• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رد القرض عند تغير قيمة النقود (PDF)
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    هل أنت راض حقا؟
    سمر سمير
  •  
    حين يرقى الإنسان بحلمه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطى المساجد (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    فوائد من حديث: أتعجبين يا ابنة أخي؟
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    مع سورة المعارج
    د. خالد النجار
  •  
    وقفات مع اسم الله السميع (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    من مائدة الحديث: التحذير من الظلم
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الثاني)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    حقوق الخدم في الاسلام
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الصفات الفعلية
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده
    إبراهيم الدميجي
  •  
    الإسلام يدعو لمعالي الأخلاق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    كيف واجه العلماء فتنة السيف والقلم؟
    عمار يوسف حرزالله
  •  
    مغسلة صلاة الفجر
    خميس النقيب
  •  
    من صور الخروج عن الاستقامة
    ناصر عبدالغفور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة عن: "أولئك كالأنعام بل هم أضل"

خطبة عن: "أولئك كالأنعام بل هم أضل"
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/4/2017 ميلادي - 28/7/1438 هجري

الزيارات: 63748

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن: "أولئك كالأنعام بل هم أضل"

 

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّنَا بِطَاعَتِهِ، وَفَضَّلَنَا عَلَى سَائِرِ مَنْ خَلَقَ بِالْتِزَامِ شِرْعَتِهِ، وَفَضَّلَ الْمُسْلِمَ عَلَى غَيْرِهِ بِحِكْمَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ وَلا مُكَافِئَ لَهُ فِي عِزَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَخْرَجَ الْعِبَادَ مِنَ الظُّلُمَاتِ بِسُنَّتِهِ، وَمَيَّزَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ بِدَعْوَتِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِي نَفْسِي وَأُوصِيكُمْ بِتَقْوَي اللهِ والْعَمَلِ لِلْيَوْمِ الْمَشْهُودِ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].


عِبَادَ اللهِ... رَوَى الإِمَامُ ابْنُ مَاجَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ". هَذَا الْحَدِيثُ يُفِيدُنَا أَنَّ هُنَاكَ مُقَدِّمَاتٌ لِسَخَطِ اللهِ وَنَتِيجَةٌ لَهُ، وَالنَّتِيجَةُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ هِيَ أَنْ يَحِلَّ سَخَطُ اللهِ بالْعَاصِينَ وَالْمُعْرِضِينَ عَنْ طَاعَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِي يَلْفِتُ نَظَرَ الْقَارِئِ وَالسَّامِعِ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ: "وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا" فَهَذَا يَقُودُنَا إِلَى أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هُنَاكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مَنْ هُوَ أَقَلُّ عِنْدَ اللهِ مِنَ الْبَهَائِمِ والأَنْعَامِ؟


نَعَمْ -يَا عِبَادَ اللهِ- قَدْ وَصَلَ الْحَالُ بِبَعْضِ الْبَشَرِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْبَهَائِمِ بَلْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَاسْمَعْ إِلَى مُقَارَنَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حِينَمَا يُوَضِّحُ لَنَا مَدَى الانْحِطَاطِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الإِنْسَانُ عِنْدَمَا يَعْصِي رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَهَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ، وَبِقَدْرِ مَعْصِيَتِهِ لِرَبِّهِ بِقَدْرِ انْحِطَاطِهِ إِلَى رُتْبَةِ الأَنْعَامِ، حَتَّى إِذَا انْسَلَخَ مِنْ دِينِهِ بِالْكُلِّيَّةِ انْسَلَخَ حِينَئِذٍ مِنْ آدَمِيَّتِهِ وَلَا شَكَّ؛ قَالَ تَعَالَى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12]، وفِي آيَةٍ أُخْرَى يَذْكُرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ سَمْعَهُمْ وَعُقُولَهُمْ لَمْ تَنْفَعْهُمْ مَعَ ضَلَالِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: 44]، ثُمَّ يَنْعَتُهُمُ اللهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى بِالْغَفْلَةِ، مُبَشِّرًا إِيَّاهُمْ بِجَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ، فَيَقُولُ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].


والسَّبَبُ فِي هَذَا كُلِّهِ -عِبَادَ اللهِ- أَنَّ مِنَ النَّاسِ فِئَةٌ قَدْ فَعَلَتْ مُوجِبَاتِ سَخَطِ اللهِ، وابْتَعَدَتْ عَنْ طَرِيقِ رِضْوَانِهِ، وَخَالَفُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَلِيلِ والْكَثِيرِ، خَالَفُوهُ فِي أَخْلاقِهِ كُلِّهَا؛ فَإِنَّكَ وَبِمُجَرَّدِ نَظْرَةٍ سَرِيعَةٍ لِهَؤُلاءِ تَرَى الْفَرْقَ الْكَبِيرَ بَيْنَ أَخْلاقِ الْيَوْمِ وَبَيْنَ أَخْلاقِ النُّبُوَّةِ؛ سَتَرَى أُنَاسًا أَسَاءُوا الْعَمَلَ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104]..


لَقَدْ أَصْبَحَتِ الْعِبَادَاتُ مُجَرَّدَ شَعَائِرَ تُقَامُ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ رُوحِهَا وَمَعَانِيهَا مَعَ تَقْصِيرٍ كَبِيرٍ فِي أَدَائِهَا، فَلَا تُأْتَى الصَّلاَةُ إلَّا دِبَارًا، وَلَا تُخْرَجُ الزَّكَاةُ إلَّا عَلَى مَضَضٍ، وَخَلَا الصَّوْمُ مِنْ أَهَمِّ مَعَانِيهِ وَهُوَ التَّقْوَى، وَأَصْبَحَتْ عَلاَقَةُ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ يَكْسُوهَا الْجَفَاءُ وَالْفُتُورُ.. فَهَلْ كَانَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ؟! كَلَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، بَلْ كَانَ يَقُولُ: "أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلالُ"، فَلَقَدْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَشْتَاقُ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ وَيَرْتَاحُ بِفِعْلِهِ الْعِبَادَةَ.


أَصْبَحَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَحْتَرِفُ الْكَذِبَ وَالْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ، يَعْرِفُ كَيْفَ يَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَيَتَفَنَّنُ في الغِشِّ وَالْخِدَاعِ.. فَهَلْ كَانَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ؟! كَلَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، بَلْ مَا بُعِثَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِمَكَارِمِ الْأخْلاقِ، وَمَا دَعَا بَعْدَ تَوْحِيدِ اللهِ مِثْلَمَا دَعَا إِلَى الأَخْلاقِ، بَلْ حَصَرَ بِعْثَتَهُ فِي الأَخْلاقِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ" أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.


لَقَدْ صَارَ الظُّلْمُ مُنْتَشِرًا فِي بَعْضِ مُجْتَمَعَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَالرَّجُلُ يَظْلِمُ وَالِدَهُ وَوَلَدَهُ، وَيَضْرِبُ بِنْتَهُ وَزَوْجَهُ، وَيُقَبِّحُ جَارَهُ.. يَسُبُّ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ، وَيَتَعَالَى الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَيَظْلِمُ الرَّجُلُ أَقَارِبَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَزَوْجَتَهُ فِي الْحُقُوقِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ الظُّلْمِ.. فَهَلْ كَانَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ؟! كَلَّا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، بَلْ كَانَ يُؤَدِّي الْحَقَّ، وَيُعِينُ الْمَظْلُومَ، وَيَنْتَصِرُ لِلضَّعِيفِ، وَيَرْأَفُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَيَحْتَرِمُ الْكَبِيرَ، كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ النَّاسِ لِأَهْلِهِ، وَأَحْسَنَهُمْ مَعَ صَحْبِهِ، وَأَرْحَمَهُمْ بِوَلَدِهِ وَبِنْتِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".


لَقَدْ مُلِئَتْ بَعْضُ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَنَوَاتِ الْهَابِطَةِ، وَأَصْبَحُوا يُشَاهِدُونَ الْمَشَاهِدَ الْمَاجِنَةَ وَالْفَاجِرَةَ، وَأَصْبَحَ صَوْتُ الْغِنَاءِ عَالِيًا، وَالْمُنْكَرَاتُ فِي الشَّوَارِعِ مُدَوِّيَةٌ، وَبَاتَتْ قَنَوَاتُ الْعُهْرِ والْفُجُورِ تُبَرِّرُ لِلنَّاسِ الْمَعْصِيَةَ والرَّذِيلَةَ.. شَبَابٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ دِينِهِ إلَّا الْقَلِيلَ، وَبَنَاتٌ لَا تَعْرِفْنَ إلَّا الْمَوْضَةَ وَالتَّزْيِينَ... وَإِذَا سَأَلْتَ عَنْ صَاحِبَاتِ وَأَصْحَابِ الدِّينِ.. قِيلَ: (كَانَ هَاهُنَا يَوْمًا دِينٌ، وَهُوَ مَا زَالَ لَكِنْ بِنَقْصٍ وَتَمْيِيعٍ، وَتَفْرِيطٍ وَتَضْيِيعٍ)، فَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى، وَلإِصْلاحِ الْحَالِ مِنْهُ الرَّجَا.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. لَمْ تَكُنْ أَخْلاقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينِهِ وَمُعَامَلَتِهِ وَحَيَاتِهِ مَعَ النَّاسِ مِثْلَمَا نَرَاهُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ، بَلْ كَانَ خُلُقُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ، كَانَ قُرْآنًا يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ، وَلَقَدْ وَصَفَهُ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ كَانَ كَافِرًا وذلك قبل أن يسلم، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، يَأْتِيهِ الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ، وَكَلاَمًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، فَقَالَ: مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ، فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، وَبَعْدَ مُرُورِ أَيَّامٍ اسْتَطَاعَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ طَرِيقِ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ، ثم خَرَجَ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قَامَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


وَوَصَفَهُ سَيِّدُ قُرَيْشٍ وَزَعِيمُهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ؛ فقد رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى هِرَقْلَ سَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ، قَالَ: إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ".


وَلَمَّا دَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَصَفَ لَهُ خُلُقَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ".

 

هَذِهِ هِي الْأخْلاقُ فِي أَبْهَى صُوَرِهَا، هَذِهِ هِي الْمَكَارِمُ فِي أَحْسَنِ حُلَلِهَا، هَذِهِ هِي طَهَارَةُ النَّفْسِ وَأَصَالَةُ النَّبْعِ، فَتَشَبَّهُوا إِنَّ لَمْ تَكُونُوا مِثْلَهُ، إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالنَّبِيِّ فَلاَحُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ لَكُمْ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَ، وَيَعْفُو عَنِ الزَّلَلِ، فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارَا.

♦ ♦ ♦

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ أَهْلِ الْحَمْدِ وَمُسْتَحِقِّهِ، حَمْدًا يَفْضُلُ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ قَائِمٍ بِحَقِّهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي صِدْقِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا جَادَ سَحَابٌ بِوَدَقِهِ، وَمَا رَعَدَ بَرْقُهُ... أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ... مَا لِبَعْضِ الْعِبَادِ لَا تَزِيدُهُمُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي إلَّا بَغْيًا، وَلَا يَزِيدُهُمُ الزَّمَنُ إلَّا بُعْدًا، فَلَا بِمَيِّتٍ اعْتَبَرُوا، وَلَا بِقَبْرٍ تَأَثَّرُوا، وَلَا بِمَوْعِظَةٍ اتَّعَظُوا.

 

كَمْ سَتَعِيشُ -أَيُّهَا الْمِسْكِينُ- فِي دُنْيَاكَ، أَمَا وَاللهِ لَوْ عُمِّرْتَ عُمْرَ نُوْحٍ، أَوْ مَلَكْتَ مُلْكَ الرَّشِيدِ والنُّمْرُودِ.. وَاللهِ لَتَمُوتَنَّ.. سَتَمُوتُ كَمَا مَاتَ أَبِي وَأَبُوكَ، وَسَتَدْخُلُ قَبْرَكَ كَمَا دَخَلَهُ جَدِّي وَجَدُّكَ، وَسَتَلْحَقُ بِرَبِّكَ كَمَا لَحِقَتْ أُمِّي وَأُمُّكَ، وَسَتُتْرَكُ وَحِيدًا كَمَا تَرَكْتَ أَهْلَكَ.

أَيَا عَبْدُ كَمْ يَرَاكَ اللهُ عَاصِيًا
حَرِيصًا عَلَى الدُّنْيَا ولِلْمَوْتِ نَاسِيَا
أَنَسِيتَ لِقَاءَ اللهِ واللَّحْدَ والثَّرَى
وَيَوْمًا عَبُوسًا تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِيَا
لَوْ أَنَّ الْمَرْءَ لَمْ يَلْبَسْ ثِيَابًا مِنَ التُّقَى
تَجَرَّدَ عُرْيَانًا وَلَوْ كَانَ كَاسِيَا
وَلَوْ أَنَّ الدُّنْيَا تَدُومُ لِأَهْلِهَا
لَكَانَ رَسُولُ اللهِ حَيًّا وَبَاقِيَا
وَلَكِنَّهَا تَفْنَى وَيَفْنَى نَعِيمُهَا
وَتَبْقَى الذُّنُوبُ والْمَعَاصِي كَمَا هِيَ

 

يَا الله... مَا لِلْقُلُوبِ قَسَتْ وَتَحَجَّرَتْ.. مَا لِلنُّفُوسِ أَبَتْ وَتَكَبَّرَتْ.. مَا لِلْآذَانِ عَنِ الْحَقِّ أَعْرَضَتْ، مَا لِلأَعْيُنِ عَنِ الطَّرِيقِ غَفَلَتْ، أَهُوَ الرَّانُ الَّذِي عَلَى الْقُلُوبِ، أَمْ هِي الْغِشَاوَةُ الَّتِي عَلَى الصُّدُورِ.

 

أَفِيقُوا -يَا عِبَادَ اللهِ- أَفِيقُوا... وَسِيرُوا عَلَى دَرْبِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحْبِهِ الْكِرَامِ، وَخُذُوا بِأَخْلاقِهِمْ وَتَحَصَّنُوا مِنَ الْعَذَابِ بِصِفَاتِهِمْ وَجَمِيلِ أَعْمَالِهِمْ ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾ [الأنعام: 90].

 

اللهَ نَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ.

اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا، اللَّهمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا.. وَاحْفَظْ عَلَينَا أَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا.. وَاكْفِنَا شَرَّ الْأَشْرَارِ.. وَكَيدَ الْفُجَّارِ يَا رَبَّ الْعَالَمينَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا، واجْزِهِمْ عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.

اللَّهُمَّ انصرْ إِخْوانَنَا المُرابطينَ عَلَى حُدُودِنَا.. اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَهُمْ.. اللَّهُمَّ قَوِّ عَزَائِمَهُمْ اللَّهُمَّ كُنْ لَهُمْ مُعينًا وَنَصِيرًا.. اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُم وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَانْصُرهمْ عَلَى مَنْ عَادَاهُمْ..

اللهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا لِهُداكَ، وَاجْعلْ عَمَلَه في رِضَاكَ، وَوَفِّقْ جميعَ وُلاةِ أُمورِ المُسلمينَ لِلعَمَلِ بِكِتَابِكَ، وَتَحْكيمِ شَرْعِكَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ..

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في سورة النساء (2)
  • خطبة عن المستضعفين من المسلمين
  • موعظة لإحياء القلوب
  • الأنعام خير وذكرى للإنسان

مختارات من الشبكة

  • شكر النعم سبيل الأمن والاجتماع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شكر النعم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة جمعة عن الهواتف والإنترنت ووسائل التواصل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن الألفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذب عن نبينا صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذب عن عرض أمنا عائشة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن أعمال ترفع الدرجات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن فاحشة اللواط والشذوذ والمثلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/6/1447هـ - الساعة: 21:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب