• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

ليس لها من دون الله كاشفة

ليس لها من دون الله كاشفة
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2017 ميلادي - 1/2/1439 هجري

الزيارات: 61065

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليس لها من دون الله كاشفة

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، حُلُولُ المَصَائِبِ وَنُزُولُ البَلايَا بِالإِنسَانِ، مِمَّا لا يَنفَكُّ عَنهُ أَحَدٌ كَائِنًا مَن كَانَ، وَمَن ذَا الَّذِي يَسلَمُ مِنَ البَلاءِ أَو تُخطِئُهُ صُرُوفُ اللَّيَالي، مِن فَقدِ عَزِيزٍ أَو مَوتِ قَرِيبٍ، أَو حُدُوثِ مَرَضٍ أَو تَلَفِ مَالٍ، أَو ضِيقِ رِزقٍ أَو تَعَسُّرِ أَمرٍ، أَو نُشُوزِ زَوجَةٍ أَو عُقُوقِ وَلَدٍ، أَو غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لا يَسلَمُ مِنهُ أَحَدٌ.

 

وَكَمَا يُصَابُ الأَفرَادُ وَتُبتَلَى الأُسَرُ، تُصَابُ المُجتَمَعَاتُ وَتُبتَلَى الأُمَمُ، فَيَتَعَسَّرُ مَا كَانَ يَسِيرًا، وَيَقِلُّ مَا كَانَ كَثِيرًا، وَيَغلُو مَا كَانَ رَخِيصًا، وَيَضعُفُ مَن كَانَ ذَا قُوَّةٍ وَهَيبَةٍ، وَيَذِلُّ مَن كَان ذَا عِزَّةٍ وَشِدَّةٍ، غَيرَ أَنَّ مِن خَطَأِ المُجتَمَعَاتِ مَعَ مَا يَعرِضُ لَهَا وَيَحدُثُ، أَنَّ تَفكِيرَ أَفرَادِهَا يَنصَبُّ أَوَّلَ مَا يَنصَبُّ عَلَى مَخلُوقٍ تُنزَلُ بِهِ الحَاجَةُ وَتُشكَى إِلَيهِ الحَالُ، فَتَرَى الأَبصَارَ تُقَلَّبُ يَمنَةً وَيَسرَةً، وَالأَفكَارَ تَذهَبُ أَبعَدَ مَا تَكُونُ عَنِ الوَاقِعِ، وَيَبحَثُ الجَمِيعُ وَيَتَسَاءَلُونَ: عَلَى مَنِ المُعتَمَدُ؟! وَإِلى مَنِ المَلجَأُ؟! وَمَن ذَا الَّذِي سَيَقضِي الحَاجَةَ أَو يُفَرِّجُ الكُربَةَ؟! مَن هُوَ الأَقوَى؟! وَمَن ذَاكَ الأَغَنى؟! وَهَل ثَمَّ عِلاقَةٌ قَوِيَّةٌ بِالفَاعِلِينَ المُؤَثِّرِينَ؟! وَأَينَ مَوقِعُنَا مِن بَينِ العَالَمِينَ؟! وَيَتَدَرَّجُ الأَمرُ بِالنَّاسِ بِحَسَبِ شِدَّةِ مَا يُصِيبُهُم، مِنَ الإِسرَارِ بِمَا تَجِيشُ بِهِ الصُّدُورُ إِلى الزُّمَلاءِ وَالأَصدِقَاءِ، إِلى اللُّجُوءِ إِلى المُفَكِّرِينَ وَالعُلَمَاءِ وَالكُبَرَاءِ، إِلى رَفعِ الشَّكوَى لِلمُسؤُولِينَ وَأَصحَابِ الوِلايَاتِ وَالرُّؤَسَاءِ، وَيَظَلُّ النَّاسُ في بَحثِهِم عَن حَلِّ المُتَعَقِّدِ وَتَيسِيرِ المُتَعَسِّرِ يَحسِبُونَ حِسَابًا لِقَولِ فُلانٍ، وَيُعَلِّقُونَ آمَالَهُم بِرَأيِ عَلاَّنٍ، أَو يَتَرَقَّبُونَ قَرَاراتٍ أَو يَنتَظِرُونَ وُعُودًا، أَو يَتَشَوَّفُونَ إِلى نَتَائِجِ تَدبِيرٍ بَشَرِيٍّ، وَلا تَسَلْ عَن فَرَحِهِم بِمَا يَرَونَهُ أَو يَسمَعُونَهُ، مِمَّا ظَاهِرُهُ الوُقُوفُ في صَفِّ المُستَضعَفِينَ وَنَصرُ المَظلُومِينَ، وَإِعَادَةُ الحُقُوقِ إِلى أَصحَابِهَا وَوَضعُ الأُمُورِ في نِصَابِهَا. هَكَذَا تَعتَلِجُ الهُمُومُ في الصُّدُورِ، وَهَكَذَا يَحصُلُ في الوَاقِعِ وَيَدُورُ، وَمَا عَلِمَ هَذَا الإِنسَانُ الضَّعِيفُ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا يُعَاني مِنهُ مِن تَفَاقُمِ البَلاءِ، أَو يَشكُوهُ مِن تَعَقُّدِ الأُمُورِ، لم يَكُنْ إِلاَّ حِينَ تَجَاهَلَ الأَسبَابَ الحَقِيقِيَّةَ لِمُشكِلاتِهِ، وغَفَلَ عَمَّن بِيَدِهِ الخَلاصُ مِنَ المَآزِقِ وَالوَرطَاتِ، وَهَرَبَ مِمَّن يَملِكُ حَلَّ العُقَدِ، في مُقَابِلِ اعتِمَادٍ عَلَى العَاجِزِينَ، أَو رُكُونٍ إِلى الظَّالِمِينَ، أَو تَقَرُّبٍ لِلمُعَادِينَ، أَو ثِقَةٍ في المُغرِضِينَ المُتَرَبِّصِينَ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، كُلُّنَا يَقرَأُ قَولَ اللهِ - تَعَالى -: ﴿ وَمَن يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن مُكرِمٍ ﴾ [الحج: 18] وَقَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ أَمَّن هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُم يَنصُرُكُم مِن دُونِ الرَّحمَنِ إِنِ الكَافِرُونَ إِلاَّ في غُرُورٍ * أَمَّن هَذَا الَّذِي يَرزُقُكُم إِن أَمسَكَ رِزقَهُ بَل لَجُّوا في عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴾ [الملك: 20، 21] وَقَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ أَيَبتَغُونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139] وَقَولَهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ﴾ [يونس: 31، 32] وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبَةٌ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ﴾.

 

نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - يَقرَأُ المُسلِمُونَ جَمِيعًا هَذِهِ الآيَاتِ وَلا يَشُكُّونَ فِيمَا جَاءَ فِيهَا، وَلَكِنَّ العَجِيبَ أَن يَقرَؤُوهَا وَيَفهَمُوهَا، ثم يَستَنكِرُوا مَا يُصِيبُهُم مِن هَوَانٍ، أَو يَرجُوا عِزَّةً أَو نَصرًا مِمَّن أَهَانَهُ اللهُ، أَو إِصلاحًا لِشُؤُونِهِم مِمَّن بَعُدَ عَنِ اللهِ؟! أَو رِزقًا مِمَّن لا يَملِكُهُ؟! أَو تَفرِيجَ هَمٍّ مِمَّن لا زَالَتِ الهُمُومُ تُلاحِقُهُ وَتَملأُ قُلبَهُ؟! وَفي الحَدِيثِ عَن عِبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ -: " مَن نَزَلَت بِهِ فَاقَةٌ فَأَنزَلَهَا بِالنَّاسِ لم تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَن نَزَلَت بِهِ فَاقَةٌ فَأَنزَلَهَا بِاللهِ فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ بِرِزقٍ عَاجِلٍ أَو آجِلٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - حِينَمَا تَتَوَالَى الفِتَنُ وَالمِحَنُ، وَتُلقِي الأَحدَاثُ بِظُلمَتِهَا عَلَى الأَجوَاءِ، وَتَتَنَافَرُ المَوَاقِفُ وَتَتَنَاقَضُ الآرَاءُ، فَلَيسَ الخَلاصُ مِن كُلِّ هَذَا بِالقُدرَةِ عَلَى تَحلِيلِ الأَحدَاثِ، أَو في دِقَّةِ استِنتَاجِ نَتَائِجِهَا وَعُمقِ الاستِشرَافِ لِلمُستَقبَلِ، أَو بِادِّعَاءِ الفَهمِ لِلوَاقِعِ وَالانقِيَادِ لَهُ وَمُسَايَرَتِهِ، بِتَميِيعِ النُّصُوصِ الشَّرعِيَّةِ وَلَيِّ أَعنَاقِهَا، لِتَتَوَافَقَ مَعَهُ عَلَى مَا فِيهِ مِن سُوءٍ، أَو لِتُقنَعَ الأَنفُسُ الأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ بِصَوَابِ مَا تَفعَلُ، نَعَم - أَيُّهَا الإِخوَةُ - لَيسَ كَشفُ الغُمَّةِ وَلا رَفعُ المَقتِ عَنِ الأُمَّةِ، وَلا إِزَالَةُ البَلاءِ عَنِ المُجتَمَعِ، في مُتَابَعَةِ أَخبَارٍ وَقَنَواتٍ، وَلا في الإِصغَاءِ لِتَغطِيَاتٍ وَتَحلِيلاتٍ، فَذَاكَ عَالَمٌ يَجمَعُ الحَابِلَ وَالنَّابِلَ، وَيَضُمُّ الغَثَّ وَالسَّمِينَ، وَيَختَلِطُ فِيهِ الكَذِبُ بِالتَّدلِيسِ، وَيَكثُرُ الفُجُورُ في الخُصُومَاتِ، وَالاصطِيَادُ في المَاءِ العَكِرِ، وَنَبشُ الأَحقَادِ القَدِيمَةِ وَتَصفِيَةُ الحِسَابَاتِ. إِنَّ الخَلاصَ لا يَكُونُ إِلاَّ بِاللَّجَأِ إِلى اللهِ وَالانطِرَاحِ بَينَ يَدَيهِ، وَالعَودَةِ الصَّادِقَةِ إِلَيهِ، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِ، مَعَ التَّبَرُّؤِ مِن حَولِ النُّفُوسِ وَقُوَّتِهَا، وَالانصِرَافِ عَن جُهُودِ البَشَرِ وَتَدبِيرِهِم، إِلى حَولِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَتَدبِيرِهِ وَتَوفِيقِهِ، فَمَا يَجرِي عَلَى الأَرضِ شَيءٌ إِلاَّ بِقَدَرِهِ، وَلا عَاصِمَ مِن أَمرِهِ إِلاَّ رَحمَتُهُ، وَلا يَرفَعُ القَدَرَ وَيَرُدُّ الشَّرَّ وَيَصرِفُ السُّوءَ إِلاَّ دُعَاؤُهُ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ " أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن مُسلِمٍ يَدعُو بِدَعوَةٍ لَيسَ فِيهَا إِثمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعطَاهُ اللهُ بِهَا إِحدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَن يُعَجِّلَ لَهُ دَعوَتَهُ، وَإِمَّا أَن يَدَّخِرَهَا لَهُ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَن يَصرِفَ عَنهُ مِنَ السُّوءِ مِثلَهَا " قَالُوا: إِذًا نُكثِرُ. قَالَ: " اللهَ أَكثَرُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلْنَكُنْ مَعَهُ بِقُلُوبِنَا وَجَوارِحِنَا، وَلْنَتَرَقَّبْ مِن حَكِيمِ أَمرِهِ وَلَطِيفِ تَدبِيرِهِ مَا يُغَيِّرُ مَجرَى الأُمُورَ وَيَقلِبُ المَوَازِينَ؛ فَإِنَّهُ - تَعَالى - هُوَ رَبُّ الكَونِ وَمُدَبِّرُهُ، الخَلقُ خَلقُهُ وَالأَمرُ أَمرُهُ، وَسَيَمضِي الأَمرُ بِمَا قَضَى، وَلَن يَكُونَ إِلاَّ مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ، لا ما يُرِيدُهُ مَن يَظُنُّونَ اليَومَ أَنَّهُم يَتَحَكَّمُونَ في مَجرَى الأَحدَاثِ، وَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُم يُرسُونَ قَوَاعِدَهَا وَيُوَجِّهُونَهَا كَيفَ شَاؤُوا، فَنَسأَلُهُ أَن يَجعَلَ في قَضَائِهِ الخَيرَ لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ، فَإِنَّهُ - سُبحَانَهُ - القَائِلُ: ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمسَسْكَ بِخَيرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ القَاهِرُ فَوقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 17، 18] وَالقَائِلُ: ﴿ وَإِن يَمسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيرٍ فَلا رَادَّ لِفَضلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107].

♦   ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا * وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لا يَنبَغِي لِمَكرُوبِينَ أَو مُبتَلَينَ، أَن يَغفُلُوا عَمَّا وَعَدَ اللهُ بِهِ في كِتَابِهِ وَحَكَمَ بِهِ، فَقَد قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوفِ وَالجُوعِ وَنَقصٍ مِنَ الأَموَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]  وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضلٍ لم يَمسَسْهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173-174] وَقَالَ - سُبحَانَهُ - عَن مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمرِي إِلى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرعَونَ سُوءُ العَذَابِ ﴾ [غافر: 44، 45] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقدِرَ عَلَيهِ فَنَادَى في الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاستَجَبنَا لَهُ وَنَجَّينَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤمِنِين ﴾ [الأنبياء: 87، 88] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا كَانَ قَولَهُم إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسرَافَنَا في أَمرِنَا وَثَبِّتْ أَقدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنيَا وَحُسنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 147] إِنَّهُ لَعَجِيبٌ أَن تُقرَأَ هَذِهِ الآيَاتُ وَتَتَرَدَّدَ عَلَى المَسَامِعِ، وَيُستَحضَرَ مَا دَلَّت عَلَيهِ مِن شَدَائِدَ كَشَفَهَا اللهُ بِأَسبَابٍ بَذَلَهَا المُبتَلَونَ عَن يَقِينٍ، ثم تَمُرَّ هِيَ وَأَمثَالُهَا عَلَى المُسلِمِينَ مُرُورَ الكِرَامِ، وَكَأَنَّ الَّذِي وَعَدَ بِمَا فِيهَا وَحَكَمَ بِهِ أَحَدٌ غَيرُ اللهِ الحَكِيمِ العَلِيمِ، الَّذِي لا يَبطُلُ حُكمُهُ وَلا يُخلَفُ وَعدُهُ؟! إِنَّهُ لا حُلُولَ لِرَحمَةٍ بَعدَ ابتِلاءٍ، وَلا هِدَايَةَ لِقَلبٍ لأَقوَمِ السُّبُلِ، وَلا أَحسَنَ مُنقَلَبًا لِعَبدٍ وَلا أَسلَمَ لَهُ مَرجِعًا، وَلا وِقَايَةَ مِن مَكرٍ وَلا نَجَاةَ مِن غَمٍّ، وَلا ثَبَاتَ لأَقدَامٍ وَلا نَصرَ عَلَى الكَافِرِينَ، إِلاَّ بِلُزُومِ الصَّبرِ وَحُسنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، وَتَقوِيَةِ العِلاقَةِ بِهِ وَتَفوِيضِ الأُمُورِ إِلَيهِ، وَالاعتِرَافِ بِالتَّقصِيرِ في حَقِّهِ وَتَعجِيلِ التَّوبَةِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنَتَوَكَّلْ عَلَيهِ  ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَد جَاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكُم فَمَنِ اهتَدَى فَإِنَّمَا يَهتَدِي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيهَا وَمَا أَنَا عَلَيكُم بِوَكِيلٍ * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيكَ وَاصبِرْ حَتَّى يَحكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيرُ الحَاكِمِينَ ﴾ [يونس: 108، 109].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لستَ وحيدا في المصائب
  • علاج الأحزان وحرارة المصائب
  • من أعظم المصائب
  • وما تناكر منها اختلف
  • أتدرون ما العاصمة؟! أتدرون ما الكاشفة؟!
  • { ليس لها من دون الله كاشفة }

مختارات من الشبكة

  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليس بحاجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب ليس لها نهاية (الطلاق)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ورود الواتساب ليس لها رائحة!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليس لها من دون الله كاشفة (برنامج: ادعوني أستجب لكم)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الحروف ليس لها شبكة مفردات بل شبكة أصوات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ليس لها إلا المحتسبون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليسوا سواء (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، والتعلق؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ليس من الضروري(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب