• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

كرم النبي صلى الله عليه وسلم وسخاؤه وعظم عطائه وكثرته

كرم النبي صلى الله عليه وسلم وسخاؤه وعظم عطائه وكثرته
محمد حامد موسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2023 ميلادي - 25/8/1444 هجري

الزيارات: 22014

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كَرَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَخَاؤُه وَعِظَمُ عَطَائِهِ وَكَثرَتُه

 

قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ، قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ القَمَرِ (أَيْ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَيْسَ لِلْقَمَرِ فِيهِ ضَوْءٌ لِيُخْفِيَ شَخْصَه، وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ يَمْشِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَاجَةٌ فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ)، فَالْتَفَتَ فَرَآنِي، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا»، قُلْتُ: أَبُو ذَرٍّ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، تَعَالَهْ» قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً فِي حَرَّةِ المَدِينَةِ (مَكَان مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ مِن الْجَانِبِ الشَّمَالِيِّ مِنْهَا, وَقِيلَ: الْحَرَّةُ: الْأَرْض الَّتِي حِجَارَتُهَا سُود، وَهُوَ يَشْمَلُ جَمِيعَ جِهَاتِ الْمَدِينَة الَّتِي لَا عِمَارَةَ فِيهَا)، فَاسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ عِنْدِي مِثْلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهَبًا، تَمْضِي عَلَيَّ ثَالِثَةٌ (أَيْ: تمرُّ عليَّ ثلاثة أَيْام) وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيْئًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ (أَيْ: جَمِيع وُجُوه الْمَكَارِم وَالْخَيْر)، ثُمَّ مَشَى، فَقَالَ: «إِنَّ المُكْثِرِينَ هُمُ المُقِلُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، فَنَفَحَ فِيهِ (أَيْ: ضَرَبَ يَدَيْهِ فِيهِ بِالْعَطَاءِ) يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ، وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ»...[1].

 

وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَمُوذَجًا فَرِيدًا فِي السَّخَاءِ، فَكَانَ أكثرَ النَّاسِ بذلًا لِمَا يَقدِرُ عَليهِ؛ وَلِذَلكَ يَقَولُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُاللَّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ)[2]، وَهُوَ أَيْضًا مَا يَشْهَدُ بِهِ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ: «مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لَا»[3]، وَقَدْ بَلَغَ مِنْ كَرَمِهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ رُبَّمَا أَخَّرَ الصَّلاةَ حَتَّى يَقْضِيَ لِلسَّائِلِ حاجَتَهُ، يَقَولُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا، وَكَانَ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَدَهُ، وَأَنْجَزَ لَهُ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا بَقِيَ مِنْ حَاجَتِي يَسِيرَةٌ، وَأَخَافُ أَنْسَاهَا، فَقَامَ مَعَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَصَلَّى"[4].

 

كَان صلى الله عليه وسلم يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخَافُ الْفَقْرَ:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ[5]، إِلَّا أَعْطَاهُ»، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، «فَأَمَرَ لَهُ بِشَاءٍ كَثِيرٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ (أَيْ: كَثِيرَةً كَأَنَّهَا تَمْلَأُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْنِ) مِنْ شَاءِ الصَّدَقَةِ»، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً مَا يَخْشَى الْفَاقَةَ (هِيَ الْفَقْرُوالحَاجَةُ)، فَقَالَ أَنَسٌ: «إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلَّا الدُّنْيَا، فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»[6].

 

كَان صلى الله عليه وسلم لا يَرُدُّ سَائِلًا:

فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقَالَ القَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ (كِسَاءٌ يُشْتَمَلُ بِهِ، وَالْاِشْتِمالُ: إِدَارَةُ الثَّوْبِ عَلَى الْجَسَدِ كُلِّهِ)، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا (طَرَفُهَا أَوْ هُدْبُهَا؛ أَيْ: إِنَّهَا جَدِيدَةٌ لَمْ تُقْطَعْ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ لَمْ يَتَقَطَّعْ هُدْبُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ)، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ، فَجَسَّهَا (فَمَسَّهَا بِيَدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: (فَحَسَّنَهَا) وَصَفَهَا بِالحُسْنِ) رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْسُنِيهَا، قَالَ: «نَعَمْ»، فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَلامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لا يَرُدُّ سَائِلًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ، مَا سَأَلْتُهَا إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ[7].

 

عَدَم ادِّخَارِهِ صلى الله عليه وسلم شيئًا مِنَ المَالِ يَزِيدُ عَنْ حَاجَتِهِ وَشَفَقَته أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ:

مَوقِفُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما:

فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سَاهِمُ الْوَجْهِ، قَالَتْ: فَحَسِبْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجَعٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَاكَ سَاهِمَ الْوَجْهِ، أَفَمِنْ وَجَعٍ؟ فَقَالَ: «لَا؛ وَلَكِنَّ الدَّنَانِيرَ السَّبْعَةَ الَّتِي أُتِينَا بِهَا أَمْسِ، أَمْسَيْنَا وَلَمْ نُنْفِقْهَا، نَسِيتُهَا فِي خُصْمِ (أَيْ: طرف أو جَانِب) الْفِرَاشِ»[8].

 

وَمِثلُ ذَلِكَ وَرَدَ أَيضًا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ حَيثُ قَالَتْ: أَمَرَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِذَهَبٍ كَانَتْ عِنْدَنَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَتْ: فَأَفَاقَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، مَا فَعَلَتْ تِلْكَ الذَّهَبُ»؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: هِيَ عِنْدِي، لَقَدْ شَغَلَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْكَ، فقَالَ: «ائْتِنِي بِهَا» قَالَتْ: فَجِئْتُ بِهَا، فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ سَبْعَةَ، أَوْ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ [شَك الراوي]، فَجَعَلَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ، وَيَقُولُ: «مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ أَنْ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذِهِ عِنْدَهُ، وَمَا تُبْقِي هَذِهِ مِنْ مُحَمَّدٍ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهَذِهِ عِنْدَهُ، أَنْفِقِيهَا»[9].

 

مَوقِفُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ رضي الله عنه:

وَيَحْكِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ لُحَيٍّ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مِنْ شَيْءٍ (مِنَ المَالِ مرصد للنَّفَقَةِ وَلا كَانَ يدَّخِرُ شَيئًا لَهَا وَلَا لِغَيرِهَا)، وَكُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ (أَيْ: النَّفَقةَ) مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَارِيًا (أَيْ: يحتاجُ إلى كُسوةٍ)، يَأْمُرُنِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَقْرِضُ، فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ (هي الشملة المُخطَّطة، وقيل: كساء أسود مربَّع، وفيه صِغَر تلبسه الأعراب) أَوِ النَّمِرَةَ، فَأَكْسُوهُ، وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ، إِنَّ عِنْدِي سَعَةً (أَيْ: غِنًى ومالًا يَفيضُ عَن حَاجَتِي)، فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ (أَيْ: استقرَضْتُ مِنِ ذَلك المُشْرِكِ)، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ، تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ قُمْتُ أُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ فِي عِصَابَةٍ (أَيْ: في جماعةٍ) مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا لَبَّيَهُ (مِنَ التَّلْبِيَةِ وَهُوَ الإِجَابَةِ)، فَتَجَهَّمَنِي (أَيْ: لَقِيَنِي بِغِلظةِ لَفظٍ وَوَجهٍ كَرِيهٍ)، وَقَالَ لِي قَوْلًا غَلِيظًا (أَيْ: بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ وَارتفاعِ صَوْتٍ)، وَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ (أَيْ: بَينَ آخرِ الشَّهْرِ)؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ لِي: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي عَلَيْكَ (أَيْ: أَتَمَلَّكُكَ بِهِ)، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ عَلَيَّ، وَلَا كَرَامَةِ صَاحِبِكَ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لِتَجِبَ لِي عَبْدًا، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ فِي نَفْسِي (أَيْ: مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ) مَا يَأْخُذُ النَّاسُ، فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ (أَيْ: صلاةَ العِشاءِ) رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي (أَيْ: فِداكَ أبي وأُمِّي)، إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ أَنِّي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ (أَيْ: أَسْتَدِينُ وَأَسْتَقْرِضُ) قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي (بَيْنَ المَلأِ)، فَأْذَنْ لِي أَنُوءُ (أَيْ: أَذْهَبُ وَأَبتَعِدُ) إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ (جَمْع حَيٍّ، وَهِي الْقَبِيلَةُ مِنَ الْعَرَبِ) الَّذِينَ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شِئْتَ اعْتَمَدْتَ»، قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى آتِيَ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجَعْبَتِي وَمِجَنِّي (هو: التُّرْسُ الَّذي يُوقِي مِنْ ضَرَباتِ السَّيْفِ) وَنَعْلِي عِنْدَ رَأْسِي، وَاسْتَقْبَلْتُ بِوَجْهِي الْأُفُقَ، فَكُلَّمَا نِمْتُ سَاعَةً اسْتَنْبَهْتُ، فَإِذَا رَأَيْتُ عَلَيَّ لَيْلًا نِمْتُ حَتَّى أَسْفَرَ الصُّبْحُ الْأَوَّلُ، أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى (أَيْ: يَعْدُو عَلى رِجْلَيْهِ) يَدْعُو: يَا بِلَالُ، أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ (جَمْعُ رَكوبَةٍ، وَهِي النَّاقَةُ الَّتِي تُرْكَبُ) مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ (أَيْ: بِمَا تَقْضِي وتُسدِّدُ بِهِ دَيْنَكَ)»، فَحَمِدْتُ اللَّهَ، وَقَالَ: «أَلَمْ تَمرَّ عَلَى الرَّكَائِبِ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعِ؟»، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: «إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ، وَمَا عَلَيْهِنَّ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ (اسْمُ قَرْيَةٍ بِخَيْبَر بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ)، فَاقْبِضْهُنَّ، ثُمَّ اقْضِ دَيْنَكَ» قَالَ: فَفَعَلْتُ، فَحَطَطْتُ عَنْهُنَّ أَحْمَالَهُنَّ، ثُمَّ عَقَلْتُهُنَّ، ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى تَأْذِينِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ لِلْبَقِيعِ، فَجَعَلْتُ أُصْبُعَيَّ فِي أُذُنِي، فَنَادَيْتُ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنًا فَلْيَحْضُرْ، فَمَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَقْضِي، وَأَعْرِضُ فَأَقْضِي، حَتَّى إِذَا فَضَلَ فِي يَدَيَّ أُوقِيَّتَانِ أَوْ أُوقِيَّةٌ وَنِصْفٌ، انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَدْ ذَهَبَ عَامَّةُ النَّهَارِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ (أَيْ: هل قَضَى المالُ الدَّيْنَ)؟»، فَقُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ (أَيْ: لم يَبْقَ عليه مِنَ الدَّينِ شيءٌ)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَضَلَ (أَيْ: هل بَقِيَ وفَضَلَ مِنَ المالِ بعد استيفاءِ الدَّيْنِ) شَيْءٌ؟»، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُ، فَإِنِّي لَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْهُ»، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ: «مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟»، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَظَلَّ فِي الْمَسْجِدِ الْيَوْمَ الثَّانِي، حَتَّى كَانَ فِي آخِرِ النَّهَارِ جَاءَ رَاكِبَانِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِمَا فَكَسَوْتُهُمَا وَأَطْعَمْتُهُمَا، حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟»، فَقُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللَّهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (أَيْ: أنفقْتُه كُلَّه في سبيلِ اللهِ)، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ شَفَقًا أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ، فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ[10].

 

إنْفَاقُهُ صلى الله عليه وسلم كُلَّ مَا جَاءَهُ مِنْ مَالٍ وَلَمْ يُبْقِ لِنَفْسِهِ مِنْهُ شَيْئًا:

فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ (مِنَ الخَراجِ المفروضِ على مَجوسِ هَجَر، وهي بلدةٌ مِن بلادِ البَحرينِ)، فَقَالَ: «انْثُرُوهُ (أَيْ: صُبوهُ) فِي المَسْجِدِ» وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلاةِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ (إشارةً منه وبيانًا لأصحابِه رضي الله عنهم أنَّ المالَ لا يُهتَمُّ له، ولا يَشغَلُ عن الصَّلاةِ والدِّينِ)، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يَرَى أَحَدًا إِلَّا أَعْطَاهُ (فِيه: دَلالَةٌ عَلَى كَثْرَةِ إعْطَائِهِ، وَعُلُوِّ كَرَمِهِ، وَزُهْدِهِ)، إِذْ جَاءَهُ العَبَّاسُ (وَهُوَ عَمُّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي، فَإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا (يَقصِدُ أنَّه دَفَع الفِديةَ لِنفْسِهِ وَلِابنِ أَخِيهِ عَقيلِ بنِ أبي طالبٍ عندَما كانوا أَسْرى يومَ بَدْرٍ، يُريدُ بذلك أن يُعوِّضَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمَّا فَقَدَه مِن مالٍ)، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْ» فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ (الحَثْو وَالْحَثْي: الْاغْتِرَافُ بِمِلْءِ الْكَفَّيْنِ، وَإِلْقَاءُ مَا فِيهِمَا)، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ (أَيْ: يَرْفَعُهُ وَيَحْمِلُهُ) فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ (حتَّى يَستطيعَ حمْلَه)، قَالَ: «لا» قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: «لا» فَنَثَرَ مِنْهُ (أَيْ: رَمى منه العبَّاسُ جُزءًا؛ حتَّى يَستطيعَ حمْلَه)، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ، فَلَمْ يَرْفَعْهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اؤْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ: «لا» قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: «لا» فَنَثَرَ مِنْهُ (أَيْ: وضَعَ منه العبَّاسُ جُزءًا آخَرَ)، ثُمَّ احْتَمَلَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى كَاهِلِهِ (أَيْ: بَيْنَ كَتِفَيْهِ)، ثُمَّ انْطَلَقَ[11]، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا - عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ (تعجُّبًا مِن حِرْصِه على المالِ)- فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ (أَيْ: وزَّعَ جَميعَ الأموالِ، ولم يَبْقَ منها دِرهمٌ لِنَفْسِهِ)[12].

 

كَرَمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُواسَاتُه الضَّيْفَان:

عَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ (الوَافِدِ: رَسُولُ القَوْم)- أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ (جَدُّ صَبِرَةَ)- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُصَادِفْهُ (أَيْ: لم نَجِدْه) فِي مَنْزِلِهِ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ: فَأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ (وهي لَحمٌ يقطَّع صِغارًا ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ الكثيرُ، فإذا نَضِج ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ، وقيل: هي حساءٌ مِن دقيقٍ ودَسَمٍ) فَصُنِعَتْ لَنَا، قَالَ: وَأُتِينَا بِقِنَاعٍ ( وَالْقِنَاعُ: الطَّبَقُ فِيهِ تَمْرٌ) ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَلَّعُ (أَيْ: يَمْشِي سَرِيعًا) فَقَالَ: «هَلْ أَصَبْتُمْ شَيْئًا؟ أَوْ أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ؟ (يَعْنِي: هل أُطعِمْتم أو أُمِر لَكُم بطعام؟)» قَال: قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ، إِذْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ (حَيْثُ تَأوِي إِلَيْهِ الْإِبِل وَالْغَنَم بِاللَّيْلِ)، وَمَعَهُ سَخْلَةٌ (وَلَدُ الشَّاةِ مِن المَعْزِ والضَّأْنِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا كَانَ أو أُنثَى) تَيْعَرُ (صوتُ الغَنَمِ أو المَعْزِ، أو الشَّدِيدُ مِن أصواتِ الشَّاءِ)، فَقَالَ: «مَا وَلَّدْتَ يَا فُلَانُ؟»، قَالَ: بَهْمَةً (هِيَ الصَّغِيرُ مِن وَلَدِ الغَنَمِ ذَكَرًا كَانَ أو أُنثَى، وهِيَ هُنا أُنثَى)، قَالَ: «فَاذْبَحْ لَنَا مَكَانَهَا شَاةً»، ثُمَّ قَالَ: «لَا تَحْسِبَنَّ- وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ- أَنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، فَإِذَا وَلَّدَ الرَّاعِي بَهْمَةً، ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً[13] (إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَشْعُرَ الضَّيْفُ أَنَّه تَكَلَّفَ لَهُ فِي الضِّيَافَةِ فَيَرْفُضُ)» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا - يَعْنِي الْبَذَاءَ (الْفُحْش فِي الْقَوْلِ)- قَالَ: «فَطَلِّقْهَا إِذًا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ، قَالَ: «فَمُرْهَا- يَقُولُ: عِظْهَا- فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلُ (أَيْ: انْصَحْها أَنْ تُطِيعَكَ ولا تَعصِيَكَ فِي معروفٍ؛ فرُبَّما لانَ قلبُها فتَسْمَعُ لك وتَقبَلُ مِنكَ إِذَا كَانَ بِهَا خيرٌ)، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ (أَيْ: لَا تَضرِبِ امرأتَك مِثْلَ ضربِكَ الأَمَةَ)[14]» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ (أَيْ: أَعْطِ كلَّ عُضْوٍ حقَّه مِن الماء)، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ (أَيْ: فرِّق بينَ أصابعِ اليدَيْن والرِّجْلَيْن ليتخلَّلَها الماءُ فيما بينَها)، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا (أَيْ: وبالِغ فِي إيصالِ الماء إِلَى أعلَى الأنفِ والخَياشِيمِ، إِلَّا أن تكونَ صائمًا، خوفًا مِن أن يَصِلَ الماءُ إِلَى الجَوفِ فيتسبَّبُ فِي الفِطرِ)» [15].

 

كَثْرَةٌ إعْطَائِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤَلِّفَةَ قُلُوبُهُمْ فِي غزْوَةِ حُنَيْن:

فَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الْفَتْحِ؛ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ (هو وادٍ بيْنَ مكَّةَ والطَّائفِ)، فَنَصَرَ اللهُ دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ (وأخَذوا غَنائمَ المشْرِكين) وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ[16] مِائَةً مِنَ النَّعَمِ (أيِ: الإِبلِ) ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً (فَكَمَّل له ثلاثَ مائةٍ)» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ: «وَاللهِ لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَانِي، وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ»[17].

 

إِعْطَاؤهُ صلى الله عليه وسلم حَاضِنَتهُ أُمَّ أَيْمَنٍ رضي الله عنها عَشْرَةَ أَضْعَافِ مَا كَانَ لَهَا:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ، قَدِمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ (يَعْنِي: وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِم مَال), وَكَانَ الْأَنْصَارُ أَهْلَ الْأَرْضِ وَالعَقَارِ (أَرَادَ بِالْعَقَارِ هُنَا النَّخْلَ)، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ أَنْصَافَ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ (أَيْ: قَاسَمَ الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ..وَالْمَقْصُودُ الْمُقاسَمَةَ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ)، وَيَكْفُوهُمُ العَمَلَ وَالمَئُونَةَ (فِي الزِّراعَةِ مِنَ السَّقْي وَغَيْرِهِ)، وَأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخلَاتِ مِنْ أَرْضِهِ (أَيْ: يُخصِّصُها له؛ ليَأخُذَ ثِمارَها، وهذا مِن بابِ الهَديَّةِ) حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ أَعْطَاهُ، وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ تُدْعَى أُمَّ سُلَيْمٍ، وَكَانَتْ أُمُّ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، كَانَ أَخًا لِأَنَسٍ لِأُمِّهِ، وَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِذَاقًا لَهَا (جمْعُ عِذْقٍ، وهو الذي يكونُ فيه التَّمْرُ مِن النَّخلةِ، والمرادُ بها هنا النَّخلةُ نفْسُها وتَمْرُها)، فَأَعْطَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ، مَوْلَاتَهُ، أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (أَيْ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَى الَّذِي أُعْطِي لَهُ مِنَ النَّخلاتِ لأُمِّ أَيْمَنَ، وَهِي حَاضِنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَاسْمُهَا بَركَة). قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ، وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ (المَنِيحَة وَالْمِنْحَة: الْعَطِيَّة) الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلهُ (أَطْلُبُ مِنْه أَنْ يَرُدَّ عَلَيهِمْ) مَا كَانَ أَعْطَاهُ أَوْ بَعْضَهُ (أَيْ: النَّخل الَّذِي كَانَ الْأَنْصَار قَدْ أَعْطوهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلُ)، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي (أَيْ: شَدَّتْ ثَوْبَهُ مِنْ عُنُقِهِ)، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا يُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهُنَّ (ظَنَّتْ أُمُّ أَيْمَنَ أَنَّ النَّخلَاتِ الْمَمْنُوحَةَ لَهَا كَانَتْ هِبَةً مُؤَبَّدَةً وَتَمْلِيكًا لِأُصُولِهَا؛ فَفَعَلَتْ مَعَ أَنْسٍ رضي الله عنه مَا فَعَلَتْ)، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ أَيْمَنَ، اتْرُكِي وَلَكِ كَذَا وَكَذَا (كِنَايَةٌ عَنْ نَخْلَاتٍ مُمَاثِلَةٍ عَرْضَهَا فِي مَكَانِ آخر)»، فَتَقُولُ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَكِ كَذَا» وَتَقُولُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أَمْثَالِهِ. قَالَ: فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ[18].

 

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيسَ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ يَعِدُ جَابِرًا أَنْ يُعْطِيَه مَا يَمْلَأُ كَفَّيْهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ مَالًا:

فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ (هُوَ مَال الْجِزْيَة) لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» وَقَالَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات (يَعني: مِلْءَ كَفَّيْه ثَلاثَ مرَّاتٍ)، فَقُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ، فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَهُ (أَيْ: مَالُ الْبَحْرَيْنِ)، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِ (أَيْ: مَن كانَ لهُ عِندَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَينٌ أو وَعْدٌ بمالٍ، فلْيَأتِنا كيْ نُوفِيَهِ حَقَّه)، فَقُمْتُ (أَيْ: قَالَ جَابِرٌ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِي بِكْرٍ) فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا (كِنايةٌ عمَّا وَعَدَه به رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)» فَحَثَى أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً (الحَثْيَةُ: هيَ ما يَملأُ الكَفَّينِ)، ثُمَّ قَالَ لِي: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ، فَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا (يَعْنِي: خُذْ مَعَهَا مِثْلَيهَا فَيَكُونُ الْجَمِيعُ ألْفًا وَخَمْسمِائَة؛ لِأَنَّ لَهُ ثَلاثَ حَثيَاتٍ، كما وَعَدَهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)"[19].



[1] رواه البخاري (2388، 6444،...)، ومسلم (94) وغيرهما، وانظر: فتح الباري لابن حجر (11 / 262) وشرح النووي (7/ 76) قال النووي: الْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْأَوَّلِ الْمَالُ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ ﴾ [العاديات: 8]؛ أَي: الْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الثَّانِي: طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى.

[2] رواه البخاري (1902، 2820،...)، ومسلم (2307، 2308) وغيرهما.

[3] رواه البخاري (6034)، ومسلم (2311) وغيرهما، وقوله: "لا" قال السندي: بيان لكمال جوده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي: لم يكن من دَأْبه ألَّا يعطي ويمتنع عن الإعطاء؛ لما جُبِلَ عليه من كمال الكرم. نعم إن لم يوجد الشيء عنده يذكر للسائل حقيقة الحال أحيانًا، ويذكر له أنه لو كان عندنا لأعطيناك؛ انظر حاشية مسند الإمام أحمد بن حنبل (22/ 199).

[4] رواه البخاري في الأدب المفرد (278)، وقال الألباني: حسن - صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد (212).

[5] أي ما سئل في مقابل الإسلام مالًا إلا أعطاه؛ تأليفًا لقلوب الضعفاء، الذين يهمهم المال فوق أي شيء، وقد كان يعلم -بعلم من الله- أن هذا الذي يُعطى من أجل أن يسلم سيشرح الله صدره للإسلام بعد أن يُسْلِم، وهذا معنى قول أنس في الرواية الثالثة "إن كان الرجل ليسلم، ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها"؛ أي: فما يلبث بعد إسلامه إلا يسيرًا، حتى يكون الإسلام أحب إليه، والمراد أنه يظهر الإسلام أولًا للدنيا، لا بقصد صحيح بقلبه، ثم من بركة النبي صلى الله عليه وسلم، ونور الإسلام، لا يلبث إلا قليلًا، وينشرح صدره بحقيقة الإيمان، ويتمكن من قلبه، فيكون حينئذٍ أحَبَّ إليه من الدنيا وما فيها؛ فتح المنعم (9/ 152).

[6] رواه مسلم (2312)، وأحمد (12051، 13730، 14029) وغيرهما، وانظر: شرح النووي (15/ 72).

[7] القصة جمع بين روايات البخاري (1277،2093، 5810، 6036) وغيره.

[8] رواه أحمد (26672), وقال شعيب الأرناؤوط ومحققو المسند: إسناده صحيح.

[9] القصة جمع بين روايات ابن حبان (715، 3212) وأحمد (24222، 24560، 25492), وقال شعيب الأرناؤوط ومحققو المسند: حديث صحيح، إسناده حسن. قال السندي: قوله: "وما تبقي": من الإبقاء؛ أي: أي شيء تبقي، أو لا تبقي شيئًا هذه الدنانير من محمد؛ أي: من قدره وشرفه، استعظامًا لضرر حبس الدَّنانير.

[10] رواه أبو داود (3055) وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (3055)، ورواه ابن حبان (6351)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح والرواية المثبته منهما جميعًا، وانظر: شرح المعاني [شرح سنن أبي داود لابن رسلان (13/ 165- 175)، وكذلك بذل المجهود في حل سنن أبي داود للسهارنفوري (10/ 284- 289)].

[11] قال بدر الدين العيني: (فَإِن قلت) كَيفَ مَا أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بإعانته فِي الرّفْع وَلَا أَعَانَهُ بِنَفسِهِ (قلت) زجرا لَهُ عَن الاستكثار من المَال وَأَن لَا يَأْخُذ إِلَّا قدر حَاجته أَو لينبهه على أَن أحدا لَا يحمل عَن أحدٍ شَيْئا..عمدة القاري (4/ 161)

[12] رواه البخاري (421، 3165) وغيره، وانظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح (5/ 433).

[13] أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّا لَمْ نَتَكَلَّفْ لَكُمْ بِالذَّبْحِ لِئَلَّا يَمْتَنِعُوا مِنَّا وَلِيَبْرَأَ مِنَ التَّعَجُّبِ وَالِاعْتِدَادِ عَلَى الضَّيْفِ (أَنْ تَزِيدَ) عَلَى الْمِائَةِ فَتَكْثُرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَافٍ لِإِنْجَاحِ حَاجَتِي (ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً) وَقَدِ اسْتَمَرُّوا بِي عَلَى هَذَا، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَمَرْنَاهَا بِالذَّبْحِ، فَلَا تَظُنُّوا بِي أَنِّي أَتَكَلَّفُ لَكُمْ، وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّبْحِ اعْتَذَرُوا إليه، وقالوا: لَا تَتَكَلَّفُوا لَنَا، فَأَجَابَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «لَا تَحْسِبَنَّ» هَذَا مَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْوَاقِعَةِ؛ انظر: عون المعبود (1/ 165).

[14] قال السندي: وَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ لِإِبَاحَةِ ضَرْبِ الْمَمَالِيكِ؛ بَلْ لِأَنَّهُ جَرَى بِهِ عَادَتُهُمْ؛ حاشية المسند (1/ 612).

[15] رواه أبو داود (142)، وقال الألباني: صحيح؛ انظر: صحيح سنن أبي داود (142)، وأحمد (16384) وقال شعيب الأرناؤوط ومحققو المسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وانظر في شرحه: عون المعبود (1/ 164- 165).

[16] كَانَتْ غَنِيمَةُ حنينٍ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ألْفًا مِنَ الْإِبِلِ، وَأَرْبَعِينَ ألْفًا مِنَ الْغَنَمِ، وكان صَفوانُ أحدَ العشَرةِ الَّذين انْتَهى إليهم شَرفُ الجاهليَّةِ، وهَرَب يوْمَ فَتحِ مكَّةَ، وأسلَمَتِ امرأتُه فاخِتةُ بنتُ الوليدِ بنِ المغيرةِ، فأحضَرَ له ابنُ عَمِّه عُمَيرُ بنُ وَهبٍ أمانًا مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فحَضَر وَقْعةَ حُنَينٍ قبْلَ أنْ يُسلِمَ، وإنَّما أعطاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا المالَ لِما يَرْجوه مِن الخيرِ لهذا المشْركِ -إنْ أسلَمَ- ولِمَن وَراءه لِيُسلِموا؛ كَمَا أَعْطَى بَعْضَ كُبراءِ قُرَيْشٍ، قَرِيبِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ، فَأَعْطَى أَبَا سُفْيانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَة، وَأَعْطَى عيينة بْنَ حِصْنٍ مِائَة، وَأَعْطَى مَالكَ بْنَ عَوْفٍ مِائَة، وَأَعْطَى الْأقْرَعَ بْنَ حَابَسٍ مِائَة، وَأَعْطَى عَلْقَمَةَ بْنَ علاثة مِائَة، وَأعْطَى الْعَبَّاسَ بْنَ مرداسٍ مِائَة؛ ولذلك لَمَّا أخَذَ صَفوانُ هذه الإبلَ حَلَفَ باللهِ أنَّه صلى الله عليه وسلم حِين أَعطاه ما أَعطاهُ مِن المالِ، كانَ أَبغَضَ النَّاسِ إلى صَفوانَ، فَما بَرِحَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعطيهِ مرَّةً بعْدَ مرَّةٍ حتَّى إِنَّه أصبَحَ أَحَبَّ النَّاسِ إلى صَفوانَ؛ انظر: فتح المنعم (9/152)، والإصابة (3/350).

[17] رواه مسلم (2313) وغيره.

[18] رواه البخاري (2630، 4120)، ومسلم (1771)، وأحمد (13291) وغيرهم، وانظر: فتح المنعم (7/ 200-202) وعمدة القاري (13/185-187) والفتح الرباني (22/ 429).

[19] رواه البخاري (2297، 3137، 3164، 4383)، ومسلم (2314)، وأحمد (14301) وغيرهم، وانظر: فتح المنعم (9/ 153).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الخلال النبوية (11) كرم النبي صلى الله عليه وسلم
  • نماذج من كرم النبي صلى الله عليه وسلم وجوده
  • من كرم النبي صلى الله عليه وسلم

مختارات من الشبكة

  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الله تعالى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • خطبة كرم النبي صلى الله عليه وسلم(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه يوم وليلة الجمعة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله همه وغفر له ذنبه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • هل من خصائص النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنه لا يورث دون غيره من الأنبياء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أكثرهم صلاة عليه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الكرم من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صور من رحمة النبي صلى الله عليه وسلم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب