• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

في بعض أحكام المواد المخدرة

في بعض أحكام المواد المخدرة
الشيخ عبدالمجيد سليم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2015 ميلادي - 25/1/1437 هجري

الزيارات: 16460

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

في بعض أحكام المواد المخدرة


حكم تعاطي هذه المواد:

إنه لا يشك شاك ولا يرتاب مرتاب في تحريم تعاطي هذه المواد؛ لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة، ومفاسد كثيرة، فهي تفسد العقل، وتفتك بالبدن إلى غير ذلك من المضار، فلا يمكن أن تأذن الشريعة بتعاطيها مع تحريمها لِما هو أقل منها مفسدة وأخف ضررًا، ولذلك قال بعض علماء الحنفية: "إن من قال بحل الحشيش زنديق مبتدع"، وهذا منه دلالة على ظهور حرمتها ووضوحها، ولأنه لَمَّا كان الكثير من هذه المواد يخامر العقل ويُغطيه، ويُحدث من الطرب واللذة عند متناوليها ما يدعوهم إلى تعاطيها، والمداومة عليها - كانت داخلة فيما حرَّمه الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الخمر والمسكر.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "السياسة الشرعية" ما خلاصته:

إن الحشيشة حرام يُحَد متناولها كما يُحَد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، وتجعل في الرجل تخنثًا ودياثة، وغير ذلك من الفساد، وأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي داخلة فيما حرَّمه الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظًا أو معنًى.

 

قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "يا رسول الله، أفتنا في شرابين لنا نصنعهما باليمن: البتع - وهو العل ينبذ حتى يشتد، والمزر - وهو من الذرة ينبذ حتى يشتد، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه، فقال: (كل مسكر حرام)؛ رواه البخاري، ومسلم.

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام)، وفي رواية: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام).

 

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من الحنطة خمرًا، ومن الشعير خمرًا، ومن الزبيب خمرًا، ومن التمر خمرًا، ومن العسل خمرًا، وإني أنهى عن كل مسكر)؛ رواه أحمد وغيره.

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام)، قال الترمذي: حديث حسن.

 

والفرق: مكيال يسع ستة عشر رطلاً، والمعنى: ما أسكر كثيره، فقليله حرام.

 

وروى أهل السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال: (ما أسكره كثيره، فقليله حرام)، وصحَّحه الحُفاظ، وعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: (المزر)، قال: (أمسكر هو؟)، قال: نعم، فقال: (كل مسكر حرام، إن على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يَسقيه من طينة الخبال)، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: (عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار)؛ رواه مسلم.

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل مُخمر خمر، وكل مسكر حرام)؛ رواه أبو داود.

 

والمخمر ما يغطي العقل، والأحاديث في هذا الباب كثيرة مستفيضة، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أُوتيه من جوامع الكلم كل ما غطى العقل وأسكر، ولم يُفرق بين نوع ونوع، ولا تأثير لكونه مأكولاً أو مشروبًا، على أن الخمر قد يصطبغ بها - أي تجعل إدامًا - وهذه الحشيشة قد تذاب بالماء وتشرب، فالخمر يؤكل ويشرب، والحشيشة تؤكل وتُشرب، وكل ذلك حرام، وحدوثها بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة، لا يمنع دخولها في عموم كلام الرسول صلى الله عليه وسلم عن المسكر، فقد حدثت أشربة مسكرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكلها داخلة في الكلم الجامع من الكتاب والسنة؛ ا .هـ.

 

وقد تكلَّم رحمه الله عنها أيضًا غير مرة في فتاويه، فقال ما خلاصته: هذه الحشيشة الملعونة هي وآكلوها ومستحلُّوها الموجبة لسخط الله تعالى، وسخط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسخط عباده المؤمنين، المعرضة صاحبها لعقوبة الله، تشتمل على ضرر في دين المرء وعقله، وخلقه وطبعه، وتفسد الأمزجة، حتى جعلت خلقًا كثيرًا مجانين، وتورث من مهانة آكلها ودناءة نفسه وغير ذلك ما لا تورث الخمر، ففيها من المفاسد ما ليس في الخمر، فهي بالتحريم أَولَى، وقد أجمع المسلمون على أن السكر منها حرام، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال، فإنه يُستتاب، فإن تاب وإلاَّ قُتِل مرتدًّا لا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، وإن القليل منها حرام أيضًا بالنصوص الدالة على تحريم الخمر وتحريم كل مسكر؛ ا .هـ.

 

وقد تبعه تلميذه الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى، فقال في (زاد المعاد) ما خلاصته: إن الخمر يدخل معها كل مسكر مائعًا كان أو جامدًا، عصيرًا أو مطبوخًا، فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور - ويعني بها الحشيشة - لأن هذا كله خمر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده، ولا إجمال في متنه؛ إذ صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: (كل مسكر خمر)، وصح عن أصحابه رضي الله عنهم الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده أن الخمر ما خامر العقل، على أنه لو لم يتناول لفظه صلى الله عليه وسلم كل مسكر، لكان القياس الصحيح الصريح الذي استوى فيه الأصل والفرع من كل وجهٍ حاكمًا بالتسوية بين أنواع المسكر، فالتفريق بين نوع ونوع تفريق بين المتماثلين من جميع الوجوه؛ ا .هـ.

 

ونُقِل عن الحافظ ابن حجر أن مَن قال: إن الحشيشة لا تُسكر، وإنما هي مخدر مكابر، فإنها تُحدث ما تُحدثه الخمر من الطرب والنشوة، ونقل عن ابن البيطار من الأطباء أن الحشيشة التي توجد في مصر مسكرة جدًّا إذا تناول الإنسان منها قدر درهم أو درهمين، وقبائح خصالها كثيرة، وعد منها بعض العلماء مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية، وقبائح خصالها موجودة في الأفيون، وفيه زيادة مضار؛ ا .هـ.

 

وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من العلماء، هو الحق الذي يسوق إليه الدليل وتطمئن به النفس، وإذا تبيَّن أن النصوص من الكتاب والسنة تتناول الحشيش، فهي تتناول أيضًا الأفيون الذي بيَّن العلماء أنه أكثر ضررًا، ويترتب عليه من المفاسد ما يزيد على مفاسد الحشيش؛ كما سبق عن ابن البيطار، وتتناول أيضًا سائر المخدرات التي حدثت، ولم تكن معروفة من قبلُ؛ إذ هي كالخمر من العنب مثلاً في أنها تخامر العقل وتغطيه، وفيها ما في هذه الخمر من مفاسد ومضار، وتزيد عليها بمفاسد أخرى كما في الحشيش، بل أفظع وأعظم كما هو مشاهد ومعلوم ضرورة، ولا يمكن أن تبيح الشريعة الإسلامية شيئًا من هذه المخدرات، ومن قال بحِل شيء منها، فهو من الذين يفترون على الله الكذب ويقولون على الله ما لا يعلمون.

 

وقد سبق أن قلنا: إن بعض علماء الحنفية قال: (إن من قال بحل الحشيش زنديق مبتدع)، وإذا كان من يقول بحل الحشيش زنديقًا مبتدعًا، فالقائل بحل شيء من هذه المخدرات الحادثة التي هي أكثر ضررًا وأكبر فسادًا، زنديق مبتدع أيضًا، بل أولى بأن يكون كذلك.

 

وكيف تُبيح الشريعة الإسلامية شيئًا من هذه المخدرات التي يلمس ضررها البليغ بالأمة أفرادًا وجماعات، ماديًّا وصحيًّا وأدبيًّا كما جاء في السؤال، مع أن مبنى الشريعة الإسلامية على جلب المصالح الخالصة أو الراجحة، وعلى درء المفاسد والمضار كذلك، وكيف يحرم الله سبحانه وتعالى العليم الحكيم الخمر من العنب مثلاً - كثيرها وقليلها - لِما فيها من المفسدة، ولأن قليلها داع إلى كثيرها، وذريعة إليه، ويُبيح من المخدرات ما فيه هذه المفسدة، ويزيد عليها بما هو أعظم وأكثر ضررًا بالبدن والعقل والدين والخلق والمزاج؟!

 

هذا لا يقوله إلا رجل جاهل بالدين الإسلامي، أو زنديق مبتدع كما سبق القول، فتعاطي هذه المخدرات على أي وجه من وجوه التعاطي - من أكل أو شرب، أو شم أو احتقان - حرام، والأمر في ذلك واضح جلي.

 

حكم الإتجار فيها:

قد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في تحريم بيع الخمر - منها ما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حرَّم بيع الخمر والميتة، ولحم الخنزير والأصنام"، وورد عنه أيضًا أحاديث كثيرة مؤداها أن ما حرم الله الانتفاع به يحرم بيعه وأكل ثمنه، وقد علم من الجواب عن السؤال الأول أن اسم الخمر يتناول هذه المخدرات شرعًا، فيكون النهي عن بيع الخمر متناولاً لتحريم بيع هذه المخدرات، كما أن ما ورد من تحريم بيع كل ما حرمه الله، يدل أيضًا على تحريم بيع هذه المخدرات، وحينئذ يتبين جليًّا حُرمة الإتجار في هذه المخدرات، واتخاذها حرفة تدر الربح، فضلاً عما في ذلك من الإعانة على المعصية التي لا شبهة في حُرمتها لدلالة القرآن على تحريمها بقوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، ولأجل ذلك كان الحق ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من تحريم بيع عصير العنب لمن يتخذه خمرًا، وبطلان هذا البيع؛ لأنه إعانة على المعصية.

 

حكم زراعة الأفيون والحشيش:

إن زراعة الحشيش والأفيون لاستخراج المادة المخدرة منهما لتعاطيهما أو الإتجار بها، حرام بلا شك:

أولاً: ما ورد في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا، فقد تقحم النار)، فإن هذا يدل على حرمة زراعة الحيشيش والأفيون للغرض المذكور بطريق دلالة النص.

 

ثانيًا: إن ذلك إعانة على المعصية وهي تعاطي هذه المخدرات أو الإتجار فيها، وقد بيَّنا فيما سبق أن الإعانة على المعصية معصيةٌ.

 

ثالثًا: إن زرعها لهذا الغرض رضا من الزراع بتعاطي الناس لها، وإتجارهم فيها، والرضا بالمعصية معصية؛ وذلك لأن إنكار المنكر بالقلب الذي هو عبارة عن كراهة القلب وبغضه للمنكر، فرض على كل مسلم في كل حال، بل ورد في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من لم ينكر المنكر بقلبه - بالمعنى الذي أسلفنا - ليس عنده من الإيمان حبة خردل)، على أن زراعة الحشيش والأفيون معصية من جهة أخرى بعد نهي ولي الأمر عنها بالقوانين التي وضعت لذلك، لوجوب طاعة ولي الأمر فيما ليس بمعصية لله ولرسوله بإجماع المسلمين، كما ذكر ذلك الإمام النووي في شرح مسلم في باب طاعة الأمراء، وكذا يقال هذا الوجه الأخير في حرمة تعاطي المخدرات والإتجار فيها.

 

حكم الربح الناتج من الإتجار بهذه المواد؟

قد عُلِم مما سبق أن بيع هذه المخدرات حرام، فليكن الثمن حرامًا:

أولاً: لقوله تعالى: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188]؛ أي: لا يأخذ ولا يتناول بعضكم مال بعض بالباطل، وأخذ المال بالباطل على وجهين: الأول: أخذه على وجه الظلم والسرقة والخيانة والغصب، وما جرى مجرى ذلك.

الثاني: أخذه من جهة محظورة؛ كأخذه بالقمار وبطريق العقود المحرمة كما في الربا، وبيع ما حرم الله الانتفاع به؛ كالخمر المتناولة للمخدرات المذكورة كما بيَّنا آنفًا، فإن هذا كله حرام، وإن كان بطيبة نفس من مالكه.

 

ثانيًا: للأحاديث الواردة في تحريم ثمن ما حرم الله الانتفاع به؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئًا، حرَّم ثمنه)؛ رواه ابن أبي شيبة عن ابن عباس.

وقد جاء في زاد المعاد ما نصه: قال جمهور الفقهاء: إنه إذا بيع العنب لمن يعصره خمرًا، حرم أكل ثمنه بخلاف ما إذا بيع لمن يأكله، وكذلك السلاح إذا بيع لمن يقاتل به مسلمًا، حرم أكل ثمنه، وإذا بيع لمن يغزو به في سبيل الله، فثمنه من الطيبات، وكذلك ثياب الحرير إذا بيعت لمن يلبسها ممن يحرم عليه لبسها، حرم أكل ثمنها، بخلاف بيعها لمن يحل له لبسها؛ ا .هـ.

 

وإذا كانت الأعيان التي يحل الانتفاع بها إذا بيعت لمن يستعملها في معصية الله على رأي جمهور الفقهاء - وهو الحق - يحرم ثمنها لدلالة ما ذكرنا من الأدلة وغيرها، كان ثمن العين التي لا يحل الانتفاع به كالمخدرات حرامًا من باب أَولَى.

 

وإذا كان ثمن هذه المخدرات حرامًا، كان خبيثًا، وكان إنفاقه في القربات؛ كالصدقات، والحج غير مقبل؛ أي: لا يثاب المنفق عليه، فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه وحرام، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟).

 

وقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده، لا يكسب عبد مالاً من حرام، فينفق منه، فيبارك له فيه، ولا يتصدق، فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده في النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ، ولكن يمحو بالسيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث).

 

وجاء في شرح ملا على القاري للأربعين النووية عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه إذا خرج الحاج بالنفقة الخبيثة، فوضع رجله في الغرز - (أي الركاب) - وقال: لبَّيك، ناداه ملك من السماء: لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك".

 

وجاء في كتاب شرح الأربعين النووية؛ لابن رجب أحاديث كثيرة وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا الموضوع، منها ما رُوِي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كسب مالاً حرامًا، فتصدق به، لم يكن له أجر، وكان أجره - يعني إثمه وعقوبته - عليه)، ومنها ما في مراسيل القاشم بن مخيمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أصاب مالاً من مآثم، فوصل به رحمه، أو تصدق به، أو أنفقه في سبيل الله - جمع ذلك جميعًا، ثم قذف به في نار جهنم).

 

فهذه الأحاديث التي يشد بعضها بعضًا، تدل على أنه لا يقبل الله صدقةً ولا حجًّا، ولا قربةً أخرى من القرب من مال خبيث حرم، ومن أجل ذلك نص علماء الحنفية على أن الإنفاق على الحاج من المال الحرام حرام.

 

وخلاصة ما قلناه:

أولاً: تحريم تعاطي الحشيش والأفيون والكوكايين، ونحوها من المخدرات.

 

ثانيًا: تحريم الإتجار فيها، واتخاذها حرفة تدر الربح.

 

ثالثًا: حرمة زراعة الأفيون والحشيش لاستخلاص المادة المخدرة لتعاطيها أو الإتجار فيها.

 

رابعًا: إن الربح الناتج من الإتجار في هذه المواد حرام خبيث، وإن إنفاقه في القربات غير مقبول، بل حرام.

 

قد أطلت القول إطالة قد تؤدي إلى شيء من الملل، ولكني آثرتها تبيانًا للحق، وكشفًا للصواب؛ ليزول ما قد عرض من شبهة عند الجاهلين، وليعلم أن القول بحِل هذه المخدرات من أباطيل المبطلين، وأضاليل الضالين المضلين، وقد اعتمدت فيما قلت أو اخترت على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى أقوال الفقهاء التي تتفق مع أصول الشريعة الغراء ومبادئها القويمة.

 

والحمد لله رب العالمين، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المصدر: مجلة الهدي النبوي - المجلد الرابع - العدد 49 - أول رجب سنة 1359هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المخدرات في مجال الفقه الاسلامي
  • بلاء المخدرات والمسكرات
  • المخدرات

مختارات من الشبكة

  • أحكام الجنائز: مقدمات الموت - تغسيل الميت - تكفينه - دفنه - تعزية أهله - أحكام أخرى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أحكام الحج أحكام يوم التشريق(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أحكام الاعتكاف وليلة القدر وزكاة الفطر وما يتعلق بها من أحكام فقهية وعقدية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • مخطوطة أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • قاعدة أحكام النساء على النصف من أحكام الرجال(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الوقوف بعرفة وحكم التعريف بالأمصار: أحكام وأسرار(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (النسخة 7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأضحية: أحكام وحكم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب