تحقيق تخريج مسألة ( صلاة النبي بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا )

تحقيق تخريج مسألة ( صلاة النبي بالمدينة ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا )

للإمام الحافظ أبي محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي

525- وسئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو عامر العَقَدي[1]، عن زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى بالمدينة ثمانياً[2] جميعاً، وسبعاً جميعاً.

قال أبو زرعة: هذا وهم؛ رواه شعبة، وحماد بن زيد[3]، ومحمد بن مسلم، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصحيح، والوهم[4]، ينبغي أن يكون من زكريا.

رجال الإسناد:

• أبو عامر العَقَدي: عبدالملك بن عمرو القيسي البصري (ت 245هـ).

ثقة متفق على توثيقه.

انظر تهذيب الكمال 18/364، التهذيب 6/409، التقريب (4199)

• زكريا بن إسحاق المكي، من السادسة.

روى عن عمرو بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، وإبراهيم بن أبي ميسرة، وغيرهم.

روى عنه أبو عامر العقدي، وابن المبارك. ووكيع، وعبدالرزاق، وغيرهم.

وثقه أحمد، وابن معين، وأبو داود، وابن سعد، ووكيع، والبرقي، والحاكم. وذكره ابن حبان في الثقات.

وقال أبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي: لا بأس به.

وقال الآجري: قلت له - يعني لأبي داود -: زكريا بن إسحاق قدري؟. قال: تخاف عليه؟ قلت: هو ثقة. قال: ثقة. اهـ. وقال ابن معين: كان يرى القدر.

قال ابن حجر: ثقة، رمي بالقدر.

انظر تهذيب الكمال 9/356، التهذيب 3/328، التقريب (2020):

• عمرو بن دينار المكي، أبو محمد الأثرم الجمحي مولاهم (ت 126).

ثقة ثبت حجة، متفق على توثيقه وإمامته.

انظر تهذيب الكمال 22/5، سير النبلاء 5/300، التهذيب 8/28.

• سعيد بن جبير بن هشام الأسدي مولاهم، أبو محمد الكوفي (ت 95هـ).

ثقة ثبت فقيه، قتله الحجاج ولم يكمل الخمسين.

انظر تهذيب الكمال 10/358، سير النبلاء 4/321، التهذيب 4/11.

• عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف (ت 68هـ)

صحابي جليل، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دعا له - صلى الله عليه وسلم - بالفهم في القرآن، فكان يسمى البَحْر والحَبِرْ، لسعة علمه، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة.

انظر الاستيعاب 6/258، أسد الغابة 3/192، الإصابة 5/130.

• شعبة بن الحجاج، ثقة ثبت حجة، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 516.

• حماد بن زيد بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري (ت 179).

ثقة ثبت حجة فقيه، قال ابن مهدي: ما رأيت أعلم من حماد بن زيد.

انظر تهذيب الكمال 7/239، سير النبلاء 7/456، التهذيب 3/9

• محمد بن مسلم بن سَوْسَن الطائفي، (توفي قبل التسعين).

روى عن عمرو بن دينار، وابن جريج، وعمرو بن قتادة، وغيرهم.

روى عنه ابن المبارك، وابن وهب، والقعنبي، وابن مهدي، وعبدالرزاق، وغيرهم.

قال العجلي: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة لا بأس به. وقال أبو داود: ثقة. وقال مرة: ليس به بأس. وقال ابن مهدي: كتبه صحاح. وقال ابن عدي: هو صالح الحديث لا بأس به، لم أر له حديثاً منكراً.

وقال ابن معين: ثقة لا بأس به، وكان إذا حدث من حفظه يخطيء، وإذا حدث من كتابه فليس به بأس. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطيء، وزعم عبدالرحمن بن مهدي أن كتبه صحاح.

وقال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا حدث محمد بن مسلم من غير كتاب أخطأ، ثم ضعفه على كل حال، من كتاب وغير كتاب، فرأيته عنده ضعيفاً.

وقال الساجي: صدوق يهم في الحديث.

قال الحافظ ابن حجر: صدوق يخطيء.

قلت: لو زاد:((إذا حدث من حفظه))، لكان أولى.

انظر تهذيب الكمال 26/412، التهذيب 9/444، التقريب (6293).

• حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة (ت 167هـ).

ثقة عابد من أثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه بأخرة.

تهذيب الكمال 7/253، السير 7/444، التهذيب 3/11، التقريب (1499).

• سفيان بن عيينة الهلالي، ثقة ثبت، تقدمت ترجمته في المسألة رقم 523.

• جابر بن زيد، أبو الشعثاء الأزدي، الجَوْفي، البصري، مشهور بكنيته (ت 93).

ثقة فقيه، قال الذهبي: كان عالم أهل البصرة في زمانه يُعدُّ مع الحسن وابن سيرين.

تهذيب الكمال 4/434، السير 4/481، التهذيب 2/38، التقريب (865).

تخريج الحديث:

روى عمرو بن دينار هذا الحديث واختلف عليه، وعلى أحد الرواة عنه:

1- فرواه زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

2- ورواه عدد من الثقات، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس.

3- ورواه معمر، واختلف عليه:

أ- فرواه عبدالرزاق، عن معمر، عن عمرو، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس.

وتابع معمراً على هذا الوجه عدد من الثقات.

ب- ورواه عبدالرزاق أيضاً، عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله.

وفيما يلي تفصيل ذلك:

أولاً: رواه زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:

ذكره المصنف في هذه المسألة، ولم أقف على من أخرجه.

ثانياً: ورواه جماعة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس:

أخرجه البخاري (مع الفتح) 2/29، كتاب مواقيت الصلاة، باب تأخير الظهر إلى العصر، 543، ومسلم 1/491، كتاب صلاة المسافرين باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم 507/56، وأبو داود 2/16، كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين رقم 1214- ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد 12/217 -، ورواه أبو نعيم الأصبهاني في المستخرج 2/276، رقم1592، وأبونعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق 155)، وابن حبـان 4/473، رقم 1597، والبيهقي في الكبرى 3/167، والطبراني في الكبير 12/177، رقم 1280. كلهم من طريق حماد بن زيد.

وأخرجه البخاري (مع الفتح) 3/62، كتاب التهجد، باب من لم يتطوع بعد المكتوبة، رقم 1174، وابن أبي شيبة في المصنف 2/456 - ومن طريقه مسلم 1/491، الموضع السابق، رقم 507/55، وأبو نعيم الأصبهاني في المستخرج 2/296، رقم 1591، وأبو نعيم الحداد في الجامع بين الصحيحين (ق 155)، والبيهقي 3/168 -، ورواه النسائي 1/286، كتاب المواقيت، باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، رقم 589 - ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد 12/219 -، ورواه أبو نعيم في المستخرج 2/296، رقم 1591، وأحمد في مسنده 1/221 - ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج 2/296، رقم 1591 - ورواه أبو يعلى في مسنده 4/282، رقم 2394، والحميدي 1/222، رقم 470 - ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد 12/219، 220 -، ورواه الشافعي في السنن 1/134، رقم 23 - ومن طريقه البيهقي في المعرفة 4/301، رقم 6256، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/160 -، ورواه البيهقي في الكبرى 3/166، 168، وابن عبدالبر في التمهيد 12/219، وأبو القاسم الشحامي في الخامس من الأحاديث الألف السباعيات (ق 79/ب). من طريق سفيان بن عيينة.

والبخاري (مع الفتح) 2/49، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب، رقم 562، وأبو عوانة 2/354، وأحمد 1/273، و1/285، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/160. من طريق شعبة.

والنسائي 1/290، كتاب المواقيت، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم 603، وأبو عوانة 2/354، وعبدالرزاق 2/555، رقم 4436 - وعنه أحمد 1/366 -. من طريق ابن جريج.

وأبو داود الطيالسي في مسنده (341) رقم 2613، عن حماد بن سلمة.

والطبراني في الكبير 12/177، رقم 12807، وأبو نعيم في الحلية 3/90، من طريق محمد بن مسلم الطائفي.

والطبراني في الكبير 12/176، رقم 12806، من طريق روح بن القاسم.

وأبو إسحاق بن أبي ثابت في حديثه (ق 160/أ)، من طريق زيد بن أبي أنيسة.

والجرجاني في الأمالي الأربعين (ق 164/ب)، من طريق عبدالله بن عبدالرحمن.

وتابعهم معمر - في الراجح عنه - كما سيأتي في الاختلاف عليه.

كلهم عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء: جابر بن زيد، عن ابن عباس، نحوه.

ثالثاً: ورواه معمر، واختلف فيه:

1- فرواه عبدالرزاق، عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس: أخرجه عبدالرزاق في المصنف 2/555، رقم 436، عن ابن جريج، ومعمر عن عمرو ابن دينار، به.

وأخرجه من طريق عبدالرزاق الطبراني في الكبير 12/176، رقم 12805، ولم يذكر ابن جريج.

كما أخرجه عن عبدالرزاق أحمد في المسند 1/366، ولم يذكر معمر.

وتابع معمراً على هذا الوجه عدد من الثقات، كما تقدم.

2- ورواه عبدالرزاق أيضاً، عن معمر، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله:

ذكره الدارقطني في العلل (4 ق 309/أ)، ولم أقف على من أخرجه.

ولعل الوجه الأول أرجح عن عبدالرزاق، إذ هو الموجود في كتابه، وتقدم في ترجمته أن ما في كتابه أصح مما في غيره (انظر الفهرس)، إضافة إلى أنه قد تابع معمراً عليه عدد من الثقات، في حين لم أجد من تابعه في الوجه الثاني، والله أعلم.

النظر في المسألة:

مما تقدم يتضح أن عمرو بن دينار روى هذا الحديث، واختلف عليه، وعلى أحد الرواة عنه وخلاصة ما تقدم من الاختلاف عليه ما يلي:

1- رواه زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

2- ورواه جماعة من الثقات عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس.

3- ورواه معمر - في وجه مرجوح عنه -، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله.

والوجه الثاني أرجح هذه الأوجه حيث رواه عدد من الثقات كذلك، في حين لم أجد من تابع زكريا بن إسحاق على الوجه الأول.

وأما الوجه الثالث فهو وجه مرجوح عن معمر، كما تقدم.

ومنه يتبين صحة ما ذهب إليه أبو زرعة من ترجيحه للوجه الثاني، وتخطئته لزكريا.

والحديث من وجهه الراجح صحيح متفق عليه، كما تقدم في التخريج، والله أعلم.