• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

شرح العقيدة الواسطية (16)

شرح العقيدة الواسطية (16)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2015 ميلادي - 15/2/1437 هجري

الزيارات: 8769

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح العقيدة الواسطية (16)

إثبات صفة الكلام لله عز وجل


.. وَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ﴾ [المائدة: 116]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164] وَقَوْلِهِ: ﴿ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 253]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143].


هذه الأدلَّة ساقها شيخ الإسلام لإثبات صفة الكلام، وأن الله يتكلَّم، وأن له كلامًا هو صفةٌ مِن صفاته، وأن هذا الكلام ليس خاصًّا بالقرآن؛ لأن الله كلَّمَ آدَم وناداه، ونادى حواء، وكلم موسى، وناداه، وناجاه، وكلم عيسى، وأن الله كلامه يُسمى كلامًا، وحديثًا، وقولاً، ونداءً، ومناجاة، وهذه أنواعٌ من الكلام؛ ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ [النساء: 122]، ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 87]، ﴿ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 95]؛ فكيف يَصدُق وهو لا يتكلَّم؟!


ففي هذا إثباتُ الكلام لله تعالى صفةً من صفاته، والمؤلِّف هنا اختصَر، وإلاَّ فإن هناك أدلةً دلَّت على الكلام، ومن ذلك أن الله عابَ على أصنام المشركين أنها لا تتكلَّم، وعاب ذلك على عِجْل السامريِّ أنه لا يَرجِع لهم قولاً، إذا كانت هذه لا تتكلَّم ويُدَّعى فيها الإلهية دلَّ على عجزها وعلى نَقصِها؛ ﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا ﴾ [طه: 89]، وأنهم لا تكلمهم: ﴿ فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 63]، دلَّ على أنها لما كانت لا تَنطِق دلَّ ذلك على عجزها، وأنها لا تستحق أن تكون ربًّا، فدل على أن مِن معاني الربوبيَّة الكلام.


كلام الله قديم النوع، متجدد الآحاد:

وكلام الله تعالى مَذهَب أهل السُّنة فيه أن الله يتكلَّم بما شاء، بأيِّ شيءٍ يَشاؤه من أمر ونهي، ولا يتكلم إلا بالحسَن، فلا يكون في كلام الله قُبح، ولا يكون في كلام الله ما يُستحى مِن ذِكْرِه، ويتكلم كيف يشاء، لا نَعلم كيفيَّة كلامه، ويتكلم سبحانه وتعالى إذا شاء؛ ولهذا فصفة الكلام صفة ذاتية من حيث النوع، متعلقة بذات الله أزلاً وأبدًا، وهي صفة فعلية من حيث الأفرادُ - أي: من حيث أنواعُ الكلام - تكلم بالتوراة بعدما تكلَّم في صحُف إبراهيم، وتكلم بالإنجيل بعد كلامه بالتوراة، وتكلم بالقرآن بعد كلامه بالإنجيل، ويتكلم يوم القيامة غيرَ كلامه في الدنيا.

 

أنواع كلام الله عز وجل:

كلام الله أنواع؛ فهو قول، وهو حديث، وهو نداء (بصوت عالٍ)، وهو نِجاء (بصوت منخفض)، وكلاهما ثبت لموسى عليه السلام:

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴾ [مريم: 52]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشعراء: 10].


وَقَوْلِهِ: ﴿ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ﴾ [الأعراف: 22]:

وهذا في حقِّ آدم وحواء، ويُنادي أهل النار:

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 65].

فهذا أنواع من النداء.


كلام الله بحرف وصوت:

ومِن ذلك أخَذ العلماءُ أنَّ كلامَ الله بحرفٍ وصوت، بحرف لأن الكلام لا يكون كلامًا مفهومًا حتى يَشتمل على حروف تتكوَّن منها الكلمات، وقد دل على ذلك قوله تعالى: ﴿ الم ﴾ [البقرة: 1]، ﴿ المص ﴾ [الأعراف: 1]، ﴿ المر ﴾ [الرعد: 1]؛ فإن هذه الحروف التي جاءت في أوائل السور مَعناها تحدٍّ وإعجازٌ لهؤلاء الفصحاءِ البلغاء أنَّ هذا الكلام الذي تُحُدُّوا به من جنس حروفهم التي يتكلمون بها، وفي الصحيح من حديثِ ابن مسعود رضي الله عنه: قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ حَسَنَةً؛ لا أَقُولُ: ﴿ الم ﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ))[1]، والذي قال هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أعرف الناس بالله، وهو بصوت؛ لأنه جاء في الصحيح: ((أَنَّ اللهَ يَتَكَلَّمَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِكَلامٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ))[2]، وفي آية سبأ: ﴿ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سبأ: 23]؛ فالملائكة تَسمع كلامَ الله، وتَضرِب بأجنحتها خُضْعانًا لقوله، وتخشع لأنها سَمعَت كلام الله تعالى، فكلامُ الله بحرف، وكلامُ الله مسموع؛ كما دلَّت على ذلك الأدلة، ولو لم يكن لَمَا فُرِّق بين النِّداء وبين النِّجاء؛ فالنداء بصوت مرتفع، والنِّجاء لا يسمعه إلا الْمُناجَى وحده، وهذا في أدلة إثبات كلام الله.


وكلام الله يدل على كماله؛ لأن الذي لا يتكلَّم عاجز، إما مِن عدم القابليَّة للكلام؛ كالجدار، والجمادات - وإن كانت الجمادات صحَّ عنها أنها تتكلم بتسبيح الله، بكلامٍ لا نَفقهُه ولا نفهمُه - أو الكلام ممن هو عاجز عن الكلام خرَسًا، والله له الكمال، ويتنزه سبحانه وتعالى عن النقص.


المنحرفون في صفة الكلام:

الذين انحرفوا في كلام الله: الجهمية، والمعتزلة، والفلاسفة، والباطنية، ولكن الجهمية والمعتزلة أعظم مَن انحرف في كلام الله، وجرُّوا على الإسلام والمسلمين أعظمَ بَليَّة، وما محنة الإمام أحمد ومحنة أهل السُّنة في زمنه عن أخباركم ببعيدة، ووقف أهل السنة لها هذا الموقف.

 

آثار نفي الكلام عن الله عز وجل، ونفي صفة الكلام عنه:

يَنتُج من الزَّعم بأن الله لا يتكلم، أو أن كلامه مخلوق كسائر خلقه - لَوازمُ خطيرة؛ منها:

أولاً: تكذيب الأدلة؛ لأن الله يقول: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ﴾ [آل عمران: 55]؛ كأنهم يقول: ما قال الله: يا عيسى! وأن موسى ما خاطبه ربُّه، وإنما خاطبَته الشجرة، وليس معقولاً أن تَقول الشجرة: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ﴾ [طه: 14]؛ هذا شرك، وحاشا ربنا عن ذلك، والله يقول:

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6]:

ما قال: خلق الله. فأضاف الكلام لله. وقال:

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 75]، وَقَوْلِهِ: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ ﴾ [الفتح: 15]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ [الكهف: 27]:

وقال: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، ففرَّق بين الخلق وهي المخلوقات، وبين الأمر الذي هو كلامه، ومخلوقاتُه تكون بكلامه.


اللازم الثاني: وصفُ الله بضدِّ الكلام وهو العَجْز والخرس؛ تعالى الله عن قولهم علوًّا عظيمًا.


اللازم الثالث: إبطال الشرائع وإبطال الوحي؛ فالقرآن عندَهم ليس كلامَ الله، وهو خلقٌ كسائر خَلقِه لم يَبْدُ القرآن مِن الله، ولا يَرجع إليه، وفي الأحاديث أنَّ القرآن كلامٌ من الله بدا؛ أي: ظهَر؛ بدا من البدُوِّ، وهو الظُّهور، وبدأ ابتدأ الله الكلامَ به، وكلاهما معنَيان صَحيحان، دلَّت عليهما الأدلة، وإليه يَعود (في آخر الزمان)، وذلك إذا استغنى الناسُ عن كلام الله بغيره.


اللازم الرابع: أنه يَلزم مِن نفيِ الكلام صفةً من صفاته إبطالُ الشرائع كلها، فلا أمر ولا نهي.


اللازم الخامس: التحلُّل من هذه الشرائع، وهذا المعنى الذي فطن له العلماء، ووقَفوا له هذا الموقف العظيم، حتى بذَلوا في ذلك دماءهم، وذممَهم، وأعراضهم، وثبتهم الله، حتى إن الإمام أحمد قال لمناظريه في حضرة الواثق:

"القرآن مِن عِلم الله، فمَن زعَم الله أن عِلم الله مخلوقٌ فقد كفَر؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61]، فسَمَّى الله القرآن علمًا".


ومِن المذاهب الأخرى مِن مذاهب المبتدعة مذهبُ الأشاعرة، الذين قالوا: إنَّ القرآن الذي معنا عبارةٌ أو حكايةٌ عن كلام الله، إنَّ كلام الله هو المعنى الذي قام في نفسِه، أما الذي سَمِعه جبريلُ وأسمَعَه محمدًا فليس هو عين كلام الله، وإنما عبارةٌ وحكايةٌ عن كلام الله!


ولهذا فقولهم هذا يَؤُول إلى قول الجهميَّة المعتزلة، بأن الذي معَنا مخلوق، وليس كلامَ الله حقيقة، وهو ما صرَّحَت الماتوريدية، فكانوا بهذا المذهب الفاسد مِن إخوانهم الأشعرية.


وقولهم بالكلام النَّفْساني، أو الكلام المعنوي فهذا القول مِن أمكَرِ الأقوال؛ لأنه استِخْفاء، كقول الواقفة: لا أقول: كلام الله مخلوق، ولا غير مخلوق. فهذا أشدُّ ممَّن صرح بمذهبه، وشيخ الإسلام له ردٌّ عليهم في كتاب كبير، وهو كتابه (التسعينية)، وكذا له ردٌّ على ما قال بالنفساني:

تِسْعون وَجْهًا بَيَّنَتْ بُطْلانَهُ ♦♦♦ أَعْني كَلامَ الْحَقِّ ذا الوَحْدَانِي

ونَجد في بعض الأسانيد أسانيد القَّراء الإجازات أنَّها لما كانت مَدارها على كثيرٍ من هؤلاء الأشاعرة مُنتهاها هكذا: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن اللوح المحفوظ، أو عن اللَّطيفة، أو عن الهواء؛ وذلك لِيَنفوا أن يَكون جبريلُ سَمع الكلامَ مِن الله؛ لأنَّ مِن مُعتقَدِهم ومذهبِهم المبتدَعِ أنَّ جبريلَ ما سَمع الكلام النفسيَّ - وأنَّى له ذلك أن يَسمع كلامًا هو معنًى نفسيٌّ في ذات الله؟! - فيكون الذي معَنا عبارةً وحكايةً عن كلام الله، فيكون لازمُ مذهبِهم أن هذا الذي معَنا كلامٌ مخلوق، ليس هو عينَ كلام الخالق، الذي ليس بِمَخلوق.


ولا بد أن تنتبَّه إلى الفرق بين القراءة والمقروء، واللفظ والملفوظ، والتلاوة والتالي، والحافظ والمحفوظ.


فإن المحفوظ المتلوَّ المقروء الملفوظَ هو عينُ كلام الله، أما الحافظ والقارئ والتالي والسامع فهو أنا وأنت وغيرنا من المخلوقين، والإمام أحمد رحمه الله شدَّد على مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ أن هذا في مقام الإلباس والتلبيس، أما إذا قال: إنَّ فِعلي وحركةَ لساني وخَطَّ يدي وحفظي هذا مِن فعلي، وأنا مخلوق وفِعلي مخلوق فهذا لا إشكال فيه، أما المقروء المحفوظ الملفوظ عين كلام الله، فهذا ليس بمخلوق، وهذا عينُ ما قاله الإمام أحمد، ومضى عليه أئمة السُّنة بعده؛ كالإمام البخاري، وغيره.

 

أدلة إثبات صفة الكلام تثبت صفة العلو:

وَقَوْلِهِ: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ﴾ [الأنعام: 92]، وَقَوْلِهِ: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]، وَقَوْلِهِ: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 101 - 103].


هذه الأدلَّة فيها إثباتُ أن القرآن الذي هو كلامُ الله أنه منزَّل من عند الله، وفي هذا إثباتُ صِفَتَين: إثبات صفة علوِّ الله؛ لأن القرآن نزَل من عنده، والتنزُّل يكون مِن أعلى إلى أسفل، وفيها إثباتُ أن الله متكلِّم؛ ولهذا مَن نفى هاتين الصفتين: العلو والكلام فما قدَر الله حقَّ قدره؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى ﴾ [الأنعام: 91]؛ لأنه إذا نَفى عُلوَّ الله، ونفى أن يَكون الله متكلمًا فقد وصَف اللهَ بالنَّقائص، ولم يَقدُر الله حقَّ قدره، وهذا يُفضي إلى وصفِ الله بأقبح أوصاف التَّعطيل، وهو العبَث، كما يُفضي إلى أن الله في السُّفل، وأن الله لا يتكلَّم، فالقرآن مُنزلٌ من عند الله، سَمعه جبريل من الله، وأسمعَه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ففي هذا إثباتُ أن القرآن منزل.


نزول القرآن:

وقد نُزِّل القرآن حسب الحوادث منجَّمًا حسب المناسبات، في ثلاث وعشرين سنة، والكتب التي قبلَنا أُنْزِلت جملة واحدة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، والفَرق بينهما أنه لما جاء ذِكْر القرآن قال: نزَّل؛ بالفعل المضعَّف، الذي دلَّ على أن النزول مُتكرِّر بحسَب الحوادث، ومنجَّمًا بحسب المناسبات، والكتاب الذي أُنزل مِن قبل، فجنس الكُتب التي قبلنا - وهي كثيرةٌ - لا نَعلم منها إلا أربعة: صحُف إبراهيم على إبراهيم، والزَّبور على داود، والإنجيل على عيسى، والتوراة على موسى، ولله كتبٌ غيرها لا نَعلَمها، نزلَت جملة واحدة.

 

شبهة والرد عليها:

الجهمية قالوا: إن القرآن مضافٌ إلى الله في هذه الآيات إضافةَ خَلق؛ كقوله: ﴿ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6]، وقولِه: ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾ [الشمس: 13]، وقوله: ﴿ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ ﴾ [البقرة: 125]، وهذا مِن جَهلِهم، وعُجمتِهم في عدَم فَهمِهم كلامَ الله عز وجل؛ لأنَّ المضافَ إلى الله في الأدلَّة نوعان:

 

1- النوع الأول: أعيان؛ كالناقة والبيت والكعبة والمساجد بيوت الله، فهذه أعيانٌ تُضاف إلى الله، وهي مخلوقة، لكن إضافتها إلى الله إضافةُ تَشريفٍ وتكريم.


2- النوع الثاني: معاني؛ أي: إنها لا تَكون أعيانًا مستقلَّة موجودة بذاتها، وإنما هي معنًى كعِلْم الله، وسمع الله، وبصَر الله، وحياة الله، وكلام الله، فهذه مَعانٍ أُضِيفَت إلى الله، وكل معنًى أُضِيف إلى الله فإنه صفةٌ من صفاته تعالى.



[1] رواه الترمذي (2910)، والحاكم (1/ 555)، وصححه، وصححه الألباني.

[2] متفق عليه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح العقيدة الواسطية (10)
  • شرح العقيدة الواسطية (11)
  • شرح العقيدة الواسطية (12)
  • شرح العقيدة الواسطية (13)
  • شرح العقيدة الواسطية (14)
  • شرح العقيدة الواسطية (15)
  • شرح العقيدة الواسطية (17)
  • شرح العقيدة الواسطية (18)
  • شرح العقيدة الواسطية (19)
  • شرح العقيدة الواسطية (20)

مختارات من الشبكة

  • عناية العلماء بالعقيدة الواسطية(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فوائد من شرح العقيدة الواسطية للشيخ سعد بن ناصر الشثري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح العقيدة الواسطية(محاضرة - موقع د. زياد بن حمد العامر)
  • شرح العقيدة الواسطية (39)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (38)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (37)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (36)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (35)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (34)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح العقيدة الواسطية (32)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب