• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: شكوى الآباء من استراحات الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: الحج قصة وذكرى وعبرة
    مطيع الظفاري
  •  
    خطبة: الرشد أعظم مطلب
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    السنة في حياة الأمة (1)
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    خطبة: عاشوراء
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    تفسير: (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الدرس التاسع والعشرون فضل ذكر الله
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وبشر الصابرين..
    إلهام الحازمي
  •  
    أشنع جريمة في التاريخ كله
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تحريم الاستعاذة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    البخل سبب في قطع البركة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    نعمة الأولاد (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفات تربوية مع سورة العاديات
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الذكر والدعاء
علامة باركود

وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (خطبة)

وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2023 ميلادي - 1/5/1445 هجري

الزيارات: 11010

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ﴾

 

الحَمْدُ للهِ بارئِ البرياتِ، عالمِ السرِّ والخفِياتِ، رفيعِ الدرجاتِ، خالقِ الأَرْضِ والسَّماواتِ، سبحانهُ وبحمده، هو أهلُ التقوى وأهلُ المغفرةِ، وأَهْلُ الحَمْدِ والمجدِ والمكرُماتِ..

 

وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، باسِطِ الخيراتِ، كثيرِ البركاتِ، واسِعِ الرَّحماتِ، مُجِيبِ الدَّعواتِ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون ﴾ [سورة الشورى:25]..

 

وأشهدُ أن مُحمَّدًا عبدُ اللهُ ورسُولُهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، المؤيّدُ بالآيات والمعجزات، والبراهينَ الساطعاتِ.. ‏يا سيدي: لك أحرفي رتَّلتها ترتيلا.. ‏مرحا لشعرٍ في جَنابك قِيلا.. ‏والشعرُ إن أثنى عليك فإنه.. يا سيدي، ‏سيظلُ مهما قال عنك قليلا.. اللهم صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارك عليهِ، وعلى آله وأصحابهِ أولي السبقِ والمقاماتِ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ، ما دامت الأرضُ والسماوات، وسلَّمَ تسليماً كثيراً..

أمــا بعد: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ﴾ [سورة التغابن:16]..

 

معاشـر المؤمنين الكرام: مهما اشتدت على المسلم المحن والأرزاء، ولئن تكالبَ عليه الأعداء من كل الانحاء، وحتى لو خذله الأقربون والأصدقاء، وحتى لو ضُيِّق عليه الخناق، وقُطع عنه الماءَ والغذاءَ والدواءَ والكهرباء.. وسُدت في وجهه جميعُ السُبلِ والأرجاء.. فسيبقى له بابٌ لا يغلقُ أبداً، إلا وهو بابُ السماء.. بابُ الدعاء.. ملاذُ المظلومين والمضطهدين والضعفاء.. إنه سلاح المؤمن، ويا له من سلاحٍ فتاكٍ مضاء.. وهل دمدمَ على عروش الظلمة إلا الدعاء.. وهل قصمَ ظهورَ الجبابرةِ غير الدعاء.. وهل أهلكَ المجرمين ودمرهم تدميراً إلا الدعاء..

 

أتهزأ بالدعــاء وتزدريه.. وما تدري بما صنعَ الدعاء.. سهامُ الليل لا تخطي ولكن.. لها أمدٌ، وللأمـدِ انقضاء.. كم من دعوةٍ غيَّرَت مجرَى التاريخ، وكم من دعاءٍ قلب الأحوالَ رأساً على عقب، تأمل دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيم ﴾ [سورة البقرة:129].. تأمل أيضاً: ﴿ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون ﴾ [سورة إبراهيم: 37].. ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ﴾ [سورة البقرة: 126]..

 

الدعاءُ سلاحٌ قويٌّ عجيب، يُصِيبُ ولا يَخيب.. أليست الأرض كُلها اُغرقت بالدعاء: ﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [سورة نوح:26]، فاستجاب الله لنبيه، فأغرق الأرض كلها، ولم لا، فهي دعوة مظلوم، ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِر * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِر * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِر * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُر * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِر * وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِر ﴾ [سورة القمر:10-15]..

 

النارُ العظيمة التي قُذِفَ فيها إبراهيمُ عليه السلام، تتحولُ بالدعاء إلى بردٍ وسلام: فلمَّا قال عليه السلام: «حسبىي الله ونعم الوكيل»، قال الله تعالى: ﴿ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيم * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴾ [سورة الأنبياء:69]..


الطاغية المتجبر، الذي استعبدَ الرجال، واستحيا النساء، وقتَّل الأطفال، القائل بكل صلف: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [سورة القصص:38]، والذي: ﴿ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ﴾ [سورة القصص:4]، والذي: ﴿ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُون ﴾ [سورة القصص:39]، والذي: ﴿ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾ [سورة النازعات:22].. ثم ماذا.. دعا عليه كليم الرحمن موسى قائلاً: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيم * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَانّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة يونس:88].. نعم استجاب اللهُ دعاءَ المظلومين: ﴿ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُون * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِين ﴾ [سورة القصص:40]..

 

الكروب العظيمة، والشدائدُ الأليمة، والهموم والغموم كُلها، تُكشفُ وتنجلي بالتضرع والدعاء، تأمل: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُون * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِين * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيم * فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِين * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون ﴾ [سورة الصافات:139-144]، تأمل: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأنبياء:87]..


وهكذا الفتن العظيمة، والابتلاءات الشديدة، إنما تواجه بالتضرع والدعاء، ولنا في نبي الله يوسفَ عليه السلام اسوةٌ حسنة، فحين اشتدت عليه فتنة النساء، تضرع ودعا: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَ صَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [سورة يوسف:33]..


وأيوب عليه السلام لما اشتدَّ عليه المرض تضرع ودعاء: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين ﴾ [سورة الأنبياء:83]..

 

وزكريا عليه السلام، كبرت سنه، ورقَّ عظمه، وشابَ رأسه، ولـمَّا يُرزق بذرية، فلمَّا اشتاق للولد: ﴿ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين ﴾ [سورة الأنبياء:89]..

 

وهكذا المطالبُ العظيمة، والمنازلُ العالية، إنما تنالُ بالتضرع والدعاء: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَاب * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص ﴾ [سورة ص:35]..

 

وهزيمة الأعداء ودحرهم مهما بلغ عددهم وعدتهم، إنما يتحققُ بالتضرع والدعاء: فها هو سيد الخلق وأكرمهم على الله، في يوم بدر الكبرى، يرفع يديه عالياً حتى يسقط ردائهُ عن منكبيه، يتضرعُ صلى الله عليه وسلم ويستغيثُ بربه العظيم: «اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ، اللهم أنجز لي ما وعدتني»، ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِين * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيم ﴾ [سورة الأنفال:9]..

 

ولا يزال المؤمنون يدعون ربهم فيستجيب لهم بفضله وكرمه: و﴿ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِين ﴾ [سورة البقرة:249]..

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين ﴾ [آل عمران: 173-175]..

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى،

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: من فضلِ الله تعالى وعظيمِ رحمته بعبادِه، أن جعلَ دُعاءَهُ عِبادةً من أفضلِ وأجلِّ وأكرمِ العبادات، ففي الحديث الصحيح: «الدعاء هو العبادة».. وفي التنزيل الحكيم، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾ [الفرقان: 77]، بل إن اللهَ جلَّ وعلا يُحِبُّ الدعاء حباً عجيباً، ففي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس شيءٌ أكرمُ على الله من الدعاء"، وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «أعْجزُ الناسِ من عجَزِ عن الدعاءِ، وأبخلُ الناسِ من بخِل بالسلامِ».. بل إنه جلَّ وعلا أمرَ عبادَه بالدعاء أمراً مباشراً، ووعدَ من يدعوه بالإجابة، فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [سورة غافر:60]، وأخبرهم جلَّ علا أنه قريبٌ يسمعُ ندائهم، كريمٌ يجيبُ دعائهم، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [سورة البقرة:186]، بل إنه جلَّ وعلا يغضبُ على من لا يسألُه، ففي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يسألِ اللهَ يغضب عليه».. وفي الحديث الصحيح، تأكيدٌ أنَّ ثمرةَ الدعاءِ مضمونةٌ بإذن الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ»، بل حتى دُعاءَ الكافرِ المضطر، إذا دعا الله بإخلاصٍ فإن الله تعالى يستجيبُ له، كما قال سبحانه: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُون ﴾ [سورة العنكبوت:65]..

 

ثم اعلموا يا عباد الله أن للدعاء آدباً ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، ليكونَ دُعائهُ أقربَ للاستجابة..

 

وأول هذه الآداب وأهمُّها: الإخلاص، فالإخلاصُ هو الاساس، قال تعالى: ﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.. ومن آداب الدعاء: إطابةُ المطعَمِ والمشرب، ففي صحيح مسلم: قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا".. ومن آداب الدعاء: أن يبدأهُ بحمد الله والثناءِ عليه، والصلاةِ والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.. ومن الآداب: تقديم ما أمكنَ من الأعمال الصالحة، كما في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، ومن الآداب: أن يكون الداعي على حالٍ أكمل من الطهارة واستقبالِ القِبلة ومدِّ اليدين ورفعهما وجمعهما، ومن الآداب: حضورُ القلبِ، ففي الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ".. ومن آداب الدعاء: تحري أوقاتِ الإجابة، ومنها سؤالُ الله تعالى بأسمائه الحُسنى المناسبةِ للدعاء المَطلوب؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [سورة الأعراف:180]، ومن آداب الدعاء: تكراره والإلحاحَ فيه، والمداومةِ وعدمِ الاستعجال، فمن أكثرَ قرعَ البابِ يُوشِكُ أن يُفتحَ له، ومن الآداب: أن يدعو بدعاء يونسَ عليه السلام، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعاه وهو في بطن الحوتِ: لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ؛ فإنه لم يَدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ؛ إلا استجاب اللهُ له»، ومن الآداب: أن يختمَ دعائهُ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال أمير المؤمنين عمرُ بنَ الخطابِ رضي الله عنه: "الدُّعَاءُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَصْعَدُ مِنْهُ شَىْءٌ حَتَّى تُصلى عَلَى نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم"...

 

فإذا اجتهد المسلم والتزم بهذه الآداب النبوية، فإن دعاءه لا يكادُ يُردُّ بإذن الله.. فاجتهدوا يا عباد الله في الدعاء، ﴿ وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، ﴿ هُوَ الْحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين ﴾ [سورة غافر:65]، ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُون ﴾ [سورة النمل: 62]..

اللهم بأسمائك الحسنى..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقال ربكم ادعوني أستجب لكم

مختارات من الشبكة

  • الليلة التاسعة: قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقال ربكم ادعوني استجب لكم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ادعوني أستجب لكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ادعوني أستجب لكم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ادعوني أستجب لكم (يوتيوب)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ليس لها من دون الله كاشفة (برنامج: ادعوني أستجب لكم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • برنامج: ادعوني أستجب لكم (أمر ووعد ووعيد)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ادعوني أستجب لكم(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • ادعوني أستجب لكم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير: (وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/1/1447هـ - الساعة: 9:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب