• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (4)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين
    محمد أبو عطية
  •  
    الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات
    محمد أبو عطية
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (خطبة)

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2016 ميلادي - 27/4/1437 هجري

الزيارات: 19709

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ﴾

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الصَّلاةُ هِيَ عَمُودُ الدِّينِ وَأَعظَمُ أَركَانِهِ العَمَلِيَّةِ، وَهِيَ الفَارِقَةُ بَينَ الإِسلامِ وَالكُفرِ وَالإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، بِصَلاحِهَا تَصلُحُ سَائِرُ أَعمَالِ العَبدِ وَيُفلِحُ وَيُنجِحُ، وَبِفَسَادِهَا تَفسُدُ أَعمَالُهُ وَيَخِيبُ وَيَخسَرُ، وَهَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيمَةُ الَّتي هَذَا شَأنُهَا، لَهَا رُوحٌ لا تَحيَا إِلاَّ بِهِا، وَلُبٌّ هُوَ أَصلُ الانتِفَاعِ بها، بِهِ يَتَفَاوَتُ النَّاسُ في حُصُولِ ثَمَرَتِهَا، وَبِسَبَبِهِ يَخرُجُونَ مِنها مُتَغَايِرِينَ في تَحصِيلِ أَجرِهَا، ذَلِكُم هُوَ الخُشُوعُ فِيهَا وَالطُّمَأنِينَةُ في أَركَانِهَا، وَالسُّكُونُ في رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَالتُّؤَدَةُ في قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا.

 

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ شَأنَ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ عَظِيمٌ جِدُّ عَظِيمٍ، وَخَطَرَ ذَهَابِهِ جَسِيمٌ جِدُّ جَسِيمٍ، وَلِذَا أُمِرَ بِهِ المُؤمِنُونَ، وَجُعِلَ عُنوَانَ فَلاحِهِم في دُنيَاهُم وَأُخرَاهُم، وَسَبَبًا لِنَيلِهِمُ الأَجرَ العَظِيمَ وَتَكفِيرِ سَيِّئَاتِهِم، وَحُذِّرُوا مِنَ التَّهَاوُنِ بِهِ وَالتَّسَاهُلِ في شَأنِهِ، وَأُخبِرُوا أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُرفَعُ مِنهُم مِنَ الخَيرِ الَّذِي فِيهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35] وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ تعالى، مَن أَحسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ أَن يَغفِرَ لَهُ، وَمَن لم يَفعَلْ فَلَيسَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ، إِن شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِن شَاءَ عَذَّبَهُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن مُسلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحسِنُ وُضُوءَهُ، ثم يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكعَتَينِ يُقبِلُ عَلَيهِمَا بِقَلبِهِ وَوَجهِهِ، إِلاَّ وَجَبَت لَهُ الجَنَّةُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَعِندَهُ أَيضًا: " مَا مِنِ امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ، فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لِمَا قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم تُؤتَ كَبِيرَةٌ، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ " وَعَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " أَسوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسرِقُ مِن صَلاتِهِ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ يَسرِقُ مِن صَلاتِهِ؟! قَالَ: " لا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلا سُجُودَهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي عَبدِاللهِ الأَشعَرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً لا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيَنقُرُ في سُجُودِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " لَو مَاتَ هَذَا عَلَى حَالِهِ هَذِهِ مَاتَ عَلَى غَيرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " مَثَلُ الَّذِي لا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيَنقُرُ في سُجُودِهِ مَثَلُ الجَائِعِ يَأكُلُ التَّمرَةَ وَالتَّمرَتَينِ، لا تُغنِيَانِ عَنهُ شَيئًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " أَوَّلُ شَيءٍ يُرفَعُ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ الخُشُوعُ، حَتَّى لا تَرَى فِيهَا خَاشِعًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَمَحَلُّ الخُشُوعِ وَمَكَانُهُ القَلبُ الَّذِي في الصَّدرِ، غَيرَ أَنَّ ثَمرَتَهُ وَعَلامَتَهُ تَظهَرُ عَلَى الجَوَارِحِ، وَالخَاشِعُ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - عَبدٌ أَوَّابٌ مُنِيبٌ، ذُو قَلبٍ مُخبِتٍ مُطمَئِنٍّ، قَد أَشرَقَ في صَدرِهِ نُورُ التَّعظِيمِ لِخَالِقِهِ الَّذِي قَامَ بَينَ يَدَيهِ، وَاستَشعَرَ بِمَوقِفِهِ في صَلاتِهِ وُقُوفَهُ لِلحِسَابِ يَومَ حَشرِهِ، فَخَمَدَت بِذَلِكَ نِيرَانُ شَهَوَاتِهِ، وَسَكَنَت نَفسُهُ وَهَدَأَت جَوَارِحُهُ، وَخَشَعَ بَينَ يَدَي رَبِّهِ إِجلالاً لَهُ وَتَعظِيمًا، وَذِلاًّ لَهُ وَانكِسَارًا، بِخِلافِ القَلبِ المُتَكَبِّرِ المُختَالِ، أَوِ المُتَعَلِّقِ بِالدُّنيَا وَالمَائِلِ إِلَيهَا، فَإِنَّهُ في الصَّلاةِ كَالطَّائِرِ في القَفصِ، يُحَاوِلُ الفِرَارَ مِنهَا بِأَسرَعِ مَا يُمكِنُهُ، فَتَرَاهُ يَنقُرُهَا نَقرَ الغُرَابِ، وَيَلتَفِتُ فِيهَا التِفَاتَ الثَّعلَبِ، وَلا يَكَادُ يَعقِلُ مِنهَا شَيئًا.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الخُشُوعَ في الصَّلاةِ إِنَّمَا يَحصُلُ لِمَن فَرَّغَ قَلبَهُ لَهَا، وَاشتَغَلَ بها عَمَّا عَدَاهَا، وَآثَرَهَا عَلَى غَيرِهَا، وَهَذَا تَكُونُ الصَّلاةُ رَاحَةً لَهُ وَقُرَّةَ عَينٍ، كَمَا قَالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " وَجُعِلَت قُرَّةُ عَينِي في الصَّلاةِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَأَمَّا مَن تَرَكَ قَلبَهُ يَسرَحُ في مُشتَهَيَاتِ دُنيَاهُ، وَأَطلَقَ لَهُ النَّظَرَ في زَخَارِفِهَا وَلَم يُصَبِّرْهُ عَنهَا، فَيَا لَثِقَلِ الصَّلاةِ عَلَيهِ وَيَا لَطُولِهَا! قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] وَمِن ثَمَّ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى المُسلِمِ الَّذِي يَرجُو الانتِفَاعَ بِصَلاتِهِ، وَأَن تَكُونَ نَاهِيَةً لَهُ عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ، مَقبُولَةً عِندَ رَبِّهِ ثَقِيلَةً في مِيزَانِهِ، أَن يَبحَثَ في أَسبَابِ الخُشُوعِ فِيهَا، وَأَن يَحرِصَ عَلى جَلبِ مَا يُوجِدُ ذَلِكَ الخُشُوعَ في قَلبِهِ وَيُقَوِّيهِ، وَأَن يُدَافِعَ كُلَّ مَا يُذهِبُهُ وَيُضعِفُهُ، وَأَعظَمُ ذَلِكَ وَأَصلُهُ وَأَسَاسُهُ أَن يَستَحضِرَ أَنَّهُ في صَلاتِهِ وَاقِفٌ بَينَ يَدَيِ اللهِ - تَعَالى - مُنَاجٍ لَهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَكَيفَ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ العَبدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ، الوَاقِفُ بَينَ يَدَي مَلِكِ المُلُوكِ - سُبحَانَهُ - أَن يَشغَلَ قَلبَهُ عَنهُ، أَو يَصرِفَهُ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا لا يَعنِيهِ وَلا يُنجِيهِ، أَو يُعَلِّقَهُ عَنِ التَّلَذُّذِ بِأَعظَمِ العِبَادَاتِ وَأَفضَلِ القُرُبَاتِ وَأَقوَى الصِّلاتِ، بِجَوَاذِبَ وَشَوَاغِلَ وَصَوَارِفَ، لَيسَت في حَقِيقَتِهَا إِلاَّ مَتَاعَ دُنيَا لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَسَوفَ تَزُولُ عَنهُ أَو يَزُولُ عَنهَا يَومًا مَا، ثم يَصِيرُ إِلى رَبِّهِ وَيُرَدُّ إِلى مَولاهُ الحَقِّ، فَلا يَجِدُ أَوَّلَ مَا يَجِدُ أَمَامَهُ إِلاَّ صَلاتَهُ، الَّتي عَلَيهَا مَدَارُ بَقِيَّةِ أَعمَالِهِ قَبُولاً وَرَدًّا وَصَلاحًا وَفَسَادًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ، وَإِن فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَمِن أَسبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - الاستِعدَادُ المُبَكِّرُ لَهَا، وَالتَّهَيُّؤُ التَّامُّ لأَدَائِهَا، بِالتَّردِيدِ مَعَ المُؤَذِّنِ، وَالإِتيَانِ بِالدُّعَاءِ المَشرُوعِ بَعدَ الأَذَانِ، وَالحِرصِ عَلَى الدُّعَاءِ بَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، مَعَ إِحسَانِ الوُضُوءِ قَبلَ ذَلِكَ، وَالاعتِنَاءِ بِالسِّوَاكِ وَتَنظِيفِ الفَمِ وَتَطيِيبِ البَدَنِ، وَأَخذِ الزِّينَةِ بِاللِّبَاسِ الحَسَنِ النَّظِيفِ، قَالَ -تعالى-: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31].

 

وَمِن أَسبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ، اجتِهَادُ العَبدِ في أَن يَعقِلَ مَا يَقُولُهُ في صَلاتِهِ وَمَا يَفعَلُهُ، وَأَن يَتَدَبَّرَ مَا فِيهَا مِن القِرَاءَةِ وَالذِّكرِ وَالدُّعَاءِ، مَعَ تَذَكُّرِ المَوتِ وَانقِطَاعِ العَمَلِ، وَأَنَّ ثَمَّةَ صَلاةً سَوفَ يُصَلِّيهَا العَبدُ في يَومٍ مَا، ثم تُقبَضُ رُوحُهُ بَعدَهَا وَيُحَالُ بَينَهُ وَبَينَ الصَّلاةِ مَرَّةً أُخرَى، فَمَن يُصَلِّي عَنهُ حِينَئِذٍ؟! وَمَن ذَا الَّذِي يَستَطِيعُ أَن يُمَكِّنَهُ مِن رَكعَةٍ للهِ أَو سَجدَةٍ؟! وَلِذَا كَانَت هَذِهِ هِيَ وَصِيَّةَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ جَاءَهُ وَقَالَ: عِظْنِي وَأَوجِزْ. فَقَالَ: " إِذَا قُمتَ في صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ... " الحَدِيثَ أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاخشَعُوا في صَلاتِكُم؛ فَإِنَّما لَكُم مِن أَجرِهَا بِحَسَبِ خُشُوعِكُم وَحُضُورِ قُلُوبِكُم فِيهَا، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّ العَبدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكتَبُ لَهُ مِنهَا إِلاَّ عُشرُهَا، تُسعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصفُهَا " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

♦   ♦   ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ شَيءٌ أَعظَمَ مِنَ الصَّلاةِ وَلا أَهَمَّ مِنهَا، وَمِن ثَمَّ كَانَ حَالُ المُسلِمِ الصَّادِقِ هُوَ الاستِغرَاقَ فِيهَا وَالاشتِغَالَ بها عَمَّا سِوَاهَا، وَالخُشُوعَ وَالخُضُوعَ وَالطُّمَأنِينَةَ، وَنِسيَانَ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَقَد قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " إِنَّ في الصَّلاةِ شُغُلاً ". وَمَن تَيَقَّنَ أَنَّهُ في صَلاتِهِ مُقبِلٌ عَلَى رَبِّهِ، فَكَيفَ يَرضَى بِالتِفَاتِ قَلبِهِ عَنهُ وَغَفلَتِهِ في دُنيَاهُ وَاشتِغَالِهِ بِحُطَامِهَا الفَاني؟! أَلا يَعلَمُ أَنَّهُ بِذَلِكَ إِنَّمَا يَستَسلِمُ لِعَدُوِّهِ لِيَسرِقَ مِنهُ؟! فَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الالتِفَاتِ في الصَّلاةِ فَقَالَ: " هُوَ اختِلاسٌ يَختَلِسُهُ الشَّيطَانُ مِن صَلاةِ العَبدِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.

 

إِنَّ أَمرَ الخُشُوعِ كَبِيرٌ وَشَأنَهُ خَطِيرٌ، وَلا يَتَأَتَّى إِلاَّ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ، وَإِنَّ حِرمَانَهُ لَمُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ وَخَطبٌ جَلَلٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ مِن دُعَائِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كما في صَحِيحِ مُسلِمٍ وَغَيرِهِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ... "

 

فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَسَلُوهُ أَن يَرزُقَكُم الخُشُوعَ في صَلاتِكُم لِتُفلِحُوا، وَأَن يَجعَلَ لَكُم فِيهَا قُرَّةَ عَينٍ، فَإِنَّ مَن قَرَّت عَينُهُ بِصَلاتِهِ في الدُّنيَا، قَرَّت عَينُهُ بِقُربِهِ مِن رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - في الآخِرَةِ، وَقَرَّت عَينُهُ أَيضًا بِهِ في الدُّنيَا، وَمَن قَرَّت عَينُهُ بِاللهِ قَرَّت بِهِ كُلُّ عَينٍ، وَمَن لم تَقَرَّ عَينُهُ بِاللهِ -تعالى- تَقَطَّعَت نَفسُهُ عَلَى الدُّنيَا حَسَرَاتٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)
  • تفسير: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)
  • رابطة الأخوة في الله (خطبة)
  • لماذا خلقنا الله؟ (خطبة)
  • أمانة التجارة في الإسلام (خطبة)
  • افتراق الأمة والمخرج (خطبة)
  • علو الهمة (خطبة)
  • دموع الخاشعين
  • { وكانوا لنا خاشعين } (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدق الذي ينفي الكذب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحة من كتاب النبوة(مقالة - ملفات خاصة)
  • العلم الذي ينفي الجهل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الباكي من خشية الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - السادس: اعتقاد الشيعة الإمامية بالتقية وأنها تسعة أعشار الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون الحسان في فضل {قل هو الله أحد} وأنها تعدل ثلث القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • (الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • رسالة في فضل ليلة القدر وأنها في العشر الأواخر من الشهر (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • تفسير: (وإنها لبسبيل مقيم)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب