• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    العشر وصلت... مستعد للتغيير؟
    محمد أبو عطية
  •  
    قصة موسى وملك الموت (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشاكر، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (12)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    تلك الوسائل!
    التجاني صلاح عبدالله المبارك
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تعوذوا بالله من أربع (خطبة)
    عبدالله بن عبده نعمان العواضي
  •  
    حكم المبيت بالمخيمات بعد طواف الوداع
    د. محمد بن علي اليحيى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / الجامع لروائع البيان في تفسير آيات القرآن
علامة باركود

تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)

سيد مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2015 ميلادي - 17/9/1436 هجري

الزيارات: 113562

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير ربع:

﴿ لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ والْمَغْرِبِ ﴾

(الربع الحادي عشر من سورة البقرة)

 

قال الله تعالى:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

 

إعراب مفردات الآية[1]:

(ليس) فعل ماض ناقص جامد (البرّ) خبر ليس مقدّم منصوب (أن) حرف مصدريّ ونصب (تولّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (وجوه) مفعول به منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه.

 

والمصدر المؤوّل (أن تولّوا) في محلّ رفع اسم ليس مؤخّر.

 

(قبل) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ(تولّوا)، (المشرق) مضاف إليه مجرور (المغرب) معطوف على المشرق بالواو مجرور مثله (الواو) عاطفة (لكنّ) حرف مشبّه بالفعل للاستدراك (البرّ) اسم لكنّ منصوب [2] (من) اسم موصول في محلّ رفع خبر لكنّ على حذف مضاف أي إيمان من آمن [3]، (آمن) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق بـ(آمن)، (الواو) عاطفة (اليوم، الملائكة، الكتاب، النبيّين) ألفاظ معطوفة على لفظ الجلالة بحروف العطف مجرورة مثله وعلامة جرّ الأخير الياء، و(الآخر) نعت لـ (اليوم) مجرور مثله (الواو) عاطفة (آتى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على من، (المال) مفعول به ثان منصوب [4]، (على حبّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من المال و(الهاء) ضمير مضاف إليه (ذوي) مفعول به أوّل منصوب وعلامة النصب الياء لأنه جمع المذكر السالم (القربى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (اليتامى، المساكين، ابن...، السائلين) ألفاظ معطوفة على ذوي بحروف العطف منصوبة مثله وعلامة النصب في الأخير الياء و(السبيل) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (في الرقاب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف تقديره دفع المال.. وهو على حذف مضاف أي في فكّ الرقاب (الواو) عاطفة (أقام) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الصلاة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (آتى الزكاة) مثل وآتى المال (الموفون) معطوف على من آمن بحرف العطف مرفوع مثله وعلامة الرفع الواو [5]، (بعهد) جارّ ومجرور متعلّق باسم الفاعل الموفون، و(هم) ضمير متّصل مضاف إليه (إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرّد من الشرط متعلّق بـ(الموفون)، (عاهدوا) فعل ماض وفاعله. (الواو) عاطفة (الصابرين) مفعول به لفعل محذوف تقديره أمدح وعلامة النصب الياء (في البأساء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في الصابرين (الضرّاء) معطوف على البأساء بالواو مجرور مثله (الواو) عاطفة (حين) ظرف زمان منصوب متعلّق بما تعلّق به الجارّ قبله فهو معطوف عليه بالواو (البأس) مضاف إليه مجرور. (أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و(الكاف) حرف خطاب (الذين) اسم موصول في محلّ رفع خبر (صدقوا) مثل عاهدوا (الواو) عاطفة (أولئك) مثل الأول (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ [6]، (المتّقون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ [البقرة: 177] - قال ابن عثيمين في تفسيرها كلاما نفيسا قال ما مختصره:

البر في الأصل الخير الكثير؛ ومنه سمي البَرّ لسعته، واتساعه؛ ومنه البَرّ اسم من أسماء الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28]؛ ومعنى الآية: ليس الخير، أو كثرة الخير، والبركة أن يولي الإنسان وجهه قبل المشرق أي جهة المشرق؛ أي جهة المغرب.

 

وهذه الآية نزلت توطئة لتحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة؛ فبين الله عز وجل أنه ليس البر أن يتوجه الإنسان إلى هذا، أو هذا؛ ليس هذا هو الشأن؛ الشأن إنما هو في الإيمان بالله... إلخ؛ أما الاتجاه فإنه لا يكون خيراً إلا إذا كان بأمر الله؛ ولا يكون شراً إلا إذا كان مخالفاً لأمر الله؛ فأيّ جهة توجهتم إليها بأمر الله فهو البر؛ وجاءت الآية بذكر المشرق، والمغرب؛ لأن أظهر، وأبين الجهات هي جهة المشرق، والمغرب.اهـ [7].

 

﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177] - قال ابن كثير في تفسيره: قال مجاهد: ولكن البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله، عز وجل.

 

وقال الضحاك: ولكن البر والتقوى أن تؤدوا الفرائض على وجوهها.

 

وقال الثوري: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ﴾ [البقرة: 177] الآية، قال: هذه أنواع البر كلها. وصدق رحمه الله؛ فإن من اتصف بهذه الآية، فقد دخل في عرى الإسلام كلها، وأخذ بمجامع الخير كله، وهو الإيمان بالله، وهو أنه لا إله إلا هو، وصدق بوجود الملائكة الذين هم سفرة بين الله ورسله ﴿ وَالْكِتَابِ ﴾ وهو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، حتى ختمت بأشرفها، وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب، الذي انتهى إليه كل خير، واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة، ونسخ الله به كل ما سواه من الكتب قبله، وآمن بأنبياء الله كلهم من أولهم إلى خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.اهـ [8]

 

﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 177] قال السعدي - رحمه الله - في بيانها إجمالاً ما نصه:

﴿ وَآتَى الْمَالَ ﴾[البقرة: 177] وهو كل ما يتموله الإنسان من مال، قليلا كان أو كثيرا، أي: أعطى المال ﴿ عَلَى حُبِّهِ ﴾ [البقرة: 177] أي: حب المال، بيَّن به أن المال محبوب للنفوس، فلا يكاد يخرجه العبد.فمن أخرجه مع حبه له تقربا إلى الله تعالى، كان هذا برهانا لإيمانه، ومن إيتاء المال على حبه، أن يتصدق وهو صحيح شحيح، يأمل الغنى، ويخشى الفقر، وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة، كانت أفضل، لأنه في هذه الحال، يحب إمساكه، لما يتوهمه من العدم والفقر.

 

وكذلك إخراج النفيس من المال، وما يحبه من ماله كما قال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92] فكل هؤلاء ممن آتى المال على حبه.

 

ثم ذكر المنفق عليهم، وهم أولى الناس ببرك وإحسانك، من الأقارب الذين تتوجع لمصابهم، وتفرح بسرورهم، الذين يتناصرون ويتعاقلون، فمن أحسن البر وأوفقه، تعاهد الأقارب بالإحسان المالي والقولي، على حسب قربهم وحاجتهم.

 

ومن اليتامى الذين لا كاسب لهم، وليس لهم قوة يستغنون بها، وهذا من رحمته تعالى بالعباد، الدالة على أنه تعالى أرحم بهم من الوالد بولده، فالله قد أوصى العباد، وفرض عليهم في أموالهم، الإحسان إلى من فقد آباؤهم ليصيروا كمن لم يفقد والديه، ولأن الجزاء من جنس العمل فمن رحم يتيم غيره، رُحِمَ يتيمه.

 

﴿ وَالْمَسَاكِينَ ﴾ [البقرة: 177] وهم الذين أسكنتهم الحاجة، وأذلهم الفقر فلهم حق على الأغنياء، بما يدفع مسكنتهم أو يخففها، بما يقدرون عليه، وبما يتيسر، ﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 177] وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فحث الله عباده على إعطائه من المال، ما يعينه على سفره، لكونه مظنة الحاجة، وكثرة المصارف، فعلى من أنعم الله عليه بوطنه وراحته، وخوله من نعمته، أن يرحم أخاه الغريب، الذي بهذه الصفة، على حسب استطاعته، ولو بتزويده أو إعطائه آلة لسفره، أو دفع ما ينوبه من المظالم وغيرها.

 

﴿ وَالسَّائِلِينَ ﴾ [البقرة: 177] أي: الذين تعرض لهم حاجة من الحوائج، توجب السؤال، كمن ابتلي بأرش جناية، أو ضريبة عليه من ولاة الأمور، أو يسأل الناس لتعمير المصالح العامة، كالمساجد، والمدارس، والقناطر، ونحو ذلك، فهذا له حق وإن كان غنيا ﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ فيدخل فيه العتق والإعانة عليه، وبذل مال للمكاتب ليوفي سيده، وفداء الأسرى عند الكفار أو عند الظلمة.

 

﴿ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 177] قد تقدم مرارا، أن الله تعالى يقرن بين الصلاة والزكاة، لكونهما أفضل العبادات، وأكمل القربات، عبادات قلبية، وبدنية، ومالية، وبهما يوزن الإيمان، ويعرف ما مع صاحبه من الإيقان.اهـ [9]

 

وذكر ابن عثيمين في بيانه وتفسيره لهذه الجزئية من الآية ﴿ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ﴾ [البقرة: 177] بياناً شافياً عن المقصود باليتيم والمسكينوابن السبيل والسائلين..فقال - رحمه الله -:

قوله تعالى: ﴿ وَالْيَتَامَى ﴾ [البقرة: 177] جمع يتيم؛ وهو من مات أبوه قبل بلوغه من ذكر، أو أنثى؛ فأما من ماتت أمه فليس بيتيم؛ ومن بلغ فليس بيتيم؛ وسمي يتيماً من اليتم؛ وهو الانفراد؛ ولهذا إذا صارت القصيدة جميلة، أو قوية يقولون: هذه الدرة اليتيمة - يعني أنها منفردة ليس لها نظير.

 

قوله تعالى: ﴿ وَالْمَسَاكِينَ ﴾ [البقرة: 177] جمع مسكين؛ وهو الفقير؛ سمي بذلك لأن الفقر أسكنه، وأذله؛ والفقر - أعاذنا الله منه - لا يجعل الإنسان يتكلم بطلاقة؛ هذا في الغالب؛ لأنه يرى نفسه أنه ليس على المستوى الذي يمكنه من التكلم؛ ويرى نفسه أنه لا كلمة له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره [10].

 

واعلم أن الفقير بمعنى المسكين؛ والمسكين بمعنى الفقير؛ إلا إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى غير الآخر؛ فالفقير أشد حاجة، كما في آية الصدقة: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [التوبة: 60]؛ لأن الله بدأ به؛ ويُبدأ بالأحق فالأحق، والأحوجفالأحوج في مقام الإعطاء؛ ويجمعهما - أعني الفقير، والمسكين - أن كلاً منهما ليس عنده ما يكفيه وعائلته من مطعم، ومشرب، وملبس، ومسكن، ومنكح، ومركوب.

 

قوله تعالى: ﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 177]؛ السبيل بمعنى الطريق؛ والمراد بـ﴿ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 177] الملازم للطريق؛ وهو المسافر؛ والمسافر يكون في حاجة غالباً، فيحتاج إلى من يعطيه المال؛ ولهذا جعل الله له حظاً من الزكاة؛ فابن السبيل هو المسافر؛ وزاد العلماء قيداً؛ قالوا: المسافر المنقطع به السفر أي انقطع به السفر؛ فليس معه ما يوصله إلى بلده؛ لأنه إذا كان معه ما يوصله إلى بلده فليس بحاجة؛ فهو والمقيم على حدٍّ سواء؛ فلا تتحقق حاجته إلا إذا انقطع به السفر.

 

قوله تعالى:  ﴿ وَالسَّائِلِينَ ﴾ [البقرة: 177] جمع سائل؛ وهو المستجدي الذي يطلب أن تعطيه مالاً؛ وإنما كان إعطاؤه من البر؛ لأن معطيه يتصف بصفة الكرماء؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يُسأل على الإسلام شيئاً إلا أعطاه؛ والسائل نوعان؛ سائل بلسان المقال: وهو الذي يقول للمسؤول: أعطني كذا؛ وسائل بلسان الحال: وهو الذي يُعَرِّض بالسؤال، ولا يصرح به، مثل أن يأتي على حال تستدعي إعطاءه. اهـ [11].

 

﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177] قال السعدي في تفسيره - رحمه الله -:

﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ﴾ [البقرة: 177] والعهد: هو الالتزام بإلزام الله أو إلزام العبد لنفسه. فدخل في ذلك حقوق الله كلها، لكون الله ألزم بها عباده والتزموها، ودخلوا تحت عهدتها، ووجب عليهم أداؤها، وحقوق العباد، التي أوجبها الله عليهم، والحقوق التي التزمها العبد كالأيمان والنذور، ونحو ذلك.

 

﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ ﴾ [البقرة: 177] أي: الفقر، لأن الفقير يحتاج إلى الصبر من وجوه كثيرة، لكونه يحصل له من الآلام القلبية والبدنية المستمرة ما لا يحصل لغيره.

 

فإن تنعم الأغنياء بما لا يقدر عليه تألم، وإن جاع أو جاعت عياله تألم، وإن أكل طعاما غير موافق لهواه تألم، وإن عرى أو كاد تألم، وإن نظر إلى ما بين يديه وما يتوهمه من المستقبل الذي يستعد له تألم، وإن أصابه البرد الذي لا يقدر على دفعه تألم.

 

فكل هذه ونحوها، مصائب، يؤمر بالصبر عليها، والاحتساب، ورجاء الثواب من الله عليها.

 

﴿ وَالضَّرَّاءِ ﴾ [البقرة: 177] أي: المرض على اختلاف أنواعه، من حمى، وقروح، ورياح، ووجع عضو، حتى الضرس والإصبع ونحو ذلك، فإنه يحتاج إلى الصبر على ذلك؛ لأن النفس تضعف، والبدن يألم، وذلك في غاية المشقة على النفوس، خصوصا مع تطاول ذلك، فإنه يؤمر بالصبر، احتسابا لثواب الله تعالى.

 

﴿ وَحِينَ الْبَأْسِ ﴾ [البقرة: 177] أي: وقت القتال للأعداء المأمور بقتالهم، لأن الجلاد يشق غاية المشقة على النفس، ويجزع الإنسان من القتل، أو الجراح أو الأسر، فاحتيج إلى الصبر في ذلك احتسابا، ورجاء لثواب الله [تعالى] الذي منه النصر والمعونة، التي وعدها الصابرين.

 

﴿ أُولَئِكَ ﴾ [البقرة: 177] أي: المتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة، والأعمال التي هي آثار الإيمان، وبرهانه ونوره، والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية، فأولئك هم ﴿ الَّذِينَ صَدَقُوا ﴾ [البقرة: 177] في إيمانهم، لأن أعمالهم صدقت إيمانهم، ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177] لأنهم تركوا المحظور، وفعلوا المأمور؛ لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير، تضمنا ولزوما؛ لأن الوفاء بالعهد، يدخل فيه الدين كله، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية أكبر العبادات، ومن قام بها، كان بما سواها أقوم، فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون.اهـ [12]

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178]

 

إعراب مفردات الآية [13]:

(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (الذين) اسم موصول في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض وفاعله (كتب) فعل ماض مبنيّ للمجهول (على) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(كتب) متضمّنامعنى فرض (القصاص) نائب فاعل مرفوع (في القتلى) جارّ ومجرور متعلّق بـ(كتب) وفي الجارّ معنى السببيّة أي بسبب القتلى (الحرّ) مبتدأ مرفوع (بالحرّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر أي مقتول بالحرّ أو مأخوذ بالحرّ وهو كون خاص (الواو) عاطفة (العبد بالعبد) مبتدأ وخبر مثل الحرّ بالحرّ (الواو) عاطفة (الأنثى بالأنثى) مثل الحرّ بالحرّ (الفاء) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ [14]، (عفي) فعل ماض مبنيّ للمجهول في محلّ جزم فعل الشرط (اللام) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(عفي)، (من أخي) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من شيء - نعت تقدّم على المنعوت - وعلامة الجرّ الياء فهو من الأسماء الخمسة، وهو على حذف مضاف أي من دم أخيه، و(الهاء) ضمير مضاف إليه (شيء) نائب فاعل مرفوع [15]، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اتّباع) مبتدأ مؤخّر مرفوع، وخبره محذوف متقدّم عليه أي فعليه اتّباع (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق باتّباع لأنه مصدر [16]، (الواو) عاطفة (أداء) معطوف على اتّباع مرفوع مثله (إلى) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بأداء فهو مصدر.. والضمير يعود إلى وليّ المقتول (بإحسان) جارّ ومجرور متعلّق بأداء [17]، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ والإشارة إلى العفو (اللام) للبعد و(الكاف) للخطاب (تخفيف) خبر مرفوع (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ(تخفيف) و(كم) ضمير مضاف إليه (رحمة) معطوف على تخفيف بالواو مرفوع مثله (الفاء) عاطفة (من) مثل الأول (اعتدى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ(اعتدى)، (ذا) اسم إشارة مضاف إليه والإشارة إلى العفو و(اللام) للبعد و(الكاف) للخطاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (له) مثل الأول متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت لعذاب مرفوع مثله.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 178] - قال السعدي - رحمه الله:

يمتن تعالى على عباده المؤمنين، بأنه فرض عليهم ﴿ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178] أي: المساواة فيه، وأن يقتل القاتل على الصفة، التي قتل عليها المقتول، إقامة للعدل والقسط بين العباد.

 

وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين، فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم، حتى أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول، إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل، وأنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد، ويمنعوا الولي من الاقتصاص، كما عليه عادة الجاهلية، ومن أشبههم من إيواء المحدثين.

 

ثم بيَّن تفصيل ذلك فقال: ﴿ الْحُرُّ بِالْحُرِّ ﴾ [البقرة: 178] يدخل بمنطوقها، الذكر بالذكر، وَالأنْثَى بِالأنْثَى، والأنثى بالذكر، والذكر بالأنثى، فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله: ﴿ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى ﴾ [البقرة: 178]، مع دلالة السنة على أن الذكر يقتل بالأنثى، وخرج من عموم هذا: الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد، لورود السنة بذلك، مع أن في قوله: ﴿ الْقِصَاصُ ﴾ [البقرة: 178] ما يدل على أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة، ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله، أو أذية شديدة جدا من الولد له.

 

وخرج من العموم أيضا الكافر، بالسنة، مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة.

 

وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد، ذكرا كان أو أنثى، تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر لا يقتل بالعبد، لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى، أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة، وتقدم وجه ذلك.

 

وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في القتل، وأن الدية بدل عنه، فلهذا قال: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ﴾ [البقرة: 178] أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه يسقط القصاص، وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي، فإذا عفا عنه وجب على الولي، أي: ولي المقتول أن يتبع القاتل ﴿ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 178] من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب، ولا يحرجه.

 

وعلى القاتل ﴿ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 178] من غير مطل ولا نقص، ولا إساءة فعلية أو قولية، فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو، إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق، بالأداء بإحسان..اهـ [18]

 

﴿ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178] - قال ابن عثيمين - رحمه الله -:

قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 178]: المشار إليه كل ما سبق من وجوب القصاص، ومن جواز العفو؛ تخفيف من الله في مقابل وجوب القصاص؛ وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن بني إسرائيل فرض الله عليهم القصاص فرضاً؛ وهذه الأمة خفف عنها؛ فلم يجب عليها القصاص؛ لأن الإنسان قد يكون لديه رحمة بالقاتل؛ وقد يكون القاتل من أقاربه؛ وقد يكون اعتبارات أخرى فلا يتمكن من تنفيذ القصاص في حقه؛ فخفف على هذه الأمة - ولله الحمد. ثم قال - رحمه الله -:

وقوله تعالى: ﴿ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 178]: الرب معناه الخالق المالك المدبر لخلقه كما يشاء على ما تقتضيه حكمته.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَرَحْمَةٌ ﴾ [البقرة: 178] أي بالجميع: بالقاتل - حيث سقط عنه القتل، وبأولياء المقتول - حيث أبيح لهم أن يأخذوا العوض؛ لأن من الجائز أن يكون الواجب إما القصاص؛ أو العفو مجاناً؛ لكن من رحمة الله أنه أباح هذا، وهذا؛ فهو رحمة بالجميع.

 

قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 178]: { من } اسم شرط؛ وفعل الشرط: { اعتدى }؛ وجوابه: { فله عذاب أليم }؛ المشار إليه في قوله تعالى: { بعد ذلك }: التنازل عن القصاص بأخذ الدية، أو قبولها؛ و{ عذاب } بمعنى عقوبة؛ و{ أليم } بمعنى مؤلم - يعني: موجع؛ والمعنى: أن من اعتدى من أولياء المقتول بعد العفو فله عذاب أليم - ويحتمل أن يكون المراد: من اعتدى من أولياء المقتول، ومن القاتل.اهـ [19]

 

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].

إعراب مفردات الآية[20]:

(الواو) عاطفة (اللام) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (في القصاص) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من حياة - صفة تقدّمت على الموصوف - (حياة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (يا) أداة نداء (أولي) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكّر (الألباب) مضاف إليه مجرور (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و(كم) ضمير اسم لعلّ (تتقون) مضارع مرفوع. والواو فاعل.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179] قال ابن القيم - رحمه الله: في ضمن هذا الخطاب: ما هو كالجواب لسؤال مقدر: إن في إعدام هذه البنية الشريفة، وإيلام هذه النفس وإعدامها في عدم مقابلة إعدام المقتول تكثير لمفسدة القتل، فلأيّة حكمة صدر هذا ممن وسعت رحمته كل شيء، وبهرت حكمته العقول؟ فتضمن الخطاب جواب ذلك بقوله: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179].

 

وذلك لأن القاتل إذا توهم أنه يُقتل قصاصا بمن قتله كفّ عن القتل وارتدع وآثرحب حياته ونفسه. فكان فيه حياة له ولمن أراد قتله.

 

ثم استطرد - رحمه الله - وقال: ومن وجه آخر: وهو أنهم كانوا إذا قتل الرجل من عشيرتهم وقبيلتهم قتلوا به كل من وجدوه من عشيرة القاتل وحيّه وقبيلته. وكان في ذلك من الفساد والهلاك ما يعم ضرره، وتشتد مؤنته، فشرع اللّه تعالى القصاص، وأن لا يقتل بالمقتول غير قاتله. ففي ذلك حياة عشيرته وحيّه وأقاربه. ولم تكن الحياة في القصاص من حيث إنه قتل، بل من حيث كونه قصاصا، يؤخذ القاتل وحده بالمقتول لا غيره، فتضمن القصاص الحياة في الوجهين.

 

وتأمل ما تحت هذه الألفاظ الشريفة من الجلالة والإيجاز، والبلاغة الفصاحة، والمعنى العظيم.

 

فصدر الآية بقوله: ولكم المؤذن بأن منفعة القصاص مختصة بكم، عائدة إليكم، فشرعه إنما كان رحمة بكم وإحسانا إليكم، فمنفعته ومصلحته لكم، إلا لمن لا يبلغ العباد ضره ونفعه.

 

ثم عقبه بقوله في القصاص إيذانا بأن الحياة الحاصلة إنما هي في العدل، وهو أن يفعل به كما فعل بالمقتول.اهـ [21]

 

وزاد السعدي في بيانها فقال: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ﴾ [البقرة: 179] أي: تنحقن بذلك الدماء، وتنقمع به الأشقياء، لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل، لم يحصل انكفاف الشر، الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية، فيها من النكاية والانزجار، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار، ونكَّر "الحياة "لإفادة التعظيم والتكثير.

 

ولما كان هذا الحكم لا يعرف حقيقته إلا أهل العقول الكاملة والألباب الثقيلة، خصهم بالخطاب دون غيرهم، وهذا يدل على أن الله تعالى، يحب من عباده أن يُعملوا أفكارهم وعقولهم، في تدبر ما في أحكامه من الحكم، والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته وحمده، وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذه المثابة فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب، وناداهم رب الأرباب، وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم يعقلون..اهـ [22]

 

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 180].

 

إعراب مفردات الآية[23]:

(كتب عليكم) مرّ إعرابها [24]، (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط في محل نصب متعلّق بالجواب [25]، (حضر) فعل ماض متضمّن معنى أتى (أحد) مفعول به منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه (الموت) فاعل مرفوع على حذف مضاف أي أسباب الموت (إن) حرف شرط (ترك) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (خيرا) مفعول به منصوب (الوصيّة) نائب فاعل مرفوع [26]، (للوالدين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الوصيّة، وعلامة الجرّ الياء (الأقربين) معطوف على الوالدين بالواو مجرور مثله وعلامة الجرّ الياء (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال ثانية من الوصيّة (حقّا) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته أي إيصاء حقّا أو كتبا حقّا أو مؤكّد لمضمون الحمد، أي حق ذلك حقا (على المتّقين) جار ومجرور متعلّق بـ(حقّا) أو بمحذوف نعت لـ (حقّا).

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 180] قال السعدي - رحمه الله - في بيانها: أي: فرض الله عليكم، يا معشر المؤمنين ﴿ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾ [البقرة: 180] أي: أسبابه، كالمرض المشرف على الهلاك، وحضور أسباب المهالك، وكان قد ﴿ تَرَكَ خَيْرًا ﴾ [البقرة: 180] أي: مالا وهو المال الكثير عرفا، فعليه أن يوصي لوالديه وأقرب الناس إليه بالمعروف، على قدر حاله من غير سرف، ولا اقتصار على الأبعد دون الأقرب، بل يرتبهم على القرب والحاجة، ولهذا أتى فيه بأفعل التفضيل.

 

وقوله: ﴿ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 180] دل على وجوب ذلك، لأن الحق هو: الثابت، وقد جعله الله من موجبات التقوى.

 

واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين، مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة، ردها الله تعالى إلى العرف الجاري.

 

ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث، بعد أن كان مجملا وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف، فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة، ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين، لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا، واختلف المورد.

 

فبهذا الجمع يحصل الاتفاق، والجمع بين الآيات، لأنه مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ، الذي لم يدل عليه دليل صحيح.اهـ [27]

 

﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 181]

 

إعراب مفردات الآية [28]:

(الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (بدّل) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط و(الهاء) مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الإيصاء (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ(بدّل)، (ما) حرف مصدريّ (سمع) فعل ماض و(الهاء) مفعول به، والفاعل هو.

 

والمصدر المؤوّل (ما سمعه) في محل جرّ مضاف إليه.

 

(الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (إثم) مبتدأ مرفوع و(الهاء) ضمير مضاف إليه (على) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (يبدّلون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و(الهاء) مفعول به (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (اللّه) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (سميع) خبر إنّ مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 181] - فسرهاأبو جعفر الطبري فقال:

يعني تعالى ذكره بذلك فمن غيَّر ما أوصَى به الموصِي - من وصيته بالمعروف لوالديه أو أقربيه الذين لا يرثونه - بعد ما سمع الوصية، فإنما إثم التبديل على من بَدَّل وصيته.اهـ[29]

 

وزاد ابن عثيمين في تفسيره - رحمه الله - في بيان قوله تعالى: { بعد ما سمعه } - فقال: قال أهل العلم: عبر بالسمع عن العلم؛ لأن السمع من الحواس الظاهرة؛ والعلم من الإدراكات الباطنة - أي فمن بدله بعد أن يعلمه علم اليقين، كما لو سمعه بنفسه؛ ومعلوم أن العلم بالوصية لا يتوقف على السماع؛ قد يكون بالكتابة؛ وقد يكون بالمشافهة، والسماع؛ وقد يكون بشهادة الشهود؛ وما إلى ذلك.اهـ[30]

 

وللسعدي - رحمه الله - زيادة بيان في تفسيره لقوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 181] قال ما نصه: يسمع سائر الأصوات، ومنه سماعه لمقالة الموصي ووصيته، فينبغي له أن يراقب من يسمعه ويراه، وأن لا يجور في وصيته، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بنيته، وعليم بعمل الموصى إليه، فإذا اجتهد الموصي، وعلم الله من نيته ذلك، أثابه ولو أخطأ، وفيه التحذير للموصى إليه من التبديل، فإن الله عليم به، مطلع على ما فعله، فليحذر من الله، هذا حكم الوصية العادلة.اهـ [31]

 

﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 182].

 

إعراب مفردات الآية [32]:

(الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (خاف) فعل ماض في محل جزم والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من موص) جارّ ومجرور متعلّق بـ(خاف) بتضمينه معنى علم [33]، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص (جنفا) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (إثما) معطوف على (جنفا) منصوب مثله (الفاء) عاطفة (أصلح) مثل خاف (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ(أصلح)، و(هم) ضمير متّصل مضاف إليه (الفاء) رابطة للجواب (لا) نافية للجنس (إثم) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (على) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا (إنّ اللّه غفور رحيم) مثل إنّ اللّه سميع عليم [34].

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا ﴾ [البقرة: 182] قال ابن عثيمين - رحمه الله -:

قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ ﴾ [البقرة: 182]: { من } شرطية؛ و{ خاف } فعل الشرط؛ وقوله تعالى: { فلا إثم عليه } جواب الشرط.

 

وقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ ﴾ [البقرة: 182] أي من توقع، أو اطلع.

 

قوله تعالى: ﴿  جَنَفًا أَوْ إِثْمًا ﴾ [البقرة: 182]: الجنف الميل عن غير قصد؛ و الإثم الميل عن قصد. اهـ [35]

 

- وأضاف البغوي - رحمه الله - في بيان تفسيرها ما مختصره:

﴿ جَنَفًا ﴾ [البقرة: 182] أي جورا وعدولا عن الحق، والجنف: الميل ﴿ أَوْ إِثْمًا ﴾ [البقرة: 182] أي ظلما، قال السدي وعكرمة والربيع: الجنف الخطأ والإثم العمد ﴿ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 182] واختلفوا في معنى الآية، قال مجاهد: معناها أن الرجل إذا حضر مريضا وهو يوصي فرآه يميل إما بتقصير أو إسراف، أو وضع الوصية في غير موضعها فلا حرج على من حضره أن يأمره بالعدل وينهاه عن الجنف فينظر للموصى وللورثة، وقال آخرون: إنه أراد به أنه إذا أخطأ الميت في وصيته أو جار متعمدا فلا حرج على وليه أو وصيه أو والي أمور المسلمين أن يصلح بعد موته بين ورثته وبين الموصى لهم، ويرد الوصية إلى العدل والحق اهـ [36].

 

﴿ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 182] - ذكر ابن عثيمين في تفسيره بيانا شافيا لهذه الجزئية من الآية فقال - رحمه الله -:

قوله تعالى: ﴿ فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ ﴾ [البقرة: 182] أي فعَل صالحاً؛ أي حول الأمر إلى شيء صالح؛ وليس المعنى: أصلح الشقاق؛ لأنه قد لا يكون هناك شقاق؛ هذا القول وإن كان له وجهة نظر؛ لكن كلمة: { بينهم } تدل على أن المراد إصلاح الشقاق؛ إذ إن البينية لا تكون إلا بين شيئين؛ فعلى الوجه الأول يكون المراد بالإصلاح إزالة الفساد؛ وعلى الوجه الثاني يكون الإصلاح فيها إزالة الشقاق؛ لأن الغالب إذا أراد الوصي أن يغير الوصية بعد موت الموصي أن يحصل شقاق بينه، وبين الورثة؛ أو بينه، وبين الموصىله.اهـ [37]

 

وأضاف السعدي - رحمه الله - في بيان قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 182] ما نصه: أي: يغفر جميع الزلات، ويصفح عن التبعات لمن تاب إليه، ومنه مغفرته لمن غض من نفسه، وترك بعض حقه لأخيه، لأن من سامح، سامحه الله، غفور لميتهم الجائر في وصيته، إذا احتسبوا بمسامحة بعضهم بعضا لأجل براءة ذمته، رحيم بعباده، حيث شرع لهم كل أمر به يتراحمون ويتعاطفون، فدلت هذه الآيات على الحث على الوصية، وعلى بيان من هي له، وعلى وعيد المبدل للوصية العادلة، والترغيب في الإصلاح في الوصية الجائرة.اهـ [38]

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]

إعراب مفردات الآية [39]:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183] سبق إعراب نظيرها [40]، (الكاف) حرف جرّ وتشبيه (ما) حرف مصدري [41]، (كتب) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الصيام (على) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ(كتب).

 

والمصدر المؤوّل (ما كتب) في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق أي كتابة ككتابته على من قبلكم.

 

(من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول و(كم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجي و(كم) اسم لعلّ (تتقّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] - قال السعدي - رحمه الله - في بيانها إجمالاً: يخبر تعالى بما منَّ به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.

 

وفيه تنشيط لهذه الأمة، بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال..ثم قال - رحمه الله: -

ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.

 

فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.

ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.اهـ [42]

 

وزاد العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - في بيان قوله تعالى: ﴿ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] فقال ما مختصره:

أي من الأمم السابقة، يعم اليهود والنصارى ومن قبلهم؛ كلهم كتب عليهم الصيام؛ ولكنه لا يلزم أن يكون كصيامنا في الوقت، والمدة. وهذا التشبيه فيه فائدتان:

الفائدة الأولى: التسلية لهذه الأمة حتى لا يقال: كلفنا بهذا العمل الشاق دون غيرنا؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ [الزخرف: 39] يعني لن يخفف عنكم العذابَ اشتراكُكم فيه - كما هي الحال في الدنيا: فإن الإنسان إذا شاركه غيره في أمر شاق هان عليه.

 

الفائدة الثانية: استكمال هذه الأمة للفضائل التي سبقت إليها الأمم السابقة؛ ولا ريب أن الصيام من أعظم الفضائل؛ فالإنسان يصبر عن طعامه وشرابه وشهوته لله عز وجل؛ ومن أجل هذا اختصه الله لنفسه، فقال تعالى: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي [43].

 

قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ لعل للتعليل؛ ففيها بيان الحكمة من فرض الصوم؛ أي تتقون الله عز وجل؛ هذه هي الحكمة الشرعية التعبدية للصوم؛ وما جاء سوى ذلك من مصالح بدنية، أو مصالح اجتماعية، فإنها تبع. اهـ [44]

 

﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184].

 

إعراب مفردات الآية [45]:

(أيّاما) ظرف زمان منصوب لفعل محذوف تقديره صوموا [46]، (معدودات)، نعت لـ (أياما) منصوب مثله، وعلامة النصب الكسرة (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم في محلّ رفع مبتدأ (كان) فعل ماض ناقص مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، واسم كان ضمير مستتر تقديره هو يعود على من (من) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من اسم كان (مريضا) خبر كان منصوب (أو) حرف عطف (على سفر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف معطوف على خبر كان أي كان موجودا على سفر (الفاء) رابطة لجواب الشرط (عدّة) مبتدأ مرفوع والخبر محذوف تقديره: عليه عدّة. وفيه حذف مضاف أي عليه صيام عدّة (من أيّام) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لعدّة (أخر) نعت لأيام مجرور مثله وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف للوصفيّة والعدل. (الواو) عاطفة (على) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم لفدية (يطيقون) مضارع مرفوع... والواو فاعل و(الهاء) مفعول به، وفيه حذف مضاف أي يطيقون صيامه (فدية) مبتدأ مؤخّر مرفوع (طعام) بدل من فدية مرفوع مثله [47]، (مسكين) مضاف إليه مجرور. (الفاء) عاطفة (من) مثل الأول (تطوّع) فعل ماض في محلّ جزم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (خيرا) منصوب على نزع الخافض [48]، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (هو) ضمير في محلّ رفع مبتدأ (خير) خبر مرفوع (اللام) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لخير [49]، (الواو) عاطفة (أن) حرف مصدريّ ونصب (تصوموا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.والمصدر المؤوّل (أن تصوموا) في محلّ رفع مبتدأ أي: صيامكم.

 

(خير) خبر مرفوع (لكم) مثل له متعلق بمحذوف نعت لخير [50]، (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و(تم) ضمير اسم كان (تعلمون) مضارع مرفوع والواو فاعل.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] - قال السعدي - رحمه الله - ما مختصره: ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام، أخبر أنه أيام معدودات، أي: قليلة في غاية السهولة.

 

ثم سهل تسهيلا آخر. فقال: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ وذلك للمشقة، في الغالب، رخص الله لهما، في الفطر.

 

ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن، أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.

 

وفي قوله: ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ ﴾ [البقرة: 184] دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان، كاملا كان، أو ناقصا، وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة، عن أيام طويلة حارة كالعكس.

 

وقوله: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ أي: يطيقون الصيام ﴿ فِدْيَةٌ ﴾ [البقرة: 184] عن كل يوم يفطرونه ﴿ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] وهذا في ابتداء فرض الصيام، لما كانوا غير معتادين للصيام، وكان فرضه حتما، فيه مشقة عليهم، درجهم الرب الحكيم بأسهل طريق، وخيَّر المطيق للصوم بين أن يصوم، وهو أفضل، أو يطعم، ولهذا قال: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184].

 

ثم بعد ذلك، جعل الصيام حتما على المطيق وغير المطيق، يفطر ويقضيه في أيام أخر وقيل: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ﴾ [البقرة: 184] أي: يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير، فدية عن كل يوم مسكين وهذا هو الصحيح.اهـ ـ[51]

 

وزاد ابن عثيمين بياناً للمقصود بالمسكين في قوله تعالى:﴿ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] فقال - رحمه الله -: المراد بالمسكين من لا يجد شيئاً يكفيه لمدة سنة؛ فيدخل في هذا التعريف الفقير؛ فإذا مر بك المسكين فهو شامل للفقير؛ وإذا مر بك الفقير فإنه شامل للمسكين؛ أما إذا جمعا فقد قال أهل العلم: إن بينهما فرقاً: فالفقير أشد حاجة من المسكين؛ الفقير هو الذي لا يجد نصف كفاية سنة؛ وأما المسكين فيجد النصف فأكثر دون الكفاية لمدة سنة.

 

ثم بين - رحمه الله - بياناً شافياً وفائدة عظيمة من رخصة الله - تعالى - للمسافر كما جاء في الآية ﴿ أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184] فقال: "وللمسافر باعتبار صومه في سفره حالات ثلاث:

الأولى: أن لا يكون فيه مشقة إطلاقاً؛ يعني: ليس فيه مشقة تزيد على صوم الحضر؛ ففي هذه الحال الصوم أفضل؛ وإن أفطر فلا حرج؛ ودليله أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر، كما في حديث أبي الدرداء [52] رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحرّ؛ وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة[53] [54]؛ ولأن الصوم في السفر أسرع في إبراء ذمته؛ ولأنه أسهل عليه غالباً لكون الناس مشاركين له، وثقلِ القضاء غالباً؛ ولأنه يصادف شهر الصوم - وهو رمضان.

 

الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم مشقة غير شديدة؛ فهنا الأفضل الفطر؛ والدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فرأى زحاماً، ورجلاً قد ظُلل عليه، فسأل عنه، فقالوا: صائم؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - ليس من البر الصيام في السفر ([55])؛ فنفى النبي صلى الله عليه وسلم البر عن الصوم في السفر.

 

فإن قيل: إن من المتقرر في أصول الفقه أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ وهذا يقتضي نفي البر عن الصوم في السفر مطلقاً؟.


فالجواب: أن معنى قولنا: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب يعني أن الحكم لا يختص بعين الذي ورد من أجله؛ وإنما يعم من كان مثل حاله؛ وقد نص على هذه القاعدة ابن دقيق العيد في شرح الحديث في العمدة؛ وهو واضح.اهـ [56].

 

﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184] قال البغوي - رحمه الله:

﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ﴾ [البقرة: 184] أي زاد على مسكين واحد فأطعم مكان كل يوم مسكينين فأكثر، قاله مجاهد وعطاء وطاووس، وقيل: من زاد على القدر الواجب عليه فأعطى صاعا وعليه مد فهو خير له.

 

﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184] فمن ذهب إلى النسخ قال: معناه الصوم خير له من الفدية، وقيل: هذا في الشيخ الكبير لو تكلف الصوم وإن شق عليه فهو خير له من أن يفطر ويفدي.اهـ [57]

 

وأضاف ابن عثيمين: قوله تعالى: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184]؛ هذه جملة مستأنفة؛ والمعنى: إن كنتم من ذوي العلم فافهموا؛ و{ إن} ليست شرطية فيما قبلها - يعني ليست وصلية - كما يقولون؛ لأنه ليس المعنى: خيراً لنا إن علمنا؛ فإن لم نعلم فليس خيراً لنا؛ بل هو مستأنف؛ ولهذا ينبغي أن نقف على قوله تعالى: ﴿  خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184].اهـ [58]

 

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

 

إعراب مفردات الآية [59]:

(شهر) خبر لمبتدأ محذوف تقديره تلك الأيام [60]، (رمضان) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف للعلميّة وزيادة الألف والنون (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع نعت لشهر، أو لرمضان فيكون في محلّ جرّ (أنزل) فعل ماض مبنيّ للمجهول (في) حرف جرّ و(الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(أنزل)، (القرآن) نائب فاعل مرفوع (هدى) حال منصوبة وعلامة النصب الفتحة المقدّرة (للناس) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لهدى (بيّنات) معطوفة على هدى بالواو منصوب مثله وعلامة النصب الكسرة (من الهدى) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لبيّنات وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الفرقان) معطوف على الهدى بالواو مجرور مثله (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (شهد) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط.. والفاعل هو (من) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير شهد (الشهر) مفعول به منصوب على حذف مضاف أي دخولالشهر، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) لام الأمر الجازمة (يصم) مضارع مجزوم و(الهاء) ضمير في محلّ نصب مفعول فيه [61]، لأنه ضمير الظرف أي ليصم أيّامه. (الواو) عاطفة (من كان مريضا... أخر) مرّ إعرابها [62] (يريد) مضارع مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بكم) مثل منكم متعلّق بـ (يريد)، (اليسر) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) نافية (يريد بكم العسر) مثل المتقدّمة (الواو) عاطفة (اللام) للتعليل (تكملوا) مضارع منصوببـ(أن) مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون... والواو فاعل (العدّة) مفعول به منصوب به (الواو) عاطفة (لتكبّروا) مثل لتكملوا ومعطوف عليه (اللّه) لفظ الجلالة مفعول به.. والمصدر المؤوّل (أن تكملوا...) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف معطوف على قوله يريد بكم اليسر... أي ويعينكم لإكمال العدّة.

 

(على) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ [63]، (هدى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر و(كم) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.

 

والمصدر المؤوّل (ما هداكم) في محلّ جرّ بحرف الجرّ متعلّق بـ(تكبّروا) بتضمينه معنى تحمدوه على هدايته لكم. (الواو) عاطفة (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و(كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ، (تشكرون) مضارع مرفوع... والواو فاعل.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185].

 

قال البغوي - رحمه الله - في بيان قوله تعالى ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185] ما مختصره: ثم بين الله تعالى أيام الصيام فقال: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ ﴾ [البقرة: 185] رفعه على معنى هو شهر رمضان، وقال الكسائي: كتب عليكم شهر رمضان وسمي الشهر شهرا لشهرته، وأما رمضان فقد قال مجاهد: هو اسم من أسماء الله تعالى، يقال شهر رمضان كما يقال شهر الله، والصحيح أنه اسم للشهر سمي به من الرمضاء وهي الحجارة المحماة وهم كانوا يصومونه في الحر الشديد فكانت ترمض فيه الحجارة في الحرارة.

 

قوله تعالى: ﴿ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185] سمي القرآن قرآنا لأنه يجمع السور والآي والحروف وجمع فيه القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد. اهـ [64]

 

وأضاف السعدي - رحمه الله -: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185] أي: الصوم المفروض عليكم، هو شهر رمضان، الشهر العظيم، الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم، المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية، وتبيين الحق بأوضح بيان، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة وأهل الشقاوة.

 

فحقيق بشهر، هذا فضله، وهذا إحسان الله عليكم فيه، أن يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام.

 

فلما قرره، وبين فضيلته، وحكمة الله تعالى في تخصيصه قال: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185] هذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر.

 

ولما كان النسخ للتخيير بين الصيام والفداء خاصة، أعاد الرخصة للمريض والمسافر، لئلا يتوهم أن الرخصة أيضا منسوخة فقال ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185] أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير، ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله.

 

وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله، سهَّله تسهيلا آخر، إما بإسقاطه، أو تخفيفه بأنواع التخفيفات.

 

وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات.

 

﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ [البقرة: 185] وهذا - والله أعلم - لئلا يتوهم متوهم أن صيام رمضان يحصل المقصود منه ببعضه، دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله - تعالى - عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.اهـ [65].

 

﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ [البقرة: 185] يعني تعالى ذكره بذلك: ولتشكروا الله على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق، وتيسير ما لو شاء عسر عليكم.قاله أبو جعفر الطبري - رحمه الله.اهـ [66].

 

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

إعراب مفردات الآية [67]:

(الواو) عاطفة (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بالجواب وهو القول المقدّر أي: فقل لهم.. (سأل) فعل ماض و(الكاف) ضمير مفعول به (عباد) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء و(الياء) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه، (عن) حرف جرّ و(الياء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(سأل)، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و(الياء) ضمير اسم إنّ (قريب) خبر إنّ مرفوع (أجيب) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (دعوة) مفعول به منصوب (الداع) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة للتخفيف (إذا) مثل الأول متعلّق بمضمون الجواب المحذوف (دعا) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و(النون) للوقاية و(الياء) المحذوفة للتخفيف مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) لام الأمر (يستجيبوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (اللام) حرف جرّ و(الياء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(يستجيبوا)، (الواو) عاطفة (ليؤمنوا) مثل ليستجيبوا، (بي) مثل لي متعلّق بـ(يؤمنوا)، (لعلّهم يرشدون) مثل (لعلّكم تشكرون) [68].

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186] - قال الشنقيطي - رحمه الله:

ذكر في هذه الآية أنه جل وعلا قريب يجيب دعوة الداعي وبين في آية أخرى تعليق ذلك على مشيئته جل وعلا وهي قوله: (فيكشف ما تدعون إليه إن شاء) الآية [6 \ 41].

 

وقال بعضهم: التعليق بالمشيئة في دعاء الكفار كما هو ظاهر سياق الآية، والوعد المطلق في دعاء المؤمنين، وعليه فدعاؤهم لا يرد، إما أن يعطوا ما سألوا أو يدخر لهم خير منه أو يدفع عنهم من السوء بقدره.اهـ[69]

 

- وزاد السعدي بياناً شافياً في تفسيرها فقال - رحمه الله -: هذا جواب سؤال، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزل: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186] لأنه تعالى الرقيب الشهيد، المطلع على السر وأخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهو قريب أيضا من داعيه بالإجابة، ولهذا قال: ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186] والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة.

 

والقرب نوعان:

قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.

 

فمن دعا ربه بقلب حاضر، ودعاء مشروع، ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه؛ فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء، وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة، فلهذا قال: ﴿ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186] أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة، ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره، سبب لحصول العلم كما قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29].اهـ [70]

 

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

 

إعراب مفردات الآية [71]:

(أحلّ) فعل ماض مبنيّ للمجهول (اللام) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ.

 

متعلّق بـ(أحلّ) (ليلة) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ(أحلّ) [72]، (الصيام) مضاف إليه مجرور (الرفث) نائب فاعل مرفوع (إلى نساء) جارّ ومجرور متعلّق بالرفث لأنه مصدر وهو متضمّن معنى الإفضاء، إذ الرفث يتعلّق به حرف الباء و(كم) ضمير مضاف إليه (هنّ) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (لباس) خبر مرفوع (لكم) مثل الأول متعلّق بمحذوف نعت للباس (الواو) عاطفة (أنتم لباس لهنّ) مثل هنّ لباس لكم. (علم) فعل ماض (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و(كم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون و(التاء) ضمير اسم كان والميم حرف لجمع الذكور، (تختانون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (تاب) فعل ماض... والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و(كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بفعل تاب (الواو) عاطفة (عفا عنكم) مثل تاب عليكم.

 

والمصدر المؤول من أنّ واسمها وخبر سدّ مسدّ مفعولي علم.

 

(الفاء) استئنافيّة (الآن) ظرف زمان مبنيّ على الفتح في محلّ نصب متعلّق بـ(باشروا) [73] وهو فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و(هنّ) ضمير لجمع الإناث في محلّ نصب مفعول به، (الواو) عاطفة (ابتغوا) مثل باشروا (ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به (كتب) فعل ماض (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (لكم) مثل الأول متعلق بـ(كتب) بتضمينه معنى يسّر (الواو) عاطفة (كلوا) مثل باشروا، ومثله (اشربوا)، (حتّى) حرف غاية وجرّ (يتبيّن) مضارع منصوب بـ(أن) مضمرة بعد حتّى (لكم) مثل الأول متعلّق بـ(يتبيّن)، (الخيط) فاعل مرفوع (الأبيض) نعت للخيط مرفوع (من الخيط) جارّ ومجرور متعلّق بـ(يتبين)، (الأسود) نعت للخيط مجرور مثله (من الفجر) جارّ ومجرور متعلّق بـ(يتبين) من الأولى لابتداء الغاية، ومن الثانية بيانية، لذا يحمل الجارّ معنى الحال - وهي عند الزمخشري تبعيضيّة، أي حال كون الخيط الأبيض بعضا من الفجر.

 

والمصدر المؤوّل (أن يتبيّن...) في محلّ جرّ بـ(حتّى) متعلّق بـ(كلوا واشربوا).

 

(ثمّ) حرف عطف (أتمّوا) مثل باشروا (الصيام) مفعول به منصوب (إلى الليل) جارّ ومجرور متعلّق بـ(أتمّوا) [74].. (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تباشروا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون... والواو فاعل و(هنّ) ضمير متّصل مفعول به (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (عاكفون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (في المساجد) جارّ ومجرور متعلّق بـ(عاكفون)، (تي) اسم إشارة مبني على السكون الظاهر على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين في محلّ رفع مبتدأ و(اللام) للبعد و(الكاف) للخطاب (حدود) خبر مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تقربوها) مثل تباشروهنّ. (الكاف) حرف جرّ وتشبيه [75]، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ بالكاف متعلّق بمحذوف مفعول مطلق تقديره بيانا (اللام) للبعد و(الكاف) للخطاب (يبيّن) مضارع مرفوع (اللّه) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و(الهاء) مضاف إليه (للناس) جارّ ومجرور متعلّق بـ(يبيّن)، (لعلّهم يتّقون) مثل لعلّكم تشكرون [76]

 

روائع البيان والتفسير:

جاء في سبب نزول هذه الآية ما ذكره صاحب كتاب الصحيح المسند من أسباب النزول قال: قال الإمام البخاري - رحمه الله -: "ج5/ - ص/ 31" عن البراء رضي الله عنه قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام؟ قالت: لا ولكن أنطلق فأطلب لك. وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فقالت: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشى عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنزلت هذه الآية: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187] ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ﴾ [البقرة: 187].اهـ [77]

 

ثم قال: قوله تعالى: ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187] قال الإمام البخاري - رحمه الله - " ج5 / ص35 "حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد (ح) وحدثني سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال أنزلت: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ﴾ [البقرة: 187] ولم ينزل ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والأسود ولم يزل يأكل حتى يتبين له رؤيتها فأنزل بعد: ﴿ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187] فعلموا أنه يعني الليل والنهار.اهـ [78]

 

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]- قال البغوي - رحمه الله - بتصرف يسير:

قوله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187] فالرفث كناية عن الجماع، قال ابن عباس: إن الله تعالى حيي كريم يكنى كل ما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة والإفضاء والدخول والرفث فإنما عنى به الجماع وقال الزجاج: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجال من النساء، قال أهل التفسير: كان في ابتداء الأمر إذا أفطر الرجل حل له الطعام والشراب والجماع إلى أن يصلي العشاء الآخرة أو يرقد قبلها، فإذا صلى العشاء أو رقد قبلها حرم عليه الطعام والنساء إلى الليلة القابلة.

 

ثم قال - رحمه الله:

﴿ أُحِلَّ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 187] أي أبيح لكم ﴿ لَيْلَةَ الصِّيَامِ ﴾ [البقرة: 187]أي في ليلة الصيام ﴿ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 187] أي سكن لكم ﴿ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187] أي سكن لهن دليله. قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189] وقيل لا يسكن شيء كسكون أحد الزوجين إلى الآخر، وقيل: سمي كل واحد من الزوجين لباسا لتجردهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه، وقال الربيع بن أنس: هن فراش لكم وأنتم لحاف لهن، قال أبو عبيدة [79] وغيره: يقال للمرأة هي لباسك وفراشك وإزارك وقيل: اللباس اسم لما يواري الشيء فيجوز أن يكون كل واحد منهما سترا لصاحبه عما لا يحل.اهـ [80]

 

﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]- قال ابن عثيمين - رحمه الله:

قوله تعالى: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 187] أي تخادعونها بإتيانهن، بحيث لا تصبرون؛ والظاهر والله أعلم أن هذا الاختيان بكون الإنسان يفتي نفسه بأن هذا الأمر هين؛ أو بأنه صار في حال لا تحرم عليه زوجته؛ وما أشبه ذلك؛ وأصل هذا أنهم كانوا في أول الأمر إذا صلى أحدهم العشاء الآخرة، أو إذا نام قبل العشاء الآخرة فإنه يحرم عليه الاستمتاع بالمرأة والأكل والشرب إلى غروب الشمس من اليوم التالي؛ فشق عليهم ذلك مشقة عظيمة حتى إن بعضهم لم يصبر؛ فبين الله عز وجل حكمته، ورحمته بنا، حيث أحل لنا هذا الأمر؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

 

قوله تعالى: ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 187]: أي تاب عليكم بنسخ الحكم الأول الذي فيه مشقة؛ والنسخ إلى الأسهل توبة كما في قوله تعالى في سورة المزمل: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ [المزمل: 20]؛ فيعبر الله عز وجل عن النسخ بالتوبة إشارة إلى أنه لولا النسخ لكان الإنسان آثماً إما بفعل محرم؛ أو بترك واجب.اهـ [81]

 

وقال السعدي - رحمه الله - في بيانها إجمالاً: كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضهم، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به.

 

{ فتاب } الله { عليكم } بأن وسع لكم أمرا كان - لولا توسعته - موجبا للإثم { وعفا عنكم } ما سلف من التخون.

 

{ فالآن } بعد هذه الرخصة والسعة من الله { باشروهن } وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك.

 

﴿ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 187] أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته، وحصول مقاصد النكاح.

 

ومما كتب الله لكم ليلة القدر، الموافقة لليالي صيام رمضان، فلا ينبغي لكم أن تشتغلوا بهذه اللذة عنها وتضيعوها، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك.

 

﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187] هذا غاية للأكل والشرب والجماع، وفيه أنه إذا أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر فلا بأس عليه.

 

وفيه: دليل على استحباب السحور للأمر، وأنه يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد.

 

وفيه أيضا دليل على أنه يجوز أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل، ويصح صيامه، لأن لازم إباحة الجماع إلى طلوع الفجر، أن يدركه الفجر وهو جنب، ولازم الحق حق.

 

{ثم } إذا طلع الفجر { أتموا الصيام } أي: الإمساك عن المفطرات { إلى الليل } وهو غروب الشمس اهـ [82]

 

﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

 

- قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187] قال علي بن أبي طلحة [83]، عن ابن عباس: هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو في غير رمضان، فحرّم الله عليه أن ينكح النساء ليلا ونهاراحتى يقضي اعتكافه.

 

وقال الضحاك: كان الرجل إذا اعتكف فخرج من المسجد، جامع إن شاء، فقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187] أي: لا تقربوهن ما دمتم عاكفين في المسجد ولا في غيره. وكذا قال مجاهد، وقتادة وغير واحد؛ إنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزلت هذه الآية.

 

قال ابن أبي حاتم [84]: وروي عن ابن مسعود، ومحمد بن كعب [85]، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وقتادة، والضحاك والسُّدِّي، والربيع بن أنس، ومقاتل، قالوا: لا يقربها وهو معتكف. وهذا الذي حكاه عن هؤلاء هو الأمر المتفق عليه عند العلماء: أن المعتكف يحرمُ عليه النساءُ ما دامَ معتكفًا في مسجده، ولو ذهب إلى منزله لحاجة لا بد له منها فلا يحل له أن يتلبَّث [86] فيه إلا بمقدار ما يفرغ من حاجته تلك، من قضاء الغائط، أو أكل، وليس له أن يقبل امرأته، ولا يضمها إليه، ولا يشتغل بشيء سوى اعتكافه، ولا يعود المريض، لكن يسأل عنه وهو مار في طريقه.اهـ [87]

 

وأضاف أبو جعفر الطبري - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187] ما نصه:

يعني تعالى ذكره بذلك: كما بينت لكم أيها الناس واجبَ فرائضي عليكم من الصوم، وعرّفتكم حدودَه وأوقاته، وما عليكم منه في الحضر، وما لكم فيه في السفر والمرض، وما اللازم لكم تجنُّبه في حال اعتكافكم في مساجدكم، فأوضحت جميعَ ذلك لكم - فكذلك أبيِّن أحكامي، وحلالي وحرامي، وحدودي، وأمري ونهيي، في كتابي وتنزيلي، وعلى لسان رسولي صلى الله عليه وسلم للناس.

 

ويعني بقوله: ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187] يقول: أبيِّن ذلك لهم ليتقوا مَحارمي ومعاصيَّ، ويتجنَّبوا سَخطي وَغضبي، بتركهم رُكوبَ ما أبيِّن لهم في آياتي أني قد حرَّمته عليهم، وأمرتهم بهجره وتركه.اهـ [88]

 

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

 

إعراب مفردات الآية [89]:

(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (أموال) مفعول به منصوب و(كم) ضمير مضاف إليه (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ(تأكلوا) [90]، (بالباطل) جار ومجرور متعلّق بـ(تأكلوا) [91]، (الواو) واو المعيّة (تدلوا) مضارع منصوب [92] بـ(أن) مضمرة وجوبا بعد واو المعيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (الباء) حرف جرّ و(ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ(تدلوا)، (إلى الحكّام) جارّ ومجرور متعلّق بـ(تدلوا). والمصدر المؤوّل (أن تدلوا...) معطوف على مصدر مسبوك من مضمون الكلام السابق أي: لا يكن أكل للأموال وإدلاء بها إلى الحكّام.

 

(اللام) للتعليل (تأكلوا) مضارع منصوب بـ(أن) مضمرة بعد اللام.. الواو فاعل (فريقا) مفعول به منصوب (من أموال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لـ (فريقا)، (الناس) مضاف إليه مجرور، (بالإثم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في (تأكلوا) أي متلبسين بالإثم [93].

 

والمصدر المؤوّل (أن تأكلوا) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ(تدلوا)، أو بفعل الطلب: لا تأكلوا... (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبتدأ (تعلمون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.

 

روائع البيان والتفسير:

﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188] - فسرها العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - فقال ما مختصره:

المراد بالأكل ما هو أعم منه، فيشمل الانتفاع بغير الأكل؛ من الملبوسات، والمفروشات، والمسكونات، والمركوبات؛ لكنه خَص الأكل؛ لأنه أقوى وجوه الانتفاع؛ الإنسان ينتفع في المال ببناء مسكن له - وهو منفصل عنه -؛ ويفترش الفراش فينتفع به - وهو منفصل عنه إلا أنه ألصق به من البيت؛ ويلبس ثوباً فينتفع به - وهو منفصل عنه -؛ إلا أنه ألصق به من الفراش؛ والإنسان يأكل الأكل فينتفع - وهو متصل ممازج لعروقه -؛ فكان أخص أنواع الانتفاع، وألصقها بالمنتفع؛ ولهذا ذكر بعض أهل العلم - رحمهم الله - أن الإنسان إذا كان عنده مال مشتبه ينبغي أن يصرفه في الوقود؛ لا يصرفه في الأكل والشرب يتغذى بهما البدن وهما أخص انتفاع بالمال؛ فإذا كان الله تعالى يقول: { لا تأكلوا أموالكم } وهو أخص الانتفاع، والذي قد يكون الإنسان في ضرورة إليه؛ لو لم يفعل لهلك - لو لم يأكل لمات، فكيف بغيره!!!

 

وقوله تعالى: { أموالكم }: عندنا آكل، ومأكول عنه؛ فإذا كنت أنت أيها الآكل لا ترضى أن يؤكل مالك فكيف ترضى أن تأكل مال غيرك؟ فاعتبر مال غيرك بمنزلة مالك في أنك لا ترضى أن يأكله أحد؛ وبهذا تتبين الحكمة في إضافة الأموال المأكولة للغير إلى آكلها؛ و{ بينكم } أي في العقود؛ من إجارات، وبيوع، ورهون، وغيرها؛ لأن هذه تقع بين اثنين؛ فتصدق البينية فيها.

 

وقوله تعالى: { بالباطل }؛ الباء للتعدية؛ أي تتوصلون إليه بالباطل؛ و الباطل كل ما أخذ بغير حق.اهـ [94]

 

﴿ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

 

ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره بيانها بأقوال أئمة التفسير فقال - رحمه الله -: عن ابن عباس: هذا في الرجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بَيِّنة، فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم آكل حرامٍ.

 

وكذا روي عن مجاهد، وسعيد بن جُبَير، وعكرمة، والحسن، وقتَادة، والسدّي، ومقاتل بن حَيّان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم [95] أنهم قالوا: لا تُخَاصمْ وأنت تعلمُ أنَّك ظالم. وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة: أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إنما أنا بَشَر، وإنما يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعة من نار، فَلْيَحْملْهَا، أو ليذَرْها" [96]. فدلت هذه الآية الكريمة، وهذا الحديث على أنّ حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر، فلا يُحلّ في نفس الأمر حرامًا هو حرام، ولا يحرم حلالا هو حلال، وإنما هو يلزم في الظاهر، فإن طابق في نفس الأمر فذاك، وإلا فللحاكم أجرُه وعلى المحتال وزْره؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا ﴾ [البقرة: 188] أي: طائفة ﴿ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188] أي: تعلمون بطلان ما تدعونه وتروجون في كلامكم.اهـ[97]

 

وأضاف السعدي - رحمه الله - ما مختصره:

فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة، وحكم له بذلك، فإنه لا يحل له، ويكون آكلا لمال غيره، بالباطل والإثم، وهو عالم بذلك. فيكون أبلغ في عقوبته، وأشد في نكاله.

 

وعلى هذا فالوكيل إذا علم أن موكله مبطل في دعواه، لم يحل له أن يخاصم عن الخائن كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105].اهـ[98]

 


[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبدالرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 351)

[2] يجوز أن يكون على حذف مضاف أي ذا البرّ ليصحّ الإخبار بالموصول.

[3] أو من غير حذف مضاف إذا قدّر اسم لكنّ: ذا البرّ من آمن.

[4] أو هو المفعول الأول و(ذوي) المفعول الثاني، والإعراب أعلاه هو قول الجمهور لأن (ذوي) هو الآخذ فلزم تقديمه.

[5] يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هم، والجملة حالية أو اعتراضيّة.

[6] أو ضمير فصل لا محلّ له جاء للتأكيد ف (المتّقون) خبر أولئك

[7] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4/ 224)

[8] تفسير القرآن العظيم لابن كثير - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع( 1/ 486)

[9] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة(1/ 83 )

[10] الحديث أخرجه مسلم برقم/ 4754 - باب فضل الضعفاء والخاملين - عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

[11] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4/ 227 )

[12] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة(1/ 83).

[13] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 356)

[14] يجوز - على رأي بعضهم - أن يكون اسم موصول مبتدأ خبره جملة اتّباع بالمعروف على زيادة الفاء.

[15] هو كناية عن مصدر وهو العفو.

[16] يجوز أن يكون حالا من الهاء في (عليه) أي فعليه اتّباعه عادلا.

[17] يجوز أن يكون حالا من الهاء في (عليه) أي: فعليه أداؤه محسنا.

[18] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 84)

[19] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 244 )

[20] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 360).

[21] تفسير القرآن الكريم ـ لابن القيم - (1 / 146 )

[22] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 84).

[23] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق (2/ 362).

[24] في الآية (178) من هذه السورة.

[25] يجوز أن تكون ظرفية محضة فتتعلّق بالوصيّة أي: أن يوصي أحدكم وقت حضور الموت.

[26] يجوز اعراب الوصيّة مبتدأ خبره للوالدين، والجملة تصبح جواب الشرط بحذف الفاء.. ونائب الفاعل هو الجار والمجرور (عليكم).

[27] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 85).

[28] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 363).

[29] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري،تحقيق أحمد محمد شاكر - الناشر: مؤسسة الرسالة ( 3/ 396/ 2680).

[30] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 252).

[31] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 85).

[32] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 364).

[33] يجوز تعليقه بمحذوف حال من (جنفا) - نعت تقدّم على المنعوت.

[34] في الآية السابقة.

[35] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 254).

[36] انظر معالم التنزيل للبغوي - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع ( 1/ 194).

[37] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين ( 4/ 255).

[38] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 85).

[39] - انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 366).

[40] انظر الآية (178) من هذه السورة.

[41] يجوز أن يكون (ما) اسم موصول في محل جرّ بالكاف متعلّق بحال من الصيام أي: كتب عليكم الصيام مماثلا للذي كتب على من قبلكم، أو هو نعت لمفعول مطلق أي: كتب الصيام صوما مماثلا للذي كتب على من قبلكم.

[42] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1 / 86).

[43] الحديث أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - برقم/ 1945 - باب فضل الصيام - وتمام متنه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك".

[44] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 158).

[45] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 367).

[46] يجوز جعله مفعولا به على السعة لأن الفعل صام وإن كان لازما هو في حكم المتعدّي لعلاقة الظرف به وملازمته إيّاه. هذا ويجوز جعل (أياما) منصوبا بالمصدر (الصيام) على الظرفية أو المفعوليّة وهو اختيار سيبويه، وردّه أبو حيّان لوجود فاصل أجنبي بين المصدر ومعموله.

[47] أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي، والجملة نعت لفدية في محلّ رفع.

[48] يجوز أن يكون مفعولا به ل (تطوّع)... انظر الآية (158).

[49] أو يتعلّق بخير فهو اسم تفضيل.

[50] أو يتعلق بخير فهو اسم تفضيل.

[51] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة(1/ 86).

[52] هو عويمر بن مالك بن قيس بن أمية الانصاري الخزرجي، أبو الدرداء: صحابي، من الحكماء الفرسان القضاة. كان قبل البعثة تاجرا في المدينة، ثم انقطع للعبادة. ولما ظهر الإسلام اشتهر بالشجاعة والنسك. وفي الحديث " عويمر حكيم أمتي " و " نعم الفارس عويمر ". وولاه معاوية قضاء دمشق بأمر عمر بن الخطاب، وهو أول قاض بها. قال ابن الجزري: كان من العلماء الحكماء. وهو أحد الذين جمعوا القرآن، حفظا، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف. مات بالشام. وروى عنه أهل الحديث 179 حديثا.انظر الأعلام للزركلي (5/ 98).

[53] عبد الله بن رواحة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن عبد بن عمرو بن امرئ القيس بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، عقبي بدري، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بعد جعفر سنة ثمان، استشهد يوم مؤتة أحد النقباء، له في الإسلام المناقب المذكورة، والأيام المشهورة كان حارس النبي صلى الله عليه وسلم وشاعره، أرجز بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة معتمرا في عمرة القضاء، روى عنه أنس بن مالك - انظر ترجمته في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني.

[54] الحديث أخرجه البخاري برقم/ 1809 - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر.

[55] انظرحديث رقم: 5428 في صحيح الجامع للألباني.

[56] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 264).

[57] انظر معالم التنزيل للبغوي - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع (1 / 197).

[58] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 263).

[59] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق (2/ 371).

[60] يجوز أن يكون مبتدأ خبره (الذي أنزل فيه القرآن)، وأجاز العكبريّ أن يكون الخبر قوله (فمن شهد منكم...) على زيادة الفاء في الخبر لأن المبتدأ وصف بما يحمل معنى الشرط وهو (الذي).

[61] يجوز أن يكون مفعولا به (انظر الحاشية 1 الآية 184).

[62] الآية (184).

[63] يجوز أن تكون موصولة في محلّ جرّ متعلّق ب (تكبّروا)، والعائد محذوف أي: هداكموه.

[64] انظر معالم التنزيل للبغوي - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع (1 / 198).

[65] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 86).

[66] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري،تحقيق أحمد محمد شاكر - الناشر: مؤسسة الرسالة (3/ 479 / 2903).

[67] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 374).

[68] في الآية السابقة (185).

[69] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي الناشر: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت - لبنان( 1/ 74)

[70] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة(1/ 87).

[71] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 377).

[72] أو متعلّق بمحذوف تقديره (أن ترفثوا ليلة الصيام إلى نسائكم). ولا يصحّ عند بعضهم تعليقه بالرفث المذكور لأنّ معمول المصدر لا يتقدّم عليه.

[73] نزّل المستقبل القريب في الأمر منزلة الحاضر فتعلّق الظرف بالأمر، ويجوز أن يحمل الكلام على معناه، أي فالآن قد أبحنا لكم مباشرتهنّ، فالتعليق بفعل محذوف وهو (أبحنا).

[74] أو بمحذوف حال من الصيام.

[75] أو اسم بمعنى مثل في محلّ نصب نعت لمصدر محذوف تقديره بيانا مثل هذا البيان.

[76] في الآية (185) من هذه السورة.

[77] قال في الصحيح المسند من أسباب النزول المحدث العلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادى الوادعى - رحمه الله - بتحقيقه - ص (25) الحديث أعاده الإمام البخاري في كتاب التفسير مع تغيير في بعض السند وفي تصريح أبي إسحاق بالسماع ولفظ متنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله تعالى: ﴿ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾ الآية. وظاهرهما التغاير لكن لا مانع من أن تكون نزلت في هؤلاء وفي هؤلاء.
ورواه أبو دواد ج2 ص265 والنسائي ج4 ص121 وقد جمع حديثي البخاري فعلمنا أن القضيتين معا كانتا سبب النزول والإمام أحمد ج4 ص295 والدارمي ج2 ص5.

[78] قال في الصحيح المسند من أسباب النزول المحدث العلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادى الوادعى - رحمه الله - بتحقيقه - ص(26 ) الحديث أعاده في التفسير من حديث ابن أبي مريم بالسند الأخير وهو من الأحاديث النادرة التي أعادها بدون تغيير وأخرجه مسلم ج7 ص220.

[79] الإمام، العلامة، البحر، أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي مولاهم، البصري، النحوي، صاحب التصانيف. ولد: في سنة عشر ومائة، في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري. حدث عن: هشام بن عروة، ورؤبة بن العجاج، وأبي عمرو بن العلاء، وطائفة.ولم يكن صاحب حديث، وإنما أوردته لتوسعه في علم اللسان، وأيام الناس. حدث عنه: علي بن المديني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو عثمان المازني، وعمر بن شبة، وعلي بن المغيرة الأثرم، وأبو العيناء، وعدة. حدث ببغداد بجملة من تصانيفه. قال الجاحظ: لم يكن في الأرض جماعي ولا خارجي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني ذكر أبا عبيدة، فأحسن ذكره، وصحح روايته، وقال: كان لا يحكي عن العرب إلا الشيء الصحيح. وقال يحيى بن معين: ليس به بأس. قال المبرد: كان هو والأصمعي متقاربين في النحو، وكان أبو عبيدة أكمل القوم. وقال ابن قتيبة: كان الغريب وأيام العرب أغلب عليه، وكان لا يقيم البيت إذا أنشده، ويخطئ إذا قرأ القرآن نظرا، وكان يبغض العرب، وألف في مثالبها كتبا، وكان يرى رأي الخوارج. قلت: قد كان هذا المرء من بحور العلم، ومع ذلك فلم يكن بالماهر بكتاب الله، ولا العارف بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد، بلى، وكان معافى من معرفة حكمة الأوائل، والمنطق، وأقسام الفلسفة، وله نظر في المعقول، ولم يقع لنا شيء من عوالي روايته.اهـ - انظر سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف (9/ 447)

[80] انظر معالم التنزيل للبغوي - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع (1 / 207).

[81] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4/ 281).

[82] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة (1/ 87).

[83] علي بن أبي طلحة، واسمه سالم، بن المخارق الهاشمي، أبو الحسن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو طلحة مولى العباس بن عبد المطلب، أصله من الجزيرة، وانتقل إلى حمص. قال أبو الحسن الميموني، عن أحمد بن حنبل: علي بن أبي طلحة له أشياء منكرات وهو من أهل حمص. وقال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود سئل عن علي بن أبي طلحة، فقال: هو إن شاء الله في الحديث مستقيم، ولكن له رأي سوء كان يري السيف، وقد رأى حجاج الأعور، وروى عنه سفيان الثوري والحسن بن صالح, وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم عن دحيم: لم يسمع من ابن عباس التفسير. وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات "، وقال: روى عن ابن عباس الناسخ والمنسوخ ولم يره, ومات علي بن أبي طلحة سنة ثلاث وأربعين ومئة. - نقلاً عن تهذيب الكمال للمزي بتصرف يسير.

[84] ابن أبي حاتم (240 - 327 هـ = 854 - 938 م) هو عبد الرحمن بن محمد أبي حاتم ابن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي، أبو محمد: حافظ للحديث، من كبارهم. كان منزله في درب حنظلة بالري، وإليهما نسبته. له تصانيف، منها (الجرح والتعديل) ثمانية مجلدات منه، و (التفسير) عدة مجلدات، منها جزآن مخطوطان، و (الرد على الجهمية) كبير، و (علل الحديث) جزآن، و (المسند) كبير، و (الكنى) و (الفوائد الكبرى) و (المراسيل) و (تقدمة المعرفة بكتاب الجرح والتعديل)... انظر الإعلام للزركلي - بنصرف يسير (3 / 324)

[85] محمد بن كعب بن حيان بن سليم، الإمام، العلامة، الصادق، أبو حمزة - وقيل: أبو عبد الله - القرظي، المدني، من حلفاء الأوس، وكان أبوه كعب من سبي بني قريظة، سكن الكوفة، ثم المدينة. كان لمحمد بن كعب جلساء من أعلم الناس بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة، فأصابتهم زلزلة، فسقط عليهم المسجد، فماتوا جميعا تحته. قال أبو معشر، وجماعة: توفي سنة ثمان ومائة, وقال الواقدي، وخليفة، والفلاس، وجماعة: مات سنة سبع عشرة. قال الواقدي، وجماعة: وهو ابن ثمان وسبعين سنة, وقال محمد بن عبد الله بن نمير: سنة تسع عشرة. وقال ابن المديني، وابن معين، وابن سعد: سنة عشرين ومائة. انظر سير أعلام النبلاء للذهبي - بتصرف يسير (5/ 66) انظر سير أعلام النبلاء للذهبي - بتصرف يسير (5/ 66).

[86] أي يمكث.

[87] تفسير القرآن العظيم لابن كثير - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع( 1/ 519).

[88] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر - الناشر: مؤسسة الرسالة ( 3 / 547 / 3058).

[89] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبدالرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان - دمشق(2/ 383).

[90] يجوز تعليقه بمحذوف حال من (أموالكم)، أي موجودة بينكم.

[91] أي لا تأخذوها بالسبب الباطل، ويجوز أن يكون متعلّقا بمحذوف حال من (أموالكم) أي مستخلصة بالباطل، أو بمحذوف حال من فاعل تأكلوا أي مستعينين بالباطل.

[92] يجوز أن يكون مجزوما بالعطف على (تأكلوا) بتقدير (لا) ناهية محذوفة أي ولا تدلوا...

[93] يجوز تعليقه بمحذوف حال من (أموال الناس)، أو متعلّق ب (تأكلوا).

[94] تفسير العلامة محمد العثيمين - مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (4 / 293).

[95] هو الإمام، الحجة، القدوة، أبو عبد الله العدوي، العمري، المدني، الفقيه. حدث عن: والده؛ أسلم مولى عمر وعن: عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع، وأنس بن مالك وعن: عطاء بن يسار، وعلي بن الحسين، وابن المسيب، وخلق. حدث عنه: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وهشام بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز الدراوردي، وأولاده؛ أسامة، وعبد الله، وعبد الرحمن بنو زيد، وخلق كثير. وكان له حلقة للعلم في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو حازم الأعرج: لقد رأيتنا في مجلس زيد بن أسلم أربعين فقيها، أدنى خصلة فينا التواسي بما في أيدينا، وما رأيت في مجلسه متماريين، ولا متنازعين في حديث لا ينفعنا. أرخ ابنه وفاته: في ذي الحجة، سنة ست وثلاثين ومائة. - انظر سير إعلام النبلاء للذهبي - بتصرف يسير (3/ 56).

[96] أخرجاه في الصحيحين من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - البخاري برقم (2278) - باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه,و مسلم برقم (3232) - باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة.

[97] تفسير القرآن العظيم لابن كثير - الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع( 1/ 521).

[98] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي - الناشر: مؤسسة الرسالة ( 1 / 87).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير ربع: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم (الربع الخامس من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: ولقد جاءكم موسى بالبينات (الربع السادس من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: ما ننسخ من آية أو ننسها (الربع السابع من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)
  • تفسير قوله تعالى: { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب }

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب