• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أفشوا السلام
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    السهر وإضعاف العبودية لله (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطورة إنكار البعث (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    مسألة تلبس الجان بالإنسان
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: المثلية والشذوذ عند الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    المعتزلة الجدد وتأويل النص القرآني
    د. محمد عبدالفتاح عمار
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    صلوا عليه وسلموا تسليما
    بكر البعداني
  •  
    بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    حقوق اليتيم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    الحافظ الدارقطني (ت 385 هـ) وكتاباه «الإلزامات» ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    حديث: أن رجلا ظاهر من امرأته، ثم وقع عليها
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية ...
    د. حسام الدين السامرائي
  •  
    خطبة: الشهود يوم القيامة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    كيف تترك التدخين؟
    حمد بن بكر العليان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

خبر عمرو بن عبسة رضي الله عنه

خبر عمرو بن عبسة رضي الله عنه
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/9/2020 ميلادي - 6/2/1442 هجري

الزيارات: 25155

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأحاديث الطوال (20)

خبر عمرو بن عبسة رضي الله عنه

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ هِدَايَةٌ لِلْمُهْتَدِينَ، وَإِرْشَادٌ لِلْمُسْتَرْشِدِينَ، وَعِلْمٌ لِلْمُتَعَلِّمِينَ، وَالْعِلْمُ بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَنْفَعُهَا لِلْعَبْدِ، أَمَّا شَرَفُهَا فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةِ مُرَادِهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَمَّا مَنْفَعَتُهَا لِلْعَبْدِ فَلِأَنَّ فِي الْعِلْمِ بِهَا صَلَاحَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَفَوْزَهُ فِي أُخْرَاهُ؛ فَالْمُؤْمِنُ لَنْ يَعْرِفَ دِينَهُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَكَانَتْ مُدَارَسَتُهُمَا حَتْمًا لَازِمًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِيَأْخُذَ حَظَّهُ مِنْهُمَا.

 

وَهَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ شَرِيفٌ طَوِيلٌ يَحْكِي قِصَّةَ إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي تَقَدَّمُ إِسْلَامُهُ جِدًّا؛ إِذْ وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ، وَآمَنَ بِهِ، وَعَزَمَ عَلَى الْبَقَاءِ مَعَهُ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَافَ عَلَيْهِ بَطْشَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا ظَهَرَ أَمْرُهُ هَاجَرَ إِلَيْهِ، وَكَانَ ذَا عَقْلٍ رَاجِحٍ، وَسُؤَالٍ نَاجِحٍ، كَمَا يَظْهَرُ مِنْ حِوَارِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنْتُ وَأَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا، فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِيًا، جُرَءَاءُ عَلَيْهِ قَوْمُهُ، فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا نَبِيٌّ، فَقُلْتُ: وَمَا نَبِيٌّ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي اللَّهُ، فَقُلْتُ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسَلَكَ، قَالَ: أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الْأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ، قُلْتُ لَهُ: فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ، قَالَ: وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي مُتَّبِعُكَ، قَالَ: إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا، أَلَا تَرَى حَالِي وَحَالَ النَّاسِ، وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ فَأْتِنِي، قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَى أَهْلِي، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَكُنْتُ فِي أَهْلِي فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّرُ الْأَخْبَارَ، وَأَسْأَلُ النَّاسَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيَّ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةَ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي قَدِمَ الْمَدِينَةَ؟ فَقَالُوا: النَّاسُ إِلَيْهِ سِرَاعٌ، وَقَدْ أَرَادَ قَوْمُهُ قَتْلَهُ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا ذَلِكَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،‍ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ، قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُهُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ، قَالَ: صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَالْوُضُوءَ حَدِّثْنِي عَنْهُ، قَالَ: مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. فَحَدَّثَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا أُمَامَةَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ: يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ، انْظُرْ مَا تَقُولُ! فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَبَا أُمَامَةَ، لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، مَا حَدَّثْتُ بِهِ أَبَدًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ: سَلَامَةُ فِطْرَةِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمْ تَتَلَوَّثْ بِأَوْضَارِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَلِذَا قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنْتُ وَأَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ» وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمُحَافَظَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى فِطْرَتِهِ السَّوِيَّةِ تَجْعَلُهُ يَرْفُضُ مَا يُخَالِفُ الْفِطْرَةَ مِنَ الْمُعْتَقَدَاتِ الْبَاطِلَةِ؛ كَالشِّرْكِ وَالتَّعَلُّقِ بِالْمَخْلُوقِينَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرْفُضُ الشَّعَائِرَ الْمُخْتَرَعَةَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ الدِّيَانَاتِ وَالْمَذَاهِبِ الْبِدْعِيَّةِ، وَتَجْعَلُهُ يَرْفُضُ الْأَخْلَاقَ الرَّدِيئَةَ؛ كَالتَّفَسُّخِ وَالْعُرْيِ وَالِانْحِلَالِ وَلَوْ كَثُرَ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِيهَا؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْمُرَبِّينَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْفِطَرِ السَّوِيَّةِ لِلْأَطْفَالِ، وَتَغْذِيَتُهَا بِالْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ.

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ: أَهَمِّيَّةُ صِلَةِ الرَّحِمِ؛ إِذْ قُرِنَتْ مَعَ التَّوْحِيدِ، وَجَاءَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ سَأَلَ عَمْرٌو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «وَبِأَيِ شَيْءٍ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الْأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ».

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْحَلَةِ الْمَكِّيَّةِ -وَهِيَ أَطْوَلُ الْمَرْحَلَتَيْنِ- قَدْ أُوذِيَ فِي اللَّهِ تَعَالَى أَذًى شَدِيدًا هُوَ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَخَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَمْرٍو أَذَى الْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى قَوْمِهِ حَتَّى يَظْهَرَ الْإِسْلَامُ فَفَعَلَ. فَأَهْلُ الْحَقِّ لَا بُدَّ أَنْ يَنَالَهُمْ الْأَذَى بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَتِلْكَ جَادَّةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَجَادَّةُ أَتْبَاعِهِمْ عَبْرَ التَّارِيخِ ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 2- 3].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ، وَالثَّبَاتَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَكْشِفُ هَذَا الْحَدِيثُ حِرْصَ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَظَلَّ يَتَتَبَّعُ أَخْبَارَهُ حَتَّى بَلَغَهُ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَطَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ أُمُورَ دِينِهِ؛ فَعَلَّمَهُ الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ، وَنَهَاهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَبَيَّنَ لَهُ فَضْلَ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، وَكَيْفَ يُكَفِّرُ الْخَطَايَا.

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ: فَضْلُ الصَّلَاةِ وَالْخُشُوعِ فِيهَا، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حُطَّتْ ذُنُوبُهُ كُلُّهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ، إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

 

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ: تَثَبُّتُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَقْطَعُ أَلْسُنَ الْمُشَكِّكِينَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ جَانِبَيْنِ: جَانِبِ أَبِي أُمَامَةَ وَجَانِبِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: فَأَمَّا أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ لِعَمْرٍو بَعْدَ حَدِيثِهِ فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ: «يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ، انْظُرْ مَا تَقُولُ!! فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ يُعْطَى هَذَا الرَّجُلُ؟!» فَأَرَادَ التَّثَبُّتَ وَالتَّأَكُّدَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ عَمْرٌو: «يَا أَبَا أُمَامَةَ، لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَرَقَّ عَظْمِي، وَاقْتَرَبَ أَجَلِي، وَمَا بِي حَاجَةٌ أَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى عَدَّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، مَا حَدَّثْتُ بِهِ أَبَدًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ». فَعَمْرٌو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ مَرَّاتٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَ بِهِ أَبَدًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَسْمَعُونَ الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّاتٍ عِدَّةً، فَيُحَدِّثُونَ بِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ مَنْ تَلَقَّوُا الْعِلْمَ عَنْهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَطْمَئِنُّوا إِلَى أَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ الْإِسْلَامُ مِنْ سُنَّةِ خَيْرِ الْأَنَامِ وَحَيٌّ مَحْفُوظٌ كَالْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِتَشْكِيكِ الْمُشَكِّكِينَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ خَلْعَ النَّاسِ مِنْ دِينِهِمْ بِهَذَا التَّشْكِيكِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 9]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ».

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأحاديث الطوال (9) قصة البيت والحج
  • الأحاديث الطوال (10) في بيت النبوة (1)
  • الأحاديث الطوال (11) في بيت النبوة (2)
  • الأحاديث الطوال (13) حديث الهجرة
  • الأحاديث الطوال (15) حديث الرؤيا
  • الأحاديث الطوال (18) حديث الطاعون

مختارات من الشبكة

  • تراجم: المأمون – عبدالحميد الكاتب – عبدالله بن معاوية – طارق بن زياد – الأحنف بن قيس - عمرو بن العاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من كرامات عباد بن بشر وأسيد بن حضير والطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • سالم بن عبد الله بن عمر رحمه الله وأثره في الجانب الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإمام أبو عمرو البصري وقراءته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة أبو جابر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سيرة عبدالله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • السيرة النبوية للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • مخطوطة حديث محمد بن عبدالله بن المثنى بن أنس بن مالك الأنصاري عن شيوخه(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/1/1447هـ - الساعة: 15:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب