• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق الزوجة على زوجها (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    فرق بين الطبيب والذباب
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    بين الدعاء والفرج رحلة الثقة بالله (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    يوم القيامة: نفسي.. نفسي
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    من مائدة السيرة: الدعوة السرية
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: عاشوراء وطلب العلم
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)
    نجلاء جبروني
  •  
    نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خصائص الجمع الأول للقرآن ومزاياه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الإسلام يأمرنا بإقامة العدل وعدم الظلم مع أهل ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    ذكر الله عز وجل (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    عناية الأمة بروايات ونسخ «صحيح البخاري»
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وحي الله تعالى للأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    عاشوراء بين مهدي متبع وغوي مبتدع (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: الصيف واشتداد الحر

خطبة: الصيف واشتداد الحر
الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2019 ميلادي - 20/10/1440 هجري

الزيارات: 30757

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: الصيف واشتداد الحر

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أما بعد:

 

فاتقوا الله عباد الله حقَّ تقاته: ﴿ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

عباد الله، الزمانُ بليله ونهاره، وشهوره وأعوامه، وصيفه وشتائه - آيةٌ من آيات الله تبارك وتعالى، التي نصبها للعباد موعظةً وذكرى في تقلُّب الأحوال وتصرُّفها، وغِيَرِ الأيام وتصرُّمها، يذكرنا كَرُّ الغداة ومَرُّ العشي بأن الحياةَ مراحل، وأَن كُلَّ مرحلة لها قيمتُها ومكانتُها، ولكل منها تَبِعةٌ مطلوبةٌ وحسابٌ قائمٌ.

 

الحَرُّ دليلٌ من دلائل ربوبية الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقلِّب الأيام والشهور، ويطوي الأعوام والدهور، وهو الواحد الأحد الصمد المستحق للعبادة سبحانه وبحمده؛ قال تعالى: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [النور: 44]، فوجوده سبحانه وربوبيتُه وقدرتُه أظهرُ من كل شيء على الإطلاق.

وفي كُل شيء له آيةٌ *** تدلُّ على أنه واحدُ

 

الحَرُّ تذكير بنعم الله وآلائه؛ يقول تبارك تعالى: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴾ [النحل: 81].

 

ففي فصل الصيف وشدة الحر، نتذكر ما منَّ به ربُّنا على عباده وأنعم من الوسائل التي تقي الصيفَ وقيضَه، من الظلال الوارفة والأشجار اليانعة، وما يسَّر من وسائل التبريد والتكييف المختلفة ما تطمئن به النفوس، وتسعد به الأرواح في البيوت والمساجد والسيارة والعمل، أجهزة تقلبُ الصيفَ شتاءً والشتاءَ صيفًا، وتخففُ من لأْواءِ الهجير، وتطفئُ لهبَ القيظ، ومن تذكر ذلك وتأمَّله، حمِد ربَّه وعبده حقَّ عبادته، ويظهر الشكر حينما يتذكر الإنسان من يسكنون بيوت الصفيح والخيام والقش!

 

وإن هذا يدعونا لأن نتذكر إخوانًا لنا في الدين لا يملكون ما نملِك من هذه الوسائل الحديثة، وإن ملَكوها فلن يستطيعوا دفع ما يترتب على عملها من أموال، فأعينوهم - عباد الله - واحتسبوا الأجر من الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النارَ ولو بشق تمرةٍ).

 

ابن آدم ملول، قد وصفه ربُّه بأنه ظلوم جهول، ومن جهله عدم الرضا عن حاله، فإذا جاء الصيف تضجَّر منه، وإذا جاء الشتاء تضجر منه:

يتمنى المرءُ في الصيف الشتا *** فإذا جاء الشتا أنكَــره

 

وهذا من طبع البشر، ولكن المسلم يرضى بما قدَّر الله له من خير أو شر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاءُ شكَر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صبَر، فكان خيرًا له))؛ رواه مسلم.

 

الحرُّ ابتلاء من الله تعالى لعباده؛ ليظهر صدق الإيمان في القيام بالتكاليف، والصبر على طاعة الله وأقداره، وتحمُّل أعباء الدعوة، فلا يجوز أن يترك المسلم ما أمره الله به من واجبات، فحين خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، وكانت في حرٍّ شديدٍ وسفرٍ بعيد، تواصى المنافقون فيما بينهم بعدم النفير في هذا الحر، فجاء الوعيد من الله: ﴿ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ [التوبة: 81]، وحين يخرج المصلي إلى صلاة الظهر أو العصر، فيرى الشمس اللاهبة ويحس بالحر الشديد، ولكنه يطمع في رحمة رب العالمين، ويدَّخر هذا المخرج عند الله في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون.

 

الحر ليس عائقًا عن عبادة ولا صادًّا عن طاعة، فالصفوة من عباد الله يرون أن في الحر غنيمة لا تفوت؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُاللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ؛ رواه مسلم.

 

صيام الهواجر ومكابدة الجوع والعطش في يوم شديدٍ حرُّه بعيدٍ ما بين طرفيه، ذاك دأب الصالحين وسنة السابقين، والمحروم مَن حُرِمَ؛ يقول أبو الدرداء رضي الله عنه موصيًا أصحابه: صوموا يومًا شديدًا حرُّه لحر يوم النشور، وصلُّوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور.

 

وكان ابنُ عمرَ وغيرُه من السلف إذا شربوا ماءً باردًا بكوا وذكروا أمنيةَ أهلِ النار، وأنهم يشتهون الماء البارد، وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون، ويقولون لأهل الجنة: ﴿ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 50]، فيقولون لهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50].

 

اشتداد الحر يُذَكِّرُنَا بحر جهنَّمَ - أعاذنا الله منها - تلكم النار التي أعدَّها الله جل وعلا للكافرين، ويعذبُ بها من يشاء من عباده العاصين، وإن اشتداد الحر في هذه الدنيا هو من نفس النار؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب أكل بعضي بعضًا، فأْذَن لها بنفسين: نفسٍ في الشتاء ونفسٍ في الصيف، فهو أشدُّ ما تجدون من الحر، وأشدُّ ما ترون من الزمهرير، يعني: البرد)؛ متفق عليه، وفي رواية للبخاري قال: (فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فَيح جهنم)، والمقصود تأخيرُ صلاة الظهر إلى قرب صلاة العصر عند اشتداد الحر، فإذا كان هذا الحر الشديد والشمس المحرقة، إنما هي نفس من أنفاس جهنم، فيا ترى ما عذابُها إذًا؟!

 

هل تذكَّر العاصي لربه تلك النار التي توقد وتغلي بأهلها حين أقدم على معصية الجبار سبحانه، مستهينًا بمولاه، وجاحدًا لنعمته عليه، ومتناسيًا ما أُعد من العذاب والنكال للكفرة والفجرة والعصاة: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29]، ﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [الليل: 14، 16].

 

نسيتَ لظى عند ارتكابك للهوى
وأنت توقى حرَّ شمس الهواجر
كأنك لم تدفن حميمًا ولم تكن
له في سياق الموت يومًا بحاضر

 

ما أُنذر العباد - رعاكم الله - بشيءٍ أشرَّ من النار، النارُ موحشةٌ، أهوالُها عظيمةٌ، وأخطارُها جسيمةٌ، وعذابها أبدًا في مزيد، لا يُفتر عنهم وهم فيه مبلسون كلما خَبتْ زادها الله سعيرًا.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصخرةَ العظيمةَ لتُلقى من شفير جهنم، فتهوي فيها سبعينَ عامًا ما تفضي إلى قرارها)، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو راوي الحديث: (أكثروا ذكرَ النارِ، فإن حرَّها شديدٌ، وقعرَها بعيدٌ، وإن مقامعَها حديدٌ)؛ رواه الترمذي.

 

أُوقدَ عليها ألفُ عام حتى احمرَّت، وألفُ عامٍ حتى ابيضَّتْ، وألفُ عامٍ حتى اسودَّت، فهي سوداءُ مظلمة، لها تغيُّظٌ وزفيرٌ؛ قال تعالى: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴾ [الفرقان: 12، 13]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 43، 44].

 

عباد الله، إن الناس حريصون كُلَّ الحرص على راحة أنفسهم وأهليهم، يوفرون لهم الوسائل الواقية من الحر، وإذا ما اشتدت عليهم سمومُ الحر، رأيتهم يتنقلون إلى المصائفِ والمنتجعاتِ الباردةِ، ويلوذون بالمكيفات الحديثة أو الظلال الوارفة، وكم هو عظيم الأسى عند ما نرى أكثرَهم لا يقيم وزنًا لنار جهنمَ، ولا يعمل على وقاية نفسه ومَنْ تحت يده منها، والله عز وجل قد خاطب عباده المؤمنين، وحذَّرهم منها بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

فيا من لا يطيق حرارة الجو، يا من لا يتحمَّل الوقوف في الشمس ساعة، كيف أنت وحرارة جهنم؟! والله ثم والله، لست لها بمطيق، فإن حرَّها شديد، وقعرها بعيد، وجهنم أَولى أن يُفَرَّ منها، نصح العلامة الألبيري ابنه فقال:

تفرُّ من الهجير وتتَّقيه
فهلَّا من جهنم قد فرَرتا
ولستَ تطيق أهونها عذابًا
ولو كنتَ الحديد بِها لذبْتَا
ولا تُنكر فإنَّ الأمر جدٌّ
وليس كما حسبتَ ولا ظنَنتَا

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه كان للأوَّابين غفورًا.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، وبعد فاتقوا الله عباد الله حقَّ التقوى، واعلموا أن أقدامنا على النار لا تقوى.

عباد الله، ولئن كان حرُّ الدنيا يتقى بالمكيفات وغيرها، فإن حرَّ الآخرة - وهو أشد وأفظع - لا يُتَّقى بشيء من ذلك أبدًا، إنما يُتقى بالإيمان والأعمال الصالحة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى رُكبتيه، ومنهم من يكون إلى حَقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا))، قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه؛ رواه مسلم.

 

سيأتي يومٌ شديدٌ الحر عظيم الكرب لا مفرَّ منه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقُهم في الأرض سبعين ذراعًا، ويُلجمهم حتى يبلغ آذانهم))؛ أخرجه البخاري.

 

ومنهم مَن يَنعَمُ بالاستظلال بظل الله يوم لا ظل إلا ظلُّه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يُظلهم الله في ظله يومَ لا ظل إلا ظلُّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق بالمساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه، ورجل دعتْه امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شمالُه ما تنفق يمينُه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))؛ متفق عليه.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57].

 

اللهم أظلَّنا تحت ظلِّ عرشك يوم لا ظلَّ إلا ظلُّك، اللهم هوِّن علينا الحساب، وأجرنا مِن خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم أجرْنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول وعمل، اللهم نبِّهنا من رقدة الغافلين، ومنَّ علينا بعفوك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنَّا في الأوطان والدور، وأصلِح الأئمة وولاة الأمور، واعصِمنا من الفتن والشرور، اللهم انصُر الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين، ودمِّر أعداء الدين وانصُر عبادك الموحدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإجازة الصيفية
  • اقتراحات عملية في قضاء الإجازة الصيفية
  • خطبة حر الصيف
  • أبناؤنا والإجازة الصيفية
  • وقفات مع فصل الصيف
  • السياحة وفصل الصيف
  • ألم الحر
  • خطبة: إبراء الذمة شأن الأتقياء
  • اشتد أم استد ساعده

مختارات من الشبكة

  • حر الصيف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فصل الصيف وما فيه من حر وخير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حر الصيف الشديد: العبر والعظات والأحكام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حرارة الصيف والوقاية الإيمانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موعظة الصيف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاعتبار بحر الصيف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حرارة الصيف.. عبر وعظات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واعظ الصيف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شيئان من جهنم في الدنيا حرارة الصيف والحمى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فراغ الصيف وزاد المسافر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/1/1447هـ - الساعة: 16:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب