• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أهمية العمل وضرورته
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    تفسير: (قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تخريج حديث: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

خطبة: الصلاة والرزق

خطبة: الصلاة والرزق
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/10/2019 ميلادي - 2/3/1441 هجري

الزيارات: 60475

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عمود الإسلام (17)

الصلاة والرزق

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ، الرَّزَّاقِ الْكَرِيمِ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ فَكَفَاهُمْ وَأَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ، وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَاهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، نَحْمَدُهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ، وَجَزِيلِ عَطَائِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَمَرَ عِبَادَهُ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ تَرْكِهَا أَوِ التَّفْرِيطِ فِيهَا؛ فَإِنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَآخِرُ مَا يَفْقِدُ الْعَبْدُ مِنْ دِينِهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلَاةُ». قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: «كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ آخِرُهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ». وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ». وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ». وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ: «لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ، غَيْرَ الصَّلَاةِ». وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَتِ الصَّلَاةُ رَاحَتَهُ وَأُنْسَهُ، وَجُعِلَ فِيهَا قُرَّةُ عَيْنِهِ، وَكَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى؛ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاحْفَظُوا إِيمَانَكُمْ مِنَ النَّقْضِ وَالنَّقْصِ، وَكَمِّلُوهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّ الْفَرَائِضَ وَالنَّوَافِلَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ بِرِهَانُ الْإِيمَانِ، وَالتَّفْرِيطُ فِيهِ تَفْرِيطٌ فِي الْإِيمَانِ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْل: 97].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: يَظُنُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّ أَجْرَ الصَّلَاةِ مُقْتَصِرٌ عَلَى الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا، مَعَ أَنَّ مَا يَنَالُهُ الْعَبْدُ مِنْ سَعَادَةِ الْقَلْبِ، وَرَاحَةِ الْبَالِ بِالصَّلَاةِ يَفُوقُ الدُّنْيَا بِكُلِّ زَخَارِفِهَا وَمَلَذَّاتِهَا؛ فَلَا شَيْءَ يَعْدِلُ سَعَادَةَ الْقَلْبِ وَرَاحَتَهُ، وَلَنْ يَجِدَ الْعَبْدُ سَعَادَةً أَعْظَمَ مِنْ مُنَاجَاتِهِ لِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الصَّلَاةِ.

 

وَفِي الصَّلَاةِ أَرْزَاقٌ مَادِّيَّةٌ أَيْضًا؛ إِذْ دَلَّتِ النُّصُوصُ الْكَثِيرَةُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فَرِيضَةً كَانَتْ أَمْ نَافِلَةً سَبَبٌ لِلرِّزْقِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ بِهَا أَيْضًا سَبَبٌ لِلرِّزْقِ، وَتَتَابَعَتْ عَلَى إِثْبَاتِ ذَلِكَ سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي سِيَاقَاتٍ مُنَوَّعَةٍ، وَمَقَامَاتٍ مُفَخَّمَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدَ مِنْهُمْ مَنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذَّارِيَات: 56 - 58]، وَالصَّلَاةُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَأَجَلِّهَا وَأَكْثَرِهَا مُلَازَمَةً لِبَنِي آدَمَ؛ فَهُوَ يُصَلِّي خَمْسَ فَرَائِضَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَدَا النَّوَافِلِ الْكَثِيرَةِ الْمُرَتَّبَةِ وَغَيْرِ الْمُرَتَّبَةِ؛ فَهِيَ بَابٌ مِنَ الرِّزْقِ عَرِيضٌ.

 

وَحِينَ بَنَى الْخَلِيلُ الْبَيْتَ الْحَرَامَ؛ عَلَّلَ بِنَاءَهُ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَدَعَا لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَالصَّلَاةِ بِالرِّزْقِ: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 37].

 

وَدَعَا شُعَيْبٌ قَوْمَهُ لِلتَّوْحِيدِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، فَالرِّزْقُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُسْتَجْلَبُ بِأَكْلِ الْحَرَامِ، فَكَانَ رَدُّهُمْ مُتَضَمِّنًا ذِكْرَهُمْ لِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ ذِكْرِهِمْ لِأَمْوَالِهِمْ وَتِجَارَتِهِمْ: ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ﴾ [هُودٍ: 87]. وَكَانَ جَوَابُهُ عَلَيْهِمْ مُتَضَمِّنًا ذِكْرَ الرِّزْقِ: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ﴾ [هُود: 88].

 

وَمَرْيَمُ الْقَانِتَةُ الْعَابِدَةُ الْعَذْرَاءُ الْبَتُولُ أُمُّ الْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ كَانَتْ تُرْزَقُ فِي مَوْضِعِ صَلَاتِهَا ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 37].

 

وَرِزْقُ مَرْيَمَ الَّذِي جَاءَهَا فِي مِحْرَابِهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ؛ هَيَّجَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الدُّعَاءِ بِالْوَلَدِ، وَهُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَزَوْجَتُهُ عَاقِرٌ، وَلَكِنَّهُ رَأَى خَوَارِقَ الْعَادَةِ وَقَعَتْ لِمَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فِي مِحْرَابِ صَلَاتِهَا فَدَعَا فِيهِ بِالْوَلَدِ: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 38]. وَاللَّافِتُ فِي الْأَمْرِ أَنَّ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ بُشِّرَ بِيَحْيَى وَهُوَ يُصَلِّي أَيْضًا، فَمَا أَعْظَمَ الصَّلَاةَ حِينَ تَكُونُ مَوْضِعًا لِلْبِشَارَةِ الرَّبَّانِيَّةِ ﴿ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 39]، وَهِيَ بِشَارَةٌ تَضَمَّنَتْ عِدَّةَ بِشَارَاتٍ؛ فَبُشِّرَ بِالْغُلَامِ بَعْدَ طُولِ الِانْتِظَارِ، وَلَيْسَ أَيَّ غُلَامٍ، بَلْ غُلَامٌ بِصِفَاتٍ عَظِيمَةٍ، فَهُوَ يَحْيَى الَّذِي لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِهَذَا الِاسْمِ ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 7]، مُصَدِّقًا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَيِّدًا يَسُودُ قَوْمَهُ، وَحَصُورًا؛ أَيْ: مُنْشَغِلٌ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَالنِّسَاءِ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ، وَهِيَ أَعْظَمُ الصِّفَاتِ، وَأَشْرَفُ الْمَقَامَاتِ، فَهِيَ سِتُّ بِشَارَاتٍ بُشِّرَ بِهَا وَهُوَ يُصَلِّي.

 

فَمَنْ قَرَأَ قِصَّةَ مَرْيَمَ وَزَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّ الْأَرْزَاقَ مُعَلَّقَةٌ فِي مَحَارِيبِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ مُنَاجَاةَ الْعَبْدِ رَبَّهُ فِي صَلَاتِهِ يَسْأَلُهُ حَاجَتَهُ لَا تَضِيعُ أَبَدًا، بَلْ تُفَرَّجُ كُرْبَتُهُ، وَيَزُولُ هَمُّهُ، وَيَنَالُ مُرَادَهُ، وَيُوَسَّعُ لَهُ فِي رِزْقِهِ، مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ مِنْ عَظِيمِ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ.

 

وَلْنَتَأَمَّلْ -عِبَادَ اللَّهِ- عَظِيمَ قَدْرِ الصَّلَاةِ، وَأَثَرِهَا الْكَبِيرَ فِي رِزْقِ الْعَبْدِ، فِي خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خِطَابٌ لِعُمُومِ أُمَّتِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى * وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 130 - 132]، فَأَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى تَكْذِيبِ الْمُكَذِّبِينَ، وَاسْتِهْزَاءِ الْمُسْتَهْزِئِينَ، وَالتَّسَلُّحِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمَفْرُوضَةِ، وَبِصَلَاةِ النَّافِلَةِ فِي النَّهَارِ وَفِي اللَّيْلِ، وَنَهَاهُ أَنْ تَمْتَدَّ عَيْنُهُ لِمَا بُسِطَ لِأَهْلِ الدُّنْيَا مِنْهَا؛ فَإِنَّ رِزْقَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ مَعَ الِاصْطِبَارِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِعُسْرِ الِاسْتِمْرَارِ عَلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ عَزَاءٌ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ الَّذِينَ يُرْهَقُونَ مَعَ أَوْلَادِهِمْ فِي إِيقَاظِهِمْ لِلصَّلَاةِ، وَفِي سَوْقِهِمْ لِلْمَسَاجِدِ، فَعَلَيْهِمْ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ بَابٌ مِنَ الرِّزْقِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ عَظِيمٌ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَكُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّمَا خُلِقَ لِأَجْلِ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُّ شَيْءٍ سُخِّرَ لِبَنِي آدَمَ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ فَإِنَّمَا سُخِّرَ لَهُمْ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالصَّلَاةُ أَعْظَمُ مَظْهَرٍ لِلْعِبَادَةِ فِي أَقْوَالِهَا؛ كَالتَّكْبِيرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ وَالدُّعَاءِ، وَفِي أَفْعَالِهَا؛ كَالْقُنُوتِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَكَانَ أَهْلُ الصَّلَاةِ أَوْلَى النَّاسِ بِالرِّزْقِ وَبِالْبَرَكَةِ فِيهِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الِاسْتِقَامَةَ عَلَى أَمْرِهِ لَنَا وَلِأَوْلَادِنَا، وَالْبِرْكَةَ فِي أَرْزَاقِنَا، وَالثَّبَاتَ عَلَى دِينِنَا، وَالسَّعَادَةَ فِي دُنْيَانَا، وَالْفَوْزَ فِي آخِرَتِنَا.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَا فَوْزَ كَفَوْزِ الْآخِرَةِ، وَلَا رِزْقَ كَرِزْقِهَا، وَحِينَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْخُلُوفِ الْمُضَيِّعَةِ لِلصَّلَوَاتِ، الْمُتَّبِعَةِ لِلشَّهَوَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 59]، اسْتَثْنَى التَّائِبِينَ، وَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَأَنَّ رِزْقَهُمْ فِيهَا دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ، وَهُوَ الرِّزْقُ الْحَقِيقِيُّ ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا * جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 60 - 62].

 

وَفِي حَدِيثٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا مَهْمَا كَانَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا فَأَعْظَمُوا الْغَنِيمَةَ، وَأَسْرَعُوا الْكَرَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا بَعْثًا قَطُّ أَسْرَعَ كَرَّةً، وَلَا أَعْظَمَ مِنْهُ غَنِيمَةً مِنْ هَذَا الْبَعْثِ، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَسْرَعَ كَرَّةً مِنْهُ، وَأَعْظَمَ غَنِيمَةً؟ رَجُلٌ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ تَحَمَّلَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ، ثُمَّ عَقَّبَ بِصَلَاةِ الضُّحَى، فَقَدْ أَسْرَعَ الْكَرَّةَ، وَأَعْظَمَ الْغَنِيمَةَ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَمَنْ فَاتَتْهُ فَرِيضَةٌ وَاحِدَةٌ فَخَسَارَتُهُ عَظِيمَةٌ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

فَمَنْ أَرَادَ سَعَةَ الرِّزْقِ فِي الدُّنْيَا فَعَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ، وَمَنْ أَرَادَ رِزْقَ الْآخِرَةِ فَعَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ، وَمَنْ أَرَادَهُمَا جَمِيعًا فَعَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّهَا مُفَرِّجَةُ الْكُرُوبِ، طَارِدَةُ الْهُمُومِ، جَالِبَةُ الْأَرْزَاقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن الصلاة وأهميتها
  • فوائد الخشوع في الصلاة
  • فضل الصلاة على الجنازة
  • أسباب شرعية لكسب الرزق (خطبة)
  • خطبة: الأرزاق والآجال مكتوبة فلم القلق والهم؟

مختارات من الشبكة

  • بركة الرزق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الكبير في البر والإكرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة في اجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الفيل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: آداب المجالس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية القرآنية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النسك وواجباته)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب