• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

الولاية والأولياء

الولاية والأولياء
إبراهيم شعبان يوسف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2015 ميلادي - 15/7/1436 هجري

الزيارات: 10646

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الولاية والأولياء


الوَلاية: كلمةٌ لها معانٍ عدَّة؛ فمنها: الرئاسةُ والإمارة، ومنها: الصداقة والصحبة، ومنها: النصير والظهير، وأعلى الوَلاية وأزكاها، وأقدسها وأسماها: ما كانت وَلايةً لله سبحانه وتعالى؛ بمعنى الذل له، والإيمان به، والخوف منه، والقيام بأمره، والحب فيه، والبغض من أجله، والرجاء فيما عنده من الفضل، واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام، وتقديم قول الله ورسوله على ما سواهما مَهما كان أمرُه وعظم شأنه.

 

فمَن كان حالُه هكذا، فهو الوَلي لله حقًّا وكان اللهُ وليَّه.

 

والآياتُ في هذا السبيل كثيرةٌ؛ وعلى سبيل المثال قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ﴾ [محمد: 11]، ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 9]، ما أروع تمام الآية، حين حدد فيها الوَلي الجدير باتخاذه وليًّا، ونعتَ بأن الذي يحيي الموتى هو الذي يُتَّخذ وليًّا، يُعبَد ويرجى، وأن القادر على كل شيء هو الخليقُ بالوَلاية، وما أجمل الآيات حين تنفي أحقيَّة الوَلاية عن غير الله فتقول: ﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113]، ﴿ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [السجدة: 4]! ثم ما لنا نذهب بعيدًا، ونحن أتباعُ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث يردد قولَ الله تعالى: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196]؟ فمن يا ترى غير الله نزَّل القرآنَ العظيم على رسولنا الأمين حتى نتَّخذه وليًّا من دون الله؟ لا أحد.

 

ولكن يأبى أصحابُ الفِطَر المنتكِسة إلاَّ أن يرموا أهلَ التوحيد بكلِّ قاصمة داهيةٍ، من قولهم: إنكم لا تعترفون بالأولياء ولا تحبونهم، وتنفرون الناسَ من حولهم، وتجهلون قولَ الله فيهم: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [يونس: 62]، ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [يونس: 64]، ولا أدري لماذا تركوا آية الشرط للوَلاية؛ وهي قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 63]، فيا ترى: أيجهلونها، أم يتعمدون تركَها؟ مع أن أحلاهما مر.

 

مع أننا لو سألنا عاشقي الأولياء - الذين لم يعلَموا ما يؤهلهم للوَلاية - عن الآيات في أيِّ سورة، لم يعرفوا، ولو علموا وسألناهم عن شرط الآية فيها لَعجزوا، ولو عرفوا وسألناهم عن بشارةِ الدَّارين لتوقَّف قولُهم؛ إذ لو أدركوا ذلك كلَّه لكانوا أهلَ توحيد، ولأمسَكوا عن اتِّهام البرآء.

 

وأغلبُ الظنِّ الذي هو في صورة اليقين أنهم لا يُدركون هذا.

 

ثم سؤالٌ آخر: مَن هم الأولياء الذين تَزعمون أنهم أولياء؟ هل هم الذين يَبُولون على أنفسهم، ويلبسون الأجولة، أصحاب السيوف الخشبيَّة، والأسواط المفتولة، الذين لا يقيمون الصلاةَ بدعوى أنهم أهلُ كشفٍ وخطوة وصلاتهم بالمسجد الحرام بمكة؟

أم هم أصحابُ الإِتاوات المضروبة على مُريديهم في القرى والأمصار؟ حتى إذا ماتوا بُنيَت لهم القِبَابُ فوق قبورهم، وضربت في السماء طولاً، وأُقيمت عليها المساجد، وأصبحَت هذه القبورُ قِبلةً تُزار من كلِّ قادمٍ، يجدِّد روادُها ما تناثرَ منها، ويجلُون صدَأها، ويغمرونها بأطيب الطيبِ، ويفرشونها بأجود الطَّنافس، ويشعلون فيها أقوى المصابيح، ويصلُّون إليه زاعمين أنه شيخُ العرب، وقطبُ الرجال، وشيَّال "الحمول"، وباب الرسول، وكاشف الكُرُبات، ومنقذُ الشباب، وحارس الوادي، وجالب الأُسارى، ومزوج العَذارَى، والقطب الغوث؛ من استغاث به أجار، ومن قصده لا يخيب... إلى ما لا نهايةَ في أوراد القبوريِّين أرباب الأصنام حُماة الوثنية؟

 

فإن كان الأولياءُ الذين يدافعُ عنهم هؤلاء الطُّغمة من الجهلة على هذه الوتيرة، فهم أبعد ما يكونون عن وَلاية الرحمن، بل هم بحقٍّ أولياءُ الخنَّاس، أعداءُ ربِّ الناس، ثم هم مع هذا الفهم الهزيل، والعقل السقيم، يكونون قد أنكروا على الصحابة، الذين هم في محلِّ الصدارة من هذه الأمَّة، وعِلية البشر بعد الرسل؛ إذ لم يكونوا على هذا النسق، بل كانوا رضي الله عنهم رهبانَ الليل فرسانَ النهار، يحبسون أنفسَهم على العمل بأحكام دينهم، ولا يتكفَّفون الناسَ ولا يسألونهم إلحافًا، بل يعملون في الدنيا للعفاف والإنفاق، حتى ولو احتِطابًا، ويعملون للآخرة رغبةَ الفردوسِ الأعلى، وبالجملة يفقدهم ربُّهم حيث نهاهم، ويجدهم حيث أمَرَهم، ومع هذا مات أكثرُهم مُضرَّجين بدمائهم شهداء في سبيل الله، ومن مات منهم على فراشِه تألَّم، كما قال خالدُ بن الوَليد رضي الله عنه: "غزوت كثيرًا وما هُزمت في الجاهلية أو الإسلام، وليس في جسدي موضعٌ إلا وبه ضربة بسيفٍ أو طعنة برمح، وكم كنت أودُّ القتلَ في سبيل الله، ويأبى اللهُ إلا أن أموت على فِراشي كما يموتُ البعير، فلا نامت أعين الجُبناء، فإذا متُّ فانظروا في فرسي وسلاحي واجعلُوهما في سبيل الله"، ولله دَرُّ خالد أحَبَّ أن يقاتل فرسُه وسلاحُه في جنب الله، حتى بعد رحيله عن دنياه، فنام قريرَ العين ونَعم بالشهادة في سبيل ربِّه؛ ولقد قال الرسولُ عليه السلام: ((من تمنى الشهادة في سبيل الله، نالها ولو مات على فراشه))، ومع هذا أيُّها القومُ لم يكن لأحدِهم قبة تُناطح السحاب، فهل معنى هذا أنهم ليسوا بأولياء لله تعالى؟ كلاَّ وألفُ كلاَّ.

 

صدِّقني يا أخي، إن معظمَ الموتى الذين ضُربَت عليهم القِباب مجهولون لا يُعرفون، وبعضهم ليسوا سوى أفراد حَمْلة نابليون وغيره على بلادنا، ثم صدِّق مرةً أخرى، وأرجو أن يصاحبك التصديقُ واصبًا، بأنَّ هذه القباب لا تدلُّ على إكرام صاحبِها عند الله تعالى، ولا تُضفي على المقبور رحمةً أو رِضًا من المولى عزَّ وجلَّ، ولا الصلاةُ عندها بدعوَى القبول صاعدة إلى الله، بل العكسُ هو المشروعُ، واسمع على سبيل المثال ما يقولُه أفضل الرجال صلى الله عليه وسلم حين أَرسل عليًّا في مهمة وقال له: ((لا تدع قبرًا مشرفًا إلا سوَّيته، ولا وثنًا إلا طمستَه)).

 

ويا عجبًا! حيث سوَّى في طَمس الوثن تسويةَ القبر المرتفع عن الأرض، وللرسول الحق في ذلك؛ إذ إن القبرَ المرتفع، كقُبةِ فلان في بلدة كذا وكذا، يبعثُ الرَّهبة في قلوبِ الناظرين، على عكس القبر المسوَّى بالأرض، يبعثُ العِظة والعبرة في قلوب المشيِّعين والزائرين، ولو أنصف القومُ لهدموا هذه القباب، كما قطع عمرُ بن الخطاب شجرةَ الرِّضوان؛ حتى يستقرَّ التوحيدُ في القلوب، ولقد قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم في مَرضه الذي لم يَقُم منه: ((لعن اليهود والنصارى؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد))؛ يحذِّر ما صنعوا، عندئذٍ تقول عائشةُ رضي الله عنها: لولا ذلك لأُبرِز قبرُه غير أنه خشي أن يُتخذ مسجدًا.

 

فانظر يا أخي رعاك الله، كيف صارت القبورُ مساجدَ، وقد لعن اللهُ اليهودَ والنصارى من أجل ذلك، وبالرغم من تحذير الرسول للأمة في مرض الموت، ظلَّ يُسدي النصح، ولم يمنعه ألمُ ولا سكراتُ الموت.

 

وحين عادَت أمُّ سلمة وأمُّ حبيبة من هجرة الحبشة قالتا: يا رسول الله، لقد رأينا في المهجر كنيسة يقال لها: مارية، وفيها من التماثيل والتصاوير، فأجابهما الرسول عليه السلام: ((أولئك قوم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنَوْا على قبره مسجدًا، وعلَّقوا فيه تلك الصور، أولئك شِرار الخَلق عند الله))، فيا سبحان الله! أتريدون أن تكونوا مثلهم؟

 

ولعلَّ قائلاً يزعم أن قبرَ الرسول صلى الله عليه وسلم، داخلَ مسجده بالمدينة - دليلٌ على هَدم ما أقول؛ والجواب عن ذلك: لم يَحدث هذا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم؛ وإنما تمَّ ذلك في عهد ضَعف عقيدة التوحيد في القلوب، ولو تقصَّيتَ الحقائقَ، لوقفت على صِدق قولي.

 

وقد يدَّعي البعضُ صحة بناء المسجد على أهل الكهف؛ فالجواب: أن القوم اختلفوا عند العثور على أصحاب الكهف، فكان قولُ الموحِّدين: ﴿ ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ﴾ [الكهف: 21]؛ يعني: أغلقوا عليهم بابَ كهفِهم وكفى، ولكن المشركين - وهم كثرة في كل زمان ومكان - قالوا: ﴿ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾ [الكهف: 21]، فخالفوا بفعلتهم هذه عقيدةَ التوحيد الحقَّة.

 

وأهمس في أذنك بأن الرسولَ صلى الله عليه وسلم، وأصحابَ الكهف والمشهود لهم بالتوحيد - لن يصيبهم مما يجري حولهم شيءٌ، بل هم غافلون عما يدورُ في ساحاتهم، ومن أسفٍ أن تَرى في مناسبات رتيبةٍ موالدَ الموتَى، وما تعجُّ فيها من صَخبٍ وضوضاء، وجهل وغوغاء، واختلاط بين الرجال والنساء، وانتهاك للحُرُمات، وهتك للمقدسات، وضياعٍ للفرائض والقِيم، فلا ترى إلا بوارًا للفضيلة ورواجًا للرذيلة، وما أدراك ما يجري ليلاً من رؤوسٍ ثمالى، وأجساد مرهقة، في أماكن دِيست فيها مقوماتُ المجتمع باسم حبِّ آل البيت، وهو حبٌّ يَبرأ منه البيتُ وأهلُه.

 

وما ذاك إلاَّ مخالفةٌ صريحة لهَدي الرسول صلى الله عليه وسلم، القائل: ((لا تجعلوا قبري عيدًا))، ((اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد))، فها هي القبورُ جُعلَت أعيادًا، وعُبد ساكنوها على اختلاف مشاربهم.

يسعى الأنامُ لها ويجري حولَها
بحرُ النذورِ وتُقرأ الآياتُ
ويقالُ هذا القطب بابُ المصطفى
ووسيلةٌ تُقضى بها الحاجاتُ

 

فمِن تقبيلٍ للأعتاب، وركوعٍ وسجودٍ على الأبواب، وطوافٍ حول المشاهد، إلى طالب لقذف المحبة أو البغض في القلوب، ومؤدٍّ للنذور، إلى طالبة المدد، وغياث الملهوف، وحاملة طفلها تروِّضه كيف يُقبِّل الحديدَ حولَ الضريح، ويدعو غير الله تعالى، وتمسح وجهَها بما أخذَت من بركات القبر، فينشأ الوَليد على هذه الوتيرة.

 

وعند إسداء النصح لهم يقولون حجةَ الشرك في كل زمان: ﴿ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [المائدة: 104]، ولم يجد في أمثال هؤلاء قول الله تعالى: ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [المائدة: 104]، ولم ينتفعوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ يقول: ((اشتد غضبُ الله على قومٍ اتَّخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجدَ)).

 

فماذا بَقى بعد النَّهي الصادر من الله ورسوله؟ فماذا تقول في قومٍ اشتد غضبُ الله عليهم حِين يتخذون قبور الصالحين مساجد؟ وماذا تقول وتفهم من قول الرسول عليه السلام: ((لعن اللهُ زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج))؟

 

فمن ذا الذي يتعرضُ لغضب الله ولعنتِه وطردِه من رحمته سبحانه؟!

وما أصبر المتخذين على القبور المساجد والسرج - على النار‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! حيث يشحذون هممَ القوم بالوفاء بما عليهم من نذرٍ للشيخ، وإلاَّ تصرَّف فيهم بما هو من خصائص الله تعالى؛ من موتٍ أو مرض، ونجاح أو رسوب، أو غيره.

 

ورسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: ((لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)).

 

ومن أسفٍ أن يُفعل هذا على مَرأى ومسمعٍ ممَّن يتعيَّن عليهم الأمر والنهي، ولا إنكار ولا إرشاد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

 

والأسف الأشد أن يحدث من بعضهم ما ينكرُه الشرعُ الشريف، فيكون بذلك قدوةً لغيره.

 

ألا فبِئس من كان في الشرِّ قدوةً، وفي الشرك بالله أسوةً، سيحملون ﴿ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [النحل: 25].

 

ولكن ماذا نعمل حين يفسد مثل هذا الصِّنف من الناس، وهم في المجتمع مثلُ الملح في الطعام؟ فمَن يُصلِح الملحَ إذا الملحُ فسَد؟ والمستعانُ هو الله، فأخبِرُونا كيفَ يكونُ المدافعون عن التوحيد أعداءً للأولياء، ونحن نعمل جاهدين على أن نصبح أولياء لله تعالى، وندعو غيرنا لذلك؟ وإننا نعرف للأولياء حقَّهم علينا؛ نترحمُ عليهم، وندعو لهم، ونستغفر لهم، ولا نطلب منهم شيئًا؛ فهم أفضَوْا إلى ربهم، وأصبحوا رهينةَ أعمالهم، فقراء إلى دعوةٍ من عبدٍ صالحٍ قد يتقبلها اللهُ فيرفع من درجاتهم، أو يكفِّر عنهم بها سيئاتهم.

 

وأَّما أدعياءُ حبِّ الصالحين، أدعياء الدفاع عن الأولياء دون أن يعلموا ويعملوا؛ فإننا نقولُ لهم: ماذا عملتم كي تنالوا درجةَ الوَلاية عند ربكم؟ وأظنهم لا يفهمون للوَلاية معنًى، إلا طنطنة وجَعْجعة كقرع الطبول، ومَن كان حالُه هكذا فلَم يكُن إلاَّ كصخرةٍ وقعَت في فمِ النهر ومنعَت وصولَ الماء للعيدان؛ فلا هي تشربُ، ولا تترك الماءَ يَذهبُ للناس والزرع.

 

نَعم، مَن حاله هكذا فقد حرَم نفسَه من العلم والفهم السليم، وحجز غيرَه عن سَماع الموعظة الحقَّة، وحرَّض سواه على عداوةِ أهلِ الحق.

 

فيا من تريدون لأنفسكم الخلاصَ، اعلموا أنَّ وَلاية الرحمن لا بدَّ لها من مسوغات، ومؤهلات، ومقومات، وسلَّم للعروج...، وهذا كلُّه يتجسدُ في شرطَين: الإيمان والتقوى:

 

إيمان بالله تعالى وكتبه ورسلِه وملائكته واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره.

 

وتقوَى الله سبحانه؛ بالقيامِ بأوامرِه، والبعدِ عن نواهيه، وألاَّ يجدَك ربُّك حيث نهاك، أو يفقدك حيثُ أمرك، وأن تعملَ بما في كتاب ربك وهدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ضاربًا في الدنيا بمِعولِ الشَّرف، طالبًا للآخرة بعمل الخير وإذاعة الخير... مصداقًا لقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].

 

لهذا فكلُّ من توفر فيه شرطَا الوَلايةِ - وهما الإيمان والتقوى - فهو الوَليُّ لله الحق من أوسع الأبواب.

 

وليست الوَلاية لله رهنًا على أحد إلا بهذين الشرطَين المتلازمين تلازمَ الليل والنهار، وعليهما تُبنى بشارة الدارين ونهاية التطواف.

 

﴿ لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الزمر: 34]، جعلَنا الله بفضله من أوليائه، وصلى الله وسلم على رسوله وعبده محمد وعلى آله وصحبه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • معنى الولاية في الإسلام
  • أهمية الولاية في الإسلام
  • أنواع الولاية
  • في الأولياء والولاية الحقيقية (1)
  • في الأولياء والولاية الحقيقية (2)
  • حكم الاستغاثة بالأولياء
  • أولياء الله الصالحون

مختارات من الشبكة

  • الهند: رئيس ولاية أوتار براديش يستقبل زعماء المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مقدمة فيما يحصل به التأديب في الولاية الخاصة(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • بوح (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • تزويج المرأة نفسها بدون ولي(مقالة - ملفات خاصة)
  • الهند: رئيس وزراء تلنجانا يقدم مساعدات مالية لبناء المساجد(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: رئيس وزراء ولاية "تلنجانا" يوزع ملابس وأموالا على المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ألمانيا: قانون جديد يسمح للمسلمين بإنشاء مدافن خاصة بهم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: رئيس ولاية أتر برديش يستقبل علماء المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: جمعية إسلامية تطالب بتخصيص نسبة 18% للمسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مسجد طارق بن زياد في مدينة تاتو آبيه Tatuape بولاية ساوباولو في البرازيل(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب