّتِهِ يُوصَلُ إلَى قُصْوَى الأَمَانِي وَالدَّرَجَاتِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، هُمْ فِي خَيْرِ الْقُرُونِ كَانُوا هُمْ الذي تَبِعُوهُ، وَجَاهَدُوا مَعَهُ وَآوَوْا وَقَدْ نَصَرُوه]. بتصرف من (بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية).

 

إنهم خيرٌ لنا من الآباءِ والأولادِ والأهلين، عن طريقهم وصلَ لنا الدين، ونقلوا لنا القرآنَ والسنةَ والأحكام، بهم عرفنا الحلالَ والحرام، والجنةَ والنارَ وسائرَ شرائعِ الإسلام، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فاعرفوا حقهم، وكفوا ألسنتكم عنهم.

 

[... فاحفظ يا حفظك الله! ثناءَ الله عليهم ورضاه عنهم، ولا يكن في قلبك غِلٌّ على أحد منهم، فإن هذا من أعظم خبث القلوب، واستوص بهم خيراً ففي سبيل ذلك تهون الأرواح والدماء.

 

قال الطحاوي: (ونحبُّ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرِّطُ في حبِّ أحدٍ منهم، ولا نتبرَّأُ من أحدٍ منهم. وحبُّهم دينٌ وإيمانٌ وإحسان. وبغضُهم كفرٌ ونفاقٌ وطغيان)]. (شرح العقيدة الطحاوية ص528).

 

قال سعيد بن المسيب -رحمه الله-: (من أحبَّ أبا بكرٍ وعمرَ، وعثمانَ وعليًّا، وشهدَ للعشرة بالجنة، وترحَّم على معاويةَ كان حقًّا على الله ألا يناقشه الحساب).

 

قال يحيى بن عون: دخلتُ مع سُحنون على ابن القصار وهو مريض فقال: (ما هذا القلق؟) قال له: (الموت والقدوم على الله)، قال له سُحنون: (ألست مصدقا بالرسل، والبعثِ والحساب، والجنةِ والنار، وأن أفضلَ هذه الأمة أبو بكر ثم عمر، والقرآنَ كلامُ الله غيرُ مخلوق، وأن اللهَ يُرى يومَ القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرجْ على الأئمة بالسيف، وإن جاروا؟) قال:

(إي والله!) فقال: (مُتْ إذا شئت، مت إذا شئت). (سير أعلام النبلاء 12/67).

 

[... سئل ابن المبارك عن معاوية، =رضي الله تعالى عنه= فقال: (ما أقول في رجلِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده؛ فقال خلفه: ربنا ولك الحمد!) فقيل له: (أيهما أفضل؟ هو أو عمر بن عبدالعزيز؟) فقال:

(لترابٌ في منخري معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ خيرٌ وأفضلُ من عمرَ بنِ عبد العزيز...).

 

سئل المعافى بنُ عمران أيهما أفضل؛ معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب وقال للسائل:

(أتجعل رجلا من الصحابة مثل رجل من التابعين؟ معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه وأمينه على وحي الله).

 

وقال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي:

(معاوية سترٌ لأصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كَشَفَ الرجلُ السترَ اجترأ على ما وراءه).

 

وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبدالله يسأل عن رجل تنقَّص معاويةَ وعمروَ بن العاص أيقال له رافضي؟ فقال: (إنه لم يجترئ عليهما إلا وله خبيئة سوء، ما انتقص أحدٌ أحدا من الصحابة إلا وله داخلة سوء...).

 

وقال بعض السلف: بينما أنا على جبلٍ بالشام، إذ سمعت هاتفا يقول: (من أبغض الصديق فذاك زنديق، ومن أبغض عمرَ فإلى جهنم زمرا، ومن أبغض عثمان فذاك خصمه الرحمن، ومن أبغض عليًّا فذاك خصمه النبي، ومن أبغض معاويةَ سحبته الزبانية، إلى جهنمَ الحامية، يرمى به في الحامية الهاوية]. بتصرف من (البداية والنهاية: 8/149).

 

العجيب أن الخلفاءَ وملوكَ الإسلام الأوائلَ لهم في عهودهم قَصَصٌ وحكاياتٌ مع المخالفين والمناوئين؛ من المرتدين، والمشركين والمبتدعين.

 

فها هو الصدِّيق أبو بكر روَّض مشركي جزيرة العرب قاطبة، وكثيرا مما حولها.

 

وها هو الفاروق عمرُ بن الخطاب فاروق هذه الأمة أذلَّ المجوس، وما حولهم.

 

وذو النورين عثمانُ بنُ عفان أذلَّ الروم وقهرهم.

 

والحيدرةُ عليٌّ أبو تراب دوَّخ المبتدعةَ؛ من خوارج وشيعة رافضة.

 

أما كاتبُ الوحيِ معاوية، خالُ المؤمنين، فقد فتح الشام، وغزا أوربا من بوابتها قبرص.

 

[فاتقوا الله عباد الله! وأطيعوا أمره وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تتبعوا الهوى فيضلكم عن سبيل الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾.

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا».

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، اللهم ارضَ عن أصحاب نبيك أجمعين، وعن زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين، اللهم ارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، =الظالمين المعتدين=.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

عباد الله ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.

 

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾].

 

تنويه:

هذه مقتبسة من خطبة خطبتها بالزعفران قبل سنوات من تصرف يسير.



[1] النهاية في غريب الأثر: [قد اختُلِف في آل النبي صلى اللّه عليه وسلم؛ فالأكثر على أنهم آل بيته. قال الشافعي رضي اللّه عنه: دل هذا الحديث أن آل محمدٍ هُم الذين حَرُمتْ عليهم الصدقة، وعُوّضوا منها الخمسَ، وهم صَلِيبَة بني هاشم وبني المطلب. وقيل: آله أصحابه ومن آمن به. وهو في اللغة يقع على الجميع. وفي (تاج العروس من جواهر القاموس) للزَّبيدي (1/57): [(وعلى آله): هم أقاربُه المؤمنون من بني هاشم فقط، أو والمطَّلب، أو أتباعه وعياله، أوكُلّ تقيٍّ، كما ورد في الحديث،..]

[2] أحمد (4/87)، والترمذي (3862) وقال: غريب. وضعفه الألباني الضعيفة (2901).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصحابة والقرآن
  • موقف الصحابة من مبتدعة زمانهم
  • شدة الحاجة إلى معرفة فضائل الصحابة رضي الله عنهم
  • حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم
  • صور من مواقف الصحابة في الاستجابة
  • النصوص الشرعية بين منهج الصحابة وموقف المخالفين
  • حرص صغار الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة
  • ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة
  • الصحابة أمنة للأمة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فضائل ومنزلة الصحابة الكرام وما لهم علينا من حقوق والتزام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصحابة الكرام وما لهم علينا من حقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدر التمام في تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة الكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدي الصحابة الكرام في رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الآثار المسندة عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم في الحدود(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • كيف ربى القرآن الصحابة الكرام؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (10)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (9)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • دروس وعبر من سير الصحابة الكرام (8)(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/12/1446هـ - الساعة: 2:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب