• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    لماذا لا نتوب؟
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وكن من الشاكرين (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حكم صيام يوم السبت منفردا في صيام التطوع مثل صيام ...
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وما الصقور؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    آيات عن مكارم الأخلاق
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    عاشوراء بين نهاية الطغاة واستثمار الأوقات (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    عاشوراء (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القابض ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    أشواق وحنين إلى بيت الله الحرام (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عاشوراء (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تخريج حديث: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    اغتنام نعمة الوقت (خطبة)
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم.. فوائد وتأملات - ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    وصايا إسلامية
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    {يوم التقى الجمعان}
    د. خالد النجار
  •  
    أصول الاستدلال في تفسير الأحلام (PDF)
    سعيد بن علي بن محمد بواح الصديق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

غزوة تبوك (خطبة)

غزوة تبوك (خطبة)
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/8/2024 ميلادي - 17/2/1446 هجري

الزيارات: 3706

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غَزْوَةُ تَبُوك

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:


فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « غَزْوَةُ تَبُوكٍ ».


وَتَبُوكُ - أَيُّهَا النَّاسُ - مَوْقِعُ شَمَالِ الحِجَازِ، يَبْعُدُ عَنِ المَدِيْنَةِ المُنَوَّرَةِ ثَمَانِيَةَ وَسَبْعِيْنَ وَثَمَانِمَائَةِ كَيْلًا حَسَبَ الطُّرُقِ المُعَبَّدَةِ فِي الوَقْتِ الحَاضِرِ، وَكَانَتْ مِنْ دِيَارِ قُضَاعَةَ الخَاضِعَةِ لِسُلْطَانِ الرُّومِ آنَذَاكَ.

 

وَأَمَّا سَبَبُ غَزْوَةُ تَبُوكَ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: « وَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29].

 

نَدَبَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَهْلَ المَدِيْنَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ وَأَعْلَمَهُمْ بِغَزْوِ الرُّوْمِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ » [1].

 

وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَجْهَةِ الجَيْشِ بَعْدَ أَنْ ظَلَّ يَعْتَمِدُ عَلَى عُنْصُرِ المُفَاجَأَةِ فِي غَالِب غَزَوَاتِهِ؛ لِأَنَّ العَدُوَّ كَثِيْرٌ، وَالمَسَافَةُ بَعِيْدَةٌ، والحَرُّ شَدِيْدٌ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الاسْتِعْدَادِ وَالتَّزَوُّدِ [2]؛ فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [3]، مِنْ حَدِيْثِ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَلَّمَا يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ غَزْوَ عَدُوٍّ كَثِيرٍ، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ، لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ عَدُوِّهِمْ، وَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ».

 

وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الغَزْوَةُ بِغَزْوَةِ العُسْرَةِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلُ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117].

 

وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النَّفَقَةِ وَوَعَدَ المُنْفِقِيْنَ بِعَظِيْمِ الأَجْرِ مِنَ اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَسَارَعَ أَغْنِيَاءُ الصَّحَابَةِ وَفُقَرَاؤُهُمْ إِلَى تَقْدِيْمِ الأَمْوَالِ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَكْثَرَ المُنْفِقِيْنَ عَلَى جَيْشِ تَبُوكٍ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ» [4] مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ، فَجَهَّزَهُ عُثْمَانُ »، وَجَاءَ أَبُو خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -بِصَاعِ تَمْرٍ، فَلَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ مُسْلِمٌ» [5]، مِنْ حَدِيْثِ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «فبَيْنَا هُوَ علَى ذَلِكَ -أَيْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلًا مُبْيِضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فقالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «كُنْ أَبَا خَيْثمَةَ، فَإِذا هوَ أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَاريُّ »، وَهُوَ الَّذي تَصَدَّقَ بِصَاعِ تَمْرٍ حِيْنَ لمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ.

 

وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].

 

ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّهَا النَّاسُ - نَهَضَ فِي أَكْبَرِ جَيْشٍ قَادَهُ فِي حَيَاتِهِ، إِذْ كَانُوا ثَلاثِيْنَ أَلْفًا، وَهُوَ عَدَدٌ يَدُلُّ عَلَى مَدَى اسْتِجَابَةِ المُؤْمِنِيْنَ لَدَوَاعِي العَقِيْدَةِ فِي تِلْكَ الظُّرُوفِ القَاسِيَةِ مِنَ الحَرِّ الشَّدِيْدِ وَالعُسْرَةِ [6].

 

وَاسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ عَلَى النِّسَاءِ وَالذُّرِيَّةِ، فَآذَاهُ المُنَافِقُونَ فَقَالُوا: تَرَكَهُ عَلَى النِّسَاءِ وَالذُّرِيَّةِ، فَلَحِقَ بِرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَشَكَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا فِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [7]، مِنْ حَدِيْثِ سَعْدِ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي ».

 

وَتَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- النِّسَاءُ وَالذُّرِيَّةُ، وَمَنْ عَذَرَهُ اللهُ مِنَ الرِّجَالِ وَمِمَّنْ لاَ يَجِدُ ظَهْرًا يَرْكَبُهُ أَوْ نَفَقَةً، وَمِنْهُمْ العِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

 

وَفِي «مُسْنَدِ» أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ»[8]، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 93].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: « وَتَخَلَّفَ مُنَافِقُونَ كُفْرًا وَعِنَادًا، وَكَانُوا نَحْوَ الثَّمَانِيْنَ رَجُلًا، وَتَخَلَّفَ عُصَاةٌ مِثْلُ: مُرَارَةِ بْنِ الرَّبِيْعِ، وَكَعْبَ بْنِ مَالِكٍ، وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ قُدُومِهِ -صلى الله عليه وسلم- بِخَمْسِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- سَارَ فَمَرَّ فِي طَرِيْقِهِ بِالحِجْرِ، وَهِيَ مَدَائِنُ ثَمُودَ، المَعْرُوفَةِ اليَوْمَ بِاسْمِ مَدَائِنِ صَالِحٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، إِلَّا أَنْ يُكُونُوا بَاكِيْنَ، وَأَنْ لاَ يَشْرَبُوا إِلَّا مِنْ بِئْرِ النَّاقَةِ، فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [9]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - «قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْحِجْرِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ» ثُمَّ زَجَرَ فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا.

 

فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [10]، مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «إنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ، فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُهْرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا، وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ، وَأَمْرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ»، وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ «البُخَارِيِّ»[11]: «وَجَازَهَا مُقَنِّعًا».

 

قَالَ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: « وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُرَاقَبَةِ عِنْدَ الْمُرُورِ بِدِيَارِ الظَّالِمِينَ، وَمَوَاضِعِ الْعَذَابِ، وَمِثْلُهُ الْإِسْرَاعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ هَلَكُوا هُنَاكَ، فَيَنْبَغِي لِلْمَارِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْمُرَاقَبَةُ وَالْخَوْفُ وَالْبُكَاءُ، وَالِاعْتِبَارُ بِهِمْ وَبِمَصَارِعِهِمْ، وَأَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» [12].

 

قَالَ ابْنُ كَثِيْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: « ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بَلَغَ تَبُوكَ، وَلَمَّا انْتَهَى إِلَى هُنَاكَ؛ لَمْ يَلْقَ عَدُوًا، وَرَأَى أَنَّ دُخُولَهُمْ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ هَذِهِ السَّنَةَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، وَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ، وَصَالَحَ -صلى الله عليه وسلم- يَحْنَّةَ بْنَ رُؤْبَةَ صَاحِبَ أَيْلَةَ.

 

وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيْدِ إِلَى أَكَيْدَرٌ دَوْمَةَ -أَيْ دَوْمَةَ الجَنْدَلَ- فَجِيءَ بِهِ فَصَالَحَهُ -أَيْضًا- وَرَدَّهُ. ثُمَّ رَجَعَ -صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ رُجُوعُهُ مِنْ هَذِهِ الغَزْوَةِ فِي رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ.

 

وَأَنْزَلَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فِيْهَا عَامَّةَ سُورَةِ التَّوْبَةِ وَعَاتَبَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ-:﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 120، 121].

 

وَلَمَّا اقْتَرَبَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ المَدِيْنَةِ أَسْرَعَ، وَقَالَ كَمَا فِي «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ» [13] مِنْ حَدِيْثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: « إِنِّي مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ مَعِي وَمَنْ شَاءَ فَلْيَمْكُثْ »، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: « هَذِهِ طَابَةُ وَهَذَا أُحُدٌ وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ».

 

وَخَرَجَ النَّاسُ لِاسْتِقْبَالِ النَّبِيِّ-صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيِّ» [14] مِنْ حَدِيْثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَلَقِيتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ ».

 

وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

قِصَّةُ الثَّلَاثَةِ الَّذِيْنَ خُلِّفُوا

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ، أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ« غَزْوَةُ تَبُوك».

وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ « قِصَّةُِ الثَّلَاثَةِ الَّذِيْنَ خُلِّفُوا ».


وَهَؤُلاَءِ الثَّلَاثَةُ - أَيُّهَا النَّاسُ - هُمْ: مُرَارَةِ بْنُ الرَّبِيْعِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - فَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ» [15]، مِنْ حَدِيْثِ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: « لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهُ، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَقَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ: مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَقَالَ: وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَادِمًا وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ، حَتَّى جِئْتُ.

 

فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللهِ وَاللهِ مَا كَانَ لِي عُذْرٌ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ.

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: « أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ»، فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، لَقَدْ عَجَزْتَ فِي أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَكَ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلَانِ، قَالَا: مِثْلَ مَا قُلْتَ؟ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلَ مَا قِيلَ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعَ الْعَامِرِيُّ، وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، قَالَ: فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ، قَالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي.

 

قَالَ: فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِيَ عَنْ كَلَامِنَا، قَالَ: ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنَّا قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَي عَلَى سَلْعٍ، يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، قَالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَيَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى الْجَبَلَ، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِي بِالتَّوْبَةِ، وَيَقُولُونَ: لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ.

 

قَالَ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ فَقَالَ: لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ.

 

قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -﴿ :لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 117، 118].

 

اللهُمَ حبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.

اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ.

اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، َسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] «الفُصُولُ فِي سِيْرَةِ الرَّسُولِ » لِابْن كَثِيْرٍ (424-243).

[2] انْظُرْ : « صَحِيْحُ السِّيْـرَةِ » (584).

[3] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 2948)، وَمُسْلِمٌ (2769).

[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ » الفَضَائِلُ» ( 62/7 ) وَهُوَ فِي (2778)، عَنْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

[5] رَوَاهُ مُسْلِمٌ (2769).

[6] انْظُرْ : «السِّيْـرَةُ النَّبَوِيَّةُ الصَّحِيْحَةِ » لِلعِمَرِي (531).

[7] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 4416)، وَمُسْلِمٌ (2404).

[8] (صَحِيْحٌ) أَخْرَجَهُ أَحْمَد (4/126-127)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «الصَّحِيْحَةِ» (937).

[9] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3381)، وَمُسْلِمٌ (2980).

[10] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3371)، وَمُسْلِمٌ (2980).

[11] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3379 ).

[12] « شَرْحُ النَّوَوِيُّ عَلَى مُسْلِمٌ » ( 18/111-112).

[13] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3742).

[14] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3082).

[15] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 4418)، وَمُسْلِمٌ (2769) وَقَدْ أَوْرَدتُ الحَدِيْثِ مُخْتَصَرًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة تبوك (1) صور من العسرة
  • غزوة تبوك (2) الآيات والمعجزات
  • غزوة تبوك (3)
  • المسلمون في تبوك
  • الاستعداد لغزوة تبوك
  • غزوتا مؤتة وتبوك

مختارات من الشبكة

  • غزوة تبوك أو العسرة(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة حمراء الأسد والرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وغزوة بني المصطلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة ذات السلاسل وغزوة الخبط(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • غزوة السويق وغزوة ذي أمر(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • غزوة تبوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غزوة تبوك (باللغة البنغالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غزوة تبوك (باللغة النيبالية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: غزوة تبوك (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة تبوك وما فيها من عبر ودروس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/1/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب