• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: التدافع سنة ربانية وحكمة إلهية
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: حر الصيف عبر وعظات
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    شذا الريحان من مزاح سيد ولد عدنان صلى الله عليه ...
    السيد مراد سلامة
  •  
    التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية ...
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    مقاربات بيانية إيمانية لسورة الفجر
    د. بن يحيى الطاهر ناعوس
  •  
    تخريج حديث: من أتى الغائط فليستتر
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من أقوال السلف في معاني أسماء الله الحسنى: ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الحديث الأول: تصحيح النية وإرادة وجه الله بالعمل ...
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    الاتحاد والاعتصام من أخلاق الإسلام
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فخ استعجال النتائج
    سمر سمير
  •  
    من مائدة الحديث: خيرية المؤمن القوي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / التاريخ
علامة باركود

قصة يوسف وامرأة العزيز: فوائد وأحكام (خطبة)

قصة يوسف وامرأة العزيز: فوائد وأحكام (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2025 ميلادي - 7/7/1446 هجري

الزيارات: 6322

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة يوسف وامرأة العزيز: فوائد وأحكام


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:فَقَدْ تَكَامَلَتْ دَوَاعِي الْفِتْنَةِ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَامْرَأَةِ الْعَزِيزِ تَكَامُلًا عَجِيبًا؛ فَقَدْ رُكِّبَ فِي طَبْعِ الرَّجُلِ الْمَيْلُ إِلَى النِّسَاءِ، وَيُوسُفُ شَابٌّ أَعْزَبُ، غَيْرُ مُحَصَّنٍ بِزَوْجَةٍ- وَشَهْوَةُ الشَّابِّ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ- وَكَانَ غَرِيبًا عَنْ بَلَدِهِ، وَدَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، ﴿ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾ [يُوسُفَ: 23]؛ أَيْ: هَلُمَّ وَأَقْبِلْ إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ، وَهِيَ سَيِّدَتُهُ الَّتِي تَأْمُرُهُ، وَجَمَعَتْ لَهُ صَاحِبَاتِ الْوَجَاهَةِ فِي الْمَدِينَةِ؛ لِتَسْتَعِينَ بِهِنَّ عَلَيْهِ، وَتَوَعَّدَتْهُ بِالسَّجْنِ وَالْإِذْلَالِ وَالصَّغَارِ- إِذَا لَمْ يَسْتَجِبْ لِرَغْبَتِهَا: ﴿ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [يُوسُفَ: 32]، وَلَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ تَهْدِيدٍ؛ بَلْ سُجِنَ بِالْفِعْلِ: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يُوسُفَ: 35]، وَمِنْ أَهَمِّ الدُّرُوسِ وَالْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ وَالْأَحْكَامِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ:

1- الْحَذَرُ مِنَ الْخُلْوَةِ بِالنِّسَاءِ، وَلَا سِيَّمَا الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

2- السَّبَبُ فِي امْتِنَاعِ يُوسُفَ عَنْ إِجَابَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ: ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾؛ لِأَنَّ الزِّنَا مُحَرَّمٌ، ثُمَّ تَعْظِيمُهُ خِيَانَةَ مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَأَهْلِهِ: ﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾، وَالْمَقْصُودُ: الْعَزِيزُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ حِينِ كَانَ غُلَامًا، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَرَبَّاهُ.

 

3- مَنْ دُعِيَ إِلَى مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِيَعْصِمَهُ اللَّهُ مِنْهَا: ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾؛ سَوَاءٌ كَانَ الدَّاعِي هُوَ الشَّيْطَانَ، أَوْ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ، أَوْ هَوَى النَّفْسِ.

 

4-فِي قَوْلِهِ تَعَالَى – عَنْ يُوسُفَ: ﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ ذُكِرَ وَصْفُ الرَّبِّ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ؛ احْتِمَالِ أَنَّهُ اللَّهُ، وَاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَيِّدُهُ؛ فَإِنْ كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى فَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَشُكْرُهُ عَلَى نِعْمَةِ الْإِيجَادِ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدَهُ الْعَزِيزَ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ لَهُ، وَعَدَمُ خِيَانَتِهِ.

 

5- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى – عَنْ يُوسُفَ: ﴿ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْمَ "الرَّبِّ" قَدْ يُرَادُ بِهِ السَّيِّدُ، وَكَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ أَيْضًا – لِغُلَامِ الْمَلِكِ: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾، وَكَذَا عَنِ الْغُلَامِ: ﴿ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ ﴾ [يُوسُفَ: 42].

 

6- ﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾، الْهُمُّ دَاعٍ مِنْ دَوَاعِي النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ، وَهُوَ طَبِيعَةٌ لِأَغْلَبِ النَّاسِ.

 

7- هَمَّتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ – هَمَّ عَزْمٍ – بِمُوَاقَعَةِ الْفَاحِشَةِ مَعَ يُوسُفَ.


8- هَمَّ يُوسُفُ بِهَا؛ وَلَكِنْ كَانَ هَمُّهُ خَاطِرًا عَارِضًا، وَحَدِيثَ نَفْسٍ، مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَلَا عَزْمٍ، وَقَدْ صَرَفَهُ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَصَمَهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ؛ بِمَا أَوْدَعَهُ فِي قَلْبِهِ مِنْ عِلْمٍ يَقِينِيٍّ بِحُرْمَةِ هَذَا الْفِعْلِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا؛ كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

9- تَرَكَ يُوسُفُ هَذَا الْهَمَّ الْعَارِضَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَغَلَّبَ خَشْيَةَ اللَّهِ عَلَى دَاعِي النَّفْسِ وَالْهَوَى؛ فَكَانَ مِمَّنْ ﴿ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 40]، وَمِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: «رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: "إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ"» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

10- فِي صَرْفِ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ عَنْ يُوسُفَ، وَكَوْنُهُ مِنَ الْمُخْلِصِينَ؛ دَلِيلٌ عَلَى عِصْمَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

 

11- الْهَمُّ الَّذِي يُلَامُ عَلَيْهِ الْمَرْءُ؛ هُوَ الْهَمُّ الَّذِي يُسَاكِنُهُ، وَيَصِيرُ عَزْمًا، وَرُبَّمَا اقْتَرَنَ بِهِ الْفِعْلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا؛ مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

12- الْقُلُوبُ الْمُعْرِضَةُ عَنِ اللَّهِ، وَالْفَارِغَةُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى تُبْتَلَى بِعِشْقِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ إِذَا امْتَلَأَ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَالْخَوْفِ مِنْهُ؛ دَفَعَ عَنْ صَاحِبِهِ مَرَضَ عِشْقِ الصُّوَرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى – فِي حَقِّ يُوسُفَ: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِخْلَاصَ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْعِشْقِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ الَّتِي هِيَ ثَمَرَتُهُ وَنَتِيجَتُهُ.

 

13- يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ – إِذَا رَأَى مَكَانًا فِيهِ فِتْنَةٌ، وَأَسْبَابُ مَعْصِيَةٍ – أَنْ يَفِرَّ مِنْهُ، وَيَهْرُبَ، وَلَا يَسْتَسْلِمُ لِلْمُنْكِرَاتِ وَالْفِتَنِ، وَالْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاسْتَبَقَا الْبَابَ ﴾؛ أَيْ: تَسَابَقَا نَحْوَ الْبَابِ، هِيَ تَطْلُبُهُ وَتُرَاوِدُهُ، وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهَا؛ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ شَرِّهَا.

 

14- ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ وَلَمْ يَقُلْ: "سَيِّدَهُمَا"؛ لِأَنَّ يُوسُفَ لَمْ يَدْخُلْ فِي رِقٍّ، وَلَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الْمَخْلُوقِينَ بِالسَّادَةِ.

 

15- نَجَّاهُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ مِنَ الْفِتْنَةِ: ﴿ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ فَكُشِفَ أَمْرُهَا وَفُضِحَتْ، فَلَمْ تَتَوَقَّعْ أَنْ يَأْتِيَ زَوْجُهَا فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ الْحَرِجَةِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الْحَجِّ: 38].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ وَالْأَحْكَامِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:

16- دَافَعَتْ عَنْ نَفْسِهَا؛ بِالِافْتِرَاءِ عَلَى يُوسُفَ، وَاتِّهَامِهِ بِالْمُرَاوَدَةِ: ﴿ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا ﴾ فَقَدْ يَدَّعِي الْمُجْرِمُ الْبَرَاءَةَ، وَيَتَّهِمُ خَصْمَهُ، وَيُغَلِّفُ جَرِيمَتَهُ بِالْكَذِبِ، وَالْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ، لِيُصَدِّقَهُ النَّاسُ؛ مِثْلَمَا فَعَلَ إِخْوَةُ يُوسُفَ - مِنْ قَبْلُ: ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ... وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾ [يُوسُفَ: 16-18]، وَقَدْ لَا يَتَكَلَّمُ الْمَظْلُومُ؛ لِضَعْفِهِ، وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ جَوَابُهُ مُقْتَضَبًا؛ مِثْلَمَا قَالَ يُوسُفُ: ﴿ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ﴾، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

17- قَدَّمَ الشَّاهِدُ أَمَارَةَ صِدْقِهَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحِبُّهُ زَوْجُهَا:﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ اهْتِمَامٌ بِهَا، وَفِي الْحَقِيقَةِ تَقْرِيرٌ لِكَذِبِهَا مَرَّتَيْنِ: الْأُولَى بِاللُّزُومِ، وَالثَّانِيَةُ بِالْمُطَابَقَةِ.

 

18- الْحُكْمُ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ إِذَا غَابَتِ الْبَيِّنَاتُ، فَالْقَرَائِنُ الْجَازِمَةُ رُبَّمَا تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَاتِ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ لَمَّا بَهَتَتْهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ، وَاضْطُرَّ إِلَى الدِّفَاعِ، وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ، وَلَا شَيْءٌ يُصَدِّقُهُ أَوْ يُصَدِّقُهَا، جَاءَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ، وَجَعَلَ شَقَّ قَمِيصِهِ مِنْ دُبُرٍ قَرِينَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَكَذِبِ الْمَرْأَةِ.

 

19- لِلنِّسَاءِ مِنَ الْمَكْرِ وَالْحِيَلِ وَالْكَيْدِ -فِي إِتْمَامِ مُرَادِهِنَّ- مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ وَلِذَا قَالَ الْعَزِيزُ لِزَوْجَتِهِ: ﴿ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾؛ أَيْ: إِنَّ هَذَا الْكَذِبَ الَّذِي ادَّعَيْتِهِ عَلَى يُوسُفَ مِنْ جُمْلَةِ مَكْرِكُنَّ وَحِيَلِكُنَّ – أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، إِنَّ مَكْرَكُنَّ وَاحْتِيَالَكُنَّ عَظِيمٌ، وَشَدِيدُ التَّأْثِيرِ فِي النُّفُوسِ؛ فَقَدْ وُصِفَ كَيْدُ النِّسَاءِ بِالْعِظَمِ – وَإِنْ كَانَ قَدْ يُوجَدُ ذَلِكَ فِي الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُنَّ أَلْطَفُ كَيْدًا بِمَا جُبِلْنَ عَلَيْهِ، وَبِمَا تَفَرَّغْنَ لَهُ، وَاكْتَسَبَ بَعْضُهُنَّ مِنْ بَعْضٍ، وَهُنَّ أَنْفَذُ حِيلَةً.

 

20- فِي قَوْلِ الْعَزِيزِ: ﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ ذَنْبًا، وَيَسْتَغْفِرُونَ مِنْهُ – وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ – وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ مُشْرِكِينَ؛ وَهُمْ يُحَرِّمُونَ الْفَوَاحِشَ، وَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ مِنْهَا.

 

21- بَيَّنَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بَرَاءَةَ يُوسُفَ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي؛ فَقَدْ شَهِدَ كُلُّ مَنْ لَهُ عَلَاقَةٌ بِالْقِصَّةِ بِبَرَاءَتِهِ؛ [وَهُمْ: يُوسُفُ، وَالْمَرْأَةُ، وَزَوْجُهَا، وَالنِّسْوَةُ، وَالشُّهُودُ]، وَشَهِدَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا بِبَرَاءَتِهِ، وَاعْتَرَفَ بِهِ إِبْلِيسُ.

 

فَأَمَّا جَزْمُ يُوسُفَبِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمَعْصِيَةِ: فَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: ﴿ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ﴾.

 

وَأَمَّا اعْتِرَافُ الْمَرْأَةِ، فَفِي قَوْلِهَا لِلنِّسْوَةِ: ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ﴾.

 

وَأَمَّا اعْتِرَافُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ، فَفِي قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ﴾.

 

وَأَمَّا اعْتِرَافُ الشُّهُودِ، فَفِي قَوْلِهِ: ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾.

 

وَأَمَّا شَهَادَةُ اللَّهِ بِبَرَاءَتِهِ، فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾.

 

وَأَمَّا إِقْرَارُ إِبْلِيسَ بِطَهَارَةِ يُوسُفَ وَنَزَاهَتِهِ؛ فَلِأَنَّهُ قَالَ: ﴿ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82-83]، فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إِغْوَاءُ الْمُخْلَصِينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ يُوسُفَ مِنَ الْمُخْلَصِينَ، فَظَهَرَتْ دَلَالَةُ الْقُرْآنِ مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى بَرَاءَتِهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يوسف وامرأة العزيز في قصة حب من طرف واحد
  • القلب ملك الجوارح (خطبة)
  • فوائد وأحكام: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم...}

مختارات من الشبكة

  • خطبة: هدايات من قصة جوع أبي هريرة رضي الله عنه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • المختصر المفيد في إثبات وجود العزيز الحميد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كشف الأستار بشرح قصة الثلاثة الذين حبسوا في الغار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • في عيادة الطبيب ( قصه قصيرة )(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/2/1447هـ - الساعة: 12:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب