• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أحكام القذف - دراسة فقهية - (WORD)
    شهد بنت علي بن صالح الذييب
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد / الإلحاد (تعريف، شبهات، ردود)
علامة باركود

الرد على إنكار ريتشارد دوكينز لعجائب وبدائع صنع الله وتقديره في خلق الحيوانات

ساعد عمر غازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/2/2016 ميلادي - 6/5/1437 هجري

الزيارات: 8461

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من سلسلة: إبطال ما جاء في كتاب "سحر الواقع"

للملحد الشهير ريتشارد دوكينز

الرد على إنكاره لعجائب وبدائع صنع الله وتقديره في خلق الحيوانات

 

في حلقة اليوم نجد دوكينز تحت الفصل الذي سماه: "لماذا تحدث أشياء ضارة؟"، يتطرق إلى ما يحدث من الحيوانات من حيل لاصطياد فريستها، أو فعل بعض الحيوانات للدفاع عن نفسها، أو الحديث على أن بعض الحيوانات وجدت على هيئتها هذه حتى تتمكن من اصطياد فريستها، وأرجع ذلك إلى:(الاختيار الطبيعي أو الانتقاء الطبيعي من أجل البقاء كما سماه داروين)، أي أن تكيفها مع الظروف هو الذي أبقاها، وأن ذلك ليس فيه مهارة ولا تخطيط، ولا إبداع، وإن بدا لنا ذلك؛ إنما هو الاختيار الطبيعي جعل الحيوانات تسلك هذه الوسائل، من أجل البقاء، هذا ما ذهب إليه حتى لا يقال: إن ذلك بتدبير خالقها تبارك وتعالى. وإليك ما قاله في "سحر الحقيقة" (ص/ 241): "ولا أحد يعتقد أن الفيروسات تفكر في أي شيء. لكن التطور من خلال الانتقاء الطبيعي تم النظر إليه على أن الفيروسات والثعالب والكراكي تسلك بأساليب تضر على نحو فعال بضحاياها - تسلك كما لو أنها إلى الخارج بشكل مدروس كي تنال منها - وهي أساليب كما لو أنها لزلازل أو أعاصير أو براكين".

 

وقال أيضاً في (ص/ 241 - 242): "الاختيار الطبيعي، الصراع من أجل البقاء كما سماه داروين، يعني أن كل كائن حي لديه أعداء يعملون بمنتهى الجد للإطاحة به، وفي بعض الأحيان تعطي الخدع التي يستخدمها الأعداء الطبيعيون مظهراً بكونها مخططة بمهارة، فشبكات العنكبوت، على سبيل المثال، مصايد بريئة مقامة لحشرات لا تتوقعها. وهناك حشرة صغيرة جبانة تسمى ليث عفرين antlion تحفر مصايد مموهة لفريستها كي تسقط فيها. وهذه الحشرة نفسها تبقى أسفل الرمل في قاع الحفرة المخروطية التي تصنعها، وتقبض على أي نملة تسقط في الحفرة. ولم يقترح أحد أن العنكبوت أو ليث عفرين يتسم بالعبقرية؛ لأنه اخترع مصيدته الماكرة. لكن الاختيار الطبيعي جعلهم يطورون أمخاخاً تسلك بوسائل تبدو بهذه العبقرية في أعيننا، وبالطريقة نفسها، يبدو جسد الأسد مصمماً على نحو مبدع يتيح له إنهاء مصير الظباء والحمر الوحشية".

 

وجوابنا عليه من وجهين:

الأول: قال تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ﴾ [الأعلى:1 - 3]، وقال: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه:50]، فالكل لا يخرج عن تلك السنة الكونية: خلق فسوى، وقدر فهدى، قال ابن عطية: "وتقدير الأشياء هو حدها بالأمكنة والأزمان والمقادير والمصلحة والإتقان"[1].

 

وانظر إلى حكمة الله، كيف تغدو هذه الطيور إلى محلات بعيدة، وتهتدي بالرجوع إلى أماكنها، لا تخطئها؛ لأن الله عز وجل أعطي كل شيء خلقه ثم هدي[2].

 

قال ابن القيم - رحمه الله -:"والهداية لها أربع مراتب وهي مذكورة في القرآن المرتبة، الأولى: الهداية العامة وهي هداية كل مخلوق من الحيوان والآدمي لمصالحه التي بها قام أمره قال الله تعالى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى ﴾ [الأعلى:1 - 3]، فذكر أموراً أربعة: الخلق والتسوية، والتقدير والهداية، فسوى خلقه وأتقنه، وأحكمه ثم قدر له أسباب مصالحه في معاشه وتقلباته وتصرفاته وهداه إليها، والهداية تعليم فذكر أنه الذي خلق وعلم"[3].

 

وقال السعدي - رحمه الله -:"قوله تعالى: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه:50] أي: ربنا الذي خلق جميع المخلوقات، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، الدال على حسن صنعه من خلقه، من كبر الجسم وصغره وتوسطه، وجميع صفاته، ﴿ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه:50] كل مخلوق إلى ما خلقه له، وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات فكل مخلوق، تجده يسعى لما خلق له من المنافع، وفي دفع المضار عنه، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل، ما يتمكن به على ذلك. وهذا كقوله تعالى: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة:7]، فالذي خلق المخلوقات، وأعطاها خلقها الحسن، الذي لا تقترح العقول فوق حسنه، وهداها لمصالحها، هو الرب على الحقيقة، فإنكاره إنكار لأعظم الأشياء وجوداً، وهو مكابرة ومجاهرة بالكذب، فلو قدر أن الإنسان، أنكر من الأمور المعلومة ما أنكر، كان إنكاره لرب العالمين أكبر من ذلك"[4].

 

وصدق القائل:

وإذا ترى الثعبان ينفث سُمّه
فاسْأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبانُ أو
تحيا وهذا السم يملأُ فاكا

 

فهل هذا تقدر عليه الصدفة، أو الاختيار الطبيعي (التطور)؟!

دوكينز ما زال يعيش على أنقاض نظرية داروين وكل ما جاء به ما هو إلا أفكار هزيلة باتت أعجز من أن تستطيع تفسير النظام الحياتي والكوني الذي يسير بدقة متناهية بتدبير الحكيم سبحانه: ﴿ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام:102].

 

الثاني: صنيع الله تبارك وتعالى مع النحل في قوله: ﴿ وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل:68 - 69].

قال ابن كثير - رحمه الله -: "المراد بالوحي هاهنا: الإلهام والهداية والإرشاد"[5].

وقال السعدي - رحمه الله -: "في خلق هذه النحلة الصغيرة التي هداها الله هذه الهداية العجيبة، ويسر لها المراعي، ثم الرجوع إلى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها، وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها، فيه شفاء للناس من أمراض عديدة"[6]. ثم إن أذن الله تعالى للنحل بالأكل من كل الثمرات إذناً قدرياً تسخيرياً. كما قال ابن كثير.

 

قال ابن القيم - رحمه الله -:"ثم تأمل أحوال النحل وما فيها من العبر والآيات فانظر إليها، وإلى اجتهادها في صنعة العسل وبنائها البيوت المسدسة التي هي من أتم الأشكال وأحسنها استدارة وأحكمها صنعاً فإذا انضم بعضها إلى بعض لم يكن بينها فرجة ولا خلل كل هذا بغير مقياس ولا آله ولا بيكار [7]، وتلك من أثر صنع الله وإلهامه إياها وإيحائه إليها كما قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ﴾ [النحل: 68] إلى قوله: ﴿ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 69]، فتأمل كمال طاعتها وحسن ائتمارها لأمر ربها"[8].

 

فصنيعه تبارك وتعالى مع النحل يبطل (الاختيار الطبيعي، أو الانتقاء الطبيعي).

 

والثعلب والعنكبوت ذكرهما دوكينز كما مر آنفاً ليدلل على نظرية داروين في الاختيار الطبيعي، فنقابله بما ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله - وهو يستعرض بعض حيل الحيوانات ومنها الثعلب، والعنكبوت ليدلل على أن ذلك من تقدير الله عز وجل، فقال - رحمه الله -:"ومن عجيب الفطنة في الحيوان أن الثعلب إذا أعوزه الطعام ولم يجد صيداً تماوت ونفخ بطنه حتى يحسبه الطير ميتاً فيقع عليه ليأكل منه فيثب عليه الثعلب فيأخذه، ومن عجيب الفطنة في هذه الذبابة الكبيرة التي تسمى أسد الذباب فإنك تراه حين يحس بالذباب قد وقع قريباً منه يسكن ملياً حتى كأنه موات لا حراك فيه فإذا رأى الذباب قد اطمأن وغفل عنه دب دبيباً رفيقاً حتى يكون منه بحيث يناله ثم يثب عليه فيأخذه، ومن عجيب حيل العنكبوت انه ينسج تلك الشبكة شركاً للصيد ثم يكمن في جوفها فإذا نشب فيها البرغش والذباب وثب عليه وامتص دمه فهذا يحكى صيد الأشراك والشباك، والأول يحكى صيد الكلاب والفهود ولا تزدرين العبرة بالشيء الحقير من الذرة والبعوض فإن المعنى النفيس يقتبس من الشيء الحقير والازدراء بذلك ميراث من الذين استنكرت عقولهم ضرب الله تعالى في كتابه المثل بالذباب والعنكبوت والكلب والحمار فأنزل الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً ﴾ [البقرة: 26] فما أغزر الحكم وأكثرها في هذه الحيوانات التي تزدريها وتحتقرها وكم من دلالة فيها على الخالق ولطفه ورحمته وحكمته فسل المعطل[9] من ألهمها هذه الحيل والتلطف في اقتناص صيدها الذي جعل قوتها ومن جعل هذه الحيل فيها بدل ما سلبها من القوة والقدرة فأغناها ما أعطاها من الحيلة عما سلبها من القوة والقدرة سوى اللطيف الخبير"[10].

 

وعجائب خلق الله في الحيوانات كثيرة جداً، جمع ابن القيم - رحمه الله - طائفة منها غير ما ذكر عن الثعلب والعنكبوت، منها كما قال ابن القيم: "وهذا السنور يدفن أذاه ويغطيه بالتراب علماً منه بأن الفأر تهرب من رائحته فيفوته الصيد ويشمه أولاً؛ فإن وجد رائحته شديدة غطاه بحيث يوارى الرائحة والجرم وإلا اكتفى بأيسر التغطية. وهذا الأسد إذا مشى في لين سحب ذنبه على آثار رجليه ليغطيها علماً منه بأن المار يرى مواطئ رجليه ويديه". ثم قال: "وهذا في الحيوان البهيم أكثر من أن نذكره فله من تقدمة المعرفة ما يليق به، وللخيل والحمام من ذلك عجائب وكذلك الثعلب وغيره فعلم أن هذا أمر عام للإنسان والحيوان أعطى من تقدمة المعرفة بحسبه"[11].

 

فانظر الفرق بين المؤمن بالله كيف هدي إلى معرفة خالقه، وعظيم خلقه، وبدائع قدرة، وبين ذاك الملحد الجاحد لخالقه!! ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام:50].

 

الفرق بين المؤمن والملحد في تفسير كيف تحصل الحيوانات على رزقها:

يقول دوكينز في "سحر الواقع" (ص/ 242):"ومن السهل أن نرى الحيوانات المفترسة (الحيوانات التي تقتل الحيوانات الأخرى ثم تقتات عليها) تعمل من أجل الإطاحة بفريستها. ولكن من الصحيح أيضاً أن الفرائس تعمل على الإطاحة بالحيوانات التي تسعى لافتراسها (الطرائد). وهي تعمل جاهدة للهروب كيلا تُؤكل، ولو نجحت جميعها في مسعاها لتضورت طرائدها من الجوع حتى الموت".

 

انظر إلى قوله: "وهي تعمل جاهدة للهروب كيلا تُؤكل، ولو نجحت جميعها في مسعاها لتضورت طرائدها من الجوع حتى الموت". هذا مبلغه من العلم، لجهله بأنه الله تبارك وتعالى هو القائم بأرزاق كل دابة، المتكفل بأقواتها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه، حتى الذر في قرار الأرض، والطير في الهواء والحيتان في الماء، فهو الذي يمكن كل حيوان من فريسته، وهو الذي يقدر خلاف ذلك؛ فلا تخرج هذه المشاهدة التي ذكرها دوكينز عن تقدير الله تعالى، القائل: ﴿ وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها ﴾ [هود:6]، قال السعدي - رحمه الله -:"أي: جميع ما دب على وجه الأرض، من آدمي، أو حيوان بري أو بحري، فالله تعالى قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم، فرزقها على الله.

 

﴿ وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ﴾ [هود: 6] أي: يعلم مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ومستودعها: المكان الذي تنتقل إليه في ذهابها ومجيئها، وعوارض أحوالها.

 

﴿ كُلٌّ ﴾ [هود: 6] من تفاصيل أحوالها ﴿ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6] أي: في اللوح المحفوظ المحتوي على جميع الحوادث الواقعة، والتي تقع في السماوات والأرض. الجميع قد أحاط بها علم الله، وجرى بها قلمه، ونفذت فيها مشيئته، ووسعها رزقه، فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها، وأحاط علما بذواتها، وصفاتها"[12]. وقال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا ﴾ [العنكبوت:60]، قال السعدي: "أي: الباري تبارك وتعالى، قد تكفل بأرزاق الخلائق كلهم، قويهم وعاجزهم، فكم ﴿ مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [العنكبوت:60] في الأرض، ضعيفة القوى، ﴿ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا ﴾ [العنكبوت:60] ولا تدخره، بل لم تزل، لا شيء معها من الرزق، ولا يزال الله يسخر لها الرزق، في كل وقت بوقته"[13].

 

ثم انظر إلى هذا التطبيق العملي لرزق الطيور، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً"[14].

 

(تغدو) أي تذهب أول النهار

(خماصاً) أي ضامرة البطون من الجوع جمع خميص، أي: جائع.

(وتروح) أي ترجع آخر النهار.

(بطاناً) أي ممتلئة البطون جمع بطين أي شبعان أي تغدو بكرة وهي جياع وتروح عشاءً وهي ممتلئة الأجواف[15].

 

ومن فوائد هذا الحديث: إن الطيور وغيرها من مخلوقات الله تعرف الله، كما قال الله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء:44]، يعني: ما من شيء إلا يسبح بحمد الله، ﴿ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء:44]، وقال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج:18].

 

فالطيور تعرف خالقها عز وجل، وتطير تطلب الرزق بما جلبها الله عليه من الفطرة التي تهتدي بها إلى مصالحها، وتغدو إلى أوكارها في آخر النهار بطونها ملأ، وهكذا دواليك في كل يوم، والله عز وجل يرزقها وييسر لها الرزق[16].

 

وأسوق لك كلام علم من علماء المسلمين كيف نظر في تسير الله الرزق لهذه الدواب، واستخرج من ذلك الحكم والعبر التي تدل على وحدانية، ألا هو الإمام ابن القيم - رحمه الله - في حيث قال:"ثم تأمل هذه العصافير كيف تطلب أكلها بالنهار كله فلا هي تفقده ولا هي تجده مجموعاً معداً بل تناله بالحركة والطلب في الجهات والنواحي فسبحان الذي قدره ويسره كيف لم يجعله مما يتعذر عليها إذا التمسته ويفوتها إذا قعدت عنه وجعلها قادرة عليه في كل حين وأوان بكل أرض ومكان حتى من الجدران والأسطحة والسقوف تناوله بالهوينا من السعي فلا يشاركها فيه غير بني جنسها من الطير، ولو كان ما تقتات به يوجد معداً مجموعاً كله كانت الطير تشاركها فيه وتغلبها عليه وكذلك لو وجدته معداً مجموعاً لاكبت عليه بحرص ورغبة فلا تقلع عنه، وإن شبعت حتى تبشم وتهلك، وكذلك الناس لو جعل طعامهم معداً لهم بغير سعي ولا تعب أدى ذلك إلى الشره والبطنة ولكثر الفساد، وعمت الفواحش، والبغي في الأرض فسبحان اللطيف الخبير الذي لم يخلق شيئاً سدى ولا عبثاً، وانظر في هذه الطير التي لا تخرج إلا بالليل كالبوم، والهام، والخفاش؛ فإن أقواتها هيئت لها في الجو لا من الحب، ولا من اللحم بل من البعوض، والفراش، وأشبابهما مما تلقطه من الجو فتأخذ منه بقدر الحاجة ثم تأوي إلى بيوتها فلا تخرج إلى مثل ذلك الوقت بالليل، وذلك أن هذه الضروب من البعوض، والفراش، وأشباههما مبثوثة في الجو لا يكاد يخلوا منها موضع منه، واعتبر ذلك بأن نضع سراجاً بالليل في سطح أو عرصة الدار فيجتمع عليه من هذا الضرب شيء كثير، وهذا الضرب من الفراش، ونحوها ناقص الفطنة ضعيف الحيلة ليس في الطير أضعف منه ولا أجهل وفيما يرى من تهافته في النار وأنت تطرده عنها حتى يحرق نفسه دليل على ذلك فجعل معاش هذه الطيور التي تخرج بالليل من هذا الضرب فتقتات منه فإذا أتى النهار انقطعت إلى أوكارها فالليل لها بمنزلة النهار لغيرها من الطير ونهارها بمنزلة ليل غيرها ومع ذلك فساق لها الذي تكفل بأرزاق الخلق رزقها وخلقه لها في الجو ولم يدعها بلا رزق مع ضعفها وعجزها، وهذه إحدى الحكم والفوائد في خلق هذه الفراش والجنادب والبعوض فكم فيها من رزق لأمة تسبح بحمد ربها ولولا ذلك لانتشرت وكثرت حتى أضرت بالناس ومنعتهم القرار فانظر إلى عجيب تقدير الله، وتدبيره كيف اضطر العقول إلى أن شهدت بربوبيته وقدرته، وعلمه، وحكمته، وأن ذلك الذي تشاهده ليس باتفاق ولا بإهمال من سائر وجوه الأدلة التي لا تتمكن الفطر من جحدها أصلاً"[17].

 

فالحمد لله على هذا الرد الكافي الوافي الشافي، ولو أنكره دوكينز وأشباهه. وما أحسن ما قيل:

وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي الأَذْهَانِ شَيْءٌ ♦♦♦ إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَلِيلٍ

 

إذاً: القضية ما تحتاج إلا إلى شيء من العلم، والإدراك الصحيح مع وجود الإيمان الكامل بأن الله على كل شيء قدير؛ لأنه هو القادر وحده، على كل شيء كامل القدرة، بقدرته أوجد الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئاً قال له "كن فيكون"، وبقدرته يقلب القلوب، ويصرفها على ما يشاء ويريد[18].



[1] المحرر الوجيز (4/ 199).

[2] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/ 560).

[3] مفتاح دار السعادة (1/ 84).

[4] تيسير الكريم الرحمن (ص/ 507).

[5] تفسير ابن كثير (4/ 581).

[6] تيسير الكريم الرحمن (ص/ 444).

[7] بِيكار مفرد: آلة ذات ساقين لرسم الدَّوائر، بِركار، فرجار "يرسم الطالب الدَّائرة بالبيكار". "معجم اللغة العربية المعاصرة" (1/ 273).

[8] مفتاح دار السعادة (1/ 248).

[9] المعطل: أي: الجاحد لرب العالمين.

[10] مفتاح دار السعادة (1/ 244).

[11] مفتاح دار السعادة (2/ 217).

[12] تيسير الكريم الرحمن (ص/ 377).

[13] تيسير الكريم الرحمن (ص/ 635).

[14] أخرجه أحمد (/ 30، 52)، والترمذي (2344)، و النسائي في "السنن الكبرى" (11805)، وابن ماجه (4162)، وابن حبان في "صحيحه" (730)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (10)، والحاكم (4/ 354). وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه". وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وصححه الألباني في "الصحيحة" (310).

[15] ينظر: فيض القدير (5/ 311)، تحفة الأحوذي (7/ 7).

[16] شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/ 559 - 560).

[17] مفتاح دار السعادة (1/ 246).

[18] ينظر:تيسير الكريم الرحمن (ص/ 947).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الرد على شبهة بناء مسجد على قبر أبي بصير
  • الرد بالبيان على من أفتى بالاحتفال بمولد خير الخلق المصطفى عليه الصلاة والسلام
  • الرد على النصارى في ادعاء بنوة المسيح وألوهيته
  • الرد على شبهة: لقد أورث الله الأرض لبني إسرائيل فلماذا نعصيه؟
  • الرد على شبهة تفريق أيام الحج
  • صنع الله الذي أتقن كل شيء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد على المخالف عقديا: رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي أنموذجا (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرد في المواريث(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • الرد على تفسير ريتشارد دوكينز لخلق آدم وإخراجه من الجنة، ومسائل أخرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرد على طعن ريتشارد دوكينز في الكتب المنزلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرد على دوكينز في قوله: إن حدوث الأشياء الحسنة والأشياء السيئة بالمصادفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد على ذي الأسفار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تأخر الرد بعد النظرة الشرعية(استشارة - الاستشارات)
  • الرد على من يزهد في حفظ السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رسائل في الرد على النصارى لمحمد عارف المنير - ت 1342هـ (دراسة وتحقيق)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- الصارم البتار
رامي حنفي - مصر 16-02-2016 12:05 PM

اسمح لي أستاذي أن أسمي هذه المقالات الثلاثة بـ (الصارم البتار في الرد على كل ملحد كفار)، وأسأل اللهَ أن يجعل من مقالاتكم حائط صد منيع، لكل مَن اتَّبع هواه وأعرض عن الانقياد لأمر مولاه.
أحبكم في الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب