• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوصية بالوالدين (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة (المولد النبوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب نزول السكينة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: عندما يكون الشاب نرجسيا
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    علمتنا الهجرة (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    خطبة: تدبر أول سورة البقرة
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تفسير: (وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحريم الحلف بالأمانة
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الإسلام دعا إلى تأمين معيشة أهل الذمة من غير ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    منهج السجاوندي في الوقف على ما قبل (إذ) (PDF)
    د. محمد أحمد محمد أحمد
  •  
    خطبة: حسن الظن بالله
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    حكم عمليات التجميل
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    بيع الكلاب
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    ما يلقاه الإنسان بعد موته
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية ...
    سائد بن جمال دياربكرلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

الناكصون على أعقابهم (4) ابن خطل وابن صبابة

الناكصون على أعقابهم (4) ابن خطل وابن صبابة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/9/2019 ميلادي - 26/1/1441 هجري

الزيارات: 59846

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الناكصون على أعقابهم (4)

ابن خطل وابن صبابة

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: لَا نِعْمَةَ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ إِصَابَةِ الْحَقِّ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ. وَلَا خِذْلَانَ أَشَدُّ، وَلَا خَسَارَةَ أَفْدَحُ مِنْ خِذْلَانِ وَخَسَارَةِ مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ فَفَارَقَهُ، وَهُدِيَ لِلْإِيمَانِ فَرَفَضَهُ، وَآثَرَ عَاجِلَتَهُ عَلَى آجِلَتِهِ، وَرَضِيَ بِدُنْيَاهُ دُونَ أُخْرَاهُ ﴿ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الْكَهْفِ: 104]، ﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 30]، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ.

 

وَفِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَخْبَارُ أُنَاسٍ أَدْرَكُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَوْا آيَاتِ نُبُوَّتِهِ، وَعَلِمُوا صِدْقَهُ، وَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ ارْتَدُّوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَخَلَعُوا دِينَهُمْ، وَكَانُوا أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَامَّةِ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْأَشْرَارِ الْفُجَّارِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ الْفِهْرِيُّ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ الْكِنْدِيُّ، وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِمَا عَامَ الْفَتْحِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ: اقْتُلُوهُمْ، وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ، فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّارًا، وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ، فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَاهُنَا. فَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِي مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا الْإِخْلَاصُ، لَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدًا، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلَأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، فَجَاءَ فَأَسْلَمَ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي السَّرْحِ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ، فَقَالُوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، هَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُنٍ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: «وَأَقْبَلَ ابْنُ خَطَلٍ جَائِيًا مِنْ مَكَّةَ، مُدَجَّجًا فِي الْحَدِيدِ، عَلَى فَرَسٍ ذَنُوبٍ، بِيَدِهِ قَنَاةٌ... ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْخَنْدَمَةِ، فَرَأَى خَيْلَ الْمُسْلِمِينَ وَرَأَى الْقِتَالَ، وَدَخَلَهُ الرُّعْبُ حَتَّى مَا يَسْتَمْسِكُ مِنَ الرِّعْدَةِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْكَعْبَةِ فَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَطَرَحَ سِلَاحَهُ، فَأَتَى الْبَيْتَ فَدَخَلَ بَيْنَ أَسْتَارِهِ».

 

وَأَمَّا سَبَبُ رِدَّةِ ابْنِ خَطَلٍ - أَخْزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَقَالَ الوَاقِدِيُّ: «وَكَانَ جُرْمُهُ أَنّهُ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ وَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا، وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ، فَكَانَ يَصْنَعُ طَعَامَهُ وَيَخْدُمُهُ، فَنَزَلَا فِي مَجْمَعٍ، فَأَمَرَهُ يَصْنَعُ لَهُ طَعَامًا، وَنَامَ نِصْفَ النّهَارِ، فَاسْتَيْقَظَ وَالْخُزَاعِيّ نَائِمٌ وَلَمْ يَصْنَعْ لَهُ شَيْئًا، فَاغْتَاظَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتّى قَتَلَهُ، فَلَمّا قَتَلَهُ قَالَ: وَاَللهِ لَيَقْتُلَنّي مُحَمّدٌ بِهِ إنْ جِئْتُه. فَارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَسَاقَ مَا أَخَذَ مِنْ الصّدَقَةِ وَهَرَبَ إلَى مَكّةَ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ مَكّةَ: مَا رَدّك إلَيْنَا؟ قَالَ: لَمْ أَجِدْ دِينًا خَيْرًا مِنْ دِينِكُمْ. فَأَقَامَ عَلَى شِرْكِهِ، وَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ، وَكَانَ يَقُولُ الشّعْرَ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأْمُرُهُمَا تُغَنّيَانِ بِهِ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَيْنَتَيْهِ الْمُشْرِكُونَ فَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَتُغَنّي الْقَيْنَتَانِ بِذَلِكَ الْهِجَاءِ».

 

وَتَعَلُّقُ ابْنِ خَطَلٍ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ هُوَ ظَنٌّ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يُنْجِيهِ؛ لِحُرْمَةِ الْكَعْبَةِ فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِأَسْتَارِهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَمَّا سَبَبُ رِدَّةِ ابْنِ صُبَابَةَ -أَخْزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: «قَدِمَ مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ أَخُو هِشَامِ بْنِ صُبَابَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، يَطْلُبُ بِدَمِ أَخِيهِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَلَا يَحْسَبُهُ إِلَّا مُشْرِكًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا قُتِلَ أَخُوكَ خَطَأً، فَأَمَرَ لَهُ بِدِيَتِهِ، فَأَخَذَهَا، فَمَكَثَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، ثُمَّ عَدَا عَلَى قَاتِلِ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِمَكَّةَ كَافِرًا، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ بِقَتْلِهِ وَإِنْ وُجِدَ تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ ثُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

 

وَكَانَ -أَخْزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَدْ قَالَ قَصِيدَةً يُفَاخِرُ فِيهَا بِأَخْذِهِ لِثَأْرِهِ مِنْ قَاتِلِ أَخِيهِ، وَيُعْلِنُ فِيهَا رُجُوعَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَجَاءَ عَنْ عَدَدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ نَزَلَتْ فِيهِ، وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 93]، فَكَانَ عَاقِبَةُ رِدَّتِهِ أَلِيمَةً، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَنْكَى.

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الضَّلَالِ بَعْدَ الْهُدَى، وَمِنَ الْغَوَايَةِ بَعْدَ الِاسْتِقَامَةِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى الْمَمَاتِ ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 8]، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى دِينِهِ، فَتِلْكَ وَصِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنِ اتَّبَعُوهُ ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هُودٍ: 112- 113].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لِنَعْتَبِرْ -عِبَادَ اللَّهِ- بِأَخْبَارِ النَّاكِصِينَ عَنِ الْحَقِّ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّ الْقُلُوبَ بِيَدِ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِنْ شَاءَ أَقَامَ الْقَلْبَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ عَنْهُ.

 

وَابْنُ خَطَلٍ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَّقَهُ، وَجَهَرَ بِإِسْلَامِهِ، وَوَلَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَأَصْحَبَهُ رَجُلًا يَخْدُمُهُ، فَغَضِبَ عَلَى مَولَاه لِكَوْنِهِ لَمْ يَصْنَعْ طَعَامَهُ، فَقَتَلَهُ، ثُمَّ خَافَ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ، فَارْتَدَّ وَأَخَذَ إِبِلَ الصَّدَقَةِ، ثُمَّ تَمَادَى فِي غَيِّهِ فَهَجَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِعْرِهِ، وَأَمَرَ جَارِيَتَيْهِ أَنْ تُغَنِّيَا بِهِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ جَرَائِمَ تُبِيحُ دَمَهُ: قَتْلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالرِّدَّةُ، وَالْهِجَاءُ... وَلَوْ بَقِيَ عَلَى إِسْلَامِهِ لَكَانَ لَهُ شَأْنٌ فِي الْإِسْلَامِ عَظِيمٌ، كَمَا كَانَ لِأَشْرَافِ قُرَيْشٍ الَّذِينَ أَسْلَمُوا، فَنَالُوا بِإِسْلَامِهِمْ عِزَّ الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا بِالْفُتُوحِ وَالْغَنَائِمِ، مَعَ مَا ادُّخِرَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْأُجُورِ الْعَظِيمَةِ.

 

وَابْنُ صُبَابَةَ أَثَارَ الشَّيْطَانُ فِي رَأْسِهِ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَخَلَعَ رِدَاءَ الْإِيمَانِ لِأَجْلِهَا، وَقَتَلَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ ثَأْرًا لِأَخِيهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ دِيَتَهُ.

 

فَبَعْدَ هَذَا: مَنْ يَأْمَنُ تَقَلُّبَ الْقُلُوبِ وَتَغَيُّرَهَا عَلَى أَصْحَابِهَا، وَمَنْ يَضْمَنُ بَقَاءَ إِيمَانِهِ إِلَّا أَنْ يُبْقِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ. فَابْنُ خَطَلٍ فَقَدَ إِيمَانَهُ وَدُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ بِوَجْبَةِ طَعَامٍ، وَابْنُ صُبَابَةَ فَقَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِثَأْرٍ أَطَارَهُ الشَّيْطَانُ فِي رَأْسِهِ، وَالنَّفْسُ ضَعِيفَةٌ، وَالْقُلُوبُ مُتَقَلِّبَةٌ، وَلَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا مَغْرُورٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. فَلْنُوَثِّقْ إِيمَانَنَا بِحُسْنِ ظَنِّنَا بِرَبِّنَا سُبْحَانَهُ، وَلُجُوئِنَا إِلَيْهِ، وَتَوَكُّلِنَا عَلَيْهِ، وَإِلْحَاحِنَا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ، مَعَ إِسَاءَةِ ظَنِّنَا بِأَنْفُسِنَا، وَيَقِينِنَا بِضَعْفِنَا وَعَجْزِنَا، وَكَذَلِكَ نُوَثِّقُ إِيمَانَنَا بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَثَّ عَلَى كَثْرَةِ الْعِبَادَةِ فِي أَحْوَالِ الْفِتَنِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الناكصون على أعقابهم (1) (آتيناه آياتنا فانسلخ منها)
  • الناكصون على أعقابهم (2) أمية بن أبي الصلت
  • الناكصون على أعقابهم (3) عقبة بن أبي معيط
  • الناكصون على أعقابهم (5) أخبار رجلين مرتدين

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قطعوا على أنفسهم طريق العودة إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدين والتدين (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة حديث البغوي وابن صاعد وابن عبدالصمد الهاشمي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحقيق أثر ابن عمر وابن عباس في عدم قضاء الحامل والمرضع للصيام واكتفائهما بالإطعام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج التفسير للمفردة العربية عند ابن دريد في الجمهرة وابن فارس في المقاييس - دراسة موازنة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • ابن تيمية وابن حزم وموقفهما من أئمة العلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/2/1447هـ - الساعة: 1:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب