• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: اشتداد المحن بداية الفرج
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: إن الله لا يحب المسرفين
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع الثاني من سورة الأنعام بأسلوب بسيط

رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/5/2015 ميلادي - 20/7/1436 هجري

الزيارات: 16043

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1]

تفسير الربع الثاني من سورة الأنعام بأسلوب بسيط


 

الآية 13، والآية 14: ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾: أي وَللهِ تعالى مُلكُ كل شيءٍ في السموات والأرض (سَكَنَ أو تحرَّك، خَفِيَ أو ظهر)، فالجميع عبيده وخلقه، وتحت قهره وتصَرُّفه وتدبيره، ومِن هنا وَجَبَ اللجوء إليه، والتوكل عليه، والانقياد لأمره ونهيه، ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لأقوال عباده ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بأفعالهم الظاهرة والباطنة.


• واعلم أنَّ في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾، محذوفاً (بلاغياً) تقديره: (وَلَهُ مَا سَكَنَ وتحرك فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)، لأن كل متحرك يَؤول أمْرُهُ إلى سكون، وذلك كَقوْلِهِ في آيةٍ أخرى: ﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾ أي ملابس تحميكم من الحر والبرد، فاكتفى بذِكر أحدهما لِيَدُلّ على الآخَر.


• ومن الممكن أن يكون المراد أنّ له سبحانه كل ما حَلَّ في الليل والنهار (متحركًا كان أو ساكنًا)، كما يُقال: (فلان سَكَنَ ببلدٍ) أي حَلَّ فيه.


• ثم أمَرَ تعالى رسوله أن يَرُدّ على المشركين الذين يريدونه أن يوافقهم على شِركِهم، وأن يَعبد معهم آلهتهم، فقال له: ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا ﴾: يعني أغيرَ الله تعالى أتخذ وليًّا ونصيرًا، أعبده كما اتخذتم أنتم أيها المشركون أولياء عَجَزَة تعبدونهم، إنَّ هذا لن يكونَ أبداً، لأنه سبحانه هو وحده ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾: أي خالق السموات والأرض وما فيهنّ، ﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ﴾: يعني وهو الذي يُطعِمُ خَلقه لافتقارهم إليه، ولا يُطعِمُهُ أحد لِغِناه المُطلَق عن ذلك، إذ هو سبحانه ليس بمحتاجٍ إلى رزق، ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ﴾: أي أول مَن خضع لله وانقاد له بالعبودية مِن هذه الأمة، وقيل لي: ﴿ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ الذين يعبدون مع الله غيره من مخلوقاته.


الآية 17: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ﴾: يعني وإن يُصِبْكَ اللهُ بشيءٍ يَضرك كالفقر والمرض والحزن: ﴿ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ﴾ ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ ﴾: يعني وإن يُصِبْكَ بخيرٍ كالغِنَى والصحة والفرح: فلا رادَّ لِفضله، ولا مانعَ لِقضائه ﴿ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.


• وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا غلام، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ: لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء: لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 7957).


الآية 19: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لهؤلاء المشركين: ﴿ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ﴾: يعني: أيُّ شيء أعظم شهادة في إثبات صِدقي فيما أخبرتكم به أني رسول الله؟ ﴿ قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾: أي هو سبحانه العالِمُ بما جئتكم به، وهو العالِمُ بما أنتم قائلونه لي، فشهادته تعالى لي بالنبوة هي ما أعطاه لي من المعجزات الباهرة (كانشقاق القمر وغير ذلك)، وكذلك وَحْيُهُ إليّ بهذا القرآن الذي أنذركم به، والذي لا يستطيع أن يقوله بشر، وأنتم تعلمون ذلك لأنكم أبلغ البشر، ولهذا قال بعدها: ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ ﴾: أي مِن أجل أن أنذركم به عذابَ الله أن يَحلَّ بكم، ﴿ وَمَنْ بَلَغَ ﴾: يعني ولأنذر به كل مَن وصل إليه هذا القرآن، قال القرطبي رحمه الله: (مَن بَلغه القرآن، فكأنما قد رأي محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع منه)، وفي هذا دليلٌ على أنّ الأصل أن يُعذَرَ الإنسانُ بجهله حتى يبلغه العلم.


• ولما بيّن تعالى شهادته بصِدق نبيه (وهي أكبر الشهادات على التوحيد)، أمَرَهُ أن يُنكِرَ عليهم الشرك بقوله: ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى ﴾: يعني إنكم لَتُقِرُّون أنَّ مع اللهِ معبوداتٍ أخرى تشركونها به في العبادة، ﴿ قُلْ ﴾: أما أنا فـ ﴿ لَا أَشْهَدُ ﴾ على ما أقررتم به، ولا أعترف بهذه الأصنام والأحجار التي تعبدونها جهلاً وعناداً، ثم أمره تعالى بعد ذلك أن يقرر ألوهية الله وحده، وأن يتبرأ من آلهتهم المزعومة، فقال له: ﴿ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ لا شريك له، وهو الله الواحد الأحد الصمد (أي السيد الذي يُلجأ إليه عند الشدائد والحوائج)، ﴿ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴾.


الآية 20: ﴿ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ ﴾: أي الذين آتيناهم التوراة والإنجيل، يعرفون محمدًا صلى الله عليه وسلم بصفاته المكتوبة عندهم ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ﴾، فكما أنَّ أبناءهم لا يَشتَبِهون عليهم بغيرهم، فكذلك محمد صلى الله عليه وسلم لا يَشتَبِه عليهم بغيره، لِدقة وَصْفِهِ في كُتبهم، ولكنهم اتبعوا أهواءهم، فخسروا أنفسهم حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، ولهذا قال: ﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.


الآية 21: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾: يعني لا أحد أشَدّ ظلمًا ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ فزعم أنّ له شركاء في العبادة، أو ادَّعى أنّ له ولدًا أو زوجة، ﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ ﴾: يعني أو كَذَّبَ ببراهينه وأدلته التي أيَّدَ بها رسله، ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾: يعني إن الظالمين الذين افتروا على الله الكذب لا يُفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يَنجون من عذاب الله يوم القيامة.


الآية 22، والآية 23، والآية 24: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾ ﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾: يعني أين آلهتكم التي كنتم تزعمون أنهم شركاء مع الله تعالى ليشفعوا لكم؟، ﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ﴾: يعني: ثم لم تكن إجابتهم حين فُتِنوا بالسؤال عن شركائهم ﴿ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾: يعني أنهم تبرؤوا منهم، وأقسموا بالله ربهم أنهم لم يكونوا مشركين معه غيره، وذلك لأنهم قد رأوا أن المشركين لا يُغفَرُ لهم ولا يَنجون من عذاب الله.


• ثم أمر الله رسوله أن يتعجب من هذا الموقف المُخزي لهم، فقال له: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ حين تبرؤوا من الشرك؟ ﴿ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾: أي ذهب وغاب عنهم ما كانوا يظنونه من شفاعة آلهتهم لهم يوم القيامة.


الآية 25: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ﴾: يعني ومِن هؤلاء المشركين مَن يستمع إلى القرآن الذي تتلوه، فلا يصل إلى قلوبهم، لأنهم - بسبب اتباعهم أهواءهم: ﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا ﴾: أي جعلنا على قلوبهم أغطية، حتى لا يفقهوا القرآن، وجعلنا في آذانهم ثِقلاً وصَممًا فلا تسمع ولا تفهم شيئًا، ﴿ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا ﴾: يعني وإن يروا الآيات الكثيرة الدالة على صِدق محمد صلى الله عليه وسلم، لا يُصَدِّقوا بها، ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ ﴾ أيها الرسول بعد معاينة الآيات الدالة على صِدقك: تراهم ﴿ يُجَادِلُونَكَ ﴾ فـ﴿ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ - ظلماً وتكبراً -: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾: يعني ما هذا الذي نسمع إلا ما تناقله الأولون مِن حكاياتٍ لا حقيقة لها - وهذا مِن جهلهم وعنادهم - وإلاَّ، فكيف يكون هذا الكتاب الحاوي لأنباء السابقين واللاحقين، والحقائق التي جاءت بها الأنبياء والمرسلون، والحق والقسط والعدل التام من كل وجه، أساطيرَ الأولين؟!


الآية 26: ﴿ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ﴾: يعني: وهؤلاء المشركون ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع إليه، (﴿ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ﴾: يعني ويبتعدون بأنفسهم عنه، ﴿ وَإِنْ يُهْلِكُونَ ﴾: أي وما يُهلكون - بصدهم عن سبيل الله - ﴿ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ﴾ ﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ أنهم يَسعون في هلاكها.


الآية 27، والآية 28: (﴿ وَلَوْ تَرَى ﴾) أيها الرسول هؤلاء المشركين يوم القيامة لرأيتَ أمراً عظيماً ﴿ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ﴾: يعني حين يُحْبَسون على النار، ويشاهدون ما فيها من السلاسل والحميم، فلما رأوا بأعينهم تلك الأهوال والأمور العِظام: ﴿ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ ﴾ إلى الحياة الدنيا، فنُصَدق بآيات الله ونعمل بها، ﴿ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ﴿ بَلْ ﴾: أي وما هم بصادقين في ذلك القول، وإنما هي تمنيات حملهم عليها الخوف من نار جهنم وفضيحتهم أمام أتباعهم حين ﴿ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ﴾: يعني حين ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يَعلمونه مِن صِدق ما جاءت به الرسل في الدنيا (رغم أنهم كانوا يُظهرون لأتباعهم خلاف ذلك)، ﴿ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ﴾: يعني ولو فُرِضَ أنهم أُعيدوا إلى الدنيا فأُمْهِلوا ليتوبوا من الشرك والمعاصي والعِناد: لَرَجَعوا إلى ما كانوا عليه، ﴿ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ في قولهم: (لو رُدِدْنا إلى الدنيا: لم نُكذب بآيات ربنا، وكنا من المؤمنين).


• وَمِن لطيف ما يُذكَرُ في قوله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ ﴾، أنني - شخصياً - قد رأيتُ في مَنامي بأنَّ القيامة قد قامت، وأنَّ الخلقَ واقفونَ في الظلام، ينتظرون العرضَ على اللهِ جَلَّ وَعَلا، فقلتُ - ما مَضمونه - : (هل سأُعْرَضُ الآنَ حقاً على اللِه تعالى، ليحاسبني على كل صغيرةٍ وكبيرة، على كل نعمةٍ وكل ذنب، لا، أنا لستُ مستعداً الآن للقاء اللهِ جَلَّ وَعَلا، يارب، أرْجِعْنِي إلى الدنيا مرة أخرى حتى أستقيمَ على طاعتِك، وأتوبَ من كل الذنوب، وأستعد للقائك)، وأخذتُ أتضرعُ إلى اللهِ تعالى حتى استيقظتُ من النوم، هنا فقط - بعد أن رَدَّ اللهُ عليَّ روحي - أدركتُ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم - عندما كانَ يستيقظ مِن نومِه: (الحمد لله الذي عافاني في جسدي، وَرَدَّ عَليَّ رُوحي، وأذِنَ لي بذِكْره)، أدركتُ أنَّ كلَ يومٍ من عمري هو - ببساطة - فرصة عظيمة لاستدراك ما فات من الذنوب والعمل الصالح، وأنَّ المَوْتَى يَتمنونَ يوماً واحداً من أيامي، ولو يشترونه بالدنيا وما عليها، فأنتَ الآنَ في أمنيتهم، فاعملْ يا عبدَ اللهِ قبل أن تنامَ فلا تقوم.


الآية 30: ﴿ وَلَوْ تَرَى ﴾ حال مُنكِري البعث يوم القيامة لرأيتَ أسوأ حال، ﴿ إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ ﴾: أي حين يُحْبَسون بين يدي الله تعالى لقضائه فيهم، (﴿ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ﴾): يعني: أليس هذا البعث - الذي كنتم تنكرونه في الدنيا - حقًّا؟ (﴿ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا ﴾ إنه لَحَقّ، ﴿ قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾: أي فذوقوا العذاب الذي كنتم تكذبون به في الدنيا، بسبب جحودكم بعبادة الله تعالى وحده، وبسبب تكبركم عن الإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم.


الآية 31: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ﴾: أي خسروا أنفسهم في جهنم، حيث باعوا الإيمان بالكفر، والتوحيد بالشرك، والطاعة بالمعاصي، فقد خسروا كل شيء يمكن إحرازه من الثواب العظيم، واستمر تكذيبهم  (﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ﴾: أي حتى إذا قامت القيامة فجأة وهم على أقبح حال، وفوجئوا بسوء المصير: أظهَروا غاية الندم، فـ﴿ قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ﴾: يعني يا حسرتنا على ما ضيَّعناه في حياتنا الدنيا، وقد قالوا ذلك ﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ ﴾: أي أحمال ذنوبهم  ﴿ عَلَى ظُهُورِهِمْ ﴾ (إذ الوِزر هو الحِمل الثقيل)، ﴿ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ﴾: يعني فما أسوأ هذه الأحمال الثقيلة السيئة التي يحملونها!!


الآية 32: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ في غالب أحوالها ﴿ إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾: يعني إلا غرور وباطل، ﴿ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾: أي والعمل الصالح لِلدار الآخرة خيرٌ للذين يَخشون الله تعالى، فيتقون عذابه بطاعته واجتناب معاصيه، ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ أيها المُغترون بزينة الحياة الدنيا، فتقدِّموا ما يَبقى على ما يَفنى؟


الآية 33: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ﴾: أي إنا لَنَعلم إنه ليُدْخِل الحزنَ إلى قلبك تكذيبُ قومك لك في الظاهر، فاصبر واطمئن ﴿ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ ﴾ في قرارة أنفسهم، بل يعتقدون صِدقك، ﴿ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾: أي ولكنهم - لِظلمهم وعُدوانهم - يجحدون البراهين الواضحة على ِصدقك، فيكذبونك فيما جئتَ به.


• وقد ثبتَ أنّ الأخنَس بن شريق - قبل إسلامه - أتى أبا جهل، فقال له: (يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعتَ مِن محمد؟)، فقال أبو جهل: (تنازعنا نحن وبنو عبد مَناف الشرف) - وبنو عبد مَناف هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم مِن نَسْلِهِم - ، ثم قال أبو جهل موضحاً له التنافس الذي كان بينهم وبين بنو عبد مناف: (أطعَموا فأطعمنا، وحَمَلوا فحَمَلنا، وأعطَوا فأعطينا، حتى إذا تجاثَيْنا على الرُكَب - يعني حتى إذا اشتد السباق بيننا - وكُنَّا كَفَرَسَي رَهَان، قالوا: مِنّا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى نُدرِك نحن هذه؟!، والله لا نؤمن أبداً ولا نصدقه)، فقام الأخنس وتركه.


الآية 34: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا ﴾ ﴿ وَأُوذُوا ﴾ في سبيل الله، فصبروا على ذلك ومضوا في دعوتهم وجهادهم ﴿ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ﴾ ﴿ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾: والمقصود بكلمات الله: ما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مِن وَعْدِهِ إياه بالنصر على مَن عاداه، ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾: يعني ولقد جاءك أيها الرسول مِن خبر مَن كان قبلك من الرسل، وما تحقق لهم من نصر الله، وما جرى على مُكَذبيهم من انتقام الله منهم وغضبه عليهم، فليَكُن لك فيهم القدوة في الصبر، حتى يأتيك نصرنا على أعدائك، (وفي هذا تسلية وتصبير للرسول صلى الله عليه وسلم).


الآية 35: ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ ﴾ أي: شَقَّ ﴿ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ ﴾ عن الاستجابة لدعوتك - وذلك مِن شدة حرصك عليهم - فأردتَ أن تأتيهم بآيةٍ تُرغِمهم على الإيمان برسالتك، كما يطلبون منك ويُلِحُّون عليك، وهم كاذبون، لأنهم لا يريدون إلا العناد: ﴿ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ ﴾: يعني فإن استطعتَ أن تتخذ نفقًا في الأرض، أو مصعدًا تصعد فيه إلى السماء، فتأتيهم بعلامة وبرهان على صحة قولك غير الذي جئناهم به حتى ترضيهم فافعل، فإنه لا يفيدهم ذلك شيئا، وهذا ما لا تستطيعه لأنه فوق طاقتك فلا تُكَلَّف به، وليس في مقدورك أن تهدي مَن لم يُرد الله هدايته، وإذاً فما عليك إلا الصبر، وفي هذا قطْعٌ لطمعه صلى الله عليه وسلم في هداية هؤلاء المعاندين.


﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى ﴾ الذي أنت وأصحابك عليه، ولَوَفَّقهم للإيمان، ولكنه لم يشأ ذلك لِحكمةٍ يعلمها سبحانه، ﴿ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾: أي فلا تقف موقف الجاهلين الذين لا يعرفون حقائق الأمور، فاشتد بذلك حزنهم وحسرتهم، فلا تطلب ما لا يريده ربك، فإنك إذا فعلتَ ذلك كنتَ من الجاهلين، ولا نريد لك ذلك، ولا يليق هذا بمثلك، وهذا كلّه تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وحَمْلٌ له على الصبر، وهو لكلّ داعٍ إلى الله تعالى يواجه التكذيب والعِناد إلى يوم الدين.



[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.

• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الأول من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثالث من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الرابع من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الخامس من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع السادس من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع السابع من سورة الأنعام بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثامن من سورة الأنعام بأسلوب بسيط

مختارات من الشبكة

  • تفسير الربع الأخير من سورة الأنعام بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع التاسع من سورة الأنعام بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الأخير من سورة يوسف كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الرابع من سورة يوسف كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الثالث من سورة يوسف كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الثاني من سورة يوسف كاملاً بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الأول من سورة يوسف كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الأخير من سورة هود كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الخامس من سورة هود كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الرابع من سورة هود كاملا بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- بعد أن كنتَ في تعداد الموتى أحياك الله مرة أخرى
عصام محمد فكرى - مصر 09-05-2015 04:08 PM

السلام عليكم أخي رامي، الحمد لله الذي أحياك بعد هذه الرؤيا الطيبة لينفع الله بك الأمة في تسهيل تفسير كتابه وحتى تمتعنا بهذا الأسلوب الجميل

3- أول مرة أفهم معنى الله الصمد
احمد ربيع - Egypt 09-05-2015 03:56 PM

أول مرة أفهم أن معنى الصمد (أي السيد الذي يُلجأ إليه عند الشدائد والحوائج)، وعلى هذا فينبغي للعبد عند قراءة قول الله تعالى: (الله الصمد) أن يستشعر الافتقار وشدة الاحتياج إلى الله تعالى

2- إعجاب
سيد - مصر 09-05-2015 03:49 PM

أعجبتني جداً هذه الجملة:
(واعلم أنَّ في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾، محذوفاً (بلاغياً) تقديره: (وَلَهُ مَا سَكَنَ وتحرك فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)، لأن كل متحرك يَؤول أمْرُهُ إلى سكون، وذلك كَقوْلِهِ في آيةٍ أخرى: ﴿ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ﴾ أي ملابس تحميكم من الحر والبرد، فاكتفى بذِكر أحدهما لِيَدُلّ على الآخَر).

1- أثرت في الرؤيا كثيرا
mohsen magec mohammed - مصر 09-05-2015 03:47 PM

السلام عليكم
والله لقد أثرت في الرؤيا تأثيراً كثيراً

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب