• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فرحك وسعادتك بيدك (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    ومضات نبوية: "لا أنساها لها"
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    الإمتاع في تحقيق قولهم: طلع البدر علينا من ثنيات ...
    الشيخ نشأت كمال
  •  
    قد أفلح من تزكى (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير: (يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تجارة العلماء (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خيار الناس وأفضلهم
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    لا تكونوا كالذين آذوا موسى (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    النفاق خطر متجدد في ثوب معاصر (خطبة)
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    قسوة القلب (خطبة) (باللغة الإندونيسية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    صيغ العموم وتطبيقاتها عند المناوي من خلال فيض ...
    عبدالقادر محمد شري
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    ياسر بن صالح العضيبي
  •  
    حسن الخلق
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

اخسؤوا أيها الحوثيون فلن تعدوا قدركم

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2015 ميلادي - 10/6/1436 هجري

الزيارات: 12434

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اخسؤوا أيها الحوثيون فلن تعدوا قدركم

 

الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾  [البقرة: 21] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَوَى الإِمَامَانِ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا هَلَكَ كِسرَى فَلا كِسرَى بَعدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيصَرُ فَلا قَيصَرَ بَعدَهُ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُنفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا في سَبِيلِ اللهِ " هَذَا الحَدِيثُ الكَرِيمُ وَالنَّبَأُ العَظِيمُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - خَبَرٌ مِنَ الصَّادِقِ المَصدُوقِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَبُشرَى لأُمَّتِهِ أَنَّ دِيَارَ الإِسلامِ سَتَبقَى في أَيدِي المُسلِمِينَ، وَأَنَّهُ لا سَبِيلَ لأَلَدِّ أَعدَائِهِم مِنَ الفُرسِ وَالرُّومِ عَلَيهَا، وَلا مَطمَعَ في أَن تَقُومَ لَهُم في تِلكَ الدِّيَارِ قَائِمَةٌ، وَخَاصَّةً في العِرَاقِ وَالشَّامِ، وَهُمَا اللَّتَانِ كَانَ أُولَئِكَ القَومُ يَحكُمُونَهُمَا في الجَاهِلِيَّةِ وَصَدرِ الإِسلامِ، قَبلَ أَن تُشرِقَ عَلَيهِمَا شَمسُ الإِسلامِ وَتَسطَعَ في أَرجَائِهِمَا، لِتُطمَسَ بها مَعَالِمُ تِلكَ الدَّولَتَينِ الكَافِرَتَينِ، وَتَكُونَا خَبَرًا يُروَى وَحَدِيثًا يُنمَى.

 

أَمَّا الجَزِيرَةُ العَرَبِيَّةُ، جَزِيرَةُ الإِسلامِ وَمَأرِزُ الإِيمَانِ، بِحِجَازِهَا وَنَجدِهَا وَيَمَنِهَا، فَبَاقِيَةٌ بِالإِسلامِ وَلِلإِسلامِ بِإِذنِ اللهِ، وَلن يَعُودَ إِلَيها الشِّركُ بِعَامَّةٍ بِفَضلِ اللهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ الشَّيطَانَ قَد أَيِسَ أَن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ الإِسلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأرِزُ بَينَ المَسجِدَينِ كَمَا تَأرِزُ الحَيَّةُ في جُحرِهَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ اللهَ استَقبَلَ بِيَ الشَّامَ، وَوَلىَّ ظَهرِيَ اليَمَنَ، ثم قَالَ لي: يَا مُحمَّدُ، إِنِّي قَد جَعَلتُ لَكَ مَا تُجَاهَكَ غَنِيمَةً وَرِزقًا، وَمَا خَلفَ ظَهرِكَ مَدَدًا، وَلا يَزَالُ اللهُ يَزِيدُ أَو قَالَ يُعِزُّ الإِسلامَ وَأَهلَهُ، وَيَنقُصُ الشِّركَ وَأَهلَهُ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو نُعَيمٍ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَتَاكُم أَهلُ اليَمَنِ، هُم أَرَقُّ أَفئِدَةُ وَأَليَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ هَذِهِ الجَزِيرَةَ وَمَا حَولَهَا، دِيَارُ إِسلامٍ وَبِلادُ إِيمَانٍ، وَمِنهَا بَدَأَ الحَقُّ وَإِلَيهَا يَعُودُ، وَحِينَ تَأتي دَولَةُ الشِّركِ وَالرِّجسِ، آمِلَةً في إِعَادَةِ سُلطَانِ الفُرسِ، فَتُسَلِّطُ شِرذِمَةً مِن مُرتَزِقَتِهَا يَمِينِ هَذِهِ الجَزِيرَةِ أَو شِمَالِهَا، أَو في شَرقِهَا أَو في الغَربِ غَيرَ بَعِيدٍ عَنهَا، ثُمَّ تُنفِقُ أَموَالَها في ذَلِكَ وَتَمُدُّ أَذرِعَتَهَا وَتَنتَفِشُ بِأَجنِحَتِهَا، فَيَنبَغِي لِلمُوَحِّدِينَ وَخَاصَّةً في جَزِيرَةِ العَرَبِ وَمَا حَولَهَا، أَلاَّ يُخَالِجَهُم شَكٌّ أَو تَهَتَزَّ لَهُم قَنَاعَةٌ، فَيَتَرَدَّدُوا في تَصدِيقِ مَقَالِ نَبِيِّهِم وَمَوعُودِ رَبِّهِم، وَيَظُنُّوا أَنَّ الفُرسَ قَد أَحَاطُوا بِهِم إِحَاطَةً تَامَّةً، وَأَنْ لا سَبِيلَ لِلخَلاصِ مِنهُم وَلا مَنَاصَ، كَلاَّ وَاللهِ، فَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمرِهِ، وَوَعدُهُ حَقٌّ وَقَولُ نَبِيِّهِ حَقٌّ، إِلاَّ أَنَّ هَذَا لا يُنسِينَا بِحَالٍ أَنَّ أُولَئِكَ الرَّوَافِضَ لَن يَدَعُوا فُرصَةً يَجِدُونَ فِيهَا لَلمُوَحِّدِينَ مَقتَلاً إِلاَّ أَصَابُوهُ، وَلا ضَعفًا إِلاَّ استَغَلُّوهُ، وَلا بَابَ تَفَرُّقٍ إِلاَّ فَرِحُوا بِهِ وَوَلَجُوهُ، وَهَذَا مَا حَصَلَ في عَصرِنَا المُتَأَّخِّرِ، حِينَ استَطَاعَ اليَهُودُ الَّذِينَ هُم الحَبلُ الَّذِي يَتَمَسَّكُ بِهِ الرَّوَافِضُ، استَطَاعُوا أَن يُجَزِّؤُوا الدَّولَةَ الإِسلامِيَّةَ الكَبِيرَةَ إِلى دُوَيلاتٍ صَغِيرَةٍ، وَأَن يُفَرِّقُوا ذَلِكَ الكَيَانَ العَظِيمَ إِلى حُكُومَاتٍ صَغِيرَةٍ، ثم يُدخِلُوهَا في مُعَاهَدَاتٍ بَل في مُؤَامَرَاتٍ، أَلبَسَتهَا ثِيَابَ التَّنَازُعِ، فَفَشِلَ أَهلُ الحَقِّ وَذَهَبَت رِيحُهُم، وَوَهَنُوا وَاستَسلَمُوا وَتَخَاذَلُوا، وَتَرَكُوا المَيدَانَ لأُولَئِكَ المُجرِمِينَ لِيُوقِدُوا نِيرَانَ الفِتَنِ وَيُشعِلُوهَا، في العِرَاقِ مَرَّةً، وَفي الشَّامِ مَرَّةً أُخرَى، وَفي اليَمَنِ مَرَّةً ثَالِثَةً، بَل حَتَّى أَطهَرُ البِقَاعِ، بَيتُ اللهِ وَمَسجِدُ رَسُولِهِ، وَأَكرَمُ الضُّيُوفِ الَّذِينَ هُم ضُيُوفُ الرَّحمَنِ مِنَ الحُجَّاجِ وَالزَّوَّارِ، لم يَسلَمُوا مِنِ اعتِدَاءِ أُولَئِكَ الرَّوَافِضِ الأَنجَاسِ عَلَيهِم وَإِيذَائِهِم، بِالمُظَاهَرَاتِ وَرَفعِ الأَصوَاتِ، وَإِعلانِ الشِّركِ وَالخُرَافَاتِ، وَسَبِّ الصَّحَابَةِ وَالطَّعنِ في أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ.

 

وَللهِ في ذَلِكَ حِكَمٌ لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ، غَيرَ أَنَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بما وَعَدَ بِهِ عِبَادَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، لَن يُمَكِّنَ لأُولَئِكَ الأَنجَاسِ، وَلا تَكَادُ تَقُومُ لَهُم قَائِمَةٌ أَو يَعلُو في الظَّاهِرِ شَأنُهُم، إِلاَّ سَلَّطَ عَلَيهِم مَن يَسُومُهُم سُوءَ العَذَابِ وَيَكسِرُ شَوكَتَهُم، وَيَفُلُّ كَيدَهُم وَيَحُدُّ مِن طُغَيَانِهِم، وَمِن هَذَا مَا حَصَلَ في اليَومَينِ المَاضِيَينِ بِحَمدِ اللهِ، حَيثُ سَلَّطَ اللهُ عَلَى الرَّوَافِضِ المُتَسَمِّينَ بِالحُوثِيِّينَ، سَلَّطَ عَلَيهِم أُسُودَ السُّنَّةِ بِقِيَادَةِ هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ، وَاجتِمَاعِ فِئَامٍ مِن أَهلِ السُّنَّةِ، فَأَعلَنُوا النَّفِيرَ، وَعَقَدُوا اللِّوَاءَ لِتَطهِيرِ بِلادِ الحِكمَةِ وَالإِيمَانِ مِن شَرِّ أُولَئِكَ المُتَكَبِّرِينَ المُتَغَطرِسِينَ، الَّذِينَ شَغَلُوا المُسلِمِينَ في سَنَوَاتٍ مَضَت، بِشِعَارَاتٍ كَاذِبَةٍ رَفَعُوهَا، وَكَلِمَاتٍ بَاهِتَةٍ رَدَّدُوهَا، زَاعِمِينَ أَنَّهُم يُنَاوِئُونَ الكُفَّارَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَلَمَّا تَكَشَّفَتِ الأُمُورُ وَانجَلَتِ الحَقَائِقُ، إِذَا هُم يُوَجِّهُونَ رِمَاحَهُم إِلى صُدُورِ أَهلِ السُّنَّةِ في اليَمَنِ، فَيَهدِمُونَ مَسَاجِدَهُم وَجَمعِيَّاتِهِم، وَيَقتُلُونَ عُلَمَاءَهُم وَيُطَارِدُونَ دُعَاتَهُم، وَيُحرِقُونَ كُتُبَهُم وَمُؤَلَّفَاتِهِم، بَل وَصَلَ بِهِمُ الطُّغيَانُ إِلى أَن يُسَاوِمُوهُم عَلَى أَعرَاضِهِم، فَلَمَّا رَأَى أُسُودُ السُّنَّةِ في هَذِهِ البِلادِ وَغَيرِهَا أَنَّ الكَيلَ قَد طَفَحَ، وَأَنَّ السَّيلَ قَد بَلَغَ الزُّبى وَجَاوَزَ الرُّبَى، لم يَهنَؤُوا بِنَومٍ وَلا رُقَادٍ، وَلم تَكتَحِلْ أَعيُنُهُم بِغَمضٍ، وَلم تَنطَفِئْ لَهُم جَذوَةٌ مِن غَيرَةٍ، حَتَّى حَشَدُوا حُشُودَ الإِيمَانِ، لِيُذِلُّوا جُيُوشَ الشِّركِ وَالطُّغيَانِ، وَيَنصُرُوا إِخوَانَهُمُ المَظلُومِينَ، وَيُحِقُّوا الحَقَّ وَيُبطِلُوا البَاطِلَ؛ وَلِيُثبِتُوا لأُولَئِكَ الرَّوَافِضِ المَخذُولِينَ، أَنَّهُ لم تَزَلْ في نُفُوسِ المُؤمِنِينَ مِن أَهلِ السُّنَّةِ غَيرَةٌ عَلَى الدِّينِ، وَحَمِيَّةٌ لإِخوَانِهِمُ المُسلِمِينَ، وَأَنَّهُم وَإِن لَبِسُوا ثِيَابَ الصَّبرِ أَو تَدَثَّرُوا بِالحِكمَةِ وَبُعدِ النَّظَّرِ، فَإِنَّهُم لا يَطمَئِنُّونَ إِلى غَضَاضَةٍ وَلا يَصبِرُون عَلَى ضَيمٍ، وَلا يُقِيمُونَ عَلَى مَذَلَّةٍ وَلا يَلبَسُونَ مَلابِسَ هَوَانٍ، وَأَنَّهُم لَن يَقِفُوا حَتى يَنصُرُوا المَظلُومِينَ المُضطَهَدِينَ، فَنَسأَلُ اللهَ بِعِزَّتِهِ وَقُدرَتِهِ، أَن يَنصُرَ الحَقَّ وَيُعلِيَ كَلِمَتَهُ، وَأَن يَخذُلَ الظَّالِمِينَ المُشرِكِينَ وَيُبطِلَ كَيدَهُم.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ المُبَشِّرَاتِ النَّبَوِيَّةَ الَّتي ذُكِرَت في شَأنِ خِذلانِ فَارِسٍ وَالرُّومِ، أَوِ المَدحَ لأَهلِ الجَزِيرَةِ بما فِيهَا اليَمَنُ وَأَهلُهُ، إِنَّهَا لَتُبَدِّدُ الخَوفَ مِن قُلُوبِ المُسلِمِينَ، وَتُزِيلُ اليَأسَ مِن نُفُوسِ المُؤمِنِينَ، وَتُوقِدُ شُمُوعَ الأَمَلِ في دُرُوبِ المُجَاهِدِينَ، وَلَكِنَّ تِلكَ المُبَشِّرَاتِ النَّبَوِيَّةَ، مَعَ هَذِهِ القُوَّاتِ الَّتي احتَشَدَت وَالجُمُوعِ الَّتي ائتَلَفَت، يَجِبُ أَلاَّ تُنسِيَنَا أَنَّ لِلنَّصَرِ أَسبَابًا لا بُدَّ مِنَ الإِتيَانِ بها وَفِعلِهَا، مَعَ الافتِقَارِ إِلى اللهِ وَصِدقِ التَّوَكُّلِ عَلَيهِ، وَتَحكِيمِ شَرعِهِ وَالقِيَامِ بِأَمرِهِ، وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَإِعلاءِ رَايَةِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَالتَّعَرُّفِ إِلى اللهِ في الرَّخَاءِ لِيَعرِفَنَا في الشِّدَّةِ، مَعَ السَّعيِ في جَمعِ الكَلِمَةِ عَلَى التَّوحِيدِ، وَرَأبِ الصُّدُوعِ الَّتي قَد تَبدُو في بِنَائِهِ مِن شِركِيَّاتٍ أَو خُرَافَاتٍ، وَمَا دُونَهَا مِن مَعَاصٍ وَمُخَالَفَاتٍ، ثم الحَذَرِ مِنَ الأَعدَاءِ وَإِن سَالَمُوا، فَالعَدُوُّ هُوَ العَدُوُّ مَا دُمنَا عَلَى دِينِنَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -:﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ شُرُوطَ النَّصرِ وَاضِحَةٌ جَلِيَّةٌ، وَأَسبَابَهُ ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ، وَعَوَامِلَ الهَزِيمَةِ بَعدَ ذَلِكَ غَيرُ خَافِيَةٍ، لا نَصرَ إِلاَّ لِمَن نَصَرَ اللهَ بِإِقَامَةِ شَرعِهِ، وَلا قُوَّةَ إِلاَّ لِمَنِ استَقوَى بِهِ وَفَوَّضَ أَمرَهُ إِلَيهِ، وَهُوَ - تَعَالى - الرَّبُّ المَالِكُ المُتَصَرِّفُ، ذُو العَرشِ المَجِيدُ الفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، وَمَن لم يَقُم لَهُ بِأَمرِهِ، أَو رَضِيَ بِالمُنكَرِ وَأَلِفَتهُ نَفسُهُ، أَو بَحَثَ عَن هُدًى غَيرِ هُدَاهُ، أَو تَعَلَّقَ بِشِعَارَاتٍ زَائِفَةٍ، أَوِ اغتَرَّ بِوُعُودٍ كَاذِبَةٍ، فَلَن يَجِدَ مِمَّن تَعَلَّقَ بِهِم إِلاَّ مَزِيدَ العِدَاءِ وَالخِذلانِ، وَلَطَالَمَا جَرَّبَ المُسلِمُونَ ذَلِكَ في كَثِيرٍ مِن قَضَايَاهُم، حِينَ رَضَخُوا لِلمُعَاهَدَاتِ، وَجَلَسُوا كَثِيرًا لِلمُفَاوَضَاتِ، وَصَدَّقُوا الحُلُولَ المَزعُومَةَ، وَمَشَوا عَلَى خِطَطِ السَّلامِ المَوهُومَةِ، وَهَا هِيَ قَضَايَاهُم المُتَعَقِّدَةُ مُنذُ عَشَرَاتِ السِّنِينَ لم تَزَلْ تَزدَادُ تَعَقُّدًا، وَمَا قَضِيَّةُ المَسجِدِ الأَقصَى وَمَسرَى رَسُولِ اللهِ بِسِرٍّ فَيَخفَى، وَصَدَقَ الشَّاعِرُ إِذْ قَالَ:

السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حدّه الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف
في متونهن جلاء الشك والريب

 

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ، يَا مَن لا يُهزَمُ جُندُهُ وَلا يُخلَفُ وَعدُهُ، اللَّهُمَّ كُنْ لِجُنُودِ الحَقِّ مُؤَيِّدًا وَنَصِيرًا، وَمُعِينًا وَظَهِيرًا، اللَّهُمَّ وَاخذُلِ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالرَّافِضَةَ الحَاقِدِينَ، وَأَذِلَّ المُلحِدِينَ وَجَمِيعَ أَعدَاءِ الدِّينِ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - بِفِعلِ أَوَامِرِهِ وَاجتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَأَكثِرُوا مِنِ استِغفَارِهِ وَالجَؤُوا بِصِدقٍ إِلَيهِ، وَلا نَغتَرَنَّ بِكَثرَةِ عَدَدٍ وَلا قُوَّةِ عُدَّةٍ، فَإِنَّهُ لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، وَقَد نَصَرَ - سُبحَانَهُ - قِلَّةً مِنَ المُؤمِنِينَ في بَدرٍ لَمَّا استَغَاثُوا بِهِ، وَكَادَ جَمعُ المُسلِمِينَ في حُنَينٍ يَنهَزِمُ لَمَّا أُعجِبُوا بِكَثرَتِهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ - في وَصفِ حَالِ المُسلِمِينَ في بَدرٍ الكُبرَى: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ ﴾ [الأنفال: 9 - 14].

 

وَقَالَ - تَعَالى - في وَصفِ مَوقِفِ المُسلِمِينَ في غَزوَةِ حُنَينٍ:  ﴿ لَقَد نَصَرَكُمُ اللهُ في مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَومَ حُنَينٍ إِذ أَعجَبَتكُم كَثرَتُكُم فَلَم تُغنِ عَنكُم شَيئًا وَضَاقَت عَلَيكُمُ الأَرضُ بما رَحُبَت ثُمَّ وَلَّيتُم مُدبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25]. ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لم تَرَوهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ " فَاللهَ اللهَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، وَلْنَكُنْ مُتَفَائِلِينَ بِنَصرِ المُوَحِّدِينَ، وَلْنَحذَرْ مِن نَشرِ الشَّائِعَاتِ وَبَثِّ الأَكاذِيبِ، أَوِ التَّروِيجِ لِمَا يَتَنَاقَلُهُ المُرجِفُونَ في وَسَائِلِ الإِعلامِ وَالتَّوَاصُلِ، وَلْنَتَثَبَّتْ وَلْنَتَبَيَّنْ، فَكَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قفوا ولا ترجفوا
  • الحوثيون وخطرهم

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (قال اخسئوا فيها ولا تكلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاصفة الحزم - بعض الأعمال التي قام بها الحوثيون في اليمن(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من هم الحوثيون(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • عندما تسقط الأقنعة.. الحوثيون أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية الرضا بقضاء الله وقدره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل الدعاء يغير القدر؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعظيم الله وتقديره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح كتاب الأصول الثلاثة: الإيمان بالقدر أدلته وبعض ثمراته(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ليلة القدر والأحاديث الواردة في تحديدها (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • وجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المحاضرات الإسلامية الشتوية تجمع المسلمين في فيليكو تارنوفو وغابروفو
  • ندوة قرآنية في سراييفو تجمع حفاظ البوسنة حول جمال العيش بالقرآن
  • سلسلة ورش قرآنية جديدة لتعزيز فهم القرآن في حياة الشباب
  • أمسية إسلامية تعزز قيم الإيمان والأخوة في مدينة كورتشا
  • بعد سنوات من المطالبات... اعتماد إنشاء مقبرة إسلامية في كارابانشيل
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/7/1447هـ - الساعة: 9:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب