• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أينقص الدين هذا وأنا حي؟
    أبو آمد محمد بن رشيد الجعفري
  •  
    خلاصة بحث علمي (أفكار مختصرة)
    أسامة طبش
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    {هم درجات عند الله}
    د. خالد النجار
  •  
    ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    نهاية الرحلة
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من غشنا فليس منا (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نواقض الوضوء
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    خطبة: وقفات مع اسم الله العدل
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تبرؤ المتبوعين من أتباعهم
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    المتشددون والمتساهلون والمعتدلون في الجرح
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    التوازن في حياة المسلم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ركيزة ...
    د. خالد طه المقطري
  •  
    بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة القدر

تفسير سورة القدر
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/2/2025 ميلادي - 3/8/1446 هجري

الزيارات: 1304

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سُورَةُ القَدْرِ

 

سُورَةُ (القَدْرِ): مُخْتَلَفٌ فِيها، وَآيُهَا خَمْسُ آيَاتٍ.

 

أَسْمَاءُ السُّورَةِ:

وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمَائِهَا: سُورَةُ (الْقَدْرِ)، وَسُورَةُ (لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[1].

 

الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ لِلسُّورَةِ:

احْتَوَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى مَقَاصِدَ عَظِيمَةٍ، مِنْ أَهَمِّهَا[2]:

• التَّنْويهُ بِفَضْلِ الْقُرْآنِ وَعَظَمَتِهِ بِإِسْنَادِ إِنْزَالِهِ إِلَىْ اللهِ تَعَالَىْ.

 

• الرَّدُّ عَلَى الَّذِيْنَ جَحَدُوْا أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مُنَزَّلًا مِنَ اللهِ تَعَالى.

 

• رَفْعُ شَأْنِ الْوَقْتِ الَّذِيْ أُنْزِلَ فِيْهِ وَنُزوْلُ الْمَلَائِكَةِ فِي لَيْلَةِ إِنْزَالِهِ.

 

• تَفْضيلُ اللَّيْلَةِ الَّتِيْ تُوَافِقُ لَيْلَةَ إِنْزالِهِ مِنْ كُلِّ عَامٍ.

 

• حَثُّ الْمُسْلِمينَ عَلَى تَحَيُّنِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِالْقِيَامِ.

 

شَرْحُ الْآيَاتِ:

قَولُهُ: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ﴾، أَيْ: القُرْآنَ أَنْزَلَهُ اللهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَىْ السَّماءِ الدُّنْيا[3]، ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ﴾، أَيْ: في لَيْلَةِ الشَّرَفِ وَالْعَظَمَةِ؛ وَقِيْلَ: سُمِّيَتْ لَيْلَة الْقَدْرِ لِأَنَّهَا لَيْلَةٌ يقَدِّرُ اللهُعز وجل فيهَا كُلَّ مَا هُوَ كَائنٌ في السَّنَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم ﴾ [الدخان:4]، فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُقَدِّرُ اللهُ سُبْحانَهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ عَلَى مَدَارِ الْعَامِ، وَيُكْتَبُ فِيها الْأحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، وَالنَّاجونَ وَالْهَالِكُونَ، وَالسُّعدَاءُ وَالأَشْقِيَاءُ، وَالْعَزِيزُ وَالذَّلِيلُ، وَكُلُّ مَا أَرَادَهُ اللهُعز وجل فِيْ السَّنةِ الْمُقْبِلَةِ يُكْتَبُ في لَيْلَةِ القَدْرِ[4].

 

ثُمَّ عَظَّمَ الوَقْتَ الَّذِيْ أُنْزِلَ فِيْهِ فِيْ الآيَةِ التَّالِيَةِ:

قَولُهُ:﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر ﴾،أَيْ: وَمَا أَشْعَرَكَ وَأَعْلَمَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا في هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ[5]، وَهَذَا تَنْبِيْهٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَىْ فَضْلِهَا, وَحَثٌّ عَلَىْ الْعَمَلِ فِيْهَا[6].

 

قَولُهُ: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر ﴾ [القدر:3]،أَيْ: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيها لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيها خَيْرٌ مِنْهُ فِي عَمَلِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيْهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ[7]، وَهُوَ تَفَضُّلٌ مِنَ اللهِ تَعَالى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ.

 

قَولُهُ: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ ﴾، أَيْ: يَكْثُرُ نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ،﴿ وَالرُّوحُ ﴾، أَيْ: جِبْرِيلُ عليه السلام، ﴿ فِيهَا ﴾، أَيْ: فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِم ﴾، أي: بِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ[8]، ﴿ مِّن كُلِّ أَمْر ﴾، قَضَاهُ اللَّهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ[9]، وَ(مِنْ) سَبَبِيَّةٌ بِمَعْنى الْبَاءِ[10].

 

قَولُهُ: ﴿ سَلاَمٌ هِيَ ﴾، أَيْ: هِيَ لَيْلَةُ خَيْرٍ وَأَمْنٍ وَسَلامٍ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَسُوءٍ وَشَرٍّ[11]،﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾، أَيْ: وَقْتُهَا إِلَىْ طُلُوْعِ الْفَجْرِ الثَّانِي[12].

 

بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ:

الْحِكْمَةُ مِنْ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر ﴾ [القدر:1-2]: أَنَّ اللهَ تَعَالى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ في لَيْلَةٍ عَظِيمَةٍ شَرِيفَةٍ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ ﴾: تُفِيدُ التَّعْظِيمَ وَالتَّفْخِيمَ، وَلأَنَّهُ يُقَدِّرُ اللهُ تَعَالَىْ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ مِنْ آجَالٍ وَأَرْزَاقٍ وَأَعْمَالٍ، وَهَذَا يُعَلِّمُنَا: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِالْقُرْآنِ وَيَهْتَمَّ بِهِ، وَيُقْبِلَ عَلَيْهِ؛ قِرَاءَةً وَتَدَبُّرًا وَعَمَلًا؛ لِأَنَّ نُزُولَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْعَظِيمَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.

 

نُزُوْلُ الْقُرْآنِ جُمْلَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ نَزَلَ مُنَجَّمًا:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ﴾ [القدر:1]: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ في السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمِّ نُزِّلَ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُفَصَّلًا حَسَبَ الْوَقَائعِ وَالْمُنَاسَباتِ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرينَ سَنَةً عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَفِي ذَلِكَ حِكَمٌ بَالِغَةٌ؛ منها:

أوَّلًا: تَثْبِيتُ قَلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ هِيَ الَّتِي رَدَّ اللهُ بِهَا عَلَى اعْتِرَاضِ الْكُفَّارِ في نُزُولِ الْقُرْآنِ مُتَفَرِّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ﴾ [الفرقان:32].

 

ثانيًا: التَّحَدِّيْ وَالْإِعْجَازُ، كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ نُزُوْلِ الْقُرآنِ: «فَكانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا أَحْدَثُوا شَيْئًا، أَحْدَثَ اللهُ لَهُمْ جَوَابًا»[13].

 

ثالثًا: تَيْسِيرُ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ.

 

رابعًا: تَنْشيطُ نُفُوسِ الْمُؤْمِنينَ لِقَبُولِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلِ بِهِ.

 

خامسًا: مُسَايَرَةُ الْحَوَادِثِ، وَالتَّدَرُّجُ فِي التَّشْرِيعِ.

 

فَضْلُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَذِكْرُ بَعْضِ مَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر ﴾ [القدر:3]: بَيَانٌ لِمَنْزِلَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَخَيْرِيَّتِهَا، وَفي ذَلِكَ عِدَّةُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوْا في تَحْدِيْدِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ، حَتَّى وَصَلَتِ الْأَقْوَالُ فَيهَا إلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعينَ قَوْلًا[14]، وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ لِلصَّوَابِ: أَنَّهَا في شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا في الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَهِيَ في الْأَوْتَارِ أَرْجَى؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ»[15]، وَأَّنَّهَا مُتَنَقِّلَةٌ في لَيَالِي الْعَشْرِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ»[16]،وَهِيَ في السَّبْعِ الْبَوَاقِي أَرْجَى؛ لِقَولُهُ: «فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي»[17]، وَهِيَ في لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَرْجَى؛ لِحَدِيثِ أُبَيٍّ[18] وَمُعَاوِيَةَ رضي الله عنهما [19].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ مِنَ اللَّطَائِفِ في الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ: أَنَّ كَلِمَاتِ سُورَةِ الْقَدْرِ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً، وَكَلِمَةُ (هِيَ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ [القدر:5]، هِيَ الْكَلِمَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ في السُّورَةِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: "هَذا مِنْ مُلَحِ التَّفْسِيْرِ، وَلَيْسَتْ مِنْ مَتِينِ الْعِلْمِ"[20]. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَهُوَ كَمَا قَالَ"[21].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْعِبَادَةَ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ عِبَادَةِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فيِهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ[22]، وَأَلْفُ شَهْرٍ تَعْدِلُ: ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: دَخَلَ رمَضَانُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «إنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُوْمٌ»[23].

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الْحِكْمَةَ مِنْ إِخْفَائِهَا ــ وَاللهُ أَعْلَمُ ــ هِيَ تَنْشِيطُ الْمُسْلِمِ لِبَذْلِ الْجُهْدِ في الْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ في الْعَشْرِ الْأخيرَةِ كُلِّهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْحِكْمَةُ مِنْ إِخْفَاءِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ لِيَحْصُلَ الاِجْتِهَادُ فِيْ الْتِمَاسِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَتْ لَهَا لَيْلَةٌ لَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا، كَمَا ذُكِرَ نَحْوُهُ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ[24].

 

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ؛ حَيْثُ جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا تَعْظُمُ مَعَهُ الْأُجُورُ، وَتُجْزَلُ فِيهِ مِنَ الْعَطَايَا مَا تَكْثُرُ بِهِ أَعْمَالُهُمْ وَتَتَنَوَّعُ فيهِ أُجُورُهُمْ، فَيُدْرِكُونَ في أَيَّامٍ قَلَائِلَ مَا يُدْرِكُهُ السَّابِقُونَ في أَعْمَارٍ طَوِيلَةٍ، وَعِبَادَاتٍ شَاقَّةٍ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيْهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[25].

 

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ اللَّبيبِ أَنْ يَغْتَنِمَ هَذِهِ الْمَوَاسِمَ في الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالقُرْبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِيْ مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ مَشَاغِلَ وَشَوَاغِلَ، وَلَا يَدْرِيْ مَنْ يُطَالِبُهُ في مَا بَقِيَ مِنْ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ الْمَرَضَ مُطَالِبٌ لَهُ، وَهُوَ نَاقِضٌ لِلصِّحَةِ، وَالْمَوْتَ قَاطِعٌ لِطَريقِ اْلَحيَاةِ، فَمَا دَامَ الْمَرْءُ في سَعَةٍ مِنْ صِحَّتِهِ وَنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلْيُبَادِرْ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَمَا دَامَ في زَمَنِ الْإِمْكَانِ، وَطُوبَى -وَاللهِ- لِمَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ النَّفَحَاتِ، وَاسْتَغَلَّ الْفُرَصَ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَفي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ»[26].

 

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُسْلِمِ إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ لِفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاوَرَ فِي الْعَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ[27]، وَوَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»[28]، وَالْقَصْدُ مِنْهُ إِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَلِحَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[29].

 

دَلَائِلُ نُزُولِ الْمَلائِكَةِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر ﴾ [القدر:4]: دَلَائِلُ، مِنْهَا:

أولًا:أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ إِلى الْأَرْضِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَعَهُمْ جِبْرِيلُ عليه السلام، يَتَنَزَّلُونَ بِالْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَاْلبَرَكَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَفي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ فِي الْأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى»[30].

 

ثانيًا: أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾ [الدخان:3]، وَبَرَكَةُ هَذِهِ اللَّيْلَةِ بَرَكَةٌ في الْوَقْتِ، وَبَرَكةٌ في الْعَمَلِ، وَبَرَكَةٌ في الثَّوَابِ وَالجَزَاءِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَىْ.

 

ثالثًا: أَنَّ اللهَ تَعَالى خَصَّ جِبْرِيلَ عليه السلام لِشَرَفِهِ وَفَضْلِهِ وَمَكانَتِهِ، كَيْفَ لَا وَهُوَ الْأَمِينُ عَلَى الْوَحْيِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِين ﴾ [الشعراء:193][31].

 

لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَلَامٍ وَخَيْرٍ:

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ [القدر:5]: أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَالِيَةٌ مِنَ الشَّرِ وَالْأَذَى، وَتَكْثُرُ فيهَا الطَّاعَةُ وَأَعْمَالُ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ، وَتَكْثُرُ فيهَا السَّلَامَةُ مِنَ الْعَذَابِ، وَلَا يَخْلُصُ الشَّيْطَانُ فِيهَا إِلى مَا كَانَ يَخْلُصُ فِي غَيْرِهَا، فَهِيَ سَلَامٌ كُلُّهَا[32]، وَهِيَ لَيْلَةٌ كَامِلَةٌ، يَنْتَهِي وَقْتُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ﴾ [القدر:5].



[1] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 455).
[2] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 456).
[3] ينظر: تفسير الطبري (3/ 191)، تفسير البغوي (8/ 482).
[4] ينظر: تفسير البغوي (8/ 482)، أحكام القرآن لابن العربي (4/ 427)، تفسير السعدي (ص931).
[5] ينظر: تفسير الطبري (24/ 533)، تفسير الجلالين (ص815).
[6] ينظر: تفسير الماوردي (6/ 312).
[7] ينظر: تفسير الخازن (4/ 453)، تفسير الجلالين (ص815).
[8] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 133)، تفسير الجلالين (ص815).
[9] ينظر: تفسير الطبري (24/ 547).
[10] ينظر: تفسير الجلالين (ص815).
[11] ينظر: تفسير القرطبي (20/ 134)، تفسير ابن كثير (8/ 444).
[12] ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (4/ 369).
[13] ينظر: الإتقان في علوم القرآن (1/ 147)، مباحث في علوم القرآن للقطان (ص107 وما بعدها).
[14] ينظر: فتح الباري (4/ 262-266)، وبعض هذه الأقوال باطل ومردود لا يعول عليه ولا يلتفت إليه.
[15] أخرجه البخاري (2017) واللفظ له، ومسلم (1169).
[16] أخرجه البخاري (2021)، ومسلم (1165).
[17] أخرجه مسلم (1165).
[18] أخرجه مسلم (762).
[19] أخرجه أبو داود (1386).
[20] تفسير ابن عطية (1/ 61).
[21] لطائف المعارف (ص203).
[22] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 443).
[23] أخرجه ابن ماجه (1644)، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (1491).
[24] ينظر: فتح الباري (4/ 266).
[25] ينظر: تفسير السعدي (ص931).
[26] أخرجه الحاكم في المستدرك (7846) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
[27] أخرجه البخاري (2018)، ومسلم (1167).
[28] أخرجه البخاري (2024) واللفظ له، ومسلم (1174).
[29] أخرجه البخاري (1901).
[30] أخرجه ابنُ خزيمة (2194) وصحَّحه.
[31] ينظر: تفسير الألوسي (15/ 417).
[32] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 327).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة القدر
  • تفسير سورة القدر
  • طلوع البدر في تفسير سورة القدر
  • تفسير سورة القدر للأطفال
  • تفسير سورة القدر
  • ليلة القدر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج ودراسة أحاديث مواهب الرحمن في تفسير القرآن للشيخ عبد الكريم المدرس (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/2/1447هـ - الساعة: 17:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب