• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إنك لمن المرسلين
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    غضوا أبصاركم (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    حديث: فمن لم يوتر فليس منا
    الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
  •  
    اعفوا واصفحوا يغفر الله لكم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    أشهر المفسرين عبر القرون
    محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حديث: استأذن العباس رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى
    الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك
  •  
    حكم الشيعة القائلين: إن عليا في مرتبة النبوة وإن جبريل عليه ...
    فتاوى علماء البلد الحرام
  •  
    شرح حديث ابن مسعود: إن الصدق يهدي إلى البر
    سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
  •  
    فوائد من زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نماذج من سير الصالحين (5) سودة رضي الله عنـها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    حديث: سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف ...
    الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
  •  
    خطبة قصيرة عن الاستغفار
    خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الصبر على الأذى في العلم والدعوة
    د. فهد بن بادي المرشدي
  •  
    المؤمنون في يوم القيامة (خطبة)
    أبو زيد السيد عبد السلام رزق
  •  
    الألم
    حامدة حبيب السلمي
  •  
    معرفة الاستنباط من القرآن
    محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

معنى اسم الجبار

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/12/2017 ميلادي - 25/3/1439 هجري
زيارة: 37475

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معنى اسم الجبار

 

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الجَبَّارِ)[1]:

الجَبَّارُ فِي اللُّغةِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنِ اسْمِ الفَاعِلِ الجَابِرِ، وَهُوَ المَوْصُوفُ بالجَبْرِ، فِعْلُهُ جَبرَ يَجبُرُ جَبرًا، وَأَصلُ الجَبرِ إصلَاحُ الشَّيْءِ بِضَربٍ مِنَ القَهرِ، وَمِنْهُ جَبَر العَظْمَ أَيْ: أَصلَحَ كَسرَهُ، وَجَبَرَ الفَقِيرَ أَغنَاهُ ن وَجَبَرَ الخَاسِرَ عَوَّضَهُ، وَجَبرَ المَرِيضَ عَالَجَهُ، وَيُستَعْمَلُ الجَبرُ بِمعْنَى الإِكْرَاهِ عَلَى الفِعْلِ والإلزَامِ بِلَا تَخيرٍ[2].

 

وَالجَبَّارُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ[3].

 

وَهُوَ الجَبَّارُ أَيضًا لِعُلُوِّهِ عَلَى خَلقِهِ، وَنَفَاذِ مَشِيئَتِهِ فِي مُلِكهِ فَلَا غَالِبَ لأَِمرِهِ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكمِهِ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ أَبُو حَامِدٍ الغَزَّالِي: «الجَبَّارُ هُوَ الذِي يُنفِذُ مَشِيئَتَهُ عَلَى سَبِيلِ الإِجْبَارِ فِي كُلِّ واحِدٍ، وَلَا تَنفُذُ فِيهِ مَشِيئَةُ أَحدٍ، الذِي لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْ قَبضَتِهِ، وَتقصُرُ الأَيدِي دُونَ حِمَى حَضْرَتِهِ، فَالجَبَّارُ المُطلَقُ هُوَ الله سبحانه وتعالى؛ فَإِنَّهُ يَجبُرُ كُلَّ أَحَدٍ وَلَا يَجْبُرُهُ أحَدٌ، وَلَا مَثْنَوِيَّةَ فِي حَقِّهِ فِي الطَرَفَينِ»[4].

 

وَقَالَ ابنُ القَيِّمِ: «وَأَمَّا الجَبَّارُ مِنْ أَسمَاءِ الرَبِّ تَعَالَى، هُوَ الجَبَرُوتُ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سُبْحَانَ ذِي الجَبَروُتِ والمَلَكُوتِ والكِبْرِيَاءِ وَالعَظَمَةِ»، فَالجَبَّارُ اسمٌ مِنْ أَسمَاءِ التَّعْظِيمِ كَالمُتَكَبِّرِ وَالمَلِكِ وَالعَظِيمِ وَالقَهَّارِ»[5].

 

وَالجَبَّارُ عِندَ الجَبْرِيَّةِ هُوَ الذِي يُكرِهُ العِبَادَ عَلَى الفِعلِ فَلَا اختِيَارَ لَهُم وَلَا حُرِّيَّةَ، وَهُوَ مَردُودٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256]، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الجَبَّارِ فِي الإِجبَارِ عَنْ إِسقاطِ الاختِيَارِ وَرفْعِ التَّكْلِيفِ وَالمسؤُولِيةِ كَالسُّنَنِ الكَوْنِيَّةِ التِي لَا تَحوِيلَ فِيهَا وَلَا تَبدِيلَ، وَكَالحَرَكَاتِ اللَّاإِرَادِيَّةِ فِي الإنسَانِ كَحَرَكَةِ القَلبِ وَسَرَيَانِ الرُّوحِ فِي الأبدَانِ.

 

وَالجَبَّارُ اسمٌ دَلَّ عَلَى مَعنًى مِنْ مَعَانِي العَظَمَةِ والكبرِيَاءِ، وَهُوَ فِي حَقِّ الله وَصفٌ مَحمُودٌ مِنْ مَعَانِي الكَمَالِ والجَمَالِ، وَفِي حَقِّ العِبَادِ وَصفٌ مَذمُومٌ مِنْ مَعَانِي النَقْصِ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].

 

وُرُودُهُ فِي القُرآنِ الكريمِ:

وَرَدَ هَذَا الاسْمُ فِي القُرآنِ مَرةً واحِدَةً فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ﴾ [الحشر: 23].

 

مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:

قَالَ الطبَرِيُّ: «(الجَبَّارُ): يَعْنِي المُصْلِحُ أُمُورَ خَلْقِهِ المُصَرِّفُهُم فِيمَا فِيهِ صَلاَحُهُم»[6].

وَقَالَ قَتَادَةُ: «جَبَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ أَمرِهِ»[7].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الجَبَّارُ) هُوَ الذَِّي جَبَرَ الخَلْقَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ أَمرِهِ وَنَهيِهِ، يُقَالُ: جَبَرَهُ السُلطَانُ وَأَجبَرَهُ بالأَلِفِ.

وَيُقَالُ: هُوَ الذِي جَبَرَ مَفَاقِرَ الخَلْقِ وَكَفَاهُم أَسبَابَ المَعَاشِ وَالرِّزْقِ.

 

وَيُقَالُ: بَلِ الجَبَّارُ العَالِي فَوقَ خَلقِهِ؛ مِنْ قَولِهم: تَجَبَّرَ النَّبَاتُ إِذَا عَلاَ واكتَهَلَ، يُقَالُ للنَّخْلَةِ التِي لَا تَنَالُهَا اليَدُ طُولًا: الجَبَّارَةُ»[8].

 

وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ: «(الجَبَّارُ): جَبَرُوتُ اللهِ عَظَمَتُهُ، وَالعَرَبُ تُسَمِّي المَلِكَ: الجَبَّارَ»[9].

 

وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «(الجَبَّارُ): هُوَ بمَعْنَى العَلِيِّ الأعْلَى، وَبِمَعْنَى القَهَّارِ، وبمعنَى الرؤُوفِ الجَابِرِ للِقُلُوبِ المُنكَسِرَةِ، وللضَعِيفِ العَاجِزِ، وَلِمَنْ لَاذَ بِهِ وَلَجَأَ إِليهِ»[10].

 

قُلتُ: وَهُوَ مَا نَظَمَهُ ابنُ القَيَّمِ فِي «النُّونِيَّةِ»:

وكَذَلِكَ الجَبَّارُ مِنْ أَوْصَافِهِ
وَالجَبْرُ فِي أَوْصَافِهِ قِسْمانِ
جَبْرُ الضَّعيفِ وَكُلِّ قَلبٍ قَدْ غَدَا
ذَا كَسْرةٍ فَالجَبرُ مِنهُ دَانِ
وَالثَّانِ جَبْرُ القَهْرِ بِالعِزِّ الَّذِي
لَا يَنبَغِي لِسِوَاهُ مِنْ إِنسَانِ
وَلَهُ مُسمًّى ثَالِثٌ وَهُوَ العُلُوُّ
فَلَيسَ يَدنُوُ مِنْهُ مِنْ إِنسَانِ
مِنْ قَولِهم جَبَّارَةٌ للنَّخْلةِ ال
عُلْيَا التِي فَاتَتْ لِكُلِّ بَنَانِ

 

فَيكُونُ مَعنى الجَبَّارِ عَلَى وُجُوهٍ:

1- (الجَبَّارُ): هُوَ العَالِي عَلَى خَلقِهِ، وَفَعَّالٌ مِنْ أَبنِيَةِ المُبَالَغَةِ.

2- (الجَبَّارُ): هُوَ المُصلحُ لِلأُمُورِ مِنْ جَبرِ الكَسرِ إِذَا أَصلَحَهُ وَجَبْرِ الفَقِيرِ إِذَا أَعَنَاهُ.

3- (الجَبَّارُ): هُوَ القَاهِرُ خَلقَهُ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ أَمرٍ أَوْ نَهيٍ[12]. كَمَا قَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ﴾ [ق: 45]؛ أَيْ: لَستَ بِالذِي تَجبرُ هَؤلاءِ عَلَى الهُدَى، وَلَمْ تُكَلَّفْ بِذَلِكَ.

وَعَلَى المَعْنَى الأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وعَلَى المَعْنَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ.

 

ثمرات الإيمان باسم الله الجبار:

1- إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الجَبَّارُ الذِي لَهُ العُلُوُّ عَلَى خَلْقِهِ، عُلُوُّ الذَّاتِ، وَعُلُو القَدْرِ وَالصِّفَاتِ، وَعُلُو القَهْرِ وَالجَبْرِ[13]، لاَ يدنُو مِنهُ الخَلْقُ إِلَّا بِأَمرِهِ، وَلَا يَشفَعُونَ أَوْ يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مِنْ بَعدِ إِذنِهِ، لَنْ يَبلُغُوا ضُرَّهُ فَيضُرُّوهُ، وَلَنْ يَبلغُوا نَفَعهُ فينفَعُوهُ.

 

2- جَبَرَ اللهُ تَعَالَى خَلْقَهُ عَلَى مَا أرادَ أنْ يكُونُوا عَلَيْهِ مِنْ خَلْقٍ، لَا يمتَنِعُ عَلَيهِ شيءٌ أَبَدًا ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82].

 

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83].

 

وَقَالَ: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].

 

وَقَالَ: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 11، 12].

أَيْ: استَجِيبَا لأَمِرِي، وانفَعِلَا لِفْعِلي طائعتينِ أَوْ مُكْرَهَتَينِ.

 

3- واللهُ سُبحَانَهُ جَبَرَ خَلقَهُ أَيضًا عَلَى مَا شَاءَ مِنْ أَمرٍ أَوْ نَهيٍ، بِمعنَى أَنَّهُ شَرَعَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا ارتَضَاهُ هُوَ، كَمَا قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [المائدة: 1].

 

فَشَرعَ لَهُم مِنَ الشَّرَائِعِ مَا شَاءَ، وَأَمَرَهُم باتِّبَاعِهَا وَنَهَاهُم عَنِ العُدُول عَنهَا، فَمَنْ أَطَاعَ فَلَهُ الجَنَّةُ وَمَنْ عَصَى فَلَهُ النَّارُ، وَلَمْ يَجْبُرْ أَحَدًا مِنْ خَلقِهِ عَلَى إِيمَانٍ أَوْ كُفرٍ، بَل لَهُم المَشِيئَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].

 

وَقَالَ: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَخرُجُونَ عَنْ مَشِيئَتِهِ[14].

 

وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، وَلَم يَجعلْ لهم اختِيَارًا كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [الرعد: 31]، وَقَالَ: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ [السجدة: 13].

 

4- الجَبَرُوتُ للهِ وَحدَهُ، وَقَدْ مَدَحَ اللهُ بِهَذَا الاسمِ نَفْسَهُ وَأَمَّا فِي حَقِّ الخَلْقِ فَهُوَ مَذمُومٌ فَمَا الفَرْقُ؟

الفَرْقُ أَنَّهُ سُبحَانَهُ قَهَرَ الجَبَابِرَةَ بجبَرُوتِهِ وَعَلَاهُم بِعَظَمَتِهِ لَا يَجرِي عَلَيهِ حُكمُ حَاكِمٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ انقِيَادُهُ، وَلَا يتوجَّهُ عَلَيهِ أَمرُ آمِرٍ فَيلزَمُهُ امتِثَالُهُ، آمِرٌ غَيرُ مَأْمُورٍ، قَاهِرٌ غَيرُ مَقُهورٍ: ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23].

 

وَأَمَّا الخَلقُ فَهُم مَوصُفُونَ بِصِفَاتِ النَّقصِ مَقهُورُونَ مَجبُورُونَ تُؤذِيهِم البَقَّةُ وَتَأْكُلُهُم الدُّودَةُ، وَتشوشُهُم الذُّبَّابَةُ، أَسِيرُ جُوعِهِ، وَصَرِيعُ شِبَعِهِ، وَمَنْ تَكُونُ هَذِهِ صِفَتُهُ كَيفَ يَلِيقُ بِهِ التَّكَبُّرُ والتَّجَبُّرُ؟![15].

 

وَقَدْ أَنكَرَت الرُّسُلُ عَلَى أَقوَامِهَا صِفَةَ التَّجَبُّرِ والتكَبُّرِ فِي الأرضِ بغَيرِ الحَقِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ هُودٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لِقَومِهِ: ﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 130، 131]، إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الشعراء: 135]، وَلَكِنَّهُم عَانَدُوا واتَّبَعُوا أَمرَ جَبَابِرَتِهم فَهَلَكُوا أَجمَعِينَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [هود: 59].

 

وَقَدْ كَانَ التَّجَبُّرُ سَبَبًا لِلطَّبعِ عَلَى قُلُوبِهِم فَلَمْ تَعرِفْ مَعرُوفًا وَلَمْ تُنكِرْ مُنْكَرًا ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر: 35].

 

وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ سُبْحَانَهُ الجَبَابِرةَ بالعَذَابِ والنَّكَالِ، تَوَعَّدَهُم بِجَهَنَّمَ وَبِئسَ المِهَادُ، قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 15 - 17].

 

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَخرُجُ عُنقٌ مِنَ النَّار يَومَ القِيَامَةِ لَهُ عَينَانِ تُبصِرَانِ، وَأُذُنَانِ تَسمَعَانِ، وَلِسَانٌ يَنطِقُ يَقُولُ: إِنَّي وُكِّلتُ بِثَلَاثةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ، وَبِالمُصَوِّريِنَ»[16].

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَحَاجَّت الجَنَّةُ وَالنَّارُ؛ فَقَالَت النَّارُ: أُوثِرتُ بِالمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ...»[17].

 

5- الأَرضُ كُلُّهَا خُبزَةٌ بِيَدِ الجَبَّارِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَومَ القِيَامَةِ:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدريِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَكُونُ الأَرضُ يومَ القِيامَةِ خُبزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفَّؤهَا الجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكفَأُ أَحَدُكُم خُبزَتَهُ فِي السَّفَرِ نُزُلاً لأِهلِ الجَنَّةِ...»[18].

 

6- وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدعُو بَينَ السَّجدَتَينِ فَيقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِر لِي وارْحَمنِي واجْبُرْنِي وارْفَعنِي وَاهْدنِي وَعَافِني وَارزُقْنِي»[19].

فَكَانَ يَدعُو بِمَا دَلَّ عَلَيهِ اسمُ (الجَبَّارِ) جَلَّ وَعَلَا.

 

قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: وَاجبُرنِي أَيْ: أغْنِني، مَنْ جَبَر اللهُ مُصِيبَتَهُ: أَيْ: رَدَّ عَلَيهِ مَا ذَهَبَ مِنهُ وَعَوَّضَهُ، وَأَصْلُهُ مِنْ جَبْر الكَسرِ[20].

 

وَكَانَ يُعَظِّمُ رَبَّهُ أَيَضًا بِهَذَا الاسمِ فِي الصَّلاةِ فِي الرُّكُوعِ والسُّجُودِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأشجَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ ذِي الجَبروتِ والمَلكوتِ والكِبْرياءِ والعَظَمَةِ»[21]. وَفِي سُجُودِهِ مثلُ ذَلِكَ.



[1] أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 17، 18).

[2] المفردات (ص: 183)، والفائق في غريب الحديث للزمخشري (1/ 416)، ولسان العرب (4/ 113).

[3] المقصد الأسنى (ص: 71)، وتفسير أسماء الله للزجاج (ص: 34).

[4] المقصد الأسنى (74).

[5] شفاء العليل (121).

[6] الطبري (28/ 36)، وابن كثير (4/ 343).

[7] رواه ابن جرير عنه بإسناد صحيح.

[8] شأن الدعاء (ص: 48)، وراجع تفسير الأسماء للزجاج (ص: 34 - 35) والاعتقاد للبيهقي (ص: 55)، والقرطبي (18/ 47)، وروح المعاني (28/ 63).

[9] فتح القدير (5/ 208).

[10] تفسير الكريم (5/ 301).

[11] النونية (2/ 232).

[12] انظر: شرح الأسماء للرازي (ص: 197 - 198)، ولسان العرب (1/ 534).

[13] ويأتي الكلام على العلوِّ بالتفصيل عند أسمائه تعالى (العليُّ - الأعلى - المتعال).

[14] وأما الجبرية الضُّلَّال فإنهم نَفَوْا أن يكون للعبد أي فعل أو اختيار، فقالوا: الإنسان كالميت الذي لا فعل له، أو كالشجر الذي تحرِّكه الريح، والفاعل في الحقيقة هو الله، وهو مع ذلك ملوم ومحاسب على فعله، هذا هو التوحيد عندهم!

وسيأتي مزيد من التفصيل في الكلام على خَلْق أفعال العباد، انظر آثار الإيمان بـ(الخالق) رقم (3).

[15] شرح الأسماء للرازي (ص: 199).

[16] رواه أحمد (2/ 336)، والترمذي (2698) كلاهما من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة؛ مرفوعًا، وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.

[17] رواه البخاري (4850)، ومسلم (2846).

[18] رواه البخاري (6520)، ومسلم (2792)، ومعنى «يتكفَّؤها الجبَّار بيده»: أي: يُميلها مِن يدٍ إلى يدٍ حتى تجتمع وتستوي؛ لأنها ليست منبسطة كالرقاقة ونحوها، وتكون كالرغيف العظيم، ويكون ذلك طعامًا نزلًا لأهل الجَنَّة.

[19] رواه أبو داود (850)، والترمذي (283)، وابن ماجه (898)، والحاكم (1/ 271) وصححه من طريق كامل أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر...» إلخ. ورجاله ثقات سوى كامل أبي العلاء: وهو ابن العلاء التميمي الكوفي صدوق يخطئ كذا في «التقريب»؛ فالحديث إسناده حَسَن، والله اعلم.

[20] النهاية (1/ 236).

[21] حديثٌ حسَن: أخرجه أبو داود (873)، والنسائي (2/ 223) من طريق معاوية بن صالح، عن عمرو ابن قيس، عن عاصم بن حميد، عن عوف بن مالك الأشجعي.

معاوية بن صالح: هو ابن حُدير صدوق له أوهام، وعمرو بن قيس: هو ابن ثور: ثقة، وعاصم: هو السكوني مخضرم صدوق؛ فالحديث حَسَن بهذا الإسناد.




 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • معنى اسم الله البارئ
  • معنى اسم الله الحي
  • معنى اسم الخبير
  • المؤمن جل وجلاله

مختارات من الشبكة

  • معنى اسم الجواد من أسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الأسماء الحسنى معنى اسم الكريم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح الأسماء الحسنى معنى اسم الشاف(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • المعاني المهملة في بعض شواهد علم المعاني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح مائة المعاني والبيان (علم المعاني - أحوال الإسناد الخبري)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • زعل: بين المعنى الفصيح والمعنى المولد(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحمل على المعنى في اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة كشف معاني البديع في بيان مشكلات المعاني(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة معاني القرآن (إعراب القرآن ومعانيه)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • اختلاق الأوجه والمعاني في كتب حروف المعاني (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


ترتيب التعليقات

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • رسميا الإسلام الأسرع نموا في النرويج
  • مسلمون جدد ومشروعات دعوية بقرى رواندا وبنين
  • مؤسسات إسلامية تعتزم إهداء 10000 نسخة من القرآن بالنرويج
  • استمرار زيادة أعداد المسلمين في منطقة نالرجو شمال غانا
  • دورة شرعية للمسلمين الجدد بمدينة كييف
  • مشروعات دعوية بتوجو وبنين
  • حملة رحمة للعالمين تجوب مدن أوكرانيا
  • رسميا افتتاح أول جامعة إسلامية دولية في إندونيسيا ديسمبر 2020

  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1441هـ / 2019م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/4/1441هـ - الساعة: 15:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب