• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

نعمة الهداية (خطبة)

نعمة الهداية (خطبة)
أحمد الجوهري عبد الجواد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2015 ميلادي - 30/11/1436 هجري

الزيارات: 171112

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نعمة الهداية


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

والله لولا أنت ما اهتدينا، ولا صمنا، ولا صلينا.

 

أما بعد فيا أيها الإخوة!

إن حديثنا اليوم بمشيئة الله تعالى عن موضوع جليل مهم ذلك لأنه حديث عن أعظم وأشرف وأجل نعمة امتن الله بها على عباده إنها: نعمة الهداية.

 

وكما تعودنا فسوف ننظم سلك هذا الموضوع الكريم في العناصر التالية:

أولاً: معنى الهداية وأقسامها.

ثانياً: أسباب الهداية وعلاماتها.

ثالثاً وأخيراً: عقبات في طريق الهداية.

 

فأعيروني القلوب والأسماع - أيها الإخوة - والله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

أولاً: معنى الهداية وأقسامها:

أيها الإخوة.. أعظم ما امتن الله به علينا هو نعمة الهداية للتوحيد كما قال سبحانه: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17]. وامتن الله علينا بسبب الهداية الأكبر وهي بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال - جل وعلا -: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

وافترض سبحانه على عباده أن يتضرعوا إليه بطلب الهداية في اليوم مرات ومرات وذلك في كل ركعة من ركعات الصلاة في قراءة الفاتحة حيث نقرأ قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].

 

وامتلأت آيات القرآن وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام بهذه اللفظة الجميلة في مبناها ومعناها: "الهداية" ومشتقاتها الكثيرة: "اهتدى، هَدَى، هُدَى، يهدي... إلخ هذه المشتقات "فما معنى الهداية أيها الإخوة؟

 

الهداية في اللغة هي الدلالة والتعريف والإرشاد والبيان.

 

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - فكان من دأب أبي بكر أنه كان ردفاً للنبي صلى الله عليه وسلم وكان شيخاً يعرف ونبي الله صلى الله عليه وسلم شابٌّ لا يعرف فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول أبو بكر: هذا هاد يهديني الطريق[1] أي يعرفني ويدلني ويرشدني إلى الطريق فيحسب الحاسب أن أبا بكر يريد الطريق وإنما هو يعني سبيل الخير وطريق الوصول إلى الله تعالى.

 

هذا هو معنى الهداية - أيها الإخوة - ثم إن الهداية تنقسم إلى أربعة أقسام:

أولاً: الهداية العامة ومعناها أن الله تعالى خلق كل شيء في الكون على الصورة والشكل الذي يعينه على أداء المصلحة والمهمة التي خلق من أجلها كما قال سبحانه: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾ [الأعلى: 1 - 3].

 

وكما قال سبحانه عن فرعون وهو يسأل: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50] أي ثم هداه إلى ما يصلحه ويؤهله للقيام بالوظيفة التي خلق ووجد من أجلها.

 

لله في الآفاق آيات لعل
أقلها هو ما إليه هداكَ
ولعل ما في النفس من آياته
عجب عجاب لو ترى عيناك
الكون مشحون بأسرار إذا
حاولت تفسيراً لها أعياك

 

قال الإمام ابن القيم: "من تأمل بعض هداياته سبحانه في خلقه علم أنه الإله الواحد الأحد الحق الذي يستحق أن يعبد ويوحد بلا منازع أو شريك".

 

سل الواحة الخضراء والماء جاريا
وهذي الصحاري والجبال الرواسيا
سل الروض مزدانًا سل الزهر والندى
سل الليل والإصباح والطير شاديا
سل هذه الأنسام والأرض والسما
سل كل شيء تسمع التوحيد لله ساريا
فلو جن هذا الليل وامتد سرمدا
فمن غير ربي يرجع الصبح ثانيا

 

هذه هي الهداية العامة التي لو تدبرنا نظام كل شيء في هذا الكون العجيب الغريب لوصلنا إليها ووقعنا عليها.

 

فيا رب

كل الوجود على وجودك شاهد
وكل الكائنات لك تقر وتشهد
فوا عجبًا كيف يعصى الإله
أو كيف يجحده الجاحد
وفى كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد

 

ثانياً: هداية الدلالة والإرشاد:

وهذا النوع من أنواع الهداية من أعظم الأشياء التي تدلنا على عظيم رحمة الله تعالى بنا فتفكر معي لحظة أيها الحبيب!

 

خلق الله - تبارك وتعالى - الإنسان وأودع فيه فطرة نقية تدله على الخير والشر كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3].

 

وكما قال سبحانه: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10].

 

وكما قال سبحانه: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 10].

 

وفي الحديث الذى رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه (فِطْرَةَ اللَّهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ). [2]

 

إلى غير هذا من الأدلة، أقول فكان من الحق لو عذب الله تعالى الخلق على غوايتهم وضلالتهم إذا ضلوا عن سواء السبيل بمجرد هذه الهداية الفطرية التي خلق الله الخلق عليها، ولكن من رحمة ربنا وفضله أنه لم يعذب خلقه بها، بل أرسل رسلاً مبشرين ومنذرين يعرفون الخلق به ويدلون الناس عليه وأوجب ذلك على نفسه كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ فلم تبق من الأمم أمة إلا وجاءها رسول من الله كما قال ربنا: ﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾.

 

وأبقى الله بعد هذا كله – في كل أمة هداة مهديين مرشدين معرفين من الأولياء والدعاة والصالحين ورثة للأنبياء في رسالتهم فهم يدلون الخلق بعد رحيل الرسل إلى طريق الخالق سبحانه وهؤلاء لم تخل منهم أمة من الأمم.

 

روى مسلم من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". [3]

 

الهداية العامة التي أهل الله بها كل مخلوق إلى ما ينفعه في أداء وظيفته، وهداية الإرشاد والدلالة التى تتمثل في الهداية الفطرية وبعثة الرسل ونعمة بقاء الدعاة الى الله على طريق الرسل بعد رحليهم وهذا كله -أيها الإخوة- إنما هو فقط للدلالة والإرشاد والتعريف والبيان فهي كلها لا تعمل عملها ولا تؤتي ثمرتها ولا يحصد حصادها إلا إن حالفتها هداية أخرى وهي النوع الثالث من أنواع الهداية وهي:

"هداية التوفيق" وهداية التوفيق لا يملكها ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد صالح وإنما يملكها الله تعالى وحده الذي يملك أن يوفق ويضل، ويعطي ويحرم، ويغدق ويمنع، ويسعد ويحزن، ويهدى ويشقي، ويعز ويذل: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26، 27].

 

ولهذا قال الله تعالى لنبيه لما أراد أن يدخل أبا طالب الإسلام وسعى لذلك بكل جهد وسبيل وبذل غاية ما في وسعه ولكن أبا طالب لم يهتد قال الله لنبيه: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ" فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك الهداية لأحد فما بالك بمن دون النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا فغيره من الأولياء والصالحين الذين يُدعون من دون الله - عز وجل - من باب أولى وأحرى ألا يملكوا شيئاً من الهداية، لأن أفضل الخلق وأقربهم إلى الله قد انتفت عنه وهو بهذه المنزلة، فنفيها عن غيره أولى وأحرى ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾.

 

ولا يتعارض هذا -أيها الإخوة- مع قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ لا تعارض، فالأولى التي نفاها الله عن نبيه هي هداية التوفيق والثانية التي أثبتها له هي هداية الإرشاد والدلالة فالنبي يملك أن يدل الناس على الله ويأخذ بأيديهم إليه ويهديهم إليه بتعريف وبيان ولكنه لا يملك القلوب، فإن القلوب بيد علام الغيوب - سبحانه وتعالى -.

 

روى البخاري ومسلم من حديث ابن المسيب عن أبيه قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال له: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله" فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعادها عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].[4]

 

وأنزل الله كذلك: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56] سبحان ربى إن الله وحده هو الدى يملك هدايه التوفيق والتثبيت.

 

لم يملك النبي صلى الله عليه وسلم هداية التوفيق لعمه وإن بذل كل ما في وسعه من هداية الإرشاد والدلالة والبيان - وهذا أيها الإخوة - يضع أيدينا على الأمر الخطير والشيء المهم وهو أننا بحاجة في كل نفس إلى أن نضرع إلى الله أن يهدينا إلى سواء السبيل ويثبتنا على الصراط المستقيم.

 

والله لولا أنت ما اهتدينا
ولا صمنا ولا صلينا
وثبت الأقدام إن لاقينا

 

قال تعالى عن عباده المؤمنين العارفين به: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 42، 43].

 

ومن هداه الله تعالى في الدنيا إلى طاعته ووفقه إلى عبادته هداه في الآخرة إلى جنته، وهذه الهداية هي الهداية في الآخرة وهي النوع الأخير من أنواع الهداية.

 

فمن هدى في الدنيا إلى الصراط المستقيم هدى في الآخرة للسير على قدر هداه في الدنيا على الصراط المنصوب على متن جهنم، على قدر سيرك أيها الحبيب هنا يكون سيرك هناك، وعلى قدر الشهوات والشبهات التي تعيق سيرك على الصراط المستقيم في الدنيا ستكون قوة الخطاطيف والكلاليب التي تعيق سيرك على الصراط إلى جنات النعيم.

 

روى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: "دحض مَزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحَسَكٌ تكون بنجد فيها شوكة يقال لها السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم".[5]

 

فالسير على الصراط يوم القيامة يكون على قدر السير على الصراط المستقيم في الدنيا فالمؤمن والطائع يهدى إلى الجنة والكافر والعاصي يهدى إلى النار فيأخذون جزاءهم ويخرج الموحدون بالشفاعة كما أوضحنا في اللقاء السابق ويبقى من حبسهم القرآن لأنهم أشركوا ولم يكونوا مع أهل التوحيد والإيمان.

 

قال تعالى عن المؤمنين من أهل الهدى في الدنيا: "وهدوا إلى الطيب من القول (أي في الدنيا) ﴿ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24] فالهداية في الدنيا توفيقا وتثبيتاً من الله تعالى إلى صالح الأقوال والأعمال كانت سبباً في الهداية في الآخرة إلى صراط الله تعالى ثم إلى جنته سبحانه وكل عبد صالح يهدى الى منزله فيها.

 

روى البخاري وغيره من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نقوا وُهذبًَّوا انطلقوا إلى الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا". [6]

 

هداية إلى الجنة والمنزل فيها وصدق ربي إذ يقول: ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [محمد: 6]، فكل مؤمن يعرف منزله فينطلق إليه مباشرة دونما تعريف من أحد.

 

وأما الكافرون، وأما الظالمون وأما المجرمون، وأما الخاسرون فيهديهم الله تعالى إلى دركات النار كما قال سبحانه: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 22، 23].

 

فالمؤمنون والطائعون ينطلقون بهداية ربهم إلى الجنة، والكافرون العصاة المجرمون يهديهم ربهم إلى الجحيم، الهداية العامة، وهداية البيان والتعريف والارشاد، وهداية التوفيق، وهداية في الآخرة هذه هي أقسام الهداية -أيها الإخوة- فما هي أسباب الهداية وما هي علاماتها؟ هذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء.

 

أسباب الهداية وعلاماتها:

الهداية نعمة من الله تعالى يرزقها من شاء من عباده ولها أسباب من أخذ بها رزقه الله الهداية ووفقه إليها ومن أسباب الهداية أيها الكرام الأجلاء:

أولاً: التوحيد: فالتوحيد من أعظم أسباب الهداية فمن وحد الله هدى، فإن من عرف الله تعالى بأسمائه وصفاته أحبه ورجاه وخافه واتقاه وعمل على عبادته وتعظيمه وخشيته وهذه هي الهداية قال سبحانه: "وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ". ومن هدى الله قلبه سجد سجدته بين يديه إلى يوم يلقاه لا ينفك ينتقل من طاعة إلى طاعة لما ذاق من حلاوة السجود بين يديه - عز وجل - وصدق من قال: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة" يعني القرب من الله وتذوق نعيم وحلاوة عبادته فالتوحيد أعظم أسباب الهداية.

 

ثانياً: الاعتصام بالله ودعاؤه ورجاؤه على الدوام، ولذلك دعانا الله إلى سؤاله وحثنا على التضرع إليه أن يهدينا إلى الصراط المستقيم كما ندعو في الفاتحة قائلين ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101] أيها الإخوة؟ هو كما قال علي ابن أبي طالب: الصراط المستقيم القرآن، وقال ابن عباس: الصراط المستقيم هو الإسلام، وقال ابن الحنفية: الصراط المستقيم هو دين الله الذي لا يقبل غيره أبدًا، فحاجة العبد إلى سؤاله الهداية وطلبها من مولاه أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب والهواء، لذا لم يقل الله تعالى في الفاتحة اهدنا النصر المبين، ولا اهدنا الرزق الكثير ولكن قال ربنا: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "لأن هذه الهداية فيها فلاح وصلاح الدنيا والآخرة فاللذة والسعادة كلها في هداية الله لنا للإسلام والعمل بطاعته وفي طاعته فمن كان من أهل الهدى كان سعيداً قبل الموت وبعده ولهذا كان سؤال الهداية أعظم الأدعية.

 

وفي الحديث الذي أخرجه أحمد وغيره من حديث النواس بن سمعان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تتفرجوا، وداع يدعو في جوف الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه، قال صلى الله عليه وسلم : والصراط الإسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله - عز وجل -، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم. [7]

 

فسل الله الهداية إلى الإسلام أيها الحبيب ولا تَمل ولا تَكل ولا تُخل بذلك يكتب لك التوفيق بمشيئة الله.

 

هذا ونكمل الحديث عن بقية الأسباب بعد جلسة الاستراحة ..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة!

ثالثاً من أعظم أسباب الهداية: "المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة ":

فمن حافظ على الصلوات في المسجد في الجماعة هدى الله قلبه وثبته وأوصله إلى حيث يريد من مرضاته روى مسلم من قول ابن مسعود رضي الله عنه: "من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف.[8]

 

فمن حافظ على الصلوات رزقه الله الهداية.

 

رابعاً: الصحبة الصالحة:

أن تصحب رجلاً يذكرك بالله إذا نسيت ويعينك على ذكر الله إذا ذكرته، وقد ذكر الله تعالى ما يبلغ أثرُ الصاحب في صاحبه فقال: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

وعن أَبِى مُوسَى الأشعري-رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً ".". [9]

 

ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقيّ" فالصحبة الصالحة من أعظم أسباب الهداية.

 

خامسًا: ومن أعظم أسباب الهداية كذلك، المجاهدة.. مجاهدة النفس لتتعلم عن الله ورسوله، ومجاهدتها لتعمل بهذا العلم، ومجاهدتها على الدعوة إليه بالحق، ومجاهدتها على الصبر والأذى في سبيل الدعوة إليه، لأن من تعلم وعمل وعلّم لابد أن يتعرض للأذى قال تعالى: ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 6] فمن جاهد نفسه وشيطانه ورفقة السوء وصّله الله تعالى وأخذ بيده إلى الهداية قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

وقد قال - عز وجل -: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

هذه هي أسباب الهداية - أيها الإخوة -.. فما هي علاماتها وبإيجاز علامات الهداية تحقيق التوحيد، والمحافظة على الصلوات، والسمع والطاعة لله ورسوله في كل أمر صغير أو كبير كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 17، 18].

 

وقال تعالى في شأن نبيه: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54] فطاعة الله - عز وجل - وطاعة رسوله من أعظم علامات الهداية.

 

ومن علامات الهداية التي يستدل بها العبد على سلوكه طريق الهداية بالفعل ما دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إني أُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ - قَالَ - فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ - قَالَ - ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ. وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إني أُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضْهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضُوهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ " [10]

 

وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر أنه قال: يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل من الخير فيلقى الله له الثناء الحسن؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "تلك عاجل بشرى المؤمن".[11]

 

فحب الناس للعبد وثناؤهم عليه وإجماعهم على القرب منه والمودة له وخلعهم بالإجماع عليه من علامات هداية العبد، والمقصود والمَعنىّ في هذا الحديث طبعاً هم المؤمنون الذين هم ألسنة الحق في الأرض.

 

كما في الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف". [12]

 

قال الإمام الخطابي: "أرواح المؤمنين تحن إلى المؤمنين وأرواح المنافقين تحن إلى المنافقين".

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96] أي محبة في قلوب عباده المؤمنين.

 

وهذه الأسباب والعلامات تعمل عملها وتؤتي ثمارها الطيبة إذا حافظ المرء على العمل بها واجتناب أضدادها وهي عقبات الهداية وهذا هو عنصرنا الأخير من عناصر اللقاء: عقبات في طريق الهداية هذه الأضداد والعقبات -أيها الإخوة- ظاهرة واضحة في آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فمن هذه العقبات التي تمنع السير في طريق الهداية:

• الكفر: قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾.

 

• الظلم: قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.

 

• الفسق: قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾.

 

• الإسراف والكذب: قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28].

 

• الهوى: قال الله تعالى: ﴿ يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26] .

 

• الشيطان: قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الحج: 4] .

 

• النفس الأمارة بالسوء: قال تعالى ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53].

 

• الانشغال بالدنيا: قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].

 

قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

وكما في الحديث الذى مر معنا في مثل الجليس الصالح والجليس السوء، فاحذر أخي هذه العقبات وسل الله أن ينجيك منها بفضله واستعن بالله على كل ذلك فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله ولا معين لك إن لم يعنك الله فبيده وحده هداية القلوب، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا هداة مهديين، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببًا لمن اهتدى، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم لك الحمد على الهداية إلى الاسلام ولك الحمد على اتباع المصطفى علية الصلاة والسلام... الدعاء. [13]



[1] الرحيق المختوم - ص 132.

[2] أخرجه البخاري 1385، ومسلم 2658.

[3] أخرجه مسلم 49.

[4] أخرجه البخاري 4675، ومسلم 24.

[5] أخرجه البخاري 7439، ومسلم 472.

[6] أخرجه البخاري 2440.

[7] أخرجه أحمد 17671، والترمذي 2859، والنسائي في الكبرى 11233، وصححه الألباني في صحيح الجامع 3887.

[8] أخرجه مسلم 1520.

[9] أخرجه البخاري 2101.

[10] أخرجه البخاري 7485 ومسلم 6873.

[11] أخرجه مسلم 6891.

[12] أخرجه البخاري 3336.

[13] استفدت في هذه الخطبة كثيرًا من خطبة "طريق الهداية" لصاحب الفضيلة الشيخ محمد حسان حفظه الله وسدد على طريق الحق خطاه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مراتب الهداية في القرآن الكريم
  • لماذا يحرم الناس الهداية؟
  • من أسباب الهداية
  • نعمة الهداية
  • نعمة العافية (خطبة)
  • نعمة العافية (خطبة)
  • معنى الهداية
  • نعمة سعة الصدر
  • ضرورة طلب الهداية من الله

مختارات من الشبكة

  • التذكير بالنعم المألوفة (6) الهداية للإيمان واليقين (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • نعمة الهداية إلى دين الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة إدراك الغاية في اختصار الهداية ( مختصر الهداية في الفقه لأبي الخطاب الكلوذاني )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نعمة الأولاد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكنز المهان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقومات الصحة النفسية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النعم الدائمة والنعم المتجددة (خطبة)‏(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • إنذار من أنكر نعمة الله باقتراب أمر الله: سورة النحل المعروفة بالنعم (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف يجب أن يتعامل المسلم مع أقدار الله ونعمه: نعمة الأولاد أنموذجا؟ (كلمة بمناسبة عقيقة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كل ما يوصل إلى النعمة العظمى فهو نعمة(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب