• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

تعريف المزاح المحرم وأمثلة عليه

تعريف المزاح المحرم وأمثلة عليه
الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2015 ميلادي - 18/3/1437 هجري

الزيارات: 108126

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تعريف المزاح المحرم

وأمثلة عليه

 

المزاح المحرَّم: هو المزاح الذي يزيح صاحبه عن الحقِّ، ويخرجه عن حدِّ الشريعة، إمَّا بالكذب أو السُّخرية أو الترويع، أو هَتْك الأعراض، والتطاول على الغَير، والهمز واللَّمز...، وما شابه ذلك، وهذا النَّوع كرِهَه العلماءُ؛ لِما فيه من الخَوض في الأعراض، واستجلاب الضَّغائن، وإفساد العلاقة بين الصديقين، وتعكير الصَّفو بين الأخوين.

 

• يقول حسام الدين الواعظي المُتَوَفَّى (سنة 990هـ):

واحْذَر من المزحِ كَم في المزح من خطرٍ ♦♦♦ كم مِن صديقَين بعد المزحِ فاختصما

 

• وقال بعضهم:

مازح صديقك ما أحب مِزَاحَا
وتوقَّ منهُ في المزاح جِماحَا
فلربَّما مزح الصديق بمزحةٍ
كانت لباب عَداوةٍ مفتاحَا

 

• فالمزاح المُحرَّم بَذْر العداوة، يقول خالد بن صفوان رحمه الله: "المزاح سِباب النَّوْكى"، وقال: "وكان يقال: لكلِّ شيء بذْر، وبَذْر العداوةِ المزاحُ".

 

صور من المزاح المُحَرَّم:

1) المزاح في الدِّين:

قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَتَّخِذُوَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ [البقرة: 231]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [البقرة: 67]؛ قال القرطبي رحمه الله في تفسير في هذه الآية: "في الآية دليلٌ على منع الاستهزاء بدين الله ودينِ المسلمين ومَن يجب تعظيمه، وأنَّ ذلك جَهل، وصاحبه مستحقٌّ للوعيد، وليس المزاح من الاستهزاء بسبيلٍ، ألا ترى أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح والأَئِمَّة بعده؟".

 

• وقال ابن خويز منداد: "وقد بلغَنَا أنَّ رجلاً تقدَّم إلى عبيدالله بن الحسن - وهو قاضي الكوفة - فمازَحَه عبيدُالله، فقال: جُبَّتك هذه من صوفِ نعجةٍ أو صوف كبشٍ؟ فقال له: لا تجهل أيُّها القاضي، فقال له عبيدالله: وأين وجدت المزاحَ جهلاً؟ فتلا عليه الآيةَ السابقة، فأعرض عنه عبيدُالله؛ لأنَّه رآه جاهلاً لا يعرف المزحَ من الاستهزاء، وليس أحدهما من الآخر بسبيل"؛ (تفسير القرطبي: 1/ 447).

 

• وقال المناوي رحمه الله كما في "فيض القدير" (3/ 13): "قال ابن عربي رحمه الله: ولا يُستعمل المزاح أيضًا في أحكام الدِّين؛ فإنَّه جهل، قال تعالى مُخبرًا عن قصة البقرة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [البقرة: 67]، قال: "معناه لا أمزح في أحكام الدِّين؛ فإنَّ ذلك فعل الجاهلين، ولكن اذبحوها، فستروا الحقيقة فيها".

 

• قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "إعلام الموقعين" (3/ 125):

"وحاصل الأمر أنَّ اللعب والهزل والمزاح في حقوق الله تعالى غيرُ جائز، فيكون جِدُّ القولِ وهزلُهُ سواءً، بخلاف جانب العباد، ألا ترى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح مع الصحابةِ ويباسطهم؟ وأما مع ربِّه تعالى فيَجِدُّ كُلَّ الجدِّ". اهـ.

 

وممَّا تَقدَّم يتَّضح لنا مدى خطورة مَن يستهزأ ويمزح في أمورِ الدِّين وشعائر الإسلام وحَمَلَة السُّنَّة والقرآن، وقد قال تعالى مُحذِّرًا ومُبيِّنًا خطورةَ الأمر: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66].

 

وسبب نزول هذه الآية ما ذكره ابن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: "قال رجل في غزوةِ تبوك في مجلسٍ: "ما رأيتُ مثل قرَّائنا هؤلاء أرغبَ بطونًا، ولا أكذبَ ألسنًا، ولا أجبنَ عند اللِّقاء، فقال رجل في المسجد: كذبتَ، ولكنَّك منافق، لأُخبرنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فبلغَ ذلك رسولَ صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 65، 66]، فقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "أنا رأيتُه مُتعلِّقًا بِحَقَبِ ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحِجارة، وهو يقول: يا رسول الله، إنَّما كنا نخوض ونلعب! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾... الآيات".اهـ.

 

• ويدخل في هذا كلُّ مَن يَستهزأ أو يضحك من الملتزمين والملتزمات بشرع الله تعالى؛ كالاستهزاء باللِّحية أو الحجاب أو الثوب القصير...، وغير هذا من سُنَن الهَدْي الظاهر.

 

• وهناك من كُتب الأدب التي تساهلَت في المزاح في الدِّين؛ كالمزح بشيءٍ ذكر فيه القرآن، أو برسولٍ من رسل الله؛ يقول الشيخ سلمان العودة حفظه الله في كتاب "المزاح" (ص31): "... ولو فتَحتَ أيَّ كتابٍ من كتب الأدب؛ ككتاب "البيان والتبيين"، و"رسائل الجاحظ"، و"بلوغ الأدب"، و"الأغاني" للأصفهاني...، إلى غير ذلك - لوجدتَ كثيرًا منها مليئًا بالقصص والطَّرائف والأخبار والنوادر، التي تتندَّر بالأنبياء أو المرسلين أو بالقرآن، ومع الأسف فإنَّ بعض الناس قد يقرؤها ثمَّ ينقلها، ويرويها دون أن يتفطَّن إلى تحريم ما جاء فيها".اهـ.

 

تحذير:

حذَّر الله تعالى من مجالَسةِ هؤلاء الذين يمزحون ويستهزئون بالدِّين أو حَمَلَته، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 86]، وقال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

 

2) الكذب في المزاح:

أخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" وابنُ أبي شيبة والطبري في "تهذيب الآثار" عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إن الكذب لا يَصْلُحُ منه جِدٌّ ولا هَزْلٌ؛ اقرؤوا إن شئتم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]".

 

اعلم أخي الحبيب أنَّ الكذب كلَّه بغِيض، سواء أكان في جدٍّ أم هزلٍ أم مزاح، إلاَّ ما استثناه الشرعُ؛ لأنَّ الكذب في الهزل والمزاح يُعَوِّد النَّفْس على قبولِ الكذب، وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أشدَّ التحذير من الذي يكذب ليُضحِك الناس؛ ففي مسند الإمام أحمد وعند أبي داود والترمذي من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ به القوم، ويلٌ له ويلٌ له!))؛ (صحيح الجامع: 7136).

 

• قال المناوي رحمه الله: "أخذ الشافعيَّةُ من هذا الخبر وما أشبهه أنَّ اعتياد حِكايات تُضحك أو فعل خيالات كذلك خارمٌ للمروءة رادٌّ للشهادة، وصرَّح بعضهم بأنَّه حرام، وآخرون بأنَّه كبيرة تَمَسُّكًا بهذا الخبر، وفرضه البعض في كلمة في الغير بباطل يُضحِك بها أعداءه؛ لأنَّ فيه حينئذٍ من الإيذاء ما يربو على كثير من الكبائر...". اهـ؛ (فيض القدير: 2/ 336).

 

وقال: "((ليُضحك به القومَ، ويلٌ له ويل له!)) كرَّره إيذانًا بشدَّة هَلَكته؛ وذلك لأنَّ الكذب وحده رأس كلِّ مذموم، وجِمَاع كلِّ فضيحة، فإذا انضمَّ إليه استجلاب الضَّحك الذي يميت القلبَ ويجلب النِّسيان ويورِث الرعونة كان أَقبح القبائح، ومِن ثَمَّ قال الحكماء: "إيرادُ المضحِكات على سبيل السُّخف نهاية القباحة". اهـ؛ (فيض القدير: [6/ 368]).

 

• ويقول عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "لا يبلغ رجلٌ حقيقةَ الإيمان حتى يدع المِرَاء وهو مُحِقٌّ، والكذبَ في المزاح"؛ (أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت: ص 443).

 

وسُئِل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمَّن يتحدَّث بين الناس بكلامٍ وحكايات مفتَعَلَة كلُّها كذب، هل يجوز ذلك؟

فأجاب رحمه الله: أمَّا المُتحدِّث بأحاديث مفتعَلَة ليضحِك النَّاس أو لغرضٍ آخر، فإنَّه عاصٍ لله ورسوله، وقد روى بهزُ بن حكيم عن أبيه عن جدِّه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الذي يُحَدِّث فيكذب ليُضحك القومَ، ويلٌ له ويلٌ له، ثمَّ ويلٌ له))، وقد قال ابن مسعود: "إنَّ الكذب لا يصلح في جدٍّ ولا هَزْل، ولا يَعِدُ أحدكم صبيَّه شيئًا ثمَّ لا يُنْجِزه"، وأمَّا إن كان في ذلك ما فيه عدوان على مُسلم وضرر في الدِّين، فهو أشدُّ تحريمًا من ذلك، وبكلِّ حالٍ ففاعِلُ ذلك مستحقٌّ للعقوبة الشرعيَّة التي تردَعُهُ عن ذلك، والله أعلم"؛ (مجموع الفتاوى: 23/ 256).

 

• ومن الكذب في المزاح: ما يعرف بالنُّكَت[1]، وهي مُحرَّمة؛ لما فيها من الكذب والجور والبهتان.

 

تحذير:

فليحذر كلٌّ منَّا من كلمة تَخرج على وجه المزاح؛ فتسخط الله، وتكون سببًا في دخولِ النَّار؛ فقد أخرج البخاريُّ ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة، ينزل بها في النَّار أبعد ما بين المشرقِ والمغرِب))، وفي رواية: ((وإنَّ العبد ليتكلَّم بالكلمة من سخطِ الله تعالى، لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنَّم)).

 

بشارة:

بشَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ببيتٍ في وسط الجَنَّة لمَن ترك الكذبَ حتى وإن كان مازحًا؛ فقد أخرج أبو داود من حديث أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا زعيم ببيتٍ في ربض الجَنَّة لمَن ترك المراء وإن كان مُحِقًّا، وببيتٍ في وسط الجَنَّة لمَن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجَنَّة لمَن حسُن خُلُقه))؛ (السلسلة الصحيحة: 273).

 

3) ومن صور المزاح المحرَّم: السخرية والاستهزاء بالآخرين:

يجب على المسلم أن يبتعد في مزاحه ولهوِه عن السُّخرية والاستهزاء بالآخرين أو تحقيرِهم، أو إظهار بعض عيوبهم بصورةٍ تدعو للضَّحك والسُّخرية، أو أن يتناول إنسانًا ويذكر عيبًا من عيوبه؛ يقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

• يقول الغزالي رحمه الله في "الإحياء" (3/ 131):

"ومعنى السُّخرية: الاستهانة والتحقِير والتنبيه على العيوب والنَّقائص على وجهٍ يُضحَك مِنه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقَول، وقد يكون بالإشارةِ والإِيماء، وإذا كان بحضرة المستهزَأ به لم يُسمَّ غِيبة، وفيه معنى الغيبة". اهـ.


• وفي سنن أبي داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ للنَّبي صلى الله عليه وسلم: حسْبُك[2] من صفيَّةَ كذا وكذا - قال أحد الرُّواة: "تعني أنَّها قصيرة" - فقال: ((لقد قلتِ كلمةً، لو مُزِجَت بماء البحر لمَزَجَتْهُ[3]))، قالت: وحكيتُ له إنسانًا[4]، فقال: ((ما أحبُّ أنِّي حكيت إنسانًا، وأنَّ لي كذا وكذا))؛ (الصحيحة: 901).

 

• ولمَّا ضَحك البعضُ من دِقَّة ساق عبدالله عن مسعود، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أَتضحكون من دِقَّة ساقَيه؟ والَّذي نفسِي بيده، لَهُمَا أثقل في الميزان مِن جبل أُحُد)).

 

• ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن السُّخرية والضَّحك مما يخرج من رِيح بصوتٍ (الضرطة).


فقد أخرج البخاريُّ من حديث عبدالله بن زمعة رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعظَهم في ضحكِهم من الضَّرطة، وقال: ((لِمَ يضحك أحدُكم مما يفعل؟!))، وفي رواية: "نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الضَّحك من الضرطة".

 

4) أخذ متاع الغير على وجه المزاح:

وهذا من المزاح المُحَرَّم الذي مَنع منه الشرعُ الحكيم؛ فقد أخرج الإمامُ أحمد وأبو داود والترمذي عن عبدالله بن السائب عن أبيه عن جدِّه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يأخذن أحدُكم متاعَ أخيه لاعبًا ولا جادًّا، ومَن أخذ عصا أخيه فليردَّها عليه)).

 

• "قال الخطابي رحمه الله: معناه أن يأخُذه على وجه الهزلِ وسبيل المزاح، ثمَّ يحبسه عنه ولا يَرُده فيصير ذلك جدًّا، قال سليمان - هو ابن عبدالرحمن -: ((لعبًا ولا جدًّا)) وجه النَّهي عن الأخذ جدًّا ظاهر؛ لأنَّه سرقة، وأمَّا النهي عن الأخذ لعبًا؛ فلأنَّه لا فائدة فيه؛ بل قد يكون سببًا لإدخال الغيظ والأذى على صاحب المتاع".اهـ؛ (عون المعبود: 13/ 237).

 

• وقال الشوكاني رحمه الله: "فيه (أي: الحديث) دليل على عدم جواز أَخْذ متاع الإنسان على وجه الهزل والمزح". اهـ؛ (نيل الأوطار: 6/ 49).


فإذا كان المقصد من المِزَاح هو اسْتِرْوَاح النَّفس، سواء للمازِح أو للممزوح معه، فهو أمرٌ جائز، أمَّا المزاح المؤذي المغيِّر للقلوب، المضرُّ بالغير، الموجِس للنفس، فإنَّه لا ينفك عن تحريمٍ أو كراهة، فمِن الناس مَن يستهزئ مازحًا، ويغتاب مازحًا، ويكذب مازحًا، ويحقر أخاه مازحًا، ويأخذ متاع غيره مازحًا، ويُروِّع غيره مازحًا، وينتهك حرمات الإسلام مازحًا، فكم جلب المزاح المُحرَّم من ويلات!


5) ترويع المسلم على وجه المزاح:

وترويع المسلم على وجه المزاح أمرٌ منهيٌّ عنه شرعًا؛ فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: "حدَّثنا أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ، فنام رجلٌ منهم، فانطلق بعضُهم إلى نَبْلٍ معه فأخذها، فلما استيقظ الرجلُ فَزِع؛ فضحك القومُ، فقال: ((ما يُضحككم؟))، فقالوا: لا، إلاَّ أنَّا أخذنا نبل هذا ففزعَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يُرَوِّعَ مسلمًا))، وفي رواية عن البزار والطبراني وابن حبان عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه أنَّ رجلاً أخذ نعلَ رجلٍ فغَيَّبَها وهو يمزح، فَذُكِرَ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لا تروِّعوا المسلِمَ؛ فإنَّ روعة المسلِم ظُلم عظيم)).


وترويع المسلم على وجه المزاح مُحرَّم؛ لأنَّه يوغِر الصدرَ، ويلحق الضَّررَ بالغير؛ حيث يصيبه بالخوف والذعر، وهذا أمرٌ نهى عنه ربُّ العالمين في كتابه الكريم؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].


• ولله درُّ القائل:

أكرِم جليسَك لا تمازِح بالأذى
إنَّ المزاح تُرَى به الأضغانُ
كم من مزاحٍ جَذَّ حبل قرينه
فتجذَّمَت من أجله الأقرانُ

 

6) المزاح بالسلاح أو الإشارة به:

وهو من المزاح المُحرَّم، فهؤلاء الذين يَعْبثون مع إخوانهم المسلمين بهذا المزاحِ السَّخيف، فيشير أحدُهم إلى أخيه بالسلاح فيخِيفه، أو يصيبه بالأذى، أو الطعن، أو القتل، ثم يقول: كنتُ أمزح!


فقد أخرج الإمامُ مسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أشار إلى أخيه بحديدةٍ؛ فإنَّ الملائكةَ تلعنه حتى يَدَعَهُ، وإن كان أخاه لأبيه وأمِّه)).

 

• قال النووي رحمه الله: "فيه تأكيدُ حُرمة المسلم، والنَّهي الشديد عن تروِيعه وتخويفه والتَّعَرُّض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن كان أخاه لأبيه وأمِّه)) مبالغة في إيضاحِ عموم النَّهي في كلِّ أحد، سواء من يُتَّهم فيه، ومَن لا يُتَّهَم، وسواء كان هذا هزلاً ولعِبًا أم لا؛ لأنَّ ترويع المسلم حرامٌ بكلِّ حال، ولأنَّه قد يسبقه السِّلاح كما صرَّح به في الرِّواية الأخرى، ولَعْن الملائكة له يدلُّ على أنَّه حرام". اهـ؛ (شرح مسلم: 8/ 488).

 

• وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يشيرُ أحدكم على أخيه بالسِّلاح؛ فإنَّه لا يدري لعلَّ الشيطان يَنْزعُ في يده؛ فيقع في حفرةٍ من النَّار))، قال ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث النَّهي عمَّا يُفضِي إلى المحذور، وإن لم يكن المحذور مُحقَّقًا، سواء كان ذلك في جدٍّ أو هزل".اهـ؛ (فتح الباري: 13/ 28).

 

• وقال العلماء في الحديث السابق: "إنَّ الشيطان قد يحمل المازِح أو الهازِئ أو اللاَّعب على الفساد والتطاول دون أن يدري، فما يشعر وهو غارق في حمس مزاحِه إلاَّ وقد أسرف في إشارته حتى تجاوزَت حدَّها، فأصابَت أخاه، وسبق السيفُ العَذَلَ، أو لعلَّ قوى الشرِّ في نفسه تثور مِن رقدتها وكمونها، بفعل الشَّيطان وكَيده، فيمد يدَه إلى ما لا يقصد فيكون السوءُ، وما يفضِي إلى المحظور محظورٌ؛ ولذلك نهى الفقهاءُ عن مثل هذا العمل في الجدِّ أو في الهزل".


7) المزاح مع غير المحارم:

مزاح الرَّجل مع المرأة الأجنبيَّة، ومزاح المرأة مع الرَّجل من غيرِ محارمها مُحرَّم؛ لأنَّ المزاح به استعطاف وإِيناس للمخاطَب وتليِينٌ للقلوب، فهذا يؤول إلى معصية، ويسبِّب فتنةً وفسادًا، والله لا يحبُّ الفساد، قال تعالى: ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [الأحزاب: 32].



[1] النُّكْتَةُ: هي اللطيفة المؤثِّرة في القلب، وقيل غير ذلك.

[2] حسبك: كافيك منها كذا.

[3] مزجَته: خالطته مخالطة يتغيَّر بها طعمُهُ أو ريحُهُ أو لونه؛ لشدة نتنها وقُبحها.

[4] حكيت له إنسانًا؛ أي: حكيتُ له حركةَ إنسان يكرهها، قال المناوي رحمه الله: "أي فعلتُ مثل فعله، أو قلت مثل قوله، منقصًا له، يقال: "حكاه، وحاكاه"، قال الطيبي رحمه الله: وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المزاح المحرم
  • المزاح المشروع
  • ضوابط المزاح في الإسلام
  • مفاسد وأضرار كثرة المزاح المذموم
  • من آثار المزاح المنهي عنه
  • آثار متعلقة بالمزاح في العقود والزواج والطلاق
  • من فوائد المزاح المباح

مختارات من الشبكة

  • تعريف المجتهد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التشبيه: تعريفه وأقسامه وأمثلة عليه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التوكيد المعنوي: تعريفه وألفاظه وأمثلة عليه(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحديث المدلس: تعريفه وأنواعه وأمثلة عليه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكناية في اللغة العربية: تعريف وشرح وأمثلة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المعجزة والكرامة: تعريفهما وأمثلة عليهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرام: تعريفه وبعض مسائله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هيئة التعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام تصدر موسوعة التعريف بنبي الرحمة باللغة الإنجليزية(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب