• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

بيع التورق

د. علاء شعبان الزعفراني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/6/2015 ميلادي - 13/8/1436 هجري

الزيارات: 15765

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بيع التورق


التورُّق: مأخوذ من الورق، والمراد به المال بجميعِ أنواعه، ويرِد بمعنى الدَّراهم أو الفضَّة، وهو مصطلَح خاصٌّ بعلماء الحنابلة بهذا اللفظ، والمراد به: أن يشتري من يحتاج مالاً سلعةً مؤجَّلة بأكثر من قيمتها حالَّة، ثمَّ يبيعها على أجنبي نقدًا[1].

 

والمسألةُ محلُّ خلافٍ بين العلماء.

تحرير محلِّ النِّزاع:

[1] إذا كان المشترِي غَرَضه التِّجارة، أو غَرضه الانتفاع، أو القنية، فهذا يجوزُ شراؤه إلى أَجَلٍ بالاتفاق[2].

 

[2] أن يكون مقصوده الدَّراهم لحاجتِه لها، وقد تعذَّر عليه أن يَسْتسلِف قرضًا أو غيره، فيشتري سلعةً ليبيعَها ويأخذ ثمنها، فهذا هو التورُّق، وهو محلُّ خلافٍ بين العلماء على أقوال عدَّة.

 

أقوال العلماء وأدلَّتهم في المسألة:

القول الأول: تحريم بيع التورُّق؛ وهو رواية عن الإمام أحمد[3]، اختارها ابنُ تيمية[4]، والإمام ابن القيم[5]، وهو قولُ بعض السلَف[6].

 

واستدلوا بـ:

[1] أنَّ هذا مِن بيع المضطر، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر[7]، والنَّهْي يقتضي التحريم.

 

ونوقش:

بأنَّ الحديث ضعيف - كما سبق - فلا يحتجُّ به.

[2] ما صحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا استقمتَ بنقدٍ، ثمَّ بِعتَ بنقدٍ فلا بأس به، وإذا استقمتَ بنقدٍ، ثمَّ بعتَ بنسيئة فلا خير فِيه؛ تلك وَرِقٌ بوَرِق"[8]، ومعناه: إذا قوَّمتَ السلعةَ بنقدٍ وابتعتها إلى أجَلٍ، وهكذا التورُّق.

 

ويناقش:

(أ) أنَّه يلزمكم على ذلك مَنْع بَيع التقسيط وأنتم تقولون بجوازه، كمَن أراد بذلك الانتفاعَ به لأكلٍ.

(ب) ثمَّ هو قول صحابيٍّ، وفي الاحتجاج به خلاف.

 

[3] أنَّ الله حرَّم الرِّبا؛ لما فيه من ضررِ المحتاج، وهو في حقيقتِه أَخْذ دراهِمَ بدارهم، وهذا المعنى موجود في التورُّق؛ لأنَّه يريد به الدَّراهم، والنِّية معتبرَة في الأحكام.

قال شيخ الإسلام: "وإنَّما الذي أباحه اللهُ البيع والتِّجارة، وهو أن يكون المشتري غَرَضه أن يتَّجر فيها، فأمَّا إذا كان قصده مجرَّد الدَّراهم بدراهم أكثر منها، فهذا لا خير فيه"[9] اهـ.

 

ونوقش:

(أ) أنَّ هذا ليس حجَّة في تحريمه؛ لأنَّ غالب التِّجارة قائمة على البحث عن النقود عن طريق النقود طلبًا للربح، والسلعة المبيعة واسطة في ذلك.

(ب) ثمَّ عموم البلوى[10] بذلك، وقلَّة من يُقرِض يجعل النَّاسَ في حرجٍ لا يأتي الشَّرع بمثلِه، والضَّرر في المنع هنا ليس على البائع وإنَّما على المحتاج، والذي يُفترض أن يوسَّع عليه لا أن يُشقَّ عليه[11].

 

[4] قال الإمام ابن القيم: "وكان شيخنا رحمه الله يَمنع مِن مسألة التورُّق، ورُوجِع فيها مرارًا وأنا حاضر، فلم يرخِّص فيها، وقال: المعنى الذي لأجلِه حرِّم الرِّبا موجودٌ فيها بعينِه، مع زيادة الكلفَة بشراء السِّلعة، وبيعها والخسارة فيها؛ فالشريعة لا تحرِّم الضَّرَر الأدنى، وتبيح ما هو أعلى منه"[12] اهـ.

 

القول الثاني: جواز بيع التورُّق عند الحاجة، وكراهته عند عدمها:

وهو مذهب الحنفيَّة[13]، والمالكية[14]، وهو مذهب الحنابلة[15]، ورخَّص فيه بعضُ السلف[16]، وهو قياس مذهب الشافعية؛ حيث أجازوا العِينة؛ فمِن باب أولى أن يجيزوا التورُّق[17].

 

واستدلوا بـ:

[1] ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [البقرة: 275].

ووجه الدلالة: أنَّها دلَّت على أنَّ الأصل في البيع الإِباحة ما لم يُخرجه دليلٌ عن هذا الأصل.

 

[2] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282].

ووجه الدلالة: أنَّ التورُّق نوعٌ من المداينات التي تدخل في عموم الآية.

 

[3] أنَّ الأصل في المعاملات الحلُّ، إلاَّ ما قام دليلٌ صريح صحيح على مَنْعِه.

 

[4] كما يستدلُّ لذلك بقواعد التيسير في الشرع، وأنَّ الأمر إذا ضاق اتَّسع، وأنَّ الحرج مرفوعٌ عن الأمَّة؛ لأن المتضرِّر هنا هو المحتاج وليس التَّاجر، ولو أنَّ التحريم يفيده ولا يضره لقيل به، لكنَّه في الحقيقة يضرُّه ويزيده ضيقًا، ولو قيل بتحريمها على البائع وجوازها للمُحتاج، لكان له وجهٌ ما، لكن لا يُعرف قائِل بهذا القول؛ ولذا لا يُقال به، ويقال بالجواز؛ لأنَّه أَرفق بالمحتاج في هذا العصر الذي قلَّ فيه مَن يقرض، وإنما قلَّ المقرِضون؛ لقلَّة من يوفِي من المقتَرِضين.

 

[5] أنَّ الحاجة العامَّة تنزل منزلةَ الضرورة[18]؛ فهذا محتاجٌ يريده لزواجٍ، وآخر لدراسة، وآخر لعلاج، والمنع مِن مثل هذا فيه مشقَّة، والحاجة العامَّة إذا وُجدَت أَثبتَت الحكمَ في حقِّ من ليست له حاجة.

قال الموفق ابن قدامة: "ولأنَّ الحاجة العامَّة إذا وُجدت أَثبتت الحكمَ في حقِّ من ليست له حاجة؛ كالسَّلَم، وإباحة اقتناء الكلب للصَّيد والماشية في حقِّ من لا يحتاج إليهما"[19] اهـ.

 

[6] القياس على ما ذُكر في تحرير محلِّ النِّزاع من جواز ذلك بالإجماع إذا كان لأكلٍ أو شرب؛ إذ لا يوجد فَارق مؤثِّر.

 

الترجيح:

والراجح - والله أعلم - هو القول بالجواز:

(1) لقوَّة أدلَّته ووجاهتها.

(2) أنَّ هذا مما تعمُّ به البلوى؛ نظرًا لقلَّة من يُقرِض في هذا الزمن[20].

(3) ثمَّ القول بالتحريم في هذا العصر فيه حرَج عظيم؛ ولذا استقرَّت فتوى عدد من العلماء المعاصرين على القول بالجواز[21].

 

التطبيق المعاصر:

التورُّق موضوعٌ مِن أكثر الموضوعات مناقشة في الفِقه الاقتصادي في السَّنوات الأخيرة، وبناء على الدراساتِ الموجودة وكذلك التَّطبيقات المعاصِرة التي تمَّت، فإنَّ الانحراف في التورُّق يوجَد على النحو الآتي:

تطبيق التورُّق في بعضِ المؤسَّسات المصرفيَّة الإسلامية - نقَلَه من عقد بَيع إلى عقد تمويل بالإقراض والاقتراض، وهذا الانحراف غيَّر من طبيعة التورُّق كليَّة، وكان يجب أن يتغيَّر الحكم بناء على ذلك.

 

والتورُّق الموجود حاليًّا تحت هذا الاسم يجب أن يكون محلَّ مناقشة لتكيِيفٍ جديد، وبالتالي لحكمٍ جديد.

 

هناك أمرٌ آخر: أنَّ التورُّق الذي تكلَّم عنه الفقهاء كان معاملة فردٍ وفرد؛ أي: معاملة شخصيَّة، أما التورُّق المطبَّق حاليًّا، فإنه يتمُّ مؤسَّسيًّا؛ أي: في إطار مؤسَّسة، وليس معاملة فردية صالحة لأَنْ تطبَّق من خلال مؤسَّسة ويبقى لها حكمها[22].

 

وعليه، يمكن القولُ: إنَّ التورُّق مِنه ما هو جائز، ومنه ما هو محرَّم؛ أما الجائز: فهو شراء السلعة مِن تاجرٍ بالأقساط، وبيعها نقدًا لغيره.

 

وأمَّا المحرَّم، فله صورتان:

الأولى: أن تشتري سلعةً بأقساطٍ، وتبيعها على من اشتريتَها منه نفسه، وهو ما يسمَّى "بيع العِينة"، وسمِّيت بالعينة؛ لأنَّ عين السلعة التي باعها رجعَت إليه بعينِها، وهو محرَّم؛ لأنَّه حيلة اتُّخذت للتوصُّل بها إلى القَرْض بزيادةٍ ربويَّة، فصارَت بذلك محرَّمة عند جماهير العلماء.

 

والثانية: "تورُّق البنوك" أو "التورُّق المنظَّم"، وصورته: أن تشتري مِن البنك بضاعةً بالأقساط - وفي الغالب تكون مرابحة - ثمَّ توكِّل البنكَ في بيعها نقدًا، وهذه المعاملة محرَّمة.

 

وقد صدر قرارٌ من "المجمعِ الفقهي الإسلامي" المنعقد في المدَّة من 19 - 23/ 10/ 1424هـ الذي يوافقه 13 - 17/ 12/ 2003م - فيه تحريم هذه المعاملة، وفيه تحذيرٌ وتنبيهٌ للمصارِف من استغلالِ هذه المعاملةِ على غيرِ وجهها الشرعي، وفيه:

 

"بَعد الاستماع إلى الأبحاث المقدَّمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارَت حوله، تبيَّن للمجلس أنَّ التورُّق الذي تُجريه بعضُ المصارف في الوقت الحاضر هو:

قيام المصرف بعملٍ نمطي، يتمُّ فيه ترتيب بَيْع سلعةٍ (ليست من الذَّهب أو الفضة) من أسواق السِّلع العالميَّة أو غيرها، على المستورِق بثمنٍ آجل، على أن يلتَزِم المصرف - إمَّا بشرطٍ في العقد، أو بحكمِ العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعِها على مشترٍ آخر بثمنٍ حاضر، وتسليم ثمنها للمستورِق.

 

وبَعد النَّظر والدراسة، قرَّر مجلس المجمع ما يلي:

أولاً: عدم جواز التورُّق الذي سبق توصيفُه في التمهيد؛ للأمور الآتية:

1- أنَّ التزام البائع في عقد التورُّقِ بالوكالة في بَيْع السلعة لمشترٍ آخر، أو ترتيب مَن يشتريها - يجعلها شبيهةً بالعِينة الممنوعة شرعًا، سواء أكان الالتزام مشروطًا صراحة، أم بحكمِ العرف والعادة المتَّبَعة.

 

2- أنَّ هذه المعاملة تؤدِّي في كثيرٍ من الحالات إلى الإخلال بشروط القَبْض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.

 

3- أنَّ واقع هذه المعاملة يقوم على مَنْح تمويلٍ نقدي بزيادةٍ من البنك للمستورِق، وعمليَّة البيع والشراء تكون صوريَّة في معظم أحوالها.

 

4- وهذه المعاملة غير التورُّق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق لـ "المجمع" في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازِه بمعاملاتٍ حقيقيَّة وشروط محدَّدة بيَّنها قرارُه؛ وذلك لما بينهما مِن فروقٍ عديدة فصَّلَتِ القولَ فيها البحوثُ المقدَّمة.

 

5- التورُّق الحقيقي يقوم على شراءٍ حقيقي لسلعةٍ بثمنٍ آجِل، تدخل في ملك المشتري، ويقبضها قبضًا حقيقيًّا، وتقع في ضمانه، ثمَّ يقوم ببيعِها هو بثمنٍ حالٍّ لحاجته إليه، قد يتمكَّن من الحصول عليه، وقد لا يتمكَّن، والفرق بين الثمنَين الآجل والحالِّ لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأَ على المعاملة لغرضِ تبريرِ الحصول على زيادةٍ لما قدَّم من تمويلٍ لهذا الشخص بمعاملاتٍ صوريَّة في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبيَّنة التي تجريها بعضُ المصارف.

 

ثانيًا: يوصِي "مجلس المجمع" جميعَ المصارف بتجنُّب المعاملات المحرَّمة؛ امتثالاً لأمر الله تعالى، كما أنَّ المجلس إذ يقدِّر جهودَ المصارف الإسلاميَّة في إنقاذ الأمَّة الإسلاميَّة من بلوى الرِّبا؛ فإنَّه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقيَّة المشروعة دون اللجوءِ إلى معاملاتٍ صوريَّة تؤول إلى كونها تمويلاً محضًا بزيادةٍ ترجع إلى المموِّل"؛ انتهى بتصرُّف يسير.

 

وقال الشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم العثمان:

مسببات القول بعدم جواز التورُّق المصرفي المنظم:

1- الرِّبا.

2- (وهو في معنى ما قبله) أنَّ المستورِق لا يقصد السلعةَ، وإنَّما يقصد النقدَ، والبيعُ الحاصل بيعٌ صورِيٌّ، فتؤول المسألة إلى نقود حالَّة بنقودٍ مؤجَّلة أكثر منها.

 

ومما يدل على صورية البيع:

أنَّ البنك لا يقبض السلعَ الدولية قبضًا حقيقيًّا، ولا يقبض الإيصالات الأصليَّة للمخازن التي تودَع فيها هذه السلع، وهي التي تتداول في البورصة، وتنتقل من يدٍ إلى يد، تنتهي إلى مستهلِك يستطيع أن يتسلَّم بها ما اشتراه.

 

والشأن في المستورِق أشدُّ؛ فهو لا يقبض السلعة قبضًا حقيقيًّا ولا حكميًّا، ومِن ثمَّ فهو يبيع ما لم يقبض، بل ما لم يُعيَّن؛ لأنَّ ما يبيعه البنكُ على العميل جزء مما تملَّكه البنكُ ممَّا هو محدَّد برقم الصنف، وهذا الرَّقم لا يكون للأجزاء الصغيرة، ولكنَّه رقم للوحدة الكبيرة التي يجزِّئها البنكُ على المتورِّقين.

 

3- أنَّ التوكيل للبنك في التورُّق المنظَّم ينافي مقتضى عقد الوكالة؛ لأن ما يعمله البنكُ باعتباره وكيلاً ينافي مصلحةَ المستورِق؛ فهو يبيع السلعةَ بثمنٍ أقل مِن الثَّمن الذي اشترى به المستورق (والعقد إذا كان له مقصود يُراد في جميع صوَرِه، وشُرط فيه ما ينافي ذلك المقصود؛ فقد جمع بين المتناقضين؛ بين إثباتِ المقصود ونَفْيه، فلا يحصل شيء، ومثل هذا الشرط باطلٌ بالاتفاق)، وانضمام الوكالة إلى التورُّق شرط وإن لم يصرَّح به؛ فإنَّه لولا هذه الوكالة لَما قَبِل المستورق بالشراء من البنك ابتداء.

 

4- ضمان المشتري النهائي: فيتَّفق البنكُ مع طرفٍ مستقلٍّ يلتزم بشراء السِّلَع التي يتوسَّط فيها، وهذا الالتزام ضمان للسعر المباع ألاَّ يتجاوز حدودًا معيَّنة؛ حماية من تقلُّب الأسعار، ويقابل هذا الضمان التزام البنك بالبيع عليه، بمعنى أنه لا يحقُّ للبنك أن يبيع السلعَ في السوق حتى ولو ارتفع سعرُها المتَّفق عليه مع المشتري الثاني، وبذلك يكون هذا الضمان من الطرفين: مِن البنك بالبيع على المشتري الثاني، ومِن المشتري بالشراء بالثمن المحدَّد.

 

5- مخالفة التورُّق المنظَّم للتورُّق الذي أجازه جمهورُ الفقهاء، وهذه المخالفة من وجوهٍ، منها:

أ‌- أن البنك يتولَّى بيعَ السلعة التي اشتُريَت منه لمن يشاء، في حين أنَّ المستورق هو الذي يتولى البيعَ في التورُّق الفردي، وليس للبائع الأوَّل علاقة ببيع السلعة ولا بالمشتري النهائي.

 

ب‌- وجود اتِّفاقٍ سابق بين البنك والمشتري النهائي يتضمَّن شراء ما يعرضه البنكُ من سِلَع بالثمن الذي اشتراها به المصرف كما تقدَّم، أمَّا في التورُّق الفردي، فالمستورِق هو الذي يبيع سلعتَه بمثل الثَّمن الذي اشتراها به أو أقل أو أكثر.

 

6- أنَّ التورُّق المنظَّم يدخل في بيع العِينة المحرَّم؛ لأنَّ البنك هو مصدر السيولة للمستورِق في الحالتين، فالنقد يحصل عن طريقِه وبواسطته، ولولا عِلم المشترِي بأنَّ البنك سيوفِّر له النقد الحاضر لاحقًا، لما أقبَل على هذا العمل ابتداءً.

 

7- أنَّ التورُّق المصرفي المنظَّم لا يدخل في بيع العينة الذي أجازه الشافعيُّ؛ لأنَّه يشترط ألاَّ يكون هناك ارتباطٌ بين البيعتين، وألاَّ تظهر نيَّة الحصول على النقد؛ وكِلا الشرطين غير متحققٍ هنا.

 

8- قضاؤه على أهداف البنوك الإسلاميَّة من وجوه:

أ‌- محاكاتها للبنوك الربويَّة في تقديم التمويل، ومنح الائتمان.

ب‌- الاكتفاء به عن صِيَغ الاستثمار الأخرى، وقد تجاوزَت نسبة التورُّق 60% من أعمال التمويل في البنك.

ت‌- الالتباس بين البنك الإسلامي والرِّبوي.

ث‌- إهدار الجهود المبذولة لتوجيهِ البنوك الإسلاميَّة إلى تمويلٍ في صورة استثمار عن طريق المشاركة والمضاربة والسَّلَم ونحوها.

 

9- تهجير أموال المسلمين؛ لأنَّ تجارة التورُّق المنظَّم تكون في السوق الدولية، فتُهجَّر بها أموالُ المسلمين ليستفيد منها غيرُهم.

ثانيًا: قد يقول البعض: إنَّ هذا البيع أباحه كبارُ العلماء؛ فالجواب: أنَّ هذا ليس صحيحًا، فالذين أباحوه هم اللِّجان الشرعية في البنوكِ الإسلاميَّة، أو الفروع الإسلامية في البنوك الرِّبويَّة! مع التنبيه أنَّه ليس كلُّهم أجاز هذه المعاملة.

 

وقد ردَّ كثيرون على القول بالإباحة من تلك اللِّجان الشرعيَّة، وفي قرار "مجلس المجمع الفقهي" التنصيص على هذه المصارف بعنوان القرار ونصه وخاتمته، ولـ أ.د/ خالد المشيقح[23] بحث موسَّع في تحريمِ هذه المعاملة، فليُنظر في "مجلة البحوث الإسلامية"[24].



[1] انظر: الفروع (4/ 171)، كشاف القناع (3/ 186)، دقائق أولي النهى (2/ 158)، معجم مقاييس اللغة (6/ 101)، الصحاح للجوهري (4/ 1564) أو (5/ 441)، القاموس المحيط (4/ 599)، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء (128).
[2] انظر: مجموع الفتاوى (29/ 30، 442).
[3] انظر: الإنصاف (4/ 337)، مجموع الفتاوى (29/ 29، 30، 431، 442).
[4] انظر: المسائل الماردينية (121)، مجموع الفتاوى (29/ 30 - 31، 431، 434، 442، 447، 500، 501، 502، 302، 303، 496)، مختصر الفتاوى المصرية (407)، الاختيارات (129)، القواعد النورانية (143)، الفتاوى الكبرى (4/ 21)، (5/ 392)، (6/ 50، 130).
[5] انظر: إعلام الموقعين (5/ 86-87).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (29/ 442، 431، 447، 500).
[7] أخرجه أحمد (937)، وأبو داود (3382)، وقال ابن عدي في الكامل (5/ 522): فيه عبيدالله الوصافي ضعيف جدًّا، وقال الخطابي في معالم السنن (3/ 74): في إسناده رجلٌ مجهول، وقال ابن القطان في الوهم والإيهام (3/ 64): فيه صالح بن عامر، وهو مجهول، وقال النووي في المجموع (9/ 161): إسناده ضعيف.
[8] أخرجه عبدالرزاق في المصنَّف (15028)، وقال ابن تيمية في بيان الدليل على بطلان التحليل (120): صحيح، وقال ابن القيم في تهذيب السنن (9/ 345): صحيح.
[9] انظر: مجموع الفتاوى (29/ 434، 442).
[10] البلوى في اللغة: مثل البلاء، والبلية، والبلوة: اسمٌ بمعنى الامتحان والاختبار، تقول: بلاه الله بخير أو شرٍّ يبلوه بلوًا، وأبلاه، وابتلاه ابتلاءً؛ أي: امتحنه واختبره. انظر: المصباح المنير (1/ 62)، والقاموس المحيط (1632). وفي الاصطلاح: هو ما يحتاج إليه الكل حاجةً متأكدة تقتضي السؤال عنه، مع كثرة تكرُّره، وقضاء العادة بنقله متواترًا. انظر: التحرير (3/ 112)، وكشف الأسرار (3/ 16)، وحاشية البناني على المحلى (2/ 135). قال ابن بدران في المدخل (212): "والمراد مما تعمُّ به البلوى: ما يكثر التكليف به" اهـ.
[11] انظر: بيع العينة (82)، أحكام الربح (1/ 437).
[12] إعلام الموقعين (5/ 86).
[13] انظر: المبسوط (12/ 188)، شرح فتح القدير (7/ 213)، بدائع الصنائع (5/ 138)، حاشية ابن عابدين (5/ 326).
[14] انظر: بداية المجتهد (2/ 162)، حاشية الدسوقي (3/ 89)، مواهب الجليل (4/ 388 - 403).
[15] انظر: مجموع الفتاوى (29/ 30، 431، 442، 447)، الفروع (4/ 171)، المبدع (4/ 49)، الإنصاف (4/ 337)، الروض المربع (4/ 389)، كشاف القناع (3/ 150، 186)، دقائق أولي النهى (2/ 158)، وما ذكره الحنابلة من الجواز هو بعينه ما ذُكر أنَّه رواية ثانية بالكراهة؛ لأن الجواز مقيد بالحاجة، وعليه فما ذكروا أنه روايتان هو في الحقيقة قولٌ واحد.
[16] انظر: الفتاوى الكبرى (6/ 50).
[17] انظر: بيع العينة (78)، أحكام الربح (1/ 435)، وانظر في بيع العينة عندهم: أسنى المطالب (2/ 40 - 42)، نهاية المحتاج (3/ 477)، تحفة المحتاج (4/ 323).
[18] انظر: المنثور للزركشي (2/ 24)، الموسوعة الفقهية الكويتية (16/ 256 - 257).
[19] المغني (3/ 134).
[20] انظر: عموم البلوى (467).
[21] انظر: بيع العينة (82)، أحكام الربح (1/ 436)، مجموع فتاوى محمد بن إبراهيم (7/ 61)، مجلة البحوث الإسلامية، عدد 7 ص132، رسائل فقهية؛ لابن عثيمين (107)، مع أن الشيخ ابن عثيمين قيَّده ببعض القيود، وهي: قيد الحاجة، وعدم وجود من يُقرضه، وألاَّ يكون فيه صورة الرِّبا؛ أصل المسألة السابق مستفادٌ من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية الفقهية؛ د. عبدالله بن مبارك بن عبدالله آل سيف (6/ 177) بتصرف وزيادة.
[22] انظر: الأسواق المالية في الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المعاصر صـ 448، د. رفعت العوضي، بحث منشور بالتقرير السنوي المحكم الذي يصدر عن مجلة البيان، الإصدار الثامن 1432هـ - 2011م.
[23] هو: أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حاليًّا.
[24] (73/ 234 - 237)، ويوجد ردود من الدكتور علي السالوس، والدكتور سامي سويلم، والدكتور عبدالله بن حسن السعيدي - وكلاهما قدَّم بحثًا في المسألة لمجلس المجمع الفقهي - والشيخ عبدالرحمن العثمان، والدكتور محمد بن عبدالله الشباني.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التورق وتطبيقاته المصرفية المعاصرة في الفقه الإسلامي
  • التورق والتورق المصرفي
  • بيع المزابنة
  • حكم التورق
  • حكم التورق المنظم

مختارات من الشبكة

  • الفرق بين بيع المضطر وبيع المكره وبيع التلجئة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الوفاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم بيع الوفاء(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • بيع الاستجرار (بيع أهل المدينة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الدين بالدين(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تعريف البيع بالتقسيط وحكمه وأدلة الجمهور على جوازه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سود أخيه(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • حكم بيع الرجل على بيع أخيه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم التلفظ في البيع وبيع المعاطاة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب