• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة الابتلاء بالرخاء
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الحج ويوم عرفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    خطبة (المساجد والاحترازات)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لماذا قد نشعر بضيق الدين؟
    شهاب أحمد بن قرضي
  •  
    حقوق الأم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الدرس الواحد والعشرون: غزوة بدر الكبرى
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    أهم مظاهر محبة القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    تفسير سورة المسد
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الحديث: أنه سئل عن الرجل يطلق ثم يراجع ولا يشهد؟
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    خطبة مختصرة عن أيام التشريق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    قالوا عن "صحيح البخاري"
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (12)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    عشر أيام = حياة جديدة
    محمد أبو عطية
  •  
    من مائدة الحديث: فضل التفقه في الدين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    خطبة: فما عذرهم
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها)

تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها)
محمد حسن نور الدين إسماعيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/10/2015 ميلادي - 4/1/1437 هجري

الزيارات: 1013625

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قول الله تعالى

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾


قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [النور: 27،28، 29].

 

هذه الآيات الكريمات من سورة النور تدلُّ على الإرشاد من الله تعالى إلى أدبٍ ضائعٍ في هذه الأيام بين المسلمين إلا مَن رحم الله؛ ألا وهو: "أدب الاستئذان"، ولعِظم هذا الأدب ذكره الله في قرآنه الكريم؛ لما له من أهمية عظيمة، وإهمالُه وتركه يؤدي إلى مفاسدَ عظيمة بين المجتمع الإسلامي، والوقوع في الرذائل والمنكرات، وللشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى كُتيب قيِّم عن هذا الموضوع؛ باسم: "الأدب الضائع".

 

﴿ تَسْتَأْنِسُوا ﴾: قال الزَّجَّاج: ﴿ تَسْتَأْنِسُوا ﴾ في اللغة بمعنى: تستأذنوا، وكذا هو في التفسير، كما نُقل عن ابن عباس رضي الله عنهما.

 

وأصل الاستئناس: طلب الأُنس بالشيء، وهو سكون النَّفس واطمئنان القلب وزوال الوَحشة، قال الشاعر:

عَوَى الذئبُ فاستأنَستُ للذئب إذ عَوى ♦♦♦ وصوَّتَ إنسانٌ فكِدت أطيرُ

 

وقال بعضهم: الاستئناسُ: هو الاستعلام، من آنس الشيء إذا أبصرَه ظاهرًا مكشوفًا، ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ﴾ [طه: 10]؛ أي: أبصرتُ نارًا.

 

والمعنى: حتى تَستعلِموا؛ أيريد أهلها أن تدخلوا أم لا؟

 

قال الطبري: والصواب عندي أن "الاستئناس": استفعالٌ من الأنس؛ وهو أن يَستأذن أهلَ البيت في الدخول عليهم، ويؤذنهم أنه داخلٌ عليهم فيأنس إلى إذنهم، ويأنسوا إلى استئذانه.

 

﴿ عَلَى أَهْلِهَا ﴾: المراد بالأهل السكَّان الذين يُقيمون في الدار، سواء سُكناهم بالمِلك، أو بالإجارة أو بالإعارة.

 

﴿ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾: الإشارة راجعةٌ إلى الاستئذان والتسليم؛ أي: دخولكم مع الاستئذان والسلام خيرٌ لكم من الهجوم بغير إذنٍ، ومن الدخول على الناس بغتة.

 

﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾؛ أي: كي تتَّعظوا وتتذكَّروا، وتعملوا بموجب تلك الآداب الرفيعة، وهو مضارع حُذف منه إحدى التاءين.

 

﴿ أَزْكَى لَكُمْ ﴾؛ أي: أطهر وأكرم لنفوسكم، وهو خير لكم من اللجاج والعناد والوقوف على الأبواب، فالرجوع في مثل هذه الحال أشرفُ وأطهر للإنسان العاقل.

 

﴿ جُنَاحٌ ﴾؛ أي: إثم وحرَج، قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ ﴾ [الأحزاب: 5].

 

﴿ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ﴾: المراد البيوت العامرة التي تُقصد لمنافع عامة غير السُّكنى؛ كالحوانيت[1] والبيوت التي لا تختص بسُكنى أحد؛ كالفنادق وما شابهها، فهذه وأمثالها لا حرَج في دخولها بغير إذن.

 

﴿ مَتَاعٌ لَكُمْ ﴾: المتاع في اللُّغة يُطلق على "المنفعة"؛ أي: فيها منفعةٌ لكم؛ كالاستِظلال من الحرِّ وحفظ الرِّجال والسلع والاستحمام وغيره، ويُطلق ويراد منه "الغرض والحاجة"؛ أي: فيها لكم غرض من الأغراض، أو حاجة من الحاجات.

 

المعنى الإجمالي للآية الكريمة:

يؤدِّب المولى تبارك وتعالى عبادَه المؤمنين بالآداب الجليلة، ويدعوهم إلى التخلُّق بكل أدبٍ رَفيع؛ فيأمرهم بالاستئذان عند إرادة الدُّخول إلى بُيوت الناس، وبالتلطُّف عند طلب الاستئذان، وبالسلام على أهل المنزل؛ لأنَّ ذلك مما يَدعو إلى المحبة والوئام، وينهاهم عن الدخول بغير إذنٍ؛ لئلا تقَع أعينُهم على ما يسوؤهم فيطَّلعوا على عورات الناس، أو تقع على مكروهٍ لا يحبه أهلُ المنزل؛ فإن في الاستئذان والسلام ما يدفع خطر الرِّيبة أو القصد السيئ، ويجعل الزائرَ محترمًا مكرَّمًا مستأنَسًا به، وإذا لم يُؤذن له فعليه الرجوع؛ فذلك خيرٌ له من الوقوف على الأبواب، أو الإثقال على أهل المنزل، فقد يكون أهل البيت في شُغل شاغل عن استقبال أحد من الزائرين.

 

وإذا لم يكن في البيوت أحدٌ فلا يجوز الدخول أو الاقتحام؛ لأن للبيوت حُرمة، ولا يحل دخولها إلا بإذن أربابها، وربما كان أهلُ البيت لا يرغبون أن يطَّلع أحدٌ على ما عندهم في المنزل مِن مال أو متاع، وربما أدَّى الدخول إلى فقدان شيء أو ضياعه، ووقعت التُّهمة على ذلك الإنسان، أما البيوت التي ليس بها مَساكن، أو التي فيها للإنسان منفعةٌ أو مَصلحة فلا مانع من دخولها بغير إذن، ذلك هو أدب الإسلام وتربيته الحميدة الرشيدة التي أدَّب بها المؤمنين.

 

وجه الارتباط بين الآيات الكريمات:

الآيات التي ذُكرت في صَدر سورة النور كانت في بيان حكم الزِّنى، وبيان ضرره وخطره، وبيان أنه قبيحٌ ومحرَّم، وأن مرتكبه يَستحقُّ العذاب والنَّكال.

 

ولما كان الزنى طريقُه النظرَ والخلوة والاطِّلاع على العورات، وكان دخول الناس في بيوتٍ غير بيوتهم مَظِنَّة حصول ذلك كله - أرشد اللهُ عبادَه إلى الطريقة الحكيمة التي يجب أن يتبعوها إذا أرادوا دخولَ هذه البيوت حتى لا يَقعوا في ذلك الشرِّ الوبيل، والخطَر الجسيم، الذي يَقضي على أواصر المجتمع ويدمِّر الأسرَ، ويُشيع الفاحشة بين الناس.

 

سبب نزول الآية الكريمة:

روي في سبب نزول هذه الآية أن امرأةً أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحبُّ أن يراني عليها أحد، لا والد ولا ولد، فيأتيني آتٍ فيدخل عليَّ، فكيف أصنع؟ فنزلَت الآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾... الآية؛ (تفسير الطبري).

 

ورَوى ابنُ أبي حاتم عن مُقاتل أنه لما نزل قولُه تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾ الآية، قال أبو بكر: يا رسول الله، فكيف بتجَّار قريش الذين يختلفون من مكَّة والمدينة والشام وبيت المقدس، ولهم بيوتٌ معلومة على الطريق، فكيف يستأذنون ويسلِّمون وليس فيها سكَّان؟ فرخَّص سبحانه في ذلك؛ فأنزل قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ﴾... الآية.

 

وفي قوله تعالى: ﴿ فَارْجِعُوا ﴾ قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

قال بعض المهاجرين: لقد طلبتُ عمري كلَّه هذه الآية فما أدركتُها؛ أن أستأذِن على بعض إخواني، فيقول لي: ارجع، فأرجع وأنا مغتبِط؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾[2].

 

أحكام شرعية من الآيات الكريمات:

1- الحكم الأول: هل السلام قبل الاستئذان، أم بعده؟

جمهورُ الفقهاء على تقديم السلام على الاستئذان، حتى قال النوويُّ: الصحيح المختار تقديم التسليم على الاستئذان؛ لحديث: ((السلام قبل الكلام))[3].

 

واستدل الجمهورُ بما روي أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في البيت فقال: أَألِجُ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: ((اخرج إلى هذا، فعلِّمه الاستئذان))، فقال له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟[4].

 

وفصَّل بعضُ العلماء في المسألة، فقال: إن كان القادم يرى أحدًا من أهل البيت، سلَّم أولاً، ثم استأذن في الدخول، وإن كانت عينُه لا ترى قدَّم الاستئذانَ على السلام، وهذا اختيار (الماوَرْدي)، وهو قولٌ جيِّد، وفيه جمعٌ بين الأدلة.

 

ولا يُشترط أن يكون الإذن صريحًا بلفظ: (أألج) أو (أدخل)، بل يجوز بكلِّ لفظٍ يشير إلى الاستئذان؛ كالتسبيح، والتكبير، والتنحنُح، وغير ذلك، وفي عصرنا الحاليِّ أن يَطرُق الباب أو يقرع الجرسَ فهذا نوعٌ من الاستئذان مشروعٌ؛ لأن البيوت في عصر الصحابة لم يكن لها هذه الستور والأبواب، والله أعلم.

 

2- الحكم الثاني: كم عدد الاستئذان؟

لم توضح الآيةُ الكريمة عددَ الاستئذان، وظاهرها يدلُّ على مرة واحدة، ولكنَّ السنة بيَّنت أن الاستئذان يكون ثلاثًا، ومما يدل على ذلك قصةُ أبي موسى الأشعري مع عمر بن الخطاب، وتفصيل القصة في صحيحي البخاري ومسلم.

 

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: "كنت جالسًا في مجلسٍ من مَجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعًا، فقلنا له: ما أفزعك؟ فقال: أمرني عمر أن آتيَه فآتيتُه، فاستأذنتُ ثلاثًا، فلم يؤذَن لي فرجعت، فقال: ما منعَك أن تأتيَني؟ فقلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذَن له، فليرجع))، فقال: لتأتينِّي على هذا بالبينة أو لأعاقبنَّك، فقال أبيُّ بن كعب: لا يقوم معك إلا أصغرُ القوم، قال أبو سعيد: وكنتُ أصغرَهم فقمتُ معه، فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك"[5].

 

3- الحكم الثالث: ما الحكمة في إيجاب الاستئذان؟

الحكمة هي: توفير الأمن؛ فمن يَهجم على البيوت المسكونة بغير استئذان لا يأمَن أن يَرى عورات الناس وما لا يحل النظر إليه، وربما كان الرجل مع امرأته على فراشٍ واحد، فيقعُ نظرُه عليهما، وهذا بلا شكٍّ يتنافى مع الآداب الاجتماعية، التي أرشد إليها الإسلام.

 

4- الحكم الرابع: هل يستأذن على المحارم؟

ومن الآداب السامية أن يستأذن الإنسان على المحارم؛ لما رُوي أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأستأذنُ على أمِّي؟ قال: ((نعم))، قال: إنها ليس لها خادمٌ غيري، أفأستأذن عليها كلما دخلتُ؟ قال: ((أتحب أن تراها عُريانة))؟ قال الرجل: لا، قال: ((فاستأذِن عليها))[6].

 

5- الحكم الخامس: هل الاستئذان والسلام واجبان على الداخل؟

جمهور الفقهاء على أن الاستئذان والسلام ليسا بمرتبةٍ واحدة؛ فالاستئذان واجبٌ، والسلام مستحبٌّ؛ لأن الاستئذان من أجل البصر؛ لئلاَّ يقع نظرُه على عورات الناس، وفي الحديث: ((إنما جُعل الاستئذان من أجل النظر))[7]، وأما السلام فهو من أجل المحبة والمودة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلامَ بينكم))، فكان ذلك مندوبًا.

 

وقد أرشد القرآنُ في مواطنَ عديدة إلى ذلك، فقال الله جل ثناؤه: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور: 61] الآية.

 

6- الحكم السادس: كيف يقف الزائرُ على الباب؟

من الآداب الشرعية في الاستئذان ألا يستقبل الزائرُ البابَ بوجهه، بل يجعله عن يمينه أو شماله، فقد صحَّ أنه عليه الصلاة والسلام: "كان إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، فيقول: ((السلام عليكم))؛ وذلك لأن الدُّور لم يكن عليها حينئذ ستور"[8].

 

7- الحكم السابع: هل يجب الاستئذان على النساء أو العُميان؟

ظاهر الآية يدلُّ على أنه يجب الاستئذان على كلِّ طارق، سواء كان رجلاً أو امرأة، مبصرًا أو أعمى، وبهذا قال جمهور العلماء؛ وحجتهم في ذلك أن من العورات ما يُدرَك بالسمع، والحكمة التي شُرع من أجلها الاستئذان متحققة في الرجال والنساء معًا؛ ولهذا قال العلماء: إن التعبير باسم الموصول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ﴾ فيه تغليب الرجال على النِّساء، أو المراد بالخطاب الوصف، ويكون معني الآية: "يا من اتَّصفتم بالإيمان"، فيدخل فيه الرجال والنساء على السواء.

 

8- الحكم الثامن: ما هي الحالات التي يباح فيها الدخول بدون إذن؟

ظاهرُ الآية يدل على النهي عن دخول البيوت بغير إذن في جميع الأزمانِ والأحوال، ولكن يُستثنى منها الحالات التي تَقضي بها الضرورة؛ وهي حالات اضطرارية تُبيح الدخولَ بغير إذنٍ، وذلك إذا عرَض أمرٌ في دار؛ من حريق، أو هجومِ سارق، أو ظهور مُنكَر فاحش؛ كما نبَّه على ذلك الفخرُ الرازي - من فقهاء الشافعية - في تفسيره الشهير.

 

9- الحكم التاسع: هل يجب الاستئذان على الطفل والصغير؟

يجوز الدخولُ عليهم بدون إذن، إلا إذا بلَغوا مبلغَ الرجال؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 59]، وهناك أوقات ثلاثة يجب على الأطفال الاستئذانُ فيها؛ وهي: "وقت الفَجر، ووقت الظهيرة، ووقت العشاء".

 

10- الحكم العاشر: لو اطَّلع إنسان على دار غيره بغير إذنه، فما الحكم؟

اختلف الفقهاءُ في ذلك؛ فذهب الشافعي وأحمدُ إلى أنه لو فُقئت عينُه فهِي هَدْر ولا قصاص، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى القول بأنها جِناية، يجب فيها الأَرْش أو القصاص، والراجح قول الشافعية والحنابلة، ودليلهم حديثُ أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اطَّلع في دار قومٍ بغير إذنهم، ففَقَؤوا عينَه فقد هُدِرَت عينه))[9]، ولحديث سَهل بن سعد قال: اطَّلع رجل في حجرةٍ من حُجَر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِدْرًى - آلة رفيعة من الحديد - يحكُّ بها رأسَه، فقال: ((لو أعلم أنك تنظر لطعنتُك بها في عينك، إنما جُعل الاستئذان من أجل النظر))[10].

 

ما ترشد إليه الآيات الكريمات:

1- وجوب الاستئذان عند دخول بيت الغير.

2- حرمة الدخول إذا لم يكن في البيت أحد.

3- وجوب الرجوع إذا لم يؤذن للداخل.

4- السلام مشروع للزائر؛ لأنه من شعائر الإسلام.

5- لا يجوز لإنسان أن يطَّلع على عورات الناس.

6- البيوت إذا لم تكن مسكونة فلا حرج من دخولها.

7- على المسلم أن يَرعى حرمة أخيه المسلم؛ فلا يؤذيه في نفسه أو ماله.

8- في هذه الآداب التي شرعها الله طهارة للمجتمع والأفراد[11].

 

وإذا سأل صاحبُ الدار الطارقَ: مَن؟ فلا يقل: أنا؛ بل يقول: أنا فلان بن فلان؛ لحديث الشيخين وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال: استأذنتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من هذا؟ فقلت: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أنا!))، كأنه كره ذلك[12].

 

ثم تلا تلك الآياتِ الكريماتِ آياتُ الأمر بغضِّ البصر، فأتى النهي للرجال والنساء في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30] الآية، وقوله: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31] الآية، وفي الآيات ترابطٌ وثيق، كما بينَّا، والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.



[1] الحوانيت: جمع حانوت: دكان الخمَّار ومحل التجارة؛ (المعجم الوجيز).

[2] تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى ج 3 ص 281.

[3] رواه الترمذي رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله عنه.

[4] رواه أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد رحمهما الله تعالى.

[5] رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى.

[6] رواه مالك رحمه الله تعالى في الموطأ.

[7] رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، وغيرهما.

[8] أخرجه البخاري في الأدب وأبو داود، عن عبدالله بن بسر.

[9] رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[10] رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي رحمهم الله تعالى عن سهل بن سعد رضي الله عنه.

[11] روائع البيان تفسير آيات الأحكام من القرآن؛ محمد على الصابوني.

[12] أيسر التفاسير؛ الجزائري ج1 ص 999.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أدب الاستئذان
  • الاستئذان صون للحرمات
  • أدب الاستئذان على المعلم
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم)
  • تفسير: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة)
  • (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا)
  • تفسير: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)
  • تفسير: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه)
  • تفسير: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)
  • تفسير: (تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما)
  • تفسير: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن...)

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
عبدالحميد النزيم - تونس 22-06-2024 12:05 PM

بارك الله في كل من ساهم في هذا الركن من كاتب وشارح وقارئ لأن الجميع ساهموا في إنارة المتعطشين لمبادئ ديننا الحنيف. جازاكم الله كل خير.

1- شكر خاص
عبداللطيف أحمد طايل - مصر 20-10-2015 07:21 AM

بسم الله الرحمن الرحيم بعدحمد الله والثناء عليه وصلاة وسلاما على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبعد :فإني أشكر صاحب هذا الموقع على ما قدمه لنا من العلم النافع وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعله ممن ينفعون الناس بالقول الصالح والعمل الصالح وأسأل الله أن يكون هذا فى ميزان حسناته كما قال صلى الله عليه وسلم خير الناس أنفعهم للناس وقال صلى الله عليه وسلم (بلغوا عنى ولو آيه) والشكر الثاني لصاحب المقال المفسر المبين الواضح كوضوح الشمس للناظر إليها والمنتفع بها فى الدنيا أن يرزقه الله العلم النافع وصلى اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب