• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: الشائعات والغيبة والنميمة وخطرهم على
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    أيهما أسهل فتح المصحف أم فتح الهاتف؟ (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فوائد من سورة الفاتحة جمعتها لك من كتب التفسير ...
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    حديث: كان الإيلاء الجاهلية السنة والسنتين
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من عمل صالحا فلنفسه (خطبة) - باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    قصة نجاة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    فقه السير إلى الله تعالى (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

تعظيم قدر الصلاة (خطبة)

تعظيم قدر الصلاة (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2019 ميلادي - 2/12/1440 هجري

الزيارات: 30015

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعظيم قدر الصلاة

 

الخطبة الأولى

إنَّ الْـحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

واعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْـجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْـجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّار.

 

اعْلَمُوا -عِبَادَ اللِه- أَنَّ الصَلَاةَ أَهَمُّ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ، فَرَضَهَا اللهُ، عَلَى الأَنْبيَاءِ وَالرُّسُلِ، مِنْ قَبْلُ، فَهِيَ مِنَ الأُمُورِ المُتَّفقِ عَلَيْهَا بَينَ الأَنْبِيَاءِ، فَهَا هُوَ القُرْآنُ يُحَدِّثُنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَهُوَ يَدْعُو رَبَّه: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون ﴾ [إبراهيم: 37].

 

فَلَمْ يَذْكُرْ إِبْرَاهِيمُ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، عَمَلاً غَيْرَ الصَّلَاةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا عَمَلَ أَفْضَلَ مِنْهَا، وَلَا يُوَازِيهَا. وَلَقَدْ أَثْنَى اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، عَلَى إِسْمَاعِيلَ، -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54- 55].

 

وَمِنْ أَهَـمِّيَّتِهَا أَنَّ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَوْصَى بِهَا عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، حِينَمَا تَكَلَّمَ فِي الْـمَهْدِ صَبِيًّا، فَقَالَ: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31].

 

وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، «إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى» (رَوَاهُ أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ (وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" (رَوَاهُ الْـحَاكِمُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

وَأُسْرِيَ بِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَعُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، لِيَتَلَقَى فَرْضَ أَعْظَمِ أَعْمَالِ أَهْلِ الإِسْلَامِ، وَرُكْنِهِ القَوِيمِ، أَلَا وَهُوَ الصَّلَاةُ، مِنَ اللهِ مُبَاشَرَةً وَبِلَا وَاسِطَةٍ، بَيَانًا لِعِظَمِهَا، فِي حِينِ نَزَلَتْ بَقِيَةُ الفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ، بِوَاسِطَةِ الْوَحْيِ.

 

وَكَانتَ هِيَ آخَرُ وَصَايَاهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ؛ حَيْثُ قَالَ: "الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ "، حَتَّى جَعَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- يُغَرْغِرُ بِهَا صَدْرُهُ، وَمَا يَكَادُ يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. (رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

عِبَادَ اللهِ، وَلَقَدْ أَتَى بَعْدَ هَؤُلَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَالرَّسُلِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَنْ اسْتَهَانُوا بِأَمْرِ الصَّلَاةِ، وَبِقَدْرِهَا. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]، وَغَيَّا: وَادٍ فِي قَعْرِ جَهَنَّمَ، جَعَلَهُ اللهُ مَأْوَى لِمُضِيِّعِيِ الصَّلَوَاتِ، وَمُتَّبِعِي الشَّهَوَاتِ، حَـمَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ وَوَالِدِينَا، وَأَحْـبَابَنَا مِنْهُ.

 

عِبَادَ اللهِ، اعْلَمُوا بِأَنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، حَتَّى يَوْمِنَا هَذَا يُصَلُّونَ، فَلَمْ يُهْمِلُوا أَوْ يُنْكِرُوا حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ ضَلُّوا فِي كَيْفِيتِهَا، حِينَمَا عَانَدُوا، وَجَحَدُوا نُبوَّةَ مُحُمَّدٍ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَلَا تَنْفَعُهُمْ صَلَاتُهُمْ، وَلَا تُفِيدُهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴾ [الغاشية: 2-4]، فَهُمْ عَبَدُوا اللهَ، وِفْقَ أَهْوَائِهِمْ، لَاَ وِفْقَ مُرَادِهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وَأَهْلُ الشِّرْكِ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ لِآلِهَتِهِمْ وَأَصْنَامِهِمْ، فَجَمِيعُ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَةِ، وَالمِلَلِ وَالـنِّـحَلِ الأَرْضِيَّةِ، اتَّفَقَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ، فَهِيَ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ، رَاسِخَةٌ كَالجِبَالِ، لَكِنَّهُمْ مَا بَيْنَ مُشْرِكٍ فِي أَدَائِهَا، أَوْ لِغَيْرِ اللهِ مُؤَدِّيهَا، فَهِيَ لَا تُقْبَلُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهَا لَا تُؤَدَّى إِلَّا إِلَى اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وِفْقَ كِتَابِهِ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ.

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ جَـمَاعَةً، أَوْ النَّوْمِ عَنْهَا تَكَاسُلًا، مُنْكَرٌ عَظِيمٌ، وَمَعْصِيَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ قَدْ تَصِلُ بِصَاحِبِهَا إِلَى الكُفْرِ الأَكْبَرِ، المُخْرِجِ مِنَ المِلَّةِ، لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

وَقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» (رَوَاهُ النَّسَائِيُ وَغَيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ العُقَيْلِيُّ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).

 

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ" (رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَـيْـرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، ثَبَّتْنَا اللهُ عَلَى دِينِهِ.

 

كَمَا أَنَّ فِي تَرْكِهَا مِنْ سُوءِ الخُلُقِ، وَقِلَّةِ المُرُوءَةِ، مَا فِيهِ، فَكَيْفَ يُدْعَى عَبْدُ اللهِ إِلَى بَيْتِ اللهِ فَيَرْفُضُ؟! وَيَأْمُرُهُ اللهُ أَنْ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ فَيَأْبَى؟! وَهُوَ يَسْمَعُ المُنَادِي يُنَادِي حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ؟ هَلْ رَأَيْتُمْ أَسْوَأَ أَخْلَاقًا مِنْ هَؤُلَاءِ؟ يُدْعَوْنَ إِلَى بَيْتِ اللهِ فَيَرْفُضُونَ، وَلَوْ دُعُوا إِلَى جَلَسَاتِ أُنْسٍ، وَلَهْوٍ، أَوْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، لَكَانُوا لَهَا مُبَادِرِينَ، وَإِلَيْهَا مُسَارِعِينَ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، حَيْثُ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدْ عِرْقاً سَمِيناً، أَوْ مَرْمَاتَينِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

فَلَوْ دُعِيَ هَؤُلَاءِ المُقَصِّرُونَ، إِلَى عَظْمٍ فِيهِ لَـحْمٌ، أَوْ مَرْمَاتَيْنِ، وَهُمَا: مَا بَيْنَ ظَلْفَيِ الشَّاةِ مِنْ لَحْمٍ، وَقِيلَ: لُعْبَةٌ كَانُوا يَلْعَبُونَهَا، بِنِصَالٍ، لَاسْتَجَابُوا؛ لِـحِرْصِهِمْ عَلَى الشَّيْءِ الحَقِيـرِ، مِنْ مَطْعُومٍ أَوْ مَلْعُوبٍ، وَلَا يَسْتَجِيبُونَ لِـمَا يُحَصِّلُ بِهِ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ، وَمَنَازِلُ الكَرَامَةِ.

 

عِبَادَ اللهِ: رَبُّوا أَوْلَادَكُمْ عَلَى الصَّلَاةِ، وَقُولُوا لَـهُمْ كَمَا قَالَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، لُقْمَانُ لِابْنِهِ: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ [لقمان: 17].

 

فَاسْتَجِيبُوا يَا عِبَادَ اللهِ، لِأَمْرِ اللهِ، وَتَابِعُوا أَوْلَادَكُمْ فِي أَدَائِهَا؛ اسْتِجَابَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]؛ فَلَيْسَ هُنَاكَ عِبَادَةٌ حَثَّ النَّبِيُّ -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الآبَاءَ عَلَى أَمْرِ الأَبْنَاءِ عَلَى أَدَائِهَا وَهُمْ صِغَارٌ قَبْلَ التَّكْلِيفِ، بَلْ وَمُعَاقَبَتِهُمْ عَلَيْهَا؛ إِلَّا الصَّلَاةَ؛ وَمَا هَذَا إِلَّا دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِهَا عِنْدَ اللهِ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْـخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 

أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 

عِبَادَ اللهِ، تَأَمَّلُوا وَتَدَبَّرُوا فِي عُقُوبَةِ مَنْ يَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ، حَيْثُ قَال -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آَتِيَانِ، وَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعْ، وَإِذَا آَخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ الحَجَرُ هَاهُنَا، فَيْتَبَعُ الحَجَرَ، فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، حَتَّى يَصُحَّ رَأْسُهُ، كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَمَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى. قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللهِ! مَا هَذَانِ؟ فَقَالَا لِي: إِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ، فَيَرْفُضُهُ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

وَالثَلْغُ: ضَرْبُ الشَّيْءِ اللَيِّنِ، بِالشَّيءِ اليَابِسِ، فَانْظُرْ -يَا رْعَاكَ اللهُ- عَذَابَ مَنْ نَامَ عَنْ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، مُؤْثِراً الرَّاحَةَ وَالدَّعَةَ عَلَيْهَا؟ فَكَانَ الجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَالمُسْتَمْتِعُ بِالنَّوْمِ هُوَ رَأْسُ الإِنْسَانِ، فَجَاءَ العَذَابُ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْسِ، يَضْرِبُهُ، وَيَفْلِقُهُ، حَتَّى يَنْشَرِخَ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ! مَنْ يَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَ هَذَا العَذَابِ؟

وَفِي الحَدِيثِ إِشَارَةٌ كَأَنَّهَا تَقُولُ: أَيُّهُمَا أَشَدُّ عَلَيْكَ يَا عَبْدَ اللهِ، تُكْرِهُ نَفْسَكَ عَلَى القِيَامِ لِلْصَلَاةِ فِي وَقْتِهَا، مُجَاهِداً لَهَا، مَعَ رَغْبَتِك بِالنَّوْمِ وَالرَّاحَةِ؟ لِتَكُونَ عَاقِبَةُ ذَلِكَ جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ، وَمَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ؟ أَوْ أَنْ تُرِيـحَهَا قَلِيلاً فِي الدُّنْيَا، فَتَكُونَ عَاقِبَةُ ذَلِكَ، أَنْ تُضْجَعَ -أَيُّهَا المُفَرِّطُ فِي الصَلَاةِ- رُغْمَ أَنْفِكَ، لَتُعذَّبَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ، حَيْثُ تَأْتِي مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، فَيُعَذِّبَانِكَ عَذَاباً سَرْمَدِياً، لَا يَتَوَقَّفُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴾ [النبأ: 30].

 

وَسَوْفَ يُجِيبُ تَارِكُوهَا، بِذُلٍّ وَصِغَارٍ، وَحَسْرَةٍ وَأَلَمٍ، عَنْ سَبَبِ كَوْنـِهِمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، حِينَمَا سُئِلُوا: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42- 43].

 

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَذُرِّيَاتِنَا وَجَمِيعَ الْـمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ.

الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ.

اللَّهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

 

اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ.

 

الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ما معنى الصلاة؟
  • اجتناب ما يشغل عن الصلاة
  • خطبة عن الصلاة وأهميتها
  • حي على الصلاة... حي على الفلاح
  • فوائد الخشوع في الصلاة
  • فضل الصلاة على الجنازة
  • خطبة: تعظيم قدر الصلاة
  • الصلاة.. الصلاة يا عباد الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تعظيم الأمر والنهي الشرعيين في نفوس المتربين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تعظيم السنة تعظيم للقرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل عشر ذي الحجة وأن تعظيمها من تعظيم شعائر الله(محاضرة - ملفات خاصة)
  • من تعظيم ربنا جل وعلا تعظيم كتبه ورسله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة سنن الصلاة وأن تعظيمها من تعظيم شعائر الله ومن أسباب زيادة الإيمان(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • المرض بقدر والصحة بقدر والعلاج بقدر والدواء من القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان قدر ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • تعظيم قدر القرآن في قلوب الصحابة (رضي الله عنهم)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تعظيم قدر الصلاة في مشكاة النبوة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تعظيم قدر الجمعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكرا
نور الدين مصطفاي - الجزائر 08/04/2022 10:22 AM

بارك الله فيكم وشكر سعيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/1/1447هـ - الساعة: 15:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب