• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها

معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2014 ميلادي - 9/4/1435 هجري

الزيارات: 27953

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها


إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

أيها المؤمنون!

الأم محضن التربية الأول الأصيل، وأساسه الذي يقوم عليه البناء، منها نشأ الوليد وتغذى، وبتوجيهها كان يسير ويتربى؛ فكانت ألصق الناس به في مدارج الصبا، وأكلفهم به في مراحل الحياة. وبات من غالب الأمر ورجائه صلاحُ حال الولد بحسن تربية أمه.

منْ لي بتربية النساءِ فإنَّها
في الشرق علَّةُ ذلك الإخفاق
الأم مدرسةٌ إذا أعددتها
أعددت شعباً طيّب الأعراقِ
الأم روضٌ تعهّدهُ الحيا
بالريّ أورقَ إيّما إيراق
الأمُّ أستاذُ الأساتذةِ الألى
شغلت مآثرهم مدى الآفاق

 

هذا، وإن من أولئك الأمهات اللائي تميزن بمنهج في التربية فريد؛ أثمر وُلْداً أعز الله بهم الدين، وحفظ بهم الملة؛ فكان منهم أوعية العلم، وكماة الوغى، وتُرْجٌ يتلون كتاب الله - الرميصاءَ: أمَّ سليم بنت ملحان الأنصارية - رضي الله عنها -؛ أمَّ أنس بن مالك والبراء؛ زوجَ أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنهم -. كانت من عقلاء النساء، وفضلياتهن. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بها أنِساً رحيماً، يتعاهدها بالزيارة، ويقيل في بيتها، ويمازح صبيانها، ويطعم طعامها، ويصلي النافلة بأهل بيتها. شهد لها بالجنة إذ يقول: " رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ؛ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَة " رواه البخاري.

 

أيها المسلمون!

لأم سليم - رضي الله عنها - مسلك حسن في تربية الولد وتقويمه؛ يقوم على مراعاة السنة في عموم الأحوال؛ دون قصر على حال الرخاء، بل كان نهجاً مطرداً حتى في حال الكرب والشدة، ومبتدَأً مذ الولادة، يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، قَالَ: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً، فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي! فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا» قَالَ: فَحَمَلَتْ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا (أي: لا يدخلها في الليل )، فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى، قَالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، قَالَ وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ، لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ (آلة يوسم بها الحيوان )، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَوَضَعَ الْمِيسَمَ، قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا في فِي الصَّبِيِّ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ» قَالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ. رواه مسلم، وجاء في رواية البخاري: " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ (أي: حفظوه، وأخذوا العلم) ".

 

والحرص على الولد من سمات منهج تربية أم سليم؛ فكانت فارغة لتربيتهم؛ لم تُسْلِمها إلى أحد غيرها. لما خطبها أبو طلحة كانت تقول: لا أتزوج حتى يبلغ أنس، ويجلس في المجالس، فيقول: جزى اللَّه أمي عنّي خيراً؛ لقد أحسنت ولايتي. وكانت ذات حرص على استغلال أوائل السنيّ ذات البُصْم الغالب في بقيّ العمر، قال إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِباً، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟! فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي آمَنْتُ. وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ، فَفَعَلَ، فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي، فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ. ولحرصها كانت تهتبل فرص تحصيل الخير لبنيها التي جعلتهم من خاصة شأنها ومهمّه، قال أنس: دَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ؛ فَإِنِّي صَائِمٌ »، ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ»، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ رواه البخاري. وقال أنس: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَلَيْسَتْ فِيهِ، قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- نَامَ فِي بَيْتِكِ، عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ، وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ، عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا (صندوق صغير تجعل المرأة فيه ما يعز من متاعها) فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ (استيقظ) النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «مَا تَصْنَعِينَ، يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ » فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا، قَالَ: «أَصَبْتِ» رواه مسلم. وحرْصُها كان يدفعها لمتابعة ولدها متابعة الموجه لا المحقق، قال أنس: " أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَدًا " رواه البخاري. وندرك بهذا الحوار التربوي الراقي متانة العلاقة بين الأم وابنها وحسنَها، الذي كان قوامها الصراحة والثقة المنضبطة وتعزيز السلوك الإيجابي واحترام الخصوصية والالتزام بنظام الضبط في المنزل.

 

أيها الإخوة في الله!

أم سليم ذات مشروع تربوي طموح ذي رؤية واضحة، تخطط له، وتسعى لدرك ذروة السنام فيه. وحين علمت ضرورة تعدد قنوات التوجيه، وعظم أثر الخلطة والصحبة والقدوة في حياة الصغير؛ سعت بربط ابنها أنس ملازماً مَنْ أمَر اللهُ الأمةَ بالاقتداء به إذ يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾، يقول أنس: " أَخَذَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ بِيَدِي مَقْدَمَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، فَأَتَتْ بِي رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنِي وَهُوَ غُلَامٌ كَاتِبٌ يخدمك، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ،فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ قَطُّ صَنَعْتُهُ: أَسَأْتَ، أَو: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ " رواه أحمد؛ فما بالكم بأثر مخالطة يومية لسيد البشر زهاء عشر سنين؟!

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله

 

أيها المؤمنون!

ومن معالم تربية أم سليم - رضي الله عنها - دوام التشجيع على الفعل الحسن والحث عليه، يقول أنس: " قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ، وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ "رواه مسلم. ومن معالمها التربوية التعويد على المسؤولية الذي يبني الشخصية والعصامية وينبذ التدليل والبطالة المفسدة للأخلاق؛ فقد كانت تعهد لابنها أنس مسؤولية خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإيصال الطعام إليه، ودعوته وأصحابه للحضور في منزلهم، والمشاركة في رعاية إخوته. روى البخاري أن أنساً - رضي الله عنه - قال: " قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاَثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «بِطَعَامٍ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا»، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟! فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ» فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا ".

 

وبعد، هذا غيض من فيض تربية أم سليم؛ فأين المؤتسون؟





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حياة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها العامة والخاصة
  • خديجة بنت خويلد " رضي الله عنها " (1)
  • فضائل أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها -
  • فوائد من قصة أم سليم مع أبي طلحة
  • خطبة عن الصحابية أم سليم
  • الرميصاء أم سليم بنت ملحان

مختارات من الشبكة

  • قواعد قرآنية في تربية الأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من معالم الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية بعد أُفُول نجم الإسلام عنها (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من معالم الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية بعد أفول نجم الإسلام عنها (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • معالم النجاح في شخصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم النجاح في شخصية ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم النجاح في شخصية الفاروق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم النجاح في شخصية الصديق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم التوحيد في الحج من حديث جابر رضي الله عنه(محاضرة - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • معالم وأساسيات في منهج السلف الصالح رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9) إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب